دراسة تأثير التغايرية المناخية على الدينامية الزراعية (1989-2023): حالة بعض الجماعات بتساوت العليا

Studying the Impact of Climatic Variability on Agricultural Dynamics (1989_2023): Case of Some Communities in the Upper Tessaout

نادية فاروق1، عماد بويزلان2، عبد الهادي مفيدي3، سعيد عزيوي4

1 طالبة باحثة بسلك الدكتوراه. كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض مراكش.

البريد الإلكتروني: farouknadia2020@gmail.com

2 طالب باحث بسلك الدكتوراه. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة السلطان المولى سليمان.

3 طالب باحث بسلك الدكتوراه. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة شعيب الدكالي الجديدة.

4 أستاذ التعليم العالي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية. جامعة القاضي عياض مراكش.

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj66/9

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/66/9

المجلد (6) العدد (6). الصفحات: 124 - 137

تاريخ الاستقبال: 2025-05-07 | تاريخ القبول: 2025-05-15 | تاريخ النشر: 2025-06-01

Download PDF

المستخلص: لقد تزايد الاهتمام بالقضايا البيئية بشكل عام، خصوصا المرتبطة بتدهور الأوساط الطبيعية من طرف العديد من الباحثين والمهتمين في العقود الأخيرة، ويشكل الجفاف أحد أهم هذه الاشكالات البيئية التي حظيت بحيز كبير من الاهتمام لما يشكله من خطر على الأمن الغذائي والمائي مع ما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية عميقة خصوصا على الدول التي يعتمد اقتصادها على الفلاحة. لذلك يعد الجفاف من أكثر المخاطر الطبيعية التي تشكل تهديدا للموارد الطبيعية بالمغرب. وفي هذا الصدد، وأمام ما يشكله الجفاف من خطر، حيث يتسبب في انخفاض مستويات المياه الجوفية والمياه السطحية، مما ينعكس سلبًا على الزراعة والنظم الطبيعية والأنشطة البشرية. في هذا الصدد تروم دراستنا لتقيم أثار التغير المناخي والجفاف على دينامية النشاط الزراعي بتساوت العليا التي تتميز بمناخ شبه جاف، خلال الفترة الممتدة من 1985 إلى 2023، بالاعتماد على مؤشر التساقطات المطري الموحد (SPI) وتوظيف نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد. من خلال تحليل النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تبين لنا أن التساقطات المطرية خلال هذه الفترة، شهدت تباينا في معدلاتها وتغايرية ملحوظة زمانيا ومجاليا، تميزت بهيمنة الفترات الجافة، وهو الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على حجم المياه المعبأة وعلى الإنتاجية الزراعية بمجال الدراسة.

الكلمات المفتاحية: التغير المناخي، الدينامية الزراعية، الجفاف، مؤشر القياس المطري SPI، تساوت العليا.

Abstract: The degradation of natural environments has become an increasingly prominent concern among researchers and specialists. Among the most pressing environmental challenges, drought stands out due to the threats it poses to food and water security, as well as its far-reaching social and economic impacts—particularly in countries where economies are heavily dependent on agriculture. In this regard, drought is considered one of the most critical natural hazards affecting natural resources in Morocco. Against this backdrop, and in light of the risks associated with drought—such as declining groundwater and surface water levels, which adversely affect agriculture, ecosystems, and human activities—this study aims to assess the combined effects of climate change and drought on the dynamics of agricultural activity in the Upper Tassaout region, a semi-arid area, over the period from 1985 to 2023, The adopted methodology is based on the use of the Standardized Precipitation Index (SPI), integrated with Geographic Information Systems (GIS) and remote sensing techniques. The analysis of the results reveals significant spatial and temporal variability in precipitation throughout the study period, characterized by the predominance of dry spells. This variability has had negative repercussions on the volume of available water resources and on agricultural productivity in the study area.

Keywords: climate variability, agricultural dynamics, drought, SPI precipitation index, high Tassaout

مقدمة:

يعتبر التغير المناخي واقعا ملموسا في الوقت الراهن وأكبر تحدٍ يواجه البشرية (IPCC 2021)، لما له من تأثير على النظم البيئية و الموارد المائية والأنشطة الفلاحية وما يترتب عن ذلك من مشاكل اقتصادية وبيئية واجتماعية تعيق تحقيق التنمية المستدامة. بذلك أصبح موضوع التغيرات المناخية يستأثر باهتمام علماء المناخ والبيئة ومختلف الباحثين والدارسين على المستوى الدولي والوطني (Barakat et al, 1998 ; ; Stour et al, 2009 ; Mahyou et al 2010 ; Sebbar et al, 2013 ; Elhafid et al, 2017). تشير النماذج المناخية إلى أن الأرض شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة منذ الثمانينيات (Hansen et al., 2021)، ومن المتوقع أن تزداد هذه الظاهرة حدة خلال القرن 21(IPCC,2021) نتيجة لتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. و تصنف دول شمال إفريقيا ضمن أكثر المناطق هشاشة وتأثرًا بالتغيرات المناخية على مستوى العالم (Verner et al., 2018). ويعتبر المغرب بحكم موقعه في العروض شبه المدارية من بين البلدان الأكثر تعرضا للتغيرات المناخية(Verner et al., 2018 ; Lionello et al., 2012) والمهددة بخطر الجفاف، حيث يشهد حاليا أطول فترات الجفاف في تاريخه الحديث، ميزته تراجع التساقطات وارتفاع درجة الحرارة (2008 , (Agoumi et Stour,وتشير السيناريوهات المستقبلية إلى أن مناخ المغرب في القرن 21 سيكون أكثر حرارة وجفافا في عموم البلاد (باحو عبد العزيز، صباحي محمد، التهامي التهامي، 2002)، مما سيؤثر على مجموعة من القطاعات الاقتصادية خصوصا القطاع الزراعي من حيت المساحات المزروعة وكمية الإنتاج لاسيما بالمناطق البورية التي تعتمد على مياه التساقطات. أمام هذه الوضعية المقلقة شرع المغرب في مسار التنمية المستدامة من خلال اتخاد مجموعة من الاجراءات والتدابير الاستباقية من أجل التأقلم مع التقلبات المناخية والتخفيف من حدتها.

  1. إشكالية الدراسة:

لقد شهد المغرب في العقدين الأخرين توالي سنوات الجفاف بفعل تأثير التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة وتراجع كمية التساقطات، مما أثر بشكل مباشر على العائدات المائية السطحية والجوفية الشيء الذي انعكس على الدينامية الزراعية ومردوديتها الإنتاجية على المستوى الوطني والجهوي ، مما يستوجب جمع المعطيات المناخية ودراستها و تحليلها من أجل مساعدة المسؤولين و الفاعلين و الفلاحين في اتخاذ تدابير وإجراءات للتأقلم مع هذه التغايرية المناخية والحد من تفاقم انعكاساتها خصوصا مع تزايد النمو الديمغرافي. في هذا الإطار تأتي هذه المساهمة العلمية لإبراز تأثير التغيرات المناخية على الدينامية الزراعية بتساوت العليا، من خلال تحليل معطيات التساقطات المطرية باستعمال مؤشر المقياس المطري SPI وتقنية الاستشعار عن بعد خلال الفترة الممتدة ما بين (1989-2023).

  1. تقديم مجال الدراسة:
  • التوطين من الناحية الإدارية:

ينتمي مجال الدراسة لإقليم قلعة السراغنة جهة مراكش أسفي وبالضبط في أقصى الحدود الجنوبية الشرقية للإقليم في اتصال مع جهة بني ملال خنيفرة، يحده إقليم الرحامنة غربا، سطات شمالا أزيلال من الجهة الشرقية والجنوب الشرقي، أما من الجهة الشمالية الشرقية هناك الفقيه بن صالح وأخيرا إقليم الحوز جنوبا.

الشكل رقم 1: التوطين الإداري لمجال الدراسة إقليميا وجهويا ووطنيا.

تندرج المنطقة المدروسة ضمن دائرة الصهريج لمزم قيادة الصهريج واركي هاتين الأخيرتين تضما 7 جماعات، ثم الاقتصار على 5 جماعات لكونها تضم جل الإشكاليات التي سيتم التطرق لها في هذه الدراسة: الجماعة القروية جماعة واركي -الجماعة القروية جماعة الصهريج. – الجماعة القرية سور العز -الجماعة القروية أولاد خلوف -الجماعة القروية الواد الأخضر.

  • التوطين من الناحية الطبيعية:

ينتمي مجال الدراسة للحوز الشرقي، الذي يقع بين الجبيلات الشرقية شمالا، والحاشية الشمالية للأطلس الكبير الغربي جنوبا، وبين الواد الأخضر شرقا، وواد غدات غربا، يبعد عن مراكش ب 40 كلم وتقدر مساحته بحوالي1500 كلم مربع، نميز داخله بين منطقة فيطوط ومنطقة تملالت ومنطقة الصهريج التي يندرج ضمنها مجال الدراسة. يحد هذا المجال من الشمال قناة الركاد ومن الجنوب سلسلة الأطلس الكبير الأوسط ومن الجهة الشرقية تنتهي بتجاعيد الصهريج التي لها اتجاه أطلسي ويخترقها مجرى الواد الأخضر، وواد تساوت غربا. (محمد الأكلع.2015)

الشكل رقم 2: التوطين الطبيعي لمجال الدراسة

  1. منهجية البحث:

لإبراز خصوصيات مناخ المنطقة وتأثيرها على الدينامية الزراعية، ارتكزت هذه الدراسة على مقاربة إحصائية مبنية على تحليل معطيات التساقطات المطرية بمحطة الصهريج وسيدي ادريس، باعتماد مؤشر القياسي المطرية SPI، الذي يعد من أكثر الطرق الإحصائية استعمالا في تشخيص مظاهر الجفاف في أي مجال جغرافي، اعتمادا على معطيات مطرية لفترة طويلة لا تقل عن 30 سنة. وقد طُبق هذا المؤشر من طرف Mckee et al, 1993 في مناطق مختلفة من العالم،. كما تبنته المنظمة العالمية للمناخ سنة 2009 واعتبرته كأهم مؤشر علمي لقياس درجة خطورة الجفاف المناخي في أي منطقة من العالم (2012OMM,). حساب هذا المؤشر يتطلب التوفر على معطيات مناخية مطرية شهرية وسنوية. يرى (1994) Guttman أن الفترة المدروسة يستحسن أن تتراوح بين 50 و 60 سنة.، حيث يسمح من تصنيف السنوات الجافة والسنوات الرطبة مقارنة بالمعدل السنوي للتساقطات المطرية (إدريس الحافيظ والزهراء زروقي،2024)، ويحسب عن طريق تطبيق المعالة التالية:

SPI = (Xi – Xm) / Si

حيث أن:

Xi : مجموع التساقطات المطرية خلال سنة (i)

Xm : معدل التساقطات المطرية السنوية خلال الفترة المدروسة

Si : الانحراف المعياري للتساقطات المطرية خلال الفترة المدروسة

وضع (Mckee et al, 1993) تصنيفا لمؤشر المطر القياسي (SPI) وحددها في ثمانية أصناف كما هو ظاهر في الجدول أسفله:

الجدول رقم 1: تصنيف مؤشر SPI حسب (McKee et all, 1993

قيم SPI

التصنيف

2≥

رطوبة شديدة جدا

ما بين 1.99 و1,5

شديد الرطوبة

ما بين 1,49 و1

متوسط الرطوبة

ما بين 0.99 و0.99-

يقارب المعدل

ما بين 1- و 1.49 –

جفاف متوسط

ما بين 1.5-و 1.99 –

جفاف حاد

2 ≤

جفاف حاد جدا

  1. النتائج والمناقشة:

1.4.المعطيات المناخية المعتمدة بالدراسة:

يندرج مناخ تساوت العليا ضمن النطاق الشبه الجاف، الذي يتميز بارتفاع درجة الحرارة وضعف التساقطات وعدم انتظامها زمانيا ومجاليا، بحيث تتراوح بين 200 و300 ملم في السنة، ميزة هذه التساقطات هي التغايرية داخل نفس السنة، ذلك أن كمية الأمطار المتساقطة خلال السنة قد تتركز في شهر واحد، في حين باقي شهور السنة تحظى بكميات قليلة، لذلك فإن العوامل المناخية بهذا المجال تتحكم بشكل كبير في كمية العائدات المائية، الشيء الذي ينعكس بشكل مباشر على المردودية الزراعية. لضبط هذا التذبذب المطري سنعتمد على المعطيات المناخية لمحطة الصهريج ومحطة سيدي ادريس التي تغطي الفترة (1985- 2021 ) ، والمحصل عليها من وكالة الحوض المائي أم الربيع، والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالحوز:

جدول رقم 2: خصائص المحطات المدروسة .

اسم المحطة

X

Y

Z

سيدي ادرس

340800

140600

640

الصهريج

328201

132833

770

1.1.4. دراسة التغايرية المطرية السنوية بتساوت العليا:

لتحليل المعطيات المناخية لابد من الوقوف على دراسة التساقطات المطرية لأهميتها البالغة في إعطاء فكرة عن التقلبات التي تعرفها التساقطات على المستوى المجالي والزماني، لأن هذا التقلب سيكون له انعكاسات مختلفة على الموارد المائية السطحية والجوفية والفرشات المائية، مما سيكون له تأثير مباشر على الفلاحة ودينامية السطح. (بوشعيب السالك ،2013)

لهذا سيتم الاقتصار على دراسة التغايرية المطرية لآن لها أهمية كبرى بالمقارنة مع دراسة تغايرية العناصر المناخية الأخرى كدرجات الحرارة و الرياح ثم الرطوبة، لأنها تكتسي أهمية خاصة على مستوى المواضيع التي تتعلق بالجانب الزراعي، حيث تعتبر التساقطات المطرية عاملا حاسما في تحديد طبيعة المردودية سواء أ كانت مرتفعة أو منخفضة .(عبد العاطي أفاندي، 2021)

المبيان رقم 1: التوزيع السنوي لمعدل التساقطات المطرية بمحطة سيدي ادريس.

المصدر: وكالة الأحواض النهرية أم الربيع بني ملال

المبيان رقم 2: التوزيع السنوي لمعدل التساقطات المطرية بمحطة الصهريج.

المصدر: مكتب الاستثمار الفلاحي للحوز 2022

يتضح من تحليل معطيات كل من محطة الصهريج وسيدي ادريس أن هناك نزعة نحو الانخفاض، مع عدم انتظام التوزيع السنوي للتساقطات المطرية كما وكيفًا من سنة لأخرى، كونها ترتفع في سنة من السنوات، وقد تنخفض في السنة التي تليها، فمثلا سجل بمحطة سيدي ادريس548.4 ملم خلال موسم 2004-2003 في حين سجل 279 ملم خلال الموسم الموالي 2004-2005، بالنسبة لمحطة الصهريج بنفس الفترة سجل 426 ملم ثم 236 ملم ،ونظرا لذلك يتسم التطور الزمني للتساقطات المطرية بالمجال بالتذبذب والتغير الشديدين حيث تتوالى سنوات رطبة أخرى جافة، مع الغلبة لهذه الأخيرة.

المبيان رقم 3: مؤشر القياس المطري SPI بمحطة سيدي ادريس.

المبيان رقم 4: مؤشر القياس المطري SPI بمحطة الصهريج.

من خلال تحليل نتائج مؤشر المطر القياسي الذي اعتمدنا عليه لتحديد تكرار السنوات الجافة والرطبة في محطات مجال الدراسة ما بين 1985 و2021، يتبين لنا أن منطقة الدراسة تعرضت إلى مواسم جافة ذات نسبة أعلى من المواسم الرطبة، حيث بلغت نسبة السنوات الجافة في محطة الصهريج 60% (21 سنة جافة) بينما بلغت نسبة المواسم الرطبة 40% (14 سنة رطبة) نفس الاتجاه عرفته محطة سد سيدي ادريس، حيث وصلت نسبة السنوات الجافة حوالي 53% أي 19 معدل سلبي انحرافي 47% مقابل 17 معدل انحرافي إيجابي.

2.4. مساهمة التغير المناخي في تراجع النشاط الزراعي:

1.2.4.تراجع مستمر للنشاط الزراعي :

عرف النشاط الزراعي بتساوت العليا تذبذبا واضحا في العقدين الأخرين، بفعل تراجع المساحات المستغلة زراعيا، الأمر الذي كان له تأثير مباشر على بينية الإنتاج، إلا أن هذا الأخير كان دائما مرتبطا بالظروف المناخية التي تعرفها المنطقة، وانعكاسها على تباين المردودية الزراعية من فترة إلى أخرى حسب السنوات المطيرة والجافة، مع سيادة هذه الأخير وتواليها.

C:\Users\hpp\Desktop\189.jpg

الشكل رقم 3: استعمال الأرض لسنة 1989.

المصدر: عمل شخصي بمعالجة مرئية القمر الاصطناعي Landsat 5و8 لسنة 1989 باعتماد برنامج Arc Gis

الطرق المساكن المجالات العارية

الزراعات البورية

الزراعات المسقية

م بالهكتار

6487

22594

3581

32662

الجدول رقم 3: مساحات الأراضي لسنة 1989.

المبيان رقم 5: نسبة الأراضي الفلاحية لسنة 1989.

يتبين من خلال قراءة وتحليل معطيات المبيان والخريطة والجدول أن فترة 1989 شهدت اختلافا مجاليا لتوزيع الزراعات المتواجدة بالمنطقة ( الزراعات البورية ، الزراعات المسقية )، حيث تقدر المساحة الإجمالية للمجال المدروس بحوالي 32662 هكتار، تغطي منها المساحة السقوية 3581 هكتار بنسبة 11 % من مجموع المجال ، تتركز الدوائر المسقية على طول مجري واد الأخضر وواد محاصر والمجالات التي تخترقها السواقي كجماعة سور العز والواد الأخضر ، بينما تهمين الزراعة البورية على حوالي69 % بمساحة تقدر ب22594 هكتار من إجمالي مساحة المجال ، مما يعكس اعتماد المنطقة على التساقطات المطرية لتلبية الاحتياجات الزراعية، أما المناطق السكنية فقد مثّلت 20% من إجمالي استخدامات الأرض، ما يدل على وجود نشاط عمراني معتدل، مع احتفاظ المنطقة بطابعها الزراعي.

C:\Users\hpp\Desktop\223.jpg

الشكل رقم 4: خريطة استعمال الأرض سنة 2023.

المصدر: عمل شخصي بمعالجة مرئية القمر الاصطناعي Landsat 5و8 لسنة 2023 باعتماد برنامج Arc Gis

الجدول رقم 4: مساحات الأراضي لسنة 1989.

الطرق المساكن المجالات العارية

الزراعات البورية

الزراعات المسقية

م بالهكتار

11252

19404

2013

32669

المبيان رقم 6: نسبة الأراضي الفلاحة لسنة 2023.

يتضح من تحليل معطيات المبيان وخريطة استعمالات الأرض بمنطقة الدراسة لسنة 2023، أن الدينامية الزراعية عرفت تغيرات هامة خلال السنوات الأخيرة ، تمثلت في تزايد مساحة المجالات العارية على حساب المجالات البورية والمسقية بمساحة تقدر ب 4765 هكتار بنسبة 20%،بينما عرفت الزراعية المسقية خاصة المتواجدة بالقرب من مجرى لخضر والسواقي تراجعا مجاليا كبيرا ، حيث انتقلت من 3581 هكتار سنة 1989 إلى 2013 هكتار سنة 2023 ، أي فقدت حوالي 1568 هكتار بنسبة 5 % ، كما نسجَّل تراجع نسبة الأراضي المخصصة للزراعات المسقية إلى 6%، نتيجة انخفاض الموارد المائية الناتج عن التغيرات المناخية، كما ورد في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC) 2024، وتوالي سنوات الجفاف التي عرفها المغرب بصفة عامة، ومنطقة تساوت العليا بصفة خاصة. مما أدى إلى تقلص المساحات المزروعة وتراجع الإنتاجية الزراعية بالمنطقة. في نفس الاتجاه، انخفضت نسبة الأراضي المخصصة للزراعات البورية إلى 59%، وهو ما يعكس بدوره تأثر هذا النمط من الزراعة بالتغيرات المناخية في الوقت ذاته، عرفت المناطق السكنية توسعًا ملحوظًا، حيث ارتفعت نسبتها إلى 35%، نتيجة التوسع العمراني المتزايد، والذي يُعزى إلى نمو الكثافة السكانية وتفكك الأسرة الممتدة، مما يُفاقم الضغط على الأراضي الزراعية ويهدد توازن استعمالات الأرض في المنطقة. الأمر الذي سيكون له انعكاس على كمية الإنتاج السنوي بمجال الدراسة.

2.2.4.تراجع مستمر للغطاء النباتي :

  • وضعية الغطاء النباتي سنة 1989:

C:\Users\hpp\Desktop\1989.jpg

الشكل رقم 5: التغطية النباتية لمجال الدراسة سنة 1989.

المصدر: عمل شخصي بمعالجة مرئية القمر الاصطناعي Landsat 5و8 لسنة 1989 باعتماد برنامج Arc Gis

يتبن من تحليل الصور الجوية خلال هذه الفترة أن الغطاء النباتي بتساوت العليا كان أكثر توازنا وكثافة بالرغم من وجود تباين في توزيعه، حيث بلغت المساحة الإجمالية لمجال الدراسة حوالي 32660.01 هكتار، في الوقت الذي بلغت مساحة المجالات العارية 20060.73 هكتار من المساحة الإجمالية ، بنسبة تقدر قيمتها ب 61% مقابل 39% بالمجالات المغطاة بمساحة تقدر ب 12599.28 هكتار، الشئ الذي يعكس أهمية الغطاء النباتي الذي كان يغطي السطح .

تضمن الغطاء النباتي خلال هذه الفترة مغروسات ومزروعات مختلفة النوع والكيف ، فالمزرعات تشكلت من بعض الخضروات كالبطاطس والبصل والفلفل والطماطم والجلبانة والعدس ، والزرعات العلفية كالفصة والبرسيم والذرة ، أما المغروسات الشجرية ممثلة بالأساس في شجرة الزيتون التي تشكل الغالبة العظمة من أشجار المجال ، إضافة أشجار أخرى كالصفصاف والخروب والصنوبر بجانب الطرقات والسواقي والعيون وأشجار اللوز بتجاعيد الحمادنة والصهريج وأشجار الفواكه الكروم والرمان والعنب التي تتواجد أغالبها بالمجالات المسقية كضفاف مجرى الواد الأخضر والمحاصر والسواقي ، ومزروعات أخرى القطن والحبوب. (عبد العاطي أفاندي، 2021).

صورة رقم 1: اليقطين سنة 2015

صورة رقم 2: البطيخ سنة 2015

C:\Users\hpp\AppData\Local\Packages\5319275A.WhatsAppDesktop_cv1g1gvanyjgm\TempState\84F0F20482CDE7E5EACAF7364A643D33\WhatsApp Image 2025-05-11 à 14.34.29_bae1644d.jpg

صورة رقم 3: شجرة الزيتون سنة 2015

صورة رقم 4: البقوليا (الفصة) سنة 2015

المصدر: الصورة 1و2(عبد الجليل رحت الله، 2019) – الصورة 3و4 أحد الساكنة

  • وضعية الغطاء النباتي سنة 2023:

C:\Users\hpp\Desktop\2023.jpg

الشكل رقم 6: التغطية النباتية لمجال الدراسة سنة2023.

المصدر: عمل شخصي بمعالجة مرئية القمر الاصطناعي Landsat 5و8 لسنة 2023 باعتماد برنامج Arc Gis

يتضح من خلال تحليل نتائج التصنيف المجالي للصورة الجوية أن الغطاء النباتي عرف تحولات هامة، تمثلت في تزايد مساحة الأراضي العارية على حساب المجالات الخضراء، حيث انتقلت من 20060.73 هكتار إلى 28814.45 هكتار من مجموع مساحة المنطقة المدروسة، بزيادة تقدر ب 8753.72 هكتار. وهو ما اتضح انطلاقا من المعاينة الميدانية للغطاء النباتي بمختلف انواعه سواء على مستوى المزروعات والمغروسات خاصة المجالات البورية التي شهدت تلاشي عدة مزروعات من خضروات ومزروعات علفية، وكذلك المغروسات خاصة شجرة الزيتون التي تعد أهم الأشجار المثمرة والأكثر امتداد مجاليا بالمنطقة المدروسة ، ويفسر ذلك بتردد الفترات الجافة ومصاحبها من تأثير سلبي على مصادر المياه السطحية والجوفية حيث أن هذه الأخيرة تقتصر على مياه الأمطار ، مما ساهم في نضوب عدة أبار وعيون (عين ولاد جلال ، عين سوق ص رقم 1 و4 ،عين الصهريج …)، أما المياه السطحية المتمثلة في السواقي المنبثقة من واد مهاصر و واد الخضر معظمها جفت خاصة التابعة لقناة الرقاد (صورة رقم 2و5)

C:\Users\hpp\AppData\Local\Packages\5319275A.WhatsAppDesktop_cv1g1gvanyjgm\TempState\45F31D16B1058D586FC3BE7207B58053\WhatsApp Image 2025-04-24 à 01.27.59_24bd801e.jpg

صورة رقم 3: ساقية عين سوق 2015

صورة رقم (2) : قناة سقوية بوركي 2015

صورة رقم 1: عين سوق 2015

المصدر: الصورة 1و2(عبد الجليل رحت الله، 2019) – الصورة 3 (أحد الساكنة )

C:\Users\hpp\AppData\Local\Packages\5319275A.WhatsAppDesktop_cv1g1gvanyjgm\TempState\359F38463D487E9E29BD20E24F0C050A\WhatsApp Image 2025-04-27 à 12.10.03_4049a4c0.jpg C:\Users\hpp\AppData\Local\Packages\5319275A.WhatsAppDesktop_cv1g1gvanyjgm\TempState\792C7B5AAE4A79E78AAEDA80516AE2AC\WhatsApp Image 2025-04-25 à 14.31.56_7a019bda.jpg

صورة رقم 5: قناة سقوية بوركي 2025

صورة رقم 4: عين سوق 2025

صورة رقم 6: ساقية عين سوق 2025

المصدر: الصورة 4و5و6 خرجة ميدانية 20/04/2025

C:\Users\hpp\Desktop\ndvi nadia.jpg

الشكل رقم7 : خريطة مقارنة الغطاء النباتي بين الفترتين 1989 و2023 .

خاتمة:

نستنتج من هذه الدراسة أن التغايرية المناخية التي شهدتها المنطقة بفعل تردد سنوات الجفاف التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، خصوصا عنصر التساقطات المطرية، كان لها انعكاس مباشر على العائدات المائية، وشكلت عماد القطاع الفلاحي بالمنطقة وعامل متحكم في الإنتاجية الزراعية سواء الزراعة البورية أو المسقية، حيث أنه المجال خلال الفترة 1989و2023 عرف تلاشي لمجموعة من المنتوجات الزراعية كبعض الخضروات، والزراعات العلفية، المغروسات خاصة الزيتون لأنه كان ركيزة الفلاحة التسويقية بالمجال لأنه لعب دور مهم في تحريك الاقتصاد المحلي، لكن في ضل تنامي ظاهرة الجفاف أضحت هذه المغروسات والمزروعات لا تلبي حتى متطلبات الفلاحة المعيشية للساكنة، لذا الإنتاجية الزراعية بتساوت العليا تبقى رهينة الوضعية المناخية. مما يتطلب تدبير رشيد وأكثر عقلانية لهذه الموارد من أجل تخفيف وقع التغايرية المناخية على الإنتاجية الزراعية. والتأقلم مع هذه الوضعية لضمان استدامة محلية.

قائمة المراجع:

  • Barakat et al., 1998: “Impact des changements climatiques sur l’agriculture au Maroc”
  • Elhafid et al., 2017: “Changements climatiques et biodiversité agricole au Maroc”
  • Hansen, J., Sato, M., & Ruedy, R. (2012). Perception of climate change. Proceedings of the National Academy of Sciences, 109(37), E2415-E2423.
  • IPCC (2021). Sixth Assessment Report (AR6) – Summary for Policymakers
  • Lionello, P., et al. (2012). The Climate of the Mediterranean Region: From the Past to the Future.
  • Mahyou et al., 2010: “Changements climatiques et sécurité alimentaire au Maroc”
  • Mckee T.B., Doeskenet N.J et Kleist J. (1993). The relationship of drought frequency and duration to time scale. In: Proceedings of the Eighth Conference on Applied Climatology, Anaheim, California, du 17 au 22 janvier 1993. Boston, American Meteorological Society, pp 179–184.
  • Sebbar et al., 2013: “Effets des changements climatiques sur les cultures agricoles au Maroc”
  • Stour et al., 2009: “Changements climatiques et ressources en eau au Maroc”
  • Verner, D. et al. (2018). Climate Variability, Drought, and Drought Management in Morocco’s Agriculture Sector. World Bank Group.
  • إدريس الحافيظ والزهراء زروقي،2024، الجفاف وانعكاساته البيئية بالمغرب، ندوة دولية : حول المخاطر الهيدرومناخية والجيومورفولوجية: تصنيف، خرائطية وتدبير، كلية الأداب والعلوم الإنسانية وجدة ، 8 ص.
  • باحو عبد العزيز، التهامي التهامي وصباحي محمد، 2014، التغيرات المناخية وانعكاساتها العامة على الموارد المائية والفلاحة وسبل التأقلم معها، مجلة جغرافية المغرب، مجلد 29، ص-ص:17_38.
  • بوشعيب السالك،2013، المناخ ودينامية السطح وعلاقتها بالتنمية المستدامة منطقة مليلة نموذجا مقاربة بتقلبات الاستشعار البعدي ونظم المعلومات الجغرافيا، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه شعبة الجغرافيا، جامعة الحسن الثاني، كلية الأداب والعلوم الإنسانية المحمدية الصفحة 133.
  • ديبون أ.، 2007، الدينامية المناخية، وتأثيرها على زراعة الحبوب الرئيسية بالجزء الشمالي الغربي للمغرب، أطروحة لنيل دكتورة في الجغرافيا، الجزء الثاني، 341 ص.
  • عبد الجليل رحت الله،2019، الموارد المائية بالنهاية الشرقية لسهل الحوز بين كثافة الاستغلال وتدبير الفاعلين، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه شعبة الجغرافيا، كلية الأداب والعلوم الإنسانية مراكش.
  • عبد العاطي أفاندي ،2021، التغايرية المطرية والإنتاج الزراعي بالمناطق البورية حالة جماعتي الصهريج وأولا خلوف، كلية الأداب والعلوم الإنسانية مراكش.
  • قراءة وتحليل خريطة الصهريج الطبوغرافية 1\5000.
  • محمد الأكلع ،2015، الانسان ودينامية الوسط الطبيعي بالحوز الشرقي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه دولة، كلية الأداب والعلوم الإنسانية القاضي عياض.
  • مكتب الاستثمار الفلاحي للحوز 2022.
  • وكالة الأحواض النهرية أم الربيع بني ملال2022.