بدايات المسرح المغربي: تجارب نسائية في الإخراج

مريم الركاكنة1

1 جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، كلية الآداب واللغات والفنون، المغرب.

بريد الكتروني: meryem.rgaguena@uit.ac.ma

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3921

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/09/2022م تاريخ القبول: 15/08/2022م

المستخلص

تطرقنا في مقالنا هذا الى البدايات الأولى للمسرح العربي ثم المغربي، لننتقل الى جرد أهم التجارب النسائية المغربية في الاخراج المسرحي. ضمن جردنا للبدايات حاولنا أن نتبع المنهج الاستنباطي وهو دراسة تبدأ بالعام ثم تنتقل للخاص. أي من المسرح العربي الذي يعتبر السبب الأول في جعل الفنانين المغاربة يتعرفون على المسرح الاحترافي بمختلف أشكاله، وانفتاحه أيضا على المسرح الغربي ليتمكن من اقتباسه واستعماله في تطور المسرح المغربي الذي عرف في بداياته بالأشكال الما قبل المسرحية: الحلقة، البساط، سيدي كتفي، سلطان الطلبة، عبيدات الرمى. والتي بصم بها مساره ضمن الثقافة الشعبية المحلية. حيث عمل المسرحيون على توظيف واستلهام هدا التراث وفق أساليب و تقنيات جديدة، لإعطاء فرجة متميزة للمشاهد، فأصبح بذلك يعطي بعدا للهوية الثقافية المحلية المغربية في زمن العولمة. فاللجوء إلى التراث هو لجوء إلى الانتماء.

تم تطرقنا الى اشكالية بروز المرأة ضمن الظاهرة المسرحية العربية والمغربية، حيث منذ البدايات الاغريقية الأولى للمسرح الى عصرنا الحديث ظل تمثيل المرأة من الطابوهات المحرمة، اذ ظل الرجل يستعمر مكانتها خلال عقود. إلا أن استطاعت أن تناضل في وجه الرجل والمجتمع والتقاليد لتبصم مكانتها بنفسها بكتابة نصها واخراج مسرحياتها بنفسها، لنجرد بذلك أهم التجارب الأولى النسائية في الاخراج المسرح المغربي وصولا الى الجيل الجديد من المخرجات اللواتي دافعن عن حقوقهن باستعمال الفن.

Research title

The beginnings of Moroccan theater: women’s experiences in directing

MERYEM RGAGUENA1

1 Ibn Tofail University of Kenitra, Faculty of Arts, Languages and Arts, Morocco.

Email: meryem.rgaguena@uit.ac.ma

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3921

Published at 01/09/2022 Accepted at 15/08/2021

Abstract

In this article, we touched on the beginnings of Arab and then Moroccan theater, then we moved on to discuss an inventory of the most important Moroccan women’s experiences in theater directing.

Within our inventory of the beginnings, we tried to follow the deductive approach, which is a study that begins with the general and then moves to the specific. That is, from the Arab theater, which is considered the first reason for making Moroccan artists learn about professional theater in its various forms, and its openness to Western theater to be able to quote and use it in the development of Moroccan theater, which was known in its beginnings with pre-theatrical forms: Al-Halaqa, Al-Basat, Sidi Ktifi, Sultan Al-Talaba, Obaidat Al-Rama. Pre-theatrical forms marked their path within the local popular culture. The playwrights worked to employ and draw inspiration from this heritage by using new methods and techniques, to give a distinct opportunity to the viewers, thus giving a dimension to the Moroccan local cultural identity in the era of globalization. The resort to heritage is a resort to belonging.

We tackled the problem of women’s emergence in the Arab and Moroccan theatrical phenomenon. Since the early Greek beginnings of the theater to our modern era, representation of women has remained one of the forbidden taboos. Man has taken over her position for decades. However, she was able to fight man’s authority, society and traditions to give herself a space or position by writing her text and directing her plays by herself. The most important first experiences of women in directing Moroccan theater have been discussed, down to the new generation of female directors who defended their rights by using art.

تمهيد:

لتحديد بداية أي شكل من أشكال الفن ، نجد أنفسنا أمام عملية نبش وبحث في الأصول أو ما يعرف ب “الجينالوجيا” والتي تقودنا أحيانا الى مجموعة من التشعبات، دون أن نصل الى نقطة البداية أو بالأحرى البداية. لا جدال طبعا في صعوبة الإحاطة بالبدايات في ما يتعلق بتاريخ المسرح الاغريقي نفسه، الذي لا يعده العديد من الدارسين سوى شكل من تلك الأشكال المتطورة في عصره للظاهرة المسرحية التي هي ظاهرة إنسانية لم تكن أبدا حكرا على أمة أو شعب دون غيرهم.

فما بالنا إذن ونحن بصدد التنقيب عن أصول المسرح العربي ومعه المسرح المغربي؟ هذا التنقيب الذي يزداد تعقيدا وتشابكا لاسيما إن كان عن حضور المرأة في المسرح المغربي، خاصة عندما يكون ضعف في المراجع التي كتبت في هذا الموضوع، حيث نجد الطريقة الوحيدة للإلمام بالبدايات هي شهادات قيلت من فناني أو نقاد تلك الحقبة وغالبا ما تكون شهادات شفهية ذكرت في لقاءات صحفية، أو لقاءات أدبية، ولم تأخذ حقها في تدوينها وأرشفتها ضمن قالب أكاديمي.

كان المسرح منذ نشأته – وما يزال – يمثل الفضاء الأمثل لطرح تلك الأسئلة المتعلقة بوجود الانسان ومصيره وكذلك مستقبله. وذلك من خلال قدرته على سبر أغوار النفس البشرية بكل تشعباتها، للتعبير عن آمالها وطموحاتها، والتنفيس عن هواجسها وتخوفاتها. فتمكن بذلك المسرح من النفاذ إلى معتقدات الانسان الدينية، والكشف عن أحواله الاجتماعية والسياسية، وكذلك الخوض في عاداته وتقاليده ومختلف سلوكياته وأنشطته اليومية.

وهي كما نلاحظ، كلها تساؤلات تدخل في صميم الثقافة بمفهومها الواسع. لهذا فإن مقاربتنا لمسألتي أصول المسرح المغربي وحضور المرأة في هذا المسرح المغربي ستكون انطلاقا مما يمكن أن تمدنا به الدراسات الثقافية وتحديدا الدراسات التي تهتم بتناسج ثقافات الفرجة، باعتبار أن تطور الفرجة المسرحية وما طرأ عليها من نقلات لم يتم بمعزل عما شهدته الساحة المسرحية العربية والعالمية من تغيرات على مستوى الشكل والمضمون.

  1. المسرح العربي وتناسج ثقافات الفرجة

عندما نعلم أن “عالم اليوم يعيش حضارة واحدة شاركت وتشارك جميع الشعوب في صنعها، وبالتالي فهي حضارة إنسانية. بمعنى أنها من صنع الانسانية جمعاء، طوال تاريخها المديد.”[1] وعندما نضع نصب أعيننا أن مسيرة المسرح هي مسيرة الانسانية نفسها، يسهل علينا القول بأن هذه التطورات والنقلات التي عرفها المسرح سواء في الشكل أو المضمون، أو حتى في تعدده وتنوعه هي نتيجة حتمية لتناسج ثقافات الفرجة ، الشيء الذي يعكس “قدرة المسرح الملائمة لأن يكون وسيطا عبر حدود الاختلافات التاريخية والثقافية.”[2]

إن هذه التطورات والنقلات لم تنل من جوهر المسرح شيء، فهو الشيء الوحيد الذي لا اختلاف حوله. هذا الجوهر الذي عبر عنه ( بيتر بروك) في كتابه المساحة الفارغة بأن فن المسرح يؤدى من قبل ممثلين لمؤدى لهم (الجمهور) في مساحة فارغة إلا مما يؤدى أي الحكاية أو المسرحية، هذا الجوهر الذي انتبه إليه كل من بريخت وغروتوفسكي، هذا الأخير الذي ظل يؤكد ويلح على ضرورة تخليص المسرح من كل ما لحق به من طوارئ كالإضاءة والديكور، وغير ذلك…

فما الذي سيحدث إن نحن عملنا بنصيحة غروتوفسكي في المسرح العربي؟ أعتقد أننا سنجد أنفسنا مباشرة أمام المقامات، باعتبارها المقابسة المسرحية الأولى في تاريخ المسرح العربي على الأرجح. ووصفها بالمقابسة يأتي انسجاما مع تعامل الهمذاني مع كتاب فن الشعر لأرسطو، اذ حاول تقديم ترجمة عملية وتطبيقية له، يعكس تلقيه وفهمه الخاص لهذا الكتاب.

لهذا يجب أن لا نغفل لحظتين تاريخيتين مفصليتين في تاريخ المسرح العربي وتناسج الثقافات، إذ أن هاتين اللحظتين كانتا بمثابة أكبر منعطفين شهدهما تاريخ المسرح العربي. أما أحد هذين المنعطفين فهي تلك اللحظة التي تعرف فيها الجمهور العربي وشاهد المسرح على طريقة العلبة الايطالية من خلال تجربة مارون النقاش، والتي كان أهم ما يميزها هو مغلق داخل بنايات.

هذه التجربة التي تمكن العرب من خلالها على الاطلاع على مستجدات الحركة المسرحية العالمية، لكنها خلفت في المقابل جدلا واسعا لازالت آثاره حية إلى يومنا هذا، جدل يتعلق بالأساس بمسألتي التأسيس والتأصيل لمسرح عربي. جدل حاول توفيق الحكيم التخلص منه عن طريق كتابه قالبنا المسرحي، كما استشعر هذا الجدل الذي تحول إلى هاجس العديد من المسرحيين العرب، الذين اتجهوا إلى التراث، فوجدوا ضالتهم فيه، لأنه ببساطة امتداد لأشكال فرجات تلك اللحظة التاريخية التي تشكل المنعطف الأول تاريخيا في المسرح العربي.

هذا المنعطف الذي جاء على يد بديع الزمان الهمذاني، وبعده الحريري، اللذين حاولا مرارا إخبارنا هذه الحقيقة الدالة على تناسج الثقافات داخل المسرح العربي في عصريهما، أولا من خلال أسماء بطلي مقاماتهما (الاسكندرية والسروجي)، ثانيا تصريحا مباشرا من خلال أقوال وأشعار المقامات الواردة على ألسنى أبطالها والتي تدل صراحة على نسبهما وأصلهما.

اسكندرية داري لوقر فيها قراري.

غسان أسرتي الصميمة وسروج تربتي القديمة.

  1. المسرح المغربي وتناسج ثقافات الفرجة

رغم أن المغاربة عرفوا أنواعا من الفرجات في حياتهم العادية وبعض المناسبات والمواسم الدينية، حيث كانت هذه الفرجات مثار تسلية و توعية لديهم، فإن العديد من الباحثين يؤكدون أن المغرب لم يتعرف على المسرح بمفهومه الحديث إلا من خلال الفرق المسرحية القادمة من الشرق. (فرقة محمد عز الدين سنة 1923). في حين يذهب بعضهم إلى أن زيارات الفرق المسرحية العربية للمغرب، دفعت المشتغلين في المسرح المغربي إلى هيكلة فرقهم المسرحية على غرار ما لاحظوه عند مثيلاتهم من الفرق المسرحية الوافدة من المشرق العربي.

لكن يبقى الأهم بالنسبة لنا هنا هو ذلك الانفتاح الذي عرفه المسرح المغربي على نظيره العربي، انفتاح لم يكن على مستوى التنظيم والهيكلة فقط، بل طال ايضا جانب المضمون، حيث كانت جل المسرحيات التي قدمتها الفرق الزائرة للمغرب تمتح مادتها الأساسية من القصص والملاحم العربية المعروفة، كبطولات صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد مثلا…

كان المسرح العربي حديث العهد آنذاك وفق منظور المسرح بمفهومه الايطالي، لهذا كانت هناك محاولات عديدة تروم تأصيل وتأسيس دعائم مسرح عربي خالص ينهل مادته الأساسية من تلك الأشكال الفرجوية المؤثثة للساحات العربية. وهو نفس الحال الذي كان يعيشه المسرح المغربي من خلال عديد التجارب والمحاولات الجادة في هذا الباب. هذه المحاولات والتجارب التي لم تكن تحدث بمعزل عما يقع في الساحة المسرحية العالمية، وهذا باب آخر يوضح مدى التداخلات الثقافية بين المسرح المغربي من جهة والمسرحين العربي والعالمي من جهة ثانية.

فبمعرفتنا أن الغربيين أنفسهم عملوا على إلغاء المنصة التقليدية، بعد دعوة الفيلسوف الفرنسي “جان جاك روسو” بالعودة إلى الاحتفال بمعناه الحقيقي، ذلك أن المسرح اليوناني نشأ في ظل طقوس دينية ومقدسة تقوم على الاحتفالية والفرجة «مما دفع المسرحيين في فرنسا أمثال ” جاك كوبو” إلى إلغاء المنصة التقليدية إلغاء كاملا، ليستلهم “مسرح النو” وأسلوب “الكوميديا دي لارتي”، أما الروسي “نيكولا إفرنوف” فقد طرح ضرورة إعادة مسرحة المسرح بصفة مطلقة اعتمادا على الكوميديا دي لارتي، التي قادته إلى اعتبار العرض المسرحي نوعا راقيا من اللعب و احتفالا جماعيا يتحقق خلاله لقاء حميم يستعيد فيه الجمهور مع الممثلين أحداثا هامة ومعروفة، كما فعل في مسرحية ” الاستيلاء على قصر الشتاء”[3]

إن توفر المغرب على فرجات شعبية متنوعة، هو ما جعل المبدعين يسارعون إلى اعتماد الطقوس الاحتفالية في عملية التأصيل، إذ أن علاقة المسرح المغربي بهذه الطقوس هي ما تحدد بداياته الأولى كما تؤكد ذلك بعض الدراسات، ويمكن أن نذكر كأمثلة لهذه الطقوس الاحتفالية التي كانت تزخر بها الساحة الفرجوية بالمغرب׃

الحلقة : تعني الحلقة في اللغة وحسب المعجم الوسيط، كل شيء استدار، كحلقة الباب والذهب والفضة. و يقال: حلقة القوم: دائرتهم. وتلقى العلم في حلقة فلان: في مجلس علمه.[4] يعتبر فن الحلقة شكلا مسرحيا يرتبط في تسميته بالحيز المكاني الذي يشغله كدائرة (حلقة)، حيث تعني الحلقة كل ما هو دائري ويقصد بها كذلك مجلس العلم إذ يكون دور فن الحلقة تثقيفيا أو تعليميا في بعض الأحيان. ويتمثل في هذا الشكل تجمعا بإحدى الساحات العمومية، التي غالبا ما تكون بالأسواق أو قريبا منها حتى تستقطب الناس، ليتحلقوا حول راو أو راوي ومساعده، حيث يرويان على الجمهور الدائر بهما القصص و الحكايات الخاصة بالأساطير والبطولات الشعبية قصص الأنبياء. وينشدون القصائد ويغنون ويرقصون. كما يرفقون كل هذا بحركات أدائية مصاحبة تشخص وتفسر ما يروى. فكثيرا ما تعتمد هذه الحركات وطريقة الحكي لدى القائمين على الحلقة عناصر مسرحية، لأن المرويات تقدم لجمهور الحلقة بلوازم من الديكور والملابس الخاصة وبعض الآلات الموسيقية التي تتحول في لحظة إلى شخصيات تلعب أدوارا متخيلة يستنطقها الراوي أو مساعده في أصوات شبيهة بالكلام، أو معنى الحوار المتولد في المونودراما.

وإذا كان المسرح في بداياته قد نشأ على شكل حلقة، فما ذلك إلا لأن الطبيعة الأولى للفرجة كانت حميمية، تتطلب مشاركة الجميع و تهمهم، “حيث لا تتحرك الشخصيات الوهمية داخل هذه الفرجات، و إنما داخل الجمهور.”[5]

البساط: تعني كلمة البساط في اللغة العربية البسط، كما تعني الضحك والتسلية. و في اللغة العامية تعني المزاح والفكاهة دون احتشام. تتعدد أنواع مسرح البساط باختلاف المناطق، كما يرتبط ببعض الأعياد الدينية كعيد الأضحى وعيد المولد النبوي. وارتبطت فرجة البساط بدور السلاطين والأمراء والأعيان، ليرتبط بعد ذلك بالساحات في مسرح البساط أدوار متعددة، كما يحتفظ بأدوار قارة وثابتة تتمثل أساسا في العمومية والأسواق.

« للفنانين: “البوهو”، وهو الشخصية الأكبر سنا في المجموعة، يحمل سبحة من التين المجفف بلحية متدلية. و “المسيح” وهو الشخصية الأكثر حركة والأكثر معاناة. أما “الشاطر” فهو الشخصية التي تظل مرتبطة بالحذق و حسن التصرف.»[6]، و نجد أن مسرح البساط يشبه كثيرا الاحتفالات التي كانت تقام للإله “دينيزوس” إلى درجة أن محمد أديب السلاوي يعده «من أثار المسرح الروماني الذي عم بعض المدن المغربية/شالة/ وليلي/ لكوس/ طنجة في العصور الخوالي. ويظهر ذلك من خلال تشابهه مع فن “لكوموس” المعتمد على المحاكاة، والرقص والغناء والفكاهة واللهو، وعلى الارتجال في تشخيص أعقد القضايا والمشاكل الاجتماعية والسياسية بالبلاد التي تهم الجمهور.» [7]

سيدي الكتفي: هو شكل فرجوي انبثق عن مسرح البساط بمدينة الرباط، بعد أن انتظم الحرفيون والصناع التقليديون في مجموعات و تكتلات لها أمناؤها. ارتبط بداية ببيوت أعضائه أو ممن يستضيفهم من أعيان المدينة قبل أن تصبح الأماكن العمومية والأسواق حاضنة له. « يبدأ الحديث عن سيد الكتفي انطلاقا من عهد هد السلطان مولاي يوسف، و إن كان المرجح أن تكون الفترة العزيزية هي المهاد الذي احتضن نشأة هذه الفرجة بدليل التشجيع الذي لاقته الفنون الشعبية من لدن المولى عبد العزيز كما يشهد على ذلك معاصريه من الأجانب و المغاربة.» [8]

أما بخصوص التسمية فيقول الدكتور حسن بحراوي: « نحن نشم في هذه التسمية تعريضا ضمنيا بالطوائف الدينية، فهي تدل على هز الأكتاف والتدافع بالمناكب وغير ذلك من معتاد حركات الجذبة…»[9]. تبدأ الفرجة بدخول المقدم، وهو رئيس الفرقة، ويليه أفراد المجموعة الين يحيطون به. يقدم المعلم تعليماته فيما يخص الموضوع وتوزيع الأدوار، وبعض الإرشادات الأساسية… وكل مجموعة تتكون من اثني عشر فردا، والطابع الغالب عليهم هو الهزل والارتجال.

سلطان الطلبة: عرف مع “السلطان مولاي رشيد”(1966-1972). حيث سن تقليدا يكافئ فيه طلبة جامع القرويين على مساعدتهم في القضاء على عدوه ” أبي مشعل”.

سلطان الطلبة حفلة تنكرية، تقام صباح كل يوم خميس أول من شهر مارس من كل سنة، حيث ينصب طالبا سلطانا بعد التباري حول هذا المنصب، ومن ثمة يختار حاشيته ووزراءه الذين لا تتعدى سلطتهم مدينة فاس. ويكون هذا في حضرة السلطان الفعلي للدولة. «تستمر حفلة سلطان الطلبة أسبوعا كاملا، تختتم بمبايعة السلطان الحقيقي للبلاد مع الدعوة له بالنصر و التأييد.» [10]

عبيدات الرمى: يعد مسرح عبيدات الرمى فرجة من أقدم الفرجات التي عرفها المغاربة. وتتسم بالانتشار الواسع لمصادفتنا لها في كل المناطق المغربية نتيجة الهجرة في فترات مختلفة من التاريخ. و تدل تسمية ” اعبيدات” على الخدم و “الرمى” على الصيادة أو الرماة. «كما يدل “الرمي” كفعل على الذي يعزف على آلة وترية أو إيقاعية والعازف “الرامي”، والاصطلاح اللغوي المباشر للرمي هو القذف، الكلام الناقد، و غالبا ما يكون له ارتباط بالسهم و رامي يطلق السهام من القوس سواء كان مرتبطا بالسهم أو النغم الصادر بالنقر من الآلة الموسيقية. والمعنى الإيجازي للرامي هنا هو المغني أو المنشد أو المردد.»[11]. وهو نفس المعنى نجده عند محمد أديب السلاوي « الرماية ترميز إلى الكلام الناقد»[12].

هذا دون أن ننسى الفرجات الأمازيغية، أو حتى تلك الفرجات الخاصة باليهود المغاربة، وهذه الأشكال يمكن تسميتها حسب الدكتور المنيعي بالأشكال ما قبل المسرحية أو الأشكال الشبه مسرحية التي عرفها المغرب ومارسها سكانه قبل تعرفهم على المسرح الإيطالي بمفهومه الحديث، وبالتالي فإن الرجوع إلى هذه الفرجات لم يكن يصعبه إلى درجة كبيرة سوى أمر واحد وهو عدم التوفر على نصوص مكتوبة يمكن الرجوع إليها، إضافة إلى اندثار وانقراض معظم هذه الفرجات من الخريطة الفرجوية المغربية.

ورغم ذلك فقد وجد العديد من المسرحيين مبتغاهم وضالتهم في المادة القليلة التي وصلتنا، بفضل ما تضمه من حكايات سردية وشعرية ورقص وأهازيج وأساطير وغير ذلك مما يحفل به خزان التراث الشعبي المغربي. عمل هؤلاء المسرحيون على توظيف واستلهام هدا التراث وفق أساليب وتقنيات جديدة، لإعطاء فرجة متميزة للمشاهد، فأصبح بذلك يعطي بعدا للهوية الثقافية المحلية المغربية في زمن العولمة. فاللجوء إلى التراث هو لجوء إلى الانتماء، لكون التراث الشعبي هو إنتاج جمعي و خزان للذاكرة الوطنية، و في ذات الوقت هو ميدان للالتقاء بالعلوم الإنسانية وخاصة الانثربولوجية منها، كعلم يهتم بالثقافة والتقاليد والعادات.

  1. حضور المرأة في المسرح المغربي

عندما نتحدث عن حضور المرأة في المسرح المغربي فإننا لا نقصد حضور قضايا المرأة وتجسيدها على خشبة المسرح، بل نعني حضورها كذات فاعلة ومشاركة في بناء العمل المسرحي، كممثلة أو مؤلفة أو مخرجة أو ناقدة… شهدت المرأة على مر العصور العديد من الانتقادات والانتهاكات، منذ العهد الاغريقي حين كانت توضع مع العبيد في مرتبة واحدة دون الرجال الأحرار. لكن رغم كل ذلك ظلت صامدة أمام المجتمع الذكوري والقوانين، وغيرها…

إن تاريخ المسرح منذ نشأته الاغريقية وحتى العصر الحديث كان يمنع دخول المرأة مجال التمثيل، وكان يتم تعويضها بممثل رجل. مما جعل المسرح في نظر المتدينين خلاعة ومجونا لأنه كان يسلب الرجال حقيقتهم في تمثلهم في أدوار نسائية وكأن ما كان يقومون به يعكس سلوكهم اليومي، وينقص من رجولتهم، ولن نجد أدل من هذا النص السرياني الذي يتحدث عن مهن المحرومين من الإرث. “الباب الخامس: إن مات رجل وترك ورثه غربا أعني ولده من جاريته، فإن سنتنا تأمره أن يعتق ولده لأن لا يلام. وكل من كان مخنثا من أزري به من الرجال والنساء لا ينبغي أن يورثوا فهو على ما أصف: من كان يصير نفسه شهرة للناس ومن يخدم الجلبات (=الحلبات) ومواضع الصراع وكذلك المضحكين والزواني والراضة واللاطة ومن يقذف بالفجور من الرجال والنساء وما أشبه ذلك ممن كان من هذا النوع فلا يجوز لأحد من أولاد الأحرار أن يورثهم فإنه إن كان ذلك أزري بالذي يوصي إليهم من يورث الأولاد الأنذال والقرابة النذلة”[13]

يوضح لنا هذا النص من جهة أولى تلك النظرة الدونية التي كان ينظر بها المجتمع لممتهني الفرجات رجالا فما بالنا بالنساء؟ أما من جهة ثانية فهو خير دليل على تناسج الثقافات، ونقصد هنا تحديدا الثقافتين العربية والسريانية لأن مضمون هذا النص السرياني نجده عند الحريري في مقامته الفرضية.

واستمر الحال على ما هو عليه حتى في مسرح شكسبير الذي لم يكن يجسد شخصيات بطلاته سوى ذكور. رغم أن جل أسماء مسرحيات شكسبير هي لنساء. إذ لم تدخل النساء ميدان المسرح إلا في وقت متأخر. أما في الدول العربية ومن ضمنها المغرب طبعا، فقد كان الموروث الديني وعادات وتقاليد المجتمعات العربية تمنع منعا كليا التمثيل والغناء المرأة، بل وتحرمه سواء للرجل أو المرأة، وفي هذا الصدد نذكر رسالة “إقامة الدليل على حرمة التمثيل” لصاحبها “أحمد بن الصديق الغماري”.

لكن هذا لم يمنع من صعود بعض النساء العربيات خشبة المسارح مثل “فاطمة رشدي” التي كانت زيارة فرقتها للمغرب سنة 1932 حدثا له ما بعده، إذ لاحظت الصحافة المغربية وقتها ومن خلال مقارنة هذه الفرقة بالفرق المغربية أن “المفارقة الوجيهة بينهما قد تمثلت في كون الأدوار النسوية بالمغرب كانت تسند للفتيان، بينما كانت فاطمة رشدي أحيانا تقوم بأدوار الرجال.” [14] ولكن أحدا لم يخطر على باله أن تقوم النساء بتمثيل أدوار نسائية. ومن تم عملت المرأة المبدعة في المسرح على تبني رؤية للعالم تعكس وجهة نظرها هي، أو اختيار شكل فني يناسب هذه الرؤية. شريطة أن تتماشى هذه الرؤية وتتسق مع الاتجاهات والمدارس حتى يتقبلها المتلقي.

إذ يعتبر اهتمام المبدعات العربيات بالنص المسرحي النسوي شيئا حديثا، اعتمدته للكشف عن قدرتها وتمكنها من أدواتها الفنية، وعن اهتمامها بالإخراج المسرحي والتمثيل، واشتغالها في الديكور والسينوغرافيا والإضاءة والازياء. أثمر كل ذلك ترجمة الأعمال النسوية العربية الى خطاب جمالي، تؤكد من خلاله ذاتها وتترك بصمة عبر إنتاج الدلالات الجمالية التي كانت مستبعدة منها.

حيث إن تم النظر الى التاريخ الانساني بصورة موضوعية، فسنلمح مفارقة كبيرة لا يمكن قبولها أو السكوت عنها، وهي استبعاد المرأة والتحيز للرجل. تحيز فرضته الظروف الاجتماعية التي وضعت المرأة في مقام أدنى من مقام الرجل، إن لم نقل أنه وقع اخراجها من دائرة صنع التاريخ، وكأن تاريخ المرأة عار ينبغي طمسه، وخطيئة يجب محوها، مما جعل المرأة تعبر عن انفعالات كثيرة عبر نتاجها الإبداعي، وما شكلته من رؤية فكرية وفنية دفعتها الى تأدية أدوار كثيرة ومختلفة على خشبة المسرح، وأداء مختلف كاستخدام حركة الجسد تعبيرا عن صور مشهديه، لتظهر تجارب ملامسة للذات الأنثوية وتطرح فيها كل ما هو مسكوت عنه.

ظل الاخراج في المغرب في بداياته حكرا على الرجل، وكانت المرأة الممثلة هي من يتم اكتشافها من طرف مخرج رجل، هو من يتحكم في أدوارها وفي القضايا التي يعالجها في نصه المسرحي. مع مرور التجارب، اكتسبت المرأة القدرة على اخراج نصها والدفاع على أفكارها بنفسها.

رغم الصعوبات التي واجهناها في رصد أول مخرجة مسرحية، مع قلة المراجع في هذا الصدد، استطعنا أن نحدد بعض الأسماء التي رسمت مسارها وذلك في عدة مجالات داخل الفعل الدرامي مثل الكتابة الدرامية والرواية والتمثيل، ثم انتقلت في مرحلة موالية لتخوض غمار تجربة الاخراج المسرحي ثم فيما بعد السينمائي.

من خلال بحثنا رصدنا أن أول تجارب الاخراج للمرأة كان ضمن المسرح الجامعي، الذي كان له الفضل في اكتشاف العديد من الفنانات. نجد إشارة في كتاب ” أبحاث في المسرح المغربي” للدكتور حسن المنيعي، لمخرجة ومنتجة امرأة. ذكر هذا ضمن جرد التكوينات الأولى للفرق المسرحية سنة 1924.

” هناك من يؤكد أن بعض العرب المشارقة، الذين استوطنوا العاصمة، كانوا يشجعون الطلاب على تنظيم الجمعيات. ونذكر من بين هؤلاء “الخياط” الذي كان موزعا للأفلام، و”منرفة صائغ” التي كانت منتجة ومخرجة. فهذه المرأة مثلا كانت تستدعي من حين لآخر بعض الممثلين الشباب وتكلفهم بإعداد نتاجات درامية كمسرحية “الايدي المحترقة” التي ألفها محمد الزيزي.”[15]

هذه المخرجة المسماة ب “منرفة صائغ” التي لم نجد في صددها أية أبحاث موثقة، أو معلومات عن أعمالها أو حياتها، غير أنها عربية من العرب المشارقة.

نذكر أيضا الفنانة والمخرجة “فاطمة شبشوب” التي تعتبر أيضا من المخرجات الأوليات في المسرح المغربي، من مواليد مدينة فاس سنة 1952، لها العديد من الانجازات في عالم كتابة السيناريو والاخراج السنيمائي والتلفزي، وأيضا تعتبر من مؤسسات المسرح الجامعي. وتعد فاطمة شبشوب واحدة من مؤسسي المجمع العالمي للمسرح الجامعي في مدينة لييج في بلجيكا، وإحدى المستشارات العالميات لمهرجان النساء المسرحيات في بافالو في الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة الى كونها أنتجت نصوصا حول المسرح كبحثها “دور المرأة في المسرح العتيق”.[16]

أيضا نجد الفنانة الريفية ” لويزة بوسطاش”، من مواليد 1954 بمدينة الناظور، بداياتها كانت مع الرسم الذي استهلته منذ نعومة أظافرها، كانت لوحاتها بسيطة بألوان متداخلة أتاحت لها فرصة البوح بكل ما يجول بخاطرها. تألقت أيضا في مجال الشعر، لتكتشف بعد ذلك سحرا آخر هو سحر الخشبة وتدخل غمار التشخيص والتمثيل. تمكنت هذه الفنانة بعصاميتها وتحديها معانقة الركح[17].

قامت لويزة بتأليف واخراج مسرحية “أقلوز” ، والتي كانت عبارة عن فرجة مسرحية تستعرض الألعاب الفطرية والظواهر ما قبل المسرحية التي عرفتها منطقة الريف مع التعريف بظاهرة “أقلوز” المسرحية التي كانت تمارسها النساء خصوصا.

في نفس الصدد نجد مخرجة أخرى أمازيغية، بصمت أيضا مسارها في مجال الاخراج بمسرحيتين تهتمان بتيمة المرأة وهي الكاتبة والمخرجة “ماجدة بناني”، أولاهما مسرحية قامت بإخراجها عنونتها ب “تمرد امرأة”، وهي من المسرح الفردي النسوي، وكانت من تأليفها وتشخيصها.

سلطت هذه المسرحية أي “تمرد امرأة” الضوء على المرأة في المجتمع الأمازيغي وعلى صراعها مع الرجل الذي يسعى إلى تكبيلها وفرض وصايته عليها. المسرحية تصور الأب كشخصية قاسية جدا، إذ داخل الحكاية سيعتدي على ابنته بطريقة وحشية، وسيفتض بكارتها، وهذا ما سيجعلها تلجأ الى الانتحار هروبا من هذا الواقع المخزي وتفاديا للفضيحة. ثاني مسرحية هي ” نساء الزابوق”، وهي مسرحية من إخراج ماجدة بناني ومن تأليف سلوى الروكي.

نجد إشارة إلى مخرجة أخرى وهي الأستاذة “عائشة باوسكا” التي قامت بإخراج مسرحية “للا مي” من تأليف الشاعرة الزجالة “سلوى بنعزوز” في مقال للكاتب محمد بوعابد، 2012.

“… واذ نقصر الحديث على البعض من الأسماء التي كان لها أن تبرز على مستوى المدينة الحمراء فمن الجلي أن الأستاذة سلوى بنعزوز الشاعرة الزجالة والسيناريست تعد من النساء اللواتي كان لهن أن يخضن تجربة الكتابة المسرحية والتشخيص، اذ قدمت للخشبة المسرحية “للا مي” التي قامت الأستاذة عائشة باوسكا بإخراجها.”[18]

ثم يأتي بعد ذلك جيل خريجات المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، اللواتي بصمن مسارهن في العديد من المهن الجديدة من بينها السينوغرافيا والملابس، وأيضا الإخراج. من أهمهن نذكر المؤلفة والمخرجة التي عرفت بدفاعها عن المرأة، “نعيمة زيطان”، تخرجت من المعهد سنة 1994 شعبة التنشيط الثقافي، أسست فرقة مسرحية في نفس السنة “جمعية مسرح أكواريوم”، مع مجموعة من خريجات المعهد وأوكلت إليها رئاستها. أول عمل قامت به الجمعية كان مسرحية ” Histoires de femmes” “قصص النساء”. التي تناولت وضع المرأة المغربية منذ الاستقلال، من 1956 إلى 1999، مشيرة الى دور المرأة المقاومة خلال الحقبتين الاستعمارية وما بعد الاستعمارية، من المرأة المناضلة في سنوات الرصاص، الى المرأة في الوقت الحالي. وهي من إخراج نعيمة زيطان، وتأليف حليمة زين العابدين، وأداء خمس ممثلات شابات. وقد تطرقت هذه المسرحية إلى الصراع الحاصل بين هذه الأجيال الثلاثة من النساء المغربيات. هذه المسرحية لاقت إقبالا كبيرا من الجمهور نظرا للموضوع الذي طرحته، عرضت المسرحية لأكثر من 100 مرة في المغرب بين عامي 2000 و 2006[19]

لقد انحازت نعيمة زيطان، الى جانب فئة قليلة من النساء العربيات، الى مناصرة قضايا المرأة، بكل جرأة، والدفاع على تحسين وضعية المرأة العربية عموما، اذ يعتبر ما تقوم به نعيمة هو مكسب من المكاسب التي يجب أن نفتخر بها سواء كنا رجالا أم نساء، وأن نتباهى أيضا بما حققته في مجال احترام حقوق الانسان وحقوق المرأة بالخصوص، وفي الممارسة الديمقراطية التي لا نزال نشكو من تعثرات انتقالاتها. من الطبيعي أن تناضل المخرجة نعيمة رفقة زميلاتها في هذا الشأن بحكم أنهن نساء، يعرفن جيدا المعاناة التي تتخبط فيها المرأة المغربية، وهو ما نلمحه خلال الأعمال المسرحية التي قامت بإخراجها والتي تعرضت الى قضايا المرأة كالاغتصاب والتمييز، والى السياحة الجنسية والى مشاكل المرأة في السياسة، وغيرها من المواضيع التي استفزت الفكر الرجعي، ليهاجمها بعض من أهله. غالبا ما سبحت المخرجة نعيمة زيطان ضد التيار، وواجهت المجتمع والنقاد بتطلعاتها التقدمية، ورؤيتها الفنية التحررية. اذ تحولت إلى محامية تدافع عن قضايا المرأة، والحريات، وحقوق الإنسان.

ثم تأتي خريجة أخرى من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي تألق في الاخراج المسرحي، هي المخرجة “أسماء هوري”. تلقت أسماء تكوينا وطنيا وعالميا سواء بالسويد أو الهند أو اليونان، لتعود للمغرب وتبدأ رحلتها مع الاخراج سنة 2010، وقد قامت بتأسيس فرقة مسرح أنفاس مع كل من رشيد برومي وعصام اليوسفي[20]

تعتبر مسرحية “4.48 بسيكوز” للكاتبة سارة كاين، أول مسرحية قامت بإخراجها ضمن فرقة أنفاس، لتتوالى بعد ذلك العديد من المسرحيات، أهمها “دموع بالكحول” لعصام اليوسفي[21]، ومسرحية “خريف” وهي مسرحية مستوحاة من قصص نساء يعانين من مرض السرطان، وتحكي قصة امرأة تعاني من هذا المرض، وعلاقة المرأة بالرجل بعد اكتشاف هذا المرض وماذا يطرأ على هذه العلاقة. كما تتحدث عن الجسد المريض في المجتمع ونظرته إليه، خاصة في مجتمعات تبجل الجسد.

“اختيارات أسماء هوري تتسم بشكل خاص بالمعاصرة على مستوى أساليب الكتابة وأيضا على مستوى المواضيع. جل النصوص المقدمة تحضر فيها المرأة بقوة كإحساس وكرؤية للعالم، تساؤل المجتمع وتفكك العلاقات المرتبكة وتضع القيم والسلوكات الانسانية في قفص الاتهام…”[22]

أسماء هوري تعالج قضايا كونية تمزج المكان والزمان في امتداده الانساني، مفاهيم وأفكار ثابتة ومتجددة وحاضرة بتلوينات وأشكال مختلفة مثل الحرية والسلطة والحب والعزلة مع مكانة خاصة للمرأة كإحساس وسلوك ورؤية للعالم.

تلك كانت أهم التجارب التي رسمت مسار المرأة المغربية داخل المسرح المغربي الذي عرف منذ البدايات بسيطرة العنصر الرجالي وإزاحة المرأة من قالبه الفني، ليذكرها تارة في مسرحياته وتارة في ذكرياته وتارة أخرى في انتقاداته. إذ أن ما يعنينا أكثر في موضوع المرأة، ليس بالدرجة الأولى حضورها أو عدمه في مشهد الابداع ككاتبة و كمخرجة، وإنما صورتها كما تشكلت وتتشكل في المسرحيات كتعبير له دلالة عن فكر وصوت مختلف وطبيعة نفسية ومزاجية من غير المتوقع أن تكون متطابقة مع صوت الرجل وطبيعته.

المراجع

  • أوكيست مولييراس، المغرب المجهول: اكتشاف الريف، ج1، ترجمة عزالدين الخطابي، مطبعة دار النجاح الجديدة، الدار البيضاء،ط1، 2007.
  • حسن المنيعي، أبحاث في المسرح المغربي، مطبعة صوت مكناس، ط 1، 1974.
  • حسن المنيعي، المسرح المغربي من التأسيس الى صناعة الفرجة، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، فاس، ط1، 1994.
  • عبد الجبار خمران، مخرجون وتجارب في المسرح المغربي المعاصر، منشورات الفوانيس المسرحية، العدد3، ط1، مطبعة لينا الرباط، 2018 .
  • عصام اليوسفي، الدموع بالكحول، إيسيك للنشر، 2013.
  • المسرح المغربي: تجارب نسائية، أعمال الندوة الفكرية لمهرجان مراكش الدولي للمسرح، دورة 8، 2012، منشورات الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح فرع مراكش، الإصدار الثاني، ط1، 2013.
  • مجلة كلية الآداب والعلوم الانسانية بمكناس “مكناسة”، العدد رقم 3، مكناس، 1 يناير 1989.
  • مجلة الفنون، العدد الثالث، وزارة الثقافة والشباب والرياضة- قطاع الثقافة، يوليوز 2020.
  • حفل تكريم لويزة بوسطاش ضمن المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي الدورة العاشرة، تنظيم الجمعيــة المغربيــة للبحــث والتبــادل الثقافــي، تحت شعار ‘ دينامية الثقافة الأمازيغية رهينة بتنمية الممارسات الثقافية’، من 22 إلى 25 شتنبر 2011.
  • من مسرح المثاقفة إلى تناسج ثقافات الفرجة، إيريكا فيشر ليشته، ترجمة وتقديم خالد أمين، منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، سلسلة رقم 42، مطبعة فولك، ط1 سنة 2016.
  • المسرح والعالم، روستم بهاروشا، الأداء وفن السياسة الثقافية، ترجمة أمين حسين الرباط، مركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، مطابع المجلس الأعلى للآثار، ط2، سنة 1996.
  • المسرح وتداخل الثقافات، ريك نوليز، ترجمة لبنى اسماعيل، المركز القومي للترجمة القاهرة 2019، العدد3131.
  • عبد الله شقرون، الثقافة المسرحية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2006.
  • المسرح الحي والأدب الدرامي في العالم العربي الوسيط، أ.د.ش. موريه، ترجمة عمرو زكريا عبدالله، منشورات الجمل بغداد، ط1، 2014.
  • حسن المنيعي، المسرح المغربي(من التأسيس إلى صناعة الفرجة), منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس، 1994 ط1.
  • سالم اكويندي، الثقافة الفنية(جذع مشترك)، دار الثقافة، الدار البيضاء، 2006.
  • حسن بحراوي، المسرح المغربي، بحث في الأصول السوسيوثقافية، المركز الثقافي العربي، 1996.

الهوامش:

  1. إيريكا فيشر ليشته، من مسرح المثاقفة إلى تناسج ثقافات الفرجة، ترجمة وتقديم خالد أمين ، ص17.
  2. ريك نوليز، المسرح وتداخل الثقافات، ترجمة لبنى اسماعيل، ص 13.
  3. حسن المنيعي، المسرح المغربي(من التأسيس إلى صناعة الفرجة), منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية, فاس,1994 ط1,ص31
  4. إبراهيم مصطفى وآخرون ,المعجم الوسيط, الجزء1, ص192
  5. محمد أديب السلاوي, المسرح المغربي البداية و الامتداد, دار وليلي للطباعة و النشر, مراكش المغرب, 1996,ص 25
  6. سالم اكويندي, الثقافة الفنية(جذع مشترك),ص204
  7. محمد أديب السلاوي, المسرح المغربي البداية و الامتداد, مرجع سابق, ص 10
  8. حسن بحراوي , المسرح المغربي (بحث في الأصول السوسيوثقافية), ص62
  9. حسن بحراوي , نفسه، ص 62
  10. سالم اكويندي, الثقافة الفنية(جذع مشترك), مرجع سابق . ص205
  11. سالم اكويندي, الثقافة الفنية(جذع مشترك), دار الثقافة, البيضاء2006, ط1,ص202
  12. محمد أديب السلاوي, المسرح المغربي البداية و الامتداد, مرجع سابق, ص 13
  13. موريه، المسرح الحي والأدب الدرامي في العالم العربي الوسيط، ص64.
  14. عبد الله شقرون، الثقافة المسرحية، ص 156و 157، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2006.
  15. حسن المنيعي، أبحاث في المسرح المغربي، مطبعة صوت مكناس، ط 1، 1974، ص 37.
  16. مجلة كلية الآداب والعلوم الانسانية بمكناس “مكناسة”، العدد رقم 3، مكناس، 1 يناير 1989، ص: 103.
  17. حفل تكريم لويزة بوسطاش ضمن المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي الدورة العاشرة، تنظيم الجمعيــة المغربيــة للبحــث والتبــادل الثقافــي، تحت شعار ‘ دينامية الثقافة الأمازيغية رهينة بتنمية الممارسات الثقافية’، من 22 إلى 25 شتنبر 2011.
  18. مقال محمد بوعابد، المسرح المغربي: تجارب نسائية، أعمال الندوة الفكرية لمهرجان مراكش الدولي للمسرح، دورة 8، 2012، منشورات الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح فرع مراكش، الإصدار الثاني، ط1، 2013. ص88.
  19. مجلة الفنون، العدد الثالث، وزارة الثقافة والشباب والرياضة- قطاع الثقافة، يوليوز 2020، ص28.
  20. عبد الجبار خمران، مخرجون وتجارب في المسرح المغربي المعاصر، منشورات الفوانيس المسرحية، العدد3، ط1، مطبعة لينا الرباط، 2018، ص 121.
  21. مسرحية الدموع بالكحول، عصام اليوسفي، إيسيك للنشر، 2013.
  22. مقال عصام اليوسفي، التجربة الابداعية للمخرجة المسرحية “أسماء هوري”، مخرجون وتجارب في المسرح المغربي المعاصر، الفوانيس المسرحية، العدد 3، ط1 2018. ص124.