الآثار المترتبة على إنهاء العقد بإرادة منفردة

Consequences of unilateral termination of the contract

حسين كاظم علي1، أ. د. أكرم ياغي1

1 كلية الحقوق، الجامعة الإسلامية في لبنان.

بريد الكتروني: Husseinabadi92@gmail.com

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj65/50

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/65/50

المجلد (6) العدد (5). الصفحات: 870 - 888

تاريخ الاستقبال: 2025-04-07 | تاريخ القبول: 2025-04-15 | تاريخ النشر: 2025-05-01

Download PDF

المستخلص: هدف هذا البحث الى دراسة مدى نطاق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة وما هو الأساس القانوني لأنهاء هذا العقد. اتبع البحث المنهج الوصفي والتحليلي والمنهج المقارن. خرج البحث بعدة نتائج أهمها أنّ الاعتراف بالانفرادية في سياق الالتزامات التعاقدية يرتبط أساساً بالموقف القانوني من دور الإرادة المنفردة في ترتيب الآثار القانونية فبعض القوانين لا تعترف للإرادة المنفردة باي دور في ترتيب الآثار الأصلية وإنشاء الالتزامات وتتبنى قواعد تحرم الإرادة من ترتيب الآثار القانونية في السياق العقدي وتنص على عدم جواز تعديل العقد أو نقضه إلا بالتراضي. كذلك توصل البحث الى أنّ اشتراط جسامة الإخلال بالالتزامات العقدية، يحقق حماية مصالح المدين من ناحية، ويحافظ على استقرار المعاملات من ناحية أخرى. قدم البحث عدة توصيات أهمها انه على المُشرع العراقي إيراد نص ضمن المواد المنظمة لنظرية الإنهاء يتعلق بحالة الفسخ بالإرادة المنفردة. كذلك أوصى البحث المشرع العراقي بأن يشدد الحماية للطرف الضعيف في العقد، فضلاً عن السماح له بفسخ العقد بالإرادة المنفردة بضوابط معينة. كما أوصى البحث المُشرع العراقي بعدم ضرب الأمثلة في النصوص القانونية، كما حصل في المادة 177 من القانون المدني العراقي، بل يؤخذ عليه أنه خص بالذكر فسخ عقدي الإيجار والبيع؛ مما يوهم أن الفسخ يطبق عليهما فقط من دون سائر العقود.

الكلمات المفتاحية: العقد، الإرادة المنفردة، الإنهاء، الآثار المترتبة.

Abstract: This research aimed to examine the scope of unilateral termination of a contract and the legal basis for terminating such a contract. The research followed a descriptive, analytical, and comparative approach. The research yielded several results, the most important of which is that the recognition of unilateralism in the context of contractual obligations is fundamentally linked to the legal position on the role of unilateral will in arranging legal effects. Some laws do not recognize unilateral will as having any role in arranging the original effects and creating obligations, adopting rules that prohibit unilateral will from arranging legal effects in the contractual context and stipulating that a contract may not be amended or revoked except by mutual consent. The research also concluded that requiring the seriousness of the breach of contractual obligations protects the interests of the debtor, on the one hand, and maintains the stability of transactions, on the other. The research presented several recommendations, the most important of which is that the Iraqi legislator should include a provision within the articles regulating the theory of termination related to the case of unilateral termination. The research also recommended that the Iraqi legislator strengthen protection for the weaker party to the contract, in addition to allowing them to terminate the contract unilaterally under certain controls. The study also recommended that the Iraqi legislator refrain from citing examples in legal texts, as was the case in Article 177 of the Iraqi Civil Code. Rather, it is criticized for specifically mentioning the termination of lease and sale contracts, which gives the impression that termination applies only to them and not to other contracts.

Keywords: Contract - Unilateral Will - Termination - Consequences.

المقدمة

يُعد العقد من اهم المصادر المنشئة للالتزامات وأكثرها شيوعاً في التعامل ومن بعده تبدأ سعة المصادر الأخرى بالانكماش الى أن تقع الإرادة المنفردة في ذيل هذه المصادر فهي الأقل شيوعاً والأضيق قدرة بين المصادر الأخرى على إنشاء الالتزام، وذلك لتقييدها بالقانون فهي لا تملك الحرية في إنشاء الالتزام مالم يسمح لها القانون بذلك ([1]).

وقد كان هذا التقييد وليد مخاض بين النظرية الفرنسية القائمة على النزعة الشخصية في الالتزامات والتي لا تعطي الإرادة المنفردة أي دور في إنشائها وبين النظرية الألمانية التي تعتمد مفهوماً مادياً للالتزام فتطلق يد هذه الإرادة في إنشاء الالتزامات دونما تقييد، وقد دفعت هذه التجاذبات الفكرية بين النظريتين معظم التشريعات الحديثة ومنها القانونين العراقي واللبناني الى اعتماد موقف وسطي وذلك بمنح الإرادة المنفردة رخصة إنشاء الالتزامات، لكن في الحدود التي يسمح بها القانون بحيث لا تكون هذه الإرادة بديلاً للعقد في أداء هذه الوظيفة وإنما تكون هذه الرخصة في الحالات التي فيها فائدة من جعل الالتزام وليد الإرادة الواحدة ذلك أن اعتبار الإرادة المنفردة مصدراً للالتزام يفسر بعض الأوضاع القانونية التي لا يمكن تفسيرها بغير هذه الإرادة كالوعد بجائزة، والإيجاب الملزم وتحرير العقار المرهون([2]).

لم ينظم المشرع الإلغاء بنصوص خاصة تبين الأساس القانوني الذي يستند إليه والآثار التي تترتب عليه، كما جاء ذلك في أنظمة البطلان، الفسخ، الانفساخ والتفاسخ إلا أن ذلك لا يمنع من قيام هذا النظام إلى جانب غيره من الأنظمة التي تؤدي إلى انحلال الرابطة التعاقدية بين المتعاقدين، وما يميزه عنها أنه يضع حداً أو نهاية لتلك الرابطة من تاريخ ممارسة مكنة الإلغاء دون أن يسري ذلك على ما رتبه العقد من آثار في الماضي، فنظام الإلغاء بوصفه نظاماً مستقلاً قائماً بذاته يرتب جملة من الآثار، تنصرف إلى المتعاقدين والغير معينة.

والأصل أن الطرف الذي يمارس مكنة الإنهاء يكون في منأى عن دفع أي تعويض للطرف الآخر، ولكن يلزم بالتعويض في حالات معينة، من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي بين المتعاقدين.

يسري أثر الإنهاء بحل الرابطة التعاقدية بين المتعاقدين، من تأريخ إعلان الطرف المخولة له مكنة الإلغاء رغبته في إنهاء تلك الرابطة من دون أي تعسف منه، فتحل تلك الرابطة لا لتخلف ركن من أركان العقد أو اختلاله، وإنما لإنهائها من أحد طرفي العقد بإرادته المنفردة، دون أن يكون للطرف الآخر الرفض أو أن يقصد القضاء لمنع ذلك ([3]).

تنحل الرابطة التعاقدية فيما بين المتعاقدين بعد قيامها بمجرد إعلان المتعاقد بإبداءرغبته في إنهاء العقد وإخطار المتعاقد الآخر بذلك؛ ومن ثم يتخلص هذا المتعاقد من الالتزامات العقدية الواقعة على عاتقه، وتنقضي بالمقابل التزامات الطرف الآخر؛ إذ إن المتعاقد هنا إن أنهى الالتزامات التي له في ذمة المتعاقد الآخر، فإنه سينهي الالتزامات التي بذمته للمتعاقد الآخر، وبذلك يترتب على نظام الإلغاء انحلال العقد وزوال قوته بالنسبة للمستقبل فقط.

أولاً: أهمية موضوع البحث:

يحتل موضوع انتهاء العقد بالإرادة المنفردة أهمية كبيرة من الناحية القانونية أم الأنظمة الاقتصادية المختلفة لذا جاءت هذه الدراسة لتحليل وتأصيل البحث عن الأساس القانوني والتركيز على الاعتبارات التي يمكن الركون إليها للقول بإنهاء العقد بالإرادة المنفردة وبيان اثر ذلك في العلاقة العقدية فضلاً عن الوقوف على مدى إمكانية الاعتماد على الوسائل التي وفرتها القواعد المنظمة لأحكام العقد لغرض الوقوف على اهم الضوابط التي تؤدي بالإرادة المنفردة الى إنهاء العقد وكيف عالجها القانون الوضعي ولتوضيح مدى حرص المشرع اللبناني والعراقي على تحقيق العدالة في اطار العلاقات التعددية عليه.

ثانياً: إشكالية موضوع البحث:

تكمن إشكالية هذا البحث من تساؤل عن مدى إمكانية إنهاء العقد بالإرادة المنفردة وما هو الأساس القانوني لهذا الإنهاء، والتحدث عن نطاق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة والأثار التي تترتب عليه، حيث أن الإرادة المنفردة تعتبر معطلة وغير قادرة على إنهاء العقد، لذلك لا بد أن يكون الإنهاء باتفاق الطرفين أو بقرار قضائي وهذا يعني إن إرادة الطرفين هي المسيطرة على العقد منذ تكوينه وحتى تنفيذه، فمن الضروري دراسة مدى تأثير مبدأ الإرادة المنفردة في فسخ العقد على الواقع العراقي واللبناني، ومن هنا تثور تتجسد الإشكالية في بحثنا حول التساؤل التالي:

ما مدى نطاق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة وما هو الأساس القانوني لأنهاء هذا العقد؟

ثالثاً: منهجية البحث:

سيتم تناول موضوع إنهاء العقد بالإرادة المنفردة باعتباره دراسة مقارنة، فيما بين القانون العراقي واللبناني وبعض القوانين العربية والتشريعات والتوجيهات الأوروبية، من خلال اتباع المناهج الثلاثة التالية:

  1. المنهج الوصفي: وذلك بوصف مفهوم وأحكام إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، ومدى معالجة المشرع العراقي واللبناني من عدمه لهذا الموضوع من خلال القانون المدني والتشريعات الأخرى، وفي ضوء أحكام القضاء واجتهادات الفقهاء.
  2. المنهج التحليلي: وذلك بتحليل المفاهيم الواردة في هذه الدراسة والمتعلقة بالإرادة المنفردة وأثارها على إنهاء العقد ودراسة التأصيل القانوني لها واستعراض الأحكام ذات الصلة والاسترشاد بقرارات المحاكم والسوابق القضائية وما استقرت عليه اجتهادات القضاء وتحليل تلك القرارات ومدى ملاءمتها لموضوع الدراسة والمقارنة فيما بين التشريع العراقي واللبناني والعربي والتوجيهات الأوروبية، وتحليل مدى الحاجة إلى صياغة نصوص جديدة أو تعديل تلك القائمة سعياً وراء معالجة القصور الحاصل في النصوص الناظمة إنهاء العقد بالإرادة المنفردة.
  3. المنهج المقارن: وذلك للربط فيما بين التشريع العراقي بمعناه الواسع، بالمقارنة مع القانون اللبناني، كما استأنسنا كلما كان ذلك ممكناً والقوانين العربية الأخرى والتوجيهات الأوروبية، للوصول إلى نتائج وتوصيات في سبيل استظهار النقص والقصور الحاصل في هذه التشريعات.

المطلب الأول

تداعيات إنهاء العقد بالإرادة المنفردة

يتحدث الفقه عن إلغاء العقد بالإرادة المنفردة لأحد عاقديه، قاصداً بذلك الاستقلال بهدم العلاقة التعاقدية دون أن يبنى ذلك على إرادة المتعاقد الآخر.

بعض الفقهاء يطلق تسمية ” إلغاء العقد بإرادة منفردة والبعض الآخر يفضل تسمية (إنهاء العقد)([4])، بينما عبر اتجاه ثالث عن ذلك التصرف بعدة تسميات تختلف باختلاف كل تصرف على حدة كالرجوع في الهبة وإنهاء الوكالة وحل الشركة والواقع أن تعبير ” إلغاء” هنا يستعمل كلفظ يشمل العديد من صور انحلال العقد وزواله ([5]).

واستناداً لهذه النقاط سنقوم بتقسم هذا المطلب الى فرعين سنتناول في الفرع الأول موقف الدائنين من إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، ومن ثم سنقوم بدراسة جزاء إنهاء العقد الغير مسوغ بالإرادة المنفردة.

الفرع الأول

موقف الدائنين من إنهاء العقد بالإرادة المنفردة

للعقد مكانة هامة في حياة الأشخاص على اختلاف صفاتهم ونياتهم، وذلك باعتباره الوسيلة الناجعة التي يعبر فيها الجميع عن حاجاتهم كافة، ومن هنا نرى أن المشرع يوليه أهمية خاصة تنظيما وضبطا بصورة تفوق غيره من الوسائل والأدوات القانونية.

أولاً: تجاهل الإخلال بالعقد والمطالبة بتنفيذ العقد:

يذهب جانب من أنصار نظرية الإخلال الفعال الى أن الصورة التي تحقق الفعالية بعد الإخلال بالعقد هي الإبقاء على العقد قائما وتنفيذه بمقابل هو التعويض النقدي، ويقولون إن هذه الصورة هي التي تنسجم مع الأحكام التي تنظم جزاءات الإخلال عموماً، إذ يعوض الدائن بما يجعله في مركز مالي لا يختلف عما ينبغي إذا ما نفذ العقد تنفيذاً صحيحاً ([6]).

هذا التوجه قد يصطدم بوجود نظام التنفيذ العيني، إذ يقال إن الدائن قد يتمسك بهذا التنفيذ بعد إخلال المدين، فكيف يقال إن أحكام جزاءات الإخلال بالعقود تسمح بالإخلال الفعّال، ومن هنا كان على أنصار النظرية أن يحققوا الانسجام بين الجزاءات التي تهدف الى الإبقاء على العقد بعد الإخلال ، والتي تتمثل بالتنفيذ العيني والتعويض القائم على التنفيذ بمقابل ، فبدأوا بالتحليل ليصلوا الى نتيجة مفادها أن هذه الأحكام تسمح بتحقق الإخلال الفعال في أغلب صورها ، ثم جاءوا الى جزاء التعويض ليثبتوا صلاحيته لتحقيق الفعالية([7])، ولتبيان ذلك لا بد لنا من الحديث عن إبقاء العقد قائماً من خلال التنفيذ العيني، والإبقاء عليه قائماً من خلال التنفيذ بمقابل.

1- الإبقاء على العقد قائماً من خلال التنفيذ العيني.

إن القوانين تعطي الدائن الحق في طلب التنفيذ العيني في الأصل، ولكن تقديم التنفيذ العيني على غيره من الجزاءات ليس مطلقاً فيها، بل قد يكون تطبيقه نادراً أكثر مما نتصوره، إن العقود التي ترد على التصرف في العقار شكلية في القانون العراقي، فاذا تعاقد صاحب العقار على نقل ملكيته لطرف آخر بيعاً أو هبة فان الأمر لا يخلو من احتمالين([8]):

الأول إن يسجل الطرفين العقد فتنتقل الملكية بمجرد التسجيل ولا نتصور إخلال صاحب العقار بعد ذلك، والحقيقة أن الالتزام بنقل ملكية العقار ينفذ تلقائياً بمجرد انعقاد العقد، وفي هذه الحالة لا يبقى مجال للكلام على تحقق الإخلال الفعال بشأن هذا الالتزام، أما الاحتمال الثاني فهو أن ينكل صاحب العقار ولا يسجله في الدائرة المختصة، فاذا كان العقد بيعاً وهو الغالب في التعامل، فقد لا يكون أمام المشتري غير المطالبة بالتعويض، ومن صور التنفيذ العيني إذا كان المنقول معيناً بالذات، فان ملكيته تنتقل إلى المشتري بمجرد انعقاد العقد. وهذا يعني حصول التنفيذ العيني لهذا الالتزام تلقائياً، فلا يبقى مجال للإخلال به بعد ذلك، أما إذا كان المنقول معينا بالنوع فان ملكيته لا تنتقل إلا بالإفراز، فاذا امتنع البائع عن ذلك له هو القيام بإفراز الشيء أو تعيين خبير لهذا الغرض بشرط وجود منقولات من هذا النوع لدى البائع.

أما إذا لم تكن لديه منقولات من النوع ذاته، فيجوز للمشتري أن يحصل على شيء مماثل من مصدر آخر ويرجع على البائع بالفرق في الثمن إذا كان هناك ثمة فرق([9])، وهنا يمكن القول إن البائع إذا عرض عليه ثمنا أعلى قبل أن يفرز الكمية المطلوبة للمشتري، فإنه قد يمتنع عن الإفراز إذا كان الثمن المعروض يتجاوز قيمة الشيء في الأسواق لكي يخرج من العملية صافٍ بعد دفع الفرق([10]).

2- الإبقاء على العقد قائماً من خلال التنفيذ بمقابل.

إذا اختار الدائن المطالبة بالتعويض وليس إنهاء العقد بعد إخلال المدين فإن تقدير هذا التعويض يكون من قبل المحكمة بحسب الأصل، ويسمى عندئذ التعويض القضائي، ويقول بعض أنصار نظرية الإخلال الفعال أن جزاء تعويض الآمال هو أكثر الجزاءات فعالية، ولذا يجب أن يقدم على غيره، بل يجب أن يصبح الجزاء الوحيد للإخلال بالعقد عموماً، يختلف الموقف النظري منها عن الموقف العملي في القضاء العراقي، بينما تتخذ اتفاقية فيينا موقفاً خاصاً.

فنرى في القانون العراقي انه تقسم المسؤولية القانونية عموما الى قسمين، جنائية ومدنية. فالمسؤولية الجنائية ترتبها النصوص العقابية، أما المسؤولية المدنية فتنقسم الى قسمين من حيث الأصل هما، المسؤولية التقصيرية التي أدت إلى ارتكاب عمل غير مشروع يؤدي الى الحاق ضرر بالغير، والمسؤولية التعاقدية التي عن تنشأ عن الإخلال بالعقد.

ولكن، ليس كل إخلال بالعقد تنشأ عنه المسؤولية التعاقدية، بل هي متوقفة على موقف الدائن من هذا الإخلال، فاذا طلب الدائن فسخ العقد أو التنفيذ العيني فلا وجود للمسؤولية التعاقدية عندئذ، ولكن إذا طلب التعويض بوصفه تنفيذا بمقابل من جهة المدين، فان الأخير تقوم مسؤوليته التعاقدية ويلزم بالتعويض، ويتبين من ذلك إن المسؤولية التعاقدية تدور مدار طلب التعويض من قبل الدائن مع الإبقاء على العقد قائماً([11]).

حيث ان عدم القيام بالتنفيذ العيني يؤدي إلى حدوث المسؤولية التعاقدية التي تسمى ” التنفيذ بمقابل ” أو ” التنفيذ بالتعويض وذلك لأن العقد يبقي قائماً بين الطرفين ولكن المدين لا ينفذ التزاماته عيناً بموجبه، بل ينفذها بمقابل وبعبارة أخرى فان المدين يتحول من التنفيذ العيني الى التنفيذ بطريق التعويض. والتعويض الذي يمنح للدائن بناء على المسؤولية التعاقدية يغطي ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بسبب الإخلال، ومجموع العنصرين يطلق عليهما ” التعويض الكامل “، ففي الحالتين يكون الهدف هو وضع الدائن على فرض تنفيذ العقد تنفيذا تاماً، ويمكن النظر الى تعويض المآل بوصفه الهدف الذي يراد للتعويض أن يحققه، والى تقدير الخسارة اللاحقة بالدائن والكسب الفائت عليه بوصفه وسيلة لتحقيق هذا الهدف([12]).

ثانياً: عدول الدائن عن طلب التنفيذ وتمسكه بالإنهاء:

إذا امتنع المدين عن وفاء ما هو ملزم به بإرادته المنفردة، فللدائن الخيار بين أن يطلب فسخ العقد مع أخذ التضمينات، وبين أن يطلب التضمينات عن الجزء الذي لم يقم المدين بوفائه.

عليه سنعمد إلى بيان عدول الدائن عنن طلب التنفيذ وتمسكه بالإنهاء وفقاً لما يلي:

1- عدول الدائن عن طلب التنفيذ:

إذا عدل الدائن عن طلب التنفيذ وفسخ العقد لعدم قيام المدين بالوفاء بالتزامه نرى بأنه لما كان الاتفاق في أكثر الأحوال متعذراً، فإن الغالب أن يلجأ الدائن الى القضاء للنطق بفسخ العقد وهنا نكون أمام تمسك الدائن بالإنهاء عن طريق القضاء.

فيعود للدائن طلب التنفيذ بما انه التنفيذ ممكناً، أو الإلغاء مع العطل والضرر بحسب ما تملي عليه مصلحته([13])، وهذا ما نص عليه القانون اللبناني حيث أشار الى أن المجموعة التي لم تنفذ حقوقها تكون مخيرة بين التنفيذ الإجباري وفسخ العقد مع طلب التعويض.

حيث يتضمن طلب التنفيذ إلزام الطرف التنفيذ عيناً، أي أداء الشيء أو الفعل ذاته لأنه الأصل في العلاقة التعاقدية حتى إذا تعذر التنفيذ العيني طلب التنفيذ البدلي، أما طلب الإلغاء فيرمي إلى حل العقد بصورة رجعية وإعادة الفرقاء إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل إبرام العقد([14]).

إذ أن ذلك لا يعني بأنه عدل عن دعوى الإلغاء، لأن حق الخيار الذي يتمتع به الدائن يجيز له تغيير حقوقه في الدعوى، فإن قرر إلغاء العقد جاز له العودة عن هذا الامر وطلب التنفيذ العيني أو التغيير كما وأن العكس صحيح وذلك طالما أن القاضي لم يصدر حكمه النهائي وأكثر من ذلك من الممكن طلب الإلغاء حتى بعد صدور الحكم بإلغاء العقد حيث يتم تعديل الحكم والعقد يبقى، وتعتبر المحاكم أن اختيار المطالبة بالتنفيذ لا يعني أن الدائن قد تخلى عن الخيار الآخر إلا إذا ظهر ذلك بصورة جازمة فيكون قد ربط النزاع حول أحد الخيارين ، فالتنفيذ يبقى الحل الأصلي ويرجع إليه ما دام ممكناً فضلاً عن أن الغرض من الطلب واحد إذ يهدفان للإيفاء بحق الدائن.

2- تمسك الدائن بالإنهاء:

إن إدراج بند في عقد البيع يستتبع إلغاء العقد حكماً في حال عدم تنفيذ المشتري لالتزاماته لا يحرم البائع من حق يتمتع به كل دائن بإلزام المشتري بالتنفيذ حتى ولو طلب إلغاء العقد ولكن لا يؤخذ بحق العدول عندما يكون طلب الإلغاء قد رفع إلى القضاء وأظهر المدين عدم رغبته بالتنفيذ لأن الدعوى تنشئ رباطاً قانونياً بين الفريقين لا يمكن لأحد أن يعدل مجراه كما لا يؤخذ به عندما يستخرج من موقف الدائن تنازله الضمني عن التنفيذ كما لو استمر طويلاً في عدم المطالبة ويمكن العدول من طلب التنفيذ بصورة أصلية إلى طلب الإلغاء الوارد بصورة استطراديه بعد أن طلب الخصم الإلغاء على مسؤولية المدعي([15]).

ليس من الضروري إعذار المدين قبل رفع دعوى الفسخ، فإن مجرد رفع الدعوى يعد أعذاراً له، وهو يستطيع أن ينفذ الالتزام قبل النطق بفسخ العقد، على أن الأعذار، إذا لم يكن ضروريا، قد يكون مفيـدا في بعض الأحوال، وقد يكون لا طائل تحته في أحوال أخرى([16]).

حيث إذا تم الإلغاء بحكم من القضاء لم يتكلم المشرع عن الإنذار ومرد ذلك أن الإنذار لا يعد عنصراً من عناصر الإخلال بل إنه وسيلة لإثبات عدم التنفيذ، لا ينظر القاضي في الإنذار إلا ضمن هذا النطاق ولغرض إثبات عدم التنفيذ بشكل صحيح، بمعنى أنه إذا اتضح للقاضي أن عدم التنفيذ قد تم إثباته بمعزل عن الإنذار، فلم يعد من الضروري اعتبرها وسيلة لإثبات عدم التنفيذ وبالتالي التنازل ([17]).

وفي حالة خلو العقد من تحديد مهلة للإيفاء، فان المدين لا يعتبر بحالة تخلف وبالتالي لا يمكن للدائن أن يطلب إلغاء العقد لعدم التنفيذ ما لم تتحدد مهلة للمدين للوفاء بالتزاماته رضاء أو قضاء بحيث بانقضائها إذا بقي الموجب بدون تنفيذ اعتبر المدين متخلفاً عنه، عندها أمكن الدائن أما طلب التنفيذ الإجباري، وإما طلب إلغاء العقد، فإذا طلب الدائن إلغاء العقد قبل تحديد المهلة رد الطلب لأن المدين لا يعتبر في حالة تخلف عن التنفيذ وفي هذه الحالة لا بد من توجيه إنذار إلى المدين يتضمن تحديدا لهذه المهلة أو يتضمن طلب التنفيذ الفوري إذا كان ذلك ممكناً([18]).

الفرع الثاني

جزاء إنهاء العقد الغير مسوغ بالإرادة المنفردة

بادئ ذي بدء نشير إلى أنه إذا كان الإنهاء عملية خولها المشرع لطرف في العقد أو لكلا الطرفين ويمارسها إذا دعت حاجته إليها، دون أن يلحق ذلك ضرراً للطرف الآخر، فالأصل أن ممارستها لا تلزم الطرف الملغي بالتعويض، فطالما أنها عملية مخولة له قانوناً، فلا يسأل عما يلحق بغيره من أضرار نتيجة ممارسته تلك العملية ما لم يكن متعسفاً في ذلك.

وعليه إذا لحق المتعاقد الآخر ضرراً جزاء الإنهاء وأراد الحصول على تعويض، فعليه أن يثبت أن الطرف المنهي كان متعسفاً في إنهاءه، يوجب المشرع في حالات معينة ومن أجل حماية مصلحة المتعاقدين، دفع تعويض للطرف المتضرر بمجرد ممارسة الإنهاء وذلك تحقيقاً للتوازن الاقتصادي في تلك الرابطة العقدية([19]).

ويجب الإشارة هنا إلى التركيز على مسألة تعويض المتعاقد الآخر فقط، كون المتعاقد الآخر طرفاً في العقد، أما بالنسبة للغير فقد اتضح أنه لا يتأثر بالإلغاء كالأصل لأن أثره يكون بالنسبة للمستقبل فقط.

يقتضي لممارسة جميع الحقوق والعمليات القانونية مراعاة مبدأ عدم التعسف، ومن ضمنها ممارسة عملية الإلغاء، إذ يشترط لممارسة هذه العملية أن تكون عن حسن نية وألا تكون الغاية منها تحقيق مصلحة غير مشروعة ويذهب معظم الشراح إلى خضوع الإنهاء لمبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق، ومن ثم إذا ثبت تعسف الطرف المنهي للعقد، كان ملزما بالتعويض ، لأن التعسف خطأ يوجب المسؤولية([20])، فالمتعاقد الذي يلجأ إلى ممارسة عملية الإنهاء يجب ألا يتعسف في استعمالها، ذلك أن المتعاقد إذا أساء استخدام تلك العملية، ترتبت المسؤولية على عاتقه بالتعويض([21]).

وبالتالي سوف نقوم بالتحدث في هذا الفرع عن جزاء الإنهاء في التشريع العراقي ومن ثم سنتحدث عن جزاء الإنهاء في التشريع المقارن.

أولاً: جزاء الإنهاء في التشريع العراقي:

والتعويض وسيلة القضاء لجبر الضرر أو تخفيفه، سواء كان حاضرا أم لا، وليس له تأثير على خطورة الخطأ فيه، ويجب أن يتناسب مع الضرر أو ينتقص منه ([22]).

ولا يوجد ما يمنع في تقدير التعويض عن الإلغاء التعسفي مع خلو القانون المدني من النصوص التي تحدد كيفية تقديره، وبلا شك إن أجدى وسيلة للتعويض هي محو ما أصاب المتعاقد من ضرر إن وذلك خير من الإبقاء عليه ، طالما ثبتت مسؤولية الملغي، فإن الأمر يتطلب محو الضرر بما يخفف عن المتضرر أثر ما حدث به من ضرر نتيجة إلغاء العقد ، ووفقاً لما يختاره القضاء من طريقة التعويض المناسبة لترضية المضرور.

وأياً كان نوع المسؤولية الناجمة عن الإلغاء التعسفي، فإن ما يهمنا في هذا المقام هو بيان نوع التعويض اللازم لجبر الضرر الذي لحق المضرور، إذ إن الأصل في التعويض أن يكون نقدياً ولكن قد تستدعي الضرورة العملية ومبدأ استقرار العقد اللجوء لوسيلة أخرى للتعويض عن الإلغاء التعسفي، وتكمن هذه الوسيلة في الحكم بإعادة العقد الملغى إلى الوجود بجميع حقوقه والتزاماته، بوصفه تعويضاً عينيا مباشراً للمتضرر، وهذه الوسيلة الأخرى وإن كانت شاذة عن صور التعويض، إلا انه يمكن القول إن لها من الأهمية ما يمكن معه إقامة التوازن الذي ينشده المشرع العراقي لإعادة تنظيم الوضع الذي اختل بوقوع الإلغاء التعسفي([23]).

وللتوضيح في التعويض عن الإلغاء التعسفي للعقد بالإرادة المنفردة سنتحدث عن نوعيّ التعويض للإلغاء كمايلي

1- التعويض النقدي

يرى جزء من الفقه أن التعويض النقدي هو الوسيلة السائدة والعادية للتعويض عن الضرر في مجال المسؤولية التعاقدية، حيث أن المبدأ هو تقدير تعويض أنواع الضرر وأشكاله، فهو الطريقة الأنسب لجبر الضرر ضمن تلك المسؤولية ([24]).

وتظهر أهمية التعويض النقدي في المسؤولية عن الإلغاء التعسفي للعقد، لأن طبيعة الضرر الذي يسببه الإلغاء مادياً يرتكز أثره في الذمة المالية فقط، مما يجعل التعويض النقدي الطريق الأمثل لجبر الضرر وترضية المضرور، فالنقود وسيلة سهلة يمكن بها تقويم الضرر والوصول إلى مقداره وحجمه، ليحدد على إثر ذلك التعويض، فضلاً عن ذلك يمكن عملياً تنفيذ الأحكام المتضمنة تعويضاً تقدياً بشكل أكثر سهولة من غيرها.

ووفقاً للقواعد العامة، فإن الأصل في التعويض النقدي أن يكون مبلغاً معيناً يدفعه المسؤول إلى المضرور، إلا أن ذلك لا يعني تحديد التعويض النقدي بهذه الصورة فقط وفي كل أنواع الضرر، ذلك أنه قد يلجأ قاضي الموضوع إلى تقسيط مبلغ التعويض النقدي لمدة معينة وحسب ما يراه مناسباً تيمناً بظروف الدعوى، ولضمان تسديد الدفعات النقدية من المسؤول، فإنه يحق لمحكمة الموضوع إلزام المسؤول بتقديم تأمين يضمن الوفاء.

وهذا ما نص عليه القانون المدني العراقي على أن المحكمة تعيّن طريقة التعويض تبعاً للظروف ويصح أن يكون التعويض أقساطاً أو إيراداً ويجوز إلزام المدين بأن يقدم تأميناً([25]).

2- التعويض العيني

يعنى بالتعويض العيني إزالة الضرر الذي أصاب المضرور ومحو آثاره عينيا وبما يحقق الرضا للمصاب بنفس طريقة الضرر الذي لحق به وبطريقة مباشرة من دون اللجوء إلى الحكم له بمبلغ من النقود أي الوفاء بالالتزام الذي يقع على عاتق محدث الضرر عيناً([26]).

ويقترب التعويض العيني في هذا المعنى من التنفيذ العيني، ومع ذلك يذهب جانب من الشراح إلى أن التمييز بينهما هو أن التعويض العيني يكون بعد وقوع الإخلال بالالتزام، فإزالة المخالفة هي التعويض العيني، أما التنفيذ العيني فيكون قبل وقوع الإخلال بالالتزام، فيكون هناك تنفيذ عيني للالتزام عن طريق عدم الإخلال به.

هذا وبعد التعويض العيني أفضل طريقة للتعويض، لكونه يعيد المضرور إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر، وإذا كان هذا النوع من التعويض نادر الحصول في المسؤولية التقصيرية، إلا أن صوره تبرز بشكل واضح عند التعسف في استعمال الحق أو لدى الإخلال بالتزام قانوني مثل عدم إضرار الغير.

بشكل عام، يكون التعويض العيني أكثر ملاءمة في حالات الضرر المادي من الضرر الادبي، حيث تستعصي طبيعة هذا الأخير على هذا النوع من التعويض فتجعله متعذرا، ففي الضرر المادي يمكن الحكم على المسؤول بتوفير شيء شبيه بالشيء الذي أتلفه وقد يكون ذلك أنجع وسيلة للتعويض([27]).

ومن الجدير بالذكر أن المشرع العراقي تبنى طريقة التعويض العيني ضمناً عندما ترك تعيين طريقة التعويض للقضاء تبعاً للظروف أو بناء على طلب المضرور، فأجاز الأمر بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر، كما أخذ المشرع العراقي في قانون العمل السابق صراحة بالتعويض العيني وذلك من خلال وجوب إعادة العامل إلى العمل في حالة إلغاء عقوبة الفصل من قبل المحكمة أو استبدالها بعقوبة أخرى([28]).

في حقيقة الأمر إن التعويض العيني في مجال ضرر الإلغاء التعسفي له مدلوله ومضمونه الخاص الذي يؤدي إلى تحقيق ذات النتيجة التي يؤدي إليها التعويض العيني بمفهومه العام وإن اختلفت معالجته لضرر ذلك الإلغاء، فإذا كان الضرر المتعاقد بحرمانه من عقد كان محلاً لأماله وتعاملاته المالية، فإن بالإمكان تعويضه، ويتخذ ذلك التعويض صورة إعادة العقد الملغى إلى الوجود بجميع حقوقه والتزاماته ([29]).

ففي كل حالة تتعلق بالتعسف في استعمال مكنة الإلغاء، يلجأ فيها المتعاقد المتضرر للقضاء، ينبغي على القاضي أن ينظر فيما لو كان هناك مجال لعينية الجزاء جبراً على الطرف المُلغي أم لا، فإذا وجد ذلك أمراً ممكناً، أقر به جبراً على الأخير وعلى حسابه، ويتم ذلك بإعادة تكوين العقد السابق.

ثانياً: جزاء الإنهاء في التشريع اللبناني:

الأصل أن يحدد القاضي بدل الضرر وقد يكون التعيين بنص قانوني أو باتفاق بين المتعاقدين والمعيار الذي يعتمده القاضي بدل الضرر هو المعادلة بعينه وبين الضرر الواقع أو الربح الفائت يأخذ القاضي في عين الاعتبار الأضرار المباشرة عند ثبوت جميع الأدلة على أنها تتعلق بعدم الوفاء بالالتزام أو العقد ([30]).

والتعويض في الأصل لا يغطي إلا الأضرار المتوقعة عند إنشاء العقد ما لم يثبت ارتكاب المدين خداعاً، ففي هذه الحالة الأخيرة يشمل التعويض الأضرار المتوقعة والأضرار غير المتوقعة تعتبر الأضرار المعنوية بالإضافة إلى الأضرار المادية، بشرط أن يكون تقدير قيمتها المالية ممكنًا بشكل معقول ([31]).

ولا يأخذ بعين الاعتبار فقط الأضرار الحالية بل أيضاً الأضرار المستقبلية إذا كان وقوعها أكد من ناحية، ومن ناحية أخرى ، كان لديه الوسائل لتقدير قيمتها الحقيقية مقدما ([32])، ويحدد القاضي التعويض عن التأخير في تنفيذ الموجب وفقا لنفس الأسس التي يحدد بموجبها التعويض البدلي عن عدم تنفيذ الموجب ما لم يعين القانون أسساً أخرى كما فعل في تحديد التعويض عن التأخير في إيفاء موجب يكون موضوعه مبلغاً من النقود بأن جعله موازياً لفائدة المبلغ المستحق محسوبة على المعدل القانوني ما لم يوجد نص مخالف في العقد أو القانون([33]).

ويعفى الدائن بدين من النقود من إثبات الضرر، لأن الضرر يعتبر متحققاً بمجرد التأخر عن إيفاء الدين في أجله.

المطلب الثاني

الرقابة القضائية على قرار إنهاء العقد بالإرادة المنفردة غير المسوغ

الإقرار بحق الدائن في فسخ العقد بإرادته المنفردة، لا يستبعد إمكانية تدخل القاضي بشأن هذا الفسخ، الذي وقع بعيداً عنه ودون تدخله، وهذا في الواقع ما يتضح من العبارة التي استخدمتها محكمة النقض الفرنسية، حين إقرارها لمبدأ الفسخ بالإرادة المنفردة، وذلك بقولها: إن هذا الفسخ يقع على مسؤولية الدائن ([34])، فقد يلجأ المدين إلى القاضي منكراً على الدائن حقه في إيقاع لفسخ بإرادته المنفردة، ومنازعاً في صحة الفسخ الذي أوقعه، لعدم توافر شروط إعمال هذا الفسخ.

من خلال هذا المطلب وما تقدم فيه سنقوم بتقسيمه إلى فرعين، حيث سنتحدث في الفرع الأول عن قواعد الرقابة على قرار الإنهاء بالإرادة المنفردة غير المسوغ، أما في الفرع الثاني سنتكلم عن دور القاضي في تقدير الجزاء عن الإنهاء غير المسوغ.

الفرع الأول

قواعد الرقابة على قرار الإنهاء بالإرادة المنفردة غير المسوغ

قضت محكمة التمييز في العراق: إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه في موعده رغم إنذاره فإن للمتعاقد الآخر طلب فسخ العقد واسترداد ما دفعه فإن استحال رده حكم له بالضمان وفق المادة (180) مدني وقد جاء في القرار المذكور وجد أن الثابت في الورقة المبرزة والمؤرخة في (15/7/1975) هو أن المميز كان قد باع المميز عليه سيارة من نوع فولفو يسلمها له بتاريخ (25/8/1975) وقد قبض مبلغاً قدره ألفا دينار ورغم حلول الموعد وانذاره بواسطة الكاتب العدل في النجف بموجب الإنذار المرقم 486 / انذار / 1975 فانه وفقًا للفقرة (1) من المادة (177) من القانون المدني العراقي([35]) ، وحيث أنه إذا فسخ عقد المقاولة الوارد على الأعيان المالية أو أنفسخ سقط الالتزام الذي كان مترتبا المعاوضة عليه فلا يلزم تسليم البدل الذي وجب بالعقد وأن كان قد أستلم يسترد فإذا استحال رده يحكم بالضمان وذلك استناداً لأحكام المادة (180) من القانون المدني.

ولكن يبقى على الرغم من ذلك، أنه إذا كان الأصل أن انحلال العقد نتيجة للفسخ، يكون له أثر رجعي فإن هذا الأصل يرد عليه استثناء يتعلق بالعقود المستمرة، حيث إنه بحسب الرأي الغالب في الفقه، مؤيداً بأحكام القضاء، لا يكون للفسخ أثر بالنسبة لهذه العقود، إلا بالنسبة للمستقبل، بمعنى أن الفسخ لا يمس ما تم من آثار ترتبت على مثل هذا العقود في الماضي.

ووفقاً للقاعدة العامة في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، يتبين أن اختصاص هذا القضاء منوط بتوافر شرطين هما توافر الاستعجال في المنازعة المطروحة عليه، وأن يكون المطلوب هو إجراء وقتي، لا يمس بأصل الحق.

أولاً: الاستعجال:

فهو يتوفر، حسب المشرع ، في الحالات التي يخاف فيها أن يكون قد فات الأوان ، ويحدده الفقه الغالب والقضاء المصري بأنه: الخطر المحدق بالحق المراد المحافظة عليه، ولا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده([36])، ويرجع في تقدير الاستعجال في الدعاوى المستعجلة إلى المحكمة ممثلة بناظر القضية بناء على ظروف الدعوى ووقائعها، فالاستعجال ينشأ من طبيعة الحق في ذاته لا من فعل الخصوم أو اتفاقهم، وعليه فلا عبرة فيما يتعلق بذلك بما يقوله الخصوم وإن اتفقوا أو اعتراض الخصوم ابتداءً على تقدير القاضي في هذه الحالة احتجاجا بعدم وجود وجه الاستعجال([37]).

ثانياً: الوقتية في الطلب:

هذا الشرط الثاني لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة، وهو أن يكون المطلوب إجراء وقتياً، لا يمس أصل الحق، فيقصد به ألا يكون لحكمه تأثير في الموضوع أو أصل لحق، أي يكون الحكم وقتياً لا يقضي في أصل الحقوق الالتزامات والاتفاقات مهما أحاط بها من استعجال، أو ترتب على امتناعه عن القضاء فيها من ضرر بالخصوم، بل يجب عليه تركها لقاضي لموضوع المختص وحده بالحكم فيها). ويصدر في نزاع غير مستقر لم يحسمه حكم أو عقد أو وضع نظامي ثابت، فإن كان غير ذلك بأن حسم هذا النزاع بحكم أو عقد أو وضع نظامي فإن الحكم بهذا الطب الوقتي ممتنع لأنه بمثابة التظلم من القضاء العادي وتجريح له، وهذا مرفوض.

ويبدو في اعتقادنا أن الشرطين السابقين يتوافران بالنسبة للمدين، في حالة قيام دائنة بفسخ العقد الذي يربط بينهما بإرادته المنفردة، وذلك إذا ما طالب المدين بوقف قرار الدائن بالفسخ، فلا شك أن حالة المدين إزاء هذا القرار هي حالة استعجال يخشى عليها من فوات الوقت، وذلك بالنظر إلى النتائج الضارة التي يمكن أن تلحق به نتيجة الفسخ، الذي أوقعه الدائن، والتي لا يمكن تداركها إذا لم يتم مواجهتها على وجه السرعة، كما نعتقد أيضا أن تدخل قاضي الأمور المستعجلة في هذه الحالة، وحكمه بوقف قرار الفسخ لا يعد مساساً بأصل الحق ، متى تبين له من ظاهر الأوراق أن الفسخ الذي قرره الدائن لا يوجد ما يبرره، فهو في هذه الحالة لم يعدل في مركز الخصوم القانوني، ولم يمس بحق الدائن في الفسخ، حيث يبقى للأخير إمكانية للجوء إلى المحكمة المختصة موضوعياً؛ لطلب الفسخ القضائي([38]) .

وهذا في الواقع ما يمكن تلمسه مما قضت به محكمة النقض العراقية من أنه متى كانت محكمة الأمور المستعجلة، قد استخلصت من ظاهر نصوص عقد اشتراك التيار الكهربائي، والأوراق المقدمة في الدعوى، أن قيمة استهلاك المطعون عليه الشهري للكهرباء، قد قفزت إلى مبلغ باهظ في الفترة الأخيرة، وهو أضعاف أضعاف ما كان يدفعه قبل ذلك، مما رجحت معه احتمال صحة قوله، بأن ذلك الارتفاع راجع إلى خلل في العداد، وكان العقد قد نص في أحد بنوده على أنه في حالة وجود خلل في العداد ، يؤخذ متوسط الاستهلاك في الأشهر الثلاثة السابقة فقط، وهو مــا يقل كثيراً عن المبلغ الذي طالبت به الطاعنة المطعون عليه، وقطعت عنه التيار الكهربائي ؛ لامتناعه عن دفعه، وكان الإجراء المقضي به، وهو إعادة توصيل التيار الكهربائي إلى محل المطعون عليه، لا يمس حق الطاعنة، في اقتضاء ما يحتمل أن يكون لها في ذمته، من مقابل أستهلاك التيار الكهربائي، بعد أن تبين حقيقة لدى محكمة الموضوع، فإن الحكم لا يكون فيما قضى به من أجراء ماساً بأصل الحق([39]).

وعلى ما يتضح من هذا الحكم، فإن الأمر كان يتعلق بعقد اشتراك في التيار الكهربائي، تم فسخه بإرادة الدائن أي مورد التيار الكهربائي؛ استنادا إلى عدم قيام المستهلك بالوفاء بمقابل استهلاك التيار، فلجأ الأخير إلى محكمة الأمور المستعجلة، يطلب إعادة توصيل التيار الكهربائي وهذا – على ما يتبين مما ذكر من الحكم – ما أمرت به هذه المحكمة، حين تبين لها – من خلال ظاهر نصوص العقد والأوراق المقدمة في الدعوى – أن الفسخ لم يكن مُسَوَّغاً، بما مفاده أن المحكمة من خلال الإجراء الذي أمرت به، قد حكمت بوقف الفسخ الذي قرره الدائن، بل وأكثر من ذلك بالاستمرار في تنفيذ العقد، ولم تُعدّ ذلك مساساً بأصل حق الدائن، وقد أيدت محكمة النقض ذلك؛ استناداً إلى أن هذا الإجراء لا يمس بأصل حق الدائن([40]).

هذا في الواقع ما يؤكده – أيضاً الفقه والقضاء الفرنسي استناداً إلى النصوص المحددة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة، في قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد، وهي نصوص، وإن كانت تتفق من حيث المبدأ، مع نصوص القانون المصري الوارد في هذا الشأن، فهي أيضا – تتضمن قدراً من التمايز، بحسب نص المادة (808) من القانون المذكور، يشترط لانعقاد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة توافر حالة الاستعجال من ناحية وعدم وجود منازعة جدية، تتعلق بأصل الحق من ناحية أخرى. ولكن إضافة إلى ذلك، فإنه بحسب نص المادة (809) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد ينعقد الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة، في حالة وجود ضرر محدق أو مضار واضح عدم مشروعيتها.

استناداً إلى النصوص السابقة، يؤكد الفقه الفرنسي، على أن للمدين الذي ينازع في صحة الفسخ، الذي قرره الدائن بإرادته المنفردة، أن يلجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة، إما على أساس ما ورد بالمادة (808) من قانون المرافعات المدنيّة، وإما على أساس ما تضمنته المادة(809) لطلب اتخاذ الإجراء اللازم لرقابة من الضرر المحدق أو المضار غير المشروعة، التي تلحقه من جراء هذا الفسخ([41]) .

وهذا – أيضا ما تؤكده أحكام القضاء الفرنسي، ففي حكم صادر عن الغرفة المدنية لمحكمة التمييز الفرنسيّة، بتاريخ (7/11/2000) قضت المحكمة على نحو واضح، باختصاص قاضي الأمور المستعجلة، أن يأمر بالإبقاء على العقد كإجراء تحفظي، للوقاية من الضرر المحدق المترتب على إنهاء العقد، وما يترتب عليه من نتائج ضاره بالنسبة للمتعاقد. وكان الأمر يتعلق في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، بعقد تأمين أنهته شركة التأمين على نحو صحيح، ولكن تعاصر هذا الإنهاء مع المشكلة المعروفة في المجال المعلوماتي آنذاك، بمشكلة الانتقال إلى العام (2000) والتي أثيرت بشأن كيفية توفيق المعدات والبرامج المعلوماتية مع هذا التاريخ الجديد، مما ترتب عليه أن أصبح المؤمن له بغير غطاء تأميني.

لذلك أقرت محكمة التمييز الإجراء الذي أمر به قاضي الأمور المستعجلة ومضمونه الإبقاء على عقد التأمين، رغم أن الإنهاء من قبل المؤمن، كان قد تم على نحو صحيح، وإنما كان هدف القاضي من ذلك، تجنيب المؤمن له هذا الضرر المحدق المترتب على مثل هذا الإنهاء من قبل المؤمن واعتبرت محكمة النقض أن ما أمر به قاضي الأمور المستعجلة على هذا النحو، لا يتجاوز حدود اختصاصه، وإن كانت قد نقضت حكم محكمة الاستئناف المؤيد لما قام به قاضي الأمور المستعجلة، فكان ذلك على أساس عدم تحديد القاضي أجلاً معيناً للإجراء الذي أمر به، إذا كان – بحسب هذا الحكم – لقاضي الأمور المستعجلة، أن يأمر باستمرار عقد رغم إنهائه على نحو صحيح، فقد رأى بعض الفقه وبحق – أن مؤدى ذلك ومن باب أولى أن يكون له أن يفرض الإبقاء على عقد تم فسخه على نحو غير صحيح([42]).

كذلك إذا قام صاحب العمل بإجراء الإنهاء لأسباب اقتصادية، دون إخبار أو استشارة ممثلي العمال، أو لجنة المشروع، أو أخطرهم إلا أنه لم يقم بتقديم البيانات اللازمة، أو امتنع عن تقديم الوثائق. إلى غير ذلك من الإجراءات المتطلبة قانوناً للإنهاء لأسباب اقتصادية، فيمكن الاستعانه في هذا الموضوع إلى إجراءات القضاء المستعجل، لوقف هذا الاعتداء على حق ممثلي العمال في الرقابة، أياً كانت صورة هذا الاعتداء، ويمكن لرئيس المحكمة الابتدائية – بصفته قاضي للأمور المستعجلة – إصدار أمر بإجبار صاحب العمل على تنفيذ التزاماته القانونية، كما يمكنه، في سبيل تمكين ممثلي العمال من أداء مهمتهم اللجوء إلى نظام الغرامات التهديدية([43]) .

هذا، وقد انتصر مشروع وزارة العدل الفرنسية بشأن تعديل قانون العقود، لاتجاه الفقه والقضاء في فرنسا، في التأكيد على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، بنظر منازعة المدين في قرار الفسخ بالإرادة المنفردة، باعتبار أن ذلك يمثل الوسيلة الملائمة لحماية المدين، في مواجهة الفسخ بالإرادة المنفردة([44]) .

بحسب الفقرة الثالثة من المادة (168) من المشروع المذكور، يمكن للمدين خلال مهلة الإعذار الذي يوجه إليه من الدائن، أن يلجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة للمنازعة في الفسخ، ويترتب على هذا الإجراء وقف الفسخ الذي أوقعه الدائن.

تدخل القضاء المستعجل على نحو ما تقدم لا يكون مباشراً أو تلقائياً، وإنما يكون بناءً على طلب ممثلي العمال، ويترتب على ذلك، إطالة المواعيد التي لا ينبغي إتمام إجراءات الإنهاء قبل انقضائها، وذلك بمقدار الفترة الزمنية التي استغرقتها إجراءات التقاضي وعلى ذلك يلعب القضاء هنا دوراً هاماً، في مجال تصحيح الإجراءات.

الفرع الثاني

دور القاضي في تقدير الجزاء عن الإنهاء غير المسوغ

اختلف الفقه في هذا الصدد اختلافاً واضحاً، فقد ذهب البعض ([45]) إلى التأكيد على أن الجزاء الوحيد المتصور هو الحكم بالتعويض لضحية الفسخ الغير مُسَوَّغ، الذي قرره الدائن.

وذهب جانب من الفقه إلى القول ببطلان مثل هذا الإنهاء. بحسب البعض الآخر، وفي هذا السياق أيضا، إذا ما قدر القاضي أن الإخلال بالعقد الذي يدعيه الدائن ليس على قدر كاف من الجسامة لتسويغ الفسخ بالإرادة المنفردة، فعليه أن يجازي هذا الفسخ والصعوبة تكمن في طبيعة هذا الجزاء. ولكن أمام الأمر الواقع، قد لا يمكن للقاضي أن يعيد الرابطة العقدية التي تم حلها، فيكون عليه في هذه الحالة، أن يقنع بالحكم بالتعويض لصالح المدين ([46]).

الملاحظ على هذا الاتجاه الفقهي، الذي يقصر سلطة القاضي في حالة الفسخ بالإرادة المنفردة غير المُسَوَّغ على الحكم بالتعويض لصالح ضحية هذا الفسخ، أنه ينظر إلى هذا الفسخ باعتباره أمراً واقعاً لا يمكن التخلص منه، ولذلك فهو يرى أن جزاء هذا الفسخ لا يكون إلا التعويض، بمعنى أنه ينفي إمكانية أن تستأنف الرابطة العقدية بين أطرافها، وتعود إلى ترتيب آثارها بمعنى آخر، ينظر هذا الجانب من الفقه إلى الفسخ بالإرادة المنفردة باعتباره يؤدي إلى انحلال العقد بصورة نهائية، فلا يمكن الرجوع عنها، حتى لو كان هذا الفسخ غير مُسَوَّغ([47]) ، ولا يبقى في مثل هذه الحالة إلا لحكم بالتعويض لصالح ضحية هذا الفسخ، لكن على الرغم من الآراء السابقة، فالملاحظ أن اتجاه الغالبية من الفقه الفرنسي تؤكد على أن للقاضي أن يأمر باستمرار العلاقة العقدية التي تم فسخها على نحو غير صحيح من قبل أحد المتعاقدين.

أولاً: مدى تقدير القاضي للجزاء عن الإنهاء غير المسوغ:

الواقع، أن هذا التيار الفقهي الغالب في الفقه الفرنسي، الذي يرى أن سلطة القاضي إزاء الفسخ بالإرادة المنفردة غير المُسَوَّغ، يجب أن تشمل إمكانية اعتبار هذا الفسخ كأن لم يكن، والقضاء – بالتالي – باستمرار العقد وتنفيذه، تبدو أهميته – مقارنة بالرأي السابق عليه – من ناحية أن التأكيد على إمكانية الحكم باستمرار العلاقة العقدية له أهميته من حيث مفهوم العقد ذاته والإبقاء على الأبعاد الأخلاقية والدينية للقوة الملزمة له، فلا شك أن قوة الإلزام في العقد، تستند إلى اعتبارات أخلاقية ودينية تتمثل في ضرورة الوفاء بالعهد واحترامه ومن ثم فإنه إذا قيل كما يرى بعض الفقه، وكما رأينا فيما تقدم بأن دور القاضي، في رقابته اللاحقة للفسخ بالإرادة المنفردة، يقتصر على الحكم للمدين بالتعويض([48]) ، إذا تبين له أن هذا الفسخ غير المُسَوَّغ، فإن ذلك من شأنه – وكما يرى بحق بعض الفقه ،أن يؤدي إلى التشجيع على ارتكاب الخطأ المربح وذلك بأن يقدم الدائن على فسخ العقد بإرادته المنفردة، دون أن يكون لــه سند في ذلك، مقابل دفع تعويض إذا ما كان له مصلحة في ذلك تفوق تلك التي يمكنه الحصول عليها من العقد الذي تحلل منه بإرادته المنفردة والتعويض الذي يمكن الحكم به عليه.

إضافة إلى ذلك إذا كان العقد لمدة غير محددة، وإن لكل من طرفيه حق إنهائه بعد إخطار الطرف الآخر، فإنه يجب أن يكون لهذا الإنهاء سبب مشروع، والا كان متعسفاً باستعمال حقه بالإنهاء.

والواقع أن وضع ضابط لمعرفة ما إذا كان الإنهاء منطقي أم لا، يعد من الأمور العسيرة، لهذا ينبغي أن يترك الأمر لكل حالة على حدة، فما يُعد مُسَوَّغ للإنهاء بالإرادة المنفردة في بعض الظروف، لا يعد كذلك بالنسبة لظروف أخرى، ويجب أن يراعي في تقدير الموضوع لعلاقة صاحب العمل بالعامل والتي تقتضي التعاون الذي يقوم على الاحترام والطاعة قبل كل شي وهي مسائل تتصل بعميق الشعور الشخصي، الذي لا يمكن معه وضع معايير جامدة لذا فان تقدير قيام المُسَوَّغ يُعدّ من المسائل الموضوعية التي يترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع، ويقع على عاتق رب العمل عبء إثبات وجود مُسَوَّغاً للإنهاء([49]) .

إلا أننا نرى بأن حق رب العمل في إنهاء العقد، ليس مطلقاً بل يجب أن يكون مقيداً بتوافر المُسَوَّغ الجدي والمشروع وإلا عد متعسفاً في استعمال حق الإنهاء، كأن يكون قاصداً من ذلك الإنهاء مع مقاول آخر لحرمان المقاول مـــن كسبه المتوقع، ويكون وفقا لرأينا هذا وجوب إثبات رب العمل الضرورة الداعية لإنهاء العقد، وعذره المُسَوَّغ لذلك، كانتفاء إمكان الانتفاع المقصود من البناء المراد تشييده، وبما أن الحقوق ليست مطلقة وإنما عائدة إلى مشيئة مستخدميها، لذلك فهي مقيدة بعدم إساءة استخدامها، فإن رب العمل الذي يستخدم حقه في إنهاء العقد من دون عذر مُسَوَّغ يعد قرينة لسوء قصده، ويكون مسؤولاً عن جبر الضرر الذي يصيب المقاول بفعل هذا التعسف، قضت كذلك محكمة التمييز اللبنانية أنه يلتزم الطرف الذي يفسخ العقد بدفع تعويض عن الضرار والأضرار ، إذا أساء استخدام حقه في الفسخ بما يخالف روح القانون والعقد ، ويحدد القاضي التعويض عن الأضرار والأضرار بنص قانوني، أو بالاتفاق بين الأطراف المتعاقدة.

الغرامة الإكراهية تراقبها المحكمة لجهة القيمة… ([50]).

ثانياً: طبيعة القرار الصادر بالجزاء عن الإنهاء غير المشروع:

قضت محكمة التمييز المدنية اللبنانية، بخصوص نزاع على فسخ للعقد بلا مُسَوَّغ إن إرسال كتاب من قبل الشركة تفيد فيه بانتفاء صفة الحصري هو بمثابة فسخ للعقد بتاريخ إرساله، ويتوجب التعويض عن الضرر الذي لحق بالموزع الحصري نتيجة فسخ العقد تعسفيا والحكم له بالربح الفائت ويتحمل مسؤولية عدم تسجيله الأعمال في دفتر اليومية ([51]).

وأنه يشكل تعسفاً في استعمال حق الفـــسـخ بالمعنى المنصوص عليه في المادة (124) من قانون الموجبات والعقود ([52])،

وفقًا لهذا المعيار، لا يكون إنهاء العقد مبررًا إذا كان الإنهاء مبنيًا على أسباب غير جدية، وقد تم الحكم بأنه يجوز للمحاكم رفض حكم الإنهاء إذا دفع المشتري الجزء الأكبر من السعر للبائع ويبقى جزء ضئيل من الأهمية في حوزته مقارنة بالسعر الإجمالي. فاذا قام البائع بإلغاء العقد لعدم التنفيذ الكامل للمشتري هو إنهاء غير مبرر.

لا يُقاس السبب الذي يتذرع به الفاسخ بمقياس ثابت، بل حسب العرف والظروف المحيطة بالقضية، وما هو معقول في زمان ومكان معينين لا يكون كذلك في ظروف أخرى والقاضي يسترشد بالعرف.

تعليل رأينا هو أنه يترتب على الفسخ الغير مُسَوَّغ جزاءان منها جزاء وقائي يبقى خارج نطاق بحثنا مادام انه لا تترتب عليه مسؤولية مدنيه، إذ يمنع وقوع الفعل الغير مُسَوَّغ أصلاً، وجزاء علاجي، وتتمثل بالتعويض التنفيذ العيني أو التنفيذ بالمقابل)، ولا يمكن اللجوء إلى التنفيذ بالمقابل (النقدي) إلا إذا كان التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين بشرط ألا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً، عملاً بالقواعد العامة في القانون المدني.

اذا يمكن أن يكون تعويضا عينيا كما يمكن أن يكون تعويضاً نقدياً، وفيما يقصد بتطبيق هذا الجزاء في حالة الفسخ الغير مُسَوَّغ – إما أن يكون عينياً أو بمقابل، وما يتعلق بالأول، فهو إعادة تكوين العقد الذي تـــم فسخه، أما الآخر، فانه يتمثل بالتعويض النقدي عن الفسخ الغير مُسَوَّغ وبناء عليه، فان وقع الفسخ بطريقة غير مُسَوَّغة، يستوجب مساءلة الفاسخ وإلزامه بالتعويض، وخير تعويض هو التعويض العيني، أي لابد من أن يبدأ باللجوء إلى التعويض العيني بإعادة العقد إلى الوجود، ولا يجوز اللجوء إلى التعويض النقدي إلا إذا استحال الأول أو فيه إرهاق للمدين([53]) .

فأن التعويض العيني يستحيل تطبيقه إلا بالعودة إلى مضمون العقد، لكي يبنى العقد بعد فسخه، وهذا بالتأكيد يستند إلى المسؤولية العقدية، مادام انه يعيد الالتزامات العقدية إلى الوجود، وهذا الجزاء ينسجم مع مبدأ (الغش يفسد كل أمر)، بحيث يترتب على سوء نية المتعاقد في فسخه، فساد تصرفه في الفسخ، إذ أن الفاسخ لم يتقدم إلى الفسخ إلا لإلحاق الضرر بالمتعاقد الآخر أو لتحقيق مصلحة تافهة لا تتناسب مطلقاً مع الضرر الذي يلحق بالغير أو غيرها من حالات التعسف، لذلك لابد من إلغاء الوسيلة التي اتخذها الفاسخ لتحقيق مصلحته غير المشروعة.

وكما تحدثنا في المواد السابقة حيث تشير في ظاهرها إلى صياغة مبدأ عام مؤداه أن أي خطأ يكفي لقيام لمسؤولية والالتزام بالتعويض، وأن التعويض واحد لكل درجات الخطأ، وأن الخطأ القيمة له إلا في إسناد المسؤولية ولا علاقة له بتقدير التعويض. وأن القاعدة دائماً التعويض الكامل الذي يشمل الخسارة التي لحقت بالمدين، أو ما فاته من كسب كما يشمل الضرر الأدبي والضرر المادي وأن التعويض يقدر تقديرا بالنسبة إلى المضرور أي حسب ما لحقه من خسارة على وجه الخصوص وتقديراً موضوعياً بحتا بالنسبة للمسؤول فلا يؤخذ في الاعتبار مدى جسامة الخطأ في جانب المدعى عليه أو مدى يساره أو عدمه ثرائه، وعليه يجب أن يوضع شرط جزائي تحدد قيمته بنسبة مئوية من قيمة العقد يحمله الطرف الذي يفسخ العقد بإرادته المنفردة من دون مُسَوَّغ وكذلك الشرط حتى يحمل المدين على الوفاء بالتزامه. فيتفقان مقدماً على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، أو المدين إذا فسخ الدائن العقد فسخاً غير مُسَوَّغاً فيكون ذلك شرطًا جزائياً عن عدم التنفيذ ([54]).

الخاتمة

إنّ الإنهاء بالإرادة المنفردة الذي اعتمده القانون الفرنسي الجديد هو أحد أنواع الفسخ وهو فسخ مستقل عن أنواع الفسخ الثلاثة الأخرى الاتفاقي، والقضائي، والقانوني؛ ومن ثم فإن أنواع الفسخ لا تنحصر كما هو شائع – في هذه الأنواع الثلاثة بل إن الفسخ بالإرادة المنفردة أصبح بنص القانون الفرنسي- فسخاً يوازي الفسخ القضائي، وذلك يبدو غريبًا على مفاهيم القانون اللبناني والعراقي، وهو ليس كذلك في حقيقة الأمر.

فمن خلال دراسة المفاهيم القانونية التي تبدو عقبات في وجه هذا النوع من الفسخ، أي القوة الملزمة للعقد، والطابع القضائي للفسخ – تبين لنا أن النصوص المقررة لهذه المفاهيم هي من السعه بحيث تحتمل قراءات وتحليلات متعددة، يمكن من خلالها استيعاب الفسخ بالإرادة المنفردة في القانون الوطني والمقارن، على الرغم من عدم وجود نص صريح يقرر النوع من الفسخ، ويجعل منه طريقا موازيا الفسخ القضائي.

ومن خلال هذه الدراسة نكون قد توصلنا إلى عدد من النتائج والتوصيات الآتية:

 

أولاً: النتائج.

  1. إنّ الاعتراف بالانفرادية في سياق الالتزامات التعاقدية يرتبط أساساً بالموقف القانوني من دور الإرادة المنفردة في ترتيب الآثار القانونية فبعض القوانين لا تعترف للإرادة المنفردة باي دور في ترتيب الآثار الأصلية وإنشاء الالتزامات وتتبنى قواعد تحرم الإرادة من ترتيب الآثار القانونية في السياق العقدي وتنص على عدم جواز تعديل العقد أو نقضه إلا بالتراضي، وهناك قوانين أخرى تعترف للإرادة المنفردة بحقها في إنشاء الالتزام وإنهاءه في نطاق محدود وفي الحالات التي ينص عليها التشريع نفسه مع الإبقاء على القواعد التي تحرم الإرادة المنفردة من ترتيب الآثار في اطار العقد.
  2. قد خلصنا إلا أنّ اشتراط جسامة الإخلال بالالتزامات العقدية، يحقق حماية مصالح المدين من ناحية، ويحافظ على استقرار المعاملات من ناحية أخرى، ذلك أن مثل هذا الشرط إنما يعنى عدم جواز تذرع الدائن بأي إخلال من قبل المدين؛ للتخلص من العقد الذي يربطه بالمدين، وحماية المدين لا تقتصر على تطلب هذا الشرط الموضوعي فقط، فهناك – أيضاً – شروط إجرائية، لابد من اتباعها لإيقاع هذا الفسخ.
  3. إنّ إيقاع الإنهاء، يتم من خلال مسار إجرائي يبدأ بإعذار المدين، ويعتبر هذا الإعذار متطلباً أساسياً في كافة التشريعات التي عرضنا لها، والتي اعتمدت الفسخ بالإرادة المنفردة، وإن كان ذلك قد جاء بطريقة غير مباشرة في البعض منها، من خلال هذا الإعذار، يمكن تعويض الرقابة القضائية التي تمارس في حال الفسخ القضائي، وذلك باعتبار أن من لزوم الإعذار ترك مهلة للمدين للقيام بالتنفيذ، كما أنه بهذا الإجراء يتأكد حسن نية الدائن، ومن خلاله – أيضاً – يعوض المدين عن المهلة التي من الممكن أن يمنحها له القاضي لو كان قد طلب منه الفسخ.
  4. نستنتج أن اعتماد الإنهاء بالإرادة المنفردة لا يعني خصخصة للفسخ” إن جاز مثل هذا التعبير، فهذا الفسخ لم يترك أمره لمحض إرادة ومشيئة المدين، بل تحيط بإعماله الكثير من الضوابط، كما أنه يخضع لرقابة القضاء، وإن كانت رقابة لاحقة على إعماله.
  5. إن الرقابة القضائية اللاحقة لقرار الفسخ بالإرادة المنفردة أمر لا بد منه، وذلك للتأكد من حصول الإخلال أو عدم حصوله، وكذلك للجد من الفسخ التعسفي.

ثانياً: التوصيات.

  1. على المُشرع العراقي إيراد نص ضمن المواد المنظمة لنظرية الإنهاء يتعلق بحالة الفسخ بالإرادة المنفردة.
  2. نوصي المشرع العراقي بأن يشدد الحماية للطرف الضعيف في العقد، فضلاً عن السماح له بفسخ العقد بالإرادة المنفردة بضوابط معينة.
  3. نوصي المُشرع العراقي بعدم ضرب الأمثلة في النصوص القانونية، كما حصل في المادة 177 من القانون المدني العراقي، بل يؤخذ عليه أنه خص بالذكر فسخ عقدي الإيجار والبيع؛ مما يوهم أن الفسخ يطبق عليهما فقط من دون سائر العقود.
  4. على المشرعين العراقي واللبناني بيان الإجراءات الواجب مراعاتها من قبل الدائن عند اختياره الفسخ بإرادته المنفردة، والتي تبدأ بإعذار المدين للقيام بالتنفيذ خلال مهلة معينة يُحدد حدها الأدنى، ويكون للدائن – بانقضائها دون تنفيذ – فسخ العقد من خلال إخطار يوجه إلى المدين، وأن يكون هذا الإخطار مسبباً، بالمعنى السابق بيانه، بحيث يصبح الفسخ نافذا من تاريخ تسلم المدين لهذا الإخطار.

قائمة المصادر والمراجع

أولاً: الكتب:

  1. أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2015.
  2. أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2005.
  3. حسن علي الذنون، المبسوط في شرح القانون المدني، دار الأوائل للنشر، الإسكندرية، 2006.
  4. ريان عادل ناصر، حق الرجوع عن العقد، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2016.
  5. سامح عاشور، موسوعة العقود نظرية العقد، دار مصر للنشر، القاهرة، 2020.
  6. سعدون العامري، تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية، منشورات مركز البحوث القانونية، العراق، 2005.
  7. سيد أحمد محمود، القضية المستعجلة وفقاً لقانون المرافعات، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009.
  8. طارق عزيز جبار العزي، التعهد بنقل الملكية بين التمليك والتعويض، المكتبة القانونية، بغداد، 2015.
  9. عابد فايد عبد الفتاح، تعديل العقد بالإرادة المنفردة، محاولة نظرية في قانون الالتزامات المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005.
  10. عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2016.
  11. عبد الباقي البكري، شرح القانون المدني العراقي في أحكام الالتزام، مطبعة الزهراء، بغداد، 2001.
  12. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظري، المجلد الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2022.
  13. عبد السلام ذهني بك، النظرية العامة في الالتزامات، المكتبة المركزية، القاهرة، 2002.
  14. عبد القادر الفار، مصادر الالتزام، مصادر الحث الشخصي في القانون الوضعي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2006.
  15. عبد المجيد الحكيم وآخرون، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي (مصادر الالتزام)، دار السنهوري، بغداد، 2012.
  16. عبد المنعم فرج الصده، مصادر الالتزام، دار النهضة، القاهرة، 2002.
  17. عزيز كاظم جبر، الضرر المرتد وتعويضه في المسؤولية التقصيرية، دار الثقافة للنشر، عمان، 2003.
  18. علاء جريان تركي الحمداني، إلغاء العقد بالإرادة المنفردة، المركز العربي، القاهرة، 2019.
  19. علاء حسين علي، الانفرادية في سياق الالتزامات التعاقدية (دراسة في دور الإرادة المنفردة في النطاق العقدي)، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2011.
  20. علي حسن منهل، نظرية الإخلال الفعال في العقد، المركز العربي، القاهرة، 2020.
  21. ماهر محمد علوان، فسخ العقد بالإرادة المنفردة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019.
  22. محمد حسن قاسم، القانون المدني- الالتزامات المصادر، العقد- المجلد الثاني، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018.
  23. محمد حسن قاسم، المدخل لدراسة القانون، الجزء الأول، القاعدة القانونية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2006.
  24. مدحت المحمود، شرح قانون التنفيذ، ط2، المكتبة القانونية، بغداد، 2011.
  25. مصطفى العوجي، القانون المدني، الجزء الأول، العقد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2022.
  26. هدى العبد الله، نظرية العقد بين الماضي والحاضر- دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2020.
  27. الياس ناصيف، موسوعة العقود المدنية والتجارية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2022.

ثانياً: القوانين:

  1. القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951.
  2. قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر بتاريخ 9/3/1932.

ثالثاً: القرارات:

  1. النشرة القضائية، شمال لبنان، 3/5/1993.
  2. محكمة درجة أولى في جبل لبنان، غرفة 13، قرار رقم 1، تاريخ 3/1/2001، عدل 2002.
  3. قرار محكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 42 تاريخ 03/05/2012.
  4. قرار محكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 25 تاريخ 07/04/2009.

Margins:

  1. () عبد القادر الفار، مصادر الالتزام، مصادر الحث الشخصي في القانون الوضعي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2006، ص21.

  2. () علاء حسين علي، الانفرادية في سياق الالتزامات التعاقدية (دراسة في دور الإرادة المنفردة في النطاق العقدي)، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2011، ص9.

  3. () عابد فايد عبد الفتاح، تعديل العقد بالإرادة المنفردة، محاولة نظرية في قانون الالتزامات المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص131.

  4. () عبد المنعم فرج الصده، مصادر الالتزام، دار النهضة، القاهرة، 2002، ص 610.

  5. () ريان عادل ناصر، حق الرجوع عن العقد، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2016، ص 32.

  6. () طارق عزيز جبار العزي، التعهد بنقل الملكية بين التمليك والتعويض، المكتبة القانونية، بغداد، 2015، ص 72.

  7. () علي حسن منهل، نظرية الإخلال الفعال في العقد، المركز العربي، القاهرة، 2020، ص 223.

  8. () عبد الباقي البكري، شرح القانون المدني العراقي في أحكام الالتزام، مطبعة الزهراء، بغداد، 2001، ص 47.

  9. () المادة 248 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951.

  10. () علي حسن منهل، نظرية الإخلال الفعال في العقد، مرجع سابق ص 231.

  11. () عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظري، المجلد الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2022، ص 711.

  12. () علي حسن منهل، نظرية الإخلال الفعال في العقد، مرجع سابق، ص 265.

  13. () النشرة القضائية، شمال لبنان، 3/5/1993، ص 191.

  14. () هدى العبد الله، نظرية العقد بين الماضي والحاضر- دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2020، ص 603.

  15. () علاء جريان تركي الحمداني، إلغاء العقد بالإرادة المنفردة، المركز العربي، القاهرة، 2019، ص112.

  16. () سامح عاشور، موسوعة العقود نظرية العقد، دار مصر للنشر، القاهرة، 2020، ص 689.

  17. () هدى العبد الله، نظرية العقد بين الماضي والحاضر- دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 606.

  18. () محكمة درجة أولى في جبل لبنان، غرفة 13، قرار رقم 1، تاريخ 3/1/2001، عدل 2002، ص 172.

  19. () علاء جريان تركي الحمداني، إلغاء العقد بالإرادة المنفردة، مرجع سابق، ص 275.

  20. () الياس ناصيف، موسوعة العقود المدنية والتجارية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2022، ص 319.

  21. () محمد حسن قاسم، القانون المدني- الالتزامات المصادر، العقد- المجلد الثاني، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص502.

  22. () عبد المجيد الحكيم وآخرون، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي (مصادر الالتزام)، دار السنهوري، بغداد، 2012، ص 244.

  23. () عبد المجيد الحكيم وآخرون، المرجع نفسه، ص 256.

  24. () سعدون العامري، تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية، منشورات مركز البحوث القانونية، العراق، 2005، ص 153.

  25. () المادة 209 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1051.

  26. () حسن علي الذنون، المبسوط في شرح القانون المدني، دار الأوائل للنشر، الإسكندرية، 2006، ص 278.

  27. () عزيز كاظم جبر، الضرر المرتد وتعويضه في المسؤولية التقصيرية، دار الثقافة للنشر، عمان، 2003، ص 154.

  28. () عبد السلام ذهني بك، النظرية العامة في الالتزامات، المكتبة المركزية، القاهرة، 2002، ص 272-273.

  29. () سعدون العامري، تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية، مرجع سابق، ص156.

  30. () المادة 261 من قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر بتاريخ 9/3/1932.

  31. () المادة 263 من قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر بتاريخ 9/3/1932.

  32. () المادة 264 والمادة 134 من قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر بتاريخ 9/3/1932.

  33. () هدى العبد الله، نظرية العقد بين الماضي والحاضر- دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 477.

  34. () نقلاً عن مصطفى العوجي، القانون المدني، الجزء الأول، العقد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2022، ، ص132.

  35. () نص الفقرة (1) من المادة (177) من القانون المدني العراقي رقم (40) لعام 1951 وتعديلاته.

  36. () سيد أحمد محمود، القضية المستعجلة وفقاً لقانون المرافعات، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ص9.

  37. () أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2005، ص231.

  38. () حسن الذنون، شرح القانون المدني العراقي، أحكام الالتزام، مرجع سابق، ص123.

  39. () المرجع نفسه، ص 123 وما بعدها.

  40. () نقلاً عن مصطفى العوجي، القانون المدني، مرجع سابق، ص143.

  41. () عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2016، ص156.

  42. () نقلا عن محمد حسن قاسم، فسخ العقد بالإرادة المنفردة، مرجع سابق، ص233.

  43. () عبد المجيد الحكيم وآخرون، الوجيز في القانون المدني وأحكام الالتزام، مرجع سابق، ص156.

  44. () عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، مرجع سابق، ص170.

  45. () عبد المجيد الحكيم وآخرون، الوجيز في شرح القانون المدني، مرجع سابق، ص243.

  46. () أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2015، ص105.

  47. () مدحت المحمود، شرح قانون التنفيذ، ط2، المكتبة القانونية، بغداد، 2011، ص353.

  48. () عبد المجيد الحكيم وآخرون، القانون المدني وأحكام الالتزام، مرجع سابق، ص170.

  49. () محمد حسن قاسم، المدخل لدراسة القانون، الجزء الأول، القاعدة القانونية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2006، ص232.

  50. () قرار محكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 42 تاريخ 03/05/2012.

  51. ( (قرار محكمة التمييز المدنية – بيروت رقم 25 تاريخ 07/04/2009

  52. () نص المادة (124) من قانون الموجبات والعقود اللبناني لعام 1932 وتعديلاته.

  53. () محمد حسن قاسم، المدخل لدراسة القانون، مرجع سابق، ص221.

  54. () ماهر محمد علوان، فسخ العقد بالإرادة المنفردة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2019، ص207.