الأسس القانونية للضمان من الغش في مرحلة تنفيذ العقد
Legal basis for guaranteeing against fraud during the contract implementation phase
حسين كاظم علي1، أ.د. أكرم ياغي1
1 كلية الحقوق، الجامعة الإسلامية في لبنان.
بريد الكتروني: Husseinabadi92@gmail.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj62/40
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/62/40
المجلد (6) العدد (2). الصفحات: 564 - 582
تاريخ الاستقبال: 2025-01-04 | تاريخ القبول: 2025-01-15 | تاريخ النشر: 2025-02-01
المستخلص: إن محاولة وضع ركيزة قانونية لأحكام الغش يتضح من خلال بيان عناصره المادية والمعنوية، وشروطه والأثر الذي يترتب عليه لما له من أهمية كبيرة لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع العملي الذي يجب إظهاره حتى يتمكن الجميع من معرفة حقيقة ما يتم إبرامه من أفعال، بالإضافة إلى النص على جزاء الغش، أي الحماية القانونية التي حرص المشرعون على توفيرها من أجل تحقيق العدالة، سواء في إطار العلاقة العقدية أو خارجها، ومنع الغش الذي يهدد انتهاك استقرار العقد وعدالته، واختلال في الحقوق والالتزامات الناشئة بين أطراف العلاقة العقدية.
الكلمات المفتاحية: العقود المدنية- الغش-الضمان- المسؤولية.
Abstract: The attempt to establish a legal basis for the provisions of fraud is evident through the statement of its material and moral elements, its conditions and the resulting impact, as it is of great importance because it is closely linked to the practical reality that must be revealed so that everyone can know the truth of the actions concluded, in addition to stipulating the penalty for fraud, that is, the legal protection that legislators were keen to provide in order to achieve justice, whether within the framework of the contractual relationship or outside of it, and to prevent fraud that threatens to violate the stability and fairness of the contract, and an imbalance in the rights and obligations arising between the parties to the contractual relationship.
Keywords: Civil contracts, fraud, warranty, liability.
المقدمة
تعتبر العقود المدنية الأداة القانونية الأكثر تداولاً في إنشاء العلاقات بين الأفراد، وفي العصور الحديثة أصبح الوسيلة الأكثر فعالية لتنظيم الأنشطة التجارية والاقتصادية ودعم حركة المال والأعمال، في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقد شهدت القواعد التي تحكم العقود المدنية تطوراً في التغيير والتعديل بما يتناسب مع حاجات الأفراد، فكان لزاماً على قواعد العقد أن تكون مرنة لتستوعب هذه التطورات في مواجهة اختلال التوازن في الجانب المعرفي ومحاولة استرجاع الثقة في التعاقد، ليكون ذلك أهم تحديات القضاء الذي عمل جاهداً من أجل تعزيز مضمون العقد بالتزامات تكرس الثقة المشروعة بين المتعاقدين في ظل التخصص الفني، وتوسيع نطاقه بتجسيده للالتزام بحسن نية، لتنفيذ العقود بالشكل الأمثل.
إن العصر الحالي حمل في طياته تزايد في محاولات الغش وأصبحت أساليبه أكثر تعقيداً، حيث اتخذ عدة أشكال، وهو نتيجة حتمية لاستخدام أساليب الحيلة والخداع، التي تؤدي إلى سوء النية في تنفيذ الالتزامات والذي يشكل بدوره خطأ عقدي، والمراد بالخطأ في المسؤولية المدنية عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد، ويستوي في ذلك أن يكون عدم قيام المدين بتنفيذ الالتزام الناشئ عن عمده أو إهماله.
إذا كان المشرع قد أوجب تنفيذ العقد وفقاً لما يقتضيه مبدأ حسن النية والأمانة في المعاملات، فلا يعتبر تطبيقاً للمبدأ بل انتهاكاً له تعمد أحد المتعاقدين الإضرار بالمتعاقد الآخر ولو كان تصرفه مستوفياً الشكل القانوني المطلوب، وهذا ما أوجب تحديد مفهوم للغش رغم صعوبة ذلك، بسبب تداخل مفهومه مع مفاهيم قانونية أخرى قريبة منه، كالتدلــيس، وســوء النية، والتعسف في استعمال الحق، كما قد اختلف الفقهاء في تحديد معيار الغش بين قائل بالاعتــداد باعتبارات شخصية، وقول مبني على أساس اعتبارات موضوعية، ذلك ما زاد الأمــر صعـوبة، وزاد مــن الغمــوض على الموضــوع.
بالرغم من ذلك، فإن عدم النص صراحــة على قاعدة “الغش يفسد كل شيء” أو عدم تفريد فصل مستقل لأحكام الغش لم يمنع المشرع من الإشارة إلى العديــد من تطبيقات الغش في القانون المدني، والتي استخدم بعضها صراحة مصطلح الغش، كما هو الحال في العقود الخاصة كعقد البيع، بينما يعتبر البعض الآخر تطبيقاً للغش على أساس احتوائه على عناصر الغش، كما هو الحال فيما يتعلق بالصورية والالتفاف على القانون، مما يثير بشكل جدي مسألة النطاق الحقيقي للغش.
لابد من التصدي لحالات الغش في العقود المدنية سواءً في مرحلة تكوين وإبرام العقد، أو في مرحلة التنفيذ، أو من خلال عدم تمكين الدائن من حقه عمداً وبسوء نية. حيث نجد أحياناً أن الأمر يتدنى إلى حد تجاوز القانون بشكل مباشر وذلك من خلال التحايل على نص قانوني، عندما يضفي الصفة غير المشروعة على إتيان تصرف ما فيتم الاحتماء بتصرف آخر ظاهره مشروع، وهنا تكمن خطورة الغش ([1])، حيث يكون ظاهره مشروعاً للعيان أما في الحقيقة فباطنه سوء النية ومن ثم يصعب الوقاية منه أو الحد منه أو محاربته إلا ببذل جهد جهيد وتكافل من قبل الجميع وخاصة المختصين بالقانون من مشرعين وفقهاء وقضاة.
يعتبر الحق في العدول من أبرز الآليات القانونية التي أنشأتها التشريعات الحديثة كضمان لحماية المستهلك في مجال العقود المبرمة عبر وسائل الاتصال الإلكتروني، والتي غالباً ما تتميز بخصوصية نابعة بسبب اختلال التوازن التعاقدي بين المحترف والمستهلك الذي يبرم مثل هذه العقود بشكل سريع للحصول على سلع أو خدمات دون تفكير أو تروي في واقع العبء المالي للعقود المبرمة عن بعد، باعتباره الطرف الضعيف في علاقة المستهلك، ولإعادة التوازن العقدي بين أطراف العلاقة الاستهلاكية، عملت العديد من التشريعات على ترسيخ هذا الحق وتنظيم ممارسته في التجارة الإلكترونية، بهدف حماية رضا المستهلك الإلكتروني ومنحه ضمانة فعلية لدرء التعسف الذي يخالف ذلك، خاصة أنه متفوق على المستهلك من حيث المعرفة الكافية بالسلع والخدمات الاستهلاكية، وكذلك ممارسته لجميع الوسائل المغرية والمضللة لإرضاء المستهلك، الذي تهيمن عليه حالة من الضعف ويدفعه إلى إبرام العقد، من خلال منحه الحق في العدول عن العقد بعد إتمامه بإرادته خلال فترة زمنية محدودة، كضمان تشريعي يضمن حماية المستهلك، خاصة في مجال العقود الإلكترونية.
أولاً: أهمية البحث:
1-من الناحية القانونية:
من الناحية القانونية وبعد أن تزايدت أعمال الغش في المدة الأخيرة ولما كان موضوع محاربة الغش له أهمية ملحوظة بالنسبة للمختصين بالقانون والعامة من الناس على حد سواء باعتبار أن فيه إنكاره لواجب الإخلاص والثقة الذي يعتبر جزءاً من الرصيد الدائم للطبيعة الإنسانية، ويشكل الحقيقة المفترضة في كل الأعمال القانونية.
2-من الناحية الفقهية:
قصور النظريات الفقهية التي تناولت الغش في بعض حالاته كنظرية عيوب الارادة ونظرية العيوب الخفية ونظرية الضمان لكفالة الحماية اللازمة لأطراف العلاقة العقدية لعدم مواكبتها التطورات التي طرأت في مجالات الحياة العديدة.
ثانياً: إشكالية البحث:
إن أبعاد الغش كأحد صور الخطأ في العقود المدنية يؤدي إلى إهدار حسن النية الذي من المفترض مراعاته في الالتزامات الناشئة بين الطرفين، لاستقرار التعامل ومواصلة الالتزام دون الإخلال فيه، وبعد أن تزايدت أعمال الغش في المدة الأخيرة، وتظهر اشكالية البحث الرئيسية من خلال التساؤل: كيف يتم تفعل الحماية القانونية الوقائية من الغش في العقود المدنية وما هي الآثار المترتبة لوقوعه؟
خامساً: المنهج المتبع:
اتبعت في بحثي المنهج التحليلي وذلك من خلال تحليل النصوص القانونية التي تناولت كل ما يخص موضوع الغش وبيان إلزاميتها وآلية تنفيذها، وذلك في ضوء القانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951، وقانون الموجبات والعقود الصادر عام 1932، بالإضافة لقانون التجارة العراقي رقم 30 الصادر عام 1984.
الضمان القانوني والاتفاقي من الغش في مرحلة تنفيذ العقد
ان شروط الضمان ليست جزءاً من النظام العام، ولكن يجوز للأطراف الموافقة عليها سواء كانت هذه الاتفاقية تشديدًا أم مخففة أم لا ومع ذلك، من المهم ملاحظة، كما هو معروف على نطاق واسع، الالتزام بالضمان، يستجيب لجميع العقود الأخرى التي تنقل الملكية أو المنفعة، ولا سيما عقود التبادل، من الناحيتين القانونية والتوافقية، لا يقتصر الأمر على عقد البيع فقط، نظراً لأن لكل عقد قواعده الفريدة المكونة له، فسيكون هذا العقد هو القانون، كما أن هذا المفهوم من شأنه أن يضيق نطاق الأخطاء المبنية على الغش ومن ثم استثناء حالات كثيرة تكون فيها سوء نية المدين واضحة وهو أمر لا يخدم ومقتضيات حماية المتعاقد الدائن من غش المتعاقد الآخر([2])، وبناء على ذلك سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعين الفرع الأول وجوب مطابقة الشيء موضوع الموجب للمواصفات المشترطة في العقد. أما في الفرع الثاني سنوضح الضمان الاتفاقي من الغش في مرحلة تنفيذ العقد.
وجوب مطابقة الشيء موضوع الموجب للمواصفات المشترطة في العقد
لسنا بصدد تناول أحكـام العيوب الخفية وشروطها جملة وتفصيلاً فالكتب والمؤلفات القانونية تذخر بهذا الموضوع، بل كل ما يهمنا هو التطرق إلى حالتين فقط لكونهما وثيقتا الصلة بدراستنا، أولاهما هو ما تناولته المادة (559) مدني عراقي، إذ يؤكد مضمون تلك المادة على بقاء ضمان البائع بالرغم من تقصير المشتري في تبين العيب بالفحص العادي وذلك عندما يؤكد له البائع خلو المبيع من العيب أو إذا تعمد إخفاء العيب غشاً منه([3])، وذلك لأنه في الحالة الأولى يعتبر تأكيد البائع خلو المبيع من العيب بمثابة اتفاق ضمني على ضمان البائع للعيب في حالة وجوده هذا ما لم يثبت توافر الغش لديه([4])، فضلاً عن أن المشتري لا يكلف بفحص المبيع معتمداً على هذا التأكيد الذي يفترض الصدق فيه، أما في الحالة الثانية فسنكون بصدد حالة غش واضحة لا لبس فيه، كما في بيع آلة مكسورة بعد إجراء لحامها ودهنها بطلاء يخفي عيبها([5]).
أما ثانيهما هو موضوع النطاق الذي يرجع بها المشتري على البائع عند تحقق العيب الخفي إذ يقتصر المدى في القانون المدني العراقي في تخيير المشتري إما بفسخ العقد أو قبوله كما هي بالثمن المسمى([6])، غير آخذ بنظر الاعتبار مسائل التعويض عن الأضرار التي قد يسببها المبيع جراء ظهور العيب في المبيع، لا سيما الأضرار التي تصيب نفس أو أمـوال أخرى للمشتري أو نفس وأموال الغير، وهذا ما جعلها، وبحق، عرضة للنقد من قبل السواد الأعظم من الفقهاء.
وبما أن الأصل في الشخص هو أنه حسن النية، فهذا يعني أن عبء إثبات غش البائع على المشتري.
ونظراً لصعوبة هذا العبء إن لم يكن استحالته وخاصة فيما لو كان البائع محترفاً ابتدع القضاء الفرنسي ويسانده في ذلك غالبية الفقه إلى تبني فكرة افتراض علم البائع بالعيب افتراضاً غير قابلاً لإثبات العكس، خاصة فيما لو كان البائع محترفاً وذلك للتخفيف من العبء الملقاة على عاتق المشتري، بعبارة أدق تشبيه البائع المحترف بالبائع السيئ النية أو على الأقل (عالماً بالعيب) وهو فحوى ما يسمى “بمبدأ التشبيه”.
أما الوسيلة الأخرى التي يمكن من خلالها التصدي للغش والخداع فهو ما تضمنته القواعد العامة في موضـوع وجوب التسليم المطابق للمواصفات التـي تـم الاتفاق عليها.
استناداً للمادتين (1645) و(1646) مدني فرنسي فإن فحوى التزام البائع بضمان المبيع للعيوب الخفية، سواء كان عالماً بالعيب أم جاهلاً به، يقتصر على رد الثمن فضلاً عن المصروفات التي تكبدها المشتري بسبب البيع وكذلك هو الحال في القانون المدني العراقي([7]).
أولاً: تقرير مسؤولية البائع عن العيب الذي تعمد اخفائه
لتقرير أو الحكـم بالتعويض أيضاً لصالح المشتري نتيجة الأضرار التي تلحق به نتيجة عيب خفي بالمبيع يستلزم على المشتري إثبات علم البائع بالعيب أي سوء نيته، وكذلك الأمر بالنسبة للعيوب الظاهرة([8])، إذ على المشتري إثبات تعمد البائع إخفاء الغش الظاهر عمداً منه أو أنه قد اعتمد على ما قام به الأخير من تأكيدات في خلو المبيع من العيب وذلك لكي يسري أحكام العيب الخفي بشأنه أيضاً، اي على العيب الظاهر.
ذلك أن القاعدة بالنسبة للعيوب الظاهرة أو المعلومة هو أن البائع لا يلزم بالضمان إذا أقدم المشتري على شراء شيء يلحقه عيب ظاهر باعتبار أنه مهمل أو رضي بالمبيع بما فيه من عيب([9])، إلا إذا أثبت أن البائع قد أكد له خلو المبيع من العيب أو تعمد إخفاءه غشاً منه، ففي هذه الحالة فإن خطأ البائع العمدي يستغرق خطأ المشتري في عدم بذل العناية اللازمة للكشف عن العيب ومن ثم فلا يجوز أن يستفيد البائع من غشه حتى لو أهمل المشتري في فحص المبيع، فمصلحة المشتري في هذه الحالة أجدر بالحماية إذا قورنت بمصلحة البائع الذي صدر عنه غش في إخفاء العيب، أو قد يكون المشتري لم يكلف نفسه مؤونة فحص المبيع ولو بعناية الرجل المعتاد مطمئناً إلى تأكيدات البائع المزعومة بسلامة المبيع وبالتالي معتمداً على أن الأخير قد ضمن له هذا العيب فيما لو ظهر([10]).
لكن إثبات هذا الغش ملقاة على المدعي وهو المشتري حسب القاعدة القاضية البينة على المدعي واليمين على من أنكر وهو إثبات يعجز المشتري عن القيام به في معظم الحالات، ويتكرر هذا الموقف أيضاً في حالة بطلان الاتفاق على إسقاط الضمان أو تخفيفه إذ اشترط المشرع على المشتري إثبات غش البائع عمداً في إخفاء العيب للحكم ببطلان ذلك الاتفاق([11])، إذا هنا تكمن أهمية دراسة وتأصيل مبدأ التشبيه في تسهيل مهمة المشتري في إثبات غش البائع لإخفائه العيب الظاهر سواء في الرجوع على البائع بالضمان أو بعدم الاعتداد بالشرط الذي يسقط الضمان أو ينقصه، ومن ثم توسيع رقعة أو نطاق التعويض على البائع المحترف كمحصلة نهائية.
ومبدأ التشبيه كما هو معلوم، من خلق وإبداعات القضاء الفرنسي([12])، قوامه افتراض علم البائع المهني بالعيب افتراضاً قابلاً لإثبات العكس في دائرة المسؤولية العقدية باعتبار أنها قرينة قضائية وهو على هذا النحو لا يمكن أن تكون سوى قرينة بسيطة يستطيع البائع دحضها بإقامة الدليل على خلاف ذلك، إلا أن القضاء رغبة منه في توفير حماية فعالة للمشتري دأب على اعتبار، وذلك في كثير من قراراته([13])، علم البائع المحترف بالعيب قرينة قاطعة وليست بسيطة أي لا يقبل إثبات العكس.
وقد استنبط القضاء الفرنسي تلك القرينة على أساس أن البائع المحترف، إما يعلم بالعيب فعلاً ولا يخطر بـه المشتري فيكون سيئ النية ويجب أن يعامل معاملة من ارتكب غشاً، وإما يجهل به وعندئذ يعزى جهله إما إلى إهماله في فحص المبيع وإما الى عدم كفايته لأنه رغم الفحص لم يستطع أن يكتشف ما بالمبيع من عيب، وفي الحالتين ينسب إليه خطأ جسيم يترتب، من حيث مدى التعويض نتائج الغش نفسها، أي يجعل البائع ملتزماً بتعويض الضرر المباشر كله، ولو لم يكن متوقعاً عند التعاقد([14]).
ثانياً: الاتفاق على توافر صفة معينة في المبيع
قد يكفل أحد أطراف التعاقد أو يشترط صفة معينة في الشيء موضوع الموجب، إعمالا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، بحيث تكون تلك الصفة أو الصفات هي الحافز للتعاقد نظراً لما توفره تلك الصفة من إشباع الرغبة لمن أقدم على التعاقد على ضوئه، ومن ثم لا المدين قد نفذ التزامه بالتسليم على وجه صحيح ومتكامل إلا بتحقق تلك المواصفات أو الصفة عند عملية التسليم، رغم خلوها في هذا الفرض من العيوب فضلاً عن اتخاذ طرف المدين بها ما يلزم من إجراءات تصير معها مأمونة في حيازتها واستعمالها([15]).
وعلى هذا النحو فإن تخلف تلك الصفة المكفولة أو المشترطة لا تظهر إلا عند عملية التسليم والذي غالباً ما تكـون عملية التسليم بهذه الطريقة مقرونة بنية (سيئة)، أي ناجمة عن غش وخداع، كمن يشتري سيارة معينة ويشترط على البائع أن تكون سرعتها تصل إلى حد معين أو أن تكون قادرة على السير في مناطق وعرة، إلا أنه يتضح فيما بعد أنه قد تسلم شيئاً خال من الصفات التي قد تم الاتفاق عليها([16])، أو كتسليم سيارة من لون آخر غير المتفق عليها نظراً لتصرف البائع (صاحب المعرض) بها لشخص آخر بسعر أعلى نظراً لعلمه اللاحق لما يمثله ذلك اللون من رغبة وإقبال لدى راغبي اقتناء السيارات([17]).
وبصورة عامة، فإن البائع أو المنتج، والتطبيق على عقد البيع، يهدف من وراء خلو المبيع من الصفات المشروطة أو المكفولة عن طريق تسليم سلع ذات مستوى أدنى من المتفق عليه أو إدخال عناصر أقل جودة فيها بشكل ينال من توافر هذه الصفات بها إلى التقليل من النفقات ومن ثم تحقيق الربح غير المشروع، وعلى هذا النحو فقد اعتبرت محكمة النقض المصرية أن عدم توافر الصفات في السلع والمنتجات على هذا النحو يعد من قبيل الغش والخداع.
إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن التسليم على هذا النحو أي غير المطابق كثيراً ما يختلط مع أنظمة قانونية أخرى نظراً لتشابههما معاً في بعض الأمور، فلاستبعاد ذلك الالتباس والخلط يستدعي دراسة هذا الموضوع بحثها من خلال أو ضمن مسائل ثلاثة على أن يكون متزامناً مع بحث موضوع (التسليم غير المطابق) في ذاته بهدف الوقوف على مدى ملائمته مع ضرورات حماية المتعاقد من الغش في مرحلة التنفيذ.
وأولى تلك المسائل هو التمييز بين فوات الوصف المشترط أو المرغوب في العقد مع نظرية ضمان العيب ومن جهة أخرى تمييزه مع التغرير مع الغبن وأخيراً تمييزه مع الغلط لفوات صفة جوهرية في المبيع.
الضمان الاتفاقي من الغش في مرحلة تنفيذ العقد
إن الضمان القانوني من الغش في مرحلة تنفيذ العقد تبين أن البائع ملزم تجاه المشتري، بموجب تلك الأحكام، فيما يتعلق بضمان العيب الخفي وكذلك بضمان الاستحقاق دونما حاجة إلى وجود اتفاق خاص بهذا الشأن لأن القانون هو الذي يرتب مثل هذا الالتزام.
اولاً: الاتفاق على تعديل احكام الضمان
إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن تلك النصوص والمتعلقة بالضمان ليس لها طابع إلزامي، بل إنه مقرر لمصلحة المشتري ولحماية هذه المصلحة الخاصة، ومن ثم أمكن للمتعاقدين الاتفاق على ما يغاير النصوص الوضعية وفقاً لمبدأ حرية التعاقد وانطلاقاً من مبدأ سلطان الإرادة سواء بتشديد الضمان أو على تخفيفه أو الإعفاء منه أي إسقاطه، سواء بالنسبة لضمان التعرض والاستحقاق أو بالنسبة لضمان العيوب الخفية.
إلا أنه يشترط لسريان مفعول أو العمل بتلك الاتفاقات عدم تعمد البائع إخفاء الاستحقاق أو العيب غشاً منه، وبخلافه يكون الاتفاق عديم الأثر، صفوة القول، إن للمتعاقدين أن يعدلا من أحكام الضمان القانوني باتفاقات خاصة بينهما بالكيفية التي يتم تحقيق مصالحهم الذاتية، وهو على هذا النحو إما يتناول توسيع نطاق الضمان القانوني أو إنقاصه أو الإعفاء منه كلياً على أن يكون على وجه مشروع لا بقصد تحقيق مكاسب غير مشروعة عن طريق غش وخداع الطرف الآخر من خلال إبرام تلك الاتفاقات، وقد أخذ المشرع بنظر اعتباره هذا الفرض فأبطل العمل بتلك الاتفاقات فيما لو ثبت تحقيق تلك الفرضية أي غش وخداع الطرف الآخر.
يتضمن تعديل أحكـام ضمان التعرض والاستحقاق إمـا تـشديده أو إنقاصـه أو الإعفاء منه وعلى هـذا فقد نصت المادة (1/556) مدني عراقي على: ” يجـوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا في ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا منه أو أن يسقطا من هذا الضمان”([18]).
وتجدر الإشارة إلى أن تعديل أحكـام ضمان التعرض والاستحقاق بالتشديد أو الزيادة نادرة الحصول لأن المتعاقدين يعتبرون عادة الضمان القانوني هو أقصى ما يمكن توفيره للمشتري([19])، بخلاف إنقاصه أو الإعفاء منه فهما كثير الوقوع في العمل.
والفرض الوحيد الذي يمكن أن يتضمن الاتفاق زيادة في ضمان الاستحقاق ان يتفق الطرفان على أن يكون للمشتري الرجوع على البائع في حالة الاستحقاق بجميع المصروفات حتى ولو كانت كمالية وحتى لو كان البائع حسن النية([20])، وهو على هذا النحو فإن هكذا نوع من الاتفاقات تنصب لصالح المشتري على الدوام ومن ثم من المتعذر تصور وقوع الغش فيه، بل من العكس ذلك فإنه يؤدي إلى غلق النوافذ الذي قد يتخذها البائع وسيلة لارتكاب الغش بحق المشتري.
أما فيما يتعلق بالحد من ضمان التعرض والاستحقاق أو إسقاطه وهو أيضاً جائز بشرط ألا يقترن بالاتفاق عش، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة (556) مدني عراقي([21]) على «3 – ويقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه، إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق المستحق». وكذلك نصت الفقرة الأولى من المادة (557) مدني عراقي([22]) على أنه: ” إذا اتفق على عدم الضمان بقي البائع مع ذلك مضموناً عن أي استحقاق ينشأ عن فعله، ويقع باطلاً كل اتفاق يقضي بغير ذلك”.
ثانياً: حالات بطلان الاتفاق على إنقاص او اسقاط ضمان البائع
فالمشرع في كلتا المادتين وعلى التوالي أسقط أي شرط، سـواء بالإنقاص أو الإعفاء من الضمان القانوني، ومن ثم لا يكون له أي أثر إذا كان البائع يعلم وقت البيع بوجود حق الغير وتعمد إخفاء هذا الحق عن المشتري، كما لو كان للعقار المبيع حقوق ارتفاق خفية يعلم بها البائع إلا أنه كتمها عن المشتري لكـن هـذا الحكم لا يسري حتى لو كان البائع لم يخطر المشتري بها فيما لو كان حق الارتفاق ظاهراً ([23]).
وكذلك يبطل الاتفاق فيما لو كان الاستحقاق ناشئاً عن فعل البائع لأن ذلك يعتبر من قبيل الغش أيضاً، كما لو كان المستحق قد تلقى حقه من البائع قبل البيع أو بعده أو إذا أبطل العقد الذي تملك به البائع المبيع بسبب غبن مع تغرير أو إكراه صدر عنه.
أما لو استحق المبيع ولم يكن البائع قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق فيعتبر شرط عدم الضمان صحيحاً ولكنه لا يؤدي إلى إعفاء البائع من كل مسؤولية، إذ يبقى رغم ذلك مسؤولاً عن رد الثمن المبيع وقد نصت على هذا الحكم الفقرة الثانية من المادة (557) مدني عراقي([24]) على: ” 2 – أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ عن فعل الغير فإن البائع يكون مسؤولاً عن رد الثمن فقط”.
أما فيما يتعلق بتحديد نطاق ضمان العيوب الخفية فقد نصت المادة (1/568) مدني عراقي على: “1 – يجوز أيضاً للمتعاقدين باتفاق خاص أن يحددا مقدار الضمان»، وهو يقرر صراحة جواز تعديل أحكام الضمان القانوني للعيوب الخفية، سواء بالتشديد أو على تخفيفه أو على الإعفاء من منه، إلا أن الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على 2- إن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه، يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب” ([25]).
فضلاً، عن إن تعديل أحكام ضمان العيوب الخفية بزيادة التزامات البائع، وبحسب الأصل، تنصب لصالح المشتري، إلا أنه في بعض الأحيان قد تنصب في مصلحة البائع وذلك عندما تكون محلا للمنافسة مع بائع آخر باعتباره مظهراً من مظاهر العمل التجاري، هذه وسيلة من وسائل منح الثقة والطمأنينة لدى المشتري من خلال سعي البائع المتواصل في هذا الاتجاه بعدما ازدادت الهوة وعدم الثقة بين الطرفين([26]).
ووجه تشديد الضمان قد يتجلى في صورة اشتراط أن أي خلل يعوق المبيع عن العمل يؤدي إلى قيام مسؤولية البائع وإن كان الخلل ظاهراً وكان المشتري على علم به وأن الخلل قد طرأ على المبيع بعد التسليم على أن لا يكون المشتري قد تسبب بفعله في إحداث الخلل، ومن صور زيادة الضمان الاتفاق على إطالة المدة اللازمة لرفع دعوى الضمان خلالها، كأن تكون هذه المدة أكثر من ستة أشهر من وقت التسليم كما أشارت إليه المادة (570) مدني عراقي([27]).
هذا وقد كنا قد تناولنا فيما سبق، موضوع ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة كأحد وسائل الحماية المدنية الحديثة من إعمال الغش، إلا أنه بالإمكان عده كذلك صورة من صور تشديد ضمان العيوب الخفية وذلك لأن المشتري قد لا يكتفي بالتزام البائع بضمان عيب خفي يظهر في المبيع وإنما يريد أن يطمئن إلى صلاحية المبيع للعمل خلال مدة معينة.
ووجه التضليل في هكذا نوع من الاتفاقات، بصورة عامة، تكمن في نوع التفسير الذي قد يعتمده القاضي لمضمون تلك الاتفاقات فيما لو تخللها عبارات غامضة أو مبهمة للوقوف على حقيقة قصد المتعاقدين من إيراد تلك العبارات، إذ إن النتائج قد تختلف فيما لو اعتمد في تفسيرها المفهوم الضيق للضمان أم الموسع.
أو أنها قد لا تمثل في أفضل الحالات، سوى تكراراً للضمان (العادي) القانوني ومن ثم فلا تنشئ التزامات جديدة على عاتق البائع.
إلا أننا نجد أن البعض قد أنكروا اعتماد التفسير الضيق في هكذا حالة لأن من شأن التفسير الضيق للبنود أو العبارات الغامضة أن يساعد البائع على غش المشتري، ومن ثم فلا ينسجم ومقتضيات حماية المشتري من غش وخداع البائع المحترف، ولا يمكن الاحتجاج بأن هذا الاتجاه يخالف القاعدة المقررة الذي يستوجب تفسير النص في حال كونه غامضاً أو ملتبساً لمصلحة المدين) وهو البائع بصفته مديناً بالالتزام، وذلك لأنه في الوقت ذاته يجب أن لا ننسى بأن تلك البنود تكون عادة موضوعة من قبل الطرف الأقوى في العقد، أي البائع، ومـن ثـم نـكـون بصدد عقد إذعان وهـو يتطلب حسب القواعد المقررة حماية الطرف المذعن (الضعيف) سواء كان مديناً أو دائنا وهو المشتري الذي لم يكن له أي دور في مناقشة بنود الاتفاق بل كانت موضوعة سلفاً من قبل الطرف القوي وعلى هذا فقد نصت المادة (3/167) مدني عراقي([28]) على أنه «3 – ولا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن ولو كان دائنا».
أما إذا صرح البائع، عند النزاع، بأنه لـم يكـن يقصد من إيراد تلك العبارات إلا إسقاط الضمانات القانونية والاقتصار على ما تم إدراجها في الاتفاق، فعندئذ لا يمكن الأخذ بذلك التصريح وكذلك الاتفاق، لا سيما إذا كان البائع محترفاً.
قد يتم الاتفاق على تشديد المسؤولية في حال ارتكاب الغش ليس فقط على البائع بل يمكن ايضاً على المشتري في حال ارتكابه الغش، وذلك بالاتفاق بين البائع والمشتري، على الرغم من عدم نص المشرع على ذلك.
فإن التوسع في الضمان في هذه الحالة لا يصح ما لم يكن البائع على بينة بمدى التزامه وبسببه، ومن ثم فلو كان المشتري وحده على علم بوجود العيب وأخفاه عمداً عن البائع، كما لو كان المشتري هو الحائز الفعلي للمبيع، ليحصل منه على ضمانة ما كان ليقبله لو علمه فإن الاتفاق لا يكون له أي أثر.
التطبيقات التشريعية والأحكام العامة للغش في مرحلة تنفيذ العقد
بغية احتواء البحث لجميع الجوانب المتعلقة بها وإكمالاً لما تتطلبه الدراسة من الشمولية والعمومية، وجدنا أنه من الضروري التطرق إلى بعض التطبيقات التشريعية والتي قد تثار فيها الغش لتوضيح وبيان فعالية الضمانين (القانوني والاتفاقي) في توفير الحماية اللازمة للمتعاقد من غش وخداع الطرف الآخر في مرحلة تنفيذ العقد، وكذلك تناول الأحكام العامة للغش في هذه المرحلة بالبحث والدراسة لمعرفة مدى جدواه العملي لحماية الطرف المخدوع في الرابطة العقدية.
ومن التطبيقات من العقود المهمة عملية التي يثار فيها إعمال الغش والخداع في مرحلة تنفيذ العقد، دون عقد البيع الذي فصلنا فيه بشكل عام، هي عقد المقاولة وعقد التأمين وأثر الغش على التصرفات العقارية بشكل عام كما ظهرت في الآونة الأخيرة عقد من نوع آخر تجمع بين البيع والمقاولة هي عقد بيع الشقق أو الدور السكنية قيد الإنشاء من قبل القطاع الخاص([29]).
وبناءً عليه ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فرعين حيث سنتناول الفرع الأول تطبيقات تشريعية في مرحلة تنفيذ العقد، أما في الفرع الثاني فسنقوم بتسليط الضوء على الأحكام العامة للغش في مرحلة تنفيذ العقد
تطبيقات تشريعية في مرحلة تنفيذ العقد
يجوز أن يقتصر التزام المقاول على التعهد بتقديم العمل على أن يقدم صاحب العمل المادة التي يستخدمها المقاول، كما يجوز له أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً ويكون العقد حينها استصناعاً، وقد نصت المادة 856 من القانون المدني العراقي علـــى أنــه: ” 2- يجـــوز للمقاول أن يتعهد بتقديم العمل والمادة معاً ويكون استصناعاً”([30])، وعلى هذا النحـــو يتبيــن أن المقـــاول ملزم بتقديــم عمل ما في كلتا الحالتيـــن على أن لا يقوم بـــه على وجه معيب أو منـــاف لما تضمنـــه العقد، ولهـــذا سنقوم بتوضيح أولاً أثـــر الغـــش عنــد تنفيــذ عقد المقاولة، أما ثانياً فسنقوم بتوضيح أثر الغش في عقد التأمين.
أولاً: أثر الغش عند تنفيذ عقد المقاولة.
يتبيّن المجال الشاسع الذي يمكن للمقاول أن يرتكب فيه الغش والخداع أثناء تنفيذه للعقد من خلال الإخلال بالالتزامات التي أوجبها المشرع والتي يقتضيها مبدأ تنفيذ العقود بحسن النية في الوقت ذاته. ولا شك أن هذا الأمر يقتضي من المشرع التدخل لمنع أو التقليل من هذا الفرض وكذلك فرض جزاءات رادعة في حالة ارتكابه، ولمعرفة فيما لو كانت تلك الإجراءات التي أقرها المشرع كفيلة بتوفير الحماية اللازمة لصاحب العمل من غش وخداع الطرف الآخر (المقاول) أو الحد منها([31]).
إن صور ارتكاب الغش عند تنفيذ عقد المقاولة عديدة ومتنوعة وهي تعدد وتنوع حسب نوعية العمل الذي يقوم به المقاول، لا سيما في عقود مقاولة إنشاء المباني وإقامة المنشآت من ذلك استعمال مواد رديئة ورخيصة في إنجاز محل المقاولة لغرض الاستفادة من فرق السعر بين المواد الجيدة والمواد الرديئة ولا شك أن تنفيذ العقد بهذا الشكل مقصود بذاته بهدف غش صاحب العمل لذا دائماً بطريقة خفية، كالتلاعب بطريقة تحضير الإسمنت أو استعمال أخشاب أو حديد مستهلك. ومن ذلك أيضاً توافـــر العلــم لدى المقــاول عــند البدء بتنفيذ التزاماته أن البنــاء سيكون معيبــاً نظراً لســبب راجــع لنوعية الأرض، مثــلاً، كــأن تكون صلبــة أو العــكس إلا أنــه يتحفــظ في إبــلاغ صاحــب العمــل عن هذه الواقعــة عندما صادفتــه أثناء العمل غشاً منه لأنه سيضطر إلى زيــادة عمق الخفر أو زيــادة كمية الخرسانة ويحسب حالــة وطبيعة الأرض التي يقيم عليها البناء، فيؤثر كتمان الأمر بهــدف كسب غيــر مشــروع.
وقد يتخذ الغش في عقد المقاولة صورة التأخير في إنجاز العمل في الوقت المحدد، كأن يتواطأ الناشر مع منافس المؤلف بعدم إنجاز طبع مؤلفه في ميعاد معين لعلمه السابق بأنه سيقدمه إلى الجهات المختصة لإقراره كمنهج في الدراسة وذلك بعد إجراء عملية التقييم والمفاضلة والمقارنة مع المؤلفات المماثلة بهذا الشأن، أو أن يتفق عارض مع مقاول على أن ينجز صنع أشياء في وقت محدد لعرضها في معرض معلوم تاريخ افتتاحه وذلك بقصد رواج أعماله من ناحية التصاميم والأفكار فيؤخر المقاول إنجازه ليفوت عليه الغرض لنفس السبب أو أي سبب آخر غير شرعي([32]).
ثانياً: أثر الغش في عقد التأمين.
الواقع أن إبرام عقد التأمين يمر بمراحل متعددة يتعين فيها فرض التزامات متبادلة على الطرفين تقتضيها مبدأ تنفيذ العقود بحسن النية([33])، ولا شك أن هذه العقود تقوم بدرجة كبيرة على أساس الثقة والصدق والتعاون بين المتعاقدين، لا سيما من جانب المؤمن له، ومن ثم لا يخفى الدور الكبير الذي تلعبه عاملي الثقة والصدق في إنجاح هكذا عقود سواء في مرحلة إبرامه أو أثناء تنفيذه أيضاً([34]).
لكي يكون الرضا صحيحاً، يجب أن لا يشوبه عيب من عيوب الإرادة، أو غلط أو غش أو تدليس، وتطبق القواعد العامة في الغش على عقد التأمين، ويعد الغش استغلالاً يجعل العقد موقوفاً على إجازة من شاب إرادة أحدهما واحدة([35]).
فالمؤمن له لا يبرم عقد التأمين مع المؤمن إلا مختاراً والعكس صحيح، كذلك فالمؤمن يبرم العقد بمحض إرادته أو رغبته في إحداث الأثر القانوني، فقلما أن يشوب إرادة المؤمن له إكراه على إبرام عقد التأمين مع مؤمن معين بالذات، لان المؤمن له الخيار في المؤمن الذي يريد الاكتتاب لديه طوعاً دون إكراه حتى وان تعرض لشروط تعسفية([36])، حيث تدخل المشرع لحمايته منها والتي تبطل دون أن تؤثر على صحة العقد ([37])، لأنه لا يتعرض للتدليس من المؤمن بقدر ما يتعرض لشروط تعسفية يفرضها عليه.
إذا كان الغش مع الغبن من صعوبة تصور وقوعهما من الناحية العملية في عقد التأمين، إلا انه يمكن وقوع الغلط من الناحية العملية، إذ قد يقع المؤمن في غلط جوهري نتيجة كتمان المؤمن له بعض الأمور التي يجب أن يصرح بها عند التعاقد أو نتيجة الإدلاء ببعض البيانات الغير صحيحة، بحيث لولاها لما أقدم على إبرام العقد باتخاذه انطباعاً غير حقيقي عن طبيعة او نوع وحجم الخطر المراد التأمين منه، وبما يعقبه من تحديد القسط بطريقة خاطئة ([38]).
يمر عقد التأمين بمرحلة تمهيدية قبل إبرامه خلالها تجري عادة مفاوضات بين طالب التأمين وبين المؤمن والتي قد تكون مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، إذ إن المفاوضات لا يترتب عليها بذاتها أي اثر قانوني، فكل متفاوض حر في قطع المفاوضة في أي وقت يشاء، دون آن يتعرض لأية مسؤولية، أو يقدم مبرراً لعدوله وغالباً ما يعد المؤمن مستنداً كتابياً يدعى “استمارة طلب التأمين” متضمنة جملة من الأسئلة منها ما يتعلق بالبيانات الشخصية لطالب التأمين، ومنها ما يتعلق بالبيانات الموضوعية، ويمكن أن نصوغ ما تشتمل عليه استمارة طلب التأمين من المسؤولية في مقاولات البناء.
يتضمن هذا التعهد إقراره بان ما أدلى به من بيانات أو معلومات احتوتها الاستمارة كانت صحيحة ودقيقة، وان هذا الإقرار يعد بمثابة اللبنة الأساسية لإبرام العقد بينه وبين المؤمن.
تجدر الإشارة إلى أن الأجوبة عن الأسئلة هذه تكون على متن مستند استمارة الطلب عادة، إلا إذا اقتضت الضرورة الإجابة على ورقة أخرى، التي تعد جزء لا يتجزأ من استمارة الطلب بعد أن يوقع عليها تقدم إلى المؤمن، ويكون هذا التوقيع إقرارا بصحة المعلومات التي احتوتها، غير ان هذا لا يمنع من ان يدلي طالب التأمين المعلومات التي تتعلق بالبيانات الشخصية والموضوعية وتقديم التعهد بأسلوب آخر غير استمارة الطلب ما دام قد تضمن كل ما يتعلق بالعقد. وغرض المؤمن من إعداد نموذج من استمارة الطلب لتسهيل الأمر على طالب التأمين في الإدلاء بالمعلومات والبيانات الجوهرية اللازمة لإبرام العقد.
لذا يمكن اعتبار طلب التأمين بمثابة الصيغة العملية لتوجيه الإيجاب من طالب التأمين إلى المؤمن([39])، وقد استقر القضاء العراقي على اعتبار استمارة طلب التأمين أساس عقد التأمين المزمع عقده بين المؤمن له والمؤمن([40]) لأن الأداء بالمعلومات لا يساهم في تمكين المؤمن من قبول أو رفض التأمين فقط، بل يساعد في تحديد القسط المناسب لتغطية الخطر.
ويفهم مما تقدم أن ملء استمارة طلب التأمين لا تعد عقداً، إذ تعد مجرد استعلام أو استبيان عن شروط العقد وكيفية التعاقد، إذ أنها مجرد عرض تمهيدي وبالتالي لا قيمة قانونية لها تذكر، حيث ان قيام المؤمن بطرحها في الأسواق أو تسليمها إلى طالب التأمين لا تعدّ إيجاباً لأن مجرد ملء الاستمارة وتوقيعها وتسليمها إلى المؤمن لا يعدّ إيجاباً أيضاً، وعلى هذا الأساس لا يلزم أي من الطرفين بمحتواها.
ويمكن أن تتعلق عدة مصالح ببقاء القيمة المالية لشيء واحد، فتكون هذه المصالح محلا لعدة عقود تأمين على هذا الشيء نفسه، وهذا جائز بشرط أن تكون هذه المصالح مختلفة ومتميزة، ومثال ذلك مصلحة مالك المنزل، فهو أول من له مصلحة في عدم هلاكه فيؤمن عليه من الحريق مثلا، ولمستأجر هذا المنزل أيضا مصلحة في عدم هلاكه لأنه مسؤول عن الحريق الذي يتسبب فيه فيؤمن على مسؤوليته من هذا الحريق، والدائن المرتهن لهذا المنزل له أيضا مصلحة في عدم هلاكه حتى ينفذ عليه في حالة عدم استيفائه الدين من مدينه وهو المالك الراهن فيؤمن عليه من الهلاك، بحيث إذا هلك حل مبلغ التأمين محل الشيء المؤمن عليه.
وعلى هذا النحو لا مندوحة من اعتبار عقد التأمين من عقود حسن النية، إذ يتوقف ضمان حسن تنفيذ العقد، كما مرّ بنا، بشكل كبير على المعلومات التي يدلي بها المؤمن له، ومن ثم لا يجدي نفعاً مجرد الاكتفاء بإلزام ممثل أو وكيل شركة التأمين بالتحقق من البيانات المتعلقة بالخطر محل العقد التي يدلي بها طالب التأمين أو من المفروض الإدلاء بها عند تفاقم الخطر. وتطبيقاً لهذا التحليل وجدنا أن محكمة النقض الفرنسية/ الدائرة الأولى قد جاء في أحد قراراتها([41])، بما يفيد أن الوكيل العام لشركة التأمين لا يعد مخلاً بالالتزام المفروض على عاتقه بالتحقق من نطاق وصحة البيانات الصادرة من المؤمن له إن أخفق في التحقق من عدم صحتها وذلك لأن عقد التأمين من عقود حسن النية.
ولهذا نجد أن المشرع إمعاناً منه بتأمين الحماية اللازمة لـطـرف المـؤمـن مـن غـش وخداع المؤمن له لم يكتفي بفرض هذا الالتزام الأخلاقي، إن صح التعبير، المنبثق من مبدأ تنفيذ العقود بحسن النية، بل أوجب على المؤمن له الوفاء بذلك الالتزام بصريح العبارة وذلك ضمن أحد الالتزامات التي رتبها على عاتق المؤمن له، ولهذا فقد نصت فقرة (ب) من المادة (986) مدني عراقي على «يلتزم المؤمن له بما يأتي: ” أن يقرر وقت إبرام العقد كل الظروف المعلومة له، والتي يهم المؤمن معرفتها، ليتمكن من تقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه. ويعتبر مهماً في هذا الشأن الوقائع التي جعلها المؤمن محـل أسئلة مكتوبة، أما الفقرة (ج) مـن نفـس المـادة فقـد نـصت على: ج – أن يخطـر المؤمن بما يطرأ أثناء العقد من أحوال التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة هذه المخاطر”([42]).
والخلاصة يمكن القول انه يصعب تصور أن تكون الإرادة مشوبة بالعيوب التي نص عليها القانون في عقد التأمين، وذلك لما يتمتع به هذا العقد من آلية في إبرامه تجعله يختلف عن غيره من العقود من الناحية الفنية التي تحتل حيزاً مهماً لا تقل عن الناحية القانونية، وبالتالي فلا يمكن تصور إبرام عقد التأمين بالغش، أما الغلط فقد يقع أحياناً ولكن بشكل محدود ويكاد يكون نادراً جداً، لما يحتويه هذا العقد من التفاصيل والإجراءات التي تجعل المؤمن يستغرق وقتاً كافياً لدراسة طلب التأمين، والتريث قبل إتمام إبرام العقد بشكل يجنب هذا العقد كل شائبة
الآثار المترتبة على الغش في مرحلة تنفيذ العقد
من الأحكام العامة التي أوردها المشرع العراقي في ثنايا القانون المدني بشأن التصرفات المبنية على الغش هو بطلان العقد وذلك عندما يصل الغش المقترن بتنفيذ الالتزام المترتب على أحد أطراف الرابطة العقدية حداً من الخطورة بحيث لم يجد المشرع بداً إلا هذا الحكم نظراً لما قد يمثله في بعض الأحيان الاعتداء على المصلحة العامة أيضاً، وقد لا يتعدى الحكم المذكور في حالات أخرى إلى مصير العقـد ذاته وإنما ينحصر في حرمان المتعاقد المخادع من بعض المزايا المقررة بنص القانون.
وبناءً عليه سنقوم بتوضيح أولاً الأحكام المتعلقة ببطلان العقد، أما ثانياً فسنقوم بتسليط الضوء على
الأحكام المتعلقة في الحرمان من بعض مزايا قانونية.
أولاً: الأحكام المتعلقة ببطلان العقد:
البطلان كجزاء للتصرف الغشي قد لا يتناول العقد ذاته وإنما قد ينحصر في شروطه التي تم إدراجها في مضمون العقد بموافقة الطرفين أما العقد فيظل صحيحاً ناتجاً لآثاره ما لم يكن الشرط هو الدافع الرئيسي للتعاقد. وعلى هذا النحو سيتم تناول كلتا الحالتين في فقرة مستقلة وبالشكل الآتي:
1- بطلان الاتفاق على إعفاء المدين عن غشه أو خطأه الجسيم:
الأصل في قواعد المسؤولية التعاقدية هو جواز أن يقوم المتعاقد بتضمين العقد شروطاً تحـدد مـن المسؤولية أو تعفي منها باستثناء حالـة مـن يرتكب غشاً أو خطأً، جسيماً، وفي هذا الإطار نصت المادة (138) من قانون الموجبات والعقود اللبناني على أنه: “ما من أحد يستطيع ان يبرئ نفسه إبراءً كلياً او جزئياً من نتائج احتياله او خطاءه الفادح بوضعه بندا ينفي عنه التبعة او يخفف من وطأتها وكل بند يدرج لهذا الغرض في اي عقد كان، هو باطل أصلا”([43])، حيث تصبح هذه الشروط عديمة الأثر. وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من كل مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا التي تنشأ عن غشه أو خطاه الجسيم.
جسیم
والعلة كما يبدو في عدم جواز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التي تنشأ عن الغش أو الخطأ الجسيم هي: ” أنه لو صح للمدين أن يعفي نفسه من المسؤولية عن الفعل العمد… لكان التزامه معلقاً على شرط إرادي محض وهذا لا يجوز” بتعبير آخر أن وجوب الحفاظ على فكرتي القوة الملزمة للعقد والتضامن الاجتماعي هي التي تفرض ذلك المنع، إذ إن الإعفاء من الأخطاء العمدية معناه التجرد من الأساس بالمسؤولية ومن الالتزام بقواعد الأخلاق، وهو محض مخالفة للآداب والنظام العام. ومن الضروري الإشارة إلى أن الاشتراط المذكور في المادة (259) في الفقرة الثانية من القانون المدني عراقي بين أطراف الرابطة العقدية من النادر وقوعه في الحياة العملية إذ من غير المعقول أو حتى التصور أن يتجرأ أحد أطراف العقد صراحة لاشتراط هذا الشرط فضلاً عما فقدان العقد لقوته الملزمة([44])، ومع ذلك فإن مجاله يجد في تكييف الأخطاء التي صدرت من المتعاقد في نطاق الإعفاء المشروع، أي الأخطاء اليسيرة، أي أن تلك المهمة ملقاة على عاتق القاضي وذلك من خلال تقصي حقيقة الخطأ الصادر من المتعاقد فلا يجد عندئذ بدأً من بطلان الاتفاق فيما لو تبين له أن الخطأ الصادر ما هو في حقيقته إلا غش أو خطأ.
يقوم التأمين أساساً على تجميع اكبر عدد ممكن من الاشخاص المعرضين للخطر نفسه رغبة في اتقاء نتائجه ودفع اثره بدلاً من المواجهة الفردية التي قد يعجز الفرد عن تلافي اثار الخطر لوحده، فاذا ما اجتمع المساهمون في جمع المال عن طريق قيامهم بتسديد أقساط ثابتة أو متغيرة من سنة إلى أخرى في الغالب الأعم، ولحق أحد المساهمين ضرراً نتيجة تحقق الخطر المؤمن منه قام الجميع بالمساهمة في الخسائر الناجمة عن ذلك ([45])، فيعد التأمين وسيلة توزيع وتشتيت الخسائر التي تلحق البعض من المؤمن لهم عند وقوع الخطر، حيث إن غاية التأمين تحقيق التضامن بين جماعة من الناس تهددهم أخطار واحدة.
وإذا كانت مسألة اشتراط المدين إعفائه من المسؤولية الناجمة عن غشه او خطاه الجسيم لا خلاف فيها، فإن الخلاف قد يدق فيما يتعلق بمدى حق المدين اشتراط عدم مسؤوليته عـن عـدم تنفيذ الالتزام العقـدي إذا كـان راجعاً إلى غش أو خطأ جسيم للأشخاص الذين استعان بهـم في تنفيذ التزامه، حيث ظهر في الأفق بهذا الشأن اتجاهان، الأول يرى أنه لا يجوز الاتفاق على رفع المسؤولية عن أخطأ مساعديه في تنفيذ الالتزام إلا في حدود التي يجوز له الاتفاق على رفع مسؤوليته عن أخطائه الشخصية، فيكون تبعاً لذلك باطلاً الاتفاق على رفع مسؤولية المدين ناشئ عن غش أو الخطأ الجسيم الذي يصدر من الأشخاص الذي استعان بهم في تنفيذ التزامه، بينما يرى الاتجاه الآخـر والـذي تبنته المشرع العراقي أن مـن حـق الـمـدين اشتراط عـدم مسؤوليته عـن عـدم التنفيذ الراجع إلى الغش أو الخطأ الجـسيم الـصـادر مـن هـؤلاء الأشخاص.
2- بطلان تأمين المسؤولية عن الخطر الناشئ عن غش المؤمن له:
تنص الفقرة الأولى من المادة (1000) مدني عراقي على: “1 – يكون المؤمن مسؤولاً عن الحريق الذي وقع قضاءً وقدراً، أو بسبب خطأ المستفيد، ولا يكـون مسؤولاً عن الحريق الذي يحدثه المستفيد عمداً أو غشاً”، أما الفقرة الثانية من نفس المادة فتنص على أنه: 2 – ويكون مسؤولاً أيضاً عن الحريق الذي تسبب فيه تابعوا المستفيد، ولو كانوا متعمدين”([46]). ويستفاد من العبارات الصريحة لذلك النصين أن المشرع قد ميز في الحالة الأولى بين الغش والخطأ الجسيم في الحكم إذ رتب بطلان التأمين إذا كان الحريق صادراً عن غش المؤمن له دون الخطأ الجسيم، أما في الحالة الثانية فقد أبقى مسؤولية المؤمن قائمة إن كان صادراً من تابعي المستفيد ولو كان الحريق قد أضرم عن عمد أو غش.
إن التأمين من المسؤولية نظام يتشابه مع بطلان الاتفاق على الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية إذا كان ناجماً عن غش أو الخطأ الجسيم للمشترط إلا أننا نجد أن المشرع قد استثنى الخطأ الجسيم في حالة التأمين عن المخاطر ونرى أن ذلك الاستثناء راجع لتحقيق رغبات الشركات التأمين ذاتهم وذلك لزيادة إقبال الناس على التعاقد معهم وذلك من خلال اتساع رقعة الأخطاء التي يجوز التأمين عليها – مع إبقاء الغش أو الخطأ العمد وحده في دائرة الحظر من ذلك الاتفاق – باعتبارها ميزات تعاقدية يقدمها تلك الشركات لهم وفي الوقت ذاته تقوم تلك الشركات بزيادة مبلغ الأقساط التي يستلزم دفعها من قبل المؤمن له من جهة أخرى نجد أن المؤمن في حالة ارتكابه الخطأ الجسيم لا يقصد تحقيق الخطر ذاته وأن قصد إتيان الفعل الذي حقق الضرر، فتحقيق الخطر حصل نتيجة عوامل أخرى غير إرادة المؤمن له المحضة، ومن ثم لا يخل بمبدأ عدم جواز تعلق تحقيق الخطر على محض إرادة المؤمن له.
ثانياً: الأحكام المتعلقة في الحرمان من بعض مزايا قانونية:
بالإضافة لما يرتبه الغش من أثر قانوني رادع على العقد ذاته أو على أحد شروطه فقد تنحصر جزاءات الغش المدنية على حرمان المتعاقد الغاش من بعض الامتيازات الممنوحة من قبل القانون كحرمانه من المهلة القضائية التي قد يمنحها القاضي للمدين كميزة يستفيد منه لإبعاد شبح البطلان أو الفسخ للعقد وما ينتج منهما من آثار مكلفة على عاتق المدين أو حرمان المدين الغاش من التمسك بمدة التقادم القصير المقررة قانوناً لأطراف العلاقة العقدية وسريان مدة التقادم الأطول والمقرر ضمن قواعد المسؤولية التقصيرية كجزاء للطرف الغاش وعلى هذا النحو فسيتم توزيع هذا المقصد إلى فقرتين مستقلتين وبالشكل الآتي:
1- عدم جواز إمهال المدين في حالة ارتكابه الغش أو الخطأ الجسيم:
أن القاعدة في تنفيذ العقود الملزمة للجانبين أنه إذا لم يوفّ أحد المتعاقدين بما وجب عليه العقد جاز للمتعاقد الآخر بعد الإعذار أن يطلب الفسخ مع التعويض إن كان له مقتضى على أنه يجوز للمحكمة أن تنظر المدين إلى أجل، كما يجوز لها أن ترفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوفّ به المدين قليلاً بالنسبة للالتزام في جملته. إذن للقاضي وحسب سلطته التقديرية تلبية طلب الفسخ ومن ثم إيقاعه أو منح مهلة للمدين للوفاء بالتزامه([47])، وقد يلجأ إلى الخيار الثاني ويمنح المدين نظرة الميسرة، أي أجلاً لتنفيذ التزامه إذا ما تبين له من الظروف المحيطة بالقضية أن المدين حسن النية وأن عدم تنفيذه لالتزامه يعود لظروف خارج عن إرادته، أو أن ما لم ينفذ قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته، أو أن الدائن لم يصبه ضرر كبير نتيجة هذا التأخر، إلا أنه يمتنع عن منح تلك المهلة إذا ما تبيّن له أن المدين سيئ النية فيماطل بأعذار واهية أو مهمل في تنفيذ التزامه إهمالاً واضحاً بالرغم من إعذار الدائن له.
2- عدم جواز التمسك بمدة التقادم المقررة ضمن قواعد المسؤولية العقدية:
تنص الفقرة الأولى من المادة (570) مدني عراقي على أنه:” 1 – لا تسمع دعوى ضمان العيب إذا انقضت ستة أشهر من وقت تسليم المبيع، حتى ولو لم يكتشف المشتري العيب إلا بعد ذلك، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان مدة أطول. وينحصر تطبيق هذا الحكم فيما لو كان البائع حسن النية، فهو جدير بأن يوفر له القانون الأمان والاستقرار في العقد([48])، حيث يكون بمأمن من الرجوع عليه بضمان العيوب الخفية، بعد مضي مدة قصيرة تحددت بستة أشهر من وقت تسلم المشتري للمبيع، إلا أنه يفقد تلك الحماية فيما لو أخل بتلك الثقة (افتراض حسن النية) التي أولاها إياه القانون وذلك من خلال تعمد إخفاء العيب بغشِ منه بعمل مادي أو بكتمان ما أوجب إفصاحه القاعدة القاضية بتنفيذ العقود بحسن نية وعلى ذلك فقد نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على: ” 2 – وليس للبائع أن يتمسك بهذه المدة لمرور الزمان إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بغش منه”، بل يتحدد مدة التقادم في هذه الحالة، وفقاً للقواعد العامة، بخمس عشرة سنة وليست بستة أشهر([49]).
يعد عقد التأمين من عقود المعاوضة، حيث يحصل كل طرف مقابل لما يعطى، إذ ينبغي على المؤمن ان يتحمل الخطر مقابل أقساط التأمين التي يسددها المؤمن له لينعم بالأمان مقابل الأقساط التي سددها([50])، وعلى هذا الأساس لا يمكن لعقد التأمين ان يتحول إلى عقد تبرعي عند عدم تحقق الخطر المؤمن منه أثناء سريان مدة العقد حتى انقضائه، حيث إن الهدف الأساس للعقد هو التعويض عن الخسارة التي تلحق المؤمن له نتيجة رجوع الغير عليه بدعوى المسؤولية الأمر الذي يترتب عليه نتيجتان:
النتيجة الأولى: إن مبلغ التعويض لا يمكن باي جال من الاحوال ان يتجاوز مقدار الضرر الواقع، وان كان يقل عنه بالاتفاق مسبقاً، فالعقد وسيلة لدرء الخسارة فقط.
النتيجة الثانية: عدم إمكان تحديد مبلغ التعويض مسبقاً، لان التعويض المستحق لا يمكن تحديده عند إبرام العقد، وهذه نتيجة طبيعية للنتيجة الأولى لأن التعويض لا يمكن تحديده إلاّ في اللحظة التي يقع فيها الضرر.
يلتزم به كل من المؤمن والمؤمن له قبل الآخر، حيث يلتزم الأول بتغطية الأخطار حسب الاتفاق أو نص القانون بدفع التعويض أو مبلغ التأمين عند وقوعها ([51])، في حين لا يلتزم الثاني بتسديد قسط التأمين فحسب، بل يمتد ليشمل جملة من الالتزامات لضمان حسن تنفيذ العقد، وهكذا فهو التزام غير محقق أي احتمالي وليس معلق على شرط واقف بتحقق الخطر الذي يعد ركن في الالتزام وليس مجرد شرط ([52])لان العبرة في تقابل الالتزامات التعاقدية تكون بلحظة إبرام العقد وليس بلحظة تنفيذه([53]).
الأصل في العقود هو تغليب مبدأ سلطان الإرادة، ومعنى هذا أنّ الإرادة وحدها هي التي يجب أن تسيطر في الميدان الاقتصادي، وأنّ العقود لا تخضع في تكوينها وفي الآثار التي تترتّب عليها إلا لإرادة المتعاقدين. ومؤدّى هذا كلّه هو اعتبار العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز تعديل العقد إلا بتوافق الإرادتين، ولا يستقلّ أحدٌ من المتعاقدين بتعديله، وليس للقاضي صلاحية تعديل العقد أو أن يضيف إليه ما ليس منه.
كما أن كلا من الفقه القانوني والإسلامي يتفقان على أن الغش ينافي قواعد الصدق والأمانة التي تعتبر مظهرا من مظاهر حسن النية في المعاملات، وهي لون من ألوان أخلقة المعاملات في العصر الحديث، أي إضفاء الطابع الأخلاقي على المعاملات من خلال فرض واجب النزاهة والتعاون بين أطراف العلاقة العقدية.
إن كل التطبيقات التي عرضناها تعد صورة من صور الغش، ولكن الغش أعم وأشمل لأنه يمكن أن يكون في أي مرحلة من المراحل التي يمر بها العقد وهو ما يصدق على المفهوم الواسع للغش، لكن مفهومه الضيق لا يتعدى مرحلة تنفيذ العقد فهو يقع بعد التكوين وأثناء التنفيذ، كما أن نطاق الغش يختلف، فقد يكون داخل إطار العلاقة العقدية كما قد يكون خارجها.
وبناء على ما سبق وبنهاية بحثنا سنعرض أهمَّ النتائج والتوصيات التي توصلنا إليها في هذا البحث:
النتائج:
- نستنتج أن الغش في العقد ينطوي على صور وحالات مختلفة وعديدة، إلا أنه بالإمكان إجمالها في صور وتطبيقات رئيسية تتمثل في التغرير مع الغبن والصورية والتحايل على القانون والتي تناولها المشرع المدني وكذلك الاحتيال التدليس الجنائي والتزوير والتي تناولهما المشرع الجنائي، أما بالنسبة لحالاته فهو يتحدد في ثلاث نواحي رئيسية وهي الغش نحو المتعاقد والغش نحو الغير والغش نحو القانون. فأما المجال الأول (الغش نحو المتعاقد فيدخل ضمن دائرة التعاقد، أما المجال الثاني والثالث الغش نحو الغير والغش نحو (القانون فيقع تأثيرهما خارج الرابطة العقدية.
- نستنتج أن المصلحة العامة تعلو على المصلحة الخاصة، هذه المصلحة العامة قد تتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع ككل أو بفئة معينة منه، وهذا ما يبرر تنوع مجال النظام العام حيث يصنف إلى نظام عام سياسي هدفه حماية الدولة، العائلة والآداب، وإلى نظام عام اقتصادي يتفرع بدوره إلى نظام عام اقتصادي توجيهي ونظام عام اجتماعي.
- نستنتج أنه ليس هناك ما يمنع الأخذ بموقف الفقه والقضاء اللبناني إلى جانب القانون المدني العراقي حيث أنه تسترشد المحاكم في الأحكام التي أقرها القضاء في البلاد التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية في ظل غياب النص التشريعي ويمكن أن تعول على ثلاثة أسس إحداها الأساس القانوني السيم لعدم مشروعية الغش.
- نستنتج أن للمتعاقدين أن يعدلا من أحكام الضمان القانوني باتفاقات خاصة بينهما بالكيفية التي يتم تحقيق مصالحهم الذاتية، وهو على هذا النحو إما يتناول توسيع نطاق الضمان القانوني أو إنقاصه أو الإعفاء منه كلياً على أن يكون على وجه مشروع لا بقصد تحقيق مكاسب غير مشروعة عن طريق غش وخداع الطرف الآخر من خلال إبرام تلك الاتفاقات، وقد أخذ المشرع بنظر اعتباره هذا الفرض فأبطل العمل بتلك الاتفاقات فيما لو ثبت تحقيق تلك الفرضية أي غش وخداع الطرف الآخر.
التوصيات:
- ضرورة الاعتماد على نظرية عامة للغش لتطبق في حالة عدم وجود نص خاص أي عند شعور الدعم التشريعي في ظل تعدد صور الغش العقدي وتحددها، وتبني قاعدة “الغش” يفسد “التصرفات بنص قانوني صريح لتكون أساسا قانونيا يعتمد عليه القضاء لتوقيع جزاء مدني عام يغطي جميع مظاهر الغش.
- تبني موقف تشريعي أو قضائي محدد وواضح من مسألة الخيرة ما بين المسؤولية العقدية والتقصيرية. لا بأس بالأخذ برأي الفقه والقضاء المقارن والاستعانة بهما خاصة بالنسبة للقوانين المتقاربة، لفتح مجالاً واسعاً وخصباً للبحث في موضوع الغش ضمن الأنظمة المقارنة.
- وضع نص قانوني عام يمنع الغش في العقود مهما تعددت وتجدّدت نظرا لعدم مشروعيته. ونرى أن موضع النص يكون ضمن الأحكام التمهيدية للعقد، فيصبح مبدأ من بين المبادئ التي تحكم العقد وهي الحرية العقدية، والقوة الملزمة للعقد، وحسن النية الواجبة في جميع مراحل التعاقد، والتي يجب النص عليها هي الأخرى صراحة ضمن القسم المتعلق بالأحكام التمهيدية للعقد.
أولاً: الكتب:
- باسم محمد صالح، القانون التجاري، القسم الأول، الطبعة الأولى، المكتبة القانونية، بغداد- العراق، 2017.
- بهاء بهيج شكري، التأمين على الأشخاص، الطبعة الاولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2019.
- بيار إميل طوبيا، الغش والخداع في القانون الخاص، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت، 2014.
- توفيق حسن فرج، احكام الضمان (التأمين) في القانون اللبناني، الطبعة الثانية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2009.
- توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، الطبعة الثانية، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر، 2013.
- جعفر جواد الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر،2017.
- صاحب عبيد الفتلاوي، ضمان العيوب وتخلف المواصفات في عقود البيع، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 1997.
- عامر قاسم أحمد القيسي، الحماية القانونية للمستهلك، دراسة في القانون المدني والمقارن، الطبعة الأولى، دار الثقافة لنشر والتوزيع، الأردن، 2002.
- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الرابع، الطبعة السابعة، منشورات الحلبي الحقوقية، 2022.
- عبد القادر الفار، أحكام الالتزام، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2021.
- عدنان إبراهيم السرحان، العقود المسماة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2020.
- عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك (دراسة مقارنه بين الشريعة والقانون)، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2008.
- فاتن حسين حوى، الوجيز في قانون حماية المستهلك، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2012.
- كمال قاسم ثروت، الوجيز في شرح أحكام عقد التأمين، الطبعة الأولى، مطبعة الزهراء، بغداد- العراق، 2002.
- محمد حسام محمود لطفي، الاحكام العامة لعقد التأمين، دراسة مقارنة بين القانونين المصري والفرنسي، الطبعة الثانية، دار الثقافة للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2002.
- محمد حسن قاسم، القانون المدني -الالتزامات المصادر، العقد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018.
- محمد حسين منصور، المسؤولية المعمارية، الطبعة الأولى، الدار الجامعية الجديدة، الاسكندرية، 2016.
- محمود جمال الدين زكي، مشكلات المسؤولية المدنية، الجز الأول، الطبعة الأولى، مطبعة جامعة القاهرة، مصر، 1990.
ثانياً: القوانين:
قانون الموجبات والعقود اللبناني لعام 1932،
القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) الصادر لعام 1951
ثالثاً: القرارات:
قرار محكمة التمييز 1687/م4/1992 في 20/10/1998 (غير منشور).
الهوامش:
-
(( بيار إميل طوبيا، الغش والخداع في القانون الخاص، دراسة مقارنة، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت، 2014، ص 3. ↑
-
() بيار إميل طوبيا، الغش والخداع في القانون الخاص ( الإطار العقدي والإطار التقصيري)، المرجع السابق، ص 211. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (559) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) الصادر لعام 1951، والتي نصت على أنه:(( لا يضمن البائع عیباً قديماً كان للمشتري يعرفه او كان يستطيع ان يتبينه لو انه فحص المبیع بما ينبغي من العناية، الا اذا اثبت ان البائع قد اكد له خلو المبیع من ھذا المبیع او اخفى العیب غشاً منه.)) ↑
-
()جعفر جواد الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر،2017، ص126. ↑
-
() صاحب عبيد الفتلاوي، ضمان العيوب وتخلف المواصفات في عقود البيع، ط1، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 1997، ص87. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (558) في الفقرة الأولى من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951، والتي نصت على أنه:1- اذا ظهر بالمبيع عیب قديم كان المشتري مخیراً ان شاء رده وان شاء قبله بثمنه المسمى 2- والغیب ھو ما ينقص ثمن المبیع عند التجار وارباب الخبرة او ما يفوت به غرض صحيح اذا كان الغالب في امثال المبیع عدمه، ويكون قديماً اذا كان موجوداً في المبیع وقت العقد او حدث بعده وھو في يد البائع قبل التسليم. ↑
-
() جعفر جواد الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، المرجع السابق، ص 145. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (559) من القانون المدني العراقي، الصادر برقم (40) لعام 1951، والتي نصت على أنه: :(( لا يضمن البائع عیباً قديماً كان للمشتري يعرفه او كان يستطيع ان يتبينه لو انه فحص المبیع بما ينبغي من العناية، الا اذا اثبت ان البائع قد اكد له خلو المبیع من ھذا المبیع او اخفى العیب غشاً منه.) ↑
-
() توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، ط2، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر، 2013، ص 43. ↑
-
() عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الرابع، ط7، منشورات الحلبي الحقوقية، 2022، ص726. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (568) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951 والتي نصت على أنه:
1- يجوز ايضاً للمتعاقدين باتفاق خاص ان يحددا مقدار الضمان.2- على ان كل شرط يسقط الضمان او ينقصه، يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد اخفاء العیب. ↑
-
() فقد اعتنقت محكمة النقض الفرنسي هذا المبدأ وذلك عندما أصدرت دائرة العرائض حكماً بهذا الشأن وذلك في 1940/10/23. وقد تبنت الدائرة المدنية ذلك المبدأ في حكمين أحدهما أصدرته في سنة 1954 والثاني في سنة 1965، للاطلاع على تلك الأحكام. ↑
-
() فقد قضت محكمة النقض الفرنسي بأنه لا يجدي البائع المهني في شيء أن يقدم مستندات ليثبت حسن نيته، ولا يشفع له كذلك أن يدعي أن عقد البيع بوجب عليه اللجوء إلى الوسائل الفنية التي كانت ضرورية لاكتشاف العيب، أو أن يحتج بأن جهله كان مشروعاً بالنظر إلى حداثة مواد البناء وعدم إمكان معرفة ما بها من عيوب إلا عن طريق الاستعمال، أو تمسكه باستحالة اكتشاف العيب. ↑
-
() محمود جمال الدين زكي، مشكلات المسؤولية المدنية، الجز الأول، ط1، مطبعة جامعة القاهرة، مصر، 1990، ص421 وما بعدها. ↑
-
() جعفر جواد الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، المرجع السابق، ص 130. ↑
-
() صاحب عبيد الفتلاوي، ضمان العيوب وتخلف المواصفات في عقود البيع، المرجع السابق، ص 68. ↑
-
() عامر قاسم أحمد القيسي، الحماية القانونية للمستهلك، دراسة في القانون المدني والمقارن، ط1، دار الثقافة لنشر والتوزيع، الأردن، 2002، ص83. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (556) الفقرة الأولى من القانون المدني العراقي رقم (40) لعام 1951، والتي نصت على أنه:
1- يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص ان يزيدا في ضمان الاستحقاق او ان ينقصا منه او ان يسقطا ھذا الضمان2- ويفترض في حق الارتفاق ان البائع قد اشترط عدم الضمان، اذا كان ھذا الحق ظاھراً او كان البائع قد ابان عنه للمشتري3- ويقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان او ينقصه، اذا كان البائع قد تعمد اخفاء حق المستحق. ↑
-
() عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك (دراسة مقارنه بين الشريعة والقانون)، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2008، ص 576. ↑
-
() جعفر جاد الفضلي، الوجيز في العقود المدنية، المرجع السابق، ص 120. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (556) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (557) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (556) الفقرة الثانية من القانون نفسه. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (557) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) من العام 1951. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (568) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) من العام 1951، والتي نصت على أنه:
1- يجوز ايضاً للمتعاقدين باتفاق خاص ان يحددا مقدار الضمان. 2- على ان كل شرط يسقط الضمان او ينقصه، يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد اخفاء العیب. ↑
-
() صاحب عبيد الفتلاوي، ضمان العيوب وتخلف المواصفات في عقود البيع، المرجع السابق، ص 113 وما بعدها. ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (570) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951، والتي نصت على أنه:
1- لا تسمع دعوى ضمان العیب إذا انقضت ستة اشھر من وقت تسليم المبیع، حتى لو لم يكشف المشتري العیب الا بعد ذلك، ما لم يقبل البائع ان يلتزم بالضمان مدة أطول. 2- ولیس للبائع ان يتمسك بھذه المدة لمرور الزمان إذا ثبت ان اخفاء العیب كان يغش منه ↑
-
() ينظر في تفصيل ذلك، المادة (167) من القانون المدني العراقي الصادر برقم (40) لعام 1951، والتي نصت على أنه:
1- إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد او بنص في القانون فالمحكمة ھي التي تقدره 2- ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد سواء كان التزاماً بنقل ملكیة او منفعة او أي حق عیني آخر او التزاماً بعمل او بامتناع عن عمل ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بسبب ضياع الحق علیه او بسبب التأخر في استيفائه بشرط ان يكون ھذا نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين بالالتزام او لتأخره عن الوفاء به. 3- فإذا كان المدين لم يرتكب غشاً او خطأً جسیماً فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعاً عادة وقت التعاقد من خسارة تحل او كسب يفوت. ↑
-
() فاتن حسين حوى، الوجيز في قانون حماية المستهلك، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2012، ص16. ↑
-
() المادة (856) القانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951. ↑
-
() عدنان إبراهيم السرحان، العقود المسماة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2020، ص34. ↑
-
() نصت المادة (868) من قانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951 على أنه: ” إذا تأخر المقاول في الابتداء بالعمل أو تأخر عن إنجازه تأخراً يرجى معه مطلقاً أن يتمكن من القيام به كما ينبغي في المدة المتفق عليها، جاز لرب العمل فسخ العقد دون انتظار لحلول أجل التسليم. ↑
-
() أما بالنسبة للقانون اللبناني فقد عَرَّفَ عقد التأمين من خلال المادة (950) من قانون الموجبات والعقود اللبناني لعام 1932، على أنَّه: “الضمان هو عقد بمقتضاه يلتزم شخص (يقال له الضامن) بعض الموجبات عند نزول بعض الطوارئ بشخص المضمون أو بأمواله، مقابل دفع بدل يسمى القسط او الفريضة”. ↑
-
() كمال قاسم ثروت، الوجيز في شرح أحكام عقد التأمين، الطبعة الأولى، مطبعة الزهراء، بغداد- العراق، 2002، ص135. ↑
-
() ينظر: المادة 136 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951. ↑
-
() باسم محمد صالح، القانون التجاري، القسم الأول، الطبعة الأولى، المكتبة القانونية، بغداد- العراق، 2017، ص261. ↑
-
() ينظر المادة: 985 من القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951. ↑
-
() محمد حسن قاسم، القانون المدني -الالتزامات المصادر، العقد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص86. ↑
-
() باسم محمد صالح، القانون التجاري – القسم الأول، المرجع السابق، ص268. ↑
-
() انظر قرار محكمة التمييز 1687/م4/1992 في 20/10/1998 (غير منشور). ↑
-
() بهاء بهيج شكري، التأمين على الأشخاص، الطبعة الاولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2019، ص 55. ↑
-
() المادة (986) القانون المدني العراقي رقم (40) الصادر عام 1951. ↑
-
() المادة(138) قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر عام 1932. ↑
-
() ينظر المادة (259) القانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951. ↑
-
() عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، المجلد الثاني، المرجع السابق، ص1086. ↑
-
() المادة (1000) من القانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951. ↑
-
() محمد حسام محمود لطفي، الاحكام العامة لعقد التأمين، دراسة مقارنة بين القانونين المصري والفرنسي، الطبعة الثانية، دار الثقافة للطباعة والنشر، عمان، الأردن، 2002، ص35. ↑
-
() عبد القادر الفار، أحكام الالتزام، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2021، ص49. ↑
-
() المادة (570) من القانون المدني العراقي رقم 40 الصادر عام 1951. ↑
-
() عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، المجلد الثاني، مرجع سابق، ص1139. ↑
-
() توفيق حسن فرج، احكام الضمان (التأمين) في القانون اللبناني، الطبعة الثانية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2009، ص318. ↑
-
() محمد حسين منصور، المسؤولية المعمارية، الطبعة الأولى، الدار الجامعية الجديدة، الاسكندرية، 2016، ص38. ↑
-
() كمال قاسم ثروت، الوجيز في شرح عقد التأمين، المرجع السابق، ص535. ↑