قراءات حول النزاعات المسلحة وتأثيرها على الأمن والاستقرار في السودان 1954-2025م
Readings on armed conflicts and their impact on security and stability in Sudan 1954-2025
د. محمد خالد محمد عبد الله1
1 الاستاذ المشارك متخصص في العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة القضارف
بريد الكتروني: Drmohamedkhalid7@gmail.com
DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj65/17
المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/65/17
المجلد (6) العدد (5). الصفحات: 201 - 214
تاريخ الاستقبال: 2025-04-07 | تاريخ القبول: 2025-04-15 | تاريخ النشر: 2025-05-01
المستخلص: تناولت الدراسة ظاهرة النزاعات المسلحة في السودان والعديد من الأسباب العديدة التي أدت إلي ظهور هذه الظاهرة مثل ضعف التنمية وعدم التوازن في توزيع الثروة والسلطة وغيرها من العوامل الداخلية ، وما نتج عن ذلك تدهور اقتصادي وتدهور في البني التحتية وحروب مناطقية أدت إلي النزوح واللجوء في بعض الحالات وعدم استقرار سياسي وأمني وكان أخطرها حركة الدعم السريع وما أحدثه من فوضى عارمة في الحرب الدائرة ألان منذ العام 2023م . وهذا ما دعاني اكتب في هذه الورقة البحثية عن النزاعات والحركات المسلحة لنقف على أسبابها وتأثيرها على أمن البلاد واستقراره ، حتى نتجنب الانزلاق مرة أخرى في مثل هذه الأزمات الخطيرة، استخدمت في الورقة المنهج التاريخي والتحليلي ومنهج دراسة الحالة، وتوصلت الدراسة إلي مجموعة من النتائج من ضمنها تمثل النزعات المسلحة مشكلة رئيسية للاستقرار السياسي والأمني في السودان وأدى نشاط الحركات المسلحة في السودان إلى تفشي ظاهرة تسليح المواطنين بصورة غير شرعية وكذلك برز طابع الانتماءات الأولية (القبلية والجهوية) والتصادم الاجتماعي في مقابل الانتماء القومي مما أدى ذلك إلى تهتك النسيج الاجتماعي في السودان وأوصت الدراسة توزيع السلطات والثروات بعدالة ما بين الولايات والمركز لسد باب المنادى بالتهميش، إزالة كافة أنواع الغبن الاجتماعي والاقتصادي والثقافي داخل المجتمع السوداني، تحسين العلاقات مع دول الجوار وخلق استثمارات مشتركة لكسر حاجز الخصومات التي أضرت بالسودان والقارة الأفريقية.
الكلمات المفتاحية: التصادم الاجتماعي، الجهوية، الانتماء، التهميش، الخصومات.
Abstract: The study addressed the phenomenon of armed conflicts in Sudan and the myriad of factors that have contributed to its emergence, such as the deficiencies in development, the imbalance in the distribution of wealth and power, among other internal elements. Consequently, this has led to economic deterioration, the degradation of infrastructure, regional wars resulting in displacement and asylum in certain instances, and political and security instability, with the most alarming development being the actions of the Rapid Support Forces, which have incited widespread chaos amidst the ongoing conflict since 2023. This is what prompted me to compose this research paper on conflicts and armed movements, to delve into their causes and their impact on the nation’s security and stability, in hopes of averting a relapse into such perilous crises. In the paper, I employed historical and analytical methodologies, as well as a case study approach, leading to several findings, including that armed movements constitute a principal challenge to political and security stability in Sudan. The activities of these armed groups have resulted in a rampant phenomenon of unauthorized civilian armament, further exacerbated by the rise of primordial affiliations (tribal and regional) and social conflict, which stand in opposition to national unity. This has contributed to the fracturing of Sudan's social fabric. The study recommends a fair distribution of authority and resources between the states and the central government to mitigate calls for marginalization, the removal of all forms of social, economic, and cultural grievances within Sudanese society, the enhancement of relations with neighboring countries, and the establishment of joint investments to break the barriers of enmity that have harmed both Sudan and the African continent.
Keywords: social conflict, regionalism, identity, marginalization, enmity.
المقدمة :
شهد السودان خلال الفترة من عام 1954م وحتى العام 2025م توتراً على الصعيد السياسي والأمني للبلاد ، ويعزى ذلك لدور التدخل الأجنبي على وجه الخصوص ، من خلال توفير المأوى والملجأ للمعارضة السودانية وأجنحتها المسلحة بتقديم الدعم والتدريب والتسليح ولعوامل داخلية كثيرة منها استمرار الأزمة السودانية بكل جوانبها المختلفة وضعف التنمية وعدم توازنها وغيرها من العوامل الداخلية ونتج عن ذلك تدهور في البني الأساسية وتدهور اقتصادي واللجوء والنزوح وعدم استقرار سياسي وامني شاب الساحة السياسة السودانية كلها وتوج ذلك بمساعدة الحركات المسلحة ونتج عن ذلك تآكل في الأطراف وتناقص في السيادة الوطنية ومنها جاء موضوع هذا الدراسة للوقوف على اثر النزاعات المسلحة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان .
أهمية الدراسة :
أصبحت الحركات المسلحة هاجساً لاستقرار السودان وأكثر مهدداته الأمنية، لذا تحاول هذا الدراسة التعرف على اثر الحركات المسلحة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان ومحاولة تحديد حجم العلاقة ما بين تلك الحركات والتدخل الأجنبي في شئون السودان الداخلية، كما تحاول الدراسة التعرف على الدوافع الأساسية إلى حمل السلاح والآثار المترتبة على ذلك.
أهداف الدراسة :
معرفة اثر النزاع على الاستقرار السياسي والأمني في السودان، معرفة الحركات المسلحة السودانية وأنشطتها. والتعرف على حجم العلاقة والتنسيق ما بين الحركات المسلحة والمجتمع الخارجي.
هنالك تداخل مابين العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان ، لاسيما في ظل العولمة والتحولات السياسية التي طرأت في التفاعلات العالمية وتقاطع المصالح .
منهج الدراسة : تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي ومنهج دراسة الحالة السودانية والذي يرتكز أساساً على تصوير وتحليل خصائص النزاعات المسلحة والمشكلات المترتبة عليها.
محاور الدراسة : تم تقسيم الدراسة الى ثلاثة محاور رئيسية الاول يتناول مفهوم الاستقرار السياسي والأمني ومفهوم النزاعات وأثارها يتناول من خلاله مفهوم النزاعات المسلحة وأسبابها ومراحلها والآثار الناجمة عن هذه النزاعات .المحور الثاني الاستقرار السياسي والأمني في السودان المحور الثالث النزاعات المسلحة والاستقرار السياسي والأمني في السودان وأهم النتائج والتوصيات.
المحور الأول إطار مفاهيمي :
عن مفهوم النزاعات المسلحة والاستقرار السياسي والأمني :
تمهيد: يتناول المحور مفهوم الاستقرار في اللغة والاصطلاح ويتعرض إلى مفهوم الاستقرار السياسي والأمني ومفهموم النزاعات وطبيعتها ومراحلها . وتأتي النزاعات نتاج لتضارب القوى على المصالح ذلك لأن الحكومات تتبنى أهدافاً يغلب عليها طابع أيدلوجي ،كما يعتبر غياب الديمقراطية والحكم غير الرشيد وسوء توزيع السلطة والثروة ، والاختلاف في الأيدلوجيات والهوية من الأسباب التي تؤدي إلى النزاعات المسلحة . أيضاً هناك العديد من الأسباب التي أسهمت في النزاعات المسلحة كالخوف والفقر وانتشار السلاح غير المشروع وثقافة العنف التي ازدهرت بسبب التقدم العسكري وسهولة الحصول على السلاح . كما يتناول الآثار والنتائج التي تنتج عن النزاعات من نزوح ولجوء وتعطل لعملية التنمية مما يشكل مهدد امني وسياسي خطير .
أولاً: الاستقرار في اللغة : يقصد بكلمة الاستقرار لغة ” استقر ” ” وتقار” ” وأقتره” فيه وعليه وقرره في مكان فاستقر (محمد مرسي ، 1999م ،ص64 )
ثانياً: الاستقرار السياسي اصطلاحاً :
بأنه ظاهرة تتميز بالمرونة والنسبية وتشير إلى قدرة النظام على توظيف مؤسساته لإجراء ما يلزم من تغيرات (نيفن ، مسعد ،،بيروت ، 1988م ص (هـ)).
ولذلك نجد أن الدولة المتقدمة عسكرياً وامنياً والمتخلفة سياسياً هى التي يهتز فيها الاستقرار السياسي لأبسط الأسباب والعوامل ، أما الدول التي تعيش حياة سياسية فعالة ، وتشترك جميع قوى المجتمع في الحقل العام وفق أسس ومبادئ واضحة فهي الدول المستقرة والمتماسكة والتي تتمكن من مواجهة كل مؤامرات الأعداء ومخططاتهم . وعلى ذلك فان قوة الدولة واستقرارها يرتبط بمستوى الرضا الشعبي وبمستوى الحياة السياسية الداخلية، التي تفسح المجال لكل الطاقات والكفاءات للمشاركة في الحياة العامة .
وكذلك من تعريفات الاستقرار السياسي توفر حياة عامة دعائمها مبادئ دستورية تضمن تمتع المواطنين بحقوقهم الأساسية وممارستهم لهذه الحقوق في ظل أنظمة وقوانين تسهر على تطبيقها أجهزة حكم قادرة وفاعله (محمد مرسي، مرجع سابق ،ص65).
ومن المقومات الأساسية للاستقرار السياسي في المجتمع الحكم العادل الذي يراعي شئون المواطنين ويعمل على توفير أسباب الطمأنينة والاستقرار النفسي والمعيشي لهم مع ما يتطلبه من توفير سبل العيش الكريم. فالاستقرار السياسي أمر أساسي في حفظ المجتمع الإنساني من الاهتزاز المستمر الذي يزعزع الحياة الاجتماعية والأسس التي تقوم عليها فتعم الفوضى ويسود عدم الاستقرار وهذا يباعد بين الناس فيشعرون بالخوف على حاضرهم ومستقبلهم.
عدم الاستقرار السياسي :
يعتبر عدم الاستقرار السياسي المحصلة الطبيعية لمشكلتي تضاؤل الشرعية من ناحية ، وقصور الفعالية من ناحية أخرى . حيث يترتب عليهما إجمالاً تدهور الممارسة السياسية للسلطة والانتقال إلى درجة أو أخرى من درجات القمع والإكراه. ومن المفيد الإشارة إلى أن بعض الدراسات العلمية خلصت إلى أن هناك ثلاثة أبعاد أساسية لمفهوم عدم الاستقرار السياسي(مجدي حماد: بيروت، 1998م ص (271))
أولها : عدم استقرار المؤسسات السياسية ويتضمن ذلك أساساً ظاهرة عدم الاستقرار الحكومي ، سواء التغير في الحكومة القائمة أم تغيرها كلها . أو حل البرلمان أو الاستغناء عنه كلياً .
ثانيها : التفكك السياسي ، بمعنى شيوع عدم التكامل بين النخبة الحاكمة والجماهير ، فضلاً عن عدم التكامل على مستوى المجتمع حيث تبرز أولوية وأهمية الولاءات العشائرية والقبلية والدينية والإقليمية.
وثالثها : العنف السياسي ، ويتضمن العنف الحكومي بمعنى استخدام الحكومة لوسائلها القهرية إزاء المجتمع والقوى السياسية والاجتماعية الناشطة فيه من جهة ، والعنف الشعبي الذي يتمثل في لجوء القوى السياسية والاجتماعية والجماهير غير المنظمة في شكل عام استخدام الوسائل العنيفة بقصد التأثير على الحكومة أو إضعاف مواقفها أو الإطاحة بها كلياً من جهة ثانية ، وهو يمتد في الاتجاه نحو الثورة كتعبير عن حالة عدم الرضا عن الوضع القائم من جهة ثالثة . ومن هنا تعتبر ظاهرة عدم الاستقرار السياسي بأبعادها الثلاثة المحصلة النهائية لما ينشأ بين مشكلتي الشرعية والفعالية من علاقات (مجدي حماد، نفس المصدر، ص 273) . وعلى ذلك يعتمد تراكم مقومات الاستقرار على قدرة وكفاءة النخبة العسكرية في مواجهة المشكلات والأزمات العديدة التي يموج بها المحيط الاجتماعي والسياسي والتي حالت دون شيوع الاستقرار بين جنباته من ناحية ، كما يعتد على السلوك السياسي لتلك النخبة في ممارستها للسلطة .
ثالثاً: الأمن في اللغة و الاصطلاح : يقصد بكلمة الأمن لغةً ” الأمان” و ” الأمانة ” وقد امن ” وآمنه” بفتحتين فهو ” آمن ” وفي اللغة أيضاً الأمن هو الاطمئنان والسكينة . والبلد الآمن : هو البلد الذي اطمأن فيه أهله قال تعالي (والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين.( سورة التين الآيات من (1-3)
رابعا ً: الأمن اصطلاحاً :-
يقصد به الاطمئنان وعدم الخوف والأمان وهو يعني الإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة لتأمين أفرادها ومنشأتها ومصالحها الحيوية .
تعريف الأمن وأهميته :
هناك تعريفات كثيرة للأمن منها : أن الأمن هو الطمأنينة والهدوء والقدرة على مواجهة الأحداث والمواقف دون اضطراب و امن الدولة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية والرفاهية الاجتماعية وبذلك يكون الأمن هو القضاء على الجوع والفقر ، (وضرب الله مثلاً قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لبأس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (سورة النحل الآية (112)).
مفهوم النزاعات المسلحة :
تعريف النزاع : كما عرف الدكتور محمد احمد عبد الغفار النزاع بأنه صفة حتمية وملازمة للتغير الاجتماعي وهو تعبير لعدم التوافق في المصالح والقيم والمعتقدات والتي تتخذ أشكالاً جديدة تتسبب فيها عملية التغير في مواجهة الضغوط الموروثة (محمد، عبد الغفار: طبعة 2003 ص (67)) .
كما أن النزاع ينشأ عادةً نتيجة وجود رغبة من جانب طرف أو أطراف معينة في القيام بأعمال تنطوي على درجة من التعارض في المصالح ، أو نتيجة لرغبتها في القيام بنفس الأعمال التي يمكن أن تقود إلى أوضاع متميزة لكل منها . وقد ذهب البعض إلى تعريف النزاع بتعريفات عديدة منها : أن النزاع هو ذلك السلوك الذي يوجهه الأفراد نحو معارضة أفراد آخرين .
تعريف النزاع المسلح :
النزاع هو الذي يعبر عن شريحة ضيقة من الصراعات يلجأ أطرافها إلى استخدام القوة المسلحة حيث يتراوح استخدام القوة بين الغزو والهجوم على المدنيين ، وحالة حرب شاملة تؤدي إلى كوارث إنسانية (محمد،عبد الغفار ،مصدر نفسه، ص (237)).
تصنيف النزاعات : أن النزاعات تفسر نفسها بأشكال مختلفة ومتسعة وذلك وفقاً للأسباب من ناحية والأطراف من ناحية أخرى والديناميكيات والنتائج من ناحية ثالثة ، ورغم المسيرة الطويلة لدراسة علم النزاعات إلا أنها لم تتوصل إلى نمط منتظم لتصنيفها وفيما يلي بعض الأنماط التي يمكن القول أنها تمثل دمجاً لطبيعة النزاعات الحالية :
- النزاعات التي تتعلق بالشرعية
- نزاعات التغيرات الانتقالية
- نزاعات الهُويٌة
- نزاعات التخلف والتنمية
مستويات النزاع : رصدت جامعة أبسالا بالسويد ثلاثة تصنيفات أو مستويات للنزاعات على أساس كمي والتصنيف الأول يسمى بالنزاعات المحدودة وهى ذلك النوع من النزاعات الذي يصل عدد القتلى فيه مائة قتيل في العام فأقل ، أما التصنيف الثاني للنزاعات الذي يسمى بالنزاعات المتوسطة ، فهي ذلك النوع من النزاعات الذي يصل عدد القتلى فيه إلى ألف قتيل في العام . وأخيراً المستوى الثالث للنزاعات ويسمى بالحروب ويعني به الحرب الأهلية والتي يصل عدد القتلى فيها إلى أكثر من ألف قتيل في العام.
وقد اصطلح مشروع جامعة أبسالا على تسمية النوعين الأخيرين من النزاعات الرئيسية بالنزعات العنيفة وذلك لما تحدثه هذه النزاعات من خسارة في الأرواح وتسببه من كوارث إنسانية وبيئية ، وانهيار في البنيات الاقتصادية ، وقد تؤدي إلى انهيار الدولة . وقد بلغ عدد هذا النوع من النزاعات في العام 1997م ثلثي النزاعات الداخلية في العالم (عبد الفراج، محمود، رسالة ماجستير، غير منشورة ، جمعة النليين ، 2008م ، ص8)
مراحل النزاع : تمر النزعات في الغالب بعدة مراحل ولكن الكٌتاب لم يتوصلوا إلى اتفاق جامع على ماهية تلك المراحل ومدة كل منها ، ومن بين النماذج الأكثر قبولاً وانتشاراً في هذا الصدد ، النموذج الذي يقدمه الكاتب لويس بوندي والذي يقترح من خلاله عدة مراحل تمر بها عملية النزاع وهذه المراحل هي :-
- مراحل النزاع الخفي : في هذه المرحلة يكون هناك سبب أو مصدر ويحتمل أن يتطور منه صراع ولكنه لم يحدث بعد أي انه لا يزال خفياً ومدفوناً.
- مراحل الشعور بالنزاع : في هذه المرحلة يتولد شعور أو انفعال عاطفي لدى أطراف النزاع أي شعور شخصي وداخلي بالنزاع مثل القلق والتوتر والغضب ، ويصبح كل منهم طرفاً في الصراع ، وهمه الأكبر الفوز ولو على حساب الأهداف العامة .
- مرحلة النزاع المكشوف أو الظاهر: وفي هذه المرحلة يظهر النزاع إلى العلن ويطفو على السطح، ويصبح مكشوفاً ويتم التعبير عنه سلوكياً بحيث يسعى كل طرف بصورة متعمدة إلى إحباط خصمه ، وعدم التعاون معه وتخريب وتحطيم أهدافه لأنه لا مجال للعمل المشترك البناء.
- مرحلة التشكل: وتظهر هذه المرحلة عندما يكون هناك انقسام حول الحقوق أو مستقبل القطر أو تبرز مجموعة تعتبر نفسها هي صاحبة الحق.
- مرحلة التصعيد: تبدأ هذه المرحلة عندما تصل أطراف النزاع إلى مرحلة في التعبير الصريح العدواني عن طريق التهديدات بوسائل الصحافة والإعلام، وتتميز هذه المرحلة بتزايد الاستقطاب والندية ودخول الأطراف في دوامة العنف.
- مرحلة التفاقم : تتحرك فيها أطراف النزاع لتصل مرحلة المواجهة بين مجتمعاتها والاستمرار في النزاع المسلح ، ويكون الاتصال الوحيد مع الطرف الأخر هو الهجوم العسكري المسلح أو الدفاع ، ويعبر عن هذه المرحلة بأنها حرب استنزاف (عبد الفراج، مصدر سابق، ص12) .
أسباب النزاع: تتعدد أسباب النزاع وتشمل الأتي :
- الموارد والمصالح التي اشتد النزاع حولها نسبة للزيادة في السكان وزيادة معدلات الاستهلاك.
- طريقة الحكم وتوزيع السلطة والثروة – كلما كانت الدولة أكثر ديمقراطية وقبولاً لدى المواطنين من ناحية ممارسة الحياة السياسية والتوزيع العادل لثروة البلاد وأتاحت الحريات العامة وفقاً لضوابط المنصوص عليها في الدستور ، وكلما كانت عادلة في توزيع السلطة والثروة أدى ذلك إلى استقرارها وبعدها عن النزاعات .
- الأيدلوجية والدين – اختلاف الأفكار والقيم وتفصيل القوانين والدساتير على حسب أيدلوجيات الأنظمة الحاكمة يؤدي ذلك إلى بروز النزاع .
الهوية “العرقية” والنزاع الاجتماعي الممتد (كما حدث في بورندي) وهناك العديد من الأسباب التي أسهمت في النزاعات المسلحة كالخوف والفقر والتسلح وثقافة العنف التي ازدهرت بسبب التقدم التكنولوجي العسكري وسهولة الحصول على السلاح .(عبد الفراج، مصدر سابق، ص19)
الآثار الناتجة عن النزاعات المسلحة:
تتعد أسباب النزوح من منطقة لأخرى لأسباب مختلفة نجد منها النازعات المسلحة والجفاف والتصحر والبحث عن المراعي وغير ذلك ونجد ذلك في القارة الأفريقية التي شهدت عمليات نزوح بصورة كبيرة .
النزوح :عرف الدكتور حسين جلال الدين جبريل النزوح بأنه ظاهرة يقوم الإنسان بترك الموقع الذي يعيش فيه لأسباب تضطره لذلك بحثاً عن العيش والأمن في موقع أخر ليوفر متطلبات الغذاء والكساء والتعليم والسكن ويكون في صورة فردية أو جماعية . وهى حالة قهرية خارجه عن الإرادة وتكون داخل إقليم الدولة (حسين ، جبريل، 1991،ص23) .
أسباب النزوح: تتدرج وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى النزوح من مجموعة إلى مجموعة أخرى على حسب المشاكل التي تواجهها والضغوط التي تعاني منها ، ومعظم هذه الأسباب نتيجة إلى :
أولاً: النزاعات القبلية .
ثانياً: السياسات الاقتصادية .
وللتدهور الاقتصادي عدة سمات سالبة منها :-
- عدم الاستقرار السياسي والأمني .
- غياب الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه النشاط الاقتصادي بما يخدم أهداف وتوجهات المجتمع.
- الاستهلاك غير الرشيد والاعتماد على الإعانات الخارجية .
- الاعتماد على قاعدة إنتاجية ضيقة لا تواكب متطلبات المجتمع والتغيرات العالمية .
- تدهور البنيات الأساسية المادية والاجتماعية .
- عدم التخطيط السليم .
ثالثاً الجفاف والتصحر
رابعاً: السيول والفيضانات (قاسم ،ادم ، رساله الماجستير غير منشورة ،2004، ص (24)) .
عموماً يؤدي النزوح إلى ترك آثار سالبة كثيرة ومتعددة منها :-
- الهجرة البشرية
- الآثار الاجتماعية والثقافية
- الآثار الاقتصادية
- عدم دعم الزراعة الإقليمية أدى إلى تدهور مما حدا بالمزارعين والرعاة لترك حرفهم وهجرتهم للمناطق اكثر ـمناً .
- تزايد عدد النازحين من مناطق القتال الي الولايات الامنة يؤدي إلى مضاعفة الخدمات الأمنية بمناط تواجدهم لمنع الجريمة .
- مقابلة تكلفة غذائية غير محسوبة بالنسبة للمدين المستضيفة للنازحين الجدد على تلك الولايات
- هجرة الأراضي وانهيار الحياة في الريف ، وبالذات في الولايات المنتجة كولايات الجزيرة ونيل الابيض والنيل الازرق حيث توقف فيها الانتاج الزراعي وخرجت من الخارطة الانتاجيةفي الدولة .
الفساد البيئي : فقد يضطر بعض النازحين إلى قطع الغابات والأشجار لسد حاجاتهم من الطاقة ووجودهم في مجموعات حول المدن وعدم تطبيقهم للطرق الصحية بصورة جيدة حسب ثقافتهم التي أتوا بها من الريف ، مما يؤدي إلى انتشار الذباب والأوبئة والى زيادة عدد الوفيات( شرف الدين، إبراهيم ،الإصدارة رقم 39 ص (48))
اللجوء : ووفقاً لمعاهدة الأمم المتحدة لعام 1951م الخاص باللاجئين ، فاللاجئ هو ( أي شخص متخوف من سبب قوي ، ويسبب الخوف له نتيجة لأسباب عرقية ، أو دينية أو وطنية ، أو نتيجة لعضويته في جمعية اجتماعية محددة ، أو رأي سياسي محدد ، وهو خارج البلد الذي منح منه الجنسية ، وهو غير قادر على صد هذا الخطر الذي يسبب الخوف له فيعتبر لاجئاً).(معاهدة الامم المتحدة لعام 1951م) وقال تعالى ( لو يجدون ملجأً أو مغارات أو مدخلاً لولوا إليه وهم يجمحون ) ( سورة التوبة الآية (57))
ففي أفريقيا مثلاً ، اعتبرت منظمة الوحدة الأفريقية أللاجئ هو كل من يحتاج مساعدة أو حماية (وهذا يعتبر اكبر توسيع في العالم لتعريف أللاجئ) في عام 1969م أضافت منظمة الوحدة الأفريقية مرة أخرى للتعريف السابق (أي شخص يتعرض أو يشعر بعدوان خارجي ، أو مشاكل داخل قطره ، من حرب أهلية أو كوارث طبيعية أو خلافه ، أو أي أحداث تخل بالنظام العام في الدولة الأفريقية المعنية) . كما أن هناك أعداد كبيرة من المواطنين نزيحوا من مكان إلى أخر داخل بلدانهم ، أو إلى الحدود المجاورة لها ، نتيجة لصراع مسلح الذي يدور الان ، فقد لجو اعداد كبيرة الي دولة جمهورية مصر العربية تقدر بحوالي 10مليون لاجي حسب احصائيات المفوضية السامية لللاجئن وكذلك الي دولة شاد مليون لاجئ و دولة اثيوبيا مليون لاجي ودولة جنوب السودان وكينيا و يوغندا ( تقارير المفوضية السامية للاجئين 2024-2025) .
اثر اللاجئين على الدولة المستقبلة :-
الدولة المستقبلة للاجئين أحياناً ما تستخدم ألاجئين لتحقيق أهداف إستراتيجية وسياسية واقتصادية ، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تعلن عن نفسها بأنها من اكبر الدول المستقبلة للاجئين في العالم . ويعزى ذلك لأسباب منها الظهور أمام العالم وأمام مواطنيها بأنها دولة تقوم بأعمال إنسانية ، وتحافظ على التوازن الاجتماعي فيها ولكن في أفريقيا بعض الدول استقلت اللاجئين الفارين من الحرب الدائرة في السودان فقد رصد المرصد الدولي الانساني لحقوق اللاجئين العديد من الانتهاكات التي تعرضوا لها في الدول المستضيفة من ضمنها الاتجار بالبشر وغيرها من الانتهاكات الانسانية ( تقارير المرصد الدولي لحماية حقوق اللاجئين العام 2025م ).
المحور الثاني : النزاعات المسلحة والاستقرار السياسي والأمني في السودان :
ان النزاعات هى واحده من إفرازات عدم الإستقرار السياسي والأمني . وتأتي النزاعات نتاج لتضارب القوى على المصالح ذلك لأن الحكومات تتبنى أهدافاً يغلب عليها طابع أيدلوجي ،كما يعتبر غياب الديمقراطية والحكم غير الرشيد وسوء توزيع السلطة والثروة والاختلاف في الأيدلوجيات والهوية من الأسباب التي تؤدي إلى النزاعات المسلحة بجانب العديد من الأسباب التي أسهمت في النزاعات المسلحة كالخوف والفقر وانتشار السلاح غير المشروع وثقافة العنف التي ازدهرت بسبب التقدم العسكري وسهولة الحصول على السلاح . وسوف يتناول هذا المحور الحديث عن الحركات المسلحة النشأة والتكوين ونشاط الحركات المسلحة واثر النزاعات المسلحة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان على ضوء الحرب الدائرة الآن في السودان .
وعلى سبيل الحصر وليس التفصيل هناك عدد كبير من هذه الحركات نشأة في الدولة للاسباب آنفة الذكر ولكل حركة اسباب ودواعي قيامها وتأسيسها منها :
- نشأة حركة الأنانيا (1) في العام 1954 ( محمد، عبد الغفار، 2001 ص 199)
- نشأة حركة انانيا (2) في العام 1972
- الحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 1983م (انوني موس ، (مقال) على موقع http://www.southsud.com )
الفصائل المسلحة الأخرى بجنوب السودان :
- لواء السلام
- قوات دفاع الجنوب (ملفات خاصة 2004.. قصة الحرب والسلام ، موقع http://www.aljazeera.net ، بتاريخ السبت ، الموافق 12/1/2008)
- الفصيل المتحد .
- فصيل البيبور وقوة دفاع الاستوائية
- مليشيات المنداري (ملفات خاصة 2004.. ،مصدر سابق )
وهناك العديد من المجموعات الصغيرة المسلحة في معظم الولايات الجنوبية مثل مجموعات بور والناصر وغيرهما .
نشأة الحركات المسلحة في الفترة من (1989م-2004م) .
- التجمع الوطني الديمقراطي (التقرير الاستراتيجي السوداني لسنة 1996م ص (36))
مؤتمر البجا (صفحة التحقيقات، موقع sudaneseonline.com بتاريخ 28/10/2005م)
تنظيم الأسود الحرة (موقع صحيفة الصحافة السودانية alsahafa.info العدد (4886) بتاريخ 21/1/2007م .)
- تنظيم جبهة الشرق (توقيع اتفاق شرق السودان باسمرا ، مقال ، الانترنت موقع arabic.peopledaily.com بتاريخ 16/10/2006م)
حركة تحرير السودان ( دارفور الحقيقة الغائبة ص (65) ، المركز السوداني للخدمات الصحفية ، الخرطوم- السودان سبتمبر 2004م الطبعة الأولي 2004م)
- حركة العدل والمساواة ( دارفور الحقيقة الغائبة ، مصدر سابق ص (73))
جبهة الخلاص الوطني (الطاهر ،ادم، العدل والمساواة السودانية ،على موقع sudaneseonline.com)
مليشية الدعم السريع 2019م .
وكانت هذه الحركات وغيرها تمثل الحراك المسلح في دارفور ضد حكومة المركز بمطالبها المختلفة ، ونجد اليوم ظهور وتبلور تلك الحركات إلي تكوين جيوش موازية كانت تقف في الماضي ضد الحكومة لتحقيق مطالبها وأصبحت الآن حريصة للدافع عن مصالحها خاصة تلك التي نشأة بعد انفصال الجنوب بحركاتة المختلفة . فنجد الآن ظهور حركات في شكل دروع كما درع السودان ويمثل حاضرة البطانة في العام 2023م الذي كان حليفا لمليشية الدعم السريع في بداية ظهره ثم انقلب عليه وأصبح يقاتل بجانب القوات المسلحة كما فعلت نظيرتها حركة العدل والمساوة جناح اركو مناوي وجماعة طمبور فيما يمسى بالقوات المشتركة ، للمحافظة على استحقاقات التي نصت عليها اتفاقية جوبا للسلام في العام 2020م .
المحور الثالث: اثر النزاعات المسلحة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان على ضوء الحرب القائمة .
مساهمة بعض دول الجوار الأفريقي في عدم استقرار السودان :
لعبت أثيوبيا دوراً كبيراً في تسليح وتدريب وإيواء الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وذلك قبل سقوط نظام نميري في ابريل 1985م ، وكان الهدف مواجهة نظام نميري المتحالف مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية، ويحدث الآن في تشاد في المساعدات التي تقدمها لقوات الدعم السريع ، وكذلك ليبيا بإتاحة الفرصة للدعم السريع من الانطلاق عبر الصحاري المتاخمة للحدود من قاعدة (ساره) العسكرية في جنوب ليبيا وتجمع المرتزقة الأفارقة وغيرهم لتلقي التدريب للقتال مع صفوف الدعم السريع ضد الجيش السوداني والقوة المشتركة والتي تمثل جزء كبير من الحركات الدارفورية المناوية لقوات الدعم السريع .
التهديد الأمني (ظاهرة انتشار الأسلحة) :
أصبحت ظاهرة انتشار السلاح في السودان وداخل الولايات في غرب السودان على وجه الخصوص أمر يمثل مهدداً وخطراً على امن المواطن والوطن وعلى وجه التحديد بعد اتفاقية سلام جوبا 2020م بدأت عناصر هذه الفصائل تنتقل إلى الولايات الشمالية والولايات الوسط والشرق بأسلحتها ومشاكلها الداخلية . لذلك انتشرت مجموعات من هذه الفصائل في بعض المدن وبدأت عمليات تدريب مسلحة في بعض المواقع بحجج وادعاءات مختلفة ، تزامن ذلك مع تصعيد خلافات داخلية بين هذه المجموعات ترتبت عليها اعتداءات استخدمت فيها الأسلحة ، مما دفع الحكومة لحظر هذا النشاط وتوجيه قيادات الفصائل لنقل هذه المجموعات إلى مناطقهم (التقرير الاستراتيجي لسنة 1997م مصدر سبق ذكره ص 262) ومع بداية الحرب في الخرطوم في العام 2023م من قبل مليشيا الدعم السريع أصبح السلاح منتشر بشكل كثيف في مناطق الصراع داخل ولاية الخرطوم وامتد إلي الولايات التي كان يتواجد فيها قوات الدعم السريع بحكم شراكته في إدارة الدولة السودانية بجانب القوات المسلحة . وأصبحت الحرب من أكبر مهددات للأمن القومي السوداني .
التهديد السياسي:
في هذا الجانب تتمثل مهددات السودان في عدم الاستقرار السياسي الذي صاحب الحقب المتعاقبة على حكم البلاد منذ الاستقلال وكثرة تقلب الحكومات خاصة بعد الإطاحة بحكومة البشير وحكومة حمدوك الأولى والثانية في فترة الانتقال الديمقراطي. مما مثل مهدد امني على الأمن القومي السوداني ، أيضا تأخر النضج السياسي والفهم الديمقراطي والممارسة الديمقراطية ، نجد أن الحكومات العسكرية والمدنية معاً مثلا مهدد سياسي من خلال همجية الحكومات المدنية ، ودكتاتورية وقمعية الحكومات العسكرية وقد أدى الصراع السياسي إلى ضعف الشعور بالانتماء القومي وضعف المشاركة الشعبية في النظام السياسي خاصة بعد ثورة الحادي عشر من سبتمبر وتفاصيل ما بعد الثورة .
التهديد الاقتصادي:
وهذه المهددات تتعلق بمستوى معيشة الأفراد باعتبار أن هذا المستوى يؤثر بشكل قوي على درجات استقرار المجتمع ، والملاحظ أن أكثر المجتمعات عرضة لأعمال العنف هى الفقيرة التي ينخفض عندها مستوى العيش وضمور ناتجها القومي والملاحظة الثانية أن أعمال العنف التي وقعت في العالم نجدها انحصرت بدول العالم الثالث الفقيرة لان هذه المجتمعات تمثل الوسط المناسب لنشوء ونمو الأفكار المتطرفة بسبب العيش تحت وطأت روح العدوان المضاد المستمر إزاء الفئة المترفة التي غالباً أما يمثلها رموز السلطة في مثل هذه المجتمعات والتي يشكل سلوكها المترف واستحواذها على غالبية الموارد فتنعكس في عدم العدالة في توزيع السلطة والثروة وارتفاع نسبة البطالة ونمو القطاع الهامشي ( أسامة ،على ، ص،34)
المهدد الاجتماعي :
أدى التباين ألاثني والثقافي والديني إلى تهديد لاستقرار السودان ، فالسودان بلد متباين الأعراق والثقافات ، به ما يزيد عن الخمسمائة قبيلة ودين، وقد أدي ذلك التباين إلى تأخير عملية تكوين القومية السودانية ، والذي اضر كثيرا بالوحدة الوطنية للبلاد واهم معالم هذا التباين حرب جنوب السودان والصراعات القبيلة والتمرد في بعض ولايات غرب السودان على الحكومات في المركز. (هويدا عز الدين، مركز ومدا الخرطوم، نوفمبر، 2015م ص 23)
اللجوء :
يعد اللجوء من أهم واخطر المهددات الاجتماعية خاصة اللجوء العشوائي غير المنضبط ، مع صعوبة تحديد اللاجئ من الوطني للظروف سالفة الذكر فاللجوء يمثل خلخلة للبنية الاجتماعية ، ونقل لعادات وثقافات قد تكون ضارة بالبلاد وعلى حساب العادات والثقافات المحلية ، كما يمثل سرقة لأسرار البلاد ومشاركة في الثروات التواجد الإثيوبي في الأراضي السودانية جراء النزاعات في إثيوبيا. (هويدا عز الدين، نوفمبر، 2015م ) وعلى اثر الحرب التي بدأت في الخرطوم حدثت موجات من اللجوء إلي دول الجوار هربا من الصراع الدائر إلي كل من تشاد ودولة مصر العربية ودولة جنوب السودان وامتد اللجوء لبعض من دول القرن الأفريقي كما ذكرت سالفا .( السودان ، قوات الدعم السريع ،تستهدف المدنيين، موقغ هيومن رايتس ووتش نوفمبر 2024م)
النزوح :
ظلت الهجرة الداخلية والنزوح بأعداد كبيرة تشكل من مناطق الصراعات في ولاية الخرطوم والولايات التي دارت بها معارك كبيرة للولايات الآمنة تحت سيطرة القوات المسلحة عاملاً يسهم في عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي . واكبر حالة للنزوح شهدتها البلاد كانت في العام 2023-2025م اكبر من موجات النزوح التي كانت في العام 1984م بسبب موجة الجفاف التي ضربت مناطق كردفان ودارفور، وتعددت الأسباب التي تدفع المواطنين للنزوح، وذلك بسبب الحرب في العاصمة القومية والولايات التي احتلتها قوات الدعم السريع . فقد نزح المواطنون في تلك الولايات الي الولايات الشرقية والولايات في شمال السودان. ومن سلبيات هذه الهجرة تفشي ظاهرة السكن العشوائي في بعض المدن السودانية ، خاصة أطراف الولايات مما دفع السلطات للعمل على تنظيم مساكن مؤقتة تحويل بعض سكان العشوائي إلى مناطق جديدة أكثر تنظيماً، بمساعدة المنظمات الوطنية والدولية مما زاد أعباء جديدة وضخمة على قطاع الخدمات المنهك أصلاً مثل المدارس والمستشفيات والمواصلات .( جمال عبد القادر ، كتائب المرتزقة تغزو السودان ، موقع اندلندت عربية 3 ديسمبر 2025م . .www.independentarabia.com https:// تاريخ الاطلاع 3 ديسمبر 2024م .)
وقد أصبحت الحرب مهدد اقتصادي ، نجد أن سكان الريف هم المنتجون الحقيقيون فالسودان دولة تعتمد على الزراعة التقليدية والرعي وهذه كلها يقوم بها إنسان الريف السوداني الذي تعرض بشكل كبير لويلات هذه الحرب بالتهجير القسري من مناطق انتاجهم مما تاثر سلبا منها الناتج القومي للدخل في الدولة . ومن الآثار الاجتماعية الضارة التي يسببها النزوح على سبيل المثال انهيار البنية الاجتماعية والعادات والتقاليد والمثل والقيم التي تقوم عليها بنية مجتمعات الريف ، فبانتقال النازح إلى مجتمع جديد وعادات وتقاليد وقيم جديدة يجد نفسه أمام تحد صعب يتمثل في التمسك بعاداته القديمة أو هجرها والانتقال لعادات وتقاليد جديدة . (د.مهدي ، دهب ، السودان بين مخاطر التقسيم والفشل المؤسسي ، مجموعة التفكير الاستراتيجي ،التقرير الاستراتيجي للمنطقة العربية شمال افريقيا والقرن الافريقي ، الجزء الثالث، 2024م نص 223)
الصراع القبلي :
يوجد في مناطق متفرقة من السودان لظروف تاريخية وجغرافية ويعتبر الصراع على الأطيان والمراعي ومصادر المياه احد أهم هذه الصراعات. لكن الصراع القبلي الذي شهده السودان في هذه الحرب المستعرة يشكل أحياناً مهدداً أمنياً يتركز في مناطق التماس بين المسيرية والدينكا وعرب الحوازمة والنوبة في جنوب كردفان. وهناك أيضاً نزاعات القبائل العربية مع القبائل الأخرى في ولايات دارفور. كذلك الصدامات التي وقعت بين البديات (احد بطون الزغاوة في تشاد) وبين قبيلة الزغاوة السودانية ،في إطار انعكاسات عمليات النهب المسلح في المنطقة .
النهب المسلح في ولايات دارفور :
ظل النهب المسلح يشكل تهديداً للأمن والاستقرار في منطقة دارفور منذ منتصف الثمانينات وحتى الآن . خاصة في المناطق التي شهد عمليات عسكرية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع . ومناطق نفوذ الدعم السريع وبطون القبائل التي تقف مع الدعم السريع في حربها تضد الدولة السودانية .
خاتمة : إن الحرب الدائرة الآن في السودان من أكبر النزاعات المسلحة التي شهدتها الدولة السودانية بعد الاستقلال بالرقم ان هنالك العديد من الحركات المسلحة التي خرجت من طوق الدولة في فترات سابقة على حكومات السودان المختلفة منها حركات انانيا ون منذ العام 1955م وحركات جيش تحرير السودان بقيادة جون قرنق الذي نجح بانفصال جنوب السودان وتأسيس دولة جنوب السودان في العام 2011م وغيرها من الحركات التي كانت في البداية مطلبيه في المشاركة في السلطة والثورة وتقليل حدة التهميش لمناطقها ، ولكن لم يكن لها كبير الأثر في الأوضاع الأمنية والاستقرار السياسي كما حدث في الحرب الدائرة الآن ، ويرجع ذلك إلي التدخلات العنيفة من دول العالم فيها ومد طرف النزاع بالسلاح مما أطال أمدها وزادت تأثيرها على الأمن و الاستقرار في السودان والمنطقة ككل .
وخلصت الدراسة إلي النتائج الآتية :
- تمثل النزعات المسلحة مشكلة رئيسية للاستقرار السياسي والأمني في السودان ودول الإقليم بشكل كبير وضح ذلك من خلال تثارير المنظمات الدولية المتخصصة .
- أتضح من خلال الصراع المسلح أن ذلك يؤدي إلى خلق جوء يشوبه التوتر السياسي والأمني .
- أدى نشاط الحركات المسلحة و الحرب الدائرة في السودان إلى تفشي ظاهرة تسليح المواطنين بصورة غير شرعية وذلك لحماية مصالحهم ومكتسباتهم وكذلك بعض القبائل دفاعاً عن مناطقهم نجد ذلك واضحاً في مناطق غرب السودان .
- ساعد تقلب العلاقات الدبلوماسية بين السودان وبعض من دول الجوار حركات المعارضة المسلحة على إيجاد أرضية تنطلق منها من خلال تسليح وتدريب وإيواء التنظيمات العسكرية المعارضة لنظم الحكم في السودان كما يحدث الأن لميشيات الدعم السريع في شاد ودولة جنوب السودان .
- أيضاً أدى نشاط الحركات المسلحة إلى هدم وعرقلة مسيرة التنمية في شتى المجالات بسبب اتساع رقعة النزاع الدائر وأتضح ذلك من خلال قطع الطرق الرئيسية وضرب خطوط أنابيب البترول
- نهب ممتلكات المواطنين والممتلكات العام المتعلقة بالأجهزة الحكومية في عدد من الولايات التي شهدت أراضيها صراعات مسلحة في ولاية الخرطوم و الجزيرة وسنار وولاية النيل الأزرق والنيل الأبيض.
- أتضح كذلك أن بعض دول الجوار الأفريقي والمسنودة من بعض الدول الغربية كان لها دوراً بارزاً تأجيج الصراع الداخلي في السودان ذلك لأسباب تتعلق بتوجه النظام الحاكم في السودان .
- برز طابع الانتماءات الأولية (القبلية والجهوية) والتصادم الاجتماعي في مقابل الانتماء القومي مما أدى ذلك إلى تهتك النسيج الاجتماعي في السودان
وعلى ضوء ما ذكر توصي الدراسة بالاتي :
- الالتزام بالحل السياسي السلمي عبر الحوار البناء باعتباره وسيلة مثلى في مثل هذه المسائل المختلف عليها ونبذ جميع مظاهر العنف السياسي .
- توزيع السلطات والثروات بعدالة مابين الولايات والمركز لسد باب المنادى بالتهميش .
- إزالة كافة أنواع الغبن الاجتماعي والاقتصادي والثقافي داخل المجتمع السوداني .
- تحسين العلاقات مع دول الجوار وخلق استثمارات مشتركة لكسر حاجز الخصومات التي أضرت بالسودان والقارة الأفريقية .
- تطبيق المبدأ الذي ينادي بالمواطنة أساس في الحقوق للواجبات ،والتي تتضمن الحرية والمساواة والعدل وحقوق الإنسان .
- عقد مؤتمرات جامعة لكل الأحزاب السودانية للتراضي السياسي وتناسي خلافات الماضي ، للخروج بالبلاد من المنعطف الخطير الذي تمر به .
- في حالة وجود تذمر لجهة ما سوا كانت ولاية أو قبيلة أو حزب سياسي يتعلق بسياسة الحكومة يجب تدارك مظاهر هذا التذمر بالجلوس والتفاكر حتى لا يستدعي ذلك حمل هؤلاء للسلاح مرة أخرى على الدولة .
- لابد للدولة أن تهتم في إنشاء مركز للاستشعار عن بعد لتتجنب الانزلاق مرة أخرى في هاوية الصراعات المسلحة وكذلك إنشاء مراكز لدعم القرار للمساعدة في وضع سياسات مرضية لجميع الأطراف داخل الدولة وبما يحقق المشاركة في مستويات اتخاذ القرار .
المصادر والمراجع
أولا : القران الكريم:
ثانياً: الكتب :
- أسامة على زين العابدين ،سياسة السودان الخارجية ،الخرطوم،مكتبة الشريف الأكاديمية، الخرطوم ،2005م .
- محمد احمد عبد الغفار ، مؤتمر المائدة المستديرة لحل مشكلة جنوب السودان (1965م-1966م) والأقليات في القانون الدولي العام ، 1992م، الجزائر2001.
- محمد احمد عبد الغفار – فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربية،بيروت ، الجزء الأول طبعة 2003 .
- مجدي حماد- العسكريون العرب وقضية الوحدة ، الجزء الأول طبعة 1998م –بيروت.
- محمد مرسي – الشرطة والاستقرار الأمني ،الخرطوم ، 1999م، بيروت .
- نيفين عبد المنعم مسعد – الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي ،بيروت ، 1988
- هويدا عز الدين، الآثار الاجتماعية والثقافية للوجود الأجنبي على مجتمع ولاية الخرطوم ، مركز ومدا الخرطوم، نوفمبر، 2015م
- د.مهدي دهب حسن دهب ، السودان بين مخاطر التقسيم والفشل المؤسسي ، مجموعة التفكير الاستراتيجي ،التقرير الاستراتيجي للمنطقة العربية شمال افريقيا والقرن الافريقي ، الجزء الثالث، 2024م
- شرف الدين إبراهيم بانقا – النازحون وفرص السلام – جامعة أفريقيا العالمية مركز البحوث والدراسات الأفريقية ، الإصدارة رقم (39).
رابعاً :البحوث والرسائل والدوريات :
المركز السوداني للخدمات الصحفية ، دارفور الحقيقة الغائبة ، الخرطوم، السودان سبتمبر 2004م .
حسين جلال الدين جبريل – بحث عن مشكلة النزوح والآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية ، الأكاديمية العسكرية الدورة السابقة 1990-1991م ص (23) .
قاسم ادم عبد الله – مهددات الأمن القومي السوداني – بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في الدراسات الإستراتجية 2004 ، جامعة الزعيم الأزهري .
عبد الفراج، محمود، رسالة ماجستير، غير منشورة ، جمعة النليين ، 2008م
خامساً :الصحف :
- صحيفة الصحافة السودانية (مقال) بعنوان : الخلاف يدق أبواب الشرق موقع صحيفة الصحافة السودانية alsahafa.info العدد (4886) بتاريخ 21/1/2007م .
ثالثاً : التقارير :
تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية- التقرير الاستراتيجي ،الخرطوم 1996م .
تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية الخرطوم- التقرير الاستراتيجي السوداني ، الخرطوم 1997م .
تقارير المرصد الدولي لحماية حقوق اللاجئين العام 2025م .
تقارير المفوضية السامية للاجئين 2024-2025.
معاهدة الأمم المتحدة لعام 1951م
سادساً : الشبكة الدولية للمعلومات :
الطاهر ادم الفكي (مقال) رقم ( 6) بتاريخ 9/5/2007م بعنوان، تأملات في تاريخ حركة العدل والمساواة السودانية _ على الانترنت موقع sudaneseonline.com
الطاهر ادم الفكي (مقال) رقم ( 4) بتاريخ 11/4/2007م بعنوان، تأملات في تاريخ حركة العدل والمساواة السودانية _ على الانترنت موقع sudaneseonline.com
جمال عبد القادر ، كتائب المرتزقة تغزو السودان ، موقع اندلندت عربية 3 ديسمبر 2025م .www.independentarabia.com https:// تاريخ الاطلاع 3 ديسمبر 2024م
انوني موس ، (مقال) على موقع http://www.southsud.com
ملفات خاصة 2004 تحت عنوان جنوب السودان.. قصة الحرب والسلام ، موقع http://www.aljazeera.net ، بتاريخ السبت ، الموافق 12/1/2008 م.
صفحة التحقيقات، موقع sudaneseonline.com بتاريخ 28/10/2005م
السودان ، قوات الدعم السريع ،تستهدف المدنيين، موقغ هيومن رايتس ووتش نوفمبر 2024م)