العوامل المؤثرة في فاعلية تنفيذ السياسات النفطية العامة - دراسة تحليلية في وزارة النفط العراقية
Factors Affecting the Effectiveness of Implementing Public Oil Policies - An Analytical Study in the Iraqi Ministry of Oil
ياسر حميد محمد الهاشمي1
1 وزارة النفط العراقية، دكتوراه في رسم السياسات وصنع القرار، العراق.
بريد الكتروني: ysallama7@gmail.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj65/22
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/65/22
المجلد (6) العدد (5). الصفحات: 304 - 329
تاريخ الاستقبال: 2025-04-07 | تاريخ القبول: 2025-04-15 | تاريخ النشر: 2025-05-01
المستخلص: تأثر تنفيذ السياسات العامة في وزارة النفط العراقية بعوامل عدّة مرتبطة بعدم الاستقرار المحلي والإقليمي. وتمحورت إشكالية الدراسة حول ثلاثة تساؤلات رئيسية: تحديد أبعاد السياسة العامة. والتحديات التي تواجه الصناعة النفطية العراقية. والعوامل المؤثرة على تنفيذ السياسة النفطية في الوزارة. كشفت الدراسة عن تداخل مجموعة من العوامل في تعطيل تنفيذ السياسات، وهي: العوامل السياسية والعوامل الجيوسياسية والعوامل المناخية والعوامل التكنولوجية. كما أبرزت النتائج أن تقلبات أسعار النفط الخام والصدمات الخارجية خلّفت آثارًا اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة على العراق. قدمت الدراسة توصيات لمواجهة التحديات، منها: مراجعة نظام ملكية وإدارة قطاع النفط. ومعالجة الاختلالات الهيكلية في الصناعة النفطية ومصافي التكرير. وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لدعم الاستقرار.
الكلمات المفتاحية: السياسة العامة، السياسة النفطية، صناعة النفط العراقية.
Abstract: The implementation of public policies in the Iraqi Ministry of Oil has been influenced by multiple factors linked to local and regional instability. The study’s problem revolved around three main questions: defining the dimensions of public policy, identifying the challenges facing the Iraqi oil industry, and examining the factors affecting the implementation of oil policies within the ministry. The study revealed that a combination of overlapping factors hindered policy implementation, including political factors, geopolitical factors, climatic factors, and technological factors. Additionally, the findings highlighted those fluctuations in crude oil prices and external shocks resulted in profound economic, social, and political repercussions for Iraq. The study proposed recommendations to address these challenges, such as: reviewing the ownership and management system of the oil sector, addressing structural imbalances in the oil industry and refineries, and strengthening regional and international partnerships to enhance stability.
Keywords: Public Policy, Oil Policy, Iraqi Oil Industry.
المقدمة
يُقدِّم هذا البحث تحليلًا لواقع النفط العراقي ودوره المحوري في تعزيز المكانة السياسية والاقتصادية للعراق على الصعيد الدولي، حيث يُشكِّل النفط عصبًا حيويًّا للسيادة المادية والمعنوية للدولة، ويمثِّل محورًا لتنافس المصالح الدولية وتعقيداتها في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية. ففي ظلِّ التحديات العالمية المتزايدة، أصبح النفط العراقي عاملاً حاسمًا في تحقيق الازدهار الاقتصادي والتفوُّق السياسي، مما يفرض على صانعي القرار التركيز ليس فقط على صياغة السياسات النفطية، بل أيضًا على متابعة تنفيذها بفعالية، خاصةً وأن هذه السياسات تواجه عقباتٍ تنفيذيةً تُعيق تحقيق أهدافها رغم الجهود الكبيرة المُبذولة في تصميمها.
من هنا، تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الإشكاليات العملية التي تواجه تنفيذ السياسات النفطية، وتحليل جذورها، وطرح حلولٍ قابلة للتطبيق لتعزيز فاعليتها، بما يُسهم في تقليل الفجوة بين التخطيط النظري والواقع العملي، ويُعزِّز من قدرة العراق على توظيف ثروته النفطية كأداةٍ فاعلةٍ في تعزيز نفوذه الدولي.
مشكلة الدراسة :
تكمن المشكلة الرئيسية في وجود فجوة بين مرحلة وضع السياسات النفطية ومرحلة تنفيذها على أرض الواقع، فعلى الرغم من بذل جهود كبيرة في صياغة هذه السياسات، إلا أنها تواجه عقبات تنفيذية غير مُتوقَّعة تؤدي أحيانًا إلى فشلها في تحقيق الأهداف المُرتَجاة. ومن هنا، يهدف هذا البحث إلى دراسة الإشكاليات التي تعترض عملية تنفيذ السياسات النفطية، وتحليل أسبابها، والسعي لوضع حلول ناجعة تعتمد على أساليب علمية وعملية تُسهم في تعزيز فاعلية هذه السياسات، وتقليل حجم التحديات التي تُضعف تأثيرها، مثل الصعوبات التنظيمية أو عدم التوافق بين التخطيط والواقع العملي. ويمكن حصر المشكلة بالأسئلة البحثية الآتية:
- ما مدى نجاح صانعي ومتخذي القرار في المدة السابقة في رسم السياسات النفطية وتنفيذها؟
- هل توجد حلول ناجعة للمشكلات التي تعيق تنفيذ السياسات النفطية؟
فرضية الدراسة :
في ضوء مشكلة الدراسة انبثقت الفرضيات التالية:
- توجد ثغرات مؤسسية وتنظيمية في آلية تنفيذ السياسات النفطية العراقية، ناتجة عن ضعف آليات المتابعة أو غياب التنسيق بين الجهات المعنية.
- تبنّي إطار عمل مرن قائم على التجارب الدولية الناجحة ومعالجة التحديات الهيكلية سيُحسِّن كفاءة تنفيذ السياسات النفطية.
- تعزيز التكامل بين الجانب النظري (التخطيط) والعملي (التنفيذ) عبر آليات تشاركية سيقلل من الفجوة بين السياسات المُصاغة والنتائج المُحققة.
- التحديات الدولية (مثل تحوُّلات سوق الطاقة أو الضغوط الجيوسياسية) تُعيق تنفيذ السياسات النفطية، مما يتطلب سياسات مرنة قادرة على التكيف مع المتغيرات.
الفرضيات هنا تُعبِّر عن توقعات قابلة للقياس والتفنيد، وتُسهم في توجيه البحث نحو تحقيق النتائج من خلال تحليل مقارن بين السياسات النفطية الناجحة والفاشلة في العراق وخارجه.بشكل منهجي.
اهمية الدراسة :
تنبع أهمية الدراسة من الدور المحوري للنفط في الاقتصاد العالمي، وتأثير تقلبات أسعاره المباشر في استقرار الاقتصادات النفطية ونموها، خاصةً عبر تشكيلها لأنماط الإنفاق العام الذي يُعَدُّ الركيزة الأساسية لتحقيق النمو في هذه الدول. وفي ظل هذه التحديات، تسلط الدراسة الضوء على ضرورة تصميم سياسات نفطية استباقية تهدف إلى:
- تخفيف الآثار السلبية لتقلبات الأسعار.
- تعظيم الاستفادة من الريع النفطي عبر تحويله إلى فرص داعمة للتنمية المستدامة.
- تحقيق التوازن بين ضبط المخاطر المرتبطة بالموارد النفطية واستثمار عوائدها في بناء اقتصاد متنوع وقادر على مواجهة الصدمات الخارجية.
منهجية الدراسة:
اعتمدت الدراسة منهجيةً متعددة الأوجه لتحليل الإخفاقات التنفيذية في السياسات النفطية العراقية واختبار فرضياتها، من خلال الجمع بين أربعة مناهج رئيسية:
- المنهج التحليلي الوصفي: لاستكشاف دور النفط كعامل محوري في صنع القرار السياسي العراقي، وتأثيره في تشكيل السياسات على أرض الواقع، باستخدام أداتي الاستقراء والاستنباط.
- المنهج التاريخي: لرصد التحوُّلات في السياسات النفطية عبر الزمن، ومقارنتها مع السياقات الدولية، وتفسيرها عبر جمع البيانات التاريخية وتوثيقها.
- منهج الاستشراف الاستراتيجي: لتحليل تداعيات تحوُّلات الطاقة العالمية (كصعود النفط الصخري والطاقات المتجددة) على مستقبل النفط العراقي، وتأثيراتها على الاقتصاد والعلاقات الدولية.
- منهج تحليل القرارات: لفهم آليات اختيار البدائل السياسية من قبل النخبة الحاكمة، ومدى توافقها مع المتطلبات الاستراتيجية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وقد هدفت هذه المنهجية إلى ربط الإطار النظري بالواقع العملي عبر تحليل مُمنهج للبيانات، مع التركيز على ثلاثة محاور:
- تعزيز آليات المتابعة والتقييم للسياسات القائمة.
- معالجة التحديات الهيكلية والتنظيمية التي تعترض التنفيذ.
- الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مجال السياسات النفطية.
ليتمكّن البحث من تقديم استنتاجات منطقية تفسِّر التفاعل بين العوامل المحلية والدولية في تشكيل السياسات النفطية، وتُقدِّم حلولاً عمليةً لتجاوز الإشكاليات التنفيذية.
هيكلية الدراسة :
حرصًا على تحقيق الدقة والتنظيم المتسلسل والموضوعي في إثبات فرضية الدراسة، جرى تقسيم الهيكل البحثي إلى مبحثين رئيسيين: تناول المبحث الأول الإطار النظري للسياسات العامة وتحليله، بينما ركّز المبحث الثاني على الجانب التطبيقي للسياسات النفطية في العراق، متناولًا التحديات التي تواجه صياغتها وتنفيذها، وسبل تعزيز فاعليتها. واختُتِمت الدراسة بعرض نتائج البحث المُستخلصة، مرفقةً بتوصيات عملية قابلة للتطبيق.
المبحث الاول: الاطار النظري
تمر عملية رسم السياسة العامة بمراحل تختلف من دولة إلى أخرى في طبيعتها وطولها وتعقيدها، وفقًا لعوامل كثيرة، أهمها النظام السياسي ونظام الحكم في كل دولة. فطبيعة النظام السياسي والحكم هي التي تحدد كيفية صياغة السياسات العامة وتنفيذها، مما يجعل هذه العملية انعكاسًا مباشرًا لخصائص البيئة السياسية والاجتماعية لكل بلد.
تشكل الظاهرة السياسية امتدادًا طبيعيًا للحياة الإنسانية والمجتمعات، حيث ترتبط بشكل وثيق بتحقيق المصالح الجماعية وحماية القيم المشتركة. ومن هنا تبرز أهمية تحليل سيرورة تنفيذ السياسات العامة ومراقبة فاعليتها، إذ إن الهدف الجوهري للسياسة العامة هو تحقيق المصلحة العامة التي لا تقتصر على توفير المنافع المادية فحسب، بل تشمل أيضًا تعزيز المبادئ والقيم المعنوية كالعدالة والشفافية.
تتمثل العلاقة بين المصلحة العامة والسياسة العامة في كونها علاقة ترابطية متلازمة؛ فالحكومة (سواء كانت مركزية أو محلية) مطالبةٌ بأن تكون أدواتها وخططها دائمًا في خدمة الصالح العام، مع ضمان التوازن بين احتياجات الأفراد والمجتمع ككل. وهذا يؤكد أن نجاح أي سياسة عامة مرهونٌ بقدرتها على الجمع بين الكفاءة التنفيذية والأبعاد الأخلاقية التي تحفظ حقوق المواطنين وتدعم استقرار المجتمع.
اولا: الاطار المفاهيمي للسياٌسة العامة
السياسة في اللغة تعني”القيام بالشيء بما يصلحه، فيقال يسوس الدواب إذا قام عليها، والوالي يسوس رعيته”(ابن منظور؛1414هـ: 429). وفي الحديث الشريف (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء)؛ أي تتولى أمورهم وتراعيهم.
وقد اشتقت كلمة “السياسة (Politics) من اليونانيين من كلمة بوليس πόλις(Polis)، التي تعني الدولة المدنية (City State)، وكان يُقصد بها أصلاً القلعة في قلب المدينة. ثم أصبحت الكلمة بعد ذلك ترمز للمدينة بأكملها، متضمنة سكان الصواحي الذين يشاركون في سياسة تلك المدينة وأعمالها، وقد تشير الكلمة أحيانًا إلى المواطن أو الفرد، واستُعملت أيضًا بمعنى حياة رجل الدولة. وحتى الآن، لا يزال الخلاف قائمًا حول تحديد مدلول الكلمة، إلا أنه مهما تشعَّبَ يدور حول فكرة السلطة، فمنهم مَن يعطيها مدلولًا واسعًا يدخل في معناها كل ما يتصل بالسلطة، وآخرون يقصرون دورها على أشكال معينة؛ أي كل ما يتصل بالسلطة في الدولة دون غيرها من صور الجماعات البشرية”(الباز،2006: 8)
هنالك عدة تعاريفٌ للسياٌسة العامة في هذا الاطار منها ما ذهب اليهٌ(كارل فريدٌريكٌ) فعرفها بأنها: (برنامج عمل مقترح لشخص أو جماعة أو حكومة في نطاق بيئٌة محددة لتوضيحٌ الفرص المستهدفة والمحددات المراد تجاوزها سعيا للوصول إلى هدف أو لتحقيقٌ غرض مقصود” (محمد؛ 2004: 28)، وعرفها (الاسدي؛2022) بانها”المسار والطريقٌة التي يخٌتارها الشخص /المنظمة/المؤسسة لحل مشاكلهم.”
يعرّفها الباحث بشكل عام بأنها الإطار العام أو المفهوم الذي يُوجه تفكير المرؤوسين في اتخاذ القرارات عبر مختلف جوانب العمل، بما يتوافق مع تحقيق الأهداف العامة. كما أنها لا تشترط أن تكون مكتوبة في جميع الأحوال، بل قد تكون وليدةَ ضغوطٍ ناتجة عن حاجة الزمن أو الظروف الطارئة.
اما (Sapru,2010:39) فيرى إن السياسة العامة تساهم في تطوير وزيادة قدرات مؤسسات الدولة بعدة طرق منها:
اولا: تساهم في تطويرٌ الادارة في مختلف القطاعات الاقتصاديةٌ.
ثانيا: تحديدٌ أفضل الطرق للبيرٌوقراطياٌت العامة لتعلم رسم وتنفيذٌ السياٌسات العامة.
ثالثا: مساعدة الوكالات والمنظمات الرسميةٌ في إيجٌاد أفضل الطرق للانخراط في السياٌسة العامة.
ثانيا: أبعاد السياسة العامة
لترجمة السياٌسة العامة التي حددها جيمٌس أندرسون في”منهج عمل، قصدي أو هادف يتٌبعه فاعل أو أكثر في التعامل مع مشكلة ما”(بن بلا،2012: 14) بشكل متوازي لا بد من بناء أو تحليلٌ للسياٌسات العامة ان ينٌظر الى الأبعاد الثلاثة الاتيةٌ بعينٌ الاعتبار:
- البعد السياسي
البعد السياسي من الأبعاد الضرورية لفهم كل سياسة عامة؛ فهو الذي يعطي معنى للأرقام والإحصائيات، وكذلك للوسائل المادية والسيولات المالية المستعملة في كل سياسة عامة. يُثار هنا نقاش حول موضوع الشرعية عند اتخاذ قرار ما، سواء كان القرار صادراً عن فرد أم مجموعة من الأفراد؛ فما الذي يجعل سياسة ما تتوافق مع المعتقدات التي يؤمن بها الشعب، مما يؤدي إلى قبولها؟ في المقابل، تواجه السياسات التي تمس نظم معتقدات الشعب مقاومةً ورفضاً، وهو ما يهدد بفشل مُقرري السياسة في تحقيق الأهداف المتوخاة منها. وبذلك، تصبح الشرعية مفتاحاً رئيسياً لفهم مدى نجاح السياسات أو إخفاقها، انطلاقاً من مدى توافقها مع القيم والمعتقدات الراسخة في المجتمع.
- البعد الاجتماعً
السياسة العامة تعبر عن”استجابة فعلية وواقعية للاحتياجات ومطالب المجتمع في ظرف معين ومن ثم فهي بمثابة بلورة لإرادة مجتمعية حيال القضايا والمشاكل العامة التي تتطلب تكاتف الجهود من اجل ايجاد حلاً يرضي جميع الاطراف”(الطيب،2000: 35), السياسة العامة هي خطط وأفعال تهدف إلى تلبية مطالب المجتمع بأقل تكلفة وأكبر منفعة ممكنة. وعليه، فإن السياسة العامة تُعد تعبيرًا واقعيًا عن قرارات تُتخذ لحل المشاكل المطروحة ذات الأثر الملموس، ولا يمكن اعتبارها مجرد نوايا أو رغبات تسعى مؤسسات الدولة لتحقيقها دون وجود تأثير فعلي على أرض الواقع.
- البعد الاقتصادي
ركيزة أساسية في صنع السياسات العامة؛ يُعد المال الوقود الحقيقي لكل سياسة عامة؛ إذ يرتبط تنفيذها على أرض الواقع بما يُرصد من موارد مالية تهدف إلى إنجاحها. غالباً ما تُبرر الحكومات عجزها عن مواجهة التحديات التي تعترض برامجها بنقص الاعتمادات المالية، وعدم توفر الوسائل الكافية لتحقيق الأهداف المنشودة. إلا أن هذه الحكومات تعتمد في تحصيل مواردها على المجتمع عبر أنظمة الضرائب المختلفة، لتعيد توزيعها لاحقاً عبر السياسات العامة القطاعية التي تُشرف عليها. وبذلك، يرتبط البعد المالي بمدى فعالية سياسات تعبئة الموارد التي تتبعها الحكومة والأجهزة التابعة لها.
الموارد المالية: مقياس للإرادة السياسية
إن أي سياسة عامة تفتقر إلى الوسائل المالية والاقتصادية الكافية تُصبح بلا مفعول يذكر، ما يعكس ضعف الإرادة السياسية للحكومة. وفي المقابل، يُشكل التمويل المستمر أو الاستثنائي لبعض البرامج الحكومية تعبيراً واضحاً عن أولوية القطاع المستهدف ومدى الاهتمام الرسمي به. النفط والتحولات الاقتصادية: نحو تراجع الأهمية
رغم أن النفط”فهو احد اهم مصادر الطاقة في العالم، وكلمة (النفط) مأخوذة من الفارسية (نافت) او (نافتا) وتعنى قابل للسيلان، كما ان كلمة النفط هي المرادف العربي لكلمة البترول petrolenm المشتقة عن مصطلح لاتيني مكون من كلمتين (petra) والتي تعني (الصخر) و(oleum) والتي تعني (الزيت)، ولهذا يدعى (الزيت الصخري)”(العواد؛2015: 8) لم ينضب كالمال، إلا أن أهميته الاقتصادية ستتراجع بلا شك مع ديناميكية التطور التكنولوجي واستمرار البحث عن بدائل أكثر استدامة. فالتغيرات المتسارعة تجعل من المستحيل بقاء العوامل الاقتصادية ثابتة، مما يعني أن الاعتماد على النفط سيتجه حتماً نحو الانخفاض، ليحل محله موارد وابتكارات تلبي متطلبات العصر.
ثالثا: تنفيذ السياسة العامة
المقصود بعمليةٌ التنفيذٌ هي”ترجمة الاهداف الى مجموعة من البرامج والاجراءات وخطوات العمل المنسقة والمتداخلة والمتكاملة، يقٌوم بها موظفون عاملون في مختلف الوحدات التنظيمٌيةٌ المكونة للإدارة العامة”(الدوري والاعرج؛1978: 164) وللحكومة الدور المهم في سن القوانينٌ واللوائح ومحاولة تطبيقٌها، وتقديمٌ الخدمات العامة للمواطنينٌ، وهي اللاعب المركزي والرئيسٌي في صنع السياٌسة العامة، الى جانب الجهات الاخرى، المساهمة في صنع السياٌسات العامة وهي “السلطة التشريعٌيةٌ، والاجهزة الاداريةٌ، والقضاء، وجماعات الضغط، والاحزاب، والراي العام” (ترابط،12:2011). أما عمليةٌ صنع السياٌسة العامة فهي”سلسلة من الأنشطة المعتمدة على بعضها البعض والمرتبة زمنيا والمتمثلة بوضع جدول الأعمال وصياٌغة السياٌسات وتبنيهٌا وتنفيذٌها وتقيمٌها”(ولياٌم؛2016: 107).
عملية اختيار السياسات العامة وتنفيذها
تبدأ عملية وضع السياسات العامة بمناقشة البدائل المقترحة، سواء كانت برامج أو مشاريع خدمية، أو مسودات أنظمة وقوانين تهدف لمعالجة قضية ما. وتخضع هذه البدائل للنقاش داخل المؤسسات الحكومية تمهيدًا لاختيار السياسة الأنسب التي تحقق المصلحة العامة.
دور النظام السياسي في تنفيذ السياسات
ترتبط فعالية تنفيذ السياسات العامة ارتباطًا وثيقًا بطبيعة النظام السياسي السائد، حيث يُحدِّد هيكل النظام وأدوار مؤسساته (الرسمية وغير الرسمية) مدى نجاح السياسات في تحقيق أهدافها. فالنظام السياسي الفاعل (القادر على تنسيق عمل المؤسسات والقوى المختلفة) يُعَدّ عاملًا حاسمًا في تحويل السياسات إلى نتائج ملموسة تخدم الصالح العام.
معيار التمييز بين الأنظمة السياسية
يُظهر نجاح أو فشل تنفيذ السياسات العامة مدى كفاءة الأنظمة السياسية، إذ تعكس القدرة على تلبية متطلبات المصلحة العامة الفروقات الجوهرية بين هذه الأنظمة، سواء في آليات صنع القرار أو في التعامل مع التحديات التنفيذية” فالنفط اصبح العنصر الرئيسي للقوة السياسية العراقية، وبما أن النفط يعاني من انخفاض حاد، فانه سوف يترك ازمات بين الاحزاب السياسية العراقية، التي تعتمد على النفط في برامجها السياسية”(البصري؛2016: 9).
من النية إلى التطبيق؛ آلية تحويل السياسات إلى واقع
تتحول السياسة بعد إصدارها من مجرد (نية) إلى إجراءات ملموسة عبر آلية تنفيذ واضحة تهدف إلى تحقيق الأغراض العامة التي وُضِعَت من أجلها. وتعتمد هذه العملية على دور المؤسسات في تصميم إطار عملي يشمل مراحل تنفيذ السياسة العامة:
- تصميم الإجراءات: وضع خُطوات تفصيلية لتنفيذ السياسة.
- تحشيد الموارد: توفير الموارد المادية والبشرية اللازمة.
- إسناد المهام: تكليف منظمة أو جهة محددة بمسؤولية التنفيذ.
- تعيين الكوادر: اختيار العاملين المؤهلين لإدارة الأنشطة.
- وضع القواعد التشغيلية: تحديد إرشادات واضحة للعمل مع منح مرونة في اختيار الوسائل وضبط الجداول الزمنية.
- متابعة الأنشطة: مراقبة سير التنفيذ وتقييم التقدم بشكل مستمر.
مراحل وفلسفة تنفيذ السياسة العامة:
- شروط بدء التنفيذ
لا يُشرع في تنفيذ السياسة إلا بعد توطيد أهدافها بشكل واضح، وصدور التشريعات الداعمة، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة.
- التمييز بين المفاهيم الأساسية؛ يجب التفريق بين:
- تنفيذ السياسة: آليات تحويل القرارات إلى أفعال عبر موظفين أو مؤسسات.
- أداء السياسة: كفاءة الإجراءات خلال التنفيذ.
- أثر السياسة: النتائج الفعلية على المشكلة المُستهدفة.
رغم ترابطها، تدرس (أثر السياسة) العواقب بعيدة المدى، بينما يركز (التنفيذ) على تحديد العوامل المؤثرة في تلك العواقب.
- حدود عملية التنفيذ
لا تضمن عملية التنفيذ الناجحة حل المشكلات أو تحقيق الآثار المرجوة، فقد تُنفَّذ السياسة بكفاءة ولكن دون تأثير ملموس بسبب:
- أخطاء في صياغة السياسة.
- تغيُّر الظروف المحيطة.
- يُعتبر الأداء الناجح شرطًا ضروريًا لتحقيق النتائج، لكنه ليس كافيًا بذاته، ما يُظهر أهمية الربط بين التصميم السليم والتنفيذ الفعّال.
إن جعل السياسة العامة تعمل وتحقق الأغراض التي صُنعت من أجلها هو رسالة الأجهزة الإدارية. ولا يقتصر (تنفيذ السياسة) على التطبيق الحرفي، بل هو عملية ديناميكية تشمل الاختبار والتغذية العكسية والتصحيح، ما يُتيح فرصة إصلاح الأخطاء ويكشف عن نقاط الضعف في أفكار السياسات بشكل واقعي. وبذلك يصبح (التنفيذ الفعال) هو الغاية الحقيقية للحكومات، حيث يُحوّل الأهداف النظرية إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
تتنوع الأطر والدراسات التحليلية لآليات تنفيذ السياسات العامة، ويمكن استعراض ثلاث مجموعات رئيسية منها:
- معوقات الابتكار في التنفيذ:
تركز هذه المجموعة على التحديات التي تعرقل الابتكار خلال عملية التنفيذ، حيث حدد (كوفمان) ١٦ عائقًا، منها:
محدودية الموارد والتكاليف المدمجة في النظام.
تفضيل الاستقرار وخوف النخب من التغيير (النفقات النفسية).
تراكم القيود الرسمية (كاللوائح) وغير الرسمية (كالعادات المؤسسية).
- الضبط التنظيمي وأدواته:
هي عملية يُنظم من خلالها المديرون توفير الموارد واستخدامها بكفاءة لتحقيق الأهداف، مع ضمان الالتزام بالقواعد والأوامر. وتتعدد مسميات هذه الآلية، مثل:
- القيادة والتنسيق الهرمي.
- إدارة العلاقات الإنسانية.
- النمط الديمقراطي أو الإذعان.
ويكون الإذعان (الالتزام الصارم بالتعليمات) الأكثر ارتباطًا بفعالية تنفيذ السياسات.
- التعارض بين المستويات الحكومية:
تدرس هذه المجموعة التوتر بين الحكومة المركزية والمحلية، خاصة في مدى توافق الخصوصية المحلية مع العمومية المركزية، وقدرة كل مستوى على توظيف إمكانياته لضمان التنفيذ.
المبحث الثاني: الاطار العملي
اولا: السياسة النفطية العراقية
يُمثِّل النفط العمود الفقري للاقتصاد العراقي، حيث يساهم بنسبة لا تقل عن ٤٠% من الناتج المحلي الإجمالي، و۷۰% من الإيرادات العامة، و۷۸% من الصادرات السلعية. ويُعَدُّ العراق من الدول الرائدة عالمياً في احتياطيات النفط، التي تتجاوز ١٤٥ مليار برميل، ما يضعها في المرتبة الرابعة بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية وإيران. ومع ذلك، شهدت هذه الاحتياطيات تقلبات حادة بين عامي ١٩٩٠ و٢٠٢3، نتيجة غياب رؤية اقتصادية واضحة ومؤسسات قادرة على إدارتها بشكل مستدام.
تكتسب صناعة التكرير أهمية استراتيجية للدول العربية، لا سيما في تأمين الاحتياجات المحلية من المشتقات النفطية، التي تُعدُّ مصدراً رئيسياً للطاقة. وفي ظل التوقعات العالمية بنضوب النفط خلال ستة عقود (بناءً على إحصاءات أوبك)، يُبرِز الواقع الحالي ضرورة استثمار الثروة النفطية لضمان النمو الاقتصادي والتنويع ما بعد النضوب.
سعياً لذلك، أطلقت الحكومة العراقية خطة طموحة لتحديث المصافي الحالية وإنشاء أربع مصافٍ جديدة بطاقة إجمالية تبلغ ٩٤٠ ألف برميل يومياً، بتكلفة ۳۰ مليار دولار، مُخطط لها بدء الإنتاج عام ۲۰۲۳. تتوزع هذه المصافِي كالتالي:
- الناصرية: ٣٠٠ ألف برميل يومياً.
- ميسان: ١٥٠ ألف برميل يومياً.
- كربلاء: ١٤٠ ألف برميل يومياً.
- كركوك: ١٥٠ ألف برميل يومياً.
يُركِّز دور (شركة النفط الوطنية العراقية) على تنفيذ السياسة النفطية الحكومية، حيث منحها قانون النفط والغاز (المسودة ٦) صلاحيات واسعة. إلا أن هذه الخطوة تواجه انتقادات لكونها هيكلاً بيروقراطياً تابعاً للحكومة، دون استقلالية حقيقية، حيث تُدار شركات مثل (نفط الجنوب) ضمن إطاره”ان اصدار قانون النفط والغاز قبل اصدار القوانين الأخرى سيجعل الشركات لا تلتزم بأي قانون يصدر لاحقا، والمطلوب وضع فقرة تلزم الشركات بالقوانين التي تصدر مستقبلاً” (الجواهري؛2007: 103).
من جهة أخرى، يُحذِّر الباحث من ثغرات في مسودة القانون، خاصة في المواد ذات العبارات الفضفاضة القابلة لتأويلات متضاربة. كما يُعبَّر عن قلقٍ كبير إزاء عقود مشاركة الإنتاج مع الشركات الأجنبية، التي قد تُهدد السيادة الوطنية وتُسبب خسائر مالية دون ضمانات للمصلحة العامة.
في هذا الإطار، يُطرَح السؤال الجوهري: هل النفط نعمة أم نقمة؟ تجربة النرويج تُظهر كيف تحوّل النفط إلى مصدر للرفاهية عبر مؤسسات فعالة، بينما تحوّل إلى عبء في فنزويلا بسبب سوء الإدارة. التحدي الأكبر للعراق لا يكمن في حجم احتياطياته، بل في بناء مؤسسات قادرة على تحويل (الذهب الأسود) إلى محرّك للتنويع الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، بعيداً عن المخاطر القانونية والعقود المجحفة.
عمومًا، يرى الباحث أن القانون يتضمن عددًا من الثغرات التي ينبغي للصياغة النهائية أن تتجاوزها، وبخاصة في المواد التي تنطوي على مقولات عمومية وغير محددة وقابلة للتفسير بمعانٍ مختلفة. إلا أن الأخطر من ذلك هو نوعية العقود التي ستُبرَم في ظل هذا القانون، حيث تبدو وزارة النفط أكثر تحمسًا لنمط عقود مشاركة الإنتاج. هذه العقود تنطوي على مضامين خطيرة بالنسبة لمستقبل النفط في العراق، كما أنها تُهدِر موارد البلاد عبر خسائر كبيرة لا مبرر لتقديمها هبةً مجانية للشركات الأجنبية.
تعاني مسارات السياسة النفطية في العراق من غموضٍ واضح منذ عام 2003، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل أساسية:
- غياب الإطار الاستراتيجي الشفاف:
- افتقار الحكومات المتعاقبة إلى سياسة نفطية عامة وواضحة، مما أدى إلى تغييرات متكررة في التوجهات دون معايير مُحدَّدة.
- اعتماد القرارات النفطية على اعتبارات قصيرة الأمد بدلًا من رؤية مستقبلية مستدامة.
- عدم استقرار القيادة وتأثيرات خارجية:
التغيير المتسارع لوزراء النفط؛ تَسبَّب التعاقب السريع للوزراء في تغييرات جذرية في الرؤية السياسية لكل مرحلة، نتيجة:
- اختلاف الانتماءات الأيديولوجية للوزراء.
- ضغوط الشركات النفطية العالمية لصياغة السياسات بما يتماشى مع مصالحها.
- تناقض الأولويات؛ غياب التكامل بين سياسات الوزراء بسبب عدم وجود خطة وطنية موحَّدة.
- الصراعات الداخلية ضمن وزارة النفط:
- وجود خلافات عميقة بين الكتل المتنفذة داخل الوزارة حول آليات إصلاح القطاع النفطي.
- تداخل المصالح الشخصية والجماعية مع المصلحة العامة، مما أعاق تطبيق إصلاحات جوهرية.
النتيجة؛ تبقى السياسة النفطية العراقية عرضة للتردد والاضطراب، مما يُعيق استغلال الثروة النفطية بشكلٍ أمثل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ثانيا: التحديات التي تواجه صناعة النفط العراقية في ظل الظروف الراهنة
التحديات الرئيسية التي تعيق النهوض بقطاع النفط العراقي وتحد من دوره في التنمية:
التحديات الداخلية
- فقدان الأمن والاستقرار: يُعدّ البيئة الأمنية المضطربة عائقًا أساسيًا أمام تطوير القطاع وجذب الاستثمارات.
- البنية التحتية القديمة: تُعاني المنشآت النفطية من تدهور البنى التحتية والتقنيات غير المُحدَّثة، مما يُقلل الكفاءة الإنتاجية.
- الفساد في القطاع النفطي: تُضعف الممارسات الفاسدة إدارة الموارد وتُعيق الشفافية في صناعة القرار.
التحديات الخارجية
- السياسة الدولية للحد من التلوث: تفرض قيودًا متزايدة على الصناعات النفطية، مما يُعقِّد عمليات التطوير.
- التغيرات الهيكلية في شركات النفط العالمية: تحوُّل الشركات نحو الطاقة المتجددة يُقلص فرص الشراكات الاستثمارية التقليدية.
- الخصخصة وأثرها في القطاع النفطي: تضارب الرؤى حول خصخصة القطاع يُهدد استقرار إدارته ويُعيق جذب الاستثمارات.
تواجة الحكومة العراقية تحديات كبيرة في تطوير الصناعة النفطية، أبرزها:
- صعوبة وضع وتنفيذ استراتيجيات فعالة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الحالية.
- ضعف كفاءة إدارة الموارد المتاحة، مما يُقلل من فعالية الخطط التنموية.
في المقابل، يُمكن أن يُساهم تركيز العراق على إعادة الإعمار في زيادة حصة الصادرات النفطية على المدى المتوسط، نتيجة تحسين البنى التحتية. لكن تبقى القيود المستقبلية جاثمة، حيث يعجز العراق (خاصة في المستقبل المنظور) عن تحقيق زيادة كبيرة في الإنتاج النفطي، بسبب تراكم التحديات الهيكلية والدولية.
وتأسيسا على ما سبق؛ أشارت دراسة حديثة إلى أهمية تبني سياسة نفطية وطنية شاملة لتعزيز التنسيق بين الجهود وضمان الاستخدام الأمثل للموارد، بما يخدم الأهداف الاستراتيجية للدولة. وفي هذا السياق، طرح جعفر عبد الغني (المستشار الأول السابق في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية – UNIDO) رؤيةً لسياسة نفطية وطنية تقوم على إطارين زمنيين متكاملين:
الإطار الأول للسياسة النفطية؛ وهو قد يمتد بين أربعة وخمسة أعوام، ويعتمد على التوجه لتعبئة كافة الموارد المالية والاقتصادية والبشرية وفقا لبرنامج مكثف لانتشال العراق من أزمته الحالية، ومن التركة الثقيلة التي كبلَّه بها النظام السابق، والدمار الواسع الذي أضافته العمليات العسكرية الأمريكية- البريطانية. وتكون المهام إعادة الإعمار والإيفاء بالتزامات العراق الخارجية . وهو ما يقتضي التوسع إلى أقصى حد ممكن في إنتاج وتصدير النفط مستفيدين قدر الإمكان من الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الخارجية لتأمين أكبر قدر ممكن من الموارد المالية، وتوجيهها حصرا لعملية الإعمار الاقتصادي والاجتماعي الداخلي. وذلك من أجل تأمين القدرة على إعادة البناء والتجديد الذاتي للاقتصاد العراقي.
وعليه يرى الباحث ان الأهداف الرئيسية للإطار الزمني القصير الأجل يتمثل بــ:
- معالجة التحديات العاجلة في قطاع النفط.
- رفع الكفاءة التشغيلية للعمليات النفطية.
- تطوير البنى التحتية المرتبطة بالإنتاج والتوزيع.
- ضمان استقرار الإمدادات المحلية وتلبية الطلب الداخلي.
أما الإطار الثاني للسياسة النفطية؛ فيتوجه نحو تصحيح التركيبة الداخلية لمكونات الدخل القومي وبناء اقتصاد متوازن يبتعد بالتدرج عن الاعتماد على الموارد النفطية وينحو باتجاه تنويع قاعدة الإنتاج المادي والخدمي للاقتصاد العراقي لكي تستجيب لحاجات الطلب الداخلي والخارجي بإنتاجية وكفاءة عاليتين. ويجري العمل في هذه المرحلة على تقليص الاعتماد على الموارد النفطية والتركيز على تنمية الموارد الاقتصادية والمالية البديلة. إذ لا بد من إيجاد موارد بديلة لرفد الميزانية العامة للدولة من مصادر الضرائب والرسوم والإيرادات من المؤسسات العامة المختلفة والتقليص المتعمد والتدريجي في الاعتماد على الموارد النفطية في تمويل الميزانية. ويتوجب على السلطة الوطنية الالتزام الصارم بمبدأ تخصي ص الموارد النفطية لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية حصراً، وعدم الانجرار وراء التخصيصات الجانبية في هذا اﻟﻤﺠال أو ذاك لأهداف سياسية ومناطقيه خاصة.
الباحث يرى ان المحاور الاستراتيجية للإطار الزمني الطويل الأجل يتمثل بــ:
- تعزيز الاستدامة في قطاع النفط عبر تبني تقنيات مبتكرة.
- تنويع مصادر الطاقة لتقليل الاعتماد على النفط التقليدي.
- دمج السياسات النفطية مع خطط التنمية الاقتصادية والبيئية.
- بناء شراكات دولية تدعم نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية.
يُمكّن هذا النموذج الزمني (التكامل بين الإطارين) من:
- تحقيق التوازن بين حل المشكلات الفورية (كالنقص في الإمدادات) والتخطيط لمستقبل مستدام.
- تعزيز المرونة في مواجهة التقلبات العالمية في أسواق الطاقة.
- تحويل التحديات إلى فرص عبر الربط بين السياسات النفطية والأهداف التنموية الشاملة.
بذلك، يُشكّل هذا المقترح خارطة طريق لتحقيق أمن طاقوي واقتصادي مستدام، مع الحفاظ على الموارد للأجيال القادمة.
ثالثا: العوامل المؤثرة على تنفيذ السياسة النفطية
تُعد الموازنة العامة أداة محورية في اقتصاديات الدول النامية، حيث تجسّد خطة مالية شاملة تعكس أولويات الحكومات وسياساتها لتحقيق الأهداف التنموية. وتنبع أهميتها من دورها المزدوج:
- كأداة تخطيط مالي؛ تتمثل في توزيع الموارد اذ يتم:
- تحديد أولويات الإنفاق العام وفقًا للأهداف الاستراتيجية (كالتعليم، الصحة، البنية التحتية).
- تحقيق التوازن بين الاحتياجات الفورية والمشاريع طويلة الأجل.
وكذلك تعزيز الكفاءة حيث يتم ترشيد استخدام الموارد المالية والبشرية عبر توجيهها نحو البرامج ذات الأثر التنموي الأعلى.
- كأداة رقابة تشريعية؛ تتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية اذ يتم:
- تُصادق السلطة التشريعية على الموازنة لضمان التزام الحكومة بتخصيص الاعتمادات للأغراض المُقرّة.
- مراقبة تنفيذ البرامج والتحقق من عدم الانحراف عن الأهداف المعلنة.
وكذلك تعزيز الشفافية حيث يتم:
- إلزام الجهات الحكومية بتقديم تقارير دورية حول استخدام الموارد.
- محاربة الفساد عبر إخضاع الإنفاق العام للمساءلة القانونية.
باختصار، تُشكّل الموازنة العامة جسرًا بين التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الفعّال، مما يجعلها ركيزةً لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية.
العوامل السياسية
ارتبط النفط تاريخيًا بكونه وقودًا للصراعات السياسية والأزمات الدولية، حيث تشير الدراسات إلى أن هذه العلاقة تعود إلى مطلع القرن العشرين، مع تصاعد أهميته كعامل جيوسياسي حاسم.
تعود الجذور التاريخية للصراعات النفطية الى بداية القرن العشرين حيث:
- تحوّل النفط إلى محرك رئيسي للأزمات الدولية، خاصة بعد استخدامه كطاقة للآلات العسكرية والصناعية.
- تصاعد التنافس الاستعماري بين الدول الكبرى للسيطرة على مصادر النفط” ليس ثمة مبالغة في القول ان تاريخ الاطماع الاستعمارية هي أولا ذات دوافع اقتصادية قبل ان تكون سياسية، لان الأوربيين قبل وبعد الثورة الصناعية انتشروا في جميع اصقاع العالم بحثا عن الثروات والمعادن لخدمة مصالحهما، وقد مهد اكتشاف النفط في الشرق الأوسط لان تصبح هذه المنطقة جزءا مهما وأساسيا من التنافس الاستعماري منذ بدايات القرن العشرين” (فهمي؛2009: 134)
وصولا الى ما بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) حيث:
- أصبح تأمين إمدادات النفط أولوية استراتيجية لدعم العمليات العسكرية والصناعة.
- ظهرت أولى ملامح “السياسة النفطية” كأداة للهيمنة الدولية.
حيث كان للقوى الصناعية دور في تشكيل السياسات النفطية متمثلا في:
الهيمنة الغربية:
- تستهلك الدول الصناعية الكبرى (خاصة الأعضاء في المنظمة الدولية للطاقة) نصف الإنتاج العالمي للنفط تقريبًا.
- مارست هذه الدول ضغوطًا مباشرة لتوجيه سياسات الأسعار، لا سيما عبر شركات النفط العابرة للقارات.
وكذلك كانت الولايات المتحدة الأمريكية نموذجًا حيث:
- قادت سياسات دعم الهيمنة النفطية عبر التحالفات الدولية وفرض شروط على الدول المنتجة.
- استخدمت النفوذ الاقتصادي والعسكري لحماية مصالحها في مناطق إنتاج النفط (كالشرق الأوسط).
ولعب النفط كعامل استراتيجي بعد الحرب العالمية الأولى في:
الأبعاد العسكرية:
اعتماد الجيوش الحديثة على النفط جعله سلاحًا غير مباشر في الحروب.
الأبعاد الاقتصادية:
- تحكّم الدول المُنتجة في أسعار النفط أدى إلى صراعات حول (السيادة على الموارد).
- ظهور منظمات مثل أوبك كرد فعل لمحاولة موازنة القوة بين المنتجين والمستهلكين.
لا تزال هذه الديناميكيات (الآثار المستمرة للنفط على الصراعات الحديثة) تُشكّل واقع القرن الحادي والعشرين، حيث:
- يُستخدم النفط كأداة ضغط في الصراعات الإقليمية (مثل أزمات الشرق الأوسط).
- تُهيمن القوى الكبرى على سلاسل الإمداد العالمية لضمان أمنها الطاقوي.
بهذا، يبقى النفط أحد أقوى الروابط بين الاقتصاد والسياسة (وهو ما يجعله محورًا لا ينفك عن تشكيل خريطة الصراعات العالمية) من خلال وسائل متعددة كان من أهمها “بناء مخزون استراتيجي من النفط، والاستثمار في استخراجه من منطقة بحر الشمال في النرويج حيث ترتفع كلفة الإنتاج، إضافة إلى التأثير المباشر على الدول المنتجة وحثها على زيادة الإنتاج، مثال على ذلك حالة المملكة العربية السعودية ودول الخليج”(توفيق؛2011: 210) من المعروف ان النفط ركيزة العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الخليجية حيث الخزان الأكبر من الاحتياطي النفطي في العالم والذي يتوقع إلا ينضب قبل (١٠٠) سنة فيما قد ينضب الاحتياط الآخر في العالم بعد ( ٢٥ ) سنة.”تهدف السياسة النفطية الأمريكية الجديدة إلى توسعة وتنويع الإمدادات النفطية في خطة شاملة بعيدة الأمد هدفها جعل الولايات المتحدة أكثر أمانا من ناحية الطاقة ولدعم النمو العالمي والديمقراطية والاستقرار”(باول،2004)
لا يمكن لدول أوبك الخليجية رفض السياسة النفطية الأمريكية الجديدة، نظرًا لاعتمادها شبه الكلي على تصدير النفط كمصدر رئيس للدخل، وضعف هياكلها الإنتاجية التي تُعيق تنويع اقتصاداتها. يضاف إلى ذلك التأثير الأمريكي القوي على اقتصادات هذه الدول، مدعومًا بالتقدم التكنولوجي والهيمنة الاقتصادية العالمية عبر آليات الانفتاح التجاري. في هذا السياق، تُصبح مواءمة السياسة الأمريكية ودوافعها الاستثمارية ضرورةً تحتمها المصلحة الاقتصادية، شرط ألا يتعارض ذلك مع الحفاظ على النمط الاستثماري الذي تريده الدول المنتجة، دون تنازلات تُهدد أولوياتها التنموية. وفيما يخص العراق فقد توصل الباحث الى الآتي:
- إذا قرر العراق الخروج من منظمة أوبك لتعزيز طاقته الإنتاجية دون الالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها، فمن المُتوقع أن تُقدم الدول الأعضاء في المنظمة على خفض إنتاجها النفطي لدعم استقرار الأسعار العالمية. هذا التخفيض سيؤدي إلى انخفاض العائدات النفطية ليس لدول أوبك فحسب، بل ولجميع الدول النفطية الأخرى، حيث سيدخل السوق في حالة من الفائض المعروض مقابل تراجع الطلب، مما يُفاقم الخسائر ويُضعف الوضع الاقتصادي لجميع الأطراف، ويجعل المنتجين في موقفٍ أقلَّ ملاءمةً للجميع.
- تحرص منظمة أوبك على بقاء العراق ضمن عضويتها، نظرًا للدور المحوري الذي يلعبه النفط العراقي في تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية. فتوازن السوق النفطي، المدعوم بالالتزام بحصص الإنتاج، يضمن حِفاظًا على مستوى أسعارٍ مُرضٍ لجميع الأطراف، مما يعني تعزيز العوائد المالية للعراق والدول المنتجة الأخرى. وبالتالي، فإن أي انسحاب للعراق قد يُخلّ بهذا التوازن، ويُهدد مصالح المنظمة وأعضائها عبر تراجع الأسعار وانخفاض الدخل الجماعي.
- تعاني الطاقة الإنتاجية النفطية حاليًّا من محدودية في زيادتها، حيث تكاد لا تتجاوز الحصص المُخطَّط لها (٣٫٧ مليون برميل يوميًّا)، وذلك بسبب عمليات التخريب المتكررة التي تستهدف أنابيب نقل النفط بشكلٍ متعمد. هذه الاضطرابات تؤدي إلى إعاقة قدرة القطاع على الوفاء بالحصص الإنتاجية المطلوبة، مما ينعكس سلبًا على استقرار الإمدادات ويُهدد العوائد الاقتصادية المُتوقعة.
- في ظل الدور الاستراتيجي للعراق كواحد من أبرز المنتجين والمصدرين للنفط الخام عالميًّا، تُشكِّل التطورات السياسية المقبلة فيه عاملًا محوريًّا في تحديد اتجاهات أسواق النفط العالمية. فعدم الاستقرار السياسي أو التحوُّلات الجذرية في المشهد الداخلي قد تؤدي إلى تقلبات حادة في إمدادات النفط العراقي، مما ينعكس مباشرةً على توازن العرض والطلب العالمي، ويُهدد استقرار الأسعار. وبالتالي، تظل مراقبة الأوضاع السياسية العراقية ضرورةً لاستباق أي صدمات محتملة في سلسلة الإمدادات، خاصةً مع اعتماد الاقتصادات الكبرى بشكلٍ متزايد على النفط الخام كعصبٍ للصناعة والنقل.
التوترات الجيوسياسية
تُعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، موطن أغنى مصادر النفط العالمية، محركًا رئيسيًّا لتقلبات أسعار النفط حتى دون حدوث تغييرات ملموسة في كميات العرض أو الطلب. فمُجرد تصاعد التوترات في المنطقة يُثير مخاوف المُستثمرين من اضطراب الإمدادات، مما قد يُسبب ارتفاعًا حادًّا في الأسعار. وفي المقابل، قد تؤدي أي بوادر لتهدئة الأوضاع إلى انخفاضها، رغم استقرار المُعطيات الفعلية للإنتاج والاستهلاك. هذه الديناميكية تُظهر مدى تأثر السوق النفطية بالعوامل النفسية والسياسية، أكثر من اعتمادها على المؤشرات الاقتصادية التقليدية أحيانًا”فأسواق النفط قد تدفع نحو الارتفاع في الأسعار عندما تكون هنالك مخاوف من تعطل محتمل للإمدادات المستقبلية والعكس صحيح”(خضر،2006: 12)، سيُحافظ الغموضُ المحيط بمستقبل أوكرانيا والآفاق غير المُستقرة لصادرات النفط الإيرانية على حذر المنتجين الأجانب من التوجُّه نحو زيادة المعروض النفطي لخفض الأسعار خلال الصيف. فالتوترات الجيوسياسية في أوكرانيا، إلى جانب عدم اليقين بشأن حجم النفط الإيراني القادر على دخول السوق العالمية، يُنذران باضطراباتٍ محتملة في سلاسل الإمداد. هذا الوضع يدفع الدول المنتجة إلى التريث في اتخاذ قرارات توسيع الإنتاج، خشيةَ أن تُفاقم أي زياداتٍ مفاجئة في العرض من انهيار الأسعار، خاصةً مع هشاشة التوازن الحالي بين العرض والطلب في السوق النفطية.
التقدم التكنولوجي( متغير داخلي)
واجهت الصناعة النفطية العراقية تحدياتٍ جسيمةً نتيجة التخلف التكنولوجي المُزمن الذي خلَّفته سياسات ما قبل عام ٢٠٠٣. فَرغم امتلاك الملاكات الفنية العراقية خبراتٍ واسعةً، إلا أن غياب الاستثمار في تحديث البنى التحتية حال دون مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في القطاع النفطي. وقد أدى هذا الجمود إلى تراجع القدرات الإنتاجية، مع نقصٍ حادٍّ في المعدات والآلات المتخصصة، بينما نجحت دولٌ أخرى (لها ظروفٌ مماثلة) في تعزيز طاقتها الإنتاجية وتوسيع حصصها السوقية بفضل تبنيها مناهجَ تكنولوجيةً متقدمة. في هذا السياق، اضطر العراق إلى تعزيز التعاون مع الشركات النفطية الدولية لتعويض الفجوة التكنولوجية، عبر اعتماد تقنيات حديثة مثل الاستخلاص المعزز للنفط (Enhanced Oil Recovery)، سعيًا لرفع الكفاءة الإنتاجية واستعادة القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
حوَّلت التطورات التكنولوجية مسار الصناعة النفطية عبر تحقيق أرباحٍ غير مسبوقة في مراحلها الإنتاجية الأولى، وذلك عبر التحكم الدقيق في التكاليف ورفع الكفاءة. فعلى سبيل المثال، ساهمت تقنيات مثل الاستشعار عن بُعد في مرحلة الاستكشاف في تحديد الموارد بدقةٍ أعلى، بينما قلَّل الحفر الأفقي من الهدر المالي خلال مرحلة الاستخراج. ولا يُمكن إغفال دور التكنولوجيا في تطوير الحقول البحرية، حيث سمحت منصات الحفر الذكية وأنظمة التحكم الآلي باستخراج النفط من أعماقٍ لم تكن مُتاحةً سابقًا، مع الحفاظ على هوامش ربحٍ مُرتفعة رغم التحديات التقنية. هكذا أثبتت الابتكارات أن التكاليف المُنخفضة والكفاءة العالية لم تعُدا حلمًا، بل واقعًا حوَّل المناطق ذات الظروف الصعبة إلى فرصٍ ذهبية للاستثمار، حتى في ظل تعقيدات جيولوجية ولوجستية “ففي بداية الستينات كان الإنتاج ضئيلاً جداً في هذه المناطق ثم ارتفع إلى ما يقرب ثلث الإنتاج النفطي العالمي لعام ١٩٩٥”(خليل؛1997)
الارتباط غير المشروع بين السلطة والثروة
تتحوَّل الثروات الريعية (رغم ضخامتها) إلى نقمةٍ تعرقل التنمية وتُعزز الاستبداد عندما تُساء إدارتها. فبدلًا من أن تكون وقودًا للنمو الاقتصادي، تُصبح أداةً لتكريس الأنظمة السلطوية عبر إهدار العوائد في الإنفاق الترفي أو التسلح المُبالغ فيه، كما حدث إبَّان حكم النظام البعثي، حيث حوَّل الثروة النفطية إلى ذريعةٍ لقمع الحريات وتمويل الحروب التوسعية. يُفاقم غياب الشفافية في توزيع الموارد من هذه الآثار، إذ تُستغل الثروة لترسيخ هيمنة النخب الحاكمة، بينما تتراجع الاستثمارات في البنى التحتية والتعليم، مما يُغذي بيئةً سياسيةً هشةً تُسيطر عليها الصراعات الداخلية” لقد كلفت حروب العراق النفطية على مدى أكثر من عقدين خسائر تقدر بترليوني دولار تقريبا سواء بالتدمير المباشر لهيكل الاقتصاد وبناه التحتية ، أو ضياع فرص النمو والتنمية بما في ذلك تعويق قطاع النفط”(صالح؛2009: 22). هكذا تُظهر التجارب التاريخية أن إدارة الثروة بلا رؤيةٍ تنمويةٍ لا تُعيق الاقتصاد فحسب، بل تُنتج أنظمةً تُقدِّم مصالحها الضيقة على حساب مستقبل الشعوب.
العوامل السلوكية أو النفسية (المضاربين في الأسواق النفطية)
وهناك أيضا عوامل أخرى تؤثر على السياسة النفطية ويمكننا تسميتها بالعوامل السلوكية أو النفسية وهي”توقعات المضاربين في الأسواق النفطية وأثرها على عمليات بيع وشراء النفط في الأسواق الدولية، كالتوقعات بحدوث نقص في الإمدادات نتيجة لنشوب الحروب أو التوترات في مناطق إنتاج النفط”(المزيني،2013: 339).
رغم أن العراق لا يستطيع التحكم المباشر في سلوكيات المضاربين، إلا أن تطوير آليات مرنة لإدارة المخاطر واعتماد سياسات اقتصادية متنوعة قد يُخفف من تأثيراتها السلبية على سياساته النفطية واقتصاده الوطني.
الصدمات الخارجية أو العالمية (Global or External Shocks)
تُمثِّل الصدمات الاقتصادية الخارجية أحداثًا غير متوقعة تُهَدِّد استقرار اقتصاد أي دولة، دون أن يكون لها سيطرة على أسباب حدوثها أو تأثير فاعل في تجنُّبها، وذلك لصعوبة توقُّعها أو قياس انعكاساتها بدقة، خاصةً مع نشأتها خارج حدودها الجغرافية. ولا تُؤثِّر هذه الصدمات على الاقتصاد المحلي فحسب، بل قد تتفاوت حِدَّة تداعياتها لتطال أنظمة اقتصادية عالمية مختلفة. ويُعدُّ التقلب الحاد في أسعار النفط مثالًا بارزًا على هذه الصدمات، حيث يُشكِّل عاملًا حاسمًا في اضطراب الأنشطة الاقتصادية، وخصوصًا في الاقتصاد العراقي ذي الطبيعة الهشة، الذي يرتهن بشكلٍ مُطْلَق لإيرادات النفط كمحرك أساسي لتمويل موازنته واستقراره المالي. وتعرف الصدمات في كونها”الحدث الذي ينتج عنها تغير كبير ومفاجئ والذي يكون غير متوقع في معظم الاحيان، وهذه الصدمات اما ان تكون ايجابية عندما تؤدي الصدمة الى تحسن في قيمة المتغير، أو سلبية عندما تؤدي الى تدهور قيمة المتغير الاقتصادي”(يونس؛2010: 6).
أسعار النفط الخام
يُعَبِّر “السعر النفطي” عن القيمة المالية لبرميل النفط الخام، والتي تُقاس بوحدة البرميل وفق المعايير الدولية، ويُحَسَّب بالدولار الأمريكي نظرًا لسيادة الأخير في المعاملات الاقتصادية والمالية العالمية”السعر المعلن، والسعر المتحقق، والسعر الضريبي وسعر الاشارة”(الهيتي، ب ت: 117). ولا تقتصر آلية تحديد هذا السعر على منهجية واحدة، بل تتنوع وفقًا لآليات تسعيرية تعكس اختلافات في العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، أبرزها:
الأسعار الفورية: تُحدَّد بناءً على العرض والطلب المباشر في السوق.
الأسعار الآجلة: تُستَنَد إلى عقود مستقبلية تُحدد سعر النفط مسبقًا في تواريخ محددة.
الأسعار المرجعية: مثل سعر خام برنت (المعيار الأوروبي) وخام غرب تكساس الوسيط (المعيار الأمريكي)، والتي تُستخدم كمؤشرات عالمية لتسعير النفط.
تتسم أسواق النفط العالمية بعدم الاستقرار، مما يجعل أسعار النفط عُرضةً لتقلبات حادة ومستمرة تنعكس سلبًا على إيرادات الدول المنتجة والمصدرة، وتجعلها عُرضةً لاضطرابات مالية تثير قلقًا دوليًا واسعًا”فإذا كانت عجلة النشاط الاقتصادي تدور بصورة جيده فان الطلب العالمي على النفط سيزداد لتلبية احتياجات الاقتصاد الدولي بالطاقة اللازمة من النفط، والعكس صحيح” (عبود؛2011: 100). ويعود هذا التقلب التاريخي إلى عوامل متشابكة، أبرزها:
- السيطرة التاريخية للشركات الاحتكارية: سيطرت شركات النفط الكبرى تاريخيًا على أغلب حقول الإنتاج وسلسلة الصناعة النفطية كاملةً (من الاستخراج إلى التوزيع)، مما منحها سلطة تحديد الأسعار ومستويات الإنتاج في الدول المنتجة، خاصةً تلك الضعيفة التي لم تكن قادرة على مواجهة هيمنتها.
- تأثر الطلب العالمي بعوامل اقتصادية: يُحدَّد الطلب على النفط بشكل رئيسي بحركة الاقتصاد العالمي، مثل:
- أداء الاقتصادات الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة، دول أوروبا الغربية، اليابان(.
- نمو الاقتصادات الناشئة (الصين، الهند، وغيرها) التي تُساهم بزيادة الاستهلاك العالمي.
عوامل الطلب والعرض في السوق النفطي
يتشكَّل الطلب العالمي على النفط تحت تأثير مجموعة من العوامل الرئيسية، أبرزها:
- معدل النمو الاقتصادي العالمي:
يرتبط الطلب على النفط ارتباطًا مباشرًا بوتيرة النمو في الاقتصادات الكبرى والناشئة؛ فكلما تسارع النمو الاقتصادي، زادت الحاجة إلى الطاقة لدفع عجلة الإنتاج والاستهلاك.
- السياسات الحكومية في الدول المستهلكة:
- الضرائب على المشتقات النفطية: تُطبَّق لخفض الاستهلاك أو لزيادة إيرادات الخزينة العامة.
- رفع أسعار المشتقات النفطية :كإجراء يُهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات النفطية أو حماية البيئة.
- تشجيع خفض الاستهلاك: عبر حملات توعوية أو تشريعات تحدّ من الهدر.
- دعم تطوير الطاقة البديلة:
- توجُّه الحكومات إلى تمويل مشاريع الطاقة المتجددة (كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح) لخفض الاعتماد على النفط في إنتاج الطاقة.
- تحسين كفاءة استخدام النفط عبر تكنولوجيا حديثة تُقلل الكمية المُستهلَكة لإنتاج كل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي.
يتأثر العرض العالمي للنفط بعدة عوامل مُعقدة ومترابطة، أبرزها:
- الأسعار النفطية وتكاليف الطاقة البديلة:
- ارتفاع أسعار النفط يُحفز زيادة الإنتاج واستثمارات الاستخراج، بينما انخفاضها قد يُقلل الجدوى الاقتصادية للمشاريع النفطية”فارتفاع اسعار النفط وتعاظم حجم الإيرادات النفطية يتيح المرونة الكافية للسياسة المالية، فما أن تتأكد البلدان المنتجة من استمرار اتجاه ارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية حتى تبدأ توسع قنوات الاتفاق العام”(الكواري؛2009: 84(.
- تنافس مصادر الطاقة البديلة (مثل الطاقة الشمسية والرياح) يؤثر على توجيه الاستثمارات نحو قطاعات بديلة عن النفط.
- سياسات الدول المستهلكة:
دعم الحكومات لعمليات الاستكشاف والتطوير النفطي داخل أراضيها لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
- التقدم التكنولوجي:
- ابتكارات تكنولوجية مكَّنت من استغلال المناطق النفطية ذات التكلفة العالية أو الصعبة (مثل استخراج النفط من المياه العميقة أو الصخور الزيتية(“وبجمع كلف التطوير والأدامة ستبلغ خسائر العراق مبلغاً خيالياً قدره ٧٥ مليار دولار خلال الفترة الزمنية ٢٠١٧ -۲۰۳۰” (المعصوري والجميلي؛2011: 56).
- تحرير التجارة العالمية ساهم في تسريع نقل التكنولوجيا وزيادة الإنتاج.
- حركة المخزون الاستراتيجي:
تلجأ الدول المستهلكة إلى زيادة المخزون النفطي عند توقُّع أزمات مستقبلية (اضطرابات سياسية، كوارث طبيعية، أو اختلالات في الإمدادات) لضمان استقرار الإمدادات وتجنب النقص.
ولأسباب عديدة تجعل من اسعار النفط في تذبذب منها: (مهدي،2015: 11)
- ظاهرة المضاربة التي تتعرض لها الصناعة النفطية بشكل عام.
- الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط ساهم بشكل كبير في تشجيع البلدان التي تمتلك احتياطات من النفط الحجري ورمال القار فأنتجت بلدان ككندا ما يقارب ( 9 مليون/ ب) مما أدى إلى زيادة المعروض النفطي.
- انخفاض معدلات النمو الاقتصادي العالمي الذي أدى إلى تخفيض معدلات الاستهلاك العالمي من النفط الخام، فضلاً عن عوامل سياسية أخرى ساهمت بشكل أو باخر في انخفاض أسعار النفط
فشل السياسات الاقتصادية
في خضم هذا الواقع المتسم بتخبُّط السياسات الاقتصادية، غابَت أهدافٌ واستراتيجيات واضحة للتنمية، كما أُهمِل توجيه الموارد النفطية نحو القنوات الحيوية التي يُمكنها إحداث تحوُّل جذري في الهيكل الاقتصادي التقليدي الذي ما يزال العراق يرزح تحت ثقله”تظهر الأهمية الاستراتيجية للنفط من خلال استخدامه من جانب الدول المنتجة كأحد أدوات السياسة الاقتصادية الهامة في مجال الانفتاح على العالم الخارجي في كافة المجالات، وفي تسيير النشاط الاقتصادي عموماً”(الدوري، 1988: 258).
يُفترض أن تشكّل عوائد الموارد النفطية قوة دافعة للاقتصاد عبر توفير موارد كافية تتناسب مع احتياجات الاستثمار، مما يمكّن الاقتصاد الوطني من الانطلاق نحو مرحلة النمو الذاتي وإحداث تحوّلات بنيوية جذرية. إلا أن غياب استراتيجية تنموية واضحة، وسوء توزيع عوائد هذه الثروة، يؤديان حتمًا إلى إفشال مسيرة التنمية، ليظل الاقتصاد عاجزًا عن الاعتماد على نفسه، مرتهنًا بالريع النفطي، وفاقدًا فرصته التاريخية للانطلاق نحو مستقبل مستقر ومزدهر.
رابعا: تعزيز السياسة النفطية
فيما يتعلق بمستقبل النفط في العراق، تَنُوعَتِ الآراء والسيناريوهات المُقترحة، والتي يُمكن تلخيصها بشكل أساسي في خمسة مسارات مُحتملة، هي:
المسار الأول: الخصخصة الكاملة
فهناك من ينادي”بإيقاف سيطرة الدولة على الثروات النفطية وتحريرها من سيطرة الدولة، ودعوة شركات النفط الأجنبية والمؤسسات الاستثمارية إلى العمل بشكل أو بآخر على استلام مسؤولية الإدارة والإنتاج وتطوير الطاقات الإنتاجية في الصناعة الاستخراجية”(الجلبي،2005: 165).
المسار الثاني: حل ألاسكا
لطالما ساد العراق لعقودٍ (المجتمع الريعي النخبوي)، الذي حَصَر الامتيازات في يد النخب واعتمد على شراء الولاء عبر توزيع المنافع، مما عمّق الفجوة بين المواطن والدولة. في هذا السياق، يُطرح حلٌّ جذريٌ يتمثل في توزيع الثروة النفطية وجزءٍ من عوائدها مباشرةً على الشعب العراقي، ليصبح المواطنون حملة أسهم فيها. بهذه الخطوة، ينتقل العراق إلى مرحلة (المجتمع الريعي الشعبي)، حيث يُموّل المواطنون حكومتهم عبر الضرائب على الدخل والأسهم، ويُخضعونها للمحاسبة على أدائها. لا يقتصر هذا النموذج على كسر احتكار النخب للثروة فحسب، بل يُوسّع قاعدة المشاركة المجتمعية في إدارة الثروة الوطنية، ويُحدث نقلةً نوعيةً في علاقة المواطن بالدولة، تحوّله من مُتلقٍ سلبيٍ إلى شريكٍ فاعلٍ في البناء والرقابة.
نصت المادة (١١١) من الدستور على أن”النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات”وهنا توكيد لا يقبل الشك على أحقية جميع العراقيين بهذين الموردين المهمين.
المادة (١١٢)؛ أشركت إدارة النفط والغاز في الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، ونصت على:
“أولا: تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون.
ثانيا: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار”(دستور جمهورية العراق).
المسار الثالث: التجربة النرويجية
التي تقوم على نموذج”صندوق النفط تديره مؤسسة فرعية تابعة للبنك المركزي النرويجي، ويستخدم الصندوق للفصل بين إيرادات النفط والإيرادات والنفقات العامة غير النفطية ويعتبر الصندوق أداة شفافة تسمح للحكومة والشعب بالاطلاع الدائم على حجم العجز غير النفطي وعلى المبالغ المقترضة، أو المعاد توظيفها في حالة تحقيق فائض في الموازنة العامة لتنمية الثروة التي يمتلكها البلد. ويكمن مصدر القوة في الصندوق النرويجي في أنه جزء من نظام حكم ديمقراطي متسق ومستقر”(الحكمه،2005: 12). وتؤيد المجموعة الدولية للازمات هذا الخيار إذ ترى”وجوب إعطاء اعتبار جدي لإنشاء صندوق خاص منعزل عن الميزانية الوطنية العامة، بحيث تكون هياكله الإدارية مستقلة بذاتها إلى حد كبير عن صنع القرار السياسي اليومي” (المجموعة الدوليه،21)
يعتقد الباحث أن تطبيق التجارب النرويجية أو ألاسكا أو غيرها يتطلب دراساتٍ دقيقةً وتحليلًا مُتأنيًا لمراحل تطورها والأُسس التي بُنيت عليها، مع التأكيد على أن التفكير في تبني مثل هذه النماذج يجب أن يَأتي بعد تحقيق استقرار سياسي واقتصادي مستدام في العراق لسنواتٍ عديدة.
المسار الرابع: إخضاع تخصيص إيرادات النفط للسلطة التشريعية بدلا من السلطة التنفيذية
ينبغي أن تمر جميع إيرادات النفط ومدفوعاته ذات الصلة بميزانية الحكومة الاتحادية، وأن تكون تحت إشراف مجلس النواب؛ للحد من الميول الاستبدادية الناشئة عن الاستقلال المالي الذي توفره عادةً إيرادات النفط للحكومة. ويُحذر الباحث من أن عدم تطبيق ذلك قد يُخلف آثاراً سلبية على إدارة القطاع النفطي، ويعرّضه للتجاذبات السياسية.
يواجه القطاع النفطي في العراق تحديات تتعلق بالتخلف، لكن توجد عدة حلول مثلى لمعالجتها، ومن أبرزها:
- طريقة الاستثمار الوطني
- طريقة الاستثمار الدولي
وبأساليب متعددة منها:
- اتفاق خدمات تشغيلية Operating Service Agreement
- اتفاقية الاستشارة الفنية Technical Consultancy Agreement
يعتقد الباحث أن الاستثمار الأجنبي يلعب دورًا محوريًا في تنمية الاقتصاد من خلال عدة آليات، أهمها:
- نقل التكنولوجيا المتطورة من خلال تطوير قوى الإنتاج الوطنية ورفع كفاءتها. وتحفيز التفاعل بين التكنولوجيا الحديثة والقدرات المحلية، ودعم إمكانية توطينها مستقبلًا.
- تحفيز الاستثمار المحلي من خلال خلق فرص استثمارية جديدة للشركات المحلية عبر قطاعات متنوعة. وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الشركات الوطنية (كشركة النفط العراقية) والشركات الأجنبية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل النفط.
- التأثير الاجتماعي والاقتصادي من خلال خفض معدلات البطالة عبر توفير فرص عمل جديدة. وتأهيل القوى العاملة الوطنية لاكتساب المهارات التقنية الحديثة.
- تحسين البنية التحتية المؤسسية من خلال تطوير الإطار القانوني والإداري لقطاع النفط. والاستثمار في التدريب الإداري والتقني لتعزيز الكفاءات المحلية. وإعداد خارطة جيولوجية حديثة لأراضي العراق لدعم عمليات الاستكشاف والاستثمار.
- سياسة تقليل الدعم للوقود وتتمثل الجوانب السلبية في:
• تسببت في تذمر شعبي واسع، خاصة بين الفئات محدودة الدخل.
• ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم.
اما الجوانب الإيجابية في:
• مساهمة محتملة في تخفيف أعباء الديون العراقية على المدى المتوسط والبعيد.
• جذب استثمارات عالمية نتيجة سياسات التقشف.
وعليه الباحث يوصي بتجنب زيادة الدعم خلال السنوات المقبلة لمنع تفاقم الآثار السلبية، مع التركيز على حلول بديلة لدعم الفئات الهشة.
يجب أن يُصدر العراق قانونًا ينظِّم العمليات النفطية على أراضيه، ويُؤكد بشكل صريح على مبدأين رئيسيين:
- احتفاظ الدولة بحق ملكية الثروة النفطية، باعتبارها ثروة وطنية سيادية لا يجوز التصرف فيها إلا بضوابط تحفظ حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.
- تنظيم آليات استثمار الثروة النفطية عبر خيارين فقط:
- الاستثمار المباشر من قبل الدولة أو مؤسساتها التابعة.
- الاستعانة بالشركات النفطية العالمية، شريطة أن يتم ذلك عبر عقود قانونية تُحافظ على الحقوق السيادية للدولة، وتضمن عدم انتقاصها تحت أي ذريعة.
يجب أن ينص القانون أيضًا على آليات رقابية صارمة لضمان شفافية التعاقدات، وحماية الموارد النفطية من أي استغلال غير عادل، مع تأكيد أولوية المصالح الوطنية العراقية في أي اتفاقية مستقبلية.
يرى الباحث أن النموذج الأمثل لاستثمار القطاع النفطي في دول أوبك الخليجية يعتمد على الآلية التالية:
- الاحتكار الكامل للملكية النفطية للدولة من خلال: ان تظل الدولة مالكةً بالكامل للثروة النفطية، دون تنازل عن حقوق الملكية. وان تُفوَّض شركة (أو شركات) أجنبية بمهام الاكتشاف والتطوير، على أن تتحمل كافة المسؤوليات الفنية والمالية للمشروع.
- آلية التعاقد مع الشركات الأجنبية من خلال: ان تقوم الشركة الأجنبية بالتمويل الكامل للمشروع (التنقيب، الإنتاج، التطوير). وان تحصل الشركة على حصة محددة من الإنتاج خلال فترة العقد كمقابل استثماري. وان تبقى حقوق الملكية والسيادة للنفط خالصةً للدولة دون منازع.
- مكاسب الاستثمار للدولة من خلال: ريع اقتصادي مباشر من عوائد الإنتاج. ونقل التكنولوجيا والخبرات المتطوّرة عبر الشراكة مع الشركات العالمية. وتعزيز الكفاءات المحلية عبر التدريب والتوطين التقني وهذا ما ذكر في قانون النفط والغاز في الفصل الثاني: المادة ( 6 ) سابعاً، ورد بأن القانون المذكور”يهدف إلى تأمين نقل التكنولوجيا وتدريب وتطوير العاملين العراقيين في هذه الصناعة”(البكري؛ 2007: 159).
- مزايا النفط الخليجي الجاذبة للاستثمار من خلال: وفرة الاحتياطيات النفطية ذات الجودة العالية. وانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنةً بمناطق أخرى. وبيئة استثمارية جاذبة بسبب الاستقرار النسبي للمكامن النفطية.
- مميزات النفط العراقي الداعية للاستثمار تتميز بــ: احتياطيات هائلة غير مستغلة بالكامل، خاصة في المناطق الحدودية والبحرية. وتنوع جيولوجي يزيد فرص اكتشاف حقول جديدة. وموقع جغرافي استراتيجي قريب من الأسواق العالمية.
وعليه يوصي الباحث:
- عدم بيع الاحتياطي النفطي أو التنازل عن حقوق ملكيته.
- الاعتماد على نموذج العقود الإنتاجية (أو ما يُشابهها) لضمان تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على السيادة الوطنية.
وكذلك ضرورة تعزيز الاستثمار في القطاع النفطي العراقي من خلال:
- الاحتياطات النفطية الضخمة:
- يتمتع العراق باحتياطيات نفطية هائلة، لا سيما في حقول الجنوب، مما يجعله أحد أهم اللاعبين في السوق النفطية العالمية.
- تحتاج هذه الاحتياطيات إلى زيادة الإنتاج والطاقة الإنتاجية خلال السنوات المتبقية من هذا العقد والعقد القادم، لتحقيق أهداف تنموية ورفع مستوى الرفاهية الاجتماعية.
- متطلبات زيادة الطاقة الإنتاجية:
يستهدف العراق رفع طاقته الإنتاجية إلى 4-6 مليون برميل يوميًا“ستكون السعة الأنتاجية الفائضة عن حاجة العراق (٦) ملايين برميل يومياً خلال فترة السنوات (۲۰۱۷-2025) تنخفض الى (٤) ملايين برميل يومياً خلال فترة السنوات (٢٠٢٦-2030)” (المعصوري والجميلي؛2011: 42)، وهو ما يتطلب:
- استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكنولوجيا.
- تقنيات متطورة لا تتوفر محليًا حاليًا، مما يستدعي التعاون مع الشركات الأجنبية ذات الخبرة في إدارة المشاريع العملاقة.
- مزايا جذب الاستثمار الأجنبي:
- التكلفة الإنتاجية المنخفضة؛ تتميز حقول العراق (خاصة الجنوبية) بانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بمناطق أخرى، مما يعزّذ جاذبيتها للشركات العالمية.
- العائدات الممتازة؛ تضمن العوائد المرتفعة للنفط العراقي تحقيق أرباح مجزية للمستثمرين، مع ضمان تدفق عائدات مالية كبيرة للدولة.
- توصية استراتيجية:
يجب على العراق التركيز على شراكات مربحة للطرفين مع الشركات الأجنبية، لتحقيق:
- نقل الخبرات التكنولوجية.
- تمويل المشاريع دون تحميل الدولة أعباء مالية إضافية.
- الحفاظ على السيادة الكاملة على الموارد النفطية.
تشير التحليلات إلى أن احتلال العراق عام 2003 جاء في إطار خطة أمريكية تهدف إلى السيطرة على الفرص الاستثمارية المستقبلية في قطاع النفط العراقي، مستندةً إلى مبررات اقتصادية هيكلية، أبرزها الأسباب الهيكلية:
- هيمنة النفط على الاقتصاد العراقي؛ اعتماد الاقتصاد العراقي شبه الكلي على النفط، حيث يشكل المحور الرئيسي للناتج المحلي الإجمالي، والإيرادات العامة، والصادرات السلعية، مما جعله اقتصادًا أحاديًا هشًا.
- انفصال النفط عن الاستثمار؛ توجه الغالبية العظمى من العوائد النفطية نحو تغطية النفقات الاستهلاكية (مثل الرواتب والخدمات) بدلًا من تخصيصها للنفقات الاستثمارية (مثل البنية التحتية والصناعة)، مما أفقد الاقتصاد فرص النمو المستدام.
والحل المقترح هو تعزيز الارتباط بين قطاع النفط والاستثمار عبر إعادة توجيه جزء كبير من الإيرادات النفطية نحو النفقات الاستثمارية، بهدف تحقيق التنويع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على النفط، وبناء قاعدة إنتاجية مستدامة.
المسار الخامس: تشييد منظومات تصدير النفط العراقية
- منظومة التصدير الغربية
- منظومة التصدير الجنوبية
- منظومة التصدير الشمالية
- الأنبوب العراقي عبر السعودية ( IPSA )
- مشروع خط أنابيب التصدير بين العراقي- الأردني ( IJEP )
برزت أربعة اتجاهات رئيسية بين العراقيين (داخلًا وخارجًا) تجاه المشروع، دون الخوض في التفاصيل أو الأسماء:
- الاتجاه المعارض؛ يرفض تنفيذ المشروع تمامًا لاعتبارات متعددة، ويدعو إلى إيقافه.
- الاتجاه المؤيد؛ يُشجِّع التنفيذ لدوافع سياسية أو جيوسياسية أو اقتصادية، سواءً كانت افتراضية أو مبنية على رغبات مستقبلية.
- دعاة زيادة طاقة الأنبوب؛ يطالبون برفع الطاقة الاستيعابية للخط إلى ضعف ما هو مُعلن رسميًّا.
- الخلط بين المشروع وتجهيز النفط يُدمج البعض بين مشروع الأنبوب واتفاقية توريد النفط الخام للأردن (بعد خصم تكاليف النقل)، رغم اختلافهما جوهريًّا.
التوصيات
ويضع الباحث عددا من التوصيات المتمثلة في التالي:
- يجب أن تبقى ملكية وإدارة النفط تحت إشراف الحكومة الاتحادية، وأن يكون قطاع الانتاج والاستكشاف جهة العمل المفضلة
- اعتماد خطط مدروسة لمعالجة مشكلات الصناعة النفطية وفق أهداف استراتيجية بعيدة المدى، تأخذ بنظر الاعتبار واقع الصناعة النفطية وحاجات الاقتصاد العراقي وان تبنى هذه الاستراتيجية على أسس سليمة تقوم على :
- مسوحات جيولوجية حديثة لتقييم المكامن والحقول؛ انماء الاحتياطيات النفطية لضمان استدامة الانتاج
- تقييم شامل لمنشآت الإنتاج والخزن والنقل؛
- حفر آبار جديدة، واستصلاح الآبار النفطية؛ والاستفادة من التقنيات الحديثة
- استكمال إصلاح المنشآت النفطية المتضررة؛
- وضع أجهزة للقياس والعد عند منافذ التصدير.
- عقلنة الإنتاج العراقي في حدود التي تسهم في الحفاظ على ديمومة هذا المورد الطبيعي النافذ،
- تجنب الوقوع في فخ الاندفاع غير العقلاني في زيادة الإنتاج قبل انجاز دراسات للتثبت من وضع المكامن وسلامة إنتاجها بطاقات مثلى.
- تحسين الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع النفطي،
- حل مشكلة العقود التي أبرمت إبان النظام السابق لتحقيق أغراض سياسية، على قاعدة إعادة التفاوض مع تلك الشركات وتعديل الشروط التي تتضمن إجحافا بالحقوق العراقية.
- اجتذاب الاستثمار الأجنبي لتوفير رؤوس الأموال والخبرات الفنية أساس تجنب إبرام عقود مشاركة الإنتاج، واعتماد صيغ أقل تكلفة واقل ضررا بالمصالح الوطنية.
- تأهيل كوادر قطاع النفط ودعم برامج التدريب ودعم القدرات وتعزيز الالتزام بقواعد الصحة والسلامة والامن والبيئة.
- العمل على تنويع الاقتصاد وزيادة الاهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي وذلك:
- لتخفيف الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العراقي،”من خلال التوقعات يمكن السيطرة على الصدمات او التخفيف من آثارها وعندها يتم اتخاذ اجراءات استباقية من شانها التخفيف من حدة الصدمات وتتيح الفرصة لاتخاذ الاجراءات السريعة بهدف امتصاص آثارها”(آل طعوس؛2015: 92).
- تقليص حجم البطالة
- تشجيع النمو وزيادة نسبة مساهمة هذين القطاعين في الناتج المحلي الإجمالي.
- تقييم المكامن وتوفير معدات المراقبة والقياس، العمل وفق برنامج إنتاج رشيد يتماشى مع واقع المكامن والخراب الذي نالها خلال عقود سوء الإدارة السابقة على أن يستهدف هذا لتطوير وتأهيل قطاع النفط، على البرنامج إعادة الإنتاجية المفقودة من تلك المكامن.
- محاربة الفساد المتفشي في قطاع النفط والذي باتت تديره مافيات خطيرة وعصابات مرتبطة ببعض الشخصيات الحكومية والحزبية.
فيما يخص تطوير قطاع المصافي التكريرية فيكون من خلال:
- تحديث المصافي الحالية: رفع كفاءة المصافي القائمة عبر زيادة نسبة تحويل النفط الخام إلى منتجات خفيفة (مثل البنزين والديزل). وتقليل الفائض من زيت الوقود الثقيل الناتج عن عمليات التكرير.
- توسعة البنية التحتية؛ إعادة إعمار مصافي البصرة وبيجي المتضررة. ودراسة بناء مصافي جديدة وإحياء مشروع مصفى المسيب.
- تحسين الجودة والاستدامة؛ تحسين نوعية المشتقات النفطية المنتَجة محليًّا. وتطوير ظروف الإنتاج لتتوافق مع معايير حماية البيئة.
- تعزيز البنى الداعمة؛ إعادة تأهيل وحدات إنتاج الدهون (المنتجات الثانوية). واستكمال شبكة نقل المنتجات النفطية لضمان التوزيع الفعّال.
الخاتمة
يتمتع النشاط النفطي بأهمية استراتيجية عالمية، كونه يُمثِّل مصدرًا رئيسيًّا للطاقة تسعى الدول إلى توطينه لتعزيز أمنها الاقتصادي وتمويل موازناتها الوطنية. وفي العراق، يُعد النفط عصبًا حيويًّا لاقتصاد يعتمد عليه بأكثر من 90%، إلا أن السياسات النفطية ظلت – تاريخيًّا – مجرد إجراءات مؤقتة تُنظِّم الجوانب الإدارية دون رؤية شاملة تستجيب للمتغيرات المحلية والدولية.
لتحويل هذا المورد إلى محركٍ للتنمية، يجب أن تقوم السياسة النفطية العراقية على أسسٍ واضحة تضع مصالح الشعب والاقتصاد الوطني في المقدمة، عبر توجيه العوائد نحو الاستثمار في القطاعات الحيوية (كالصحة والتعليم والبنية التحتية)، مما يُقلل الآثار البيئية والاجتماعية السلبية، ويُحقق تنميةً مستدامة. ولا يتحقق ذلك إلا بشرطين أساسيين:
- تطوير القطاع النفطي عبر جذب الاستثمارات واعتماد التكنولوجيا الحديثة.
- تبنّي سياسة اقتصادية عقلانية تقوم على الشفافية والإدارة الكفؤة، والابتعاد عن المحاصصة السياسية لصالح المعايير المهنية.
كما أن الإدارة الفعّالة لهذا القطاع تتطلب تعظيم إيراداته وتوزيعها بعدالة، لضمان تلبية احتياجات المجتمع ودعم الاقتصاد العراقي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. وفي هذا السياق، تُؤكد الدراسات أن نجاح أي سياسة نفطية مرهونٌ بفعالية التنفيذ، مما يستلزم تطوير آليات مرنة للمتابعة والتقييم، وابتكار حلول قادرة على تجاوز العقبات المزمنة، مثل التقلبات العالمية في أسواق الطاقة أو عدم الاستقرار السياسي.
هكذا يصبح النفط العراقي (إذا أُحسنت إدارته) ركيزةً لنهضة شاملة، بدلًا من أن يبقى موردًا عرضةً للهدر والصراعات.
المصادر
- ابن منظور الأنصاري، محمد بن مكرم بن على. أبو الفضل، جمال الدين .(١٤١٤ هـ). لسان العرب. الطبعة الثالثة. ج6. دار صادر. بيروت. https://shamela.ws/book/1687
- الاسدي؛ منصور. (2022). نظريات السياسة. محاضرات القيت على طلبه الدراسات العليا. استاذ في قسم العلوم السياسية .جامعه المصطفى العالمية.
- آل طعوس، غسان ابراهيم احمد. (2015). النظام الداخلية النقدي الأوروبي ومشكلة الصدمات والخارجية للمدة (١٩٩٥-٢٠١٤). اطروحة دكتوراه غير منشوره كلية الادارة جامعة والاقتصاد. الموصل.
- الباز، داوود. (2006). النظم السياٌسيةٌ (الدولة والحكومة). دار الفكر الجامعي. الاسكندريةٌ
- باول، كولن ل. التحديات التي تواجه امن الطاقة. نشرة واشنطن. وزارة الخارجية الأمريكية. http://www.usinfo.state.gov/ar/archive2004Aug19-338542.htm
- البصري، كمال. (كانون الثاني / ٢٠١٦). اشكالية ثروة النفط وتداعيات الديمقراطية في العراق. المعهد العراقي للأصلاح الاقتصادي. بغداد. https://www.bayancenter.org/2016/01/1278/
- البكري، جواد كاظم. (2007). قراءة عراقية في قانون النفط والغاز الجديد. مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية. مجلة أبحاث عراقية. العدد (2).
- بن بلا، حسن. (2012). مدخل لفهم السياٌسات العامة.
- توفيق، سعد حقي. (2011). التنافس الدولي وضمان امن النفط. مجلة جامعة بغداد للعلوم السياسية، العدد 43.
- الجلبي، عصام. (۲۰۰۵). صناعة النفط والسياسة النفطية في العراق. في برنامج المستقبل العراق بعد انهاء الاحتلال أعمال ندوة مركز دراسات الوحدة العربية حول مستقبل العراق. بیروت. https://www.amazon.com/Public-Policy-Art-Craft-Analysis/dp/8120339 800
- جمهورية العراق. دستور جمهورية العراق. ط2. نيسان/ابريل ٢٠٠٦. المادتان (١١١) و (١١٢).
- الجواهري، حمزة. (2007). القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية. مجلة أبحاث عراقية. العدد (2). http://www.alwww.al-nnas.com/ARTICLE/Hjawahri/18oil1.h tm
- خضر، حسان. (2006). أسواق النفط العالمية. معهد التخطيط العربي بالكويت. مجلة جسر التنمية. العدد57. https://www.arab-api.org/APIPublicationDetails.Aspx? Publica tionID=60
- خليل، حماد. (1997). الطاقة في الخليج .. تحديات وتهديدات. مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية. http://www.alharamain.co.uk/text/kotob/kotoba.htm
- الدوري، حسينٌ. والاعرجيً، عاصم. (1998). مبادئ الادارة العامة. مديرٌيةٌ دار الكتب للطباعة والنشر. بغداد.
- الدوري، محمد احمد. (1988). مبادئ اقتصاد البترول. مطبعة الارشاد. بغداد.
- صالح، مظهر محمد. (2009). الربع النفطي والاستبداد الشرقي. مجلة دراسات اقتصادية. بيت الحكمة. العدد ۲۱. بغداد. https://www.iraqoaj.net/iasj?func=search&query=au:%22%D8%AF.%D9%85%D8%B8%D9%87%D8%B1%20%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%20%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85%22&uiLanguage=ar
- الطيب، حسن ابشر. (2000). الدولة العصرية-دولة المؤسسات. دار الثقافية للنشر.
- عبود، سالم محمد. (2011). الأزمة المالية العالمية. دار الدكتور لمنش. بغداد.
- العواد، عذراء ردام مرزوك. (2015). دور النفط في صياغة الاستراتيجية الأمريكية حيال منطقة الخليج العربي العراق نموذجا. رسالة ماجستير غير منشورة. كلية الآداب والعلوم / قسم العلوم السياسية. جامعة الشرق الأوسط.
- فهمي، عبد القادر محمد. (2009). الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية: دراسة في الافكار والعقائد ووسائل بناء الاستراتيجية. دار الشروق للنشر والتوزيع. عمان.
- الكواري، على خليفة. (2009). الطفرة النفطية الثالثة قراءة في دواعي وحجم الطفرة الطفرة النفطية الثالثة وانعكاسات الأزمة المالية العالمية حالة اقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية. مركز دراسات الوحدة العربية. ط1. بيروت. https://koha.birzeit.edu/cgi-bin/koha/opac-detail.pl?biblionumber=54343
- مجلة الترابط. (2011). المشروع الاصلاح الاداري العراقي في رحاب جامعه بغداد. بًغداد. https://uobaghdad.edu.iq/?p=673
- مجلة الحكمة. (تموز 2005). الثروة النفطية العراقية والتنمية الاقتصادية والتحول إلى الديمقراطية. الحكمة (بغداد: بيت الحكمة). العدد (٤٠). https://www.iasj.net/iasj/issue/10701
- المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (الشرق الأوسط). إعادة إعمار العراق إيجاز آرايسز جروب للشرق الأوسط. رقم 19. 26 أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٥.
- محمد، ثامر كامل. (2004). النظم السياٌسيةٌ الحديثٌة والسياٌسات العامة. دار مجدلاوي للنشر والتوزيعٌ. عمان.
- المزيني، عماد الدين محمد. (2013). العوامل التي أثرت على أسعار النفط العالمية. مجلة جامعة الأزهر بغزة. سلسلة العلوم الإنسانية . المجلد15. العدد1. https://www.alazhar.edu.ps/journal/attachedFile.asp?seqq1=2453
- المعصوري، عبد على. والجميلي، مالك دحام. (2011). النفط والاحتلال في العراق: مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية. ط1. بيروت. http://librarycatalog.bau.edu.lb/cgi-bin/koha/opac-detail.pl?Biblionum ber=94300&querydesc=an%3A170375
- مهدي، حيدر كاظم. (2015). انخفاض اسعار النفط والاجراءات اللازمة لتقليل تأثيرها على الموازنة العامة في العراق. مجلة المثنى للعلوم الادارية والاقتصادية. كلية الادارة والاقتصاد. جامعة المثنى. المجلد1. العدد1.
- الهيتي، احمد حسين. (ب ت). اقتصاديات النفط. دار الكتب للطباعة والنشر. جامعة الموصل.
- ولياٌم ن. دن. (2016). تحليلٌ السياٌسات العامة. ترجمة: رشا بنت عمر السدحان. الرياٌض: معهد الإدارة العامة.
- يونس، اشرف كمال. (2010). الصدمات الخارجية التجارية وتأثيرها على الاقتصاد المصري. مجلد البحوث المالية الرابع. وزارة المالية جمهورية مصر العربية.
- Sapru R.k., public policy:art and craftt of policy analysis. (2010). New Delhi: Asoke K.Ghosh, Phl Learning private limited. https://www.amazon.com/Public-Policy-Art-Craft-Analysis/dp/8120339800