نقد هوسرل للنزعة السيكولوجية ورهان تأسيس الفينومينولوجيا الوصفية
Husserl's critique of psychologism and the challenge of establishing descriptive phenomenology
احمد الشبلي1
1 كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل- المغرب
بريد الكتروني: ahmmadchebli@gmail.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj65/23
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/65/23
المجلد (6) العدد (5). الصفحات: 330 - 339
تاريخ الاستقبال: 2025-04-07 | تاريخ القبول: 2025-04-15 | تاريخ النشر: 2025-05-01
المستخلص: يتناول هذا المقال بالدراسة والتحليل نقد هوسرل للنزعة السيكولوجية، وتأسيسه للفينومينولوجيا الوصفية. إذ بدأ هوسرل مشروعه الفلسفي متأثرا بالسيكولوجيا، لكنه أسس بدءا من أبحاث منطقية توجه فلسفي جديد سيترك الأثر العميق في فلسفة القرن العشرين. استهل مشروعه بنقد النزعة السيكولوجية لأنها تقضي على إمكانية العلم والحقيقة، ليؤسس في المقابل الفينومينولوجيا الوصفية التي تهتم بالماهيات بدل الوقائع واضعا لها مبدأ سيرهن تاريخ المدرسة الفينومينولوجية، يتعلق الأمر بمبدأ "العودة إلى الأشياء ذاتها."
الكلمات المفتاحية: النزعة السيكولوجية- الفينومنيولوجيا- المنطق- الماهية- القصدية.
Abstract: This article aims to study and analyze Husserl's critique of psychologism and his establishment of descriptive phenomenology. Husserl began his philosophical project influenced by psychology, but starting with "Logical Investigations" he established a new philosophical trend that would leave a profound impact on twentieth-century philosophy. He began his project by criticizing psychologism because it eliminates the possibility of science and truth, and instead established descriptive phenomenology, which is concerned with essences rather than facts, setting for it a principle that will guide the history of the phenomenological school, which is the principle of "to the things themselves."
Keywords: Psychologism- Phenomenology- Logic-Essence-Intentionality.
مقدمة
يعتبر كتاب أبحاث منطقية لهوسرل لحظة تدشين لتوجه فلسفي يصفه جان باتوكا بأنه “الأكثر الأصالة”[1] في القرن العشرين، نظرا للإمكانات التي يختزنها والآفاق التي يسمح بها. لكن تأسيس هذا التوجه مرّ بمجموعة من اللحظات التي ساهمت سواء في تشكيله أو في تجديده. سنتوقف في هذا المقال عند اللحظة الأولى لتشكل ملامح الفينومينولوجيا مع الأستاذ هوسرل، والتي كانت من خلال نقد النزعة السيكولوجية. إذ صدر الجزء الأول من كتاب أبحاث منطقية سنة 1900 تحت عنوان ” مقدمات للمنطق المحض”[2] والجزء الثاني سنة 1901 تحت عنوان ” أبحاث في الفينومينولوجيا ونظرية المعرفة”.[3] يتمحور الجزء الأوّل حول بلورة فكرة المنطق المحض من خلال نقد النزعة السيكولوجية. تحاول هذه النزعة أن تفسر مفاهيم المنطق ومبادئه عن طريق بيان أصلها السيكولوجي منتهية إلى اعتبار المنطق فنّاً عملياً يوجد أساسه النظري في السيكولوجيا. أجرى هوسرل حواراً خصباً مع دعاة النزعة السيكولوجية عمل فيه على كشف تهافت أحكامها المسبقة وإبراز مخاطرها التي تتجلى في أنها تقود إلى نزعة نسبية متطرفة تقضي تماما على طموح العلم في تأسيسه لمعرفة صارمة موضوعية.[4] هذا الطموح ستقوده الفينومينولوجيا من خلال توجهها نحو “الأشياء ذاتها” والعمل على الاهتمام بالماهيات بدل الانشغال بالوقائع.
- التلمذة الفلسفية: من برنتانو إلى هوسرل
أصدر هوسرل سنة 1891 عمله الفلسفي الأول فلسفة الحساب، الذي حاول فيه رد التصورات والمفاهيم الرياضية إلى أسس سيكولوجية، معارضا بذلك جميع الاتجاهات الرياضية التي حاولت رد المفاهيم الرياضية إلى أسس صورية محضة؛[5] وهو بذلك كان تحت تأثير النزعة السيكولوجية. والنزعة السيكولوجية هي “الاسم الذي يطلقه كل من هوسرل Husserl، فريجيه Frege، ميننغMeinong ، و راسل Russel على التأويل النفسي لقوانين المنطق.”[6] و طبقا لهذا التأويل فإن الأحكام المنطقية تكون مجرد تعميمات تجريبية مستمدة من الطرق التي يتبعها الناس في تفكيرهم، وبذلك تصبح العمليات النفسية-العقلية الموضوع الأساس الذي يدرسه المنطق. إذ تنطلق النزعة السيكولوجية من اعتبار السيكولوجيا العلم الذي يستمد منه كل ما عداه شرعية علميته، بما في ذلك المنطق نفسه. فكل المفاهيم المنطقية –حسب النزعة السيكولوجية- ليست في الواقع إلا أوصافا لعمليات أو ظواهر نفسية. بل إن العمليات المنطقية الأساسية من حكم واستدلال ما هي إلا عمليات سيكولوجية. إذ ادعى أصحاب هذا التوجه أن المنطق يتأسس على أبحاث ونتائج السيكولوجيا. لذلك فهو يعتقد أن القوانين المنطقية ليست سوى تجريدات وتعميمات لخبراتنا السيكولوجية. فقانون عدم التناقض مثلا ناشئ عن شعور الإنسان باستحالة الجمع بين النقيضين في آن واحد، كالنور والظلمة، والأبيض والأسود. وقانون السببية ناشئ عن الاضطراد الملحوظ في الطبيعة. وعلى هذا النحو يمكننا رد جميع القوانين المنطقية إلى ظواهر نفسية.[7]
يعتبر برنتانو أحد ممثلي النزعة السيكولوجية في القرن التاسع عشر، إذ انطلق من جعل السيكولوجيا الوصفية نقطة بدء لكل علم، بل إن العلم لا يكون كذلك إلا إذا استند إلى أسس سيكولوجية قابلة للتبرير الاستقرائي.[8] من هنا تحظى السيكولوجيا الوصفية بأهميتها النظرية من حيث إنها أمتن أساس لكل العلوم الأخرى. وتعتبر السيكولوجيا الوصفية الفرع الأساس الذي تقوم عليه كل الدراسات السيكولوجية الأخرى سواء أكانت تفسيرية أم تكوينية، لأن أية دراسة سببية للظواهر النفسية لا فائدة ترجى منها ما لم يسبقها وصف كاف لما يراد تفسيره.[9] إن العلاقة بين السيكولوجيا الوصفية والسيكولوجيا التفسيرية أو التكوينية شبيهة بالعلاقة بين التشريح والفيسيولوجيا. وعلى الرغم من أن هذه المقارنة قد لا تكون دقيقة من عدة وجوه، فإنها تظل كافية لبيان هدف السيكولوجيا الوصفية، فهي كالتشريح تهدف إلى وصف موضوع الدراسة: الأنا وأفعالها.[10]
تتلمذ هوسرل على يد برنتانو واقتنع في هذه المرحلة بأن السيكولوجيا الوصفية هي الأساس الصلب الذي يمكن أن نؤسس عليه باقي العلوم الأخرى ومنها المنطق والرياضيات. لذلك وبحكم انشغال هوسرل في بداية مساره الفكري بالرياضيات فإننا نجده ومنذ إصداراته الأولى منشغلا بالتأصيل للرياضيات من داخل السيكولوجيا، محاولا بذلك تفسير المفاهيم والتصورات الرياضية تفسيرا سيكولوجيا. ولما كان مفهوم العدد يلعب دورا هاما في فلسفة الحساب، كان تحليله يحظى بالأولوية مقارنة بالمفاهيم الرياضية الأخرى. هكذا عمل هوسرل على توضيح مفهوم العدد من خلال وصف سيكولوجي للأفعال السيكولوجية التي تجعله يظهر. إن مفهوم العدد يفترض مفهوما آخر وهو مفهوم الكثرة؛ كثرة الأشياء والموضوعات في العالم، ومفهوم الكثرة بحد ذاته يفترض علاقة جمعية بحيث يتم فيه تحويل الموضوعات إلى فئات مختلفة قابلة للعد، والتجريد هو الذي ينشئ العلاقة السيكولوجية التي تمككنا من الوصول إلى مفهوم العدد. هكذا يقتضي ظهور المفاهيم العددية ثلاثة أنواع من الأفعال السيكولوجية؛ ينطلق الأول من الأشياء الحسية ويجردها من طبيعتها الحسية وفي مستوى هذا الفعل يكتفي بمعالجة الموضوعات باعتبارها موضوعات معطاة للوعي، أما الفعل الثاني فيقوم بتجميع الأشياء أو الموضوعات بعضها إلى بعض، وأما الثالث فيتأمل في العمل التجريدي والجمعي الذي تم إنجازه. لتنبثق الأعداد بذلك نتيجة لعملية تجريد الأشياء والموضوعات.[11] بحيث ننطلق من معيشات فردية لنصل إلى كائنات مثالية يريدها هوسرل أن تتميز بالموضوعية. لذلك ينبه جان باتوكا إلى وجود تناقض بين منهجه السيكولوجي الإمبريقي والنتيجة المثالية العقلانية التي يريد تحقيقها. إذ “لا يمكن للمنهج الإمبريقي أن يقبل الا وقائع فردية”،[12] فكيف نصل إلى وحدات مثالية وموضوعية؟ هذه هي إحدى الإحراجات التي يسجلها باتوكا على هوسرل، إذ إنه ينطلق من أساس سيكولوجي-إمبريقي، لكنه يطمح للوصول إلى بنية موضوعية structure objective ، بحيث “يريد أن يفهم القوانين الضرورية…التي تحكم الطريقة التي نسير بها.” [13]
نحن إذن أمام أساس سيكولوجي تجريبي لعلم الحساب.[14] هذا الأساس وما يستتبعه من نتائج هو الذي دفع فريجيه إلى تقديم نقد لاذع لهوسرل في كتابه: أصل العدد 1884. فإذا كان هوسرل في كتابه فلسفة علم الحساب تبنى تصور النزعة السيكولوجية حيث كان واحدا من روادها، وبمقتضى ذلك عمل على انتقاد التوجه المنطقي لفريجيه، فإن هذا الأخير سيرد عليه ببيان أنه ليس بوسع السيكولوجيا الإسهام في بناء علم الحساب، وليست الأعداد موضوعا لها. لذلك دعا إلى رد الرياضيات إلى المنطق على أساس أن الأفكار الأساسية في الرياضيات يجب أن ترد إلى القوانين الأولية التي تحكم التفكير.[15]
هذا التنبيه الذي تلقاه هوسرل من فريجيه سيدفعه إلى إعادة النظر في منطلقاته الفلسفية، ليقتنع بأن السيكولوجيا الوصفية لا تختلف كثيرا عن ذاك الذي تقود إليه السيكولوجيا الاستقرائية، فكلاهما عاجز عن وضع الأسس التي تجعل من علم ما علما بحق.[16] لذلك سيعمل على البحث عن أساس جديد يكون أرضية صلبة تتأسس عليها جميع العلوم الجزئية. وهو الأمر الذي يؤكد أن رغبة هوسرل في البحث عن أساس متين للعلوم لم تبدأ في كتابه أبحاث منطقية، بل إن مرحلة فلسفة الحساب شاهدة على أن هذه الرغبة رافقت هوسرل منذ بداياته الفلسفية الأولى. وبالتالي فالرهان واحد عند هوسرل، ما يختلف هو طبيعة الأساس: هل هو سيكولوجي أم منطقي. لذلك نجده يوضح في مقدمة الجزء الأول من أبحاث منطقية كيف أنه كان ينطلق من الأساس السيكولوجي، لكن يعترف بأن الأساس الأخير لم يكن مقنعا بالنسبة إليه لذلك شرع في تأمل طبيعة المنطق. وهو إعلان صريح من هوسرل عن تخليه عن الأساس السيكولوجي والبدء في رحلة بحث جديدة، تنطلق هذه المرة من المنطق وليس من السيكولوجيا. لكن ما دامت النزعة السيكولوجية قد اعتبرت بأن المنطق فرع عملي من السيكولوجيا، وأن هذه الأخيرة هي الجانب النظري للمنطق، وحيث أن هوسرل لم يعد مقتنعا بهذا التصور، فإنه من اللازم البدء من نقد النزعة السيكولوجية وتخليص المنطق من السيكولوجيا، وذلك في أفق التمهيد لتأسيس الفينومينولوجيا بما هي فلسفة منظورا إليها كعلم صارم. لكن كيف عمل هوسرل على نقد النزعة السيكولوجية؟
نقد النزعة السيكولوجية: من الوقائع إلى الماهيات
يفترض هوسرل في الجزء الأول من أبحاث منطقية المعنون ب”مقدمات المنطق المحض” أن هناك تعالقا بين العلم المعياري والعلم النظري. فكل فن عملي يتأسس بالضرورة على أسس نظرية. فصناعة البناء مثلا تتأسس على الهندسة، وفرع من الصناعة الكيميائية يجد أساسه النظري في الكيمياء. وما دام المنطق في جزء منه ذا طابع معياري لأنه من المفترض أم يصوغ قواعد ومعايير للتفكير السليم، فإن السؤال الذي يطرح هنا: ما هو العلم النظري الذي يتأسس عليه المنطق المعياري؟
نصطدم حسب هوسرل بطرحنا لهذا السؤال، بتيار لديه إجابة جاهزة مفادها: علينا البحث عن الأسس النظرية للمنطق في السيكولوجيا. فالمنطق يتصرف إزاء السيكولوجيا مثلما تفعل صناعة البناء إزاء الهندسة؛ فكما تقدم الهندسة الإطار النظري لصناعة البناء، تقدم السيكولوجيا المبادئ النظرية للمنطق، لأن العمليات المنطقية، حسب هذا التيار، هي عمليات نفسية ومن ثم فدراستها دراسة علمية هي من مهام السيكولوجيا. فهذه الأخيرة تدرس العمليات النفسية، والمنطق ينطلق من هذه الدراسة ليضع قواعد للتفكير.
بهدف بيان تهافت ادعاءات النزعة السيكولوجية، ينطلق هوسرل من بسط موضوع السيكولوجيا. إذ مهما تعددت تعاريف هذا العلم فلا أحد يجادل بأن موضوعها هو الوقائع النفسية، ومن ثم تستخلص نتائجها من التجربة.[17] ولن يعارضنا أحد إن قلنا إن كل العلوم التي تعتمد على التجربة تعميماتها فضفاضة ولها طابع تقريبي. والسيكولوجيا إلى حدود الآن، على حد قول هوسرل، لم تقدم لنا إلا تعميمات تجريبية تفتقد إلى الدقة والصرامة.[18] وما دامت نتائجها كذلك، فالأسس النظرية الغامضة لا يمكن لها إلا أن تؤسس لنا قواعد غامضة، في حين أن قوانين المنطق، بمعناها الدقيق هي قوانين صارمة ودقيقة.[19]
لكن أصحاب النزعة السيكولوجية قد يردون على هذا الاعتراض بالقول: ليس محكوما على السيكولوجيا أن تبقى دائما علما غير دقيق، إذ يمكن أن تصير نتائجها يوما ما يقينية. يجيب هوسرل على هذا الاعتراض، بأنه مهما تطورت السيكولوجيا فإنها لا تستطيع أن تؤسس مبادئها بشكل قبلي، لأنها تعتمد أساسا على الاستقراء. وما دامت قوانين المنطق قوانين قبلية، فإنه لا يمكن أن نؤسس المنطق على السيكولوجيا، لأن قوانينهلها ضرورة مطلقة وصلاحية قبلية.[20]
لكن سجال هوسرل مع النزعة السيكولوجية لن يتوقف عند هذا الحد، بل يتابع الكشف عن ادعاءاتها وهدم أسسها في الآن نفسه. يتوقف هوسرل، في هذا الإطار، على ثلاثة مبادئ للنزعة السيكولوجية، ويعتبرها مجرد افتراضات مسبقة تنطلق منها ويتبين تهافتها بمجرد دراستها.
الافتراض المسبق الأول: تعتبر النزعة السيكولوجية أن المنطق علم معياري لا نظري، وظيفته صياغة قواعد التفكير السليم. لكن ولما كان وضع هذه القواعد يفترض الالمام بطرائق التفكير البشري، فإن تلك القواعد التي تقوم بضبط طريقتنا في التفكير لا بد أن تستند على أساس نفسي، وبذلك فإن القواعد المعيارية للمعرفة يجب أن تستند على سيكولوجيا المعرفة.[21]
يرد هوسرل على هذا القول بأن القوانين المنطقية ليست قضايا معيارية أعني قواعد تنبئنا – كجزء من مضمونها – بالكيفية التي على المرء اتباعها في الحكم. لذلك فهو يدعو إلى تمييز القوانين التي تستخدم كمعايير لفاعليتنا المعرفية عن القوانين المنطوية على المعيارية في مضمونها الفكري. فأساس المنطق معياري محض، بغض النظر عن توظيفنا لتلك القوانين في صيغ معيارية. فقولنا مثلا: كل أ هو ب، وكل س هي أ، فإن س هي أيضا ب، فهذا القياس نظري محض، لكن بالإمكان توظيفه معياريا، كأن يحكم أحدهم على أساس أن أ هو ب، فإن س ينبغي أن يكون أ. لكن لا ينبغي أن ننخدع بصورته المعيارية هذه، فنعتقد جراء ذلك أن أساسه معياري، لأن هذا الاستخدام ليس من شأنه أن يدخل أي تغيير في طبيعة القضية النظرية.[22]
إن هوسرل إذن، لا ينكر الطابع المعياري للمنطق، لكنه يؤكد على أولوية النظري على المعياري، بل أصبحت المعيارية لديه ليست سوى أكثر من قضية نظرية يمكن استخدامها استخداما عمليا، وهو ما بينته الأمثلة السابقة. والمنطق ليس مجرد علم نظري مستقل عن العلوم الأخرى، بل هو الذي يشكل الأساس الحقيقي لها، بحيث إن قانون عدم التناقض مثلا يمكن أن نوظفه في كافة العلوم الأخرى بما فيها التجريبية.
الافتراض المسبق الثاني: تستمر النزعة السيكولوجية في الدفاع عن مبدئها الأول، وذلك بالتأكيد على أنه ما دامت المعرفة في أساسها سيكولوجية، فإن مضمونها سيكون ذو طبيعة تجريبية. فموضوع المنطق من أحكام وتمثلات تتم كخبرات نفسية، لذلك لا بد من الاستناد إلى السيكولوجيا.
يرد هوسرل على ذلك، بأنه إذا كان المنطق فرعا من السيكولوجيا، وكانت الصلة قائمة بين الرياضيات والمنطق[23] فإن هذا يلزم عنه أن تكون الرياضيات أيضا فرعا من السيكولوجيا.[24] وهذا ما لا يقبله هوسرل، إذ كيف يمكن أن تستند الرياضيات، التي تعتبر نتائجها يقينية وموضوعية، على السيكولوجيا مع العلم أن نتائجها مستمدة من التجربة ومن ثم تقريبية ونسبية. إذ لا مجال للخلط بين السيكولوجيا والرياضيات، فهما ينتميان إلى مجالين مختلفين،[25] فالرياضيات من حيث إن مجالها هو العلم النظري التجريدي، لا علاقة لها بالحدث الذي هو موضوع السيكولوجيا من حيث إن مجاله هو العملي التجريبي. لذلك يرى هوسرل أن العمليات الحسابية( الرياضية) تحدث في صورة أفعال تتشابه مع الأفعال السيكولوجية غير أن القضية الرياضية في مضمونها صورية بينما القضية السيكولوجية وقائعية. إن ماهية العدد ليست هي فعل التعداد الذي قد يرجع إلى فعل سيكولوجي، فالأعداد وحدات مثالية لا زمان لها، أما فعل التعداد فهو فعل وقائعي تقوم به ذوات سيكولوجية في زمان ومكان ما. فالعدد 5 ذا مضمون مثالي ليس ناتجا عن عدّي أنا أو غيري، أو تمثلي أو تمثل أي إنسان آخر، إنه وحدة مثالية،[26] يمكن أن تعطى في حالات فردية متغيرة. وبالتالي علينا التمييز بين مستويين: مستوى المضمون المثالي ومستوى الوقائعي التجريبي، وهذا الخلط هو الذي جعل النزعة السيكولوجية تُرجع الرياضيات إلى أسس سيكولوجية.
إن ما قلناه عن الرياضيات ينطبق تماما على المنطق الخالص،[27] فإذا أخذنا مثال الحكم، فالنزعة السيكولوجية لا تميز بين الحكم كعملية سيكولوجية تجري واقعيا والحكم كمضمون مستقل عن أي إنجاز. الأول يمكن وصفه تجريبيا، أما الثاني فلا يقبل الوصف التجريبي لأنه يتمتع بصلاحية فوق زمانية. فلو أخذنا الحكم: 2+2=4 هو بالمعنى الأول عملية واقعية يمكن أن تجرى اليوم أو غدا، من قبلي أنا أو من قبل الغير. أما إذا نظرنا إلى ذاك الحكم كمضمون معرفي فهو يتمتع بصلاحية موضوعية سواء تم إنجازه فعليا أم لا. وبالتالي فالحكم كفعل يمكن تحلليه سيكولوجيا، أما الحكم كمضمون موضوعي فلا يمكن تحليله سيكولوجيا وتجريبيا لأن ليس له وجود زمني. الحكم بمعناه الأول يدخل ضمن اهتمام السيكولوجيا، أما بمعناه الثاني فيدخل ضمن اهتمام المنطق. فالسيكولوجيا قد تعطينا قوانين تتعلق بأفعال الحكم، لكن لا تعطينا قوانين لمضامين الحكم. فقوانين السيكولوجيا قوانين واقعية، في حين أن قوانين المنطق قوانين “مثالية”، وهما من طبيعتين مختلفتين، وهذا ما لم تنتبه له النزعة السيكولوجية حسب هوسرل. وهذا التمييز يتأسس على تمييز آخر بين علوم الوقائع وعلوم الماهيات، فالأولى تجريبية أما الثاني قبلية،[28] وهذا ما يجعل من التعميمات المثالية تتسم بالصرامة واليقين التي تفتقرها التعميمات التجريبية.
الافتراض المسبق الثالث: تتابع النزعة السيكولوجية الدفاع عن مبادئها بربط الحقيقة بالحكم، وتعتبر أن الحكم الصحيح لا يكون كذلك إلا عندما يكون ذا بداهة داخلية. تؤول النزعة السيكولوجية البداهة تأويلا سيكولوجيا بحيث تربط بين الحقيقة والشعور بالبداهة وتنظر إلى هذه الأخيرة كواقعة سيكولوجية.[29] وهذا الربط يُضيّع الحقيقة خصوصا مع وجود الكثير من الأحكام الحقيقية التي لا يستطيع كل الناس أن يتبينوا أنها بديهية. لذلك فجعل الحقيقة مرهونة بشرط ذاتي معناه التخلي عن مطلب اللغة الموضوعية التي هي شرط كل علم.[30] لذلك تصدى هوسرل لهذا الافتراض المسبق، وبين بأن هذا الربط بين الحقيقة والبداهة الداخلية ربط غير سليم، لأنه يقوض إمكانية الحقيقة ذاتها. لكن كيف عمل هوسرل على فك هذا الارتباط؟
يصر هوسرل على التمييز بين المنطق كعلم نظري والمنطق كعلم معياري. فالمنطق المحض مهمته أن يصف لنا التفكير “الصحيح” من حيث هو كذلك، بغض النظر عن إصدار أي حكم. فالأفعال لها طابع وقائعي وتجريبي متعلق بالتكوين البشري الطبيعي والنفسي، ولكن “الحكم” من حيث هو كذلك هو تصور مثالي ونظري محض، ولا يتعلق بحالة من الحالات أو بواقعة من الوقائع، لذلك ليس خاضعا للشرط السيكولوجي.
إن جوهر النقد الذي قدمه هوسرل يستند إذن، إلى التمييز بين فعل المعرفة ومضمونها أو بين الواقعي والمثالي.[31] ففعل المعرفة متغير بتغير الأحوال والأشخاص وهو بذلك تجريبي بعدي، أما مضمون المعرفة فثابت وغير قابل للتغير، وهو بذلك قبلي مفارق للتجربة. فاستقلالية المضمون عن الفعل هي المصادرة التي ينبني عليها النقد السابق، وصدق المضمون أو حقيقته هي العلة في البداهة التي ننسبها إليه،[32] لذلك فقول النزعة السيكولوجية بأن البداهة مردها إلى التجربة هو خلط بين المجالين: القبلي والبعدي، فعل المعرفة ومضمون المعرفة، بين الوقائعي والمثالي.
هكذا انتهى هوسرل في “مقدمات المنطق المحض” إلى بيان تهافت دعوى النزعة السيكولوجية، مبينا أن أساس المنطق المعياري هو المنطق المحض وليس السيكولوجيا، موضحا بذلك أن التشكيلات المنطقية وحدات مثالية للتفكير لها صلاحية موضوعية بالنسبة لكل ذاتية ممكنة. لكن ما الغاية من نقده للنزعة السيكولوجية؟ ولماذا إصراره على تخليص المنطق المحض من كل نزعة سيكولوجية؟
- نحو فينومينولوجيا وصفية
أصدر برنتانو سنة 1874 كتاب السيكولوجيا من زاوية نظر تجريبية، والذي كان له تأثير على الدراسات السيكولوجية حينها، حيث انتقد فيه السيكولوجيا الاستقرائية لأنها لا تحقق شرط العلمية، ليؤسس سيكولوجيا وصفية تعمل على وصف خبرات الوعي كما هي. فإذا كانت العلوم التجريبية تهتم بالظواهر التجريبية وتعمل على تفسيرها ووضع قوانين لها، فإن السيكولوجيا الوصفية تهتم بالظواهر السيكولوجية بغية الكشف عن قوانينها الخاصة. إن غاية برنتانو هي تأسيس السيكولوجيا كعلم مسقل بذاته[33]، وليس أية سيكولوجيا بل تحديدا السيكولوجيا الوصفية، لأنها الأساس المتين الذي لا بد للفلسفة، إذا ما رغبت في أن تكون علمية، أن تصبح فرعا أو امتدادا لها. وبذلك “يمكن وصفها بأنها علم العلم: ترجع إليها شتى أقسام الفلسفة رجوع الطبيعيات والرياضيات والمنطق، إلى ما بعد الطبيعة أو الفلسفة الأولى عند أرسطو.”[34] إنه علم لا يستمد قوانينه ومبادئه من مجال العلوم الطبيعية، بل ينشئ نفسه بنفسه كعلم مستقل بذاته. إن وظيفة السيكولوجيا الوصفية هي وصف ظواهر مثل: الإدراك، الاعتقاد، الحكم…، وباختصار كل الظواهر التي دعاها برنتانو بأنها قصدية.[35]
هكذا يميز برنتانو – في إطار تحديد مجال اشغاله- بين الظواهر السيكولوجية والظواهر التجريبية؛ وما دام برنتانو يشتغل داخل حقل السيكولوجيا فإن الظواهر التي يهتم بها هي الظواهر السيكولوجية. يتوقف باتوكا عند هذا التمييز ويعتبره “في عمقه استعادة للثنائية الديكارتية”[36]، خصوصا عندما ميز ديكارت بين الفكر والمادة، وفصل بينهما فصلا تاما، وصار لكل واحد منهما خصائصه التي تميزه عن غيره. هذا المسار الذي دشنه ديكارت هو الذي خلق سلسلة من الثنائيات: الذات، الموضوع، العلوم التجريبية والعلوم الإنسانية، الظواهر السيكولوجية والظواهر التجريبية، وبرنتانو يقع على نفس المسار الذي دشنه ديكارت، لأنه ظل يفكر من داخل الثنائية التي رسخها.
تتنزل محاولة برنتانو في هذا الإطار، فإذا كانت العلوم التجريبية قد حققت نتائج هامة في الكشف عن خصائص المادة، فإن العلوم الإنسانية لا زالت لم تبلغ بعد درجة العلمية اللازمة لتكشف عن خبايا الوعي، لذلك يطمح إلى أن يؤسس سيكولوجيا تمكننا من تجاوز الغموض والالتباس الذي يلف حقل الظواهر الإنسانية. ونقطة البدء بالنسبة لبرنتانو هي الظواهر السيكولوجية، لأنها الأساس الذي سيسمح لنا بفهم باقي الظواهر الإنسانية الأخرى. لذلك وضع لها سمات تميزها عن الظواهر التجريبية.
تصدر عنا في حياتنا اليومية جملة من الأفعال ذات طبيعة سيكولوجية: حكم، إدراك، تخيل، إلخ. فهذه الأفعال بالرغم من تعددها إلا أنها تعود إلى ذات واحدة تكون بمثابة حامل لها. فوحدة الوعي في نظر برنتانو هي أهم مبادئ السيكولوجيا على الاطلاق، إذ إن إنكار هذه الوحدة لا يضر بالسيكولوجيا وحدها بل بالعلوم جميعا.[37] هذا الحامل هو الذي يجعل من الظواهر النفسية تظهر كما لو كانت وحدة. فعندما أسمع مثلا لمقطع موسيقي فأنا لا أسمع الرنات متقطعة، بل أسمع المقطع الموسيقي كوحدة. فمصدر هذه الوحدة ليس الموضوع ذاته، بل الوعي، أو حالات الأنا التي اعتبرها برنتانو ذات علاقة قصدية بشيء ما. هنا نصل إلى أهم ما يميز الظاهرة السيكولوجية، وهو الوجود القصدي لموضوع ما،[38] بحيث في فعل الإدراك يكون شيئا ما مدركا، وفي فعل التذكر يكون شيئا ما متذكرا، وفي فعل التخيل يكون شيء ما متخيلا…؛ أي أن كل ظاهرة سيكولوجية لها موضوعها القصدي.
انطلق هوسرل من تحديد برنتانو للظاهرة السيكولوجية مبينا أن القصدية سمة ماهوية للظاهرة، بحيث لا يمكن أن نتصور أفعال الوعي إلا وهي متجهة نحو موضوع معين. ووظيفة الفينومينولوجيا هي وصف هذا التعالق الحاصل بين فعل الوعي وموضوعه باعتباره ينتمي هو الآخر إلى مجال الوعي. لذلك فمهمة الفينومينولوجيا في أبحاث منطقية هي مهمة وصفية: وصف الظواهر كما تظهر في الوعي، والكشف عن الكيفية التي يتعالق بها الوعي مع موضوعه. إذ يوجد بين الموضوعات وبين كيفيات عطائها الذاتية تعالق يختلف حسب نوع الموضوع. والتعالق بين نوع الموضوع وكيفيات عطائه “هو قانون يمكن صياغته بعمومية لا مشروطة ويتوفر على طابع قبلي. الموضوعات من حيث ظهورها للوعي في كيفيات للعطاء هي الظواهر التي تهتم بها الفينومينولوجيا.”[39]
وضع هوسرل مبدأً فينومينولوجياً اعتبره أحد المبادئ الأساسية للفينومينولوجيا. يتعلق الأمر بمبدأ: “العودة إلى الأشياء ذاتها”. لفهم هذا المبدأ يتطلب الأمر التوقف عند دلالة كل من “العودة” و”الشيء”، على اعتبار أن النزعة التجريبية مثلا تطالب هي الأخرى بالعودة إلى الشيء، “لكنها لا تميز بين الشيء بوصفه موضوعا للمعرفة والشيء على هيئته الطبيعية والعرضية.”[40] ومن ثم تكون العودة هنا في اتجاه التجربة، في حين تكون العودة فينومينولوجياً، عودة إلى الشيء في مفارقته وعودة إلى الشيء المعطى للحدس وداخل الوعي كمحايثة؛[41] أي أن العودة هنا تكون إلى الوعي. لذلك عليه ألا يضللنا مفهوم “الشيء” ونعتقد أن الفينومينولوجيا تهتم بالأشياء الحائزة على وجود واقعي والمعطاة في العالم الخارجي، بالعكس فمفهوم “الشيء” عند هوسرل لا يشير إلى أشياء العالم، بل إلى “أشياء الوعي”. فكل ما يعطى للوعي – كما يقول فينك- “سواء كان كائنا واقعيا أو كائنا مثاليا، وسواء كان أفقا أو إحالة لمعنى أو عدما، فهو شيء بالمعنى الفينومينولوجي.”[42]
يشير الشيء إذن إلى الموضوع كيف ما كانت طبيعته، كما يظهر في المعيش.[43] لذلك كان “الشيء هنا هو الظاهرة بمعناها الفينومينولوجي”[44]؛ أي ما يظهر ويتجلى في الوعي. من هذا المنطلق فمبدأ “العودة إلى الأشياء ذاتها” يفترض القيام بدراسة وصفية لمعيش الوعي، على اعتبار أن الأشياء التي تعود إليها الفينومينولوجيا لا تعطى إلا في إنجازات ذاتية، ومحل هذه الإنجازات هو الوعي. وهذا ما يجعل الفينومينولوجيا “سيكولوجيا وصفية”[45] تهدف إلى وصف الوعي لإدراك الماهيات الكامنة فيه. ولا يقصد هوسرل هنا “الماهية التجريبية” التي يمكن أن نصل إليها من خلال تجريد الموضوعات الفردية، بل يقصد “الماهية القبلية” التي نصل إليها من خلال “الحدس الماهوي” الذي يتطلع إلى إدراك الماهيات القبلية بوصفها بنى ضرورية للموضوعات ومبادئ لها، على اعتبار أن الماهية تسبق الموضوع المفرد وتجعله ممكنا على ما هو عليه.[46]
يعطي هوسرل مكانة متميزة للحدس، وهو في ذلك يعود إلى التقليد الكانطي الذي يجعل الحدس أساس بناء المعرفة، لكنه يوسع من مفهوم الحدس الكانطي الذي كان حسيا فقط، ليتحدث عن “حدس مقولي” و”حدس ماهوي”.[47] فإذا كان الحدس الحسي يدرك ما هو فردي، والحدس المقولي يدرك العام والكلي المتضمن في المحسوسات،[48] فإن الحدس الماهوي يدرك الماهيات القبلية التي تجعل الكائن على ما هو عليه. ونصل إلى الماهيات من خلال ما يسميه هوسرل “التنويع الماهوي”؛ إذ لكي أدرك مثلا ماهية المثلث فالأمر لا يقتضي العودة إلى التجربة واستقراء الخصائص المشتركة بين المثلثات وجعلها ماهية كل مثلث ممكن، بل نستحضر المثلث في الوعي ونعمل على تنويع خصائصه (شكله، لونه، مساحته، إلخ) حتى نصل إلى الحد الذي لا يبقى فيه الشكل مثلثا. لذلك فالأمر لا يتعلق هنا بالانتقال من الجزئي إلى الكلي كما ادعت النزعة التجريبية، بل نستخلص ماهية المثلث بشكل قبلي لأن الحدس الماهوي يُدرك قبليا ماهية الشيء من دون أن يستخلصها من الوقائع(faits) ، فالماهيات “غير مشروطة”[49] بأية واقعة. والتوجه نحو الماهيات هو الذي بإمكانه أن يحمي العلم من كل نزعة نسبية هدّامة.
خاتمة
يعتبر هوسرل أن الفلسفة من الناحية التاريخية هي أول شكل ثقافي أسّس ذاته على معايير العقل ورسم لنفسه مهام لامتناهية، وسعى إلى بناء نماذج معيارية ذات صلاحية عامة[50]، فقد كانت الفلسفة تفهم نفسها على أنها هي الدراسة الشاملة للوحدة الكلية للكائن بصفته كلا؛ أي العلم الشامل بكلية العالم.[51] بناء على هذا النموذج، سعى هوسرل إلى تأسيس الفلسفة كمعرفة صارمة متحررة جذريا من كل الأحكام المسبقة، وسيظل طوال حياته يبحث عن ترجمة هذا التحديد بكيفية مشخّصة من خلال المحطات البارزة التي اتخذتها فينومينولوجياه. ويعبر مؤلف أبحاث منطقية عن الشكل الأول الذي اتخذته الفينومينولوجيا حيث كان يفهم هوسرل الفلسفة كبحث في الماهيات، ولم يكن بإمكانه ذلك لولا النقد الجذري الذي وجهه للنزعة السيكولوجية باعتبارها تشكل خطرا على العلم لأنها تنسف فكرة الموضوعية.
المصادر والمراجع
- حسن، حنفي، الظاهريات وأزمة العلوم الأوربية، مجلة الفكر المعاصر، العدد 59، يناير 1970.
- سليم سلامة، يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، دار التنوير بيروت، 2007.
- المصدق، إسماعيل، المحطات الأساسية لفينومينولوجية هوسرل، مدارات فلسفية، العدد الرابع، يونيو 2000.
- هوسرل، إدموند، أزمة البشرية الأوربية والفلسفة، في: أزمة العلوم الأوربية والفينومينولوجيا الترسندنتالية، ترجمة إسماعيل المصدق، المنظمة العربية للترجمة، بيروت 2008.
- الضاوي، مصطفى، من العلم إلى الإيتيقا ليفناس قارئا لهوسرل، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2020.
- إدموند هوسرل، أزمة البشرية الأوربية والفلسفة، في: أزمة العلوم الأوربية والفينومينولوجيا الترسندنتالية، ترجمة إسماعيل المصدق، المنظمة العربية للترجمة، بيروت 2008.
- حسن منصور، أشرف، نظرية المعرفة بين كانط وهوسرل دراسة في الأصول الكانطية للفينومينولوجيا، رؤية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2016.
Chrudzimski, Arkadiusz, catégories formelles et conceptualisme. La première philosophie de l’arithmétique de Husserl, philosophiques, numéro 2, volume 36, automne 2009.
Husserl, Edmund, recherches logiques tome premier prolégomènes à la logique pure, traduit par Hubert Elie, L. kelkel et René Schérer, PUF, 1959.
Patočka, Jan, « qu’est-ce que la phénoménologie ? » In qu’est-ce que la phénoménologie ? traduit par Erika Abrams, édition Jérôme Millon, 1988.
Patočka, Jan, introduction à la phénoménologie de Husserl, Traduit du tchèque par Erika Abrams, édition Jérôme Millon, 1998.
Rancurell, Antos, A study of Franz Brentano, academic press, New York and London, 1968.
Fink, Eugen. De la phénoménologie. Traduit par Didier Franck, les éditions de Minuit, 1974.
Patočka, Jan. « La phénoménologie, la philosophie phénoménologique et les Méditations cartésiennes de Husserl. » In qu’est-ce que la phénoménologie ? traduit par Erika Abrams, édition Jérôme Millon, 1988.
Margins:
-
Jan Patočka « qu’est-ce que la phénoménologie ? » In qu’est-ce que la phénoménologie ? traduit par Erika Abrams, édition Jérôme Millon, 1988, p. 263. ↑
-
Edmund Husserl, recherches logiques tome premier prolégomènes à la logique pure, traduit par Hubert Elie, L.kelkel et René Schérer, PUF, 1959. ↑
-
Edmund Husserl, recherches pour la phénoménologie et la théorie de la connaissance, tome 2, traduit par Hubert Elie, L.kelkel et René Schérer, PUF, 1959. ↑
-
إسماعيل المصدق، المحطات الأساسية لفينومينولوجية هوسرل، مدارات فلسفية، العدد الرابع، يونيو 2000، ص. 31. ↑
-
حسن حنفي، الظاهريات وأزمة العلوم الأوربية، مجلة الفكر المعاصر، العدد 59، يناير 1970، ص. 40. ↑
-
يوسف سليم سلامة، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، دار التنوير بيروت، 2007، ص. 33. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 86- 93. ↑
-
Antos Rancurell, A study of franz Brentano, academie press, New York and London, 1968, p. 29. ↑
-
سليم سلامة يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص. 103. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 103- 104. ↑
-
Jan Patočka. Introduction à la phénoménologie de Husserl, Traduit du tchèque par Erika Abrams, édition Jérôme Millon, 1998, p. 32. ↑
-
Jan Patočka, Introduction à la phénoménologie de Husserl, Op. cit., p. 33. ↑
-
Ibid., p.34. ↑
-
Chrudzimski Arkadiusz, catégories formelles et conceptualisme. La première philosophie de l’arithmétique de Husserl, philosophiques, numéro 2, volume 36, automne 2009, p. 432. ↑
-
عبد الرحمن بدوي، المنطق الصوري والرياضي، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الثانية، القاهرة 1968، ص. 259. ↑
-
سليم سلامة يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص. 129. ↑
-
Edmund Husserl, recherches logiques, tome premier prolégomènes à la logique pure, traduit par Hubert Elif, Alion, Keikfi et René Scherer, presses universitaires de France, p. 67. ↑
-
Ibid, p. 67. ↑
-
Ibid, p. 68. ↑
-
Ibid, p. 69. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p. 48. ↑
-
سليم سلامة يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص.149. ↑
-
المرجع نفسه، ص.152. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p. 49. ↑
-
سليم سلامة يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص.152. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p. 50. ↑
-
Ibid., p. 50. ↑
-
Ibid., p. 51. ↑
-
Ibid., p. 51. ↑
-
سليم سلامة يوسف، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص. 155-156. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 157. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 157. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p. 81. ↑
-
يوسف سليم سلامة، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص. 103. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 105. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p. 79. ↑
-
يوسف سليم سلامة، الفينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل، مرجع سابق، ص. 107. ↑
-
Jan Patočka, introduction à la phénoménologie de Husserl, op. cit., p . 80. ↑
-
إسماعيل المصدق، المحطات الأساسية لفينومينولوجية هوسرل، مرجع سابق، ص. 33. ↑
-
الضاوي، مصطفى، من العلم إلى الإيتيقا ليفناس قارئا لهوسرل، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2020، ص. 14. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 14. ↑
-
Eugen Fink, De la phénoménologie, Traduit par Didier Franck, les éditions de Minuit, 1974, p. 108. ↑
-
Jan Patočka, Introduction à la phénoménologie de Husserl. Op. cit., p. 84. ↑
-
مصطفى الضاوي، من العلم إلى الإيتيقا ليفناس قارئا لهوسرل، مرجع سابق، ص. 145. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 14. ↑
-
Jan Patočka, « La phénoménologie, la philosophie phénoménologique et les Méditations cartésiennes de Husserl », In qu’est-ce que la phénoménologie ? op. cit., p. 186. ↑
-
Ibid., p. 154. ↑
-
حسن منصور، أشرف، نظرية المعرفة بين كانط وهوسرل دراسة في الأصول الكانطية للفينومينولوجيا، رؤية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2016، ص. 158. ↑
-
Jan Patočka, Introduction à la phénoménologie de Husserl, Op. cit., p. 100. ↑
-
إدموند هوسرل، أزمة البشرية الأوربية والفلسفة، في: أزمة العلوم الأوربية والفينومينولوجيا الترسندنتالية، ترجمة إسماعيل المصدق، المنظمة العربية للترجمة، بيروت 2008، ص. 523. ↑
-
المرجع نفسه، ص. 526. ↑