المــــقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه ونستغفره ، ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة و النعمة المسداة ،سيدنا محمد خاتم الأنبياء و المرسلين وعلى آله وصحبه و أتباعه أجمعين ، أما بعد ..

تتقدم الأمم وتتسابق للوصول إلى ريادة المجتمعات ، ومن أهم ما يمكِّنها من التقدم هو ما يقدمه المبدعون من اكتشافات و اختراعات ، ترتقي بهم وتنمي مجتمعهم ، لذلك يعتبر الإبداع من أعظم الموارد البشرية ، لأنه الوسيلة التي يجب استثمارها بكل طاقاتها وثرواتها ، لتغذية المجتمع وتطويره ، فهو يعد المحرك للطاقات البشرية الكامنة ، وبدونه تصبح هذه الطاقات عديمة القيمة.

و يعتبر الإبداع صفة يتميز بها الدين الإسلامي عن غيره ، ففيه نجد صفة من صفات العظيم الخالق ، قال تعالى : ﴿بَدِیعُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ (البقرة :١١٧) ، إن صفة البديع مشتقة من الإبداعِ وهو الإنشاء على غير مثال، فهو عبارة عن إنشاء المنشآت على غير مثال سابق وذلك هو خلق أصول الأنواعِ وما يتولد عنها من متولداتِها، فخلْق السماوات إبداع وخلق الأرض إبداع وخلق آدم إبداع (عاشور ، 1984، 686) ، و الخطابات القرآنية مليئة بالدعوات الموجهة لعقل الإنسان إلى حسن التدبر و التفكر في آيات الله، وهذه الخطابات تلهم البشرية لاستخدام المهارات العقلية و الإبداعية ، التي تعتبر من خصال الإنسان وصفاته التي أنشأها الله سبحانه داخل النفس الإنسانية .

وقد استجاب المسلمون لهذه الدعوات ، فأعملوا عقولهم ، واناروا العلم بطرقهم الإبداعية ، إذ تتجسد هذه الإبداعات في كثير من كتب علماء المسلمين ، خاصةً تلك الكتب التي تعتمد على القرآن الكريم كمصدر أساسي لها ، لأن تفسير القرآن لا يتوقف عند إيضاح آياته بل هو بحاجة إلى فكر ثاقب و إلى مهارات تفكير إبداعية ؛ نتيجةً لما يحتويه من مرتكزات دينية ، وعبادات، وقصص ، ومواعظ ، وآيات كونية ، و خبرات اجتماعية ، وتربوية ، و إبداعية ، عميقة المعنى يستقي منها الإنسان سلوكه ، ويقوّم بها حياته ،ويربي بها نفسه ، وأبناء مجتمعه ، ويستعملها فيما ينفعه.

ولاتساع علوم القرآن برزت اهمية تفسيره وتوضيح أفكاره و معانيه ، من خلال التأملات الإبداعية التي خرجت من علمائنا ، لحسن تفكرهم و تدبرهم في آياته البينات ، والمدقق في المؤلفات التفسيرية يجد أنها تحوي معظم الاتجاهات الفكرية للأمة المسلمة ، وذلك لأن التفسير يتأثر بالواقع ويؤثر به ، ويعبر بجلاء عن القضايا التي يعيشها المسلمون (الأطرش ، 2017م، 65).

ومن هنا برزت اهمية التجديد في تفسير القرآن الكريم ، ومن المفسرين الذين اهتموا بهذا التجديد هو العلامّة عبد الرحمن السعدي ، حيث اعتنى بالقرآن عناية خاصة ، تعليما ، وتفسيرا ، واستنباطا، وتدبرا ( الرفاعي ، 2020 ،2265) ، إضافة إلى ما تميزت به مؤلفاته من إبداع في التأليف إما في طريقة الكتابة أو في المضمون ، و اهتمامه بالأمور العصرية مما يجعله يتفرد في الاستنباطات عن سابقيه من المفسرين (الحارثي ،2016، 954) ، و من هنا جاءت هذه الدراسة للبحث عن مهارات التفكير الإبداعي في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامّة عبد الرحمن السعدي و إيضاح تطبيقاتها المعاصرة .

مشكلة الدراسة :

إن العالم الإسلامي بحاجة ماسة إلى الأخذ بأسباب التقدم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي من أجل مواجهة التحديات الثقافية والسياسية والاقتصادية، ومن هذا المنطلق دعا الشهراني (2020) التربويين والمهتمين بدراسة الإبداع إلى توجيه مساره بما يتناسب مع المنهجية الإسلامية ، و وضعها موضع التطبيق في تنمية المجتمعات الإسلامية (1) ، ومن أهم الدول التي اهتمت بتنمية الإبداع هي المملكة العربية السعودية ،حيث تم إطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية عام2021، والذي يعد من أحد محاوره الاهتمام بتنمية المهارات المستقبلية التي تركز على مهارات التفكير العليا ومنها مهارات التفكير الإبداعي (لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية ،د.ت ، 51) ، و لأن المملكة هي بلاد الحرمين الشريفين التي تهتم بتطبيق التشريع الإسلامي فمن الضرورة أن تستند معارفنا ومهاراتنا إلى المصادر الإسلامية، ويعتبر القرآن الكريم أول هذه المصادر والذي يتناسب مع كل زمان ومكان ، لذلك بات من الضروري إعادة قراءة تّفاسير القرآن الكريم قراءة عصرية ، أي حسب مفاهيم التربية الحديثة، وهي كما أوصت به الزير (2017 ،215)، إضافة إلى ما أسفرت عنه دراسة شبرو (2020) على أن العلامّة السعدي يعتبر من علمائنا المجددين في التفسير وذلك لمعالجته القضايا المعاصرة من خلال الهدايات القرآنية (150) ،فالربط بين مشكلات العصر والقرآن الكريم بحاجة إلى مهارات تفكير إبداعية تمكن العالِم من استخراج معانيه الجلية والخفية وتوظيفها لمعالجة المشكلات، وعليه ستقوم الباحثة بإيضاح المهارات من كتاب تفسير السعدي للقران، و لإمكانية الاستفادة منها سيتم إبراز تطبيقاتها المعاصرة ، تبعا لدعوة السعدي بضرورة مزج المبادئ النظرية بالممارسات العملية ، و ربط العلم بالتعلم (شبرو ،2020م، 151).

وبناءً على ما سبق تطرح الباحثة السؤال الرئيسي التالي : ما مهارات التفكير الإبداعي في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان وتطبيقاته المعاصرة ؟

و تتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية :

1. ما الإطار المفاهيمي للدراسة؟
2. ما مهارة الطلاقة في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؟
3. ما مهارة المرونة في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؟
4. ما مهارة الأصالة في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؟
5. ما التطبيقات المعاصرة لمهارات التفكير الإبداعي ؟

أهداف الدراسة :

1. إبراز مهارة الطلاقة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
2. إيضاح مهارة المرونة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
3. بيان مهارة الأصالة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
4. توظيف مهارات التفكير الإبداعي في التطبيقات المدرسية.

أهمية الدراسة :

1. تساعد وزارة التربية و التعليم بوضع مهارات التفكير الإبداعي ضمن أهدافها .
2. تسهم في تزويد مصممي المناهج بالطرق الإسلامية في تنمية مهارات التفكير الإبداعي.
3. تزويد المعلمين بطرق تدريس تفسير القرآن الكريم ، من أجل إبراز مهارات التفكير الإبداعي لدى طلابهم .
4. توجيه أولياء الأمور إلى أساليب التعامل مع أبناءهم في ضوء تفسير القرآن الكريم ، حتى يسهمون في تنمية مهارات التفكير الإبداعي لديهم.
5. تزويد الطلاب بطرق تطوير مهارات التفكير الإبداعي من خلال مقررات التربية الإسلامية.

منهج الدراسة :

تستخدم الدراسة المنهج الوصفي بالمدخل الاستنباطي ، ويعرف المنهج الوصفي على أنه : محاولة الوصول إلى المعرفة الدقيقة و التفصيلية لعناصر مشكلة أو ظاهرة قائمة ، للوصول إلى فهم أفضل و أدق أو وضع السياسات و الإجراءات المستقبلية الخاصة بها ( المحمودي،2019م ،46) ، وتستخدم الباحثة هذا المنهج في وصف دقيق لمهارات التفكير الإبداعي من كتاب تفسير السعدي للقرآن الكريم و إيضاح تطبيقاته المعاصرة .

أما تعريف الاستنباط فهو : يعتمد على الشرح و التفكر و التأمل و التحليل ، وينتقل من الكل الى الجزء ، أو من العام الى الخاص (المرجع السابق . 74) ، وتستخدم الباحثة هذا الطريقة في استخراج مهارات التفكير الإبداعي من كتاب تفسير السعدي للقرآن الكريم .

حدود الدراسة :

الحدود الموضوعية للدراسة :

1. تقتصر الدراسة على تفسير الجزء عّم وهو ( من سورة النبأ الى سورة الناس ) ، من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، للشيخ عبد الحمن السعدي .
2. تقتصر الدراسة على تفعيل التطبيقات المعاصرة في المجال المدرسي.

مصطلحات الدراسة :

مهارات – Skills : مفردها مهارة وتعني لغةً : (مادة: م هـ ر)،مهر الشيء وفيه وبه : أحكمه وصار به حاذقا ،فهو ماهر ، ويقال مهر في العلم وفي الصناعة وفي غيرهما ( فلية ، الزكي ،2010، 240).

اصطلاحا : تعني الأداة الذي يقوم به الفرد في سهولة ودقة ، سواء كان هذا الأداء جسميا أو عقليا ( المرجع السابق ،241).

التفكير – Thinking : لغة : ( مادة : ف ك ر) إعمال الخاطر في الشيء. و التفكر اسم التفكير ( ابن منظور، د.ت، 65).

اصطلاحا : يمثل إحدى العمليات العقلية العليا التي يشتمل عليها التنظيم العقلي المعرفي وتعتمد إلى حد كبير على قدرة الفرد العقلية العامة (الحلاق ،2010 ،10).

الإبداعي – Creative : يعرف الإبداع لغةً : ( مادة : ب د ع) بدعا : أنشأه على غير مثال سابق ،فهو بديع (مجمع اللغة العربية ،2004 ،43).

اصطلاحا: هو مزيج من القدرات و الاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا ما وجدت بيئة مناسبة يمكن أن ترقي بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتاجات أصيلة وجديدة سواء بالنسبة لخبرات الفرد أو خبرات المؤسسة أو المجتمع أو العالم إذا كانت النتاجات من مستوى الاختراقات الإبداعية في أحد ميادين الحياة الإنسانية( جروان ، 2012، 85).

مهارات التفكير الإبداعي – Creative thinking skills: يمثل التفكير الإبداعي إحدى مهارات التفكير المركب ، ويتضمن لخمس مهارات فرعية يطلق عليها عناصر أو جوانب التفكير الإبداعي وهي : الطلاقة ، و المرونة و الأصالة و الحساسية اتجاه المشكلات و إدراك التفاصيل ( علي ،2010م ، 216) .

التعريف الإجرائي لمهارات التفكير الإبداعي : هي استنتاج مزيج من مهارة الطلاقة والمرونة و الأصالة ، المتضمنة في مفصل كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن السعدي وتطبيقاتها المعاصرة .

الدراسات السابقة :

دراسة (شبرو ، 2020م ): تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على كيفية فهم المفسرين المعاصرين للقرآن الكريم ، وإبراز ملامح التجديد في تفسير السعدي ، و قد اتبعت هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي ، أما أبرز نتائج الدراسة فهي : أن التجديد في التفسير لا يقوم بها إلا من حباه الله ملكة عظيمة في الفكر وبعد النظر ، أن التجديد في التفسير هو معالجة القضايا المعاصرة و المستجدات من خلال هدايات القرآن ، الدعوة بمزج المبادئ النظرية بالممارسات العلمية ، وربط العلم بالتعلم في المحتوى الدراسي ، والدعوة إلى أسلمة العلوم .

دراسة (الرفاعي ، 2020): تهدف الدراسة إلى استنباط جهود الشيخ السعدي في التدبر القرآني وذكر بعض المعالم الدالة على اهتمامه بالتدبر، والتطبيق لقواعد التدبر عند الشيخ السعدي ،مع معرفة الأساليب المنهجية في التدبر التي ذكرها الشيخ السعدي ، وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي الاستنباطي ، أما أبرز نتائج الدراسة فهي : عناية الشيخ السعدي بالقرآن عناية خاصة ، تعليما وتفسيرا واستنباطا وتدبرا ،و عنايته بالتدبر من خلال مقاصد الآيات بل غالب تفسيره مبني على ذلك ، إضافة إلى عنايته بتدبر القرآن من خلال ربط الآيات بالواقع ، وهذا تطبيق عملي وبيان لأثر القرآن في إصلاح واقع المتدبر .

دراسة (الطحان ، 2019م): تهدف هذه الدراسة إلى التمييز بين التفسير المقبول و المردود من خلال توافر أهم شروط المفسر ، وهو شرط الموهبة ، وبيان أهمية شرط الموهبة في التوفيق و إصابة الحق و الرأي السديد، وقطع الطريق لمن يزعم تفسير كلام الله وهو لا يملك الموهبة بذلك ، وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي ، و المنهج التحليلي، أما أبزر نتائج الدراسة فهي : يراد من الوهب هو توفيق الله الوهاب لعبده ، وحفظه له في أحواله ، ان للموهبة أسباب ينبغي الحصول عليها خلاصتها في الاستقامة علما وعملا ، وأثر اتصاف المفسر في تفسيره سداد قوله ، و رفعة منزلته.

دراسة ( الزعبي ، 2019): تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن التطبيقات النبوية لمهارات التفكير الإبداعي ، وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي ،أما أبرز نتائج الدراسة فهي: إن التفكير الإبداعي هو تفكير جديد لم يسبق ، وهو أحد أسباب تقدم الشعوب ، و من أبرز مهارات التفكير الإبداعي في السنة النبوية : مهارة الطلاقة و الأصالة و المرونة و الإحساس بالمشكلات ، وتعد السنة النبوية الجانب التطبيقي الأمثل لمثل هذا النوع من التفكير ؛ لأنها تطبيقات مبنية على حقائق الإيمان.

دراسة ( الأطرش ، 2017) : تهدف هذه الدراسة إلى تقديم تصور عام عن بعض صور الإبداع الفكري و المنهجي في تفسير ابن عاشور ، والتي وسمت منهجه بالتميز و العلو إلى حد ما عن غيره من المناهج التفسيرية، وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي ،أما أبرز نتائج الدراسة فهي : يعد كتاب الإمام ابن عاشور ظاهرة جديدة فريدة في عالم التفسير ، حيث جمع بين القديم و الحديث بصورة بارعة ، إن تفسيره جمع بين كافة المناهج التي قام عليها التفسير ، فقد جمع بين مدرسة التفسير المأثور ومدرسة التفسير بالرأي وما ترك التفسير اللغوي و الاجتماعي و الفقهي و البيان البلاغي .

دراسة ( إسليم ، 2017 ) : تهدف الدراسة إلى توظيف نمط التفكير الإبداعي في ضوء القرآن الكريم في تدريس مقررات التربية الإسلامية ، وقد اتبعت الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي، أما أبرز نتائج الدراسة فهي : أن التفكير في القرآن عملية عقلية شاملة لمختلف أنواع النشاط العقلي من فهم وتحليل و إدراك و إصدار أحكام ، و اهتم القرآن الكريم بالحواس كوسيلة من وسائل التفكير الإبداعي ، والدعوة إلى توجيهها توجيها مقصودا بهدف الإدراك والفهم ، و مناسبة توظيف نمط التفكير الإبداعي لتدريس مقررات التربية الإسلامية في ضوء القرآن الكريم ؛ وذلك لوجود الرغبة لدى الطلاب في الوصول إلى ما يطمئن أنفسهم بالإجابات الشافية حول العديد من القضايا و المستجدات المعاصرة ، تنوع الإجراءات التطبيقية في القرآن الكريم التي تنمي التفكير الإبداعي .

دراسة ( بوبعاية ، معتوق ، 2016) : تهدف الدراسة إلى توضيح طبيعة ومكانة التفكير في القرآن الكريم وتوضيح مهارات التفكير الإبداعي ، مع الاستنباط من القرآن الكريم المهارات التفكيرية ، وإيضاح دور المعلم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي المستنبطة من القرآن الكريم ، وقد اتبعت الدراسة المنهج الوصفي بالمدخل الاستنباطي ، أما أبرز نتائج الدراسة فهي : أن القرآن الكريم دعا إلى النظر و التدبير و التأمل و الفحص و التقليب في الامر لتدرك حقيقته ، إن التفكير كخاصية إنسانية ذات أهمية عظيمة لأنه ينير للإنسان منافذ النجاح ، إن تعليم التفكير أصبح ضرورة يفرضها العصر لمجابة تحديات فرضتها العولمة ، إن تنمية مهارات التفكير مرهونة بعدة عوامل أهمها المعلم لأن النتائج التي قد تحقق من تطبيق أي برنامج تتوقف بردة كبية على نوعية التعليم داخل الغرفة الصفية.

التعليق على الدراسات السابقة:

أوجه الشبه بين الدراسة الحالية و الدراسات السابقة :

اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة (شبرو ، 2020م ) و دراسة (الرفاعي ، 2020) ، في دراسة جهود الشيخ السعدي من خلال تفسيره للقرآن الكريم ، و اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة (الطحان ، 2019م) ، في وجوب امتلاك المفسر للموهبة و القدرة العقلية و مهارات التفكير ، وقد اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة ( الزعبي ، 2019) ، في توظيف مهارات التفكير الإبداعي في مصادر التربية الإسلامية ، و اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة ( الأطرش ، 2017) ، في اكتشاف إبداعات كتب تفسير القرآن الكريم ، و اتفقت الدراسة الحالية مع دراسة ( إسليم ، 2017 ) و دراسة ( بوبعاية ، معتوق ، 2016) في ضرورة استنباط مهارات التفكير الإبداعي من القرآن الكريم وعلومه .

أوجه الاختلاف بين الدراسة الحالية و الدراسات السابقة :

اختلفت الدراسة الحالية مع دراسة (شبرو ، 2020م ) و دراسة (الرفاعي ، 2020) حيث تناولت إيضاح جانب جديد من جوانب شخصية السعدي الواضحة في تفسيره للقرآن الكريم ، وهي اكتشاف مهارات التفكير الإبداعي لديه ، و اختلفت الدراسة الحالية مع دراسة (الطحان ، 2019م) في تحديد أحد المفسرين و بيان موهبته ومهارات تفكيره الإبداعي في تفسير القرآن ، و اختلفت الدراسة الحالية مع دراسة ( الزعبي ، 2019) و دراسة ( إسليم ، 2017 ) و دراسة ( بوبعاية ، معتوق ، 2016) في اختلاف المصدر الإسلامي لاستنباط مهارات التفكير الإبداعي ، واختلفت الدراسة الحالية عن دراسة ( الأطرش ، 2017) في اختيار مفسر آخر لبيان إبداعه في تفسير القرآن وهو العلامّة السعدي ، إضافةً إلى توضيح أهم مهاراته في التفكير الإبداعي التي استخدامها لتفسير القرآن الكريم.

أوجه الاستفادة من الدراسات السابقة :

استخدمت الباحثة الدراسات السابقة في مقدمة البحث لبيان أهمية المشكلة البحثية ، وتعزيزها لوجود مشكلة بحثية ، أيضا الهمت الدراسات السابقة الباحثة بتصور حول كتابة الإطار المفاهيمي ، إضافة إلى إثبات الدراسات السابقة حول وجود علاقة بين الإبداع وبين كتب تفسير القرآن الكريم .

الفصل الثاني : الإطار النظري

المطلب الأول : التعريف بالمؤلف

مقدمة

يحتوي كل جيل عددا من العلماء النابغين، الذين يكون لهم دور مهم في توعية المجتمع و الوصول به إلى طرق الهداية و السلام، وممن غير و وضع بصمة لا تنسى العالم الجليل والمفسر و الفقيه والمحدث الداعية و المحقق المدقق عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي، والذي استفاد من علومه الكثير من الأبحاث و الدراسات وطلبة العلم و عامة الناس أيضا، لما قام به من جهود حول تفسير كتاب الله و إيضاح آياته، و ألف الكثير من الكتب النافعة التي ما زال العالم يعود إليها ليقتبس من نور علمه ، و أفكاره ، التي فاضت بها المكتبات والكتب الإسلامية و العلمية ، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

وفيما يأتي ستذكر الباحثة سيرة الشيخ عبد الرحمن السعدي، وحياته، و لما كان عليه من علم وخلق، وعبادة، وإذا أمعنت النظر في مسيرته، وسمعت ما يذكر من أخباره تجلت لك شخصية الشيخ – رحمة الله -، في مظهر العالم العامل الذي يتمثل أخلاق الإسلام بيسر وسهولة، وفيما يلي من صفحات من تلك السيرة المنيرة:

المبحث الأول: نشأة المؤلف

1-1حياة المؤلف:

1-1-1اسمه ونسبه وكنيته:

هو عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي، وأسرة آل سعدي ينتهون في نسبهم إلى آل مفيد، وآل مفيد فخذ كبير يرجع أصلهم الى (آل حماد) الذين هم بطن من بني العنبر من بني عمرو فرع من قبائل بني تميم الشهيرة.

1-1-2مولده وحياته:

ولد الشيخ عبد الرحمن السعدي في الـيوم الثاني عشر من شهر محرم عام 1307 هـ، في مدينة عنيزة في القصيم، وعاش اغلب حياته يتيما، فقد توفيت والدته في 1310 هـ، وبعدها توفي والده في 1313هـ، (آل بسام، 1999م: 219).

تعلم القراءة والكتابة في سن مبكرة، ثم انكب على العلم الشرعي وانقطع له، ولم يشتغل بأي عمل اخر حرصاً منه على طلب العلم، فما لبث أن لاحظ أقرانه في طلب العلم تقدمه عليّهم، ونبوغه المبكر حتى تتلمذوا عليّه، وبدأوا يأخذون عنه العلم، وقد فتح الله عليه آفاق العلم، إذ اطلع على كتب متعددة في التفسير والحديث والفقه، فخرج عمّا اعتاد عليه علماء بلده من الاهتمام بالفقه الحنبلي فقط، وعنيّ بشكل خاص بكتب شيخ الإسلام ابن تيميّة وتلميذه ابن القيّم وسار على نهجهما في إتباع الأدلة والاستنباط. فخرج شيخنا – رحمه الله – من مرحلة التقليد إلى مرحلة الاجتهاد المقيد، وصار يرجح من الأقوال ما يرجحه الدليل ويصدقه التعليل، وكان إذا عرض عليه مسائل متعددة يجيب عليها باختصار غير مخل، وكانت فتواه غير طويلة، تدل على أنه سريع البديهة، قويّ الذاكرة، سريع الكتابة بديع التحرير، ولهذا نجد في مؤلفاته الكثير مما يدل على ذلك من اتصافها بالأسلوب الشيق الذي تفهمه العامة والخاصّة (نجم ،2004، 36-37).

كان السعدي – رحمه الله – معلم كبير وخبير، نشأت علاقته مع التعليم منذ بلوغه، حيث كان يعلم أقرانه ما يصعب عليهم؛ نظراً لنبوغه المبكر، ثم أصبح في سن الكهولة معلم بلده الأول، ووفد اليه أفواج الطلاب من داخل عنيزة وخارجها، وتخرجت على يديه أجيال إذ أمضى في التعليم قرابة خمسين سنة، وقد كان رحمة الله مهتما بالتجديد واعتبار المقاصد فيه، وجعل التعليم والتلاميذ شغله الشاغل، وتفرغ لهم بالكلية. (اليوسف، 2021: 99)

والده:

ولد ناصر آل سعدي في حدود 1243هـ في عنيزة، ونشأ نشأة صالحة، فكان: عابداً، حافظاً للقرآن، محباً للعلم وأهله، وكان يقرأ على جماعة المسجد الكبير المواعظ دبر صلاة العصر وقبل صلاة العشاء (القاضي، 1983: 220).

والدته:

أما أمه فمن آل عثيمين، وهم من آل مقبل، من آل زاخر، البطن الثاني من الوهبة، نسبة إلى محمد بن علوي بن وهيب، ومحمد هذا هو الجد الجامع لبطون الوهبة جميعاً، وآل عثيمين كانوا في بلدة أشيقر الموطن الأول لجميع الوهبة، ونزحوا منها إلى شقراء، فجاء جد آل عثيمين الموجودين في عنيزة من شقراء إلى عنيزة وسكنها (السعدي، السعدي، 2007 :19)

إخوته:

‎ للشيخ السعدي رحمه الله ثلاث أخوان هو اوسطهم سناً، أما أكبر الثلاثة؛ هو حمد الناصر العبد لله السعدي (1292- 1390)، وأمه رقية العرينان من أشراف قريش، وهو الذي نشأ عندهم الشيخ، ونشأ نشأة صالحة، حيث هيئوا له أسباب تحصيل العلم، وللشيخ أخ شقيق هو سليمان الناصر العبد الله السعدي (۱۳۰۸هـ – ۱۳۷۳هـ)، والأخ الثالث للشيخ من أمه هو حمد العلي القاضي رحمه الله.

‎وللشيخ خمس أخوات أكبر منه سنا؛ هن نورة، وحصة، ومنيرة، وموضي، ومضاوي (السعدي، السعدي، 2007 :11).

2-1 مشايخه البارزين:

2-1-1 إبراهيم بن حمد الجاسر:

ولد عام 1241هـ في بريدة، ونشأ فيها، وطلب العلم على علمائها ومشايخها، ثم تولى القضاء في مدينة عنيزة من عام 1318هـ إلى عام 1323هـ، بعد ذلك تولى قضاء مدينة بريدة من عام 1324هـ إلى عام 1326هـ، ثم ارتحل إلى الزبير يرافقه مجموعة من أعيان أسرة آل بسام، وعاد منها إلى بريدة عام 1329هـ، وجلس فيها يدرس، ومرض بعد فترة، فسافر للعلاج، ولكن المنية أدركته في الكويت عام 1338هـ، وقيل: عام 1342هـ.

وكان الشيخ عبد الرحمن السعدي من أبرز طلاب الشيخ ابراهيم، وكان من أوائل من قرأ عليهم في علم الحديث والمصطلح والأصول والفروع والتفسير.

وقد وصف ابن سعدي شيخه بالحفظ العظيم للحديث النبوي الشريف، وكان كثيراً ما يتحدث عن ورعه وصلاحه وتقواه.

2-1-2صالح بن عثمان القاضي:

ولد الشيخ صالح عام 1282هـ في شهر ربيع الأول، رباه والده وأحسن تربيته، ثم تولى تربيته أخواه حمد ومحمد، وقد قاموا بما عهد إليهم أتم قيام، فحفظ القرآن، وتعلم القراءة والكتابة، وبدأ يطلب العلم وفاق اقرانه، وأصبح إماماً لا مثيل له، وقد توفي رحمه الله في عام 1351هـ.

وقد قرأ عليه الشيخ عبد الرحمن السعدي، التوحيد والتفسير وأصول الفقه وفروعه وعلوم اللغة العربية.

وكان الشيخ ابن سعدي هو الذي يقرأ على الشيخ في الدرس، والشيخ يقره على قراءته، وقد بدأ القراءة على الشيخ صالح بعد وفاة عبد العزيز الغدير الذي كان يقرأ على الشيخ، وكان ابن سعدي له صوت حسن رخيم لا يمله سامعه، كما كان يختم المجلس بالقراءة؛ وقد كان ملازما للشيخ صالح في مجالسه الخاصة والعامة؛ لأنها مجالس علم وعلماء لا تخرج عن العلم؛ قراءة، وتعليماً، وتطبيقاً، وتوجيهاً، وإرشاداً.

2-1-3 صعب بن عبد الله بن صعب التويجري:

ولد سنة 1253هـ في بريدة، ونشأ فيها نشأة حسنة، ورباه والده فأحسن تربيته، وقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب، ثم أخذ في طلب العلم، وأخذه عن المشايخ في القصيم، ثم ارتحل إلى بعض البلاد النجدية والحجازية، حتى استزاد في العلم.

وكان من أبرز تلاميذه الشيخ عبد الرحمن السعدي، وكان ابن سعدي يثني على شيخه ويقول: إنه من أفضل أهل زمانه، وحسبك شهادة من أمثال ابن سعدي لهذا العالم الجليل.

وقد درس عليه الفقه وأصوله واستفاد منه كثيراً، خصوصاً في رحلته من بريدة إلى عنيزة، حينما جلس للتدريس.

توفي الشيخ صعب في بريدة في الخامس والعشرين من محرم سنة 1339هـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

: 2-1-4علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد السناني

ولد عام 1263هـ في عنيزة، ونشأ فيها، وكان والده عالماً، وقد توفي والده وهو في مرحلة الطفولة، وقد نشأ محباً للعلم، راغباً فيه، وأخذ في طلب العلم على علماء بلده ومن مر بها، وجد في تحصيل العلم، حتى أدرك الشيء الكثير، ثم تولى إمامة أحد الجوامع، وأخذ يعظ ويدرس، عرض عليه القضاء أكثر من مرة، ولكنه كان يرفض؛ إيثاراً للسلامة والعافية.

وكان من أخص طلابه الشيخ السعدي، حيث تعلم على يدي الشيخ أصول الدين.

توفي الشيخ السناني في عنيزة في العشرين من شوال عام 1339هـ، رحمه الله (الحمد، 2006 :226-227-228) (عقيل، 2006: 11-12).

المبحث الثالث: صفته في التدريس ومؤلفاته

صفته في التدريس:

كان – رحمه الله – من أحسن الناس تعليما وأبلغهم تفهما كانت أوقات تعليمه مرتبة ومنتظمة وكان منوعا في وسائل التعليم ليساعد طلابه على الحفظ، يختار من العلوم أثمرها ومن الكتب انفعها ويأخذ رأي طلابه ويشاورهم فيحرصون على تلقي ما لديه من علم والانتفاع بما يؤلفه من كتب ومؤلفات.

وكان ملازما لدروسه بقوة وجلد وصبر، لا يتضجر، صبوراً على شدّة البرد وعلى شدّة الحر في الدروس والتعاليم، ولم يسمع عنه أنه تضجر مرّة واحدة. (نجم، 2004: 49)

المطلب الثاني: التعريف بكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

المبحث الأول: أساليب الشيخ في التأليف

اعتنى الشيخ ابن سعدي بالتأليف على غير عادة الكثير من العلماء في عصره، حيث كانوا يهتمون بالتعليم عن طريق الحلقات، ولا يلقون بالا للتأليف؛ لأنه يأخذ وقتاً طويلاً منهم هم بأمس الحاجة إليه لتعليم الناس وقضاء حوائجهم. أما ابن سعدي رحمه الله؛ فقد وفقه الله للطريقين فسار سيراً متوازيا في التعليم وقضاء حوائج الناس والتأليف وكتابة الرسائل والردود والإجابة على الأسئلة التي ترد اليه. وقد ترك مؤلفات كثيرة تشهد بغزارة علمه وسعة اطلاعه وقدرته على التأليف (الطيار ،1992: 11)

المبحث الثاني: كتاب تيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

لقد كان للشيخ ابن سعدي بالغ الأثر في علم التفسير، حيث ألف تفسيره العظيم (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، ولم يكن معه وقت للكتابة في التفسير ولا غيره، بل كان يقرأ مع طلابه القرآن الكريم، ويفسره لهم أثناء القراءة ، ويبين لهم معانيه ، ووجوه إعجازه، ويستنبط لهم منه الفوائد، حتى إن من يستمع إليه ؛ يود لو أنه استمر في تفسير الآيات، وذلك من فصاحة لسانه ، وجزالة لفظه، وقوة بيانه، وتوسعه في عرض القصص، ودقة في استنباط الحكم التشريعية التي تخاطب العقل وتلجمه بلجام الإقناع السريع ( الطيار ،1992 :12).

3-1 رأي العلماء في تفسير السعدي:

يعد تفسير الشيخ ابن السعدي في كتاب (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، من أحسن التفاسير المعاصرة، وكان قد قال عنه الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله)، أنه من أحسن التفاسير، وكان يتميز بالسهولة واليسر وخلوه من الحشو والتطويل الذي لا فائدة منه.

فضيلة الشيخ محمد الألباني (رحمه الله):

تفسير جيد، وله أقوال جيدة مع أن مراجعتي له قليلة، لكن في حدود اطلاعي عليه تبين لي أنه متحرر الرأي والنظر بضوابط الشرع، وليس عنده جمود أو تعصب. (السعدي، 2024م: 7)

منهج السعدي في نقده للتفاسير:

يقول – رحمه الله تعالى – عن ذلك: ” كثرت تفاسير الأئمة – رحمهم الله – لكتاب الله تعالى فمن مطول خارج عن المقصود ومن مقتصر يقتصر على حل بعض الألفاظ اللغوية بقطع النظر عن المراد وكان الذي ينبغي في ذلك ان يجعل المعني هو المقصود ، واللفظة وسيلة إلية فينظر في سياق الكلام وما سبق لأجله ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر ” التفسير بالمأثور ” ويعرف أنه سيق لهداية الخلق كلهم ، عالمهم وجاهلهم حضريهم و بدويهم فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله من أعظم ما يعين على معرفته ومنهم المراد منه خصوصاً إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها .

فمن وفق لذلك لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكير في ألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمنه وما تدل عليه منطوقاً ومفهوماً فأن بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده فلابد أن يفتح عليه من علومه أموراً لا تدخل تحت كسبه. (المرنخ، 2002: 23)

المطلب الثالث: مهارات التفكير الإبداعي

ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن باقي المخلوقات بالعقل، والتفكير، والقدرة على التركيب، والتحليل، والتطوير في تلك الأفكار، من خلال المعرفة والتعَلم، مما ساعد الإنسان في انتاج أفكار تلبي احتياجاته، وتحسَن من إنتاجيته الفكرية، وحتى يتمكن الإنسان من الاستخدام الأمثل لقدراته ومهاراته يجب عليه تطويرها وتدريبها من خلال ممارستها حتى يصل إلى أفضل نتيجة، ومن أهم هذه المهارات التي يجب أن يحرص الإنسان على اكتسابها هي مهارات التفكير الإبداعي.

المبحث الأول : مهارات التفكير الإبداعي

يمثل التفكير الإبداعي أحد أنماط التفكير العليا، لأنه يتمثل في مجموعة من المهارات الهامة التي تشكل العناصر الأساسية لهذا النوع من التفكير، وقد تشكلت هذه العناصر بناء على مراجعة أكثر اختبارات التفكير شيوعا وهي اختبارات تورنس واختبارات غيلفورد التي تشير إلى أهم مهارات التفكير الإبداعي التي حاول الباحثون قياسها (جروان، 2012م: 94)، وهي كما يلي:

1. الطلاقة: (Fluency):

تشير الطلاقة إلى الجانب الكمي في الإبداع، أي أن الطلاقة تعني تعدد الأفكار التي يمكن أن يـأتـي بهـا المتعلم المبدع، ويجب أن تتميز هذه الأفكار بملائمتها لضرورة ومقتضيات البيئة الواقعية، وعليه يجب أن تستبعد الأفكار العشوائية، بالتالي كلما كان المتعلم قادرا على استحضار او انتاج عدد أكبر من الأفكار أو تحويلها إلى إجابات في وحدة الزمن، توفرت فيه الطلاقة بشكل أكثر من أقرانه (عبد السلام، 2020م: 56)

تعرف الطلاقة على أنها: القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار في وحدة زمنية معينة، وتشكل كـل خطوة متكاملة نقطة بدء جديدة في معالجة المشكلات. (المزيدي، ۱۹۹۳م: ۲۲۹)

• 1. أنواع الطلاقة:

صنف العلماء الطلاقة لخمسة أنماط تمثلت في التالي:

1-1-1 الطلاقة اللفظية (طلاقة الكلمات): عرف السيد طلاقة الكلمات عل أنها: إنتاج أكبر عدد من الكلمات في وحدة زمنية معينة، أو وحدات التعبير السمعي ( كالأصوات و الإيقاعات لدى الموسيقيين )(2005: 6)، واستحضار الكلمات بصورة تناسب الموقف التعليمي التعلمي، مثال ذلك أكتب أكبر عدد من الكلمات التي تبدأ بحرف م وتنتهي بحرف م، أو أكتب أكبر عدد من الكلمات التي تضم الأحرف الثلاثة: (ك، أ، ن)، او أعطي أكبر عدد ممكن من الكلمات المكونة من أربعة أحرف وتبدأ بحرف ج، أو أذكر جميع الاستخدامات لعلبة فارغة (حلاق، 2010م :60) (جروان، 2012م: 95).

1-1-2 طلاقة المعاني (الطلاقة الفكرية): عرف السيد طلاقة المعاني على أنها: إنتاج أكبر عدد من الأفكار – الملائمة في وحدة زمنية معينة (2005 :6) مثل القدرة على تغير الأشكال بإضافات بسيطة، وأيضاً القدرة على الرسم السريع لعدد من الاشكال والتفصيلات أو تعديل الاستجابة لمثير معين، وهي السهولة التي يستدعي بها الفرد المعلومات المختزنة في ذاكرته كلما احتاج إليها. ويمكن تقديرها كميا بعدد الاستجابات أو الأفكار المتصلة بمثير معين، والتي يمكن للفرد استحضارها في وحدة زمنية معينة بغض النظر عن مستوى هذه الأفكار أو أصالتها، مثل في حال زيادة عدد سكان الأردن بمقدار الضعفين اكتب النتائج المترتبة على ذلك، أو اذكر أكبر عدد ممكن من التأثيرات الناتجة عن مضاعفة طول اليوم ليصبح 48 ساعة (حلاق، 2010م :60) (جروان، 2012م: 95).

1-1-3 طلاقة الأشكال: وهي القدرة على الرسم السريع لعدد من الأمثلة والتفصيلات والتعديلات لمثير وصفي او بصري مثل كون أقصى ما تستطيع من الأشكال أو الأشياء باستخدام الدوائر المغلقـة أو الخطوط المتوازية (جردان، ۱۹۹۹م: ۸3).

1-1-4طلاقة التداعي: عرف السيد طلاقة التداعي بأنها: إنتاج أكبر عدد من الكلمات، وفقا لشروط معينة، في بنائها أو وزنها وإيقاعها أو تشابه كلماتها (2005 :6)، وتتمثل بالقدرة على إنتاج العدد الأكبر من الألفاظ ذات المعنى الواحد مثل: حروب، معارك، قتال، نزاع مسلح (حلاق، 2010م :61).

1-1-5 الطلاقة التعبيرية: الطلاقة التعبيرية أي إنتاج أكبر عدد من أساليب التعبير عن الأفكار، في وحدة زمنية محددة. (السيد، 2005 :6) قـد تكون شفهية أو تحريرية، وتعرف ايضا بأنها القدرة على سهولة التعبير والصياغة لأفكار معينة باستخدام الكلمات، بحيث يربط بينها ويجمعها جميعا لتكون متلائمة مع بعضها، وهذا النوع من الطلاقة يعتمد بشكل كبير على اللغة لأنها تستخدم الكلمات للتعبير عن أفكار أو معاني، ونقلها إلى الآخرين مع توظيفها بطريقة سليمة وتصوير جميل وبأسلوب رائع، مثال ذلك أعطي أكبر عدد ممكن من العبارات أو الجمـل ذات خمس كلمات تكون جميعها مختلفة عن بعضها البعض (عبد السلام، 2020م: 59).

1. المرونة: (Flexibility):

هي القدرة على إنتاج عدد منوع ومختلف من الأفكار والاستجابات والتحول من نوع معين من التفكير لآخر. السابق تتمثل هذه القدرة في العمليات العقلية التي من شأنها أن تميز بين الفرد الذي لديه القدرة على تغيير اتجاه تفكيره من زاوية الأخرى، عن الفرد الذي يجمد تفكيره في اتجاه واحد ( عبد السلام ، 2020م :60).

و يعرف جروان المرونه بأنها القدرة على توليد افكار متنوعة ليست من نوع واحد الأفكار المتوقعة عادة، وتوجيه مسار التفكير او تحويله مع تغير المشير أو متطلبات الموقف، والمرونة عكس الجمود الذهني الذي يعي تي ألحاط ذهنية محددة سلفاً وغير قابلة للتغيير حسب ما تستدعي الحاجة (2012م :96).

وتأخذ المرونة كإحدى مهارات الإبداع أشكالاً عدة، فهي:

2-1 مرونة تلقائية او العفوية (Spontaneous Flexibility):

تمثل المرونة التلقائية في حرية تغيير الوجهة الذهنية، حرية غير موجهة نحو حل معين؛ أي إمكان تغيير الشخص لمجرى تفكيره بشكل تلقائي، نحو اتجاهات جديدة بسرعة وسهولة، والتحرر من القصور الذاتي في التفكير، الذي يمنع من تغيير زاوية التفكير.( السيد ، 2020 :6) هي قـدرة الشخص على أن يعطي تلقائياً عـددا متنوعـاً مـن الاستجابات لا تنتمي إلى مظهر واحد، وإنما تنتمي إلى عدد متنوع، أي الإبداع في أكثر من إطار أو شكل ، حيث يستطيع الفرد أو المتعلم إنتاج أنواع مختلفة من الأفكار عند مواجهة مشكلة ما ، مثل لو كانت قائمة الاستعمالات المحتملة لكوب الشاي هي في شرب الماء ، شرب العصير ، شرب الشاي ، شرب . . إلخ، كل هذه الاستعمالات تنتمي إلى مفهوم الشرب ( حلاق ،2010م : 62) (إبراهيم، ۱۹۷۸م: ۲۲) (الحيزان ،2002م: 32)

2-2 مرونة تكيفية (Adaptive Flexibility):

تتمثل المرونة التكيفية في تغيير الشخص لوجهته الذهنية، لمواجهة مستلزمات جديدة تفرضها لمشكلات المتغيرة مما يتطلب قدرة على إعادة بناء المشكلات وحلها، وخاصة في مجالات مختلفة ، وتتبدى المرونة التكيفية في كثير من مواقف الحياة اليومية ، وهذا النوع من المرونة التكيفية له أهمية لكل المخططين، لحل المشكلات العمرانية والاقتصادية والاجتماعية… الخ. ( السيد ، 2020: 6) . يتعلق هذا النوع من المرونة بالسلوك الناجح لمواجهة موقف أو مشكلة معينة ، حيث يتمكن الفرد أو المتعلم من التكيف بسهولة مع الأشكال المتغيرة الجديدة التي تظهر عليها المشكلة، أو الموقف الذي يواجهه، وقد تأخذ المرونة عند من يمتلكها شكلا آخر مختلفاً عن سابقيه يتمثل في قدرة الفرد أو المتعلم على إعادة صياغة أفكاره حول مشكلة تواجهه، أو التخلي عن بعض هذه الأفكار لغرض استيعاب تلك المشكلة والوصول بها إلى حل ناجح لها ومن الأمثلة عليها: اكتب مقالاً قصيرا لا يحتوي على أي فعل ماض ، فكر في جميع الطرق التي يمكن أن تصممها لوزن الأشياء الخفيفة جدا ، ويلاحظ هنا أن الاهتمام ينصب على تنوع الأفكار أو الاستجابات، بينما يذكر الاهتمام بالنسبة الطلاقة على الكم دون الكيف والتنوع ( حلاق ،2010م : 62) (إبراهيم، ۱۹۷۸م: ۲۲) (جروان، 2012م: 96).

1. الأصالة (Originality):

تمثل الأصالة أعلى درجات سلم الإبداع، وإذا نظرنا إليها في ضوء كل من الطلاقة والمرونة نجد أنها تختلف عن كل منهما ، لأنها تعبر عن قدرة الفرد على إنتاج أفكار جديدة نادرة مدهشة، غير مألوفة قليلة التكرار داخل الجماعة التي ينتمي إليها ، وعلى هذا يكون الشخص المبدع شخص ذو تفكير أصيل، أي لا يكرر أفكار المحيطين به، وبذلك تكون أفكاره جديدة تتصف بعدم الشيوع والتقليد فهي أفكار جديدة مميزة غير مألوفة. (الحيزان ،2002م: 33) ( عبد السلام ، 2020، 62)

وتعرف الأصالة : إنها القدرة على إنتاج أكبر عدد من الاستجابات ذات الارتباطات البعيدة غير المباشرة بالموقف المثير، أو استجابات نادرة أو استجابات تتميز بالمهارة. ( المزيدي، ۱۹۹۳م: ۲۲۷)

وتعتبر الأصالة هي المهارة التي توصل من يمتلكها إلى التفكير بطريقة أصيلة تساعده في الوصول إلى أفكار جديدة أخرى تعزز من قدرته على استيعاب المشاكل التي تواجهه ومعالجتها بعمق وأصالة ( حلاق ، 2010م: 62).

الفصل الثاني: مهارة الطلاقة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان وتطبيقاته

إن من تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان منحه ميزه العقل و الفكر ، ليستخدمها في جميع مجالات الحياة ، وليستخدمها أيضا في تفسير القرآن الكريم التي يتصف بثباته ، و التي نستطيع الاستفادة منها في التربية الإسلامية ، فهي في آن الوقت تتسم بمرونة في تفسير معاني الآيات و استخدامها لمقاصد تربوية وايمانية و أخلاقية وغيرها ، و استخدامها في وسائل و أساليب تربوية بما يتناسب مع ظروف و أحوال الزمان و المكان .

والحقيقة أن الشيخ ابن سعدي أبدع وتميز بكثرة استنباط الفوائد من التفسير ، قال تلميذه ابن بسَّام: ((أمَّا كلامه على النصوص الكريمة سواء كان في التفسير أو في الحديث فأمرٌ عجبٌ، فإنَّه يستنبط منها من الأحكام والفوائد ما لا بتصوَّره طالب». ( بلهي ،2019: 1829)

سيتم ترتيب الآيات في مجموعات تم تقسميها وفقها لأنواع الطلاقة و موضحه في الفصل الثاني ، وترتيب كل نوع ترتيبا تنازليا وهي كما يلي :

طلاقة المعاني :

إن المتأمل في تفسير السعدي ، يلمس بوضوح طلاقته الفكرية الواضحة ، و قد وصف الباحثون تفسيره بالإبداع في توظيف المعاني ” وقد أبدع في استخرج كنوزا من المعاني و جواهر من الدلالات، و استثمار الكثير من الفوائد المستخرجة من فحوى الآيات القرآنية” ( التركي ، 2019: 1301) ، و تتجلى قدرته الفائقة على إنتاج عدد من الأفكار الملائمة ، و بناءً على هذا المفهوم ستقوم الباحثة بإيضاح طلاقة المعاني لدى السعدي :

• 1. ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾( النبأ : 12 ) ؛ أي: سبع سماوات في غاية القوة والصلابة والشدة، وقد أمسكها الله بقدرته، وجعلها سقفًا للأرض، فيها عدة منافع لهم، ولهذا ذكر من منافعها الشمس . ( السعدي ،2022 : 1236)

تتضح طلاقة المفسر الفكرية في إيضاح الفكرة و عمقها حيث أفتتح تفسير الآية بأسلوب مباشر يبين أن (السبع الشداد) هي سبع سماوات ثم وضح صفتها بأنها قوية و شديدة ، وهو بذلك قام بتوضيح الفكرة ، ثم تدرج في الشرح ، حيث بدأ بتفسير مباشر ثم انتقل إلى بيان المنافع و الغاية من خلقها ،إن كثرة تدبر كتاب الله وسنة رسوله أفضل الأمور على الإطلاق، ويحصل فيها من تفتيح الأذهان، وتوسع الأفكار والمعارف الصحيحة، والعقول الرجيحة، ما لا يمكن الوصول إليه بدون ذلك، وكذلك التفكر فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه، من السماوات والأرض وما أودع فيهما من المخلوقات والمنافع ليستدل بها على التوحيد والمعاد والنبوة وبراهين ذلك، وليستخرج منها ما فيها من المنافع النافعة للناس في أمور دينهم ودنياهم. ( السعدي ، 2005 :202)

• 1. ﴿ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾( النبأ : 16 )؛ أي: بساتين ملتفة فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة؛ فالذي أنعم بهذه النعم الجليلة التي لا يقدر قدرها ولا يحصى عدها؛ كيف تكفرون به وتكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها؟! ( السعدي ، 2022: 1236 )

، وصف المفسر النعم الإلهية ومنها بساتين مليئة بأنواع الفواكه اللذيذة ، مما يبرز وفرتها و عظمتها ، وقد اشتمل تفسير الآية على معاني كثيرة احتوتها الأسئلة الاستنكارية عن إنكار الإنسان لفضل الله ، رغم وضوح نعمه على عبادة وبهذه الطريقة ، وقد أثار الشيخ رحمه الله تساؤلات بطريقة فيها شحذ للذهن وإيقاد للعقل ( العنزي ، 2024 : 15) ، والعاقل يعلم أنّه ليس له أن يستعمل نعم المنعم في معصيته، وكل عاقلٍ يدرك يقينًا أنّه لا يُنعم بهذه النّعم إلا الله، وهذا يدل على أنّه سبحانه يستحق الألوهية، وأنّه الذي يجب أن يُعبد، وأنّ هذه النّعم ينبغي على العبد أن يستعملها في طاعة اللّٰه وأن لا يستعملها في معاصي اللّٰه سبحانه وتعالى.(الرحيلي، 2021 :14)

• 1. ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ ( التكوير : 5 ) أي: جمعت ليوم القيامة؛ ليقتص الله من بعضها لبعض، ويري العباد كمال عدله، حتى إنه يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء ثم يقال لها: كوني ترابًا.( السعدي ، 2022: 1242)

بين المفسر إن حشر الوحوش يوم القيامة ليس مجرد جمع ، بل لأجل إقامة العدل الإلهي بينها ، و تدرج في شرح المعنى ، حيث بدأ بذكر الحشر ، ثم وضح سببه وهو القصاص بين الحيوانات ، ثم بيّن نهايتها وهو تحويلها إلى تراب ، و استخدم ألفاظ تصور المعنى بأسلوب حي ، تجعل القارئ يتخيل الحدث أمامه مما يعزز المعنى ، و يفيد ذلك في ضرورة تزويد المتعلم بمعلومات دقيقة و ألفاظ تصور المعنى بشكل ملموس ، و ذلك باستخدام أسلوب ضرب المثل، وحتى لا يشّكل عليه الفهم ، و ينور القارئ للمعنى المقصود ، ويعتبر أسلوب ضرب المثل ، بحاجه إلى دقة في التصور و حسن الاستنباط العقلي ، حتى يصل إلى نتيجة مقنعة، تزيد من تحريك العقول وتحريرها من محدودية التفكير، الذي يزيد المعاني غموضا وتجريدًا ، لذلك يعد ضرب المثل مثيرًا للتفكير من أجل ربطه بالواقع ( الشهري ، 2013 : 154)

اتضح لي احتواء التفسير على طلاقة المعاني ، وذلك من خلال الإيضاح المباشر للأفكار و التدرج في شرحها ، وبيان المنافع و الغايات ، و إثارة التساؤلات الشاحذة للذهن ، و وضع الاحتمالات ، و استنباده لدلالات عميقة من الآيات الكريمة ، وهذا يدل على ثراء فكرة و اتساع مفاهيمه ، ويعد تفسير السعدي إضافة قيمة لعلم التفسير .

طلاقة التداعي:

تبحر الشيخ في إيضاح معاني الآيات بطريقة سهله واضحة خاليه من التعقيد ، لأنه واعيا لضرورة تحصيل المعنى من مقتضيات الألفاظ التي تتوقّف عليها، قال السعدي في ذلك : إن التفكّر في الأمور التي تتوقف عليها الألفاظ، ولا تحصل بدونها، وما يشترط لها ، وما يتفرع عنها، وما ينبني عليها، والإكثار من هذا التفكير وداوم عليه، حتى تصير لك ملك جيدة في الغوص حتى تصل إلى المعاني الدقيقة. ( التركي ، 2019: 1297)

و كذلك يؤكّد الشيخ السعدي: أنّ من تدبّر نصوص الشريعة على هذا المنهج من كثرة التفكّر في ألفاظها ومعانيها ولوازمها، وما تتضمّنه، وما تدل عليه منطوقا ومفهوما، وبذل وسعه في ذلك، فالربُّ أكرمُ من عبده، فلا بد أنّ يفتح عليه من علومه أمورا كثيرة( التركي ، 2019: 1296)

وقد عرف السيد طلاقة التداعي بأنها : إنتاج أكبر عدد من الكلمات، وفقا لشروط معينة، في بنائها أو وزنها وإيقاعها أو تشابه كلماتها (2005 :6) ، وعليه سيتم تقسيم على ثلاث أقسام وهي : حسب بنائها و إيقاعها ، حسب وزنها ، حسب تشابه كلماتها .

• 1. بناءها و إيقاعها :

2-1-1 ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ ( التكوير : 27 ) : يتذكرون به ربهم وما له من صفات الكمال وما ينزه عنه من النقائص والرذائل والأمثال، ويتذكرون به الأوامر والنواهي وحكمها؛ ويتذكرون به الأحكام القدرية والشرعية والجزائية، وبالجملة يتذكرون به مصالح الدارين، وينالون بالعمل به السعادتين. ( السعدي ، 2022 : 1244)

جمع الشيخ ألفاظ مختلفة تعبر عنها بإيقاعات صوتية متقاربة مما يعكس طلاقته اللغوية :

ذكر (صفات الكمال) مقابل نقيضها وهي ( النقائص و الرذائل و الأمثال ) وهو بذلك استخدم أسلوب الضد ليبين كمال الله عز وجل ، و ذكر ( الأحكام القدرية و الشرعية و الجزائية ) وهي عدد أنواع الأحكام المختلفة ، أيضا قال 🙁 مصالح الدارين ) و ( السعادتين ) وهنا تتضح شمولية نظرته ، حيث وسع المعنى ليشمل الدنيا و الآخرة ، بطريقة إيقاعية جميلة .

و قد جمع بين معنين متضادين بأسلوب إيقاعي متوازن ، مما يجعل القراءة متسلسلة بطريقة موسوعية تشمل جميع الجوانب المحيطة بالآية .

و قد حث السعدي على ضرورة الجمع بين معنين متناقضين أو معاني مختلفة ، و التفضيل بينهما حيث قال : إن الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليثمر منهما معرفة ثالثة كاستحضار الدنيا وصفاتها والآخرة وصفاتها؛ ليثمر من ذلك أيهما أحق بالإيثار، واستحضار الأخلاق والأعمال الصالحة والفاسدة هل وجودها خير أو عدمها، ثم يؤثر العاقل أنفع الأمرين وهكذا .( السعدي ،2000 :550)

• • 1. هذه الأوصاف التي وصف بها يوم القيامة من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب، وتشتد من أجلها الكروب، وترتعد الفرائص، وتعم المخاوف، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم، ولهذا قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين؛ فليتدبر سورة ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾( التكوير :1). ( السعدي ، 2022: 1244)

يجمع الشيخ في تفسير الآية بين الجمال اللغوي و العمق المعنوي وهي تتضح في استخدام إيقاع صوتي قوي في تركيب الجُمل في قوله : ( تنزعج لها القلوب ) ،( تشتد من أجلها الكروب ) ،و أيضا ( ترتعد الفرائض) ، ( تعم المخاوف ) ، مما يضفي تعبيرًا تصويريًا و قويًا على النص ، يجسد من خلاله مشاعر عاطفية تصغي لها المسامع و تخشع بها البصائر من أهوال يوم القيامة.

تعبير الجملتين الأولى عن السجع المرصع ، وهو أن تتفق ألفاظ جملتين وزنًا وقافية ، أما الجملتين التاليتين ، تعبير عن السجع المتوازن ، والذي يعني أن تتفق الجملتان في الوزن دون القافية .( محمود ، 2012: 110)

• • 1. ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾ ( الأعلى : 9 ) أي: طهر نفسه من الذنوب، ونقاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح( السعدي ،2022: 1260)

تظهر طلاقة المفسر في قدرته على التعبير المتسلسل و المتوازن باستخدام جُمل و مصطلحات ، متقاربة في بنيتها اللغوية، مثل : ( الذنوب ، العيوب ) ( نقاها ، رقاها ، علاها ) ، وهذا يجعل التفسير فيه إيقاع صوتي جميل و سلس يسهل حفظه ، إن الكلام الموزون ذا النغم الصوتي يثير انتباهًا عجيبًا لدى البشر ، وذلك لما فيه من توقع لمقاطع خاصة ، تكون سلسلة التردد ، وهذا يشد المسامع حين وقع الرنين .( محمود ، 2012 : 112)

• • 1. ﴿ التَّكَاثُرُ ﴾( سوره التكاثر : 1 ) : ولم يذكر المتكاثَر به؛ ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون ويفتخر به المفتخرون؛ من الأموال والأولاد والأنصار والجنود والخدم والجاه وغير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود منه وجه الله. ( السعدي ، 2022: 1270 )

إن تفسير الآية بأسلوب سلس يقدم فيه السعدي معنى ” التكاثر ” بأسلوب يتضح من خلاله دلالة الآية دون اللجوء لتعريفها مباشرًا ، وهذا ما يظهر جليًا في النص الذي يبيّن طلاقته اللغوية ودقته في التعبير، و التي اتضحت في استنتجه صورًا كثيرة لما يتكاثر به الناس دون تحديد المتكاثر به ، مما يعطي شمولية المعنى ليشمل جميع صور التكاثر ، أيضا عبر عنها بتناغم العبارات واضح في ( يتكاثر به المتكاثرون ) و ( يفتخر به المفتخرون ) ، مما يعطي المعنى إيقاع صوتي جميل ، وقد برع السعدي في استخراج المعاني ، التي لم يصرح اللفظ بذكرها ، وهذه القاعدة من أجّل قواعد التفسير و أنفعها وتستدعي قوة فكر وحسن تدبر وصحة المقصد .( الحارثي ، 2016 : 80).

• 1. وزنها :

2-2-1 ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾(البروج : 3 ) وشمل هذا كل من اتصف بهذا الوصف؛ أي: مبصِر ومبصَر وحاضر ومحضور وراءٍ ومرئيٍّ.( السعدي ، 2022 :1251)

تظهر طلاقة المفسر في استخدام ألفاظ مترادفة ، بطريقة مترابطة ، إن معرفته الواسعة باللغة العربية ، ساعده على توليد معانً متعددة وعميقة ، مما يضيف للقارئ لمسة صوتيه إيقاعية جمالية ، تسهل عليه فهم المعنى المرجو ، وكان الشيخ السعدي -رحمه اللّٰه – يدرك من الشعر طرائقه وأوزانه، ما يدل على اطلاعه الواسع على ديوان العرب ( الحامد ، 2019: 1659)

• 1. تشابه كلماتها:
     1. ﴿ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) ﴾( المطففين : 24 ) أي: بهاءه ونضارته ورونقه؛ فإن توالي اللذات والمسرات والأفراح يكسب الوجه نورًا وحسنًا وبهجة.( السعدي ، 2022: 1247 )

توسع المفسر في استخدام المفردات المترادفة ، التي تعبر عن نفس الفكرة ، و لتأكيد جمال و روعة المعنى المقصود من الآيه ، حيث جمع تفسير الآية بألفاظ مترابطة تشير إلى الفرح و السرور من انعكاس النعيم على الوجه مما يجعله مشرقا ومضيئا ونضرًا ، كقوله : بهاءه ، نضارته ، رونقه ، نورا ، حسنا ، بهجة ، ومما اعتنى به السعدي في استنباطاته في علوم القرآن استنباط معاني متكرره ( الحارثي ، 2016 : 54)

• • 1. ﴿ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾( الانشقاق : 15 ): فلا يحسن أن يتركه سدًى لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب. ( السعدي ، 2022: 1249)

جمعت الآية بين ألفاظ تدور حول فكرة طاعة الله و أثره في قوله :

( لا يؤمر ولا ينهى ) : تدل على الامتثال لأمر الله وترك نواهيه نواهيه .

( لا يثاب ولا يعاقب ) : تدل على الأثر ما سبق وهو الجزاء و الحساب .

( لا يترك سدى ) : تأكيد يجمع بين المعنين السابقين .

ويعتبر الثواب والعقاب ، أو الترغيب والترهيب ، أسلوبين من أساليب التربية وكثيراً ما يرد ذكرهما مقترنين في القرآن الكريم والسنة الصحيحة ( الرشودي ، 2000: 377)

• • 1. ﴿ الْوَدُودُ ﴾( البروج : 14 ) : الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء؛ فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال والمعاني والأفعال؛ فمحبته في قلوب خواص خلقه التابعة لذلك لا يشبهها شيء من أنواع المحاب، ولهذا كانت محبته أصل العبودية، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها، وإن لم تكن غيرها تبعًا لها؛ كانت عذابًا على أهلها، وهو تعالى الودود الواد لأحبابه .( السعدي ، 2022: 1250)

جميع العبارات تدل على محبة خاصه وخالصة و عظيمة لا مثيل لها ، تملأ قلوب المؤمنين:

الذي يحبه أحبابه – محبة لا يشبهها شيء – محبته في قلوب خواص خلقه – محبته أصل العبودية – محبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها – و هو تعالى الودود الواد لأحبابه ، عرف السعدي _رحمة الله- اسم الله الودود في قوله: (ومعنى الودود من أسمائه تعالى أنه يحب عباده المؤمنين، ويحبونه، فهو فعول بمعنى فاعل ومعنى مفعول)( الطيار ، 2000: 314)، إن من تمجيد أسماء الله الحسنى ، ومدحه ، و الثناء عليه، و تعظيمه ، الشرح الكافي و الوافي من تفسير اسم من أسماء الله الحسنى ، التي تحمل معاني جليٌ بها الأحاديث الطويلة ، إن شرح أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن على وجه الإيجاز غير المخل ، هو أعظم أصول التوحيد ولا يكتمل التوحيد إلا به ، فإن معرفة الله أصلها معرفة أسمائه الحسنى و ما تشتمل عليه من المعاني العظيمة و التعبُّد لله بها ( السعدي ، 2010: 742) ، لذلك نحن مأمورين بتدبرها و التفكر في معانيها .

2-3-4 ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾( الشرح : 4 ) أي: أعلينا قدرك، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي، الذي لم يصل إليه أحد من الخلق؛ فلا يذكر الله؛ إلا ذكر معه رسوله ﷺ؛ كما في الدخول في الإسلام، وفي الأذان، والإقامة، والخطب… وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد ﷺ، وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره بعد الله تعالى؛ فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته. ( السعدي ، 2022: 1263 )

جميع العبارات الدالة على تشريف الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلو مكانته في الدنيا و الآخرة ، وهي أعلينا لك ذكرك ، جعلنا لك الثناء الحسن العالي ، ربط ذكره بذكر الله سبحانه وتعالى ، له في قلوب أمته محبة و إجلال وتعظيم ، جزاه الله بأفضل جزاء نبيًا عن أمته ، و هذا يبرز أهمية تعظيم الرسول ﷺ ، و استخراج الفوائد من سيرته الحسنة ، و تمرين الذهن على كلام اللّٰه وكلام رسوله بتدبرهما وتفهم معانيهما ، ويشير السعدي إلى أهمية إعمال الفكر في مجال تقوية الجانب الفكري لدى المسلم ، وشحذ ذهنه فيؤكد على أن: ( كثرة تدبر كتاب الله وسنة رسوله أفضل الأمور على الإطلاق ، ويحصل فيها من تفتيح الأذهان ، وتوسع الأفكار والمعارف الصحيحة ، والعقول الرجيحة ، ما لا يمكن الوصول إليه بدون ذلك ). (الرشودي ، 2000 : 2013-2014)

1. الطلاقة التعبيرية:

نزل القرآن هدى للناس أجمع ، وحتى يتأثروا ب آيات ، على المفسر أن يمتلك طلاقة تعبير ، تأثر في مشاعر قارئيه وتحثهم وتعظهم موعظة حسنة ، يردهم بها إلى طريق الحق و الرشد ، وقد تمتع المفسر السعدي بقدرة على التأثير في نفوس الناس ، و سيتم إيضاح طلاقته التعبيرية فيما سيأتي :

• 1. ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾( التكوير : 24 ) أي: وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيح أو يكتم بعضه، بل هو ﷺ أمين أهل السماء وأهل الأرض، الذي بلغ رسالات ربه البلاغ المبين، فلم يشح بشيء منه عن غني ولا فقير ولا رئيس ولا مرؤوس ولا ذكر ولا أنثى ولا حضري ولا بدوي، ولذلك بعثه الله في أمة أمية جاهلة جهلاء، فلم يمت ﷺ حتى كانوا علماء ربانيين وأحبارًا متفرِّسين، إليهم الغاية في العلوم، وإليهم المنتهى في استخراج الدقائق والمفهوم، وهم الأساتذة، وغيرهم قصاراه أن يكون من تلاميذهم. ( السعدي ، 2022 : 1244 )

أشار المفسر إلى بعض التأكيدات التي تبرز صفات الرسول ﷺ ، في تبليغ و إكمال الرسالة الربانية ، وهي الأمانة و العطاء مما يؤكد على شمولية الرسالة وعموميها ،ثم قارن بين ما كان عليه قومه من الجهل و صاروا عليه من نشر العلم بينهم حتى أصبحوا علماء، حيث كان للرسول ﷺ الأثر الأكبر لنقل قريش من ظلمات الجهل إلى نور العلم .

إن هذا يبين عمق الرسالة الربانية وتأثيرها على المجتمع في ذلك الوقت و في العالم أجمع حتى وقتنا الحالي ، فقد شرف الله سبحانه وتعالى العلم و العلماء ، ورفع منزلتهم و مقامهم ، وكان للمفسر نظره ثاقبة حول تبيان ضرورة و أهمية العلم ، الذي يعد المصباح المنير في دروب الحياة المظلمة ، وهدى يهتدي به الإنسان لطريق الحق ، وما يساهم به من تغير حال إلى حال أفضل .

و يعد التدبر مفتاح المعارف والعلوم يقول الشيخ السعدي : “يأمر تعالى بِتَدَبُّر كتابه، وهو التأمل في معانيه وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك؛ فإن في تدبر كتاب الله مفتاحا للعلوم والمعارف وبه يستنتج كل خير . ( العنزي ، 2024 : 14)

• 1. ﴿ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾( الانشقاق : 19 ) أي: أطوارًا متعددة وأحوالًا متباينة من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى نفخ الروح، ثم يكون وليدًا وطفلًا ومميزًا، ثم يجري عليه قلم التكليف والأمر والنهي، ثم يموت بعد ذلك، ثم يبعث ويجازى بأعماله؛ فهذه الطبقات المختلفة الجارية على العبد دالة على أن الله وحده هو المعبود الموحد المدبر لعباده بحكمته ورحمته، وأن العبد فقير عاجز تحت تدبير العزيز الرحيم.( السعدي ،2022: 1249)

جمع تفسير الآية بين الوضوح و بيان بلاغة المفسر ، حيث بدأها بالطور الأول للإنسان وهو ” النطفة “، ثم أكد على إعادة المراحل و الأطوار حيث بدأها بـ”الوليد ” حتى يعزز الفكرة و يرسخ حاجة و افتقار الإنسان إلى خالقه ، وقد وصف الله سبحانه وتعالى مراحل تطور الإنسان في مواضع عدة في القرآن الكريم ، و حكاها المفسر كرواية قصيره ، في تفسير الآية الكريمة ، يجذب القارئ إلى اكمالها ، وتتبع مراحل العمرية ، ومن الضروري معرفة المراحل العمرية للأطفال، حتى لا يتوقع من الطفل مستويات عالية جداً من السلوك، أو منخفضة للغاية في مرحلة عمرية معينة، وكلا هذين النمطين من مستويات التوقع السلوكي ينطوي عليه اثار بالغة الخطورة في الرعاية والتوجيه التربوي نحو القيم؛ فإن توقع من الطفل مستويات أعلى من لسلوك؛ فمن المحتمل أن تنمو لدى الطفل مشاعر عدم الكفاية أو عدم الأهلية، وإن توقع منه سلوكيات اقل من المستوى الذي وصله الطفل؛ فإن ذلك يؤدي إلى خفض حالة الدافعية في الطفل؛ وبالتالي ينمو بمستوى أقل من قدراته الحقيقية ( نصيرات ، 2018: 559) ، وبعد ان انتهى من ذكر المراحل ختمها بموعظة تفيد القارئ و توقظ غفلته لما فيها من تعظيم الخالق سبحانه ، و الحث على اتباع أوامره و اجتناب نواهيه حتى يسعد في معيشته الدنيوية و الأخروية .

وقد اعتبر العلماء وهذه الآيات من الآيات التي يربطها المتخصصون في الإعجاز العلمي بما بثبته العلم الحديث في خلق الإنسان من المراحل والأطوار التي يمر بها الجنين قبل أن تنفخ فيه الروح التي بها يصير الجسد إنسان، ويرى هؤلاء المتخصصون أن علم الأجنّة اليوم قد بدا واضحا لدى أهله، وأنّ أصوله قد قرّرها القرآن الكريم، ولم يعقّب عليه فيها، وإنّما اعتمدها الباحثون أساسا لتجاربهم وبحوثهم.( الباتلي ، 2019: 1796)

مما سبق اتضحت طلاقة المفسر ، و طريقته في تعبير وشرح آيات الله ، و وصفها وصفًا يليق بعظمتها، إن التفكير الإبداعي في القرآن الكريم لم يمتدح لذاته بل لغاياته واستخداماته فمن استخدمه لتتحقق العبودية لله كان محموداً وعلى العكس فيمن استخدمه ليصد عن سبيل الله ( أبا الخيل ، 2006: 68) ، فتارة يفتتح عبارات تشرح الآية قبل ذكرها ليمهد الطريق للقارئ ، و ليبين للقارئ عِظم الآيات ، ويشد انتباهه لأهمية ما سيُقدم عليه من حكم وموعظة اشتملت عليه هذه الآيات ، تحتاج إلى استعداد ، و حسن تدبر ، من خلال خشوع القلب ، وايقاظ العقل ، و خضوع الحواس فلا يعبث بشيء ،أو يشغل سمعه وبصره ، حتى يستطيع استيعاب كل المعاني التي تحيط بهذه الآية ، وتارة شرح و فسر الآية بعد ذكرها ليوضح للقارئ معناها الواضح و الخفي و التعبير عنها بما يليق عظمةً بآيات الله ، و قد حث على ضرورة تدريب النفس وعلى : ( كثرة التفكر في هذه الأمور وما يتبعها، فلا بد أن تترقى أفكاره وتتسع دائرة عقله وينشحذ ذهنه؛ ومن ترك التفكر جمدت قريحته وكل ذهنه، واستولت عليه الأفكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل ضررها أكثر من نفعها) ( السعدي ، 2005 :202).

التطبيقات التربوية لمهارة الطلاقة

وأنفع ما ينبغي تمرين الذهن عليه كلام الله وكلام رسوله، فإن فيهما الشفاء والهدى: مجملا ومفصلا، وفيهما أعلى العلوم وأنفعها وأصلحها للقلوب والدين والدنيا والآخرة.

التطبيقات التربوية في المدرسة :

1. تشجيع التلاميذ على إعطاء أكبر عدد من الاستجابات ، خلال فترة زمنية معينة يحددها المعلم:

• يشجع المعلم تلاميذه على صياغة جمل و قوافي ، بطريقة شعرية تتاسب مع موضوع الدرس .
• يشجع المعلم تلاميذه على إعطاء مجموعة من الإجابات حول سؤال واحد .
• يشجع المعلم تلاميذه على صياغة مجموعة من الأسئلة حول موضوع معين .
• يشجع المعلم تلاميذه على إعطاء أكبر عدد من المترادفات و المتناقضات في كلمة مختارة .

وذلك يعزز الطلاقة او طلاقة المعاني و طلاقة التداعي لديهم ، عن طريق توليد أكبر عدد ممكن من هذه الأفكار .

1. تفعيل مهارة الطلاقة ضمن الأنشطة الصفية ، مع تحديد مدة زمنية معينة :

• يمكن تطبيقها من خلال كتابة مجموعة من القصص لنفس الصورة .
• تعدد استخدامات مورد من الموارد الطبيعية .
• استخراج أكبر قدر ممكن من الآيات المتشابهة بين سورتين .
• كتابة قصص مستوحاة من أسماء الله الحسنى .
• شرح النعم المحيطة ، داخل الصف .

وهذا الأنشطة تعزز الطلاقة التعبيرية ، داخل الفصل الدراسي .

1. توفير بيئة خالية من النقد ، حيث يكون التعبير حر ومفتوح دون الخوف من الخطأ .
2. تركز هذه المهارة على الكم دون الكيف ، لذلك على المعلم التركيز على عدد الأفكار أكثر من جودتها ، وهذا يدرب العقل على تجاوز حدود التفكير التقليدي ، و الإنطلاق إلى عالم من الأفكار ، وهو بذلك يعزز الطلاقة الفكرية للطلاب .
3. استخدام ألعاب جماعية تعين على التفكير الجماعي المتوسع ، مثل العصف الذهني ، وعلى المعلم تقبل جميع الأفكار المقترحة ، ويعبر هذا النشاط نشاط اجتماعي تعاوني .
4. تعزيز القيم الإسلامية ، عن طريق تعداد مواطن ذكرها في القرآن الكريم .
5. تنمية مهارة التفسير للآية ، بعد العودة إلى مجموعة من التفاسير ، على الطالب أن يكتب تفسير الآية كما يراها .
6. توظيف الأسئلة التحفيزية ، لتنمية الطلاقة الإبداعية .
7. التدريب على الارتجال في الإلقاء ، ومخاطبة الجماهير ، و على المعلم الابتعاد عن النقد أو قطع أفكار المتحدث بس تركه يتحدث حتى يسكت .

10-تطوير الطالب على اكتساب مهارة الطلاقة اللفظية ، من خلال إنتاج أمثال مستوحاة من الواقع الدراسي أو الاجتماعي .

11-ترسيخ المفاهيم، عن طريق إعادة صياغة التلاميذ للفوائد المستفادة من الدرس مستخدمين مهارة الطلاقة ، مما يساعدهم على ترسيخ المعلومات و تحفيز التفكير .

الفصل الرابع: مهارة المرونة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان وتطبيقاته:

إن من أحد المتطلبات الضرورية ، التي يجب أن يمتلكها الفرد لمواجهة المواقف المختلفة ،هي المرونة الفكرية ،التي تتمثل في القدرة على تغيير زاوية التفكير ، والتي يترتب عليها تغيرات غير متوقعة ، و يواجه فيها الفرد مواقف بأساليب مختلفة ، تتفق مع المتغيرات المتعلقة بها ، و الأشخاص المرنون يعرفون كيف يحددون أولوياتهم ويتعاملون مع المواقف بطريقة منظمة مما يساعدونهم على تقليل الضغط النفسي .

و تعتبر المرونة مهارة عظيمة ، لأنها تعكس قدرة الإنسان على التكيف مع المواقف المختلفة وتجاوز الصعاب، وهي مبدأ يُمكن استنباطه من الآيات القرآنية التي تظهر كيف وجّه الله الإنسان ليكون ميسرًا و إيجابيًا في سلوكه وتعامله مع الآخرين .

مرونة تلقائية او العفوية :

تنوَّعت الأصول التي يستنبطها ابن سعدي، كأصول الشرع العامَّة، والأصول الاعتقادية، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية ، والأصول بالمتعلقة بالأخلاق وغيرها، التي تبرز مدى عناية الشيخ بهذه الأصول( بلهي ، 2019: 1844)، ورى السعدي أن كتاب الله قد احتوى على الكثير من علوم التي يوصي باستخراجها حيث يقول : ” نزّل الكتاب هدى وشفاء لما في الصدور، وأودع فيه من أصناف المعارف وأنواع العلوم ما تستقيم به الأمور، يسَّره للمتذكِّرين، وبيّنه للمتدبِّرين، وكشفه للمتفكرين، وأصلح به الظاهر والباطن والدنيا والدين، وجعله من فضله وكرمه حاويًا لعلوم الأوَّلين والآخرين، ومهيمنًا على الكتب والمقالات، وآيةً للمستبصرين”. ( السعدي ، 2010: 735) وفيما يلي عرض الآيات التي احتوت على المرنة التلقائية:

• 1. ﴿ بَرَرَةٍ ﴾( عبس :16) أي : قلوبهم وأعمالهم. وذلك كله حفظ من الله لكتابه؛ أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلًا، وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول.( السعدي ،2022: 1242)

اشتمل التفسير على عدة أفكار وهي :

1-1-1تحدث على نقاء قلوب و أعمال الملائكة .

• • 1. حفظ الله لكتابه ، حيث جعل له أفضل و أطهر السفراء .
    2. منع الشيطان من الوصول له ، و التلاعب به .
    3. دعوة إلى القبول و الإيمان به .

الإيمان بالملائكة قاعدة ينطلق منها التفكير الإنساني مدركاً أهميته وكرامته.( أبا الخيل ، 2006: 137)

• 1. ﴿ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ ﴾(عبس:22) أي: بعثه بعد موته للجزاء؛ فالله هو المنفرد بتدبير الإنسان وتصريفه بهذه التصاريف، لم يشاركه فيه مشارك، وهو مع هذا لا يقوم بما أمره الله، ولم يقض ما فرضه عليه، بل لا يزال مقصرًا تحت الطلب!( السعدي ،2022: 1242)

تتضح المرنة فيما اشتمل عليه تفسير الآية لعدة من الأفكار :

1-2-1إيضاح مسألة البعث بعد الموت للجزاء .

• • 1. تدبير الله وتصريفه أمور الناس .
    2. تفرد الله سبحانه وتعالى دون شريك .

1-2-4 تقصير الإنسان تجاه القيام بما أمر الله سبحانه وتعالى ، وتجنب نواهيه.

وتمثل هذه الدعوة العامة لكل من قصر بالنظر و التفكر فيما تفضل الله به علينا ، مما يوجب علينا الالتفات لما يتوجب علينا القيام به حتى نستدرك التقصير ونعوض ما فات ، ثم إن من الأساسيات التي تضيف قوة على قوة الإيمان باليوم الآخر حيث يرسم الطريق الموصل إلى السعادة الحقيقية التي ينشدها التفكير الإنساني، كما يتحدد في الوقت ذاته النهاية الحتمية، فيشعل بذلك فتيل التفكير الجاد المتكامل من النواحي المادية والمعنوية (الدنيوية والأخروية).( أبا الخيل ،2006: 137)

• 1. ﴿ وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾( الفجر : 1-2 ):الظاهر أن المقسم عليه هو المقسم به، وذلك جائز مستعمل إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًّا، وهو كذلك في هذا الموضع. فأقسم تعالى بالفجر، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار؛ لما في إدبار الليل وإقبال النهار من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى، وأنه تعالى هو المدبر لجميع الأمور، الذي لا تنبغي العبادة إلا له. ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح ليالي عشر رمضان أو عشر ذي الحجة؛ فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع بغيرها. وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها صيام آخر رمضان، الذي هو أحد أركان الإسلام العظام. وفي أيام عشر ذي الحجة الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان؛ فإنه ما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله على عباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة مستحقة أن يقسم الله بها. ( السعدي ،2022: 1256 )

قد عبر المفسر عن الآية بأسلوب تحليلي ، حيث وضح العديد من الأفكار وهي :

1-3-1 وضح جواز أن المقسم عليه هو نفسه المقسم به .

1-3-2 بيّن توقيت الفجر ، أظهر ما فيه من الآيات الدالة على كمال قدرة الله .

1-3-3 ذكر سبب القسم وما يحدث من صلاة الفجر فاضلة ، ثم أتبع أهمية العشر ليالي العظام .

1-3-4 استشهد ” الليالي العشر ” بعشر من رمضان أو العشر الحجة ، وذكر مكانتها و قدرها وفضلها عند جميع المسلمين ، ليذكرهم بما يقع فيها من عبادات .

1-3-5 أوضح أهمية تطبيقها و الأخذ بها حتى يستشعر القارئ روحانية المقسم عليه و يكثر من تطبيق عباداته على أكمل وجه .

إن التذكير بهذه الفضائل، يؤثر تأثيرًا مباشرًا على حياة المسلم ، كثيرًا ما يشير الشيخ في تفسيره إلى النظر و التأمل في السنن الربانية ( الرفاعي ، 2020 : 2213)

مرونة تكيفية :

من خلال تفسير السعدي اتضع أنه ينوّع في استخراج هذه أصول الدين و الفقة ، من خلال كتاب الله وسنة نبيه ، وقد نوه تلميذه عبد اللّٰه بن عقيل بهذه المزيَّة لشيخه فيقول: “وقد اهتمَّ بترسيخ العقيدة السلفية، والتوجه إلى الله، واستنباط الأحكام الشرعية، والقواعد الأصولية، والفوائد الفقهية إلى غير ذلك من الفوائد الأخرى”.( بلهي ، 2019: 1844)

يوضح هذا الجزء مرنة السعدي في خلال تكييف الآيات و إيضاحها إما عن طريق آية أخرى في القرآن الكريم ، أو عن طريق الأحاديث و قصص الأنبياء ، أو عن طريق ربطها بعلوم اللغة العربية في تفسير الآيات ، أو من خلال ربط هذه الآيات بالواقع و علوم الفلك .

• 1. ربط الآية بآية أخرى :

2-1-1 ﴿ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ﴾ ( النبأ : 29)؛ أي: أثبتناه في اللوح المحفوظ؛ فلا يحسب المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء أو ينسى منها مثقال ذرة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) ﴾ [الكهف: ٤٩]( السعدي ، 2022 : 1237 )

بداية تفسير الآية الكريمة هي إيضاح المقصود من الكتاب ، ثم انتقل للتحدث عن استحقاق العذاب للمجرمين ، حتى بين المفسر عدل الله بين عبادة فلا يضيع أي عمل صغير أو كبير ، ثم ربط بين الآيتين لتقديم مثال حي وضحة القرآن الكريم ، حيث بيّن في الآية الثانية ما يكون بعد إحصاء الكتاب ، وهي النتيجة التي يكتب ويوثق فيها كل عمل صغير و كبير ، بدون ظلم لأحد ، وقد كان السعدي -رحمة الله – يفسر الآية بالآية .( امين ، 2013 : 44)

• • 1. ﴿ إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا ﴾ ( النبأ : 40) : لأنه قد أزف مقبلًا، وكل ما هو آت قريب. ﴿ يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾؛ أي: هذا الذي يهمه ويفزع إليه، فلينظر في هذه الدار ما قدم لدار القرار، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) ﴾ [الحشر: ١٨] الآيات؛ فإن وجد خيرًا؛ فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك؛ فلا يلومن إلا نفسه. ( السعدي ، 2022 : 1238)

لقد خاطب الله عبادة المتقين في الآية الكريمة ، حيث وضح المفسر تحذير الآية من دنو وقرب العذاب ، ثم ذكر النتيجة وهي فزع المؤمن من هذا التحذير ، ترهيبا له من العقاب ، ثم دعوة إلى ضرورة محاسبة النفس ومراجعة الأقوال و الأعمال ، وقد استنتج هذه الأفكار من خلال آية أخرى ، تأكد على هذه المطالب ،و تأكد على ضرورة الاستعداد للحساب ، للنجاة من العذاب .

و تتضح مرنة الشيخ السعدي – رحمه الله – في ربط الآيات حيث فسر اللاحق بالسابق، ولا يكون ذلك إلا بتدبر السياق وتأمله وهو مما تميز به الشيخ رحمه الله، حيث يستشف وجه المناسبة والربط، وهو مما يعين على الفهم والتدبر وإدراك حقيقة الأمور . ( العنزي ، 2024 :18)

• • 1. ﴿ فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ﴾( النازعات : 20) ؛ أي: جنس الآية الكبرى؛ فلا ينافي تعددها، ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) ﴾ [الأعراف: ١٠٧، ١٠٨] .( السعدي ،2022: 1239)

إن النصوص القرآنية تتكامل في معانيها عبر السور المختلفة ، دون ذكرها بسياق واحد ، وقد ساعد المفسر على الربط بين الكثير من أحداث القرآن وقصصه ، مما يساهم في إكساب المفسر مرونة عالية ، حيث ان المفسر لمن يكفي بشرح المعنى فقط ، بل أظهر دقة المعنى من خلال آيتين في سورة الأعرف ،تظهر من خلالها طريقته في ربط الآيات .

ويظهر ذلك في قول: ( الآية الكبرى) وهي قد تشير إلى واحدة من المعجزات العظيمة ، أو إلى معجزات متعددة ، مما يسمح بربطها بالمعجزتين التي ذكرت في سورة الأعراف ، حيث إن الآية في سورة النازعات تعتبر مجملة ، و الآيتان في سورة الأعراف هي منفصلتان ، وهذه قاعدة من قواعد تفسير القرآن بالقرآن وهو( بيان المجمل ) الذي يعرفه أهل الأصول ” وهو ما احتمل معنيين فأكثر من غير ترجيح لواحد من تلك المعاني على غيره ” ( السبت ، 2000: 110).

مما سبق يتضح قدرة الشيخ على ربط الآية بآيات أخرى تأكد معنى الآية ، أو تحللها ، أو تبين طريقة تطبيقها .

• 1. ربط الآيات القرآنية بقصص الأنبياء و الأحاديث النبوية الشريفة :

2-2-1 ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ ( عبس:1) إن سبب نزول هذه الآيات الكريمات أنه جاء رجل من المؤمنين أعمى يسأل النبي ﷺ ويتعلم منه، وجاءه رجل من الأغنياء، وكان ﷺ حريصًا على هداية الخلق، فمال ﷺ وأصغى إلى الغني وصد عن الأعمى الفقير؛ رجاء لهداية ذلك الغني وطمعًا في تزكيته، فعاتبه الله بهذا العتاب اللطيف فقال:﴿ عَبَسَ ﴾؛ أي: في وجهه، ﴿ وَتَوَلَّى (1) ﴾: في بدنه لأجل مجيء الأعمى له. ( السعدي ، 2022: 1241)

افتتح المفسر السورة بذكر الموقف الذي نزلت فيه ، وبين فيها أسباب نزولها ، لأن الآيات أشارت إلى قيمة الإنسان التقي عند الله ، فلا تقاس بالمال و الجاه ، بل بالحرص على الهداية ، و الحرص على تعلم الدين ، وهي ترشد إلى أسلوب تربوي مهم وهو الاهتمام يجب أن يكون لمن يطلب المساعدة و المعونة وليس لمن أعرض عنها .

وهذا يرشدنا إلى فوائد دراسة السيرة النبوية ، لأنها تساعد على فهم كتاب الله تعالى ، فقد نزل القرآن تعقيباً على الأحداث ، و تبيناً لإشكال ، و رداً على استفسار ، و تحليلاً لموقف من مواقف السيرة ، وقد بين الشيخ السعدي أثر معرفة السيرة في فهم القرآن الكريم فقال :

فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله ، من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه .( الرفاعي ،2020: 2182)

2-2-2 ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴾( البروج : 4 ) : وهذا دعاء عليهم بالهلاك، ويبين أن الأخدود هو الحُفَر التي تحفر في الأرض، وأن أصحاب الأخدود كانوا قومًا كافرين، ولديهم قوم مؤمنون، فراودوهم على الدخول في دينهم، فامتنع المؤمنون من ذلك، فشق الكافرون أخدودًا في الأرض، وقذفوا فيها النار، وقعدوا حولها، وفتنوا المؤمنين، وعرضوهم عليها؛ فمن استجاب لهم أطلقوه، ومن استمر على الإيمان قذفوه في النار، وهذا غاية المحاربة لله ولحزبه المؤمنين، ولهذا لعنهم الله وأهلكهم وتوعدهم . ( السعدي ، 2022 : 1250)

تحدث المفسر بدايةً عن معنى الآية وهو الدعاء عليهم بالهلاك ، ثم ذكر معنى الأخدود ، ثم انتقل بعد ذلك إلى سرد قصتهم ، ثم ذكر الغاية من فعلتهم وما كتبته الله عليه جزاءً لما فعلوه.

إن تفصيل قصة أصحاب الأخدود المشار إليها في سورة البروج ، تعتبر مما ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم كثيرا من تفصيلاتها في سياق طويل ، والحديث في هذا مشهور .( السبت ، 2000 :147) إن جميع الرسالات وشرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بمثابة اللبنات التي يرتبط بعضها ببعض لتشكل بناءً شامخا لهداية البشرية وسعادتها.( السبت ، 2000 : 80)

2-2-3 ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴾( الليل : 19) أي: ليس لأحد من الخلق على هذا الأتقى نعمة تجزى؛ إلا وقد كافأه عليها، وربما بقي له الفضل والمنة على الناس، فتمحض عبدًا لله؛ لأنه رقيق إحسانه وحده، وأما من بقيت عليه نعمة للناس فلم يجزها ويكافئها؛ فإنه لا بد أن يترك للناس ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه ، وهذه الآية وإن كانت متناولة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، بل قد قيل: إنها نزلت بسببه؛ فإنه رضي الله عنه ما لأحد عنده من نعمة تجزى، حتى ولا رسول الله ﷺ؛ إلا نعمة الرسول، التي لا يمكن جزاؤها، وهي نعمة الدعوة إلى دين الإسلام وتعليم الهدى ودين الحق؛ فإن لله ورسوله المنة على كل أحد، منة لا يمكن لها جزاء ولا مقابلة؛ فإنها متناولة لكل من اتصف بهذا الوصف الفاضل، فلم يبق لأحد عليه من الخلق نعمة تجزى، فبقيت أعماله خالصة لوجه الله تعالى .( السعدي،2022: 1262)

الأفكار المتنوعة التي اشتمل عليها التفسير :

• نفي وجود منة للخلق على الأتقى ، بل وقد يكون له الفضل و المنة على الناس .
• خصوصية نزول الآية لأبي بكر الصديق .
• عمومية المعنى لكل من اتصف بهذه الصفات .

ومع تخصيص أسباب نزول الآيات الذي أورده الشيخ عبد الرحمن السعدي بصيغة التمريض حيث يأتي بصيغة تدل على مرضه وضعفه ببناء الفعل للمجهول مثل (قيل ، رُوي، حُكي) (حمودي ،2009: 4) ، حيث قال: (بل قد قيل إنها نزلت بسببه) ( الطيار ، 2000 :271) وهنا تضح عمومية المعنى لكل متصف بهذه الصفات ، وهذا يربي المسلم على إخلاص العبادة لله و تقوى الله في القول والعمل .

2-3 ربطها باللغة العربية :

دعا الشيخ السعدي الى ضرورة معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها ، وقال 🙁 فمن وفق ذلك لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبر القرآن وتفهمه وكثرة التفكير في ألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمنه وما تدل عليه منطوقا ومفهوما ، فإن بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده فلابد أن يفتح عليه من علومه أموراً لا تدخل تحت كسبه) ، والمهتم بعلوم العربية ومعانيها ودلالاتها المتعددة ، و يأخذ بالأسباب السابقة، ثم يستعين بالله ويتوكل عليه حتى يصل المفسر إلى مراده .( المرنخ ، 2002 :23)

• • 1. ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾( الإنفطار :6 ): يقول تعالى معاتبًا للإنسان المقصر في حقه المتجرئ على معصيته: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) ﴾: أتهاونًا منك في حقوقه؟ أم احتقارًا منك لعذابه؟! أم عدم إيمان منك بجزائه؟! ( السعدي ،2022: 1245)

استخدم السعدي أسلوب استفهامي وتوبيخي ، يحرك المشاعر ، ويحفز التفكير و محاسبة النفس ، قال رحمه اللّٰه تعالى: (هذا استفهام بمعنى التعجب والتوبيخ والإنكار) ( الطيار ، 2000: 307) والقرآن الكريم يحث التفكير على الاجتهاد عند استخدام أسلوب التساؤل وإعمال التفكير في مدى فائدة هذا السؤال الذي يتردد في عقل صاحبه؛ فإن كانت نتائجه محمودة فيطرح ليناقش لإيجاد الإجابة المناسبة له؛ وإن كان السؤال يعود بالسلبية فالقرآن يوجه صاحب السؤال بالتراجع في طرحه، وهو تدريب على التفكير في التفكير.(أبا الخيل ،2006: 178)

• • 1. ﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾( الانشقاق : 24) : وسميت البشارة بشارة؛ لأنها تؤثر في البشرة سرورًا أو غمًّا. ( السعدي ،2022: 1249)

هذا على قول إن البشارة عامة تعم الإخبار بالحسن السار وبالسيء الذي يغم؛ لأنها مأخوذة من تأثر البشرة، والإنسان إذا أخبر بما يسر تأثرت بشرته بهجة وسرورا فيظهر ذلك على وجهه، وإذا أخبر بما يغمه تأثرت بشرته أيضا وظهر ذلك على وجهه.

وقال بعض العلماء: بل البشارة الإخبار بما يسر فقط، البشارة هي الإخبار بما يسر، واستخدمت هنا في الإخبار بالعذاب وهو لا يسر تهكما بهم واستهزاء بهم جزاء وفاقا؛ لأنهم يتهكمون بالمؤمنين ويسخرون من المؤمنين، فاستخدمت البشارة هنا فيما يغم من باب التهكم بالكافرين والسخرية بهم.( الرحيلي ، 2021: 171-172) وذلك من أهمّ ما يستعين به المفسّر على استبانة المعنى والإحاطة بالفحوى، فمَن أراد استكثار المعاني الصحيحة من نصوص الشريعة فعليه، بالنظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب، ومدلولاتها، واستعمالها بحسب السّياق. (التركي ، 2019: 1311)

2-3-3 ﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾( البروج :15)أي: صاحب العرش العظيم ، و على قراءة الجر يكون المجيد نعتًا للعرش، وأما على قراءة الرفع؛ فإنه يكون نعتًا لله، والمجد سعة الأوصاف وعظمتها . ( السعدي ، 2022: 1251)

تتضح المرونة اللغوية في تعدد القراءات ، مما يحمل معاني مختلفة صحيحة ، وهذا يدل أن اللغة العربية توسع الفكر ، و تتيح إثراء التفسير بالمعاني بطريقة متكاملة .

وقد بين رحمه الله تفسير المجيد وما تحمله من قراءتين، قراءة بالجر ، وقراءة بالرفع، وبين المعنى على كلا القراءتين( الطيار ،2000: 317) ، وهذه القدرة على الاستنباط تأتي بقدرة لغوية قوية ، وملكة لسانية تمكنه من فهم تصاريف الكلام، و أساليب الخطاب ، قال الشوكاني: (وإنَّما يتمكّنُ من معرفة معانيها، وخواصِّ تراكيبها، وما اشتملَتْ عليه من المزايا مَنْ كان عالما بعلم النحو والصرف والمعاني.. والتوسع في الاطلاعِ على مطولاتها، مَا يزيدُ المجتهدَ قوةً في البحثِ وبصَرًا في الاستخراج.. )( الحامد ، 2019: 1657) ، وقد شدد السلف النكير على من تجرأ على التفسير بدون أن يكون عالماً باللغة؛ فقال بجاهد: “لا يحل لأحد يومن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب اللّه إذا لم يكن عالماً بلغات العرب ” .( السبت ، 2000 :211)

اعتنى الشيخ عبد الرحمن بن سعدي بمباحث علوم القرآن و غيرها من المباحث، كمباحث اللغة العربية ذات الصلة الوثيقة بتفسير كتاب اللّه، وذلك بمقدار ما يكشف عنه من معنى، ويوضح مراد ٰالله عز وجل من خلال تفسير آياته ، متجنب الإطالة والتفصيل (الطيار ،2000: 318).

2-4ربط الآيات بالعلوم الفلك :

احتوى القرآن الكريم على الكثير من الإشارات لسنن الله الكونية ، و إن في العالم العلوي والسفلي تخصصات كثيرة جدًّا تدل دلالة عقلية صريحة أنها بإرادة العزيز الحكيم؛ مثل جعل بعضها عاليًا، وبعضها سافلًا، وبعضها كبيرًا، وبعضها صغيرًا، وبعضها متصلًا بغيره، وبعضها منفصلًا، وبعضها على صفة، وبعضها على صفة اخرى ( السعدي ، 2021: 717)

2-4-1 أقسم تعالى ﴿ بِالْخُنَّسِ (15) ﴾( التكوير : 15 )وهي الكواكب التي تخنس؛ أي: تتأخر عن سير الكواكب المعتاد إلى جهة المشرق، وهي النجوم السبعة السيارة؛ الشمس والقمر والزهرة والمشتري والمريخ وزحل وعطارد؛ فهذه السبعة لها سيران: سير إلى جهة المغرب مع سائر الكواكب والفلك. وسير معاكس لهذا من جهة المشرق تختص به هذه السبعة دون غيرها، فأقسم الله بها في حال خنوسها؛ أي: تأخرها، وفي حال جريانها، وفي حال كنوسها؛ أي: استتارها بالنهار. ويحتمل أن المراد بها جميع الكواكب السيارة وغيرها. ( السعدي ، 2022 : 1244)

إن ما ورد هو في التفسير هو يظهر إعجاز القرآن في ذكر ظاهرة فلكية ، لم يصل إلها أحد في ذلك الزمن ، ولم تعرف إلا من خلال دراسات وملاحظة التلسكوبات ، ولكن أشار إليها القرآن بشكل موجز من غير تفصيل علمي ، وقد شرها المفسر مستندًا إلى ما توصل إليه العلم لإظهار المعنى ، و هذه الآيات الحاثة على التفكير في الكون فيها إشارة إلى أن التفكير مجالاته واسعة ويمكنه أن يستوعب محتويات الكون كله. ( أبا الخيل ، 2006 : 40 )

2-4-2 ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾( الطارق :1) فسر الطارق بقوله: ﴿ النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) ﴾؛ أي: المضيء الذي يثقب نوره فيخرق السماوات فينفذ حتى يُرى في الأرض. والصحيح أنه اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب . وقد قيل: إنه زحل، الذي يخرق السماوات السبع وينفذها.( السعدي ،2022: 1252)

وقد ذكر أنه كوكب زحل باعتباره من أبعد الكواكب المعروفة ، لكن هذا تفسير ضعيف أما مفهوم “النجم” ، فزحل ليس نجمًا بل كوكب لا يضيء بنفسه.

إن أسلوب التعلم بالاستبصار يعني الاكتشاف ومعرفة ما بين الأشياء من علاقات والخروج بنتائج وهو يتطلب النظر والتأمل في هذا الكون الفسيح ( أبا الخيل ، 2006 : 164) ، والقرآن الكريم أشار بالآيات الكونية والنفسية إلى عددٍ من حقائق الكون وظواهره التي لم يتمكن العلم التجريبي من الوصول إليها ، إلا بعد قرون متطاولة من نزول القرآن الكريم، ولا يمكن لعاقل أن يتصور لهذه الحقائق العلمية مصدرا غير اللّٰه الخالق سبحانه. ( الباتلي ، 2019: 1781)

• • 1. ﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ﴾ (الغاشية : 20) أي: مدت مدًّا واسعًا، وسهلت غاية التسهيل؛ ليستقر العباد على ظهرها ويتمكنوا من حرثها وغراسها والبنيان فيها وسلوك طرقها ، واعلم أن تسطيحها لا ينافي أنها كرة مستديرة قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها كما دل على ذلك النقل والعقل والحس والمشاهدة؛ كما هو مذكور معروف عند كثير من الناس، خصوصًا في هذه الأزمنة، التي وقف الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد؛ فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جدًّا، الذي لو سطح؛ لم يبق له استدارة تذكر، وأما جسم الأرض الذي هو كبير جدًّا وواسع، فيكون كرويًّا مسطحًا، ولا يتنافى الأمران كما يعرف ذلك أرباب الخبرة.( السعدي ، 2022: 1255)

وضح المفسر أن الأرض مسطحة لا تتعارض مع كونها كروية ،لأن الآية تتحدث عن إدراك الإنسان لسطح الأرض ، لا عن الشكل الكوني للأرض من الخارج ، فالآية تظهر وظيفة الأرض و بسطها ليستخدمها الإنسان .

استنبط السعدي من هذه الآية أن كروية الأرض لا ينافي تسطيحها، ووجه ذلك أن الجسم الكبير يكون كروياً مسطحاً فلا تنافي لإمكانية الجمع بينهما إذ الجسم الكبير قد يكون كروياً مسطحاً، وإنما التنافي يكون في الجسم الصغير فلا تجتمع فيه الكروية والتسطيح. ( الحارثي ، 2016 : 856)

ومما سبق اتضح اقتران التربية العقلية لدى المفسر بالتربية الاعتقادية ، هذه الميزة نجدها في طريقة توجيه الاسلام للكشف عن الحقائق الكونية فهو في توجيهه ، يوجه اولا لدراسة الحقائق ، ثم يوجه مرة أخرى لدراسة هذه الحقائق من حيث دلالتها على الصنعة والابداع والابتكار ، وما يدل هذا وذاك على وجود خالق صانع مبدع حكيم، ولهذا نجد الآيات التي توجه الانسان الى تلك الحقائق العجيبة في الكون وفي الانسان نفسه ، تلفت النظر في بداية التوجيه او في نهايته الى ان في ذلك لآية تدل على صنعة صانع حكيم ( يالجن ، 1976: 90)، وهذا يوضح مرونته ،التي أبرزها ربطه بين الآيات القرآنية التي تحدثت عن الكون ، وبين ما توصل إليه العلم الحالي، مستندًا إلى قاعدة راسخة هي : أن يستدل بالقرآن الكريم على الحقائق الكونية ، ما يدعو الإنسان إلى التفكر و التأمل ، الإيمان بخالق الأكوان .

ومما سبق اتضح أن الشيخ السعدي، رغم تركيزه على التفسير المبسط، ألا أنه أبدع في الإشارة إلى الروابط بين السور حينما تدعو الحاجة، ما يُبرز البعد الموضوعي للقرآن الكريم وسهولة تدبره ، وقد أبدع في شرح أسباب نزول الآيات ، ويظهر لنا إبداعه ومرونة في استخدامات اللغة العربية ، إضافة إلى ما تبين من قدرته على ربط الآيات بالواقع ، ثم ربطها بالعلوم الفلك الحديثة ، ومن هنا تتضح مرونته .

التطبيقات التربوية لمهارة المرونة

وقد كان الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه اللّٰه – ينوع في أسلوب عرض المادة العلمية وفي التأليف، فكان يستخدم أسلوب النثر شرحا أو اختصارا، ويستخدم أسلوب النظم، لينمي ملكة النظم عند من لديه الاستعداد للنظم، ويخصص دروساً للمتفوقين، وهو بهذا يقابل الاهتمام بالموهوبين في زماننا، وكان -رحمه اللّٰه – يقبل التغيير في نمط الحياة وقبول المستجدات مالم تتعارض مع الكتاب والسنة، بخلاف بعض أقرانه( الحوشاني ،2019: 2301) ، لذلك أصبح من الضروري أن ينوع المعلم من أساليب التدريس ، مقتدي في ذلك الشيخ -رحمة الله -، أيضا تقترح الباحثة بعض التطبيقات التي قد تفيد المعلمين و المتعلمين وهي :

1. تعزيز الفهم من خلال تنويع أساليب التدريس ، وذلك عن طريق دمج اسلوبين أو اكثر من الأساليب ، ومثالا على ذلك : استخدام أسلوب الإلقاء و الشرح مع أسلوب تمثيل الأدوار ، أو مع أسلوب التعليم باللعب .
2. اتساع المدارك من خلال تنوع أساليب الأنشطة ، العقلية و الحركية .
3. تشجيع الطلاب على التفكير من زوايا متعددة ، وذلك عن طريق طرح الأسئلة المفتوحة التي تسمح بإجابات متنوعة .
4. تنمية تقبل الرأي الآخر ، وذلك من خلال إقامة المناظرات و المناقشات الصفية التي تعلم احترام الرأي.
5. إثارة دافعية التعلم ، من خلال الحوافز المادية و المعنوية ، التي تشجع الطالب للتعلم .
6. اهتمام العلوم المعاصرة والتعليم الحديث على التشجير، والخرائط الذهنية، وأنفع وسيلة للوصول لذلك معرفة الفروق الدقيقة بين المتشابهات والنظائر، وإحسان التقسيم للتقابل بين المتقابلات، ويكون ذلك منطلقا للتشجير والخرائط الذهنية. (القحطاني ،2019: 2146)
7. ربط المادة العلمية بالعلوم الاخرى ، وخاصة العلوم الدينية .
8. التركيز على الأخلاق في التعليم ، و يمكن ذلك عن ربط المحتوى التعليمي بالقيم الأخلاقية .
9. إشراك الطلاب في شرح المادة العلمية .
10. مراعاة الفروق الفردية ، وتنوع استعدادات الطلاب .
11. أن يربط المعلم بين المحتوى العلمي ، مع التحفيز على العمل به .

الفصل الرابع: مهارة الأصالة من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

مقدمة

انشغل المفكرون والفلاسفة منذ زمن بعيد، بمحاولة فهم العلاقة بين الإنتاج الإبداعي في مختلف المجالات وبين السمات الشخصية، التي تتمثل في الاستعدادات الانفعالية العامة ، وإن كل فرد لديه إمكانات واستعدادات لإنتاج أفكار إبداعية بدرجة مختلفة من الكفاءة ( السيد ،2005 :11).

فالعمليات الإبداعية لا تنفصل عن السمات الشخصية للمبدع ، ولا عن السياق النفسي الاجتماعي للإبداع، فإن إدخال هذه المتغيرات الشخصية والنفسية والاجتماعية في الحسبان عند دراسة وتنمية العمليات الإبداعية ، و يساعد على اكتشاف المزيد من العلاقات بين المتغيرات غير المعرفية و العمليات الإبداعية، مما يمكن من تنمية فعالة للقدرات الإبداعية( السيد ، 2005 : 14)

إن السعي للتطوير من الطريقة التقليدية ، للتجديد بالتفسير ، اوضحت شبرو في دراستها عن مفهوم التجديد حيث :” إن التجديد في التفسير لا يعني الإتيان بتفسير لم بسبق إليه وإلغاء كل ما ورد في التفاسير السابقة، وإنما هو مواكبة المفسر لقضايا عصره، وإسهامه في إصلاح أوضاع المجتمع الفاسدة، وإظهار المقاصد القرآنية والقيم العليا التي ترتقي بأخلاق المجتمع و تهذب سلوكهم، إن التجديد في التفسير يكمن في معايشة المفسر لكتاب اللّٰه تعالى، ومتابعته لواقع الأمة، لتبليغ رسالة اللّٰه تعالى بأسلوب واضح يسير، ينمي العقول ، ويخاطب القلوب ، ويلامس الواقع ، مع الحفاظ على النص الشرعي استدلال و تقرير، كما نقصد به التجديد في طريقة العرض ، وطرق الاستدلال ، ومنهجية التأليف ( 2020: 123-124) .

وحتى نستطيع معرفة تجديد السعدي في التفسير ستقوم الباحثة تتبع العلماء الذين أثروا في حياته وخلال مسيرته و ذكر تفسيرهم للآيات التي ستضعها الباحثة ، إن ممن اثر في حياة السعدي – رحمه الله – ، هو شيخه الموريتاني الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، والذي أقام بعنيزة أربع سنوات، وقد تتلمذ على يده الشيخ السعدي وعمره ثلاث وعشرون سنة، و أستأنس بطريقته في التعليم لما أدركه من جودة الفهم( اليوسف ، 2021 : 100) ، وقد توقف الشنقيطي عند سورة المجادلة ولم يكمل تفسيره للقران ( الشنقيطي ،2005 : 1496) لذلك لن تستعمل الباحثة هذا المرجع.

أيضا ممن أثر في علم السعدي ، هو المؤلفات التي كان يقرؤها لإمامين العظيمين ،وهي مؤلفات ابن تيمية و ابن القيم ، حيث قام يجمع بينهم تارة ، و يختصر تارة ، و يستنبط تارة أخرى ، لبعض ما في بطون مؤلفاتهم ، ويصف السعدي – رحمة الله- ابن القيم بأنه : ( كان من أعظم من انتفع بشيخ الإسلام، وأقومهم بعلومه ، وأوسعهم في العلوم العقلية والنقلية )( الرشودي ،2000: 86)

أيضا من العلماء الذين تأثر بهم السعدي ، كما جاء في كتابه ( الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة)، والتي تمثل الرسائل الشخصية العلمية المرسلة من الشيخ السعدي- رحمه الله -، إلى تلميذه العلامة ابن عقيل ، وقفت على بعض ما يحسن كتابته فيما يتعلق بعلوم القرآن والتفسير، حيث سأله : ما أولى التفسير الموجودة بالمطالعة ؟ قال : فلا أحسن من ابن كثير لفهم المعاني، ولا مثل صديق ( أي فتح البيان لصديق القنوجي ) . ( الجغبير ، 2010 : 21 )

و يؤكد الحارثي تأثر استنباطات السعدي بثلاثة من المفسرين ، وهم على الترتيب أي الأكثر تأثيرًا في السعدي : ابن القيم ، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير، كما أنه تأثر باستنباطات الصحابة والتابعين ولكن تأثره بهم قليل (2016 : 106) ، أما المرنخ فقد أشار إلى بعض المصادر التي أثرت على تفسير الشيخ السعدي وهم ابن تيمية و ابن القيم و ابن كثير و الإمام الرازي ( 2002، 31-32) ، و مما أشار به السعدي في تفسيره هو تفسير ابن جرير كما هو واضح في تفسير سورة التكوير ( السعدي ،2022 : 1243) ، أيضا مما أشار به في تفسيره هو تفسير القرطبي ، كما هو واضح في سورة المطففين في قوله : ( السورة مكية في قول جماعة وفي قول آخر مدنية ، راجع تفسير القرطبي ١٩/٢٥٠) .( السعدي ،2022: 1246)

ومما سبق ستتطرق الباحثة بإثبات أصالة تفسير السعدي وتجديده ، من خلال تتبع كتب تفسير العلماء الذين أثروا في فكر و مؤلفات السعدي ، وهم العلامة ابن تيمية و العلامة ابن القيم ، و العلامة ابن الكثير ، و العلامة صديق البخاري ، و الإمام فخر الدين الرازي، و العلامة ابن جرير ، و العلامة القرطبي .

سيتم ترتيب الآيات ترتيبا تنازليا وهي كما يلي :

1. التجديد من خلال تفرده بالمعنى :
   1. ﴿ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى ﴾ ( عبس : 6 ) وأما تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير مع تركك من هو أهم منه؛ فإنه لا ينبغي لك؛ فإنه ليس عليك ألَّا يزكى؛ فلو لم يتزك؛ فلست بمحاسب على ما عمله من الشر، فدل هذا على القاعدة المشهورة؛ أنه لا يُترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة، وأنه ينبغي الإقبال على طالب العلم المفتقر إليه الحريص عليه أزيد من غيره.( السعدي ،2022 : 1241)

وهذا أعظم آفات العجب والكِبر، وأعظم الطرق التي اغترَّ بها، وانخدع كثير من الناس ، أما علموا أن العقول لا تكمل، ولا تتزكى إلا بالقرآن ، ولا تكون عقولًا نافعة حتى تتغذى بالهدى واليقين الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. ( السعدي ، 2017 :585)

و أكد على هذا استنباط السعدي قول الحارثي : تشير الآية إلى قاعدة فقهية، وهي : لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة محققة لمصلحة موهومة ( 2016 : 845) ، وقال -رحمه اللّٰه – أيضًا تقريراً لهذه القاعدة: (الأمور اليقينية، والحقائق الصادقة، يستحيل أن تقدح فيها الشبهات والتشكيكات…)( العقل ، 2019 :1454) ، وقد كان السعدي – رحمه الله – يراعي مقاصد الشريعة في تعليم الفقه، ولهذا تطابقت جهوده التعليمية مع مقاصدها. ( اليوسف ، 2021 : 102)

إن القاعدة العامة: أن المصلحة العامة مُقدمة على المصلحة الخاصة، لكن هناك قاعدة أخرى وهي : أن المصلحة المعلومة أولى من المصلحة المرجوة ، و المثل العامي يقول : عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة ، و بعض أهل العلم قالوا: هذا المثل ليس بصحيح على إطلاقه ؛ لأن حسنات للمؤمن خير له مما في يده ، لكن في الحقيقة إذا نظرنا أن الحسنات بالنسبة للمؤمن في يده إذا عمل العمل الصالح مخلصاً لله -عز وجل -، فإن المصلحة المعلومة مقدمة على المصلحة المرجوة، بعض أهل العلم يقول: الموهومة؛ يعني: التي ليست موجودة وإنما تُرجى، وهذه دليل على صدق هذه القاعدة ( الرحيلي ، 2021: 74) ؛ ولذلك عاتب الله -سبحانه وتعالى – نبيه ﷺ بهذا العتاب اللطيف .

فيما يلي تقديم تفسير الآية من مجموعة التفاسير التقليدية التي تأكُد تأثر الشيخ بها وهي :

تفسر ابن كثير : أي: أَما الْغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي. (ابن كثير، 1999 : 319 )

تفسير صديق القنوجي للآية : أي تصغي لكلامه، والتصدي الإصغاء ، وقيل هو من الصدى وهو الصوت المسموع في الأماكن الخالية ، والأجرام الصلبة ، وقيل من الصدى وهو العطش ( القنوجي ، 1992 :78)

تفسير الرازي : أي أنت تقبل عليه و تتعرض له وتميل إليه ، يقال تصدى فلان لفلان ، أي تعرض له ، و الأصل فيه الصدد ، وهو ما استقبلك وصار قبالتك ،…( الرازي ،1981 : 57)

تفسير ابن جرير الطبري : قال: نزلت في العباس…( الطبري، 2001 : 107) ثم ذكر الكثير من أسباب النزول.

تفسير القرطبي : أي : تعرض له ، وتصغي لكلامه ؛ والتصدي : الاصغاء ، (تصدى) بالتخفيف، على طرح التاء الثانية تخفيفا ، وقرأ نافع وابن محيصن بالشديد على الإدغام .( القرطبي ، 1964 : 73-74 )

إن من مواطن الإبداع التي تميز بها العلامة ابن سعدي اعتناؤه باستنباط واستخراج الضوابط و القواعد من كتاب الله وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت للشيخ نظرة ثاقبة قائمة على جمع المتفرِّق وتحديد المقصد من النصوص ، وإدراك الكليات الشرعية التي يندرج تحتها جزئيات كثيرة ، وهذه النظرة لا تحصل إلا لمن جمع بين التضلَّع في فنون العلم، مع حسن الربط و الفهم ، وقد كان الشيخ ممن يحسن ذلك ( بلهي ،2019: 1845) ،إن ربط القاعدة الفقهية بتفسير الآية الكريمة ، يضيف عمق تربوي وفكري ، و هذه القاعدة أكدت على ضرورة التركيز مع من يقبل على العلم والهداية برغبة و إرادة ، وهذا الطرح يخاطب المربين و المعلمين ويرشدهم إلى ضرورة الالتفات للطالب الشغوف أكثر ممن ليس لديه الشغف أو الرغبة في التعّلم ، وهذه اللفتة تتصف بالجدة ، لربطها بين الآية و الواقع التربوي الدعوي وتوجيه سلوك المعلم.

التجديد من خلال أسماء الله الحسنى و الصفات :

إن من أهم ملامح التجديد عند الشيخ في الجانب العقدي عنايته بفقه الأسماء والصفات، وتأليف الكتب والشروح في ذلك لتقريب وتبسيط فهمها لعامية الناس، ومحاربة البدع والخرافات، أما في الجانب الدعوي فيتمثل من خلال تعلم العلوم النافعة والدعوة إليها وإلى العمل بها، والبدء في التعليم بالأهم قبل المهم في شتى مجالات الحياة.( شبرو ،2020: 150) ولهذا ستقوم الباحثة بإيضاح أهم معالم التجديد في إبراز معاني أسماء الله وصفاته :

1. ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ﴾ ( البروج : 14): الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب ، ﴿ الْوَدُودُ ﴾ وفي هذا سر لطيف؛ حيث قرن الودود بالغفور؛ ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله، وأنابوا غفر لهم ذنوبهم، وأحبهم فلا يقال تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود كما قاله بعض الغالطين، بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب من رجل على راحلته عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها في أرض فلاة مهلكة، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، فبينما هو على تلك الحال؛ إذا راحلته على رأسه، فأخذ بخطامها. فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته، وهذا أعظم فرح يقدر؛ فلله الحمد والثناء وصفو الوداد ما أعظم بره وأكثر خيره وأغزر إحسانه وأوسع امتنانه!( السعدي ، 2022: 1251)

استنبط السعدي من هذه الآية ، التي جمعت بين الودود بالغفور ، وبين أن مناسبة ذلك هو للدلالة على أن أهل الذنوب إذا تابوا غفر الله لهم و أحبهم . ( الحارثي ، 2016 : 850)

يقوم تفسير الآية على إيضاح معنى من معاني أسماء الله الحسنى ، ثم ربطها ببعض و إيضاح دلالتها التربوية ، التي تتضح في ترجيح العقل عند قول المخطئين و أن ود الله لا يعود للمذنب ، بل أوضح أنه يتجلى هذا الود مؤكد على مدى اتساع رحمة الله ، و مفعل شعور المودة و المحبة مع الله سبحانه وتعالى ، وبذلك جمع بين الترجيح العقلي و التوجيه العاطفي .

2- ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ (2) ﴾( الإخلاص :2) أي: المقصود في جميع الحوائج؛ فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم؛ لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي كمل في حلمه، الرحيم الذي كمل في رحمته، الذي وسعت رحمته كل شيء… وهكذا سائر أوصافه.( السعدي ،2022: 1275)

ذكر الشيخ معنيين للصمد:

1. المعنى الأول: أنه المقصود في كل شيء.
2. والمعنى الثاني: أنه الكامل في كل شيء، كامل في جميع أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه.

وقيل: إن الصمد هو السيد الكامل و الغني الكامل في غناه ، وقيل: إن الصمد هو الذي لا جوف له ، وقيل: إن الصمد الذي لا يخرج منه شيء ، وقيل: الصمد هو الباقي الذي لا يفنى.

ويجمع كل هذه المعاني أنه الكامل الكمال المطلق، و المعاني التي ذكرها المفسرون أنواع لكماله سبحانه وتعالى، فهو ذو الكمال المطلق سبحانه وتعالى هذا معنى الصمد ( الرحيلي ، 2021: 449) ، اختار السعدي المعاني بشكل شامل ومتوسع ، أظهر فيها جميع أقوال السلف .

مما سبق يتجلى اهتمام المفسر بإبراز معاني أسماء الله الحسنى وجعلها حية مؤثرة في العقل و القلب ، ينير من خلالها إشراقات تربوية وعملية ، بأسلوب سهل وبسيط ، ولكن واسع وشامل لكل المعاني التي قد يشتمل عليه كل اسم من أسماء الله الحسنى .

التجديد من خلال ترجيح الأقوال :

اعتنى الشيخ -رحمه اللّٰه – بإثبات معقولية التشريع، ومناسبتها للعقول السليمة و الصحيحة، والفطرة السليمة، حتى عرف عنه ذلك بين أهل العلم ، إذ خرج عن مألوف بلده، إلى باحة الاجتهاد والتجديد ، (فصار يرجح من الأقوال ما رجحه الدليل وصدقه التعليل ) ، وهذا ظاهر في مجموع ما كتبه ، سواء في الفقه أو التفسير أو العقائد أو الأدب أو الوعظ ، ثم إن التجديد لا يقتصر على توفير المعاني، بل يرشد الطالب إلى مسائل الوصول إلى هذه الموارد الوعرة و المعاني الغامضة، فيقول: ( والطريق إلى سلوك هذا الأصل النافع: أن تفهم ما دل عليه اللفظ من المعاني فإذا فهمتها فهما جيداً، ففكر في الأمور التي تتوقف عليها، ولا تحصل بدونها، وما يشترط لها ، واكثر من هذا التفكير وداوم عليه، حتى تصير لك ملكة جيدة في الغوص على المعاني الدقيقة) (المزيني ، 2019 : 1332)

1. ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3) ﴾( الغاشية : 2-3):

فقال في وصف أهل النار: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ﴾؛ أي: يوم القيامة، ﴿ خَاشِعَةٌ (2) ﴾: من الذل والفضيحة والخزي، ﴿ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3) ﴾؛ أي: تابعة في العذاب، تجر على وجوهها، ﴿ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) ﴾ [إبراهيم: ٥٠]؛ ويحتمل أن المراد بقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3 ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3) ﴾: في الدنيا لكونهم في الدنيا أهل عبادات وعمل، ولكنه لما عدم شرطه، وهو الإيمان؛ صار يوم القيامة هباء منثورًا ،وهذا الاحتمال وإن كان صحيحًا من حيث المعنى؛ فلا يدل عليه سياق الكلام، بل الصواب المقطوع به هو الاحتمال الأول؛ لأنه قيده بالظرف، وهو يوم القيامة، ولأن المقصود هنا بيان ذكر أهل النار عمومًا، وذلك الاحتمال جزء قليل بالنسبة إلى أهل النار، ولأن الكلام في بيان حال الناس عند غشيان الغاشية؛ فليس فيه تعرض لأحوالهم في الدنيا. ( السعدي ،2022: 1255)

يتضح من خلال تفسير الآية اعتماد الشيخ على ترجيح الآية ، حسب ما يراه ، فلم يكتفي بأن يكون المعنى صحيح ، بل اشترط أن يكونن مناسب ومتوافق مع سياقها و الهدف منها .

إن القول في هذه الآية اشتمل على أقوال أربعة :

القول الأول: أن المراد بهم الذين عملوا في الدنيا على غير الإسلام، كعبدة الأوثان و الكفار و أهل الكتاب، وهذا القول رواه عطاء .

و هذا الاحتمال مرجوح عند الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، كما هو ظاهر سياق كلامه السابق.

القول الثاني: أن المراد منه هم الرهبان وأصحاب الصوامع من النصارى، وهو في رواية أخرى عن ابن عباس، كما قد أخرجه البخاري في صحيحه في تفسير سورة الغاشية .

القول الثالث: أن المراد منه هم الذين تكبروا في الدنيا عن طاعة اللّٰه فأعملهم اللّٰه وأنصبهم في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب، واختار هذا القول الإمام ابن جرير، حيث قال رحمه اللّٰه تعالى، وقوله :

(عَامِلَةٌ ) يعني عاملة في النار، وقوله: (نَاَصِبَةٌ ) يقول ناصبة فيها، ثم ساق رحمه اللّٰه بسنده آثاراً عن ابن عباس والحسن وقتادة ، وهذا القول هو الذي رجحه مفسرنا الشيخ سعدي – رحمه الله -، حيث قال رحمه اللّٰه عند قوله تعالى: (عَامِلَةٌ نَصِبَةٌ ) أي تاعبة في العذاب، تجر على وجوهها وتغشى وجوههم النار .

القول الرابع: أن المراد بهم الذين عملوا المعاصي في الدنيا فهم ينصبون يوم القيامة في النار والهلاك، كما قاله عكرمة و السدي .( الطيار ، 2000: 177-178-179)

1. ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾(الأعلى : 14-15)

أي: قد فاز وربح مَنْ طَهَّرَ نفسه ونقاها من الشرك والظلم ومساوئ الأخلاق، ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾؛ أي: اتصف بذكر الله، وانصبغ به قلبه، فأوجب له ذلك العمل بما يرضي الله، خصوصًا الصلاة، التي هي ميزان الإيمان ، هذا معنى الآية، وأما من فسر قوله: ﴿ تَزَكَّى (14) ﴾؛ يعني: أخرج زكاة الفطر، ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) ﴾؛ أنه صلاة العيد؛ فإنه وإن كان داخلًا في اللفظ وبعض جزئياته؛ فليس هو المعنى وحده.( السعدي ،2022: 1253)

هنالك قولان في الآية الكريمة :

الأولى :بمعنى فاز وربح و طهر نفسه و نقاها من الشرك والظلم و سوء الأخلاق ، وهو ما رجحه السعدي -رحمه الله -.

الثاني : هي تفسير معنى التزكية ، بأنها إخراج زكاة الفطر .

في تفسير الآية الكريمة شرحها -رحمه الله- شرح عام وشامل ، يدعو فيها إلى تطهير النفس وتزكيتها ، أما القول الثاني فهو مقيد بزمن معين ، وقد أخذ به غيره ، أما هو فقد رجح القول العام على القول الخاص .

خلو التفسير من الإسرائيليات :

إن مما يميز تفسير السعدي ، خلوه من الإسرائيليات ، وهذا يتضح في قوله : (واعلم أن كثيراً من المفسرين رحمهم اللّٰه قد اكثروا في حشو تفاسيرهم بقصص بني إسرائيل، ونزلّوا عليها الآيات القرآنية ، و اخذوها تفسيرًا لكتاب اللّٰه ويحاجون في ذلك بقوله : (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ، والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم ، بشكل مفرد غير مقرونة بآيات الله ولا منزلة على كتاب الله ، فإنه لا يجوز الأخذ بها تفسيراً لكتاب اللّٰه قطعاً ، و إن مما صح عن رسول اللّٰه قوله : (لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم ) ، فإذا كانت مرتبتها هي الشك في صدقها ، وكان من المعلوم بالضرورة من الإسلام، أن القرآن يجب الإيمان به و بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل القصص المنقولة بروايات مجهولة و التي يغلب على الظن كذبها ، أو كذب أكثرها وجعلها معاني لكتاب اللّٰه . (الطيار ،2000 : 77)

إن من أهم معالم التجديد عند الشيخ ، نجده قد صد عن الإسرائيليات في تفسيره ، واقتصر على شرح المعاني بدون الإطالة و الإسهاب في شرح الخلافات ، مما جعله واضح العبارة سهل .( السلمي ، 2014 : 92)

ومما سبق تبين وعيه -رحمه الله- وتيقظه العقلي ، بما يجب أن تكون عليه مصادر تفسير كتاب الله ، اللي يعد هو بحد ذاته مصباح منير للعلوم و المعارف ، ويدل أيضا على حرصه الشديد في نقل العلوم الصحيحة و من مصادر موثوقة .

الخاتمة

مما سبق تبين تجديد السعدي ، وهذه ميزة أكثر المفسرين المعاصرين ومنهم شيخنا السعدي – رحمه اللّٰه حيث الربط أو تطبيق التفسير علي المجتمع ،وتوجيه الأمة إلي ما ينبغي أن يكونوا عليه حسب توجيهات القرآن الكريم ، المستنبطة من خلال آياته ، و التي من خلالها يوجد علاج لمشاكل المجتمع الإسلامي السياسية ولاجتماعية والاقتصادية .(المرنخ ،2002 :25)

التطبيقات التربوية لمهارة الأصالة

كانت مدرسة الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه اللّٰه – مدرسة تجديد و إصلاح ، تمثلت في رفض صور الجمود و التغريب على حد سواء ، والانطلاق إلى تجديد الحياة، والسعي لبناء و تأسيس نهضة إسلامية حديثة، على قواعد إسلامية متينة ، والتفاعل مع الحضارات الأخرى على نحو يجعل التفاعل عامل قوة و تميز لحضارتنا الإسلامية، وليس عامل تشويه و نسخ لهويتنا الوطنية والدينية ، لأن الدين الإسلامي دين صالح لكل زمان ومكان( الحوشاني ، 2019: 2273) ، و بناء على ما سبق سيتم إيضاح التطبيقات التربوية لمهارة الأصالة :

1. وجوب مزج بين المبادئ النظرية والممارسات العلمية : و ذلك عن طريق مزج القواعد الأساسية المستنبطة من القران والسنة ، بهدف ربطها العلوم النافعة التي تفيد الإنسان بالعمل لها ، بطريقة مبتكرة و جديدة .
2. الدعوة إلى التدرج في التعليم: حيث راعى البدء في التعليم بالشيء الأهم .
3. توظيف أسلوب اختبار الفهم و التركيز ، كان يخطأ المعلم عمدا لاختبار تركيز طلابه .
4. ترجيع العقل في اختيار الأصح ، واستخدام مهارات التفكير في المسائل التي يترتب عليها نتائج متعددة.
5. المراجعة اليومية للدروس ، وهي طريقة لتثبيت المعلومات .
6. الحفاظ على أخذ العلوم من المصادر الموثوقة ، وهي دعوة منه لأسلمة العلوم:، حيث يرى الشيخ ضرورة توجيه المعارف و العلوم توجيها إسلاميا حتى تكون علوما نافعة .(اليوسف ،2021: 142)

الخاتمة

يظهر هذا البحث و يؤكد على هذا فطنة المفسر و نباهته ، وبعد نظرته ، و يقظة عقله ، و استنارة فكرة ، مما يجعل هذا التفسير نموذجا فريدًا ، للتربية و التعليم ، يستعين به العلماء و المفكرين ، ويستنير من علمه قلوب المسلمين، وفيما يلي أهم النتائج التي توصلت لها الباحثة :

1. أظهرت الدراسة احتواء التفسير على مهارات التفكير الإبداعي .
2. أظهرت النتائج احتواء التفسير على مهارة الطلاقة التي تتضح في :

• احتواء التفسير على مهارة طلاقة المعاني التي ظهرت في إيضاح الفكرة وعمقها حيث افتتح شرح الآية بأسلوب مباشر يظهر من خلاله المعنى .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة المعاني التي ظهرت في استخدام عدد من التساؤلات يوضح من خلاله المعنى .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة المعاني التي ظهرت في وضع عدد من الاحتمالات ، التي تساعد في توقع المعنى المراد .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة التداعي التي ظهرت في جمع الكثير من المعاني المتضادة ، بقافية معينة .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة التداعي التي ظهرت في جمع الكثير من المعاني المترادفة ، بقافية معينة .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة التداعي التي ظهرت في استماع أوزان الكلمة ، كقوله مبصر و مبصر ، وحاضر ومحضور … وغيرها .
• احتواء التفسير على مهارة طلاقة التداعي التي ظهرت في تشابه الكلمات و المعاني مثل : الذي يحبه أحبابه ، محبة لا يشبهها شي ، محبة في قلوب خواص خلقه .
• احتواء التفسير على مهارة الطلاقة التعبيرية التي ظهرت في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم .
• احتواء التفسير على مهارة الطلاقة التعبيرية التي ظهرت في إبراز مراحل تطور الإنسان التي تبدأ من النطفة وتنهي بالبعث و الجزاء
• – إيضاح التطبيقات التربوية التي تساهم في توظيف مهارة الطلاقة في المجال المدرسي.

1. احتواء التفسير على مهارة المرونة ، و التي ظهرت فيما يلي :

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التلقائية التي ظهرت في عدد من الأفكار ، حيث تحدث عن أعمال الملائكة في حفظ كتاب الله و منع الشيطان من الوصول له ، ثم دعا للإيمان و الصدق بهم .

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التلقائية التي ظهرت في عدد من الأفكار ، وهي إيضاح مسألة البعث ، ثم انتقل إلى شرح تدبير الله لأمور الناس ، ثم انتقل إلى ذكر توحيد الله وتفرده ، ثم ذكر تقصير الإنسان تجاه أوامر الله .

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التلقائية التي ظهرت في عدد من الأفكار ، بيان القسم ، ثم حدد توقيت الفجر و مافيه من آيات كمال الله ، ثم ذكر سبب القسم ، ثم استشهد بالليالي العشر و أوضح تطبيقاتها.

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التكيفية التي ظهرت في ربط الآية بآية أخرى في القرآن الكريم ، يؤكد من خلالها المعنى أو لتحليلها أو لبيان طريقة تطبيقها .

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التكيفية التي ظهرت في ربط الآية بقصص الأنبياء و الأحاديث الشريفة ،التي نقل فيها الشيخ السيرة النبوية أما لبيات الإشكال أو تحليل المواقف ، أو بيان أسباب نزول الآيات ، وقد اشتملت أكثرها على أساليب تربوية مثل : أسلوب الترهيب و الترغيب ، الترهيب ثم العقاب ، أسلوب حرية الاختيار وتحمل العواقب .

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التكيفية التي ظهرت في ربط الآية باللغة العربية ، المبينة لفصاحة السعدي وحرصه على تقديم التفسير المبني على قواعد اللغة العربية وهذا يظهر في ، ذكر تسمية البشارة لتأثر البشرة سرورًا أو غما ، ذكر أيضًا قراءتين في تفسير اسم الله ( المجيد) حيث أوضح أنها تقرأ بالرفع أو بالجر ، صحة تفسيره الناتج عن معرفته بمعاني الكلمات .

– احتواء التفسير على مهارة المرونة التكيفية التي ظهرت في ربط الآية بعلم الفلك ، في تفسير ظاهرة كونية وهي الخنس ، و شرح معنى الطارق ، و إيضاح معنى ( و إلى الأرض كيف سطحت ) بيان أن تسطيح الأرض لا يتعارض مع كرويتها .

– إيضاح التطبيقات التربوية التي تساهم في توظيف مهارة المرونة في المجال المدرسي.

3- احتواء التفسير على مهارة الأصالة ، وقد قمست الباحثة مهارة الأصالة إلى أربع أقسام وهي كما يلي :

• إيضاح تجديد التفسير للآية من خلال تفرده في المعنى ، حيث قدمت الباحثة أدله تأكد أنه أول من فسر هذا المعنى للآية كتطبيق القاعدة الفقهية ( لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم ) .
• إيضاح تجديد التفسير للآيات التي تقدم معاني واسعة لأسماء الله وصفاته ، وذلك من خلال شرح اسم الله ( الودود ) وربطه بالغفور ، وشرح اسم الله ( الصمد) وقد وضع في تفسيره معنيين شاملة متكاملة.
• إيضاح تجديد التفسير للآية من خلال ترجيح القول الذي يتصف بالتوسع .
• إيضاح تجديد التفسير من خلال تأكيد خلوه من الإسرائيليات .
• – إيضاح التطبيقات التربوية التي تساهم في توظيف مهارة الأصالة في المجال المدرسي.

التوصيات

توصي الباحثة بما يلي :

1- تعزيز استخراج مهارات التفكير الإبداعي من جميع التفاسير.

2-الاعتماد على تفسير السعدي كمصدر تربوي .

3-الاستفادة من أسلوب السعدي في تنمية التفكير الإبداعي لدى المتعلمين.

4-توظيف مهارات التفكير الإبداعي في المجال التعليمي.

5-دعوة للباحثين إلى بناء برامج تهدف إلى تنمية التفكير الإبداعي مستوحاة من تفسير السعدي.

المراجع

1. القرآن الكريم
2. إسليم ، ناصر.(2017) توظيف نمط التفكير الإبداعي في ضوء القرآن الكريم في تدريس التربية الإسلامية. مجلة كلية التربية،(176). ج1. 617-654. DOI: 10.21608/JSREP.2017.6787:
3. الأعسر ،صفاء . (2000م) الإبداع في حل المشكلات . القاهرة : دار قباء للطباعة و النشر .
4. الأطرش ، رضوان (2017) . من صور الإبداع الفكري والمنهجي في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور رحمه الله . مجلة الإسلام في آسيا ، العدد الخاص الإسلام و الإبداع (3) . 65- 97. مارك: من صور الإبداع الفكري والمنهجي في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور رحمه الله (mandumah.com)
5. امين ، محمد (2013م) منهج تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي . ( أطروحة ماجستير ، شعبة التفسير و الحديث المشروع الخاص ، كلية اصول الدين و العلوم الإنسانية ، جامعة انتساري الإسلامية الحكومية بنجرماسين )
6. أمير ، محمد .( 2021) تدبر القرآن الكريم و آثاره . مجلة تدبر . (م : 5 ) (ع:10 ) https://tadabburmag.sa/index.php/tadabburmag/article/view/136
7. الباتلي ، أحمد .( 2019) موقف الشيخ السعدي من الإعجاز العلمي من خلال كتابه الدلاله القرآنية . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
8. بلهي ، نبيل .(2019) جهود العلامة عبد الرحمن السعدي في الشرح الحديثي وملامح إبداعه فيه . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
9. بوبعاية ، يمينة . معتوق ، خولة .( 2016) دور المعلم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي المستنبطة من القرآن الكريم . مجلة الجامع في الدراسات النفسية و العلوم التربوية ، ( 2) 25- 39. دور المعلم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي المستنبطة من القرآن الكريم | ASJP (cerist.dz)
10. البيان الإلكتروني (2013) شاهد .. اكتشاف النجم الطارق و الإعجاز العلمي فيه . https://www.albayan.ae/amp/videos/2013-04-23-1.1868444
11. التركي ، محمد .التوظيف الدلالي عند الشيخ السعدي (دراسة أصولية) جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
12. توفيق ، عبدالرحمن .(2011) تنمية التفكير الإبداعي للقادة . مصر : مركز الخبرات المهنية للإدارة بميك .
13. ابن تيمية ، تقي الدين . (2011) تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية الجامع لكلام الإمام ابن تيمية في التفسير. جمعه وحققه : إياد القيسي . راجعه عثمان محمود . الرياض : دار ابن الجوزي ج:6
14. ابن تيمية ، تقي الدين . (2011) تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية الجامع لكلام الإمام ابن تيمية في التفسير. جمعه وحققه : إياد القيسي . راجعه عثمان محمود . الرياض : دار ابن الجوزي ج:7
15. الجغبير ، طلحة . ( 2010) مقيدات لطيفة حول التفسير وعلوم القرآن من مراسلات العلامة ابن سعدي . أرشيف ملتقى أهل التفسير . المكتبة الشاملة الحديثة . تم زيارته 2025 / 1/ 20 . 8:10 .
16. https://al-maktaba.org/book/31871/19060#p2
17. جروان ، فتحي . (2012). أساليب الكشف عن الموهوبين ورعايتهم (ط3).عمان : دار الفكر ناشرون و موزعون .
18. جوهري ، صلاح . (2007) منهج الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القران : دراسة تحليليه موضوعيه . ( رسالة ماجستير ، كلية أصول الدين ، جامعة أم درمان الإسلامية ) السودان.
19. حلاق ، هشام . (2010) كتاب التفكير الإبداعي مهارات تستحق التعلم . دمشق : الهيئة العامة السورية للكتاب .
20. الحامد ، علي .(2019) جهود الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي في اللغة و النحو . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
21. الحمادي ، علي .( 1999م) صناعة الإبداع .بيروت : دار ابن حزم للطباعة و النشر و التوزيع
22. حمودي ، إبراهيم .( 2009) صيغ التمريض و قواعد إستعمالها عند المحدثين . مكتبة عين الجامعة : الحديث و التراث النبوي . مجلة ديالي. ع: 38
23. الحيزان ، عبد الإله . ( 2002) لمحات عامة في التفكير الإبداعي. الرياض : مجلة البيان .
24. الحارثي ، سيف (2016) .استنباطات الشيخ عبد الرحمن السعدي من القرآن الكريم (بحث دكتوراة ، قسم القرآن وعلومه، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . الرياض : دار قناديل العلم للنشر و التوزيع .Interet Archive . 1000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000 (archive.org)
25. الحوشاني ، شريفة (2019) . التماس السَّعدِ في ترجمة السعدي . جامعة القصيم : جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
26. أبا الخيل ، أسماء . (2006م) أساليب تنمية التفكير المستنبطة من القرآن الكريم . أطروحة ماجستير . تخصص تربية إسلامية ، قسم التربية في كلية العلوم الاجتماعية . جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
27. الرازي ، فخر الدين . (1981 ) تفسير الفخر الرازي تحميل كتاب مفاتيح الغيب التفسير الكبير . لبنان : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع
28. الرحيلي ، سليمان .(2021) التعليق على تفسير السعدي تأليف العلامة : عبد الرحمن بن ناصر السعدي . تفريغ: مجموعة الأخوات التطوعية . https://www.sualruhaily.com/play/2076
29. الرشودي ، عبد العزيز . (2000) الفكر التربوي عند الشيخ عبد الرحمن السعدي . دار ابن الجوزي
30. الرفاعي ،فيحاء .(2020) الأساليب المنهجية في التدبر القرآني عند الشيخ عبد الرحمن السعدي . حولية كلية أصول الدين ،( 33) 2140-2272 . DOI: 10.21608/BFARC.2020.176969
31. الركابي ، عارف .(2019) الرسائل العلمية في جهود الشيخ السعدي دراسة وصفية (ورقة عمل). جامعة القصيم : جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
32. رنكو ، مارك . (2021). الإبداع نظرياته و موضوعاته . ترجمة : شفيق علاونة . الرياض : مكتبة العبيكان .
33. روزين ، فاديم . (2011م) التفكير و الإبداع . ترجمة : نزار عيون السود . دمشق : الهيئة العامة السورية للكتاب .
34. ريان ، محمد .( 2004) الابداع و العوامل الاخرى مهارات التفكير وسرعة البديهة وحقائب تدريبية .عمَان : مكتبة الفلاح للنشر و التوزيع ، دار حنين للنشر و التوزيع .
35. الزعبي ، محمد . (2019)التطبيقات النبوية لمهارات التفكير الإبداعي .مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإنسانية و الاجتماعية ، (49) 25-41. DOI:10.5281/zenodo.3385870
36. زامل ،مجدي (2010) تفعيل استخدام الحواس في التعلّم. https://www.edutrapedia.com/تفعيل-استخدام-الحواس-في-التعلم-amparticle-723
37. زنجبير ،محمد .الكبيسي، عمر .( 2010) سورة الكوثر الإعجاز النفسي و البلاغي دراستان في الإعجاز النفسي و الإعجاز البلاغي في أصغر سورة من سور القرآن الكريم . دمشق : دار اقرأ . الاقتباس مسموح إلى مصدر الألوكة https://www.alukah.net/books/files/book_4235/bookfile/alkawther.pdf
38. الزهراني ، عبد الله .(2008) التأصيل الإسلامي التربية الإبداعية . جامعة عين شمس – كلية التربية . مجلة كلية التربية . ج: 1 ع: 32
39. السبت ، خالد .(2000) قواعد التفسير جمعا و دراسة . دار ابن عفان
40. السعدي . عبد الرحمن . (1982) الأدلة القواطع و البراهين في إبطال أصول الملحدين . الرياض : مكتبة المعارف
41. السعدي ، عبد الرحمن ( 2022 )تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان . مجموع مؤلفات الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي رحمه الله (1307-1376 هـ ) . المجلد الثاني : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان . الرياض : دار الميمان . ط 3
42. السعدي ، عبد الرحمن (1992) تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن المجموعة الكاملة التفسير . عنيزة : مركز صالح بن صالح الثقافي ، ج ٨ ، ط2.
43. السعدي ، عبد الرحمن (2021) الدرة الباهية الدرة البهية شرح القصيدة التائية كتاب عبد الرحمن ناصر السعدي . https://archive.org/details/29.0_20210520_20210520_2205
44. السعدي . عبد الرحمن . (2005) الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة في العقائد و الفنون المتنوعة الفاخرة . الرياض : دار المنهاج .
45. السعدي . عبد الرحمن . (2000) طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول ( مختارات من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية و العلامة ابن القيم اكثر من 1000 قاعدة وضابط و أصل ) . مصر : دار البصيرة .
46. السعدي . عبد الرحمن . (2010) فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والاخلاق والاحكام المستنبطة من القرآن . الرياض : دار ابن الجوزي
47. السعدي ، عبد الرحمن .(2017) الدلائل القرآنية في أن العلوم و الأعمال النافعة العصرية داخلة في الدين الإسلامي . الرياض :دار ابن الجوزي. https://archive.org/details/ozkorallh_20170908_2136
48. السعدي . عبد الرحمن . (2022) مجموع مؤلفات الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي رحمه الله (1307-1376 هـ ) . المجلد الأول : المقدمة . الرياض : دار الميمان . ط 3
49. السلمي ، دلال . (2014) التجديد في التفسير في العصر الحديث ( مفهومه و ضوابطه و اتجاهاته ) . رسالة دكتوراة . تخصص التفسير و علوم القرآن . قسم الكتاب و السنة. كلية الدعوة و أصول الدين . جامعة ام القرى
50. السيد ،عبد الحليم .(2005) التفكير الإبداعي مفهومه، والحاجة إليه، وأساليب تنميته في المجتمعات الإسلامية”. الفكر الإسلامي المعاصر (إسلامية المعرفة سابقا).مجلة الفكر الإسلامي المعاصر .مج 11.ع 41. https://citj.org/index.php/citj/article/view/1367.
51. الشبل ، علي . (2014) ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي . شبكة الألوكة .استرجعت بتاريخ 30ديسمبر،من https://www.alukah.net/culture/0/70188/%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%86-%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D8%B9%D8%AF%D9%8A/#ixzz8vMhPlLcR
52. شبرو ، ليلى .( 2020). معالم التجديد في التفسير عند الشيخ عبد الرحمن السعدي . مجلة الاستيعاب ، ( 6 ) 119 – 151. معالم التجديد في التفسير عند الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي دراسة نظرية تطبيقية- | ASJP (cerist.dz)
53. الشنقيطي ، سيد .(2005) تفسير القرآن بالقران من أضواء البيان . السعودية : دار الفضيلة
54. الشهراني ، سعد .(2020). الإبداع في الإسلامي : رؤية شرعية . مجلة العلوم الإسلامية الدولية ، 4(1)230 -254. الوصف: الإبداع في الإسلام: (mandumah.com)
55. الشهري ، فهد . (2013) منهجية التربية الإسلامية في تنمية التفكير الإبداعي ( دراسة تحليلية ) رسالة دكتوراة . قسم أصول التربية ( فلسفة التربية ) ، كلية التربية ، جامعة المدينة العالمية .
56. شيحة،عبد المجيد .(2014م) التفكير طبيعته -أنواعه- نماذجه. مصر : جوانا للنشر و التوزيع
57. ضيف ، يونس .(2019 )المنهج الدعوي عند العلامة السعدي من خلال الخطبه . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
58. الطبري ، محمد .( 2001) تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن . تحقيق : محمد التركي . دار هجر للطباعة و النشر و التوزيع و الإعلان . ج: 24
59. الطحان ، حذيفة . ( 2019) الموهبة و أثرها في التفسير ( أطروحة ماجستير ، قسم التفسير وعلوم القرآن، كلية الشريعة و الدراسات الإسلامية، جامعة قطر) . مركز المجموعات الرقمية لجامعة قطر . الموهبة وأثرها في التفسير (qu.edu.qa)
60. الطيار ، عبد الله .( 1992 ) أثر علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في الحركة العلمية .دار ابن الجوزي
61. الطيار ،عبد الله .( 2000) الشيخ عبد الرحمن السعدي مفسرا . دار ابن الجوزي
62. ابن عاشور ، محمد الطاهر .( 1984). تفسير التحرير و التنوير. تونس : الدار التونسية للنشر . ج1
63. عبد السلام ، محمد . ( 2020) التفكير الابداعي بين النظرية و التطبيق . مكتبة النور .
64. العبيدي، محمد . و آخران .( 2010م) الإبداع و التفكير الابتكاري وتنميته في التربية و التعليم .الأردن : ديبونو للطباعة و النشر و التوزيع
65. عثمان ، محمود . (2019) النظر المقاصدي في مصنفات الشيخ السعدي «منظومة القواعد الفقهية أنموذجا». جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
66. ابن عثيمين ، محمد. (2002) شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للإمام ابي زكريا يحيى النووي . حققه: أحمد البكري و اخرين . إشراف :عبد الحميد مذكور. القاهرة : دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع والترجمه
67. العقل ، مازن .(2019 ) منهج العلامة عبد الرحمن السعدي في على الجدل و المناظرة و جهوده فيه تأصيلا و تطبيقا . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
68. علي ، محمد السيد .( 2010). موسوعة المصطلحات التربوية .الأردن : عمان . دار المسيرة للنشر و التوزيع .
69. العمريه، صلاح الدين .( 2005).التفكير الإبداعي. الأردن : عمان . مكتبة المجتمع العربي للنشر و التوزيع
70. العنزي ، مطيعة.( 2024) فنقُلات الإمام السعدي الواردة في كتاب تيسير الكريم المنان في تفسير كلام المنان. مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع. كلية الإمارات للعلوم التربوية والنفسية . ع: 108
71. العوالم ، حمدان . و اخرين (2009) دورة الحياة المنظمة : مدخل نماذج .جامعة المنصورة : مجلة البحوث التربية النوعية .ع : 13 . DOI: 10.21608/mbse.2009.141573
72. العويد ، عبد العزيز .(2019)منهج العلامة السعدي في الفتوى(ورقة عمل) . جامعة القصيم: كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
73. الغامدي ، عبد الهادي .(2019 ) جهود الشيخ السعدي في التربية . جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
74. فليه ، فاروق . الزكي ،أحمد .( 2004).معجم مصطلحات التربية لفظا و اصطلاحا . الإسكندرية : دار وفاء لدينا .
75. القحطاني ، سعيد .(2019) منهجية التفريق والتقسيم عند الشيخ السعدي وأثرهما في الاختيار الفقهي والمناظرة والتعليم. جامعة القصيم : جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:4
76. القرطبي ، شمس الدين .( ١٩٦٤) الجامع لأحكام القرآن و المبين لما تضمنه السنه و آي الفرقان .تحقيق : أحمد البردوني و إبراهيم الطفيش. القاهرة : دار الكتب المصرية ط:2 مج:10 . ج:20
77. القنوجي ، صديق .(1992) فتح البيان في مقاصد القران مراجعة : عبد الله الانصاري . بيروت : المكتبة العصرية . ج:15
78. ابن القيم ، محمد .(1978 )التفسير القيم لابن القيم . جمعه : محمد الندوي . حققه : محمد الفقي . بيروت : دار الكتب العلمية.
79. ابن القيم ، محمد .( 2010) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة . حققه : عبرالرحمن قائد . الرياض دار علم الفوائد للنشر و التوزيع
80. ابن القيم ،محمد (2011) كتاب الروح . حققه : محمد الاصلاحي . الرياض : دار عالم الفوائد للنشر و التوزيع
81. ابن القيم ، محمد (2012) بدائع الفوائد . حققه : علي العمران .الرياض : دار علم الفوائد للنشر و التوزيع
82. لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية. ( د.ت ).الوثيقة الإعلامية برنامج تنمية القدرات البشرية 2021-2025.رؤية المملكة2030.استرجعت بتاريخ نوفمبر10 ،2021،من https://www.vision2030.gov.sa/ar/v2030/vrps/hcdp/
83. ابن كثير ، أبي الفداء. (1999 )تفسير القرآن العظيم . تحقيق : شادي سلامة . دار طيبة للنشر و التوزيع .ج:8.
84. محمد، آمال .(2015م) مهارات التفكير رؤية تربوية معاصرة . الجمهورية اللبنانية – الإمارات العربية المتحدة : دار الكتاب الجامعي
85. محمود ، حسام . (2012) الأسلوب المسجوع في الآيات القرآنية . مجلة آفاق الحضارة الإسلامية ، أكاديمية العلوم الإنسانية و الثقافية . السنه :14، ع:2 .
86. المحمودي، محمد .( 2019) .مناهج البحث العلمي .( ط 3) . صنعاء: دار الكتب .
87. المرنخ ، ناصر .(2002) منهج الشيخ السعدي في تفسيره ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان” .( أطروحة ماجستير ، قسم التفسير وعلوم القرآن ، كلية أصول الدين ، الجامعة الإسلامية بغزة ) . https://quranpedia.net/book/15127
88. المزيني ، خالد . ( 2019) تحصين مناطات الأحكام عند عبد الرحمن السعدي . جامعة القصيم : جامعة القصيم : كلية العلوم والآداب، بالتعاون مع كرسي الشيخ ابن عثيمين للدراسات الشرعية ( السجل العلمي لمؤتمر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي آثاره العلمية و الدعوية) .ج:3
89. معجم اللغة العربية .(2004). المعجم الوسيط . ( ط4). مصر :مكتبة الشروق الدولية .
90. المفرجي ، صدام . ( 2016) العلاقة بين الذكاء و الإبداع في المنظور الإسلامي . بغداد : الجامعة العراقية ، كلية الآداب . مجلة مداد الآداب .ع :12
91. https://digitalcommons.aaru.edu.jo/midad/vol12/iss1/25/
92. ابن منظور ،أبي الفضل جمال الدين .د.ت . لسان العرب. مج5. بيروت : دار صادر.
93. نصيرات ، رائدة . ( 2018) أساليب غرس القيم حسب مراحل النمو عند الأطفال” من منظور تربوي إسلامي” . مجلة کلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف – دقهلية . DOI: 10.21608/jfslt.2018.10776
94. نوفل ،محمد . (2014) التحديات التربوية المعاصرة التي تواجه الدعاة في محافظات غزة وسبل التغلب عليها. الجامعة الإسلامية في غزة :كلية التربية، قسم أصول التربية
95. هلال ، محمد . (1997) .مهارات التفكير الابتكاري كيف تكون مبدعا . مصر الجديدة : مركز تطوير الآدء و التنمية .
96. يالجن ، مقداد .(1976) خصائص التربية و مميزاتها الأساسية . المسلم المعاصر . ع:6
97. اليوسف ، سلمان . (2021) جهود العلامة عبد الرحمن السعدي في تجديد الفقه الإسلامي . مجلة العلوم الشرعية . جامعة القصيم . مج15 (1)

مراجع اجنبية :

1. Guilford, J. P. (1967). The nature of human intelligence. New York : McGraw-Hill