دور رئيس الجمهورية في النظام البرلماني: بين الرمزية والتأثير السياسي
The Role of the President of the Republic in the Parliamentary System: Between Symbolism and Political Influence
محمد أحمد محمد1، أ. د. خالد الخير2
1 طالب دكتوراه، الجامعة الإسلامية في لبنان.
2 تدريسي، الجامعة الإسلامية في لبنان.
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/41
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/41
المجلد (6) العدد (2). الصفحات: 583 - 604
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: يُعد النظام البرلماني أحد أبرز أشكال الأنظمة السياسية المعتمدة في العديد من الدول الديمقراطية، حيث يقوم على مبدأ الفصل النسبي بين السلطات، مع تغليب الدور المحوري للبرلمان في الحياة السياسية. وفي هذا السياق، يتخذ رئيس الجمهورية مكانة خاصة داخل هذا النظام، تختلف جوهريًا عن نظيرها في النظام الرئاسي، إذ لا يُعد رأسًا فعليًا للسلطة التنفيذية، بل غالبًا ما يضطلع بدور رمزي وشرفي، يكرّس حياد الدولة ويجسّد استمراريتها. إلا أن هذا التصور النظري لا يمنع من بروز أدوار سياسية لرئيس الجمهورية في بعض السياقات، خاصة في ظل الأزمات السياسية أو الفراغات الحكومية، ما يدفع إلى التساؤل عن حقيقة موقعه داخل النظام البرلماني، وعن حدود تداخله في الشأن السياسي، بين ما هو دستوري وما هو واقعي.
الكلمات المفتاحية: النظام البرلماني، رئيس الجمهورية، السلطة التنفيذية، الأزمات السياسية.
Abstract: The parliamentary system is one of the most prominent forms of political systems adopted in many democratic countries. It is based on the principle of the relative separation of powers, with parliament playing a pivotal role in political life In this context, the President of the Republic occupies a special position within this system, one that differs fundamentally from its counterpart in the presidential system. He is not the actual head of the executive branch, but rather often plays a symbolic and honorary role, enshrining the state's neutrality and embodying its continuity. However, this theoretical conception does not prevent the emergence of political roles for the President of the Republic in some contexts, especially in light of political crises or governmental vacuums, which leads to questions about the reality of his position within the parliamentary system, and about the limits of his interference in political affairs, between what is constitutional and what is realistic.
Keywords: The Role of the President of the Republic in the Parliamentary System: Between Symbolism and Political Influence.
لا يوجد مجتمع إلا وله من سلطة تدبر شؤونه، وتنظم أموره، وتهيمن على مختلف أوجه النشاطات التي يقوم بها أفراده، وتعمل على توجيههم باتجاه يؤدي إلى تقدم المجتمع وازدهاره، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنها تعمل على منع أفراده من القيام أو الإتيان بالأمور التي تلحق الضرر بالمجتمع، وتؤخر تقدمه، وهذه السلطة هي السياسية العليا في المجتمع، إذن المجتمع والسلطة أمران متلازمان لا يمكن أن تجد مجتمعا متحضرا من غير سلطة.
لذلك فإن من المسلم به أن لكل جماعة توافرت لها أركان الدولة رئيسا أعلى هو رئيس الدولة، يمارس فيها ما ثم تحديده له من صلاحيات في الدستور والتشريعات الخاصة النافذة، وبغض النظر عن التسمية التي تطلق على رئيس الدولة، فقد يسمى ملكا، وهذا واقع الحال في الأنظمة الملكية، وقد يسمى رئيس جمهورية، كما دأبت عليه الأنظمة الجمهورية، وقد يسمى خليفة، كما عليه الحال في ظل الحقب الإسلامية السالفة.
ان مسألة تقدير أهمية منصب رئيس الدولة اعتمد بصورة أساسية على نظره تقليدية إلى دور رئيس الدولة فالأخير على وفق هذه النظرية هو رمز للوحدة الوطنية، ونقطة تجمع الولاء الوطني، إذ يعمل على تجاوز المنافسات الحزبية، وعلى تقدير التماسك الاجتماعي.
إن منصب رئــيس الــجمهوريــة يعد من أقدم المناصب في الدولة، بل وجدت الدولة مع وجوده، وتجسدت في شخصه قديما السلطة والسيادة، ولكن بعد أن انتقلت السلطة والسيادة منه إلى الشعب بصورة منحة أو عقد، واستقرت بيد الشعب الذي أصبح اليوم صاحب السلطة ومستودع السيادة يقوم بتوزيعها بين سلطات ثلاث تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات، فإن حجم السلطات التي تمنح لمنصب رئــيس الــجمهوريــة وكيفية إسنادها من المسائل التي تحدد نظام الحكم في الدولة ونوع الحكم، ومن العناصر المهمة التي تحدد نظامها السياسي.
من أهم ركائز الـنـظـام البرلـمـانـي وجود سلطتين منفصلتين في السلطة التنفيذية هما رئــيس الــجمهوريــة ورئيس الوزراء، تتجلى ملامح هذا الاتفصل في طريقة اختيار رئيس الدولة وطريقة تعيين رئيس الوزراء. كما تأكدت هذه السمات في حظر الجمع بين منصب رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
كما أن رئــيس الــجمهوريــة في لبنان يتمتع بمكانة عالية في إدارة شؤون الدولة، وتنبع هذه المكانة للمركز الدستوري الذي حدده لهما كل من الدستور اللبناني الصادر عام 1926م المعدل، وهناك جملة من المعطيات الداخلية والخارجية تؤدي دورًا أساسيًا في ترشيح وانتخاب من يتولى هذا المنصب، ومن ثم التأثير في أدائهِ.
أولا: أهمية البحث
على الرغم من محدودية الدور الذي يضطلع به رئــيس الــجمهوريــة اللبناني، إلا أنه يتمتع بمركز دستوري مهم ومكانة سياسية بالغة الأهمية ليس فقط بفعل كونه يمثل حلقة أساسية في النظام السياسي، بالاستناد على الأسس الدستورية، بل بفعل المعطيات السياسية والاجتماعية السائدة، لذا نجد من الضروري تسليط الأضواء على طبيعة المركز الدستوري وحقيقته، وأبعاد الدور الذي يضطلع به رئــيس الــجمهوريــة في النظام اللبناني على وفق دستور لبنان لعام 1926 م المعدل.
ثانياً_ أهداف البحث
إن الهدف من البحث:
- تحليل الإطار الدستوري والقانوني لمكانة رئيس الجمهورية في النظام البرلماني.
- رصد الممارسة العملية لوظيفة رئيس الجمهورية في بعض النماذج المقارنة.
- تقييم مدى تأثير منصب رئيس الجمهورية على استقرار النظام السياسي.
ثالثاً_ إشكالية البحث
إن مهمة تحديد طبيعة المركز الدستوري لرئــيس الــجمهوريــة في النظام السياسي الحالي في الجمهورية اللبنانية، ونطاق المقاربة مع الآراء الفقهية ( الدستورية ، والسياسية ) في المركز الدستوري لرئيس الدولة في النظم البرلمانية المقارنة تعد إشكالية معقدة تستدعي تشخصيها بدقة، ومن ثم تحليل أبعادها على عدة مستويات، على المستوى البنيوي، والوظيفي، وعلى مستوى العلاقة مع المؤسسات الدستورية الأخرى، فضلاً عن تفاعلها مع المعطيات الداخلية السائدة
وينتج عن هذه الإشكالية التساؤل الرئيسي التالي:
ما هو التنظيم القانوني لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية؟ وماهي العوامل المؤثرة في توليه لمنصبه؟
رابعاً: منهجية البحث
نرى من المناسب أن نعتمد في هذه الدراسة على كل من المنهج الاستقرائي والتحليلي، إذ نسترشد في الأول في وصف المركز الدستوري لرئــيس الــجمهوريــة في النظام السياسي الحالي في لبنان.
خامساً_ هيكلية البحث
المطلب الأول: الـنـظـام البرلـمـانـي وذاتيته في لبنان.
الفرع الأول: مفهوم النظام السياسي البرلماني.
الفرع الثاني: الرئيس في الـنـظـام البرلـمـانـي وذاتية النظام في لبنان.
المطلب الثاني: المؤثرات الفاعلة في منصب رئــيس الــجمهوريــة في لبنان.
الفرع الأَوّل: العوامل المؤثرة في تولي رئيس الجمهورية.
الفرع الثَّاني: العوامل المؤثرة في دور رئيس الجمهورية.
الـنـظـام البرلـمـانـي وذاتيته في لبنان
يقوم النظام البرلماني على أساس تنظيم السلطات العامة والمرونة في الفصل بينها. كما أنه يخلق آليات للتعاون في ممارسة الاختصاصات ويحدد وسائل التأثير المتبادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كل ذلك في محاولة لتحقيق التوازن السياسي، إذا كانت ثنائية السلطة التشريعية لا تعتبر سمة ضرورية لخصائص النظام البرلماني، فإن ثنائية السلطة التنفيذية هي إحدى الخصائص الضرورية للنظام البرلماني. وهذا ما يظهر في سيناريو ملك وحكومة، أو سيناريو رئيس وحكومة، كما هو الحال في النظام البرلماني اللبناني ([1]). بناءً عليه سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين، سنتناول في الفرع الأول: مفهوم النظام السياسي البرلماني، أما الفرع الثاني: ذاتية الـنـظـام البرلـمـانـي اللبناني.
مفهوم النظام السياسي البرلماني
يقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات، لكن هذا الفصل ليس كاملاً أو مطلقاً. بل إنه فصل مرن يوجد من خلال التعاون بين السلطات، وخاصة السلطتين التنفيذية والتشريعية، فضلاً عن الرقابة بينهما. من الضروري أن يكون هناك تعاون مشترك ورقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ خلاف ذلك، فإن خرق هذا النظام ممكن، وبالتالي، يجب أن تكون هناك مساواة بين الحكومة والبرلمان:
أولاً: تعريف النظام البرلماني:
هناك تعاريف كثيرة ومختلفة للنظام البرلماني فقد عرفه الاستاذ (موريس دوفرجية) بأنه(يتميز هذا النظام بازدواجية السلطة التنفيذية، أي وجود رئيس دولة وحكومة مسؤولة سياسياً أمام البرلمان)، وعرف العميد دوكي الـنـظـام البرلـمـانـي بأنه النظام الذي يعين فيه رئيس الدولة، ووزراء يكونون مجلساً مسؤولاً بالتضامن من الناحية السياسية امام البرلمان([2])، ويتضح من ذلك ان الـنـظـام البرلـمـانـي هو ذلك النظام المبني على أساس التعاون والتوازن والرقابة المتبادلة بين السلطات، ويجعل لكل منهما في الاخرى تأثيراً أو تداخلاً متبادلاً مع الابقاء على مبدأ المساواة والتعاون بينهما، وأن الحكومة تتحمل مسؤولية تضامنية ومسؤولة عن أعمالها أمام البرلمان.
يتبين من تعريف الفقيه دوكي بأن الـنـظـام البرلـمـانـي قائم اصلاً على مبدأ المساواة والتعاون المتبادل بين الوزارة والبرلمان وأن هذا التعاون والمساواة يعد شرطاً من شروط تكوين الـنـظـام البرلـمـانـي لأن أساس الـنـظـام البرلـمـانـي هو التعاون والمساواة بين السلطتين، فلا يمكن لأي سلطة أن تحصل على صلاحيات أكثر من السلطة الأخرى أو سيطرة على سلطة أخرى، وهكذا بالنسبة لسلطات الوزارة والبرلمان يجب أن تكون متساوية.
إلا أن هذا لا يعني بأن أعمال الوزارة والبرلمان بنفس النسبة والعمل في الاشتراك من وظائف الدولة لأنه يوجد اختلاف في التكوين ومن الضروري أن يكون عمل كل منهما مختلفاً عن الاخر، بل يكون التعاون بينهما متساوياً في الصلاحيات حسب الأعمال([3])، وبناءً عليه فيجب ألا يفهم بأن وجود البرلمان في الدولة معياراً على أن نظام الدولة نظاماً برلمانياً وذلك لوجود البرلمان في كل من النظام الرئاسي ونظام حكومة الجمعية([4])، وعندما نتكلم عن الـنـظـام البرلـمـانـي فإنه لا يعني أن ليس هناك وجه التشابه بينه وبين كل من النظام الرئاسي ونظام حكومة الجمعية بل ثمة تشابهاً بين هذه الأنظمة كما يوجد الاختلاف فيما بينها فأما وجه التشابه بين هذه الانظمة فيكمن بانها أنظمة نيابية.
ثانياً: مميزات النظام البرلماني:
استقر الفقه التقليدي على أنّ النظام الإنكليزي يشكّل النموذج الأساسي للنظام البرلماني، وهو نظام قائم على فصل مرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويسمح لهما بالتعاون فيما بينهما على أساس أنها مضطرة إلى التفاهم، يتولى رئيس الدولة السلطة التنفيذية، في حين أن الذي يمارس السلطة الفعلية هو رئيس الوزراء أو الوزير الأول. والوزراء في الـنـظـام البرلـمـانـي على عكس الوزراء في النظام الرئاسي يشكلون هيئة يترأسها الوزير الأول أو رئيس مجلس الوزراء ([5])، ومن أبرز خصائص هذا النظام، ما يأتي:
1- ثنائية السلطة التنفيذية: إنّ في النظام البرلماني، هناك رئيس دولة ورئيس حكومة، أي هناك رئيسان متميزان للسلطة التنفيذية. السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة، الذي يمارس سلطات اسمية فقط وليس مسؤولاً عن أفعاله. السلطات الحقيقية في أيدي الوزراء، والذين يشكّلون هيئة جماعية تُسمّى مجلس الوزراء، ويتم استجوابهم حول أفعالهم أمام البرلمان، كما يُسألون عن تصرفات الملك التي لا تكون نافذة إلا بتوقيع الوزير أو الوزراء المختصين..
فمن أهم القواعد التي يقوم عليها الـنـظـام البرلـمـانـي وجود رئيس دولة غير مسؤول أمام البرلمان ولا تكون له إلا سلطات اسمية، ويُسأل كل وزير أمام البرلمان، عن القرارات التي وقّعها، وفي الـنـظـام البرلـمـانـي تنقسم المؤسسة – السلطة – التنفيذية على هيأتين، أَمّا الهيئة الأولى فهي هيئة رئاسة الدولة، أَمّا الهيأة الثانية فتتمثل بالحكومة ومجلس الوزراء، وهنا يتميز هذا النظام عن كُلّ من النظامين الرئاسي ونظام الجمعية؛ كونهما يتسمان بوحدانية المؤسسة التنفيذية.
كما أنه وعلى الرغم أن النظام المختلط يشترك مع الـنـظـام البرلـمـانـي بوجود رئاسة الدولة – رئــيس الــجمهوريــة ومجلس الوزراء – ولكن ما يمتاز به الأخير هو أرجحية كفة رئاسة الدولة على حساب رئاسة الوزراء، بل رئاسة الأَوّل لجلسات مجلس الوزراء، والمصادقة على قراراته، وذلك على خلاف النظام البرلماني ([6])، واجتهد الفقه في تحديد مضمون ثنائية الجهاز التنفيذي، وطرحت عِدَّة آراء يمكن إجمالها في غرضين:
يتمثل الأَوّل: إِنَّ كلمة ثنائية المتعلقة بالسلطة التنفيذية قد توحي في مدلولها بالمساواة بين الرأسين الموجودين على قمة المؤسسة – السلطة – التنفيذية؛ فالثنائية يمكن أَنْ يستشف منها أَنَّ كُلًّا من الطرفين يُعَدُّ ندًا للآخر، ويقف معه على قدم المساواة؛ إِذ لا يعلو أَحدهما على الآخر، أَمّا الغرض الثَّاني: إِنَّ المعنى المطلوب من ذكر كلمة ثنائية هو عدم المساواة بين رأسي المؤسسة – السلطة – التنفيذية؛ فرئيس الدولة يمثل وظيفة شرفية، ومهماته تغلب عليها الطابع الاسمي البروتوكولي، أَمّا رئيس الحكومة فهو الَّذِي يشكل اسمًا وعملًا ولب وجوهر المؤسسة – السلطة – التنفيذية([7]).
ويمكننا القول إِنَّ الثنائية في الـنـظـام البرلـمـانـي لا تعني المساواة في المركز القانوني بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة (مجلس الوزراء)، وأَنَّ المساواة بينهما بوصفهما طرفي المؤسسة – السلطة – التنفيذية لا تعني المساواة بينهما في آلية توليتهما والشروط اللازم توافرها للقيام واجباتهما وأداء اختصاصاتهما، والدور الذي ينهض به كُلّ منهما في شؤون الحكم.
2-الفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية: توزيع الاختصاصات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على نحو يسمح بوجود نوع من التعاون والتداخل بينهما. فالتشريع يكون أصلاً من اختصاص البرلمان، وتنفيذ التشريعات والقيام بالإدارة من اختصاص السلطة التنفيذية. غير أنّ الأخيرة تتدخل في عمل القوانين بما يكون لها من حق اقتراح القوانين وحق المصادقة عليها ونشرها وحق دعوة البرلمان إلى الانعقاد وفضّ دورته. كما تنخرط السلطة التشريعية في عمل السلطة التنفيذية من خلال توفير الرقابة السياسية على تصرفات الحكومة، وتحديد مسؤوليتها، وإقرار الميزانية العامة للدولة، والمصادقة على المعاهدات.
3-المساواة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية: يقيم الـنـظـام البرلـمـانـي بين هاتين السلطتين نوعاً من المساواة، فيجعل لكل منهما القدر نفسه من التدخل في أعمال السلطة الأخرى، ففي مقابل ما للسلطة التشريعية من حق سحب الثقة بالوزارة، وهو الأمر الذي يلجئ الوزارة للاستقالة، ويكون للسلطة التنفيذية حق حل البرلمان والاحتكام إلى الشعب فيما ينشأ بينهما من خلاف، وبالتالي اللجوء إلى إجراء انتخابات مبكرة ([8]).
4-الـنـظـام البرلـمـانـي يمكن أَنْ يكون ملكيًا أو جمهوريًا:
على الرغم من أَنَّ الـنـظـام البرلـمـانـي كانَ قد نَشَأَ وتطور أساسًا في دولة ملكية (بريطانيا)؛ إذ تحولت الأخيرة عبر حقب زمنية طويلة من ملكية مطلقة يجمع فيها الملك بيده كُلّ السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية إِلى ملكية مقيدة، يتولى فيها السلطة الفعلية كُلّ من البرلمان وبالتحديد مجلس العموم المنتخب دون مجلس اللوردات المعين، وكذلك الحكومة (مجلس الوزراء) ([9]).
ومن ثمَّ أضحى الـنـظـام البرلـمـانـي قابلًا للتطبيق في الدول الملكية والدول الجمهورية على حَدٍّ سواءٍ.
5-صلاحيات رئيس الدولة محدودة:
لا يمارس رئيس الدولة سواء أكان ملكًا أم رئيسًا للجمهورية سوى صلاحيات محدودة؛ وعلى ذلك فإِنَّهُ غير مسؤول؛ لأَنَّهُ لا يباشر الحكم بنفسهِ، وهو بمثابة رمز لوحدة الدولة وسيادتها، وهو في أَغلب النظم البرلمانية يمارس دور الحكم بين البرلمان (المؤسسة التشريعية) والحكومة (مجلس الوزراء)، وتوجيه النصح والإرشاد ([10]).
وعلى الرغم من أَنَّ رئيس الدولة في الـنـظـام البرلـمـانـي هو رئيس المؤسسة التنفيذية، ولكن ليس هو المسؤول الفعلي عن الحكومة، بل المسؤول الفعلي عنها هو (رئيس مجلس الوزراء)، ومع ذلك فإِنَّ هناك رأيًا يعارض هذا الواقع مفاده: أَنَّ لرئيس الدولة صلاحيات كثيرة، كحق تسمية رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة، وإقالة الحكومة، ودعوة البرلمان للانعقاد، واقتراح القوانين والمصادقة عليها، أو الاعتراض عليها، وإصدارها، واختصاصات أُخرى يختلف من نظام سياسي لآخر.
ولكن واقع الحال يُدلل على أَنَّ الصلاحيات المذكورة ما هي إِلَّا صلاحيات رسمية وشكلية ليس إِلَّا؛ فحق تسمية رئيس الوزراء ما هو إِلَّا تحصيل حاصل؛ وذلك لأَنَّ من التقاليد المعمول بها في النظم البرلمانية أَنْ يكلف الرئيس زعيم الحزب الحائز على أغلبية المقاعد في البرلمان بتشكيل الحكومة، كما أَنَّ إقالة الحكومة يتم بناءً على طلب يقدمه البرلمان إِلى رئيس الدولة بعد التصويت على سحب الثقة من الحكومة.
كما أَنَّ حل البرلمان لا يتم إِلَّا بعد تقديم طلب من رئيس الوزراء، أَمّا حق الاعتراض على القوانين المصادق عليها ما هي إِلَّا إجراءات شكلية ومقيدة ضمن مُدّة زمنية، ومرتبطة بموافقة المؤسسات الأخرى.
والواقع يؤكد أَنَّ النظم البرلمانية الجمهورية يكون فيها رئــيس الــجمهوريــة مسؤولًا أمام البرلمان الذي ينتخبه، وأَنَّ مسؤوليته محدودة بحكم محدودية صلاحياته، كما أَنَّ تلك مسؤولية تتضاءل وربما تنتفي في النظم البرلمانية الملكية.
6-إسناد صلاحيات مهمة إِلى المجلس النيابي (البرلمان):
تشترك جميع النظم البرلمانية في إسناد صلاحيات مهمة إِلى البرلمان، ففضلًا عن التشريع بنوعيه العادي والمالي يقوم البرلماني بمهمة الرقابة على أداء المؤسسة التنفيذية، وتعيين كبار موظفي الدولة وما إِلى ذلك، والأمر الواضح في حال كانَ الأخير بمجلس نيابي واحد، وَأَمَّا إذا كانَ البرلمان يتكون من مجلسين وهو الشائع في معظم النظم البرلمانية، ولاسِيَّمَا ذات النمط الاتحادي (الفيدرالي)، فإِنَّ تلك النظم تختلف في تقدير الصلاحيات المخولة لكلا المجلسين؛ ففي حين تكرس بعض الدساتير ظاهرة المجلسين المتساويين، يعطي بعضها الآخر الأرجحية لأحدهما على حساب الآخر، وتكون تلك الأرجحية في الأغلب الأعم للمجلس الشعبي؛ أي الذي يمثل عموم الشعب ([11]).
7-رئيس الوزراء هو المسؤول التنفيذي الفعلي:
في جميع الأنظمة البرلمانية، يعين رئيس الدولة زعيم أو مرشح الحزب أو الكتلة الحائزة على أغلبية المقاعد.(50+1) – في البرلمان بتشكيل الحكومة (مجلس الوزراء)، ويقوم الأخير بمهمة اختيار وزرائه من الحزب نفسه أو التيار الذي ينتمي إليه، ولكن هذا ما يحصل في بريطانيا بفعل وجود نظام الثنائية الحزبية، أَمّا في النظم السياسية ذات التعددية الحزبية فلم يحصل حزب أو تيار على الأغلبية المطلقة؛ بفعل توزيع المقاعد بين الأحزاب والقوى السياسية المتنافسة في الانتخابات، ومن ثمَّ ينبغي أَنْ يكلف الرئيس مرشح الكتلة أو الحزب الحائز على الأغلبية البسيطة بالائتلاف مع حزب أو تيار – أحزاب – آخر، وبذلك تكون الحكومة ائتلافية، وفي كُلّ الأحوال يتولى رئيس الوزراء (الحكومة) مسؤولية مباشرة المهام التنفيذية؛ فهو المسؤول عن إعداد، وتوجيه، ورسم السياستين الداخلية والخارجية([12]).
8-الوزراء هم أعضاء في البرلمان:
الأصل في الـنـظـام البرلـمـانـي أَنْ يكون الوزراء من أعضاء البرلمان، الأمر الذي يعزز التداخل والتعاون بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، كما في بريطانيا والكويت على سبيل المثال، ولكن لما كانَ هذا الأمر يقلل من أهمية التوازن والتأثير المتبادل بين هاتين المؤسستين؛ لذا أقرت معظم النظم البرلمانية المعاصرة بضرورة أَنْ يكون الوزراء من خارج البرلمان، وإِنْ اقتضت الضرورة اختيار وزير أو عدد من الوزراء من أعضاء البرلمان ينبغي أَنْ يتخلى هؤلاء عن عضويتهم تلك.
9-المؤسستان التشريعية والتنفيذية متوازنتان:
في النظام البرلماني، تكون المؤسسات التشريعية والتنفيذية منفصلة ولكن متساوية – لكل منها أداة يمكن استخدامها ضد الأخرى عند الضرورة. المؤسسة التنفيذية (مجلس الوزراء، في أحد المجلسين أو كليهما) مسؤولة أمام المؤسسة التشريعية (البرلمان)، مجلس الوزراء (الحكومة) لها الحق في مراقبتها ومحاسبتها، إلى الحد الذي يمكنها من سحب الثقة ويطيحون بالحكومة يمنح الـنـظـام البرلـمـانـي الحكومة الحق في حل البرلمان بعد تقديم طلب من رئيس الوزراء إلى رئيس الدولة (رئيس أو ملك)؛ وذلك لتحقيق التوازن بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية (البرلمان والحكومة (.
من الواضح أن الخصائص المميزة لمعظم الأنظمة البرلمانية تختلف من نظام إلى آخر؛ قد يأخذون بعضهم بعين الاعتبار بينما يتغاضون عن البعض الآخر، حسب ظروفهم السياسية والاجتماعية لا تتطلب العديد من هذه الأنظمة أن يكون أعضاء الحكومة أعضاء في البرلمان، على سبيل المثال، كما هو الحال في بريطانيا، حيث نشأ النظام البرلماني..
الرئيس في الـنـظـام البرلـمـانـي وذاتية النظام في لبنان
لا يوجد نظام حكم صالح وناجح يمكن تطبيقه على جميع الدول بل إن الدول تبحث عن نظام الحكم الذي ينسجم مع الخصوصية الاجتماعية والثقافية والبنى السياسية الموجودة في الدولة، ويعتمد هذا على طبيعة المرحلة التي تمر بها الدولة، فالدول قد تأخذ بالنظام الرئاسي وأخرى بالـنـظـام البرلـمـانـي أو نظام الجمعية النيابية، وقد تأخذ الدولة نظاماً خليطاً من كل تلك الأنظمة حتى يتماشى مع حاجاتها، وعلى ذلك فإن النظم الديمقراطية النيابية قد تأتي تارة في الشكل البرلماني، ونراها تارة أخرى في الشكل الرئاسي أو المجلسي وتعد الصور الثلاث هي الأشكال المتعارف عليها للديمقراطية النيابية([13]).
أولاً- مركز رئيس الدولة في النظام البرلماني:
من الملاحظ أَنَّ فقهاء القانون الدستوري كانوا قد اختلفوا حول تحديد دور رئيس الدولة في مباشرة شؤون الحكم التنفيذي، قد انقسموا في ذلك على اتجاهين، وكان لكل اتجاه حججه ومبرراته؛ فالاتجاه الأَوّل: يقرر سلبية دور رئيس الدولة، ويرى قصر اختصاصه على مجرد أداء رمزي محض، يستطيع بمقتضاه أَنْ يوجه النصح والإرشاد إِلى هيئات الدولة العامة من غير أَنْ يكون لَهُ دور في مباشرة شؤون الحكم، وهكذا لا يتمتع رئيس الدولة بأي سلطة فعلية في شؤون الحكم، وسبب ذلك في نظر أصحاب هذا الاتجاه من الفقه رئيس الدولة ليس مسؤولا سياسيا عن تصرفات الحكومة. المسؤولية تقع على عاتق الحكومة (مجلس الوزراء) وحدها، وما دام الأمر كذلك فإِنَّهُ لا يصح أَنْ يتمتع الرئيس بسلطة فعلية في شؤون الحكم؛ مع المسؤولية تأتي السلطة، والحكومة هي الوحيدة التي لها سلطة ممارسة السلطة بسبب مسؤوليتها المنوطة بها، مع مراعاة الشرطين الآتيين:
1- يجب أن يبحث رئيس الدولة عن وزارة مستعدة لتحمل مسؤولية التدخل في شؤون الحكومة، وتكون تلك الوزارة محتفظة في الوقت ذاته بثقة المجلس النيابي.
2-أَنْ يغطي الوزراء نشاط رئيس الدولة؛ أي لا تسمح الحكومة بأنْ يكون شخص رئيس الدولة أو أعماله موضع مناقشة أمام البرلمان أو أمام الرأي العام، وسبيل ذلك أَنْ يحاط تدخل رئيس الدولة في شؤون الحكم التنفيذي بالسرية والكتمان، بحيث تظهر تلك الأعمال وكأنَّها من صنع الحكومة المسؤولة وحدها ([14]).
فكلما كانت الدولة أكثر استقرارًا كلما اتجه واضعو الدستور إِلى توزيع الصلاحيات بين الحكومة (مجلس الوزراء) والبرلمان، وتحديد دور رئيس الدولة في أضيق نطاق ممكن؛ إذ إِنَّ استقرار أَوضاع الدولة واحد من أهم أسباب تحديد دور رئيس الدولة، وجعله رمزًا أكثر من كونه لولبًا محركًا لسياستها، بخلاف الحال لو كانت الدولة تمر بأزمة داخلية أو تهديد خارجي؛ إذ إِنَّ ذلك التهديد أو عدم الاستقرار يستدعي تركيز الصلاحيات بيد هيئة أو شخص واحد.
كما أِنَّ المبادئ التي يؤمن بها واضعو الدستور تؤدي هي الأخرى دورًا مهمًا في رسم وتحديد دور رئيس الدولة في شؤون الدولة؛ فكلما تمسك واضعو الدستور بمبادئ الـنـظـام البرلـمـانـي التقليدي، ومع ذلك لا يمنع ما تقدّم ذكره أَنْ يمارس رئيس الدولة بعض الاختصاصات المهمة مثل تكليف الشخص المرشح لتولي منصب رئيس الوزراء، أو الموافقة على تعيين الوزراء وموظفي الدولة وإقالتهم بناءً على اقتراح رئيس الوزراء؛ بذلك فهو لا يتمتع بحرية كبيرة في الاختيار؛ فعليه أَنْ يكلف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة من الحزب الذي يحصل على الأغلبية، كما أَنَّ لَهُ حق الاعتراض على القوانين([15]).
كذلك فمن الجدير بالذكر أَنَّ مركز رئيس الدولة في الـنـظـام البرلـمـانـي طرأ عليه تطور مهم بعد أَنْ تحولت العديد من الدول التي تبنت هذا الـنـظـام البرلـمـانـي التقليدي إِلى الـنـظـام البرلـمـانـي المتطور، إذ أصبح الرئيس يمارس العديد من الاختصاصات التنفيذية والتشريعية المهمة كاقتراح القوانين ناهيك عن ممارسة بعض الاختصاصات القضائية، واختصاصات أُخرى تتسع وتضيق من نظام سياسي برلماني لآخر ([16]). إضافة إلى أنه يعد الرئيس ملزمًا بتكليف مرشح الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة، وأصبح له حق حل البرلمان بعض دول الخليج، مثل الكويت واليمن، لديها أنظمة برلمانية متقدمة، بغض النظر عن رأي الحكومة في ذلك، وموريتانيا منحت الرئيس دورًا محوريًا في العمل الحكومي، وأصبح هو المتحكم بمصير الحكومة والبرلمان ([17]).
وأخيرًا تبدو مسألة منح أو حجب الصلاحيات عن رئيس الدولة في الـنـظـام البرلـمـانـي مسألة نسبية تختلف من دستور لآخر، ومن ثمَّ يبقى لرئيس الدولة أينما كانَ دورٌ وصلاحيات لا يمكن نكرانها، كما يترتب على إستخدام هذه الخاصية مسؤولية تقع على عاتق رئيس الدولة والحكومة.
ثانياً- ذاتية الـنـظـام البرلـمـانـي في لبنان:
يعتبر النظام السياسي والدستوري اللبناني مثالاً ممتازًا للأنظمة الليبرالية التي قلدت الأنظمة الدستورية الغربية لكنها لم تأخذ في الاعتبار البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ([18])، إذ لا يتضمن الدستور اللبناني نصوصاً تحرم تعديل بعض أحكامه بشكل دائم، أو تحرم تعديل أحكامه خلال فترة زمنية محددة. ويستنتج من ذلك، أن جميع أحكامه قابلة للتعديل في كل وقت وفق الإجراءات المنصوص عليها، وقد تعرض الدستور فعلاً، منذ صدوره، للعديد من التعديلات، وعلّق العمل به مرتين خلال عهد الانتداب (الأول من العام 1932 إلى 1937، والثاني من 1939 إلى 1943) وجميع التعديلات تمت بموجب قوانين دستورية “باستثناء التعديل الثالث”، وصدرت في عهد الاستقلال.
وكان أهم تعديل في 9/11/1943م خلال معركة الاستقلال، وكان الغرض منه تحرير الدستور من رواسب الانتداب أي إلغاء النصوص الدستورية المتعلقة بنظام الانتداب وعصبة الأمم، وتكريس استقلال لبنان والتعديل الدستوري الكبير في 21/9/1990، والهدف منه إدخال تعديلات جذرية على بعض الصلاحيات واستحداث مؤسسات دستورية جديدة ([19]).
فالنظام السياسي اللبناني احتفظ وفقًا لأسس الديمقراطية البرلمانية التقليدية، التي تفصل بين السلطات وتعتمد على انتخابات عامة مباشرة مع مساءلة الحكومة أمام البرلمان، فإن الحكومة هي السلطة الفعلية في البلاد. يأتي ذلك بعد سحب السلطات الواسعة التي كان يتمتع بها رئيس الجمهورية في السابق، على النحو المنصوص عليه في دستور الطائف لعام 1990([20]).
حتى حل البرلمان أصبح بحاجة إلى موافقة الحكومة كما أن استخدامه يفترض توفر أوضاع نادراً ما تتحقق ([21])، هذا يعني أنه إذا لم يجتمع مجلس النواب لأي أسباب بخلاف حدث غير متوقع خلال السنوات العشر الأولى، وخلال عقدين إضافيين مدة كل منهما شهرًا على الأقل، أو إذا تمت إعادة الميزانية بالكامل مع نية فك ارتباط الحكومة بالعمل، فلهم الحق في حل المجلس لا يمكن استخدام هذا الحق مرة ثانية لنفس أسباب استخدامه في المرة الأولى ([22]).
كذلك يحق لرئيس الدولة اللبناني الطلب من الحكومة حل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية لمرة واحدة في ضوء إعادة النظر بمشروع تعديل الدستور الذي قدمته الحكومة في حال لم يوافق المجلس على المشروع للمرة الثانية ([23])، ومن ثم يتبين أن نظام الحكم في لبنان يقوم على أساس النظام الجمهوري الديمقراطي النيابي والطائفي والبرلماني في إطار دولة موحدة.
إذ يتجسد النظام الديمقراطي النيابي أو التمثيلي كشكل للديمقراطية يقوم فيه المواطن بإعطاء وكالة للبعض منهم- بشكل أساسي عن طريق الانتخاب- لكي يمارس السلطة باسمهم ونيابة واستقلال عنهم. والهيئة النابعة عن الانتخاب، والموصوفة بالبرلمان، تتمثل فيها إرادة الشعب الذي ينتخبها، وتعد الأداة المحركة بالديمقراطية النيابية التي توصف أيضاً، بسبب دور البرلمان فيها، الديمقراطية البرلمانية ([24]).
وقد عمل الدستور اللبناني على تقرير أركان النظام النيابي، فيوجد برلمان منتخب يتمتع بسلطات فعلية وحقيقية في شؤون الحكم، فتناولت المادة (16) من هذا الدستور على: “مجلس النواب هو الهيئة الوحيدة التي تتولى السلطة التشريعية، وهو يتألف من نواب منتخبين من الشعب المادة (24)، ويتمتع باختصاصات هامة في الميدان التشريعي والتأسيسي والمالي والانتخابي والسياسي والقضائي والتنظيمي الداخلي”([25]).
إذ تظهر الصفة البرلمانية بالنظام اللبناني في القواعد والمبادئ التي يتميز بها الـنـظـام البرلـمـانـي في العالم. يعتمد هذا النظام على أساسين، الأول هو ازدواجية السلطة التنفيذية أو تكرار الهيئة التنفيذية. والثاني هو تقسيم السلطات بدرجة من التعاون والمراقبة المتبادلة ([26]).
حيث إن مع السلطة التنفيذية المزدوجة، هناك رئيسان: رئيس الدولة ورئيس الحكومة. الأول ليس مسؤولاً بينما الثاني مسؤول أمام وزارته والبرلمان. لا تكون قرارات رئيس الجمهورية ملزمة قانوناً إلا بتوقيع رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص. قبل تعديلات عام 1990، كانت السلطة التنفيذية في لبنان منوطة برئيس الجمهورية الذي تولىها بمساعدة الوزراء.، ولكنها أصبحت، بعد التعديلات، تناط بمجلس الوزراء.
ومن ثمّ إن الفصل بين السلطتين في لبنان ليس فصلاً مطلقاً، وإنما هو فصل مرن لا يخلوا من روح التعاون فالسلطة التشريعية تتدخل في عمل السلطة الأخرى بما لها من حق الموافقة على الموازنة، ومن حقها التصديق على المعاهدات، ومن حقها توجيه الأسئلة والاستجوابات إلى الوزراء، وحجب الثقة عنهم، والسلطة التنفيذية تتدخل في عمل السلطة الأخرى بما لها من حق دعوة البرلمان إلى الانعقاد ومن حق اقتراح القوانين والتصديق عليها ونشرها. والتعاون بين السلطتين لا يحول دون وجود قدر من الرقابة المتبادلة بينهما، فالسلطة التشريعية حق مراقبة الحكومة، وللحكومة حق في حل البرلمان.
ويمكننا القول أن لبنان قائم على ثنائية التعاون بين رئــيس الــجمهوريــة والحكومة من جهة ومجلس النواب من جهة أخرى، إذ أن الحكومة أصبح لها الحق بعد تعديل الدستور لعام 1990 في حل البرلمان، كما أنيط بالبرلمان حق الرقابة على أعمال الحكومة، ومن خلال الدستور اللبناني النافذ يتضح لنا أَنَّ هذا النظام هو نظام جمهوري، نيابي، برلماني، ديمقراطي، ليبرالي، طائفي (مذهبي).
1-نظام جمهوري: فقد تناولت المادَّة (101) على “ابتداءً من أوّل أيلول 1926 تدعى دولة لبنان الكبير الجمهورية اللبنانية دون أي تبديل أو تعديل آخر”([27])، ونص البند (ج) من مقدمة الدستور على أَنَّ “لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية تقوم على احترام الحريات العامة…”، ويأتي لبنان في مقدمة الدول التي اعتمدت النظام الجمهوري ([28]).
2- نظام نيابي: الدستور اللبناني قد أَخذ بجوهر النظام النيابي؛ أي بنظام الديمقراطية غير المباشرة، ومظاهر هذا النظام تتجلى في العناصر الآتية:
أ. وجود برلمان منتخب من الشعب، وتتولى السلطة المتشرعة هيأة واحدة هي مجلس النواب ([29]).
ب. تمتع البرلمان باختصاصات لإصدار التشريعات، ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية ([30]).
ج. تحديد مُدّة العضوية في البرلمان؛ فالنائب ينتخب لأربع سنوات ([31])، وعدد النواب اليوم (128) نائبًا.
د. تمثيل النائب للأمة بأسرها، إذ عَدَّ الدستور “أَنَّ عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء”([32]).
ه. استقلال البرلمان عن الناخبين، وهذا المبدأ يعني أَنَّ البرلمان مستقل في أداء مهماته عن الشعب، وأَنَّه لا يجوز للشعب المشاركة مباشرة في ممارسة الحكم.
3- نظام برلماني: فالصفة البرلمانية تظهر في القواعد والمبادئ التي يمتاز بها الـنـظـام البرلـمـانـي في العالم، إذ يقوم هذا النظام على دعامتين أساسيتين، تتمثل الأولى في ثنائية السلطة التنفيذية، وتتمثل الثَّانية في وجود قدر من التعاون، والحفاظ على التوازن وضبط الرقابة المتبادل ([33]).
4- نظام ديمقراطي ليبرالي: تظهر المميزات الأساسيّة لهذا النظام في النص على مبدأ عدم تدخل الدولة في شؤون الأفراد الخاصة، والعمل بنظام الاقتصاد الحر الذي يكفل المبادئ الفردية والملكية الخاصة، واحترام مجموعة من الحريات العامة والحقوق الفردية التقليدية.
5- نظام طائفي (أو مذهبي): عملت الدولة العثمانية على إرساء قواعد الطائفية في لبنان؛ فلقد تَمَّ في عام 1842 تقسيم جبل لبنان على قسمين (قائمقاميتين) أَحدهما للمسيحيين في الشمال حكمه قائم مقام مسيحي، والثَّاني للدروز في الجنوب حكمه قائم مقام درزي، وعندما ولدت الدولة اللبنانية في العام 1920 كانت الطائفية قد أضحت ركيزة أساسية للحكم، وجاء دستور عام 1926 يكرسها في المادَّة (95) “بصورة مؤقتة، والتماسًا للعدل والوفاق”، وأصبح المؤقت دائمًا بعد أَنْ صدرت قوانين وتوطدت أعراف أقرت مبدأ الطائفية السياسية، كقانون الانتخاب الذي وزع المقاعد على مختلف المذاهب، والعرف المتبع في توزيع الرئاسات الثلاث.
ومع صدور التعديلات الدستورية عُدّلت المادَّة (95) أوكل مجلس النواب الذي انتخب بنفس العدد من المسلمين والمسيحيين، والذي أصبح هو المسؤول عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الطائفية السياسية وفق خطة مؤقتة ومع ذلك، غير أَنَّ المادَّة وجدت من الأصلح في الحقبة الانتقالية تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الحكومة، وإنهاء حكم التمثيل الطائفي، وعدم وجود عدد كبير من الأشخاص في المناصب العامة إلا بالقدر المطلوب. وساهم ذلك في استمرار الطائفية والمحاصصة ([34]).
المؤثرات الفاعلة في منصب رئــيس الــجمهوريــة في لبنان
لم تكن الحياة السياسية والدستورية في لبنان ترجمة صادقة لأحكام الدستور على النحو المطلوب، بل اتجهت إِلى مسارات مختلفة أخرجت الدستور من كونه تنظيم للعلاقة بين القائمين على إدارة المؤسسات الدستورية وبينهم وبين أفراد المجتمع في كل المستويات، مما أخل بأهم ركن من أركان بناء دولة القانون والمؤسسات، ونتج عن ذلك مشكلات عِدَّة أعاقت نمو الدولة وعرقلت تطورها، بل كانت هناك انتكاسات وأزمات دستورية وسياسية جمة تقف في مقدمتها (أزمة رئاسة الجمهورية).
بناءً عليه سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين، الفرع الأَوّل: أَثر المعطيات الداخلية والخارجية في تولية رئــيس الــجمهوريــة ودوره في لبنان، أما في الفرع الثاني فسندرس العوامل المؤثرة في دور رئيس الجمهورية.
العوامل المؤثرة في تولي رئيس الجمهورية
تُعدُّ رئاسة الجمهورية في نظر اللبنانيين موضوعًا مهمًا، نظرًا لما يشكله من رمزية سيادية، وما يتمتع به من مكانة يمكن أن يسهم في ضبط التوازن المؤسساتي والسياسي، فضلًا عن التوازن الاجتماعي، لذا فأن هذا المنصب يبقى دائمًا بحاجة إِلى توافق وطني أولًا، وتوافق عربي ودولي ثانيًا، وعلى وفق ذلك سنتناول في هذا المطلب المعطيات التي تؤثر في تولية رئــيس الــجمهوريــة ودوره كما يلي:
أولًا: المعطيات الداخلية: هناك عدة متغيرات داخلية تؤثر على رئاسة رئيس الجمهورية، منها الطائفية، وانقسام المسيحيين، والآليات الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تكون هناك اختلافات بين القوى السياسية التي تهيمن على البرلمان:
1-الطائفية: تعد الطائفية بمثابة العامل الأبرز في النظام السياسي في لبنان([35])، وقد ترسخت في ظل تبني ما يسمى بنظام الديمقراطية التوافقية ([36])، الذي يضمن تحقيق التوازن بين مكونات الشعب اللبناني الرئيسة من خلال مشاركتها بشكل فاعل في بناء مؤسسات الدولة وإدارتها، والطائفية في لبنان تشمل تلك المسميات بل أكثر، فهي ظاهرة اجتماعية شاملة طالت جميع نواحي الحياة العامة والخاصة في هذا البلد، هذا الشمول يأتي من كونها ظاهرة تاريخية متأصلة في عادات الشعب، وتقاليده، ووعيه، وحتى لا وعيه بمعظم فئاته، وجماعاته، وأفراده.
وأصبحت الطائفية تستغل العقيدة الدّينية التي تمثل قيمًا، ومبادئ، ومنظومة أخلاق في صراع أصحاب الطوائف وتنافسهم على مزيد من المكاسب والحصص في اللعبة السياسية، وأصبح الانتماء الطائفي أو المذهبي في لبنان هو الأساس الإيديولوجي وعامل الاستقطاب للأحزاب بكل أطيافها، وتحولت المؤسسات عن دورها في التعبير عن الإرادة الشعبية الجامعة إِلى مظهر من مظاهر التنظيم الطائفي ([37]).
كما ولدت الطائفية شعورًا لدى كل طائفة بالخطر من الطوائف ما لم تكن هي المهيمنة على الساحة السياسية والاجتماعية، وأصبح ذلك من المرتكزات الَّتِي يرتكز عليها النظام اللبناني؛ مِمَّا ولد ظهور عدة مشكلات وأزمات داخل النظام ([38])، وارتبطت الطائفية في لبنان بمشكلات بناء الدولة الحديثة من جهة وبالمشاريع الإقليمية والدولية التي أثرت سلبًا في أَمن لبنان واستقراره، إذ أصبحت الدولة اللبنانية عاجزة عن مجابهة تلك المشاريع.
حيث أِنَّ الطائفية في لبنان أنتجت ما يسمى بـ (اللاشعور السياسي)، ويقصد به التركيز على الذات والبحث عن المصالح الذاتية، أي عبارة عن بنية قوامها علاقات مادية تمارس على الأفراد والجماعات ضغطًا لا يقاوم، علاقات من نوع العلاقات العشائرية والقبلية، والعلاقات الطائفية، والمذهبية، والحزبية الضيقة التي تستمد قوتها المادية الضاغطة مِمَّا تقيمه من ترابطات وعلاقات قائمة على التعصب الطائفي والطموح للحصول على مغانم ومصالح خاصة بهم ([39]).
لذا ظهرت أزمات وإشكاليات عِدَّة في النظام السياسي اللبناني، ومنها أزمة الرئاسة اللبنانية والفراغ السياسي، والمعلوم أَنَّ الدستور اللبناني قد عدل بموجب اتفاق الطائف وقلص صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن هذا التعديل قد جرّ الويلات على الدولة والمجتمع اللبنانيين؛ لأَنَّهُ عدل بغية تحقيق مكاسب طائفية على حساب طوائف أُخرى، وكرس أنموذجًا في الحكم الطائفي متناقضًا كليًا مع نظام الديمقراطية التوافقية ([40])، وهو نظام مرادف لما يسمى بنظام (الترويكا) ([41]).
إذاً فالخلاف القائم في المجتمع هو خلاف بسبب شكل الممارسة السياسية التي اعتمدت الطائفية في جذور بناها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية… إلى غير ذلك، والطائفية السياسية المطبقة في لبنان منذ عهد القائم مقاميتين([42])، وصولًا إِلى عهد الاستقلال، مرورًا بعهدي المتصرفية والانتداب ([43])، مما حال دون بناء دولة حديثة بكل ما تعنيه هذه العبارة من مؤسسات وتشريعات تعزز الولاء الوطني وترسخ التعايش والتماسك الاجتماعي والثقافي بين اللبنانيين، وشكلت السبب الرئيس للحرب الأهلية عام 1975، وقادت إِلى مخاطر جدية هددت المجتمع اللبناني بالتفكك والانحلال بعد أَنْ شلت مؤسسات الدولة ([44]).
مِمَّا تقدّم يتضح أَنَّ الطائفية في لبنان هي العنصر الرئيس الذي يحكم المنظومة السياسية، وأَنَّ رئــيس الــجمهوريــة منتخب على أساس طائفي، وأَنَّه كما ذكرنا في السابق أَنَّ الرئيس يجب أَنْ يكون من الطائفة المسيحية المارونية، بعد استقالة الرئيس إميل لحود وانتخاب ميشيل سليمان فقد احتاج لبنان إلى كُلّ أقطاب العالم ليستطيع أَنْ ينتخب رئيس جديد.
2. انقسام المسيحيين:
لما كان هذا المنصب – على وفق مبدأ التوافقية (المحاصصة الطائفية)- من حصة المسيحيين، وبفعل تشتتهم وغياب التنسيق فيما بينهم وطغيان المصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة، مِمَّا جعلهم عاجزين عن تزكية أَحدهم لرئاسة الجمهورية شأنهم شأن الطائفتين السنية والشيعية، متناسين حرص الأجيال الأولى من المسيحيين طوال العقود الماضية في الدفاع الدائم عن استقلال لبنان وسيادته، والحصول على هذا الدور المميز، ولم يؤثر هذا الواقع في تولية الرئيس فحسب، بل أَنَّ استمراره سيعرض المسيحيين أنفسهم إِلى فقدان دورهم في لبنان بل قد يطال هذا الأمر الوجود المسيحي برمته ([45]).
3. آليات الانتخاب:
اتساقًا مع ما تقدم ذكره فأن الآليات التي تم اعتمادها في ترشيح وانتخاب رئــيس الــجمهوريــة في لبنان لا تراعي البتة ترشيح الأشخاص الأفضل تمثيلًا والأكثر كفاءة، ومن ثَمَّ يتم حصر العملية ببضعة سياسيين دون غيرهم، وهذا يؤدي إلى تقليص إرادة الشعب إلى شخص لا يجسد هذه الإرادة، ولا حتى بشكل غير مباشر من خلال انتخابه من قبل النواب في البرلمان، ولكنه أيضًا لا يمثل الطائفة التي تم تخصيص هذا المنصب لها ([46]).
4.الخلافات المحتدمة بين القوى السياسية:
منذ تشكيل الدولة الحديثة، شهد لبنان خلافات محتدمة بين أقوى القوى السياسية، الأمر الذي امتد ليطال البرلمان الذي يتولى مهمة انتخاب رئيس الجمهورية، وبفعل الأنانية والعناد السياسي الذي تغلب على تفكير وسلوك تلك القوى فأنها تضع دائمًا العراقيل لتعطيل عمل البرلمان، الأمر الذي لم ينعكس سلبًا على عملية انتخاب رئــيس الــجمهوريــة فحسب، بل أثر – على وجه الإجمال- في أَمن لبنان واستقراره ([47]).
ثانياً: المعطيات الخارجية:
تمثل لبنان حالة نموذجية للدول العربيّة المرتبطة عضويًا بالخارج، إذ تمتد جذور هذا الارتباط إلى الفكرة الأساسيّة التي تستند عليها الدولة اللبنانية بدءًا منذ نشأتها وحتى الآن؛ فقوام الدولة اللبنانية وجوهرها ليس سوى انعكاس لعوامل خارجية وجدت صدًى قويًا لها في النسيج اللبناني الداخلي لدرجة أَنَّ التباينات بين القوى الخارجية المعنية بهذا البلد- الدولية والإقليمية- أسهمت بشكل فاعل في توسيع شقة الخلافات بين القوى اللبنانية ذاتها، ولا ترتبط هذه المشكلة بقوى لبنانية بعينها بل يشملها كلها دونما استثناء، ومن المفارقات التي نجمت عن هذه الظاهرة أنه في الوقت الذي أضحى تأثير القوى الخارجية سببًا رئيسًا وراء الكثير من أزمات لبنان، فقد كانَ هو أَيْضًا العامل الأكثر تأثيرًا باتجاه بقاء الدولة اللبنانية والحفاظ عليها ([48]).
وبالمحصلة تتصدر لبنان قائمة الدول العربيّة التي لها ارتباطات عضوية وثيقة مع الخارج وفي مقدمتها الدول الأوروبية، ولاعتبارات عديدة: تاريخية وجغرافية وسياسية ودينية وثقافية وما إلى ذلك، الأمر الذي أثر بشكل ملحوظ في سلوك صناع القرار فيها، ومن ثم كان لهذا الأمر تأثير على الإطار البنيوي والوظيفي لمؤسسات الدولة إلى الحد الذي كان على الدوام يسهم في توجيه مسار تلك المؤسسات بما يفضي إلى تحقيق مصالح وأهداف تلك الدول.
ولأهمية الدور والمكانة التي يمكن أن يضطلع بها رئــيس الــجمهوريــة في لبنان، كان تدخل القوى الخارجية – الدولية منها والإقليمية- هو أحد أهم المعطيات التي ساهمت باستمرار ليس في فقط في خلق الأزمات الرئاسية التي تتعلق باختيار رئــيس الــجمهوريــة بل كانَ لتلك القوى دور كبير في تفاقم الأزمة وتأزيمها؛ أما بصورة مباشرة بل وسافرة أو بصورة غير مباشرة عن طريق الوكلاء – الحلفاء- المحليين من القوى السياسية الفاعلة في الساحة السياسية اللبنانية، وعلى سبيل المثال كانَ وصول (كميل شمعون) إِلى سدة الرئاسة عام 1952نتيجة لأسباب خارجية وأهمها تدخل السفارة البريطانية بشكل حاسم لإقناع النواب بالتصويت لصالحه ([49])، وكذلك رفضه تسليم السلطة على الرغم من انتهاء مُدّة رئاسته عام 1958 لأسباب خارجية؛ فقد استعان (شمعون) بالولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل تحركت الغواصات والبوارج الأمريكية باتجاه لبنان بناءً على طلبه .
كذلك بالعودة إِلى الفراغ الدستوري في موقع رئاسة الجمهورية في عام 1988 الناجم عن عدم التمكن من انتخاب خلف للرئيس أمين الجميل، فقد جاءت مواقف الدول ذات التأثير في الصراع السياسي والعسكري الدائر في تلك المرحلة في لبنان لتزيد الأمور تعقيدًا، فتوزعت مواقف دول العالم في التعامل مع الحكومتين، وعلى سبيل المثال قاطعت سوريا حكومة (ميشيل عون) وأيدت حكومة (سليم الحص)، وعلى العكس من ذلك أيد العراق الأول وقاطع الأخير، وأسهم هذا الموقف الإقليمي المتباين في تأجيج الخلاف القائم بين القوى المحلية ([50]).
وعلى وجه الجملة مازال تأثير العوامل الخارجية يفعل فعله في لبنان، وهذا ما لاحظناه عند البحث في الأسباب التي تؤثر في عملية انتخاب رئيس الجمهورية، وعلى وفق ذلك مازالت لبنان ضحية صراع المحاور الدولية والإقليمية، وينتظر دائمًا نجاح وتسويات من الخارج من الناحية العربيّة (سوريا والسعودية)، أو الإقليمية (سوريا، وإيران، وتركيا)، أو الدولية (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا)، ودائمًا ما تكون هذه التسويات مجرد مسكنات لا تحل المشكلة من أساسها؛ ذلك لأَنَّ كُلّ دولة عربية أو غير عربية لها مشكلاتها العالقة أو المستعصية، ومن لا يقدر على حل مشكلته لن يحل مشكلة سواه، بل يرجئها أو يعمل على تعقيدها ([51]).
وفي ضوء ذلك يبدو أَنَّ رئاسة الجمهورية كسائر بنيان النظام السياسي في لبنان ما زالت تعاني بشدة من تداعيات الساحة العربيّة وظروفها، والخروج ببنية حديثة تساير متطلبات وأوضاع الوقت الحاضر.
من هنا نرى أن موضوع انتخاب رئــيس الــجمهوريــة في لبنان لا يتعلق فقط بالجوانب الدستورية، والنصاب القانوني اللازم لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والظروف الداخلية والخارجية وغني عن أعمق من ذلك بكثير إنها مسألة ثقة بين الأحزاب السياسية ومشكلة الثقافة والمصداقية والتعاون.
العوامل المؤثرة في دور رئيس الجمهورية
إن الدور الهام الذي يلعبه منصب رئاسة الجمهورية في النظام اللبناني يأتي مع عدد من الأسباب والمفاعيل التي تلعب دوراً هاماً في فاعليته وقدرته على أداء المهام الموكلة إليه، ونبحث في هذه العوامل كما يلي:
أوّلًا: المعطيات الداخلية: يتمتع رئــيس الــجمهوريــة اللبناني بمكانة بالغة الأهمية في الحياة السياسية اللبنانية، بصفته أولًا الشخص الأول الذي يقف على رأس السلطة التنفيذية، كما يسيطر من الناحية العملية على السلطة التشريعية بوسائل مختلفة، وبفعل هذه المكانة ذاتها شكل أحد أسباب الخلل في النظام السياسي اللبناني برمته، ويضاف إِلى هذا الخلل الانتقاد المستمر لَهُ لجهة حصر هذا الموقع بالطائفة المارونية.
وبين حاجة السلطة المنتدبة وحرص المسيحيين في الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية، وبين مؤيدي نشأة الكيان اللبناني ومعارضيه تداخلت وتفاعلت الكثير من المعطيات لتلقي بظلالها على دور رئــيس الــجمهوريــة اللبناني الذي أنيط به في ظل دستور عام 1926م، وقد أسهمت في تعزيز هذه الفكرة، التجربة التي عاشتها سلطة الانتداب مع بداية انتدابها على لبنان مرورًا بمرحلة إنشاء دولة لبنان الكبير وصولًا إِلى إقرار الدستور اللبناني المذكور؛ إذ كانَ الحاكم الفرنسي يتولى منفردًا إدارة هذا الكيان؛ فجاءت فكرة حصر ممارسة السلطة التنفيذية برئــيس الــجمهوريــة مبنية على هذه المعطيات؛ مِمَّا حدا بسلطة الانتداب إِلى نقل هذه الصلاحيات من الحاكم الفرنسي إِلى الرئيس اللبناني، وبعدما اقتبستها عن دساتير عِدَّة لأجل تحقيق الغاية التي سعت إليها راحت تعدّل في هذا الدستور مرة بعد مرة كلما واجهها واقع سياسي جديد من شأنه أَنْ يضع العراقيل أمام فرض هيمنتها على سائر السلطات الدستورية كسلطة وصاية عليها([52]).
ومما لاريب فيه أَنَّ خصائص رئــيس الــجمهوريــة بموجب دستور 1926م، تكفي وحدها للقول برجحان كفة السلطة التنفيذية لصالح رئيس الجمهورية، كما أَنَّ التعديلات الدستورية لعامي 1927 و 1929 جاءت لتقلل من دور الحكومة – رئيسًا وأعضاءً- بشكل كبير، كما نالت ما نالت من دور السلطة التشريعية، وقال الدكتور (إدمون رباط) في هذا المجال: “إِنَّ دور رئــيس الــجمهوريــة قد تضخم هنا – أي بعد التعديلين المذكورين- تضخمًا كبيرًا جعله السَيِّد الفعلي للبنان وحكومته؛ وذلك نظرًا لوقوع البلاد تحت الانتداب، ونظرًا للعقلية السائدة بين أبنائها وللطابع الطائفي الذي يطبع دولتها” ([53]).
وعن أسباب التعديلات يقول رباط: “إِنَّ سلطة الانتداب فرضت إعادة النظر في الدستور فرضًا، وأدت هذه التعديلات منذ ذلك الحين إِلى جعل البرلمان خاضعًا لرئيس الجمهورية، ولاسيَّما بعدما تَمَّ دمج المجلسين (الشيوخ والنواب) في مجلس واحد، ومن خلال صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجلس النواب ومنع المجلس من مناقشة الموازنة لجهة إقرار زيادة الاعتمادات المقترحة وإعطاء الرئيس الحق في أَنْ يصدر مرسوم عَدَّ الموازنة نافذة المفعول في حال عدم بتها من قبل مجلس النواب قبل 31/ كانون الثَّاني من كُلّ سنة.
فضلًا عن الصلاحية المعطاة للرئيس بموجب المادَّة 58 من الدستور”، كُلّ هذه الأسباب ولاسِيَّمَا التعديلات الدستورية المذكورة أعلاه جعلت الرئيس الحاكم الفعلي للدولة اللبنانية؛ إذ شاءت سلطة الانتداب أَنْ تتعامل مع شخص بدلًا من التعاطي مع مؤسسة تنفيذية مؤلفة من مجموعة أشخاص فكان الرئيس بالصلاحيات الممنوحة لَهُ أَنْ حل فعليًا محل الحاكم الفرنسي بعد إصدار الدستور.
إِنَّ هذا الكم من الصلاحيات لرئــيس الــجمهوريــة مرده إِلى الخلفية الطائفية لرئيس الجمهورية؛ إذ لو تقرر مبدأ انتخاب رئــيس الــجمهوريــة عن طريق الشعب مع حرية الترشيح لربما ظفر غير ماروني برئاسة الجمهورية؛ نظرًا لكبر قاعدة هؤلاء الناخبين ([54]).
خلاصة القول إِنَّ تقوية دور رئــيس الــجمهوريــة من خلال الصلاحيات الممنوحة لَهُ تدخل ضمن إطار إعطاء المسيحيين الضمانة من عدم الذوبان في العالم الإسلامي، وجاء الميثاق بما قرره ورسخه لجهة إعطاء الرئاسة للموارنة كبديل عن الضمانة التي كانت تؤمنها لهم السلطة المنتدبة ([55]).
وبحسب هذا الدستور يتولى السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية في ظل ضعف الحكومة والبرلمان معا. ساهم سوء استخدام السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى الخلل الأصلي في دستور عام 1926، في زيادة الشعور بالظلم لدى إحدى المجموعتين اللبنانيتين.، وإِنَّ شيئًا ما في ممارسة الحكم على مستوى الرئاسة الأولى منذ الاستقلال وحتى بداية الحرب أسهم في تركيز المطالب وتوجيه الانتقادات نحو رئاسة الجمهورية أكثر من غيرها بكثير، ففضلًا عن ما انتهت إليه عهود كُلّ من الرؤساء بشارة الخوري، وكميل شمعون، وسليمان فرنجيه، فإِنَّ رئيس فؤاد شهاب حاول الاستقالة عام 1960م وكذلك فعل الرئيس شار الحلو عام 1968م، والرئيس إلياس سركيس في أثناء الحرب الأهلية ([56]).
وقد أدت الصلاحيات الكبيرة الممنوحة لرئــيس الــجمهوريــة إِلى أَنْ جعلته أقوى فريق في الصراع السياسي فهو يتجاوز أَحيانًا إرادة الشعب مصدر السلطات؛ إذ يمكن للشعب أَنْ يحاسب البرلمان لكنه لا يستطيع أَنْ يحاسب الرئيس، كما لا يمكن للبرلمان أَنْ يحاسبه أَيْضًا، وإذا ما عدنا إِلى الصراعات التي شهدتها لبنان بعد الاستقلال بين الحكومة والبرلمان نجد أَنَّ الرئيس كانَ محور هذا الصراع؛ فهو الحاكم، والآمر، والناهي، وأزمة حكومة (سامي الصلح) عام 1952 التي تلقت ضغوطًا كبيرةً من قبل مجلس النواب كانت نتيجة الضغوطات التي مارسها المجلس بإيحاء من الرئيس ما يظهر مدى سيطرة الرئيس على الحكومة والمجلس النيابي معًا ([57]).
أمام هذه الصلاحيات الواسعة لرئــيس الــجمهوريــة كانَ لابدّ من تعديلات دستورية تعطي للمجموعتين الأخريين اللتين تكملان أضلاع المثلث الذي يتألف منه الوطن، ولهما حق المشاركة في صنع القرار السياسي بشكلٍ متساوٍ وعادلٍ، ولكن هذه التعديلات لم تأتِ في ظل أجواء توافقية هادئة في البلاد، بل جاءت في ظل أحداث أليمة كادت أَنْ تؤدي إِلى زوال لبنان كدولة موحدة، لتبقيه بقعًا جغرافية منقسمة متناحرة يسود فيها كُلّ شيءٍ ما عدا احترام القانون ووحدة الدولة.
إنَّ الأسباب التي أدت إِلى تعديل الدستور اللبناني لعام 1926 باتجاه تحجيم دور رئــيس الــجمهوريــة منها ما هو دستوري ومنها ما هو سياسي، أَمّا الدستوري فقد تمثل في المشاكل التي نجمت عن تطبيق دستور عام 1926 المتمثلة في تطبيق الـنـظـام البرلـمـانـي بصورة مشوهة، والإيحاء بأَنَّ النظام المطبق في لبنان هو يقترب من النظام الفرنسي الديغولي الذي يمنح الرئيس صلاحيات تفوق صلاحيات قرينه في النظام الرئاسي ولاسيَّما عند تطبيق المادتين 17 و 53 من الدستور اللتين جعلتا الرئيس الحاكم المطلق؛ فكان هو صاحب السلطة التنفيذية يعاونه في ذلك الوزراء؛ أي أَنَّهم مجرد معاونين لَهُ؛ فهو يعيينهم ويقيلهم ساعة ما يشاء بمن فيهم رئيسهم، كذلك من الأسباب الدستورية عدم مشاركة الجميع في الحكم؛ لتفرد الرئيس به؛ وكل ذلك خروج عن تقاليد وخصائص الـنـظـام البرلـمـانـي الذي يوصف بأَنَّهُ نظام تمثيلي، كونه يعكس الإرادة الشعبية – بكل أطيافها – في بناء وإدارة مؤسسات الدولة بشكل حقيقي وفاعل([58]).
أَمّا فيما يتصل بالأسباب السياسية التي أدت إِلى تعديل الدستور اللبناني لعام 1926 باتجاه تحجيم دور رئــيس الــجمهوريــة وإعادة الـنـظـام البرلـمـانـي إِلى وضعه الطبيعي الذي يعكس طبيعة النظام السياسي في لبنان منها شعور المسلمين بالغبن؛ ذلك أَنَّ فكرة مشاركة المسلمين في الحكم لا تعني فقط تحقيق العدالة والمساواة في التمثيل السياسي فقط، ولكن الأهم المشاركة في صنع القرار السياسي وهو المأزق الحقيقي والمشكلة الأساسيّة التي تقف في وجه كُلّ إصلاح.
إِلى جانب شعور المسلمين بالغبن على الصعيد السياسي؛ بسبب عدم مشاركتهم في صنع القرار السياسي؛ فقد برز لديهم أَيْضًا شعور بالحرمان على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؛ إذ بالرغم من إمكانيات الدولة المحددة فإِنَّ جهودها تركزت على تطوير العاصمة وبعض مناطق جبل لبنان على حساب تطوير سائر المناطق التي تضم مسلمين ومسيحيين؛ مِمَّا أدى إِلى نزوح كبير في العاصمة؛ فأصبحت ضواحي بيروت تسمى بحزام البؤس وازدادت البطالة، كما نتج عن سوء تنمية هذا المجتمع بطريقة عادلة وجود أكثرية مسلمة تعيش الفقر والحرمان؛ الأمر الذي جعلها تشعر بتخلفها، وساعد على تنامي هذا الشعور تزايد دور الأحزاب اليسارية التي تبنت النظرية الاشتراكية في بعض الدول العربيّة المجاورة ([59]). أمّا من الناحية الاجتماعية وهي المشكلة الأساسيّة في لبنان ومعالجتها تستدعي أَنْ يكون هنالك توازن اجتماعي وهو الذي يقود إِلى التوازن السياسي ([60])، وعد بعض الدارسين أَنَّ المشكلة الاجتماعية، وهي متداخلة مع المشكلة الاقتصادية ولا يجوز معالجتهما من منظور إسلامي؛ لأَنَّ هذا الأمر يسهم في تقسيم اللبنانيين.
كما كانَ للحرب اللبنانية تأثيراتها في التعديلات التي طرأت على الدستور عام 1990 وكانت أيضًا باتجاه تحجيم دور رئــيس الــجمهوريــة وكبح السلطة المطلقة لَهُ وعقلنة الأداء الرئاسي ([61])، ومن الجدير بالذكر أَنَّ الأسباب التي تقف وراء الحرب اللبنانية – التي انطلقت شرارتها من عين الرمانة في 13 نيسان من العام 1975- هي خليط من الأسباب السياسية، والدستورية، والاجتماعية، والاقتصادية التي تَمَّ التكلم عنها سابقًا، والمتفاعلة مع الظروف المحيطة في الدولة اللبنانية.
ثانياً: المعطيات الخارجية:
لما كانت الدولة اللبنانية مرتبطة ارتباطًا عضويًا بالخارج- كما أسلفنا القول- لذا كان هذا الارتباط سببًا رئيسًا وراء الكثير من أزمات هذا البلد، إلى الحد الذي أعاقت التدخلات الخارجية قيام مؤسسات دولة قوية ومستقلة، وكان لمنصب رئاسة الجمهورية النصيب الأكبر من هذه التدخلات.
كما وضحنا سابقًا كيف جرت عملية صياغة دستور عام 1926 النافذ، وكيف دفعت السلطة الفرنسية المنتدبة – التي كان الرئيس آنذاك تحت وصايتها المباشرة – باتجاه منح رئــيس الــجمهوريــة سلطات واسعة ليس فقط عبر إناطة السلطة التنفيذية به، بل رجحت مكانته على حساب البرلمان أيضًا، وذلك لكي تستطيع من خلاله إحكام سيطرتها على شؤون الدولة برمتها، وكانَ ذلك أحد أهم الأسباب التي أدت إِلى تفجير الصراعات السياسية في لبنان، ففي اليوم الخامس والعشرون من شهر آيار من العام 1926 عين المفوض السامي الفرنسي على وفق المادَّة (98) من الدستور أعضاء مجلس الشيوخ الستة عشر، وفي اليوم السادس والعشرون من شهر أيار اجتمع المجلسان (بعد أَنْ تحول المجلس التمثيلي إِلى مجلس نيابي) واعدا انتخاب (شارل دَبَّاس) رئيسا للجمهورية لمدة ثلاث سنوات و دباس اصر على اضافة فقرة مؤفته تنص على ان الرئيس الحالي من ولاية الستة سنوات ،اثناء ولايته عدل الدستور لتصبح ستة سنوات، الا ان رئيس ([62])، وهكذا جاءت أوّل عملية اختبار لتطبيق دستور عام 1926، وتوالت عمليات انتخاب أو تعيين رؤساء الجمهورية اللبنانية بتوجيه من إرادة سلطة الانتداب أو بتأثير منها، وبعد ذلك عين المفوض السامي (De Martel) في الثاني من شهر كانون الثَّاني من العام 1934 (حبيب بشا السعد) رئيسًا للجمهورية، وفي 20 كانون الثَّاني من العام 1936 انتخب (إميل أده ) رئيسًا للجمهورية، وفي مطلع العام 1941 عين المفوض السامي ) (F. Dentz)الفرد نقاش) رئيسًا للجمهورية، ثمَّ عين المفوض السامي (Cat roux) في الثامن عشر من شهر آذار عام 1943 (أيوب تابت) خلفًا للرئيس نقاش، ثمَّ استبدله في تموز من العام ذاته فعين (بترو طراد) الذي بقي حتّى الحادي والعشرون من شهر أيلول من العام 1943، إذ تَمَّ انتخاب (بشارة الخوري) رئيسًا للجمهورية الذي كان قد حظي بثقة اللبنانيين؛ نظرًا إِلى دوره الموصوف في معركة الاستقلال عن الانتداب الفرنسي على الرغم من التعاطف المسيحي مع الانتداب، ولكن تم اعتقال (الخوري) في الحادي عشر من شهر تشرين الثَّاني عام 1943، وعين (إميل أده) مكانه لمدة سنة تقريبا، إِلى أَنْ أفرج عن الرئيس (بشارة الخوري) بتأريخ الثاني والعشرين من شهر تشرين الثَّاني عام 1943، وهذا التأريخ أصبح تأريخ استقلال لبنان ([63])، وبالمحصلة كان كل أولئك الرؤساء مثابة أدوات لتنفيذ توجيهات إدارة الانتداب بلا تردد.
وبعد الاستقلال الذي شهدته الساحة السياسية اللبنانية تزايد دور القوى الخارجية: الدولية منها والإقليمية وبدرجات متفاوتة؛ إذ دعمت كل من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربيّة القضية اللبنانية؛ إذ باركتا مبادئ الميثاق الوطني التي أكدت على: (الاستقلال، والتعاون مع الدول العربيّة، وتعزيز أواصر الصداقة مع الدول الغربية)، واستمر تأثير الدول الغربية بشكل واضح على رئيس الجمهورية.
من المبادئ الراسخة في فقه القانون الدستوري أن الأنظمة السياسية والدستورية ما هي إلا انعكاس للظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة في المجتمع. وبدلاً من ذلك، أصبح هذا الأمر معطى في الوقت الحاضر، حيث تتحكم الظروف الاجتماعية والاقتصادية إلى حد كبير في الهياكل السياسية التي تمت صياغتها في الوثيقة الدستورية.، ومن ثم، فهي تحددها طبيعة النظام السياسي القائم في هذا البلد أو ذاك. من المبادئ السائدة في الأنظمة الديمقراطية أن السيادة ملك للشعب. ومع ذلك، فإن الشكل السائد لممارسة الديمقراطية هو الديمقراطية التمثيلية، التي تعهد بممارسة مظاهر السيادة إلى سلطات الدول الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والتي تُعهد بمهامها الإدارية إلى أشخاص منتخبين من قبل الشعب. بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك انتخاب رئيس الجمهورية.
وتوصلنا إلى الاستنتاجات والمقترحات الآتية:
أولاً_ الاستنتاجات:
- رئيس الجمهورية في النظام البرلماني غالبًا ما يُمارس دورًا رمزيًا وشرفيًا، بينما يُناط بالسلطة التنفيذية الفعلية رئيس الوزراء.
- الاختصاصات الممنوحة له دستوريًا تكون محدودة، وغالبًا ما يشترط ممارستها بموافقة أو اقتراح من الحكومة.
- يمكن لرئيس الجمهورية أن يلعب دورًا مهمًا في فترات الأزمات أو الجمود السياسي، خاصة في تعيين الحكومات أو حل البرلمان، مما يمنحه تأثيرًا غير مباشر.
- مدى تأثير رئيس الجمهورية يتوقف على عدة عوامل، من بينها شخصية الرئيس، التقاليد السياسية، وحدود النصوص الدستورية.
ثانياً_ التوصيات
- تعزيز وضوح النصوص الدستورية التي تنظم صلاحيات رئيس الجمهورية، لتجنب التأويلات المتناقضة في فترات الأزمات.
- ضمان حيادية رئيس الجمهورية وعدم انخراطه في الصراعات الحزبية، للحفاظ على مكانته كضامن لوحدة الدولة واستمرارية المؤسسات.
- مراجعة بعض الصلاحيات الشكلية التي قد تؤدي إلى ازدواج في المسؤوليات أو تعطيل للعمل الحكومي، في بعض السياقات.
- التأكيد على أهمية الثقافة الدستورية لدى النخب السياسية والمؤسسات لضمان احترام روح النظام البرلماني ومكانة كل سلطة.
قائمة المصادر والمراجع
أولاً_ الكتب
إدمون رباط، الوسيط في القانون الدستوري العام، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، بيروت، 2012.
- آرنت ليبهارت، الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد، ط1، ترجمة: حسني زينه، معهد الدراسات الاستراتيجية، 2006.
- أنطوان الحكيم، دولة لبنان الكبير، ولادة دستور لبنان عام 1926، منشورات الجامعة اللبنانية، مجموعة مؤلفين، 1999.
- البير فرحات، الأساطير المؤسسة للنظام اللبناني، دار الفارابي، بيروت، لبنان، 2010.
- ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطوّر الأنظمة الدستورية في مصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.
- حازم صادق، سلطة رئيس الدولة بين النظامين البرلماني والرئاسي، دراسة مقارنة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 2013.
- حَسّان شفيق العاني، الأنظمة السياسية والدستورية المقارنة، المكتبة القانونية، بغداد، 2007.
- خاموش عمر عبد الله، تأثير قوانين الطوارئ في حريات الافراد في الدساتير، دراسة مقارنة، مركز كوردستان الاستراتيجية، السليمانية، العراق، 2007.
- داود الصائغ، النظام اللبناني في ثوابته وتحولاته، دار النهار، 2000.
- رافع خضر صالح سبر، فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، 2016.
زهير شكر، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني نشأة ومسار النظام السياسي والدستوري المؤسسات الدستورية، دار المنهل، بيروت، 2019.
- سردار قادر محي الدِّين، الديمقراطية التوافقية في الدول النامية: دراسة تحليلية للحالة اللبنانية، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية، العراق، 2009.
- السيد صبري، حكومة الوزارة، المطبعة العالمية، القاهرة، 2001.
سيروان زهاوي، النظام البرلماني، دراسة مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015.
- صبري مُحَمَّد السنوسي، الدور السياسي للبرلمان في مصر، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 2005.
- طه حميد حسن، النظم السياسية الدستورية المعاصرة، أساسها ومكوناتها وتصنيفها، ط2، مكتب الغفران للطباعة، بغداد، 2015.
- عصام سليمان، الأنظمة البرلمانية بين النظرية والتطبيق، منشورات الحلبي، بيروت،2010.
- عصمت عبد الله الشيخ، النظم السياسية، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.
- علي حرب، ثورات القوى الناعمة في العالم العربيّ من المنظومة إِلى الشبكة، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2012.
- غسان الخالد، البدوقراطية قراءة سوسيولوجية في الديمقراطيات العربيّة، سلسلة اجتماعيات عربية (2) منتدى المعارف، بيروت، لبنان، 2012.
- غسان عيسى، العلاقات اللبنانية – السورية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، لبنان، 2007.
- فوزي زيدان، الدولة الرهينة، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2012.
- فوزي زيدان، زلزلة الدولة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2009.
- محسن خليل، الطائفية والنظام السياسي في لبنان، الدار الجامعية، مصر، 1992.
محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني واهم النظم السياسية المعاصرة في العالم، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018.
محمد سامر التركاوي، دور رئيس مجلس الوزراء في النظام النيابي البرلماني، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017.
- محمد طي، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2016.
- مُحَمَّد نصر مهنا، في النظم السياسية والدستورية، دراسة تطبيقية، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 2005.
- مُحَمَّد هاشم البطاط، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات، بغداد، العراق، 2015.
- مسعود ظاهر، الطائفية في الحرب اللبنانية أزمة نظام أم أزمة مجتمع، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000.
- موريس دوفرجية، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري، الأنظمة السياسية الكبرى، ترجمة: جورج سعد، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2004.
- نعمان أحمد الخطيب، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009.
- هناء صوفي عبد الحي، النظام السياسي والدستوري في لبنان، الطبعة الأولى، دار الكتب، 1994.
وسيم الأحمد، النظم الدستورية والسياسية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010.
ثانياً_ المجلات
- إبراهيم غالي، الرئاسة اللبنانية أزمة جديدة في صراع ممتد، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد (171)، القاهرة، 2008.
- سامح راشد، لبنان أزمة التشابك من الداخل والخارج، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد168، القاهرة، 2007.
- مُحَمَّد فؤاد مهنا، النظامان الرئاسي والبرلماني في دساتير الدول العربيّة، النظامان الرئاسي والبرلماني في دساتير الدول العربيّة، مجلة القضاء، نقابة المحامين في الجمهورية العراقيّة، العدد الرابع، السنة الرابعة والعشرون، 2004.
- نبيل هيثم، أسباب تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، صحيفة صدى الوطن، مشيغان، العدد1525، آيار 2015.
ثالثاً_ الدساتير
- الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل.
الهوامش:
-
() سيروان زهاوي، النظام البرلماني، دراسة مقارنة، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015، ص182. ↑
-
() موريس دوفرجية، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري، الأنظمة السياسية الكبرى، ترجمة: جورج سعد، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2004، ص205. ↑
-
() السيد صبري، حكومة الوزارة، المطبعة العالمية، القاهرة، 2001، ص37. ↑
-
() خاموش عمر عبد الله، تأثير قوانين الطوارئ في حريات الافراد في الدساتير، دراسة مقارنة، مركز كوردستان الاستراتيجية، السليمانية، العراق، 2007، ص82. ↑
-
() محمد طي، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2016، ص 191. ↑
-
() طه حميد حسن، النظم السياسية الدستورية المعاصرة، أساسها ومكوناتها وتصنيفها، ط2، مكتب الغفران للطباعة، بغداد، 2015، ص234-235. ↑
-
() رافع خضر صالح سبر، فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني، دار السنهوري القانونية والعلوم السياسية، بغداد، 2016 ص41، 42. ↑
-
() ثروت بدوي، القانون الدستوري وتطوّر الأنظمة الدستورية في مصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص200. ↑
-
() حَسّان شفيق العاني، الأنظمة السياسية والدستورية المقارنة، المكتبة القانونية، بغداد، 2007، ص57. ↑
-
() نعمان أحمد الخطيب، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص376. ↑
-
() عصمت عبد الله الشيخ، النظم السياسية، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص134. ↑
-
() طه حميد حسن، النظم السياسية الدستورية المعاصرة، أساسها ومكوناتها وتصنيفها، مرجع سابق، ص235. ↑
-
(( محمد سامر التركاوي، دور رئيس مجلس الوزراء في النظام النيابي البرلماني، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2017، ص13. ↑
-
() مُحَمَّد نصر مهنا، في النظم السياسية والدستورية، دراسة تطبيقية، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 2005، ص324. ↑
-
() صبري مُحَمَّد السنوسي، الدور السياسي للبرلمان في مصر، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 2005، ص22. ↑
-
() مُحَمَّد فؤاد مهنا، النظامان الرئاسي والبرلماني في دساتير الدول العربيّة، النظامان الرئاسي والبرلماني في دساتير الدول العربيّة، مجلة القضاء، نقابة المحامين في الجمهورية العراقيّة، العدد الرابع، السنة الرابعة والعشرون، 2004، ص14. ↑
-
() حازم صادق، سلطة رئيس الدولة بين النظامين البرلماني والرئاسي، دراسة مقارنة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 2013، ص164. ↑
-
() زهير شكر، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني نشأة ومسار النظام السياسي والدستوري المؤسسات الدستورية، دار المنهل، بيروت، 2019، ص9. ↑
-
)) محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني واهم النظم السياسية المعاصرة في العالم، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص 229. ↑
-
() وسيم الأحمد، النظم الدستورية والسياسية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص 17. ↑
-
)) المادة (55) من لعام 1926 المعدل، والتي نصت على ” يعود لرئيس الجمهورية الطلب إلى مجلس الوزراء حلّ مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة· فإذا قرر مجلس الوزراء، بناء على ذلك، حلّ المجلس، يصدر رئيس الجمهورية مرسوم الحلّ، وفي هذه الحال تجتمع الهيئات الانتخابية، وفقاً لأحكام المادة الخامسة والعشرين من الدستور ويدعى المجلس الجديد للاجتماع في خلال الأيام الخمسة عشر التي تلي إعلان الانتخاب” ↑
-
() المادة (65) الفقرة (4) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
() المادة (77) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
() إدمون رباط، الوسيط في القانون الدستوري العام، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، بيروت، 2012، ص381. ↑
-
)) المادة (24) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
)) محمد المجذوب، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني واهم النظم السياسية المعاصرة في العالم، مرجع سابق، ص 252. ↑
-
() المادة (101) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
() المادة (101) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
() المادة (16) من الدستور اللبناني لعام 926 المعدل. ↑
-
() المادة (18، 66) من الدستور اللبناني المعدلتان بالقانون الدستوري رقم 18 في 21/9/1990. ↑
-
() المادة (الأولى) من قانون الانتخاب اللبناني النافذ رقم 25 الصادر في 8 تشرين الأَوّل عام 2008 المعدل بموجب القانون رقم 59 الصادر في 27 كانون الأَوّل عام 2008. ↑
-
()المادة (27) من الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل. ↑
-
() مُحَمَّد المجذوب، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني واهم النظم السياسية المعاصرة في العالم، مرجع سابق، ص252. ↑
-
() عصام سليمان، الأنظمة البرلمانية بين النظرية والتطبيق، منشورات الحلبي، بيروت،2010، ص13-15. ↑
-
() عرفت الطائفية على أَنَّها: ” حركة سياسية تعتمد على الدِّين، وتجعل منهُ الإطار الإيديولوجي لتماسكها”، للمزيد ينظر: رزاق فالح العجيلي، البيئة الاجتماعية وأثرها في نشأة حزب الله اللبناني، تحرير: مُحَمَّد هاشم البطاط، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات، بغداد، العراق، 2015، ص77. ↑
-
() آرنت ليبهارت، الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد، ط1، ترجمة: حسني زينه، معهد الدراسات الاستراتيجية، 2006، ص287. ↑
-
() فوزي زيدان، الدولة الرهينة، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2012. ↑
-
() البير فرحات، الأساطير المؤسسة للنظام اللبناني، دار الفارابي، بيروت، لبنان، 2010، ص51. ↑
-
() سردار قادر محي الدِّين، الديمقراطية التوافقية في الدول النامية: دراسة تحليلية للحالة اللبنانية، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية، العراق، 2009، ص278. ↑
-
() غسان الخالد، البدوقراطية قراءة سوسيولوجية في الديمقراطيات العربيّة، سلسلة اجتماعيات عربية (2) منتدى المعارف، بيروت، لبنان، 2012، ص115. ↑
-
() زهير شكر، الوسيط في القانون الدستوري اللبناني نشأة ومسار النظام السياسي والدستوري المؤسسات الدستورية، مرجع سابق، ص371-3 ↑
-
() عهد القائمرمقاميتين: هو نظام سياسي عثماني لحكم لبنان، كانَ قائمًا بين سنة 1843-1861م، بحيث قسم لبنان على مقاطعتين، قائممقامية جنوبية يحكمها درزي، وقائممقامية شمالية يحكمها ماروني، وانتهت بقيام نظام المتصرفية عام 1861: ينظر: زهير شكر، المرجع نفسه، ص49 وما بعدها. ↑
-
() عهد الانتداب الفرنسي على لبنان: هي مُدّة حكم فرنسا للبنان التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى وسقوط الإمبراطورية العثمانية وبحسب اتفاقية سايكس – بيكو، وامتدت هذهِ المُدّة من عام 1920م وحتى عام 1943م. للمزيد ينظر: أنطوان أسعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص30 وما بعدها. ↑
-
() مسعود ظاهر، الطائفية في الحرب اللبنانية أزمة نظام أم أزمة مجتمع، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص5. ↑
-
() فوزي زيدان، زلزلة الدولة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2009، ص342-343. ↑
-
() نبيل هيثم، أسباب تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، صحيفة صدى الوطن، مشيغان، العدد1525، آيار 2015، ص2. ↑
-
() إبراهيم غالي، الرئاسة اللبنانية أزمة جديدة في صراع ممتد، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد (171)، القاهرة، 2008، ص94. ↑
-
() سامح راشد، لبنان أزمة التشابك من الداخل والخارج، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد168، القاهرة، 2007، ص114. ↑
-
() غسان عيسى، العلاقات اللبنانية – السورية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، لبنان، 2007، ص300. ↑
-
() أنطوان أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص141. ↑
-
() علي حرب، ثورات القوى الناعمة في العالم العربيّ من المنظومة إِلى الشبكة، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2012، ص96-97. ↑
-
() أنطوان أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص241. ↑
-
() إدمون رباط، التكوين التاريخي للبنان السياسي والدستوري، الجزء الثاني، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 2002، ص627. ↑
-
() محسن خليل، الطائفية والنظام السياسي في لبنان، الدار الجامعية، مصر، 1992، ص237. ↑
-
() أنطوان. أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص246. ↑
-
() داود الصائغ، النظام اللبناني في ثوابته وتحولاته، دار النهار، 2000، بيروت، ، ص85. ↑
-
() إدمون رباط، التكوين التاريخي للبنان، الجزء الثَّاني، مرجع سابق، ص623. ↑
-
() أنطوان أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص289-290. ↑
-
() هناء صوفي عبد الحي، النظام السياسي والدستوري في لبنان، الطبعة الأولى، دار الكتب، 1994، ص124. ↑
-
() كانَ إلغاء عدد من المدارس الرسمية أيام الرئيس إده بحجة عدم وجود أساتذة أكفاء قد اضر بمصالح المسلمين بشكل خاص؛ نظرًا لاعتماده إلى حَدّ بعيد على التعليم الرسمي؛ الأمر الذي أدى إلى قيام معارضة داخل البرلمان، عبرت عن رفضها لهذا الإجراء؛ مِمَّا دفع بالرئيس إده إلى تغيير برنامجه؛ فقرر إعادة العمل ببعض المدارس، كذلك عدم جعل يوم الجمعة عطلة رسمية كما هو يوم الأحد عند المسيحيين. للمزيد ينظر: إدمون رباط، التكوين التاريخ للبنان، مرجع سابق، ص402. ↑
-
() أنطوان أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص285. ↑
-
() أنطوان الحكيم، دولة لبنان الكبير، ولادة دستور لبنان عام 1926، منشورات الجامعة اللبنانية، مجموعة مؤلفين، 1999، ص40. ↑
-
() أنطوان أ. سعد، موقع رئيس الجمهورية ودوره في النظام السياسي اللبناني قبل وبعد اتفاق الطائف، مرجع سابق، ص64. ↑