حقوق الانسان والديمقراطية في أفريقيا المعاصرة (1960-2000)

سيف معتز عمر المناصير1

1 جمهورية العراق، جامعة البصرة، كلية التربية للبنات

تاريخ القبول: 18/02/2021م تاريخ النشر: 01/03/2021م

تنزيل الملف

المستخلص

يتناول هذا البحث منظور حقوق الإنسان والديمقراطية في أفريقيا، وبالأخص فيما يتعلق بالحقوق المذكورة في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وقد عملت أنظمة العدالة التقليدية هذه تاريخياً كبديل أو مكملاً لنظام المحاكم الرسمي للدولة، وتستند عادة إلى الممارسات والتقاليد والقواعد العرفية للمجتمعات التي اعتبرت بمرور الوقت بمثابة قانون عرفي، قد يكون هناك عدد كبير من أنظمة العدالة التقليدية في بلد معين حيث أن المجتمعات المختلفة لديها في كثير من الأحيان قانونها العرفي الخاص بها، قد يكون القانون العرفي شفهياً أو مكتوباً، وقد تسجّل أو لا تسجّل القرارات على أساس الفقه القانوني.

Research Article

Human Rights and Democracy in Contemporary Africa (1960-2000)

Saif Moataz Omar Al-Manasir1

 

 

Accepted at 18/02/2021 Published at 01/03/2021

Abstract

This research addresses the human rights and Democracy perspective in Africa, particularly with regard to the rights mentioned in international human rights treaties. These traditional justice systems have historically served as an alternative or complementary to the state court system. They are usually based on the customary practices, traditions and rules of societies that have been recognized over time as customary law. There may be a large number of traditional justice systems in a particular country where different communities often have their own customary law. Customary law may be oral or written, and decisions may or may not be recorded on the basis of jurisprudence.

مقدمة

يمثل النقاش حول حقوق الإنسان في أفريقيا انعكاساً للتاريخ السياسي والقانوني للقارة، لذلك يجب أن ترتكز أي مناقشة لحقوق الإنسان في أفريقيا على التاريخ السياسي والأيديولوجي للقارة بحيث تغطي أربعة محاور واسعة: ما قبل الاستعمار ، والاستعمار ، وما بعد الاستعمار (النضال من أجل الاستقلال) وتاريخ القومية، وقد شهد تاريخ أفريقيا قبل الاستعمار (حتى أوائل القرن التاسع عشر) انتشار الجماعات العرقية التقليدية التي تعيش في ظل ترتيبات اجتماعية وسياسية مختلفة (تسمى النظم السياسية الأفريقية التقليدية) هذه الترتيبات التي تتراوح من البسيط إلى المعقد، تتجسد في عناصر الأشكال التقليدية للديمقراطية وحقوق الإنسان المتضمنة في دين هذه المجتمعات وثقافتها، وكانت هذه العلاقات في البداية (علاقات تجارية) في الغالب فيما يتعلق بالمواد الخام وتجارة الرقيق، وعندما نمت مطالب الإمبريالية والرأسمالية الأوروبية، تطورت إلى استعمار القارة، على الرغم من إبرام عدد من المعاهدات والاتفاقيات بين الملوك والزعماء الأفارقه والأوروبيين، إلا أن معظم هذه الممالك حُرمت من أي وضع قانوني عندما أُعلن عن القارة بأنها أرضاً جاهزة للاستعمار في مؤتمر فيينا عام 1815، في إشارة إلى البداية الرسمية للاستعمار.

تعد القارة الأفريقية منطقة صراع عالمية حيث وقعت العديد من الصراعات بالقارة في الجزء الثاني من القرن الماضي، وكما تشير إحدى الدراسات الألمانية أن معظم المنطقة أصبحت مستقلة في ستينيات القرن العشرين، لم يكن هناك أي نقطة في القارة الأفريقية لا تدور فيها حرباً داخل الدولة الواحدة، وبالرغم من ذلك لم تنهار أي دولة في القارة بالكامل، وبذلك لم يفلت بلد واحد من فترات الصراع المسلح ، نتجت العديد من الصراعات الإفريقية نتائج مدمرة على حقوق الإنسان حيث قُتل ثلاثة ملايين من “إيغابوس” خلال الحرب الأهلية النيجيرية (حرب بيافرا) من عام 1967 إلى عام 1970، ومنذ ذلك الحين توفي ما يقدر بنحو تسعة ملايين أفريقي إضافي من النزاعات العرقية والدينية العديدة التي هزت القارة إلى جذورها، كل هذا شمل العديد من انتهاكات لحريات الإنسان التي تم إنكارها، حيث وجد أن ملايين الأشخاص هربوا من بلادهم أو قدموا لاجئين، بالإضافة إلى مئات الملايين من الدولارات من الممتلكات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس، والتي دمرت في منطقة تضم أكبر عدد من البلدان ذات الدخل الفردي الأدنى في العالم كل هذا يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان. إن تفجر الصراعات من معضلات في أفريقيا حيث تتغذى على بعضها البعض، ويمكن أن تؤدي هذه الفظائع في مجال حقوق الإنسان إلى النزاع وفي المقابل، فإن بعض الصراعات الماضية والحالية في القارة تنذر بتداعيات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، على سبيل المثال، كان السبب المباشر لحرب (Biafran) المذبحة في (شمال نيجيريا) لأكثر من مائة ألف من الأبرياء كل هذا الصراع أدى بدوره إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في الإيبو، وهناك العديد من العوامل بخلاف الحروب التي تؤدي إلى نشوب صراعات في أفريقيا منها الانقلابات العسكرية وغيرها من أعمال عدم الاستقرار السياسي والحكومات الدكتاتورية.

وخلال فترة التسعينيات من القرن الماضي شهدت 24 دولة من أصل ثلاثة وخمسين دولة في إفريقيا نزاعاً مدنياً مستمراً ، وفي عام 2000 أرسلت الأمم المتحدة 42 بعثة لحفظ السلام في العالم منها ثلاثة عشر أو أقل بقليل من ثلث العدد الإجمالي أرسل إلى أفريقيا.

 

أولاً- مفهوم حقوق الانسان

حقوق الإنسان هي الحريات أو الضمانات التي تضمن للإنسان أن يعيش حياة كريمة، مثل الحياة والحرية والأمن والمعيشة التي يتمتع بها البشر(1)، فهم يُفهمون عموماً على أنهم مطالبون من الدولة (الحكومة) أو المجتمع الذي يعقده جميع الأشخاص على قدم المساواة لمجرد أنهم بشر(2)، على الرغم من أن الحرية هي فكرة مشتركة بين جميع الحضارات، فإن حقوق الإنسان في الشكل كما هو معروف اليوم هي فكرة قديمة حديثة تعود فقط إلى عام 1945 مع أنشاء مؤسسة نظام الأمم المتحدة (3)، عادة ما يتم أخذ حقوق الإنسان كإشارة خاصة إلى الطرق التي تعامل بها الدول مواطنيها (4)، لكن قد يتم حرمان مجموعة من الأفراد من الحياة والحرية والأمن والممتلكات وغيرها من الحريات التي يتمتع بها الناس بحقوق الإنسان. (5)

ان المنظمات تُحمل الحكومات “المسؤولية الأولى” عن تأمين هذه الحقوق (6)، بما في ذلك تهيئة الظروف اللازمة للتمتع الفعلي بجميع الحقوق المكفولة لمواطنيها (7) بحيث لا يحدث أي تطور حقيقي في الدولة على حساب حقوق الإنسان(8)، واليوم يقاس “المعيار الحقيقي” للمجتمع من خلال مدى احترام قادته لحقوق الإنسان، ويتم قياس مستوى تنمية البلد “من خلال مدى تمتع مواطنيها بحقوق الإنسان في جميع تداعياتها”، وقد تم تقديم حجج بليغة لإعادة بناء عقيدة مسؤولية السيادة على نحو ينال من المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان والمساعدة الإنسانية وقد ذهب بعض العلماء إلى أبعد من ذلك بتفسير المبدأ المعاد بناؤه ليعني ليس فقط أن “الحكومات مسؤولة دولياً داخل حدودها من أجل تمتع مواطنيها بأنظمة حقوق الإنسان المحددة دولياً”(9).

ولكن أيضاً أن الدول الكبرى والمنظمات الدولية يمكن أن تصبح من الشركاء والنشطاء للحكومات في جعل حقوق الإنسان الأساسية جزءاً من أسس العمل في الدول المعاصرة.

هناك ثلاث فئات متميزة من حقوق الإنسان التي تم تحديدها في الأدبيات هي الحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية،وحقوق التضامن أو (المجموعة)(10)، فالحقوق السياسية والمدنية هي حقوق يجب على الحكومات عدم التدخل فيها وتشمل هذه الحقوق الحق في الحياة والحرية الشخصية والخصوصية والحياة الأسرية والحق في حرية الفكر والوجدان والدين، وحرية التعبير والصحافة والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وتعد هذه الحقوق من “الحريات المدنية”(11). اما عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هي حقوق مبنية على أساس مادي تتطلب إعداد الحكومة للتمتع بهذه الحقوق، وبدون هذا الإعداد يصبح تحقيق هذه الحقوق أمراً صعباً أو مستحيلاً، وتشمل هذه الحقوق الحق في التعليم، والحق في العمل، بما في ذلك الحماية ضد البطالة، الحق في تشكيل النقابات والانضمام إليها، والحق في الضمان الاجتماعي. (12)

ومن بين الحقوق الأخرى التضامن أو حقوق المجموعة وهي حقوق قد يتمتع بها الفرد كعضو في مجتمع معين، وتشمل هذه الحقوق الجماعية مساواة الشعوب، والحق في الوجود وتقرير المصير، والحق في التخلص الحر من الثروات والموارد الطبيعية، والحق في التنمية، والحق في السلم والأمن الدوليين، والحق في بيئة نظيفة، وبذلك يتم تصنيف الفئات الثلاث للحقوق، على التوالي، الجيل الأول، الجيل الثاني، وحقوق الجيل الثالث. كل من الأجيال يكمل ويستكمل الآخرين، ولا يعني ترتيبها بحسب الجيل أن أي فئة من فئات الحقوق تفوق أو تتجاوز الأسبقية على الفئات الأخرى.(13)

وأخيراً، تشمل حقوق الإنسان الحقوق الفردية والحقوق الجماعية والحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية هي حقوق فردية يمكن أن تتمتع بها الجماعات؛ وحقوق التضامن، مثل الحق في السلام، والتنمية، والبيئة النظيفة، والحق في تقرير المصير، هي حقوق جماعية يمكن أن يتمتع بها الأفراد أيضاً، وبناءً على ذلك تعترف الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ACHPR) بحقوق الأفراد والجماعات. (14)

ثانيًا- حقوق الانسان في أفريقيا حتى نهاية الحرب الباردة

لدى قارة أفريقيا تاريخ طويل من الفظائع في مجال حقوق الإنسان وبعض من هذه الفظائع وقعت خلال حقبة ما بعد الاستقلال، وكانت أغلب هذه الفظائع جلبت على القارة من قبل الاستعمار، حيث اقتلعت تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي عشرات الملايين من الرجال والنساء الأفارقة القادرين على العمل، الذين نقلوا ضد اختيارهم كعبيد للعالم الجديد، تبرز بعض التجارب الإنسانية الفريدة على أنها انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان الفردية والجماعية كما فعلت تجارة الرقيق (15)، إن أحد الإرث الطويل من التجارة المخزية في البشر هو انتشار السود في كل مكان اليوم في أجزاء من العالم خارج أفريقيا، وكثير منها أماكن ضحية للتمييز أو العزل أو سوء المعاملة بسبب لون بشرتهم أو ظروف العبودية السابقة (16).

وحدثت لحظة تاريخية من انتهاك حقوق الإنسان الأفريقية على نطاق واسع خلال المدة الاستعمارية التي بدأت من سنة 1884و 1885(17)، وتنتهي باستقلال ناميبيا في عام 1990(18) حيث كان الحكم الاستعماري بمثابة مثال اعتداء صارخ على حقوق الإنسان نتيجة للممارسات القمعية مثل العمل الجبري ، فرض الضرائب التعسفية، واستخدام قوانين الفتنة كسلاح يهدف إلى القضاء على المعارضة للحكم الأجنبي وإعاقة تطور الصحافة الحرة التي كانت بمثابة نفي للحقوق المدنية السياسية(19)، كان الحكم الاستعماري أيضاً هجوماً على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأن الحكم الأجنبي لا يتماشى مع أي مفهوم للتنمية الاقتصادية، وأخيراً يتناقض الحكم الاستعماري مع حقوق التضامن لأن الحكم الأجنبي ينتهك حقوق الأفارقة ليقرروا بأنفسهم بدلاً من أن يحددوا لهم الأجانب، وقال العديد من المحللين إن البناء الكامل للحكم الاستعماري، مثله مثل الحكم العسكري على طول الطريق في القارة، تم بناؤه وصيانته بشكل كامل ومتكامل على قوة غاشمة مصممة لسحق أي مقاومة أصلية للسيطرة الخارجية(20).

قاتل القادة الوطنيون من أجل الحصول على الاستقلال السياسي لبلدهم وفازوا به من خلال التحدث عن حقوق الإنسان، وعملوا القادة الجدد بتقليص المشاركة السياسية للمواطنين، وكسر كل شكل من أشكال المعارضة الشرعية لحكمهم، وحولت الأنظمة متعددة الأحزاب إلى دكتاتوريات الحزب الواحد، وهكذا سادت نوع آخر من الديكتاتورية القمعية بنفس القدر(21)، وبحلول أواخر الستينيات من القرن الماضي، كانت هناك “خُذ نحو خُمسَيْ” الدول الأفريقية تحت الحكم العسكري والانقلابات، إن مرض تركيز السلطة في عدد قليل من الأيدي السياسية التي تميزت بها هذه المدة قد تم إدراجه في معظم القارة الأفريقية إلى أن عدداً قليلاً فقط من الدول مثل نيجيريا كان لها دساتير تنص على نظام حكم فيدرالي، وكانت إحدى السمات المشتركة التي تميز هذه القواعد الديكتاتورية هي السجلات الاقتصادية الضعيفة، وعلى خلاف نظرائهم في آسيا الذين استخدموا الاستبداد لبناء الاقتصاد ، فإن الديكتاتوريين الأفارقة حققوا تقدماً اقتصادياً بطيئاً أو سلبياً(22).

لقد تفوقت الأولوية الاجتماعية والاقتصادية في القارة الأفريقية على الحقوق المدنية والسياسية وبالرغم من ذلك نجد أن أفريقيا واجهت أزمة اقتصادية تميزت بضعف النمو الزراعي، انخفاض في الناتج الصناعي، ضعف الإنتاج التصديري، تفكك مرافق الإنتاج والبنية التحتية، ديون أجنبية ضخمة وتدهور المؤشرات الاجتماعية والمؤسسات لا سيما في مجالات التعليم والصحة العامة والإسكان والمياه، تدمير البيئة، والاقتصاديات التي نمت دون النظر لمعدل النمو السكان(23).

كان الجزء الرئيس في فشل التنمية الذي حدث خلال فترة ما بعد الاستقلال في أفريقيا يعود إلى أن القادة الأفارقة كان من المفترض أن يغيروا طبيعة الدولة في المدة الاستعمارية ولكن بدلاً من ذلك استولوا على السلطة عند الاستقلال دون إحداث أي تغيير في طبيعة الدولة، وفي أجزاء كثيرة من القارة قدمت الدولة نفسها كجهاز للعنف ضد مواطنيهم حيث اعتمدت على الامتثال للإكراه بدلاً من السلطة(24)، وبدلاً من استخدام سلطة الدولة في السعي إلى التحول الاجتماعي أو التنمية فضل القادة الأفارقة أن يستخدموها لتحقيق الهيمنة السياسية وبعد عقود من الفساد وسوء الحكم وجدت دراسة نُشرت في عام 1991 تقول أن أفريقيا عانت من كارثة اقتصادية،حيث كان الأفارقة في معظم البلدان الأفريقية السوداء أسوأ بكثير مما كانوا عليه في الستينات.(25)

وتأثرت أحداث مختلفة داخل أفريقيا وخارجها لتعزيز الظروف غير المرضية لحقوق الإنسان حيث شمل ذلك تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية (OAU) التي تتسامح مع فظائع حقوق الإنسان تحت ستار عقائد غريبة مثل احترام السلامة الإقليمية للحدود الاصطناعية الأفريقية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير(26). وقد وقفت منظمة الوحدة الأفريقية بلا حول ولا قوة عندما أبيد حياة ثلاثة ملايين من نيجيريا ففي المدة من 1967 حتى 1970(27) كما قدمت الدول المتقدمة الراحة المعنوية والدعم المالي للحكام المستبدين في أفريقيا، الذين ارتكبوا الفظائع حقوق الإنسان وقتاً طويلاً حيث ظل هؤلاء الدكتاتوريون في معسكرهم بسبب التنافس الإيديولوجي في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي. (28)

انتقلت العديد من المجتمعات الأفريقية إلى حقبة جديدة من الديمقراطية وزيادة احترام حقوق الإنسان ابتداءً من عام 1989بسبب وقوع العديد من التغييرات في النظام الدولي من بينها نهاية الحرب الباردة ، زوال الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية ، فضلاً عن انهيار الاتحاد السوفيتي(29)، ومن منظور حقوق الإنسان فإن السمات المميزة لهذا العصر الجديد لأفريقيا تشمل استقلال ناميبيا، وسيطرة الأغلبية على حكم في جنوب أفريقيا، ودخول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حيز التنفيذ(30)، ومن السمات الأخرى المهمة أيضاً احتضان التعددية الحزبية من خلال إجراء انتخابات تنافسية متعددة الأحزاب في أواخر عام 1994 في ثمانية وثلاثون بلداً من سبعة وأربعين بلداً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وارتفع عدد الديمقراطيات في المنطقة إلى ثمانية عشر من ثلاثة فقط.(31)

على الرغم من رياح التغيير الديمقراطي والابتعاد الظاهر عن الحكم الاستبدادي في أفريقيا إلا أنه لا يزال هناك القليل من التقدم الجوهري لحقوق الإنسان، ويرجع هذا إلى الديمقراطية المشكوك فيها لعدد من الحكومات التي تولت السلطة في التسعينيات حيث أنها كانت موجودة دون احترام حقوق الانسان (32).

وهكذا فإن هذا القسم يلخص الصورة الحالية للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا في ملاحظتين، الأول هو بافتراض أن الاقتصادات الأفريقية تشهد إقبالاً فإنه لا تزال هناك مشكلة وجود فجوة متنامية بين قلة من الأغنياء والفقراء العديدين(33)، وهي حالة لا تبشر بالخير للتمتع بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من حقوق الإنسان، ثانياً يجب ملاحظة أن التغييرات في السياق الاقتصادي ترتبط بالضرورة بالتغييرات في الجبهة السياسية، مما يعزز حجتنا حول الترابط بين مختلف فئات حقوق الإنسان وتكاملها وللتفصيل، ذكرت البروفيسورة الامريكية (براوتيجام) وهي رئيسة الفريق البحثي لمبادرة بحوث الصين وافريقيا في جامعة جونز هوبكنز أن أي انطلاق اقتصادي متوقع لأفريقيا سيعتمد على قدرة الحكومات الأفريقية على توفير البنية التحتية الأساسية في نهاية المطاف مثل الاستقرار السياسي والتعليم والصحة العامة وسيادة القانون. (34) وهو موقف يتفق كعه ايضاً البروفيسور يونغ. وكما يشير يونغ، فإن بوتسوانا وموريشيوس، الدولتين الديمقراطيتين المتواصلتين في إفريقيا، كانتا أيضاً من المحققتين في تحقيق أكثر إنجازات التنمية الاقتصادية إثارة للإعجاب. (35).

ثالثًا- حقوق الانسان وحركات الاستقلال الأفريقي

إن نقطة البداية لتحليل حقوق الإنسان والديمقراطية في إفريقيا المعاصرة هي القومية الأفريقية (36)، وفي وقت مبكر كانت هذه الحركات تشارك في الحرب ضد انتهاكات حقوق الإنسان في أفريقيا ونهب الموارد من قبل السلطات الاستعمارية، وقد ناشد القوميون الأفارقة السلطات الاستعمارية والمجتمع الدولي فيما يتعلق بضرورة احترام حقوق الأشخاص المستعمرين (37)، وعلى نفس القدر من الأهمية جعلوا الأفارقة يدركون حقوقهم في المؤتمر الأفريقي لعام 1945 على سبيل المثال كان جزء من الإعلان كما يلي:“نحن مصممون على أن نكون أحرار، نحن نريد التعليم، نريد الحق في كسب العيش الكريم. الحق في التعبير عن أفكارنا وعواطفنا، واعتماد وتكريس أشكال الجمال سنقاتل بكل ما في وسعنا من أجل الحرية، والديمقراطية، والتحسين الاجتماعي” (38).

لذلك كانت حقوق الإنسان هي الأساس للنضال من أجل الاستقلال، وقد حددت ثلاث وثائق دولية ساهمت في تهيئة بيئة مواتية لحقوق الإنسان: وهي ميثاق الأمم المتحدة، التي تتحدث في ست مقالات إلى تشجيع وتعزيز احترام حقوق الإنسان، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي توصف بأنها مصدر إلهام قوي للنمط التأسيسي للدول الأفريقية، وأخيراً الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لتي لعبت دوراً في صياغة أحكام حقوق الإنسان في دساتير دول أفريقية مختلفة ، مثل نيجيريا وسيراليون(39)، ومع ذلك يمكن للأفارقة أن يستخدموا أداة مهمة كانت مفقودة من الإعلان العالمي، وهو الحق في تقرير المصير الذي يخول لجميع الشعوب أن تحدد بحرية الوضع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﺴﻌﻲ إلى تحقيق اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.(40)

لهذا ليس من المدهش إذاً أن يبرز هذا الحق إلى الأمام من خلال كفاح الأفارقة لتحرير أنفسهم من الاستعمار الأوروبي.

ترجم القادة الأفارقة للدول المستقلة حديثاً خطابهم في مجال حقوق الإنسان إلى أحكام دستورية داخلية، تم التفاوض بشأنها مع السلطات الاستعمارية المنقسمة (41). وكان منبر حقوق الإنسان في الحملات القومية الأفريقية، إلى جانب الوعد بتحسين الرفاهية العامة في ظل حكم السكان الأصليين خلق لدى الشعوب الإفريقية توقعاً لضمانات حقوق الإنسان الثابتة مع وصول هذه الأمة إلى الاستقلال، وهذا الأمل أعيد شبابه بالوعود المستمرة باحترام الحقوق في فجر الاستقلال، ومع ذلك وعلى الرغم من هذا الخطاب، فإن انتهاكات الحقوق سرعان ما أصبحت شائعة عندما بدأ الزعماء الأفارقة يتخلصون من حقوق الإنسان في دساتيرهم حتى من الخطب والكتابات التي أعطت بيولوجية للاشتراكية الأفريقية وتمثلت الاشتراكية الأفريقية اتجاها جديداً في الفلسفة السياسية للقادة الأفارقة في فترة ما بعد الاستقلال، وتم تكريسها لإقامة نظام اجتماعي جديد قائم على أفضل تقاليد المجتمع الأفريقي قبل الاستعمار على أنها اشتراكية ديمقراطية كما تصورها الأفارقة في أفريقيا، وتتطور إلى طريقة الحياة الأفريقية، لذلك كانت الاشتراكية الأفريقية عبارة عن وجود قائد توزعت عليه جميع السلطات. وقد اندمجت هذه الفكرة مع الزعم القائل بأن السياسة التقليدية لأفريقيا كانت اشتراكية في الاستخراج، حيث توحد الشعب تحت قيادة الرئيس أو الملك ويتصرف حسب لإرادته. (42)

ويرى القادة الأفارقة في توحيد الأحزاب الجماهيرية تحت قيادته يمثل بوابة للتنمية الاقتصادية السريعة مثلاً: اختارت غانا شكل المجتمع الاشتراكي كهدف لتطورها الاجتماعي والاقتصادي، ويستند هذا الاختيار إلى الاعتقاد بأن شكل المجتمع الوحيد من المجتمع هو الذي يستطيع أن يضمن لغانا معدل تقدم اقتصادي سريع دون تدمير تلك العدالة الاجتماعية، الحرية والمساواة، التي هي سمة أساسية لطريقة الحياة التقليدية(43).

كانت هناك حاجة لجبهة موحدة لتفادي انحراف التنمية عن طريق قوى الطرد المركزي التي حددها الاشتراكيون الأفارقة على أنها تتضمن القبلية والطبقة العليا المتميزة، لذا كان الحزب الوحيد يعمل بمثابة ضمير الدولة تحت إشراف الزعيم التنفيذي (44).

رابعًا- حقوق الانسان والدولة القومية والعسكرية في أفريقيا

يمكن أن تعزي معظم الأزمات التي تواجه أفريقيا اليوم إلى الدولة القومية، ولكن لا يبدو من الممكن، أو المنطقي، التخلي عن هذا الشكل من النظام السياسي وإيجاد نوع جديد حيث سيكون من الرائع حقاً إذا ما تمكنا من تطوير نظام سياسي جديد من نوعه يختلف عن النظام الموجود في مكان آخر، ويقوم على فلسفة أفريقية أوتوماتيكية، وهذا في الواقع طموح جدير بالاهتمام يجب ألا يتخلى عنه المرء دون تقييم لكنني أشعر بالانزعاج من بعض المواقف السابقة للمحاولات التي أجريت حتى الآن أدى غياب النقاش حول طبيعة الدولة ما بعد الاستعمارية إلى عدم الوضوح بين الأفارقة، والذي تضاعفته النزعة العسكرية المفرطة. ليس من نيتنا هنا القيام بتحليل لقابلية الدولة القومية في أفريقيا؛ بدلاً من ذلك نقترح اتخاذ احتياطات معينة ضد تجاوزات مفرطة من قبل الدولة،شهدت أفريقيا ما قبل الاستعمار صعود وسقوط العديد من الإمبراطوريات والممالك والسلطنات (45).

حيث لم تكن حكومات قومية ولم تكن محصورة داخل حدود ثابتة ، إن موقع الحدود المتغيرة يعتمد بشكل رئيسي على عاملين: (القوة العسكرية والتفاعل الثقافي)، عندما تم تشكيل دول الأمة الاستعمارية، لم تكن هناك أمم داخل الحدود، ولكن بدلاً من ذلك حافظت المجموعات المتنوعة معاً من خلال الإكراه والتلاعب (46). تم التقليل من شأن هذا التنوع العرقي من قبل قادة الاستقلال، الذين أخذوا الدولة القومية على أنها استنباط المؤسسات اللازمة لحكومة ديمقراطية(47).

وبطبيعة الحال فإن صوت الناخبون كان من المفترض أن يكون له تأثير على هؤلاء القادة ولكن هذا الأمر لم يحدث فقد حاولت أفريقيا بعد ذلك إلى التوجه نحو الإيديولوجية والسياسية مما أدى إلى خيبة الأمل على نطاق واسع وفقدان الثقة في الهياكل السياسية القائمة في أفريقيا، وقد تم تمهيد الطريق أمام الجيش ليحمل دوره المهيمن في السياسة الأفريقية، إن الدولة الإفريقية تتميز بأنها ضعيفة وغير فعالة وغالباً ما تفتقر إلى الشرعية، وهناك انفصال بين الدولة والمجتمع، وقد تفاقمت الازدواجية السياسية والقانونية والعلاقات الداخلية بين العناصر المكونة لجهاز الدولة التي ظلت غامضة، ونتيجة لذلك كانت النزعة العسكرية هي الوسيلة لتحقيق بعض المصالح السياسية والاقتصادية. في نفس الوقت كانت أداة للهيمنة والقمع، كما هو الحال في رواندا وبوروندي، لذلك ينبغي النظر إلى النزعة العسكرية كعامل سلبي وأن يتم التعامل معها بحذر من أجل وضع تصور ناجح لحقوق الإنسان،اذ نرى ان هناك أشكال مختلفة من النزعة العسكرية التي تؤثر على حقوق الإنسان في أفريقيا، وقد أسفر إرهاب الدولة الموجه بلا تمييز ضد المعارضة السياسية أو المعارضة للنخبة الحاكمة إلى ما يمكن أن يسميه المرء محرقة إفريقية مستمرة، على سبيل المثال لقي أكثر من 800 ألف شخص مصرعهم على أيدي الرؤساء الأوائل لدولة أوغندا، بل ولعبت العسكرية القائمة على النزاعات العرقية أيضا دوراً مؤسفاً في التنمية الأفريقية، تنبع هذه الصراعات من السياسات الاقتصادية الاستعمارية التي تفضل بعض أجزاء المستعمرات على غيرها وبالتالي، ورثت الحكومات ما بعد الاستعمار مناطق ومجتمعات متطورة بشكل غير متساو، وهي حالة غالباً ما يتم تجاهلها أو استخدامها لبقائها السياسي، إن هذه المظالم الاقتصادية قد أضافت وقوداً لعداوات تافهة قائمة على الانقسامات العرقية والاجتماعية والوطنية والعرقية والدينية وهي في النهاية مسؤولة عن معظم الحروب الأهلية التي تدور رحاها في القارة (لا سيما في السودان والصومال وإثيوبيا وكينيا أوغندا ورواندا وبوروندي). كما أن النزعة العسكرية النابعة من النزاعات الرعوية والدينية والحروب بين المقاتلين القوميين من مختلف المجموعات العرقية كانت بارزة أيضاً في أفريقيا. (48)

خامسًا- منظمة الاتحاد الأفريقي وحقوق الانسان

وجدت الاشتراكية الأفريقية منزلاً في منظمة الوحدة الأفريقية (49) على الرغم من أن جميع الدول الأفريقية لم تشترك في الاشتراكية الأفريقية فقد تم دمج الأفكار الأساسية بوضوح في مفاهيم منظمة العمل الدولية ومبادئها ، إن فكرة تشكيل منظمة الوحدة الأفريقية تم طرحها من خلال أنشطة الأمريكيين من أصل إفريقي ذوي التوجه الاشتراكي مثل (هنري سيلفستر) وآخرين، وقد ازدهرت الوحدة الأفريقية على ثلاثة مبادئ رئيسة – الوحدة الأفريقية والقومية السوداء والاشتراكية حيث دعت إلى حكومة الأفارقة من قبل الأفارقة للأفارقة. (50)

نرى ان القومية الإفريقية تؤيد كل الأهداف الأساسية للاشتراكية الديمقراطية الاقتصادية والسياسية مع سيطرة الدولة على الوسائل الأساسية للإنتاج والتوزيع، على الرغم من هذا تعني بحرية الموضوع في إطار القانون وتؤيد الإعلان الأساسي لحقوق الإنسان، مع التأكيد على الحريات الأربع، وتسعى الوحدة الأفريقية إلى تحقيق المهمة الاقتصادية الاجتماعية للشيوعية في ظل نظام سياسي تحرري، وأخيراً بالنسبة لعموم أفريقيا، فإن تقرير المصير للأراضي التابعة هو الشرط الأساسي لاتحاد الدول ذاتية الحكم على أساس إقليمي، مما يؤدي في النهاية إلى إنشاء الولايات المتحدة الإفريقية. نظرة عامة في ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية حيث أنه لا يعطي أهمية لحقوق الإنسان من بين مخاوفه، فعلى سبيل المثال حين أوصت المادة 20 بإنشاء خمس لجان متخصصة لم تكرس أي منها لمسألة حقوق الإنسان(51)، حيث كانت المنظمة مشغولة بمسائل أكثر إلحاحاً مثل الوحدة وعدم التدخل والتحرير، فعلى سبيل المثال تقر الفقرات الأولى والثانية والثالثة من الديباجة على التوالي الحق غير القابل للتصرف لجميع الناس في السيطرة على أن الحرية والمساواة والعدالة والكرامة أهداف أساسية لتحقيق التطلعات المشروعة لشعوب إفريقيا حيث يمكن أن تكون مسؤولية (الدول الأعضاء) لتسخير الموارد الطبيعية والبشرية للقارة للتقدم الكلي لشعوبنا في مجالات المسعى الإنساني(52).

وهكذا يبدو من الواضح أن الحكومات الإفريقية قد ضحت بالحقوق والحريات من أجل التنمية والاستقرار السياسي.

ويمكن تفسير هذا الوضع في تعبئة الجماهير من أجل ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يتم توجيه اهتمام الجميع حصراً نحو آفاق تحسين مستويات المعيشة، وهكذا أصبح التراخي والكسل بمثابة مخالفة ممارسة بعض الحريات، حتى في غياب أي إساءة هجوم على النظام العام(53).

وهكذا نرى ان حقوق الإنسان في أفريقيا هي حقوق الشعوب في الحرية على سبيل المثال كان ينظر إليها على أنها الحرية الوطنية، وليس الحرية الفردية. وكان الصراع الطبقي بين الدول المتقدمة والنامية قد تم التغاضي عن الفجوة الآخذة في الاتساع بين النخبة السياسية الناشئة والثروات الجديدة، لذلك كان التزام منظمة الوحدة الأفريقية بحقوق الإنسان غامضاً وضعيفاً، وقد أثر هذا الوضع على أحكام حقوق الإنسان في الميثاق الإفريقي اللاحق.

سادسًا- الديمقراطية وطرق حقوق الانسان لحل النزاعات بأفريقيا

هنالك ستة استراتيجيات مقدمة هنا لتعزيز حقوق الإنسان والتقليل من الصراعات في أفريقيا في القرن الجديد فيما يلي توضيحات للاستراتيجيات بالترتيب فالاستراتيجية الأولى التي يمكن استخدامها في أفريقيا لتعزيز حقوق الإنسان وتقليل الصراعات هي الديمقراطية وتعريف الديمقراطية حكومة للشعب من قبل الشعب، او عملية تبادل السلطة بطريقة سلمية ودورية على أساس الاختيار الشعبي متمثلاً بالانتخابات من اجل خدمة هذا الشعب أو الحكومة على أساس موافقة المحكومين (54)، والديمقراطية نظام حكم يتم فيه تقييد السلطات القسرية للحكومة فعلياً بموجب الدستور(55)، وهناك مجموعة من الشروط التي يجب على أي حكومة ديمقراطية الوفاء بها وتتضمن: منافسة كبيرة وشاملة بين الأفراد والمجموعات المنظمة للمكاتب الحكومية عبر انتخابات حرة ونزيهة على مستوى شامل للمشاركة السياسية في اختيار القادة والسياسات؛ ترسيخ الضمانات الأساسية مثل حرية التعبير والصحافة الحرة؛ مسائلة القائد أمام الناخبين، ووجود قنوات متعددة خارجة عن الأحزاب، والمجالس التشريعية، والانتخابات، من أجل تمثيل مصالح المواطنين(56).

وعلى الرغم من أهمية الانتخابات والمنافسة والشمولية وغير ذلك من السمات التعددية، فإنها ليست السمة الوحيدة المكونة للديمقراطية حيث تعد الجودة عنصر أساسي في تعريف أي ديمقراطية، والديمقراطية هي مفهوم ديناميكي يستلزم تطبيقاً تقدمياً واسع النطاق للمبادئ الديمقراطية التي تتقدم بسرعة حتى تصبح الديمقراطية روتينية ومتمتعة بعمق في الحياة الاجتماعية والمؤسسية وحتى النفسية، وكذلك في الحسابات السياسية لتحقيق النجاح (57).

الديمقراطية هي السياق لأي تعزيز لحقوق الإنسان، ومع ذلك ليس هناك ما يضمن أن الديمقراطية ستؤدي إلى احترام حقوق الإنسان لأن الحكومة المفترضة الديمقراطية يمكن أن توجد بدون أي احترام لحقوق الإنسان، وتمتلك الديمقراطية الفرصة الوحيدة للسيطرة على الجيش، ويرجع ذلك إلى أنه لا يمكن توطيد الديمقراطية حتى يصبح الجيش خاضعاً بشكل كامل للسيطرة المدنية ويلتزم بشكل قوي بالنظام الدستوري الديمقراطي (58)، والديمقراطية هي الأساس لأي استراتيجية أخرى لحقوق الإنسان ولاسيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية (59).

وهناك استراتيجية أخرى قابلة للتطبيق يمكن أن تقترن بالديمقراطية لتحسين حقوق الإنسان وتقليل الصراعات في أفريقيا في القرن الجديد هو التعليم الذي يراعي ثقافة الاحترام و التقدير والقيم الداخلية لقيم حقوق الإنسان (60)، إن تعليم حقوق الإنسان يجسد المنظور المزدوج للتعليم كحق من حقوق الإنسان (أو الحق في التعليم) (61)، والتعليم كما يذكر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو عملية موجه للتنمية الكاملة لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية(62).

يعد تعليم حقوق الإنسان أكثر من مجرد توفير المعلومات حيث يشمل عملية حياة شاملة يتعلم من خلالها الناس احترام كرامة الآخرين والوسائل والأساليب التي تضمن هذا الاحترام في جميع المجتمعات(63).

وهنا نرى انه يجب أن يعلم التعليم في مجال حقوق الإنسان العديد من مفاهيم الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية والتضامن والسلام والكرامة والحقوق والمسؤوليات؛ والبعد عن القوانين القمعية والتقاليد غير اللائقة، على الرغم من عدم وجود محتوى موحد أو عالمي لهذا التعليم، إلا أن النواة المشتركة يجب أن تتضمن الإلمام بالوثائق الدولية الرئيسية حول حقوق الإنسان، والأشخاص، والحركات، والأحداث الرئيسية في الكفاح التاريخي من أجل حقوق الإنسان، مع الاهتمام بالواجبات والالتزامات؛والاهتمام بمختلف أشكال الظلم وعدم المساواة وحوادث التمييز، بما في ذلك العنصرية والتمييز على أساس الجنس.

هناك استراتيجية ثالثة مقترنة بالديمقراطية وتعليم حقوق الإنسان، وتحتاج إلى تعزيز حقوق الإنسان والحد من الصراعات في أفريقيا بالقرن الجديد، وهي مستوى معين من الرخاء المادي أو التنمية الاقتصادية، ويمكن أن تحدث الانتهاكات كما هو الحال في نيجيريا من عام 1999 إلى عام 2003، ويمكن أن يؤدي الرخاء المادي إلى الالتزام الشعبي بالديمقراطية، التي بدونها لا يكون أي حديث عن حقوق الإنسان معقولاً، وكما توصلت إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت على نيجيريا، فإن الأفارقة يركزون على النتائج في دعمهم للديمقراطية (64).

اذ نرى ان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي تسعى إليها الحكومات الأفريقية في القرن الجديد جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، إن عدم إحراز تقدم في التنمية الاقتصادية يعني تقليص هذه الحقوق مع احتمال حدوث أثر سلبي غير مباشر في الحقوق السياسية والمدنية وحقوق التضامن، يجب أن ينتج عن التجربة مع الحكومة الديمقراطية فوائد مادية للناس العاديين في أفريقيا، إن للأفارقة كل الحق في أن يكونوا متهكمين بشأن مكاسب الديموقراطية غير المثبتة للقادة حيث يجب أن يكون هناك حد لقدرة الناس العاديين على المعاناة الطويلة والصبر، إن النداءات الموجهة إلى الجماهير من أجل الصبر والتضحية المستمرة لا مبرر لها وأقل احتمالاً للاعتراف بها إذ اعتقد المواطنون أن مساهماتهم في الديمقراطية لا تؤدي إلى أي تحسن في ظروفهم الاقتصادية.

ان الاستراتيجية الرابعة الضرورية لتحسين حقوق الإنسان والحد من الصراعات في أفريقيا في القرن الجديد هي إعادة الهيكلة السياسية. حيث تظهر إعادة الهيكلة العديد من الفظائع في مجال حقوق الإنسان حتى في إطار ديمقراطي اسمياً عندما لا يتم إيلاء الاهتمام الواجب لإعادة الهيكلة السياسية (65)، بالنسبة لأفريقيا في حقبة ما بعد الحرب الباردة وفي القرن الجديد، فإن القضية النهائية والأكثر إلحاحاً في إعادة الهيكلة السياسية هي تصحيح الحدود الاصطناعية في المنطقة الموروثة استعمارياً والتي رسمتها أوروبا بشكل تعسفي لا سيما بريطانيا وفرنسا وألمانيا في عام 1885 بمؤتمر برلين، بغض النظر عن الاعتبارات التاريخية أو العرقية والجنسية، فبدلاً من التزاوج مع مجموعات عرقية قومية سابقة، كانت الحدود الإفريقية في كثير من الأحيان إما تقسم المجموعات العرقية والشعوب بين البلدان أو جمعت بين مجموعات عرقية وشعوب مختلفة جداً داخل نفس البلد (66).

لم يحدث أي حدث آخر غير تجارة الرقيق أثّر على الحياة الإفريقية أكثر من مؤتمر برلين (67). ما كان ينبغي على القادة الأفارقة فعله لتصحيح هذه المشكلة هو إعادة الهيكلة السياسية، حيث كان يمكن أن يغير الحدود ليتزامن مع الجماعات العرقية الموجودة في الدولة الواحدة، وقد دعمت منظمة الوحدة الأفريقية والمجتمع الدولي ترك الحدود المصطنعة كما هي خوفاً من أي تغييرات محتملة للحدود، وبالرغم من هذا دفعت البلدان الأفريقية منذ الاستقلال ثمناً باهظاً بسبب الانقسامات الداخلية والصراعات العرقية التي لم يستطع التغلب عليها (68)، ويقتصر الحل النهائي لتصحيح الحدود الاصطناعية الموروثة؛ يتمثل في نقل السلطة، تقاسم السلطة، ووجود حكومات أقل فساداً، ومراجعة للدساتير القومية ، كل عشر سنوات ، والتي يمكن أن تكون تمهيداً لتصحيح الحدود، ويتفق العلماء الذين كتبوا عن الدولة الإفريقية على أنها لا توفر إطاراً جيداً لإنجاز عمل التنمية الوطنية(69).

واقترح العديد من المفكرين أربع عشرة ولاية أفريقية تستند إلى التاريخ المشترك، والديموغرافيا، والتشابهات العرقية والتحالفات، والتجانس الثقافي، والجدوى الاقتصادية، بدلاً من الدول الخمسين الحالية، وباختصار ينبع الضعف في هذا الاقتراح هو الشعور الخاطئ بحجم الدول التي ستحل محل الدول الأفريقية الصغيرة الحالية وغير القابلة للتطبيق، وتحد الخطة من حجم مساحة اليابسة في حين كان يُنظر إلى الحجم على أنه دالة للكتلة الأرضية فضلاً عن عدد الأشخاص المقيمين داخل الإقليم. (70)

من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحد من الصراعات في أفريقيا في القرن الجديد، يجب إيلاء الاهتمام لكل من الحقوق الفردية والجماعية والاعتراف الواجب بالعلاقة بين الحقين، وتحتاج الحقوق الجماعية إلى الاهتمام في القارة لأنه، كما ذكر العديد من الباحثين أن سياسات الدولة المسيئة تعرض المجموعات الكبيرة للخطر في القارة (71). لهذا يتطلب الاهتمام المناسب بحقوق الإنسان في القارة سواء كانت الجماعية أو الفردية، إن بروز العرق في السياسة الإفريقية يضمن أن تأثير هويات الجماعات في المجتمعات الأفريقية سيظل قوياً لفترة طويلة قادمة (72).

ولن تنجح أي استراتيجية لتعزيز حقوق الإنسان في القارة التي لا تولي اهتماماً قوياً لحقوق المجموعات، ويمكن أن يؤدي إنجاز هذا الهدف أيضاً إلى تقليل فرص الصراع التي قد تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان.

وأخيراً تحتاج أفريقيا إلى مساعدة مادية خارجية لتنمية حقوق الإنسان والحد من الصراعات في القرن الجديد، وتعد هذه المساعدات ضرورية للحقوق السياسية والمدنية (73)، وهناك مشكلتان اقتصاديتان ملحتان للغاية لهما تبعات لكل جوانب حياة المواطنين التي تواجهها القارة المشكلة الأزلي (فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز). والثاني أزمة الديون أو ما يسميه بعض الناس بشكل مناسب عبء الديون، تتحد هاتان المشكلتان لتشكلا خطراً مزدوجاً يتسبب في كارثة اقتصادية للعديد من البلدان الأفريقية، المساعدة الغربية لنمو حقوق الإنسان ليست فكرة جديدة، كما يمكن لبعض الخبراء الغربيين في إفريقيا تقديم المشورة، يمكن للدول الكبرى والمنظمات الدولية أن تصبح شركاء نشطين للحكومات في جعل حقوق الإنسان الأساسية جزءاً من أسس العمل في الدول المعاصرة (74).

ويعد فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز أزمة صحية وأمنية عالمية، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن مكافحة الوباء مسؤولية عالمية (75)، وهو وباء يصيب أفريقيا، ولا سيما أفريقيا جنوب الصحراء على نحو غير متناسب، لا تشكل المنطقة سوى نحو 12 في المائة من سكان العالم، ولكنها تعاني من خمسة أضعاف تفشي فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز في العالم، وتعد القارة الأفريقية بها فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز أكثر من بقية العالم مجتمعة. (76)

وتشير التقديرات مابين عامي 2000 – 2001 وجود 40 مليون شخص يعيشون في العالم بفيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” من بينهم 28.1 مليون في أفريقيا السوداء، لهذا تحتاج البلدان الأفريقية إلى المساعدة في مكافحة الإيدز. هناك العديد من البلدان لا سيما أوغندا وزيمبابوي يوجد أكثر من 10٪ من السكان مصابون بالإيدز ولهذا على الدول المتقدمة أن تساهم بسخاء في صندوق الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز. هذه مشكلة يمكن أن تظهر عليها الولايات المتحدة الامريكية قيادتها. إن مساعدة أفريقيا في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز هي في مصلحة الولايات المتحدة الوطنية، ليس فقط بسبب التأثير الشديد الذي يخلفه الوباء على السود والأقليات الأخرى داخل الولايات المتحدة الامريكية، ولكن أيضاً في عصر العولمة والأمن القومي والدولي. وفي بعض الأحيان يتم الحفاظ عليها بشكل أفضل باستخدام الدوافع الاقتصادية بطريقة المساعدة في حالات الكوارث، وليس عبر التقنيات أو الوسائل العسكرية.(77)

ولزيادة فرص تحقيق سلام عالمي دائم في حقبة ما بعد الحرب الباردة، يجب معالجة المشكلات التنموية للبلدان الأفريقية والبلدان النامية الأخرى، ويجب أن تهتم القوى بتأثير النظام العالمي على الدول الضعيفة الأقل قدرة على مقاومتها، خاصة الدول الأفريقية الفقيرة والمادية. (78)، ويجب أن تشعر الولايات المتحدة الامريكية والقوى الرئيسية الأخرى بالقلق من أن المساعدات للدول الإفريقية سوف تضيع من خلال الفساد الرسمي بدلاً من استخدامها في حل المشكلة، ويعد هذا الأمر مصدر قلق نظراً لاﺗﺴﺎع اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻓﻲ هذه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وﻏﻴﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ(79).

لهذا يجب معالجة الأمور بدلاً من أن يكون السبب في هذا التوقف التام للمساعدة، يمكن للبلدان المانحة أن تضع الضوابط اللازمة، بما في ذلك فرض بعض الشروط الضرورية لضمان استخدام أي معونة مقدمة للأغراض المقصودة، وإن السؤال المهم في أعقاب الحرب الباردة وفي القرن الجديد هو ما يجب فعله لخفض مستويات الصراعات في إفريقيا لتمكين الحكومات الإفريقية من تكريس المزيد من وقتها لتكوين الثروة بدلاً من إدارة الصراعات. الجواب هو حقوق الإنسان نموذج شامل لحقوق الإنسان يعتمد على الديمقراطية كنظام سياسي ودمج التثقيف في مجال حقوق الإنسان ، والتقدم الاقتصادي ، وإعادة الهيكلة السياسية ، والاهتمام بالحقوق الجماعية ، وضرورة المساعدة الخارجية ، حيث لا يوجد أي اقتراح هنا بشأن تحسين سجل حقوق الإنسان في القارة سوف يكون الدواء الشافي لمعضلة حل النزاع، ومع ذلك فإن أخذ حقوق الإنسان على محمل الجد سيؤدي إلى انخفاض كبير في مستوى الصراع المرتفع حالياً في القارة بينما يساعد في خلق السلام وحسن النية الضروريين للتصدي والتغلب على مشكلة الهياكل الاصطناعية الناشئة عن الاستعمار الأوروبي. (80)

الخاتمة

إن العوامل الرئيسة التي شكلت المفهوم الأفريقي الحديث لحقوق الإنسان هي العوامل الاقتصادية والسياسية وليس الثقافة، ويستند الدليل الاقتصادي إلى دمج الاقتصادات الأفريقية في نظام عالمي للاشتراطات البيئية يحاذي العالم الصناعي، ولذلك فإن إصرار الغرب على الديمقراطية وحقوق الإنسان يدل على عدم إدراكه لمحنة الدول الأفريقية. ما لم يتم إنشاء نظام اقتصادي دولي جديد، والذي يمنح دولاً صناعية شروطاً تجارية أقل، لا يمكن أن يكون هناك ضمان لتعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية، ومن ثم فقد تم الجدال بأن الحقوق المدنية والسياسية والديمقراطية هما تطور وفرض غربي وعقبة للتنمية يجب أن تتخلى التنمية الاقتصادية عن تحقيقها. إن الفكرة الأساسية لهذه الحجة الاقتصادية هي أن التنمية تعزز إلى تحقيق ديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحجة الاقتصادية للحجة السياسية لدولة قوية وموحدة، وقد اندمجت الحجتان لتخلق مفهوم الاشتراكية الأفريقية، وهو ما شكله القادة الأفارقة بعد الاستقلال كبوابة للحرية الاقتصادية والازدهار لبلدانهم.

يسعى عملنا إلى إعادة التفكير في النقاش حول حقوق الإنسان في إفريقيا، في حين أن المفهوم التشاركي لحقوق الإنسان موجود في المجتمعات الإفريقية فإن ممارسة الحقوق تعتمد في المقام الأول على الفرد، من الأفضل تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعقابية من خلال التركيز أولاً على الفرد. ويوجد ارتباط عضوي بين الحقوق الجماعية والفردية، وبناءً على هذه المواقف، فقد انتقدنا الميثاق الأفريقي لتصويره الخاطئ لحقوق الإنسان في أفريقيا.

ان المجموعة الإفريقية التقليدية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموقف الفرد ، وهو النقاش حول الأفرومتوسطية الذي يكمن في أهمية وملاءمة تحدي الحجة الأفريقية في تصوير المجتمعات الأفريقية على أنها ديناميكية، فقد أدى ظهور الإسلام والمسيحية إلى تغيير الثقافات الأفريقية لتشمل التقاليد التي تتجسد في معتقدات هذه الأديان العالمية، ونتيجة لذلك فإن الهوس بالطائفية أو المجتمعية حقوق الناس في غير محلها.

ومع ذلك، فإن حقوق الشعوب المتجسدة في حق تقرير المصير لها دور هام وإيجابي تلعبه في أفريقيا المعاصرة، إن الحرمان من الحق في تقرير المصير إلى جانب التعريف الضيق لـ “الشعوب” من أجل وضعيات هذا الحق يشترك في بعض اللوم في الحروب الأهلية والعنف وما يترتب عليه من انتهاكات للحقوق الأخرى – التي ابتليت بها أفريقيا.

وفي النهاية نستنتج أن أفضل طريقة للحكومات الأفريقية لتعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي دمج النموذج التقليدي للحقوق الإفريقية التقليدية، والذي يؤكد بشكل أساسي على الحقوق الفردية في الميثاق الأفريقي ودساتيرها المحلية، إن اعتماد مثل هذا الموقف سيعني أن إفريقيا يمكنها أن تولي اهتماماً أكبر بالحقوق المدنية والسياسية، وهذا يعني، في الواقع تبني تفسير تقدمي لحق تقرير المصير لأنه حق يشمل الحقوق المدنية والسياسية فضلاً عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الهوامش

1.JACK DONNELLY, INTERNATIONAL HUMAN RIGHTS 1(2d ed. 1998).p35.

2. Ibid.

3.U. OJI UMOZURIKE, THE AFRICAN CHARTER ON HUMAN AND PEOPLES’ RIGHTS (1997).p11.

4.MARK R. AMSTUTZ, INTERNATIONAL Ennes: CONCEPTS, THEORIES, AND CASES IN GLOBAL POLITICS 71 (1999); Jack Donnelly, Unfinished Business, 30 PS: POL. Ser. & POL. 530 (1998); Louis Henkin, The Universal Declaration and the U.S. Constitution, 30 PS: POL. Ser. & POL. (1998).p512-513.

ك 9).على وجه التحديد

5.Paul Redmond, Transnational Enterprise and Human Rights: Options for Standard Setting and Compliance, 37 INT’L LAW. 69 (2003); Steven R. Ratner, Corporations and Human Rights: A Theory of Legal Responsibility, 111 YALE L.J. 443 (2001); Mary Robinson, The Business Case for Human Rights, at

http://www.unhchr.ch/huricane/huricane.nsf/O/ e47d352dedc39697802566de0043b28e?OpenDocument.

6.LARRY DIAMOND, DEVELOPING DEMOCRACY TOWARD CONSOLIDATION,(1999),p4.

7.Declaration on the Right and Responsibility of Individuals, Groups and Organs of Society to Promote and Protect Universally Recognized Human Rights and Fundamental Freedoms, G.A. Res. 53/144, U.N. GAOR, 53d Sess., U.N. Doc A/RES/53/144 (1999).

8.Juan J. Linz & Alfred Stepan, Toward Consolidated Democracies, in CONSOLIDATING THE THIRD WAVE DEMOCRACIES: THEMES AND PERSPECTIVES (Larry Diamond et al. eds., 1997).p14-15.

9.John W. Harbeson & Donald Rothchild, The African State and State System in Flux, in AFRICA IN WORLD POLITICS, supra note 15, p.11.

10.Aka, supra note 2, at 371-75 (containing a more detailed discussion of these three categories of rights); Aka, supra note 7,p212-215.

11.LARRY BERMAN & BRUCE ALLEN MURPHY, APPROACIDNG DEMOCRACY ,(2d ed. 1999).p.460- 499.

12.Universal Declaration of Human Rights, G.A. Res. 217 A (III), U.N. GAOR, 3d Sess., at art. 7, U.N. Doc. A/810 (1948).

13.CHRIS MAlNA PETER, HUMAN RIGHTS IN AFRICA: A COMPARATIVE STUDY OF THE AFRICAN HUMAN AND PEOPLE’S RIGHTS CHARTER AND THE NEW TANZANIAN BILL OF RIGHTS (1990).p.59-60.

14.African Charter on Human and Peoples’ Rights, June 27, 1981, 21 I.L.M. p58.

15.UMOZURIKE,Op.cit ,p16-17

16.generally Ali A. Mazrui, Global Africa: From Abolitionists to Reparationists, 37 AFR. STUD. REV. 1-18 (1994); generally ANDREW HACKER, Two NATIONS: BLACK AND WmTE, SEPARATE, HOSTILE, UNEQUAL (1992).

17.UMOZURIKE, Op.cit,p 20.

18. كانت ناميبيا تابعة لجنوب أفريقيا الذي تذوقت طعم الحرية في عام 1994 ، وبالرغم من استقلال جنوب إفريقيا عام 1910 إلا أن استمرار حكمها من قبل حكومة الأقلية البيضاء التي استبعدت وفصلت السود الجنوب أفريقيين الذين كانوا وما زالوا بالأغلبية. وعلى هذا فإن الذي ما حققته جنوب أفريقيا في عام 1994 هو حكم الأغلبية وليس الاستقلال السياسي.

19.Aka, , Op.cit, p. 380, 382.

20. Ibid. p. 381.

21.Aka, Op.cit , p. 405-414.

22.AUDE AKE, DEMOCRACY AND DEVELOPMENT IN AFRICA , (1996).p.27.

23.Virginia DeLancey, The Economies of Africa, in UNDERSTANDING CONTEMPORARY AFRICA 91, (April A. Gordon & Donald L. Gordon eds., 2d ed. 1996).p.103-105.

24.AKE, Op.cit, p. 513.

25.Philip C. Aka, Leadership in African Development, 14 J. THIRD WORLD STUD. (1997).p. 213, 224

26.Aka, Op.cit, p.395.

27.LEE C. BUCHHEIT, SECESSION: THE LEGITIMACY OF SELF-DETERMINATION (1978).p.103-104.

28. Warren Christopher, U.S.-Africa: A New Relationship, 38 AFR. REP, (1993).p.36.

29.JOHN A. WISEMAN, THE NEW STRUGGLE FOR DEMOCRACY TN AFRICA 1-14, (1996).p. 35-83.

30.Aka, Op.cit, p. 391-396.

31.WISEWAN, Op.cit, p. 20-31.

32.MARINA OTTAWAY, AFRICA’S NEW LEADERS: DEMOCRACY OR STATE RECONSTRUCTION? (1999); Marina Ottaway, From Political Opening to Democratization?, in DEMOCRACY IN AFRICA: THE HARD ROAD AHEAD.p.1-14.

33.generally DEVELOPMENT AND UNDERDEVELOPMENT: THE POLITICAL ECONOMY OF INEQUALITY (Mitchell A. Seligson & John T. Passe-Smith eds., 1998).p36.

34.Brautigam, Op.cit, p. 184.

35.See Crawford Young, Africa: An Interim Balance Sheet, in AFRICA: DILEMMAS OF DEVELOPMENT AND CHANGE (Peter Lewis ed., 1998).p. 341, 354.

36.يتم تعريف القومية الأفريقية بالثورة السياسية ضد الاستعمار. – النزعة الأفريقية مع التطلّع إلى التضامن والمساواة بين دول القارة للمزيد أنظر:

M. Roberts, “A Socialist Looks at African Socialism” in W.H. Friedland & C.G. Rosberg, eds.,African Socialism (Stanford: Stanford University Press, 1964),p.80-82.

37.Sithole, Op.cit, outlines various strategies adopted by African nationalists in their fight against colonial rule.

38.W.Rodney, How Europe Underdeveloped Africa (Washington: Howard University Press, 1974); R.E. Howard, Human Rights in Commonwealth Africa (Totowa, NJ.:Rowman & Littlefield, 1986) [hereinafter Human Rights]; S. Kiwanuka, From Colonialism to Independence: A Reappraisal of Colonial Policies and African Reactions, 1870-1960 (Nairobi: East African Literature Bureau, 1973) c. I.p.4-13.

39.Asante, Op.cit ,p.10 – 72.

40.International Covenant on Civil and Political Rights, 19 December 1966, 999 U.N.T.S. 171, Can. T.S. 1976 No. 47 at art. 1(1) [hereinafter I.C.C.P.R.]; International Covenant 011 Economic, So­ cial and Cultural Rights, 19 December 1966, 993 U.N.T.S. 3, Can. T.S. 1976 No. 46 at art. 1(1) [hereinafter Covenant on Economic, Social and Cultural Rights].

41.كان الهدف إلى حد كبير هو حماية المصالح العقارية لأقليات المستوطنين والشركات الأجنبية ضد التأميم، للمزيد أنظر:

I.G. Shivji, The Concept of Haman Rights in Africa (London: CODESRIA, 1989) .p19.

42.Nyerere, Op.cit ,p. 30.

43.Ghana, First Seven Year Development Plan (Accra: Office of the Planning Commission, 1962),p.135.

44.C.F. Andrain, “Guinea and Senegal: Contrasting Types of African Socialism” in Friedland & Rosberg, eds., supra note 3,p. 160 – 173.

45.generally: R. Smith, Kingdoms of the Yoruba (London: Methuen, 1969); M. Abitbol, Tom­ bouctou et /es Anna (Paris: Maisonneuve et Larose, 1979); D.T. Niane, Sundiata: An Epic of Old Mali (London: Longmans, 1965); W. Rodney, A History of the Upper Guinea Coast: 1545-1800 (Oxford: Clarendon Press, 1970); D.A. Low, Buganda in Modem History (Berkeley: University of California Press, 1971).

46.G. Munda Carew “Development Theory and The Promise of Democracy: The Future of Postcolonial African States” (1993) 4 Africa Today,p. 31 – 33.

47.A.A. Mazrui & M. Tidy, Nationalism and New States in Africa (Nairobi: Heinemann, 1984).p.67.

48. يجادل بعض القادة الأفارقة بأن النزعة العسكرية هي جزء من التقاليد الأفريقية. ويعد هذا تحريف آخر للعلاقة القائمة بين رؤساء الحكومات الأفريقية التقليدية، الذين ظلوا مدنيين، وموظفيهم العسكريين، الذين لم يكن لدى العديد من الأنظمة السياسية جيش دائم، للمزيد أنظر:

Ayittey, Op.cit ,p. 69-70.

49.C.0.C. Amate, Inside the DAU: Pan-Africanism in Practice (London: Mac­ millan, 1986); A. Sesay, 0. Ojo & 0. Fasehun, The DAU After Twenty Years (Boulder: Westview Press, 1984).

50. إن من مبادئ منظمة الوحدة الأفريقية هي تفصيل الأساس لتعاون الدول الإفريقية وتغطية احترام المساواة السيادية، وعدم التدخل، واحترام السيادة والسلامة الإقليمية لكل دولة، والتسوية السلمية للنزاعات من خلال التفاوض أو الوساطة أو المصالحة أو التحكيم ، إلخ: للمزيد أنظر:

O.A.U. Charter,.p. 3.

51.اللجان كانت: اقتصادية واجتماعية؛ التعليمية والثقافية؛ الصحة، الصرف الصحي والتغذية؛ دفاع؛ العلمية والتقنية والأبحاث. تمت إضافة لجنتين أخرين هي لجنة النقل والاتصالات، ولجنة الحقوقيين، في الجلسة العادية الأولى لمنظمة الوحدة الأفريقية. في عام 1964كان من المتوقع أن تقوم لجنة الحقوقيين بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، لكن هذه اللجنة أنشئت فقط كأداة للبحث القانوني، للمزيد أنظر:

M’baye& B. Ndiaye, “The Organisation of African Unity” in K. Vasak, ed., The International Dimensions of Human Rights, vol. 2 (Westport, Conn.:Greenwood Press, 1982) ,p.583 – 593.

52.26 June 1981, OAU Doc. CAB/LEG/67/3, 21 I.L.M. 59 (in force 21 October 1986)

53.M’baye & Ndiayc, Op.cit,p. 33 – 599.

54.BERMAN & MURPHY, Op.cit ,p.4.

55.JOHN MUKUM MBAKU, INSTITUTIONS AND REFORM lN AFRICA: THE PUBLIC5 CHOICE PERSPECTIVE , (1997),p. 189.

56.DIAMOND, Op.cit, p. 7-17.

57.Linz & Stepan, Op.cit, p.16.

58.Diamond, Introduction: In Search of Consolidation, in CONSOLIDATING THE THIRD WAVE, Op.cit, xxviii.

59.DIAMOND, Op.cit, p. 7-17.

60.UMOZURIKE, Op.cit, p. 8.

61.Douglas Ray & Norma Bernstein Tarrow, Human Rights and Ed ucation: Overview, in HUMAN RIGHTS AND EDUCATION (Norma Berstein Tarrow ed., 1987).p.3.

62.UDHR, Op.cit, p. 26.

63.Aka, supra note 2, at 435 (quoting The U.N. Decade for Human Rights Education, U.N. GAOR, 49th Sess., Agenda Item lOO(b), U.N. Doc. A/RES/49/184 (1995),p.2.

64.Philip C. Aka, Education, Economic Development, and Return to Democratic Politics in Nigeria, 18 J. THIRD WORLD STUD,(2001),p. 21, 22.

65.Aka, Op.cit, p. 269-273.

66.Clapham, Op.cit, p. 424.

67.Makau wa Mutua, Redrawing the Map Along African Lines, THE BOSTON GLOBE, Sept. 22, 1994, p.17.

68.JOHN J. STREMLAU, THE INTERNATIONAL POLITICS OF THE NIGERIAN CIVIL WAR 1967-1970,p. 273.

69.Clapham, Op.cit, p. 424.

70.Rachael L. Swarns, African Leaders Drop Old Group for One that Has Power, N.Y. TIMES, July 9, 2002, p. A3.

71.Rhoda E. Howard, Group Versus Individual Identity in the African Debate on Human Rights, in HUMAN RIGHTS IN AFRICA: CROSS-CULTURAL PERSPECTIVES, Op.cit, p. 159, 168.

72.NAOMI CHAZAN ET AL., POLITICS AND SOCIETY IN CONTEMPORARY AFRICA (3d ed. 1999),p. 108- 118.

73.Larry Diamond, Promoting Democracy in Africa: U.S. and International Policies in Transition, in AFRICA IN WORLD POLITICS: POST-COLD WAR CHALLENGES,p.250; (John w. Harbeson & Donald

Rothchild eds., 2d ed. 1995); John W. Harbeson, Externally Assisted Democratization: Theoretical Issues and African Realities, in AFRICA IN WORLD POLITICS, Op.cit, p. 235-62

74. AFRICA IN WORLD POLITICS, Op.cit, p. 11.

75.Salih Booker & William Minter, AIDS in Africa: Is the World Concerned Enough?, in GREAT DECISIONS 2002,p.71-77.

http:/www.africaaction.org/action/aids2002.pdf.

76.Aka, Op.cit ,p. 161.

77.Kurt C. Campbell & Thomas G. Weiss, The Third World in the Wake of Eastern Europe, 14 WASH. Q. 96, 98, 104, 106 (1991).

78.CHRISTOPHER CLAPHAM, AFRICA AND THE INTERNATIONAL SYSTEM: THE POLITICS OF STATE SURVIVAL, (1996).p4.

79.CORRUPTION AND THE CRISIS OF INSTITUTIONAL REFORMS IN AFRICA (John Mukum Mbaku ed., 1998).

80. Ibid.