دَوْرُ مُعلِّمي اللّغةِ العربيّة في تَعزيزِ القِيَم الأخلاقيَّةِ في مادَّة القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ

The role of Arabic teachers in promoting moral values in reading material for primary learners

خمائل عبد عاتي1ـ د. محمّد يوسف عسّاف1

1 جامعة الجنان، كلية التربية، قسم المناهج وطرائق التدريس، الدراسات العليا، لبنان، طرابلس

بريد الكتروني: KHAMAEL252@GMAIL.COM

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj64/23

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/64/23

المجلد (6) العدد (4). الصفحات: 440 - 457

تاريخ الاستقبال: 2025-03-07 | تاريخ القبول: 2025-03-15 | تاريخ النشر: 2025-04-01

Download PDF

المستخلص: سَعَى البحث إلى مَعرفَة دَوْر مُعلِّمي اللّغةِ العربيَّة في تَعزيز القِيَم الأخلاقيَّةِ في مادّةِ اللّغَةِ العربيّة (القراءة) لتَلاميذِ الصّفِّ الخامِسِ الابتِدائيِّ. وبهدفِ الوُصولِ إلى غاية البَحثِ، اتَّبَعَتِ الباحِثَةُ منْهَجًا وَصفِيًّا تَحليليًّا، وقَدِ احْتَوَت عيِّنَةُ البَحثِ الأساسيَّةُ على أساتِذَة اللّغَةِ العربيّةِ كلِّهِم للصَّفِّ الخامِسِ الابتدائيِّ في المُؤسّساتِ التّربويّةِ الابتِدائيَّةِ الحُكوميَّة في مَدينةِ "الشّطرة" في العِراق. وهمْ مُقدَّرونَ بِـ (200) مدرِّسٍ ومُدرِّسَةٍ للُّغَةِ العربيّةِ، وتألّفَتْ عيِّنَتُها الأساسيَّةُ منْ (56) مدرِّسًا ومُدرِّسةً للُّغةِ العربيّةِ، وبلَغَتْ نِسبَتُهُم (28%) منَ العَدَدِ الإجماليِّ لعيِّنَةِ البَحثِ، واستَعمَلَتِ الباحثَةُ الاستبياناتِ لِتعزيزِ القِيَم الأخلاقيَّةِ، منْ خِلالِ النّصوصِ، ومنْ خِلالِ مهارتِهِمُ التّواصليّةِ، ومنْ خِلالِ المَنهَجِ الدّراسيّ؛ ومُحصِّلةُ البحث كالتّالي: وجودُ اختلافاتٍ ذاتِ مؤشِّراتٍ عَدَديَّةٍ ونِسبيَّةٍ في دَرَجَةِ مُساهَمَةِ مُدرّسي مادّةِ اللّغةِ العربيّةِ في تَدعيمِ القِيَم الأخلاقيّةِ في مادَّة القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ بِدرجةٍ مُتوَسِّطةٍ، ووفْقَ مُتَغيِّرِ النّوعِ المُجتمعِيِّ بمُستَوىً وسطيٍّ، ووِفْقَ مُتَغيِّرِ المَهاراتِ التّواصُليَّةِ لمُدرّسي مادّةِ اللّغَةِ العربِيَّة معَ مُتعلّميهِمْ بِدرجَةٍ مُتوَسِّطةٍ، وِفقَ مُتَغيِّرِ المنْهَجِ الدِّراسيِّ بِدرجَةٍ مُتوَسِّطة. تَوصَّلَتِ البحث إلى باقَةٍ منَ الوَصايا والاقْتِراحاتِ عَنِ المَواضيعِ المُنبثقَةِ عنْها الّتي يُمكِنُ للباحِثينَ دِراستُها.

الكلمات المفتاحية: القِيَم الأخلاقيَّةُ، مُدرّسو اللّغَةِ العَربيّةِ، مادَّةُ القِراءَةِ، الخامِسُ الابتِدائيُّ.

Abstract: The study aimed to know the role of teachers of the Arabic language in promoting moral values in the subject of reading for the fifth primary learners. Their number is (200) teachers of the Arabic language, and its main sample consisted of (56) teachers of the Arabic language, i.e. (28%) of the members of the study community. The questionnaire was adopted as a tool for the study questions, which are divided into three axes: Promoting moral values through texts, through their communicative skills, and through the curriculum. The statistical treatment was done using the spss program. The most prominent results of the study are as follows: _ There are statistically significant differences in the level of Arabic language teachers' contribution to promoting moral values in the subject of reading for fifth grade learners with a medium degree, and according to the gender variable with a medium degree, and according to the communicative skills variable of Arabic language teachers with their learners with a moderate degree, according to the curriculum variable with a moderate degree .

Keywords: moral values, Arabic language teachers, reading subject, fifth primary.

المقدِّمة:

تُعدُّ رسالةُ التّربيةِ والتّعليمِ رسالةَ الأنبياء والمُرسَلين، وهيَ أنبَلُ وأشرَفُ رسالَةٍ عَرِفَتْها الأُمَمُ عبرَ التّاريخِ، ولا تَزالُ تُؤمِنُ بأنَّها ضَرورةٌ لتَحقيقِ التّطوُّرِ والإنْماءِ للأفرادِ والمُجتمَعاتِ، عنْ طَريقِ الاهتِمامِ التّربويِّ السّليمِ بالأجيال.

وَهيَ تَزرعُ قِيَمًا تربويّةً من شأنِها تقويَةُ صلَةِ الإنسانِ بربِّهِ _عزَّ وجَلَّ_ إلى الدَّرجَةِ الّتي تجعلُهُ يراقِبُهُ في السِّرِّ والعَلَنِ، وغايتُها تَحقيقُ الطّمأنينَةِ القَلبيَّةِ للإنسانِ وتَهيئةُ الحياةِ الآمِنَةِ لَهُ في حَياتِهِ العاجلَةِ والآجلة. (علي، ٢٠٠٧: ٢١(

فالتّربيةُ تُساعِدُ على صَقلِ شَخصيَّةِ التّلميذِ، كَما تُعمِّقُ قُدرتَهُ في سبيلِ تَحقيقِ أهدافِهِ، وكذلكَ تُساعِدُ على جَعلِ المُتعلِّمِ يَكتسِبُ سماتٍ مُجتمعيَّةً عديدةً تُحسِّنُ تلاؤُمَهُ مَعها (الشّمري، ٢٠٠٥:٩(.

وللتّربيَةِ الأخلاقيّةِ أهمّيّةٌ كُبرى وفعّالةٌ على التّنبُّؤِ بالمُمارساتِ السّلوكيَّةِ في عدِّةِ مَحطّاتٍ حياتيّة، بِحيْث يُمكنُ التّنبّؤُ لِردودِ أفعالِهِ وتَصرُّفاتِهِ وتوَقُّعُها، مثلًا إذا كانَ الفردُ يتحلّى بالصّدقِ والقُدوَةِ والتّعاونِ معَ الآخرين. (الصّالح:٢٠٠٢(.

وتُشكِّلُ المنظومَةُ القِيَميّةُ الأخلاقيّةُ مؤثِّرًا مِنْ أهمِّ المُؤثّراتِ في بَلورَةِ المَهاراتِ الإنسانيَّةِ والمُحدَّدَةِ لِكلٍّ منَ النَّسَقِ المَعرفيِّ والوجدانِيّ والسّلوكيّ للفَرد، وهيَ تُمثّلُ إطارًا مَرجعيًّا تدورُ في فُلكِهِ وتتَمحوَرُ حولَهُ وتُشكِّلُ له تَصوُّراتِ الفردِ العَقليَّةِ والنّزويَّة، كَما إنها تُمثِّلُ جَوهَرَ الإنسانِ الحَقيقيّ، فالإنسانُ لا يكونُ إنسانًا إلا بِتَبَنّيهِ للقِيَمِ (سالم،٢٠١١)

1-إشكاليّةُ البحث:

يُعدُّ المُعلِّم رُكنًا أساسيًّا في تَحديثِ الفِكرِ التّربويّ، ويَقعُ على عاتِقِهِ الجُزءُ الأكبَرُ منَ الطّريقَةِ التّحديثيّة؛ لأنَّهُ المؤثِّرُ الأوّلُ على التّلاميذِ الّذينَ يُمثِّلونَ الغايَةَ من التّطويرِ، لِذا لا بُدَّ منْ تَوافُرِ العَديدِ منَ القِيَمِ الّتي تنعَكِسُ على الأستاذِ، وبِقدرِ اتَّصافِ هذا الأخيرِ بالنّواحي الأخلاقيَّةِ زادَ مستوى تَوافُقِهِ وكفاءَتِهِ وتأثيرِهِ على المُتعلّمين، وقدْ يُؤدّي عدَمُ تحلّي المُعلِّم بِهذِهِ الأخلاقِ إلى اهتزازِ الحُضورِ القِيَميِّ في المُجتمَع ( جبر، ٢٠٠٢ ).

فقدْ أدّتِ الثّورَة الرّقميّةُ إلى ظُهور قِيَمٍ ومبادئَ جَديدةٍ، فانْعَكَس ذلكَ كلُّه على التّنظيمِ الاجتماعيِّ والثّقافيِّ والاقتصاديِّ والأخلاقيِّ للمُتعلِّمِ وكذلِكَ على أساليبِ حياتِهِ. وتؤدّي المَناهِجُ والهيئاتُ التّربويَّةُ التّعلُّميّةُ دَوْرًا بالِغَ الأهمّيّةِ في نَجاحِ النّظامِ التّربويّ، وتَعليمِ المُتعلّمِ وتَربيتِهِ ليَتمكَّنَ مِنَ الاختيارِ والانتقاءِ مِنَ البَدائِلِ العَديدةِ الّتي تظهَرُ في ظلِّ الحَداثَةِ والعَولمَةِ بِقدْرِ ما يَتَقدَّمُ المُجتمَعُ ويَتطوَّر.( الزّيود، ٢٠٠٦: ١١_١٦)

وبذلكَ يتوجَّهُ النّظَرُ إلى دَوْرِ مُعلِّم اللّغةِ العَربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ، لأنَّ القِراءَةَ عمليّةٌ عقليّةٌ انفعاليَّةٌ ونَشاطٌ فكريٌّ يتلقّاهُ القارِئُ عنْ طَريقِ عينِهِ، وذلِكَ في تَحويلِ الرّموزِ والرّسومِ والحُكمِ والتّذوّقِ، وتُساعِدُ القراءةُ المتعلّمَ على التّنشئَةِ الاجتماعيّةِ القائمَةِ على تَفعيلِ الجَماعةِ ويتعامَلُ معَها عنْ طَريقِ الانْدماجِ القائِمِ على البُنى القِيَميّةِ المُرتبِطَةِ بِحياةِ المُتعلِّمِ الّتي سَبَقَت (حسين، ٢٠١١)

ولقدْ أكَّدَتِ العَديدُ منَ الدّراساتِ العَربيّةِ، منْها دِراسَةُ (العصيل ,2021) و(العنزي، ٢٠١٩) و(عباسي، ٢٠١٨) و(العوامرة ، ٢٠١٨) و(مهدي، 2017) ودراسةُ (جبر والنّوري، ٢٠١٣)، والعديدُ منَ الدّراساتِ الأجنبيَّةِ منْها دراسةُ (Kure ، 2014) و (Eisenst,Clark3013 Paris، 2011) و (Ghazi, Shazada, Khan,, Shabbir, & Shah, 2011 ) و( Smith&pidi، 2009) على ضَرورةِ الاهتمامِ بالقِيَمِ الأخلاقيَّةِ، ووضعِ حلولٍ تُساهِمُ بدَوْرِها في صَقلِ المُتعلِّمِ وتَوجيهِ سُلوكِهِ، ولا سِيَّما منْ خِلالِ المَواضيعِ الّتي يَطرحُها المَنهَجُ وخصوصًا في اللّغةِ العربيّةِ.

ولمّا كانتِ الباحثةُ مُعلِّمةً للُّغةِ العربيّةِ، ولتواجُدِها معَ الطّلّابِ في أوقاتٍ عديدةٍ في الأسبوعِ الواحِدِ، فقدْ لاحَظَتْ غِيابَ بَعضَ القِيَمِ الأخلاقيّةِ النّبيلةِ عندَ الطّلّابِ، وإحلالَ القِيَمِ الوافدَةِ إليْنا مَكانَها، وهِيَ بَعيدةٌ عنْ تَقاليدِنا ودينِنا الحَنيفِ. كَما لاحَظَت بَعضَ التّصرُّفاتِ وعددًا منَ الألفاظِ غيرِ المرغوبِ فيها تَصدُرُ عنْ بعضِ الطّلّابِ، وغِيابَ المَواقِفِ الإيجابيَّةِ في بَعضِ الأحيانِ الأُخرى، مِمّا يَجعَلُ التّربيَةَ في خَطَر، فالمَدرَسَةُ مكانٌ للتّربيةِ أوَّلًا ومنْ ثُمَّ للتّعليم. لِذا، أرادتْ أنْ تبحَثَ في دَوْرِ مُعلِّمي اللّغَةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ بمادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ لِما لَهُ منْ أثرٍ في غَرْسِ القِيَمِ النّبيلةِ، والتّمسُّكِ بالعاداتِ والتّقاليدِ الجيّدةِ، وتَجنُّبِ العاداتِ والتّقاليدِ الغريبَةِ والدّخيلَةِ على مُجتمَعِنا، ولِترى القِيَمَ واقعًا مَلموسًا في حَياةِ تَلاميذِها ومُعامَلَتِهِم، وبالتّالي يجري التّعرُّفُ على دَوْرِ مُعلِّمي اللّغةِ العربيّة في تَعزيزِها، وذلكَ منْ خِلالِ الكشفِ عنْ واقعِها في النّصوصِ القِرائيّة والمَنهَجِ الدّراسيِّ والمَهاراتِ التّواصُليَّةِ للمُعلِّمين مَعَ مُتعلّميهِم في الخامِسِ الابتِدائيّ. وعلَيْهِ، فإنَّ إشكاليَّةَ الدّراسةِ تَتحَدَّدُ بالسّؤالِ الرّئيسِ الآتي:

إلى أيِّ مَدىً يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ؟

وبذلكَ انبثَقَتْ عنْها الأسئلةُ الفرعيَّةُ الآتيَةُ:

1_كيفَ أسهَمَ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ النّصوصِ القرائيَّة؟

2_ إلى أيِّ مَدىً يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ مَهاراتِهِمُ التّواصُليّةِ معَهُم؟

3_ إلى أيِّ مَدى يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ المَنهَجِ الدّراسيّ؟

4_هلْ هُناكَ اختلافاتٌ لَها مُؤشِّراتٌ دَلاليَّةٌ إحصائيًّا( ٠،٠٥) في دَوْرِ أساتِذَة اللّغةِ العربيّة لتَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ تَعودُ لمُتَغيِّراتٍ هيَ ( النّوْعُ المُجتمَعيُّ، المُستَوى الدّراسيُّ، الخبرَةُ) لدى مُعلِّمي اللّغَةِ العربيّة.

2- فَرَضِيّاتُ البحث

_ يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ النّصوصِ القرائيّة.

ب_ الفَرَضِيّاتُ الفَرعيَّةُ

1_ يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ مَهاراتِهِمُ التّواصليَّةِ معَهُم.

2_ يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغةِ العربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ عندَ مُتعلِّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ منْ خِلالِ المَنهَجِ الدّراسيّ.

3_توجدُ اختلافاتٌ ذاتُ دلالاتِ الإحصاءِ عنْدَ دَرجَةِ الدّلالَةِ ( ٠،٠٥) في دَوْرِ أساتِذَةِ مادّةِ اللّغَةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ تَعودُ لمُتَغيِّراتِ ( النّوع المُجتمَعيّ، المُستَوى الدّراسيّ، والخِبرة) لمُعلِّمي اللّغَة العربيّة.

3- هدفُ البحث:

_معرفةُ إلى أيِّ مَدى يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ.

4- أهمّيّةُ البحث

تنطَلِقُ الأهمّيّةُ منِ استنادِها على إشكاليَّةٍ تربويَّةٍ، ذلكَ أنَّها تَتَحدَّثُ عنِ الفاعِليَّةِ التّعليميَّةِ لمادَّةِ القِراءَةِ في منهاجِ الخامِسِ الابتِدائيّ، ومَدى إسهامِ هذِهِ المادَّةِ في تَرسيخِ القِيَم.

5- أُطُرُ البحث

يعتَمِدُ البَحثُ على عيِّناتٍ عَشوائيَّةٍ تضُمُّ مُتعلّمي الصّفِّ الخامِسِ الأساسيِّ ومُعلِّمي اللّغَةِ في المُؤسّساتِ التّربويَّةِ الحُكوميّةِ الّتي تتبَعُ وزارةَ التّعليم العراقيّةَ في مُحافظَةِ ذي قار، ضمنَ قَضاءِ الشّطرة للعامِ الدّراسيّ (٢٠٢٢_٢٠٢٣) قِوامُها( 100) مُتعلِّمٍ و( ١٠٠ ) مُعلِّمٍ ومُعلِّمةٍ، لاستِطلاعِ آرائِهِم حوْلَ دَوْرِ مُعلِّمِ اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ، ويتمُّ تَحليلُ هذا البحثِ التّطبيقيِّ مَيدانيًّا للوُصولِ إلى الخُلاصَة المَرجوَّة.

ممّا سَبَقَ، يتَبَّيَّنُ الآتي ذِكرُهُ:

_الإطارُ الموضوعيّ: تحَدَّدَ هذا البحث للكشفِ عنْ دَوْرِ مُعلِّمِ اللّغةِ العربيَّة في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ.

_الإطارُ الزّمانيّ: أُجْرِيَ هذا البحث على أساتِذَةِ العَربيّةِ لِدراسَةِ الحلَقَةِ الأولى ومُتعلّمي الخامِسِ الابتِدائيِّ في مدينةِ الشّطرة في جَنوبِ العِراق للعامِ الدّراسيّ ( ٢٠٢٢_٢٠٢٣).

الإطارُ المَحَّلّيّ: طُبِّقَت خُطواتٍ مَيدانيَّةً عدَّة لِهذا البَحثِ لِمرحلَةِ التّعليمِ الأساسيِّ في المُؤسّساتِ التّعليميَّةِ بِمدينَةِ الشّطرة جنوبَ العِراق والّتي تَتبَعُ وزارَةَ التّعليمِ العِراقيّة.

الإطارُ البَشَريّ: تتحَدَّدُ حُدودُ البحث في فئةِ مُعلِّمي اللّغةِ العَربيّةِ ومُتعلّمي الخامِسِ الابتِدائيّ في المَدارِسِ الحُكوميَّةِ التّابِعَةِ لِوزارةِ التّربيَةِ والتّعليمِ في مَدينةِ الشّطرة جنوبَ العراق.

6-مفاهيمُ البَحثِ وتَعاريفُهُ التّنفيذيَّةُ

_المهمَّةُ اصطلاحًا: مَجموعَةُ تدريباتٍ متعلّقَةٍ أو مُمارساتٍ وتصرُّفاتٍ تُؤمِّنُ المُرادَ في مَواقِفَ مُحدَّدَةٍ، وتُفرَضُ على المَهامِ احتماليَّةُ التّوقُّعِ بالمُمارسَةِ السُّلوكيَّةِ في مَواقِفَ مُختلفَةٍ. ( مرسي، ٢٠١٥: ٣٤).

_الدَوْرُ أوِ المَهَمَّةُ ومعناها إجرائيًّا: المُمارساتُ والإجراءاتُ الّتي يَستنِدُ إليها المُعلِّمُ لترسيخِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ.

_التَعزيزُ اصْطِلاحًا: نمطٌ جيّدٌ يُسهِمُ في التّعليمِ وخُصوصًا إذا تَزامَنَ معَ مهاراتٍ مَدرسيَّةٍ بِحيثُ تَستخدِمُ مُعزِّزًا مُلائمًا، والّتي نَقيسها بِمدى ارْتفاعِ أوِ انخِفاضِ مُستَوى التّحصيل. ( سلامة، ٢٠٠٩: ٧)

_ التَّعزيزُ إجرائيًّا: ما يَكتسِبُهُ مُتعلّمو الخامِسِ الابتِدائيِّ مِنْ قِيَمٍ أخلاقيَّةٍ نَتيجَةَ تَعلُّمِ مادَّةِ القِراءَةِ.

_القِيَمُ الأخلاقيّةُ اصطلاحًا: إنّها تِلكَ المُكتسَباتُ النّفسيَّةُ الّتي يأخُذُها الفردُ منْ خِلالِ معايَشَتِهِ للعاداتِ والتّقاليدِ المُجتمعِيَّةِ الّتي يكتسبُها من مجتمعٍ يكبُرُ فيه ويُمارِسُ دَوْرَهُ منْ خِلالِه. (القصير، ٢٠١٢: ٣٤٤)

_ القِيَمُ الأخلاقيّةُ إجرائيًّا: مَجموعَةُ شروطٍ وضَوابِطَ يُعزِّزُها مُعلِّمُ العربيَّةِ في تَلاميذِ الخامِسِ الابتِدائيِّ، يَستمِدُّها منْ مادَّةِ القِراءَةِ.

_مُعلِّمُ اللّغَةِ العَربيّةِ إجرائيًّا: هُوَ مَن يَحمِلُ مُؤهِّلًا عِلميًّا ( مَعهَد المُعلِّمين، بَكالوريوس لغَة عربيَّة، ماجستير لُغَة عربيّة). ويقومونَ بتعليمِ مادَّةِ القِراءَةِ لتَلاميذِ الصّفِّ الخامِسِ الأساسيِّ في مَدارِسِ مَدينةِ الشّطرة الرّسميَّةِ جنوبَ العراقِ في العامِ الدّراسيِّ الّذي أُقِرَّ (٢٠٢٢_٢٠٢٣).

_مادَّةُ القِراءَةِ: وتُعرَّفُ مادَّةُ القِراءَةِ إجرائيًّا: إِحدى أقسامِ مُقرَّرِ العَربيَّةِ المَطلوبُ تَدريسُها منْ قِبَلِ مُدرِّسِ المادّةِ إلى طُلّابِ الصّفّ الخامِسِ الأساسيّ.

_مُتعلّمو الخامِسِ الابتِدائيّ: ويُعرَّفُ مُتعلمو الخامِسِ الابتِدائيِّ إجرائيًّا: هُمْ تَلاميذُ المَرحلَةِ الخامِسَةِ منَ البحث الابتِدائيَّةِ، وتَتَراوَحُ أعمارُهُم مِن ( 10_11) سَنَة.

المَبحَثُ الأوّلُ:

القِيَمُ الأخلاقيّةُ

مفهومُ القيمة

القيمةُ لُغَةً: جَمْعُها قِيَم، مِنْ: “قوَمَ أو قَوِمَ” و”قامَ المَتاع بِكَذا” أيْ تَعدَّلَت قيمتُهُ بِه، وهيَ منَ الفِعل (قامَ) ومَصدرُهُ (قوَمَ)، ولَها عِدَّةُ معانٍ منْها “قَوَمَ العودُ فاستقامَ”، أيْ عدَّلَهُ فاعتَدَلَ وأصبَحَ مُستقِيَمًا (الزّمخشري، 1998(.

كما ذُكِرَ في السّياقِ نفسِهِ: إنَّ المَبادِئَ مَنبَعُ الصّلاحِ والسّلوكِ المُستقيم، والاستقامَةُ: الوسَطِيَّة، يُحكى: اِستَوى لَهُ المَوضوعُ ومنْ ذلك، ومَعنى قَولِهِ تَعالى (استقامُوا) :أيْ قامُوا بِعمَلِ الطّاعاتِ وما فارقوُا السُّنَّةَ النّبويَّةَ الشّريفَة (النّسائي ،2006: ٢٥٦).

يتَّضِحُ مِمّا سَبَقَ أنَّ القِيَمَ في اللّغَةِ لَها عِدَّةُ معانٍ، منْها:

١_مَعنى الاِسْتقامَة.

٢_التّقديرُ، تقولُ هذهِ السّلعَةُ لها قيمَةٌ أو قَدرُها كَذا أو تَقديرُها كَذا.

٣_الثّباتُ، أنْ يَكونَ الأمرُ لهُ ثباتٌ، أو تَقولُ فلانٌ مالُهُ قيمةٌ، أيْ مالُهُ دوامٌ على الأمرِ والثّبات (السّليقي ، ٢٠١٢).

مَفهومُ القيمةِ اصْطلاحًا

يُشيرُ زاهر (١٩٨٤:١٠) إلى أنَّ “هُناك اختلافاتٍ في تَعريفِ القيمةِ تتراوحُ بينَ التّحديدِ الضّيِّقِ للقِيَمِ على أنَّها اهتماماتٌ أو رَغباتٌ غيرُ مُلزِمَة إلى تَحديدٍ واسِعٍ يَعتَبِرُ أنَّها مَعاييرُ مُرادِفَةٌ للثَّقافَة ككلّ”.

وقَدِ ارتبطَتِ القيمَةُ عنْدَ الغربِ في جانبِها الإيجابيِّ بالفَضائل الخُلُقيّةٍ وفي جانبِها السّلبيِّ بالنّقائضِ والرّذائِل، “وقدْ وَرَدَت كلمةُ القيمةِ Value مُشتقَّةً منَ الفِعلِ اللّاتينيّ Vales بِمعنى “أنا أقوى” أو “بِصحَّةٍ جيّدة”، وهذا يعني أنَّ القيمَةَ تَحتوي على مَعنى “المُقاومةِ والصَّلابة” ( آل عواض، 2006).

ويَرى الخَطيب (٢٠٠٣: ٩١) أنَّ القِيَمَ هيَ “عِبارةٌ عنْ مَعاييرَ للحُكمِ على سُلوكِ الفَرد في المُجتمَع، والّتي تعمَلُ على تَوجيهِ سلوكِهِ وتُحدِّدُ استجابَتَه في مَواقِفِ الحَياةِ المُختلِفَة، ويَكتسبُها الفَرد في حَياتِه كما يكتسِبُ المعارِفَ والمَهاراتِ والعاداتِ والاتّجاهاتِ عنْ طَريقِ الخبرَة”.

وتَرى سلوت (٢٠٠٥:٥1) أنَّ القِيَمَ عِبارةٌ عنْ جُملةٍ منَ العَوامِلِ والمَقاييسِ والقَواعِدِ المُجتمعيَّةِ الّتي توصَفُ بأنَّها ثابِتَةٌ ومُستقرَّةٌ نِسبيًّا، وتَتآلَفُ والتّياراتِ العقائديَّةَ والأخلاقيَّةَ الّتي تَرغَبُ السُّلطَة كما المُجتمَعُ في غرسِها في الأجيالِ القادِمَة.

مفهومُ القِيَمِ الأخلاقيَّة

لقدْ تعدَّدَتِ التّعريفاتُ في ماهيَّةِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ، وذلكَ تِبعًا لتَوجُّهاتِ الباحثينَ الشّخصيَّةِ والفِكريَّةِ والعَقليّة، وقالَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عليْهِ وسلَّمَ “إنَّما بُعثْتُ لأُتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ (البُخاري، ٢٠١٤ :١٦). ولا عجَبَ أنْ يَكونَ التّركيزُ في هذِهِ البحث على الأخلاق، فَهِي مَن تَضبِطُ سُلوكَ الفَرد، وهيَ الأساسُ السَّليمُ في عاداتِنا وسُلوكيّاتِنا وقِيَمنا، مِمّا يَصقُلُ شَخصيَّةَ الفَردِ بالعاداتِ والسّلوكيّاتِ الطَّيِّبَةِ منذُ الصِّغَرِ وحتّى الوَفاة، لِهذا كانتْ دِراسَةُ القِيَمِ الأخلاقيّةِ منْ أهمِّ المَجالات الّتي لا بُدَّ وأنْ تَدرُسَ وأنْ تَظهَرَ بشكلٍ جليّ، لِكَي تَكونَ بَصيرةَ الكلِّ منْ مُعلِّمينَ ومُربّينَ وأبناء.

وعُرِّفَتِ القِيَمُ بأنَّها مَجموعَةٌ منَ القِيَمِ الّتي تُسهِمُ في بِناءِ المَنظومَةِ الأخلاقيَّةِ لَدى الفَردِ بِحيثُ يَعكِسُ ذلكَ مواقِفَهُ المَعرفيَّةَ والسّلوكيَّةَ والنّفسيَّة” (سلوت، 2005م، 54).

وتُشيرُ الباحِثَةُ إلى:

تمَّ تقسيمُ القِيَمِ إلى قِيَمٍ أخلاقيّةٍ وقِيَمٍ جماليَّة، وعلى الرَّغمِ منْ أنَّنا لا نَجدُ تنافرًا بينَ القِيَمِ الأخلاقيّة والقِيَمِ الجماليّة، فكلٌّ منهما صورةٌ عنِ الآخَرِ، فقدْ صنَّفَ العُلماءُ القِيَمَ في مَجموعاتٍ مُتعارضةٍ مُتقابِلَةٍ، تُشيرُ إلى الإيجابِ والسّلب، وهيَ: الجليلُ والوَضيعُ، البُطوليُّ والسّخريُّ، المأساوي والهزْليّ. وهذهِ الثّنائيّاتُ المُتقابلَةُ المُتعارِضَةُ، تمَّ تَصنيفُها بناءً على ما ذَكَر “كروتشه” الّذي رأى أنَّ القِيَمَ على نوعَيْنِ، النّوعُ الأوَّلُ: قِيَمٌ ذاتُ مَنحىً إيجابيٍّ، والنّوعُ الثّاني: قِيَمٌ ذاتُ مَنحىً سلبيٍّ.

أهمّيّةُ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ بالنّسبَةِ للفَرد

هِيَ تَحفَظُ الإنسانَ منَ الانْحرافِ النّفسيِّ والجَسَديِّ والاجتماعيِّ، وبِدونِها يَكونُ الإنسانُ عبدًا لِغرائِزِه وأهوائِهِ وشَهواتِهِ، وتُعتَبَرُ القِيَمُ مُوجِّهَةً لسُلوكِ الفَردِ وضابِطَةً لتَصرُّفاتِهِ، مِمّا يُحقِّقُ لَهُ حَياةً سَعيدةً مُتناسِقَةً، وتَعمَلُ القِيَمُ الأخلاقيَّةُ على تَكوينِ روحِ الخَيرِ وتَجنُّبِ سُلوكِ الشّرِّ وتَحولُ دونَ وُقوعِهِ، وتَأتي أهمّيّةُ القِيَمِ منْ كَونِها تُمثِّلُ جوهَرَ البِناءِ الوجدانيِّ لَدى الأفرادِ، وتلعَبُ القِيَمُ دَوْرًا هامًّا في صَقلِ وتَشكيلِ شخصيَّةِ الفردِ وضَبطِها والتّنبُّؤِ بسلوكِهِ، ولَها دَوْرٌ فاعلٌ في تَحقيقِ التّكيُّفِ والتّوافُقِ النّفسيِّ والاجْتماعيِّ للأفرادِ (الجلاد، 2007).

كَما تتَجلّى أهمَيّةُ القِيَمِ الكَبيرَةِ في حَياةِ الفَردِ بأنَّها:

1_تُهيِّءُ الأساسَ للعَمَلِ الفَرديِّ والجَماعيّ المُوحَّد.

2_تُتَّخَذُ كأساسٍ للحُكمِ على السُّلوكِ، وتوجِدُ لدى الفَردِ إحساسًا بالصّوابِ والخَطأ.

3_تُزوِّدُ الفَردَ بالإحساسِ بالغَرَضِ الّذي يقومُ بِه، وتُوجِّهُهُ تجاهَ هذا الغَرض.

4_تُمكِّنُ الفرْدَ منْ مَعرفَةِ ما يَتوقَّعُهُ منَ الآخرين، وماهيَّةَ رُدودِ الأفعال، فمَتى ما عَرِفَ ما لَديْهِم مِن قِيَمٍ في المَواقِفِ المُختلِفَةِ يَكونُ معَهُم في ضَوءِ التّنبُّؤِ بسلوكِهم.

5_تُحدِّدُ نَمَطَ شَخصيَّةِ الفردِ في المُجتمَع، فَهي القُوَّةُ الدّافعةُ للسّلوك، تَمنَحُهُ القُدرَةَ على تَحقيقِ التّكيُّف، والتّوافُق، والتَّوازُن، معَ نَفسِهِ ومعَ الآخرين.

6_ تُعتَبَرُ القِيَمُ الأخلاقيّةُ الضّامنَةُ لسلامَةِ الفَردِ وسلامةِ المُجتَمَع، لأنَّها اللّبِنَةُ الأساسيَّةُ لتثبيتِ بِنيَتِهِ الثّقافيّةِ والحَضاريَّة، فلا بُدَّ مِنَ التّركيزِ على تَرسيخِها في المُتعلّمينَ حتّى تَظهَرَ آثارُها على سُلوكِهِم (درويش، 2009).

وتَرى الباحثةُ أنَّ القِيَمَ الأخلاقيّةَ، يُمكنُ فهمُها في ضَوءِ التّعريفِ اللّغويِّ للقِيَم، فالقِيَمُ جَمعٌ، مُفردُها هوَ القيمةُ بكسرِ القاف بالياء، وهُنا تَعني أنَّ مَنْ لَيسَ لَه قِيَمةٌ، لا يَدومُ على شَيْء، في حينِ يَكونُ مَعنى مصطلَحِ “القوّامُ العدْلُ”، وهو عمادُ الأمرِ ونِظامُهُ، وقدْ وَردَتْ في القُرآنِ الكَريمِ بِمعنى العمادِ الّذي يُقوَّمُ الشّيْءُ بِه، كَقولِه تعالى: ((ولا تُولُّوا السَّفَهاءَ أموالَكُمُ الّتي جَعَلَ اللّهُ لَكُم قِيَمًا)) (النّساء: 40)

أهمّيّةُ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ أيضًا على مُستَوى المُجتمَع

1_تُسهِمُ في تَماسُكِ المُجتَمَعِ ووَحدَتِهِ، وتُشكِّلُ مَنظومَةً قيميَّةً لَهُ.

2_ تُساعِدُ على الحُصولِ على مَناعَةٍ مُجتمَعيَّةٍ في وَجهِ الاختلافاتِ والظّروفِ الطّارئةِ والمُستَجِدَّة.

3_تُسهِمُ في رَسمِ صورَةٍ مُستقبليَّةٍ للمُجتمَع، فبالقِيَمِ الأخلاقيَّةِ الحَميدَةِ هيَ الأساسُ الّذي تَنطَلِقُ منْهُ الحَضاراتُ، وبالتّالي فَهيَ تُعدُّ مُؤشِّراتِ الحَضارَة، فالمُجتمَعُ الّذي يَحمِلُ أفرادُهُ قِيَمًا وأخلاقِيَّاتٍ هوَ مُجتَمَعٌ يُتنبَّأُ لَهُ بِحضارةٍ أرقى وازدهارٍ أسمى، وإذا ما انْهارَتْ تِلكَ القِيَمُ والأخلاقيّاتُ سَقَطَتِ الحَضارَةُ، وأصبَحَتِ الأُمَمُ في طَريقِها إلى التّخلّف.

4_ تتَوقَّفُ قوَّةُ المُجتمَعِ وتَماسُكُهُ إلى حدٍّ كَبيرٍ على وَحدَةِ القِيَم، فَكلَّما زادَتْ قُوَّةُ القِيَمِ داخِلَ المُجتمَعِ زادَتْ قُوَّةُ المُجتمَع.

ويتَّضِحُ منْ ذلكَ أنَّ نَجاحَ الفَردِ والمُجتَمَعِ مُرتبِطٌ ارتباطًا وثيقًا بِنجاحِ أخلاقِهِ وانضباطِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ فيهما. وتَعمَلُ القِيَمُ الأخلاقيَّةُ كعنصرٍ أساسيٍّ ومهمٍّ في عَمليَّةِ التَّطوير، وفي فَوْزِ الآليَّةِ التّدريسيَّةِ على وَجهٍ خاصٍّ بفضلِ المُخرَجاتِ العِلميَّةِ لَهُ في جَوانِبَ شتّى، فلا بُدَّ مِنِ اكتِشافِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ الّتي تُمثّلُ عامِلَ فَوْزِ الآليَّةِ التّربويَّة، ومَعرِفَةَ أهمّيّةِ الأُستاذِ في تَدعيمِ هذِهِ المبادِئِ التّعامُليَّةِ ليَكونَ لَها أثرٌ ملموسٌ على ذاتيَّةِ الطّالِبِ ودَوْرِهِ في الجَماعة.

تَرى الباحثَةُ أنَّ أهمّيَّةَ الأخلاقِ، تَكمُنُ في كَوْنِها حَجَرَ الأساسِ الّذي تَستَوي علَيْهِ الحَضارَةُ، وقاعدةَ تَشييدِ بُنى المُجتَمَعِ، فَهِيَ الأصْلُ والمَبدَأُ في وَضعِ الدَّساتيرِ والقَوانينِ والتّشريعاتِ المُختَلِفَة، وهيَ الجَوهَرُ في العَقيدَةِ الإسلاميّة.

فالحياةُ الإنسانيَّةُ تَرتَكزُ على العَلاقاتِ الاجتماعيَّةِ بينَ الأفرادِ، وبالتّالي فإنَّ الأخلاقَ هيَ شَرطٌ لِتكونَ هذِهِ العَلاقاتُ علاقاتِ مَحبَّةٍ ومَودَّة، يَنجُمُ عنها مُجتمَعٌ قَويٌّ ومُتماسِكٌ في مُواجَهَةِ التَّحدّياتِ والأزمات.

فالأزمَةُ الأخلاقيَّةُ هيَ الأساسُ لكلِّ الخِلافاتِ والمُشكلات، فَهِيَ الّتي تُعرقِلُ التَّطوُّرَ والازدِهار، وتَدعَمُ التّعَصُّبَ والانْحدار، وتَخلِقُ مُجتمعًا يَسود فيه الظُّلمُ، ويَنتَشِرُ فيهِ الفَسادُ وانتهاكُ الحُقوقِ ومُصادَرَةُ الحُرِّيّاتِ وفَرْضُ الآراءِ، وتَتحوَّلُ علاقاتُ المَحبَّةِ والإخاءِ فيه إلى عَلاقاتٍ قَهريَّةٍ تتألّفُ منْ مَقهورٍ ومُستَبِدٍّ، والأهمُّ منْ ذلكَ، أنَّها تُكوِّنُ الثّغرَةَ الّتي يَستغِلُّها ويَشتغِلُ عليْها من يَبتَغونَ تَخريبَ المُجتَمَعِ وانهيارَهُ، فيقومونَ بِتَغذِيَتِها، ويَدخلون منْ خِلالِها، وينشرونَ أفكارَهُمُ السّامَّةَ عبرَها.

خصائِصُ القِيَمِ الأخلاقيّة

القِيَمُ الأخلاقيّةُ هيَ قِيَمٌ ربانيّةٌ وقِيَمٌ إنسانيَّةٌ وقِيَمٌ شُموليَّةٌ وقِيَمٌ واقعيَّةٌ وقِيَمٌ تَجمَعُ بينَ الثّباتِ والمُرونَةِ، وقِيَمٌ إيجابيّةٌ وقِيَمٌ مَوضوعيَّةٌ وقِيَمٌ واسطيّة. (الزّبيدي، 2005م)

وتُرشِدُنا المَراجِعُ إلى كَثرَةِ تَعدُّدِ خَصائِصِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ، ومِنها:

1_ الرّبانيَّةُ: فَهِيَ مزيةٌ ربانيَّةٌ، فالقِيَمُ تَجعَلُ الذّاتَ الإنسانيَّةَ تتلقّاها بِثقَةٍ وطَمأنينَةٍ، لأنّها تَعلَمُ أنّها تُراعي الفِطرَةَ الّتي خلَقَ اللّهُ النّاسَ عَلَيها، وبالتّالي تتبيَّنُ مُناسبتُها لتَربيَةِ الإنسان، كَما أنَّ لَها هيبتَها وأثرَها الفاعِلَ والمُستمِرَّ على المُؤمنين، إضافَةً لِخلوِّها مِنَ العُيوبِ كالنّقصِ والتّناقُضِ والهَوى الّتي تَتَميّزُ بِها القِيَمُ ذاتُ المَصدَرِ الإنسانيّ، وأنَّها مُستمَدَّةٌ مِنَ التّصوُّرِ المُبرَّأِ منْ كُلِّ نَقصٍ وجَهلٍ وهَوىً (قطب، 2013).

2_ الواقعيَّةُ: وَواقعِيَّةُ القِيَمِ تَعني القُدرَةَ على تَطبيقِها في أرضِ الحَقيقةِ مَهما تَغيَّرَت عَوامِلُ هذا الواقِعِ وظُروفِهِ، وتَأتي واقعيَّةُ القِيَمِ الإيمانيَّةِ منْ تَعامُلِها (طباسي، 2006 : 38).

3_الثّباتُ: أيْ أنَّها الاِستبدالُ أوِ التّبديلُ، وثَباتُها مُستَمدٌّ مِنْ ثَباتِ مَصدرِها المُستقلِّ المُتميِّزِ الّذي لا يَتدَخَّلُ فيهِ بَشَرٌ كائنًا منْ كانَ بالتّعديلِ وفقًا لهَوىً أو لِمَصلَحة، فَهُوَ المَصدَرُ الاعتقادِيُّ الوَحيدُ الباقي بأصلِهِ الرّبانيِّ وحَقيقتِهِ الرّبانِيَّة ( برهوم، 2009).

4_الشّمولُ والتّكامُلُ: تَأتي شُموليَّةُ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ منْ عِلمِ اللّهِ سُبحانَهُ وتَعالى بِمكوِّناتِ شَخصيَّةِ الإنسان، وما يَحتاجُهُ منْ وَسائِلَ ومِنهاجٍ لتَربيَةِ هذِه الشّخصيَّةِ تربيَةً شامِلَةً لِجميعِ الجَوانِبِ المُختلِفَةِ الرّوحيَّةِ منها والمادّيّة، فالقِيَمُ الأخلاقيّةُ تَشملُ كلَّ جَوانِبِ الإنسانِ وتشملُ شَخصيَّتَهُ وحَياتَهُ، وَلا تَهتَمُّ بأيِّ جانِبٍ منْ هذِهِ الجَوانِبِ على حِسابِ الجانِبِ الآخَر، لأنَّهُ مِنَ المُستحيلِ عَقلًا وفِعلًا تَصوُّرُ الاعتقادِ عَلى تَنميَةِ مِحورٍ دونَ آخرَ، أوْ تَنشِئَةُ جانِبٍ وإهمالُ آخَرَ، بلْ لا بُدَّ منْ عَمليَّةِ تَنميَةٍ شامِلَة (علي، 2007 : 68).

5_ الإنسانيّةُ والعالميّةُ: تَتميَّزُ القِيَمُ الأخلاقيّةُ بأنَّها للنّاسِ جَميعًا، وبكونِها صالحَةً لِكلِّ بُقعَةٍ منْ بِقاعِ العالَمِ، لأنَّها جزْءٌ منَ التّنشئَةِ ذاتِ الطّابَعِ الإسلاميِّ الّتي هِيَ للبَشَرِ جَميعًا، وهدَفُها إعدادُ الإنسانِ الصّالِحِ ولَيْس المُواطِنَ الصّالِحَ (برهوم، 2009).

6_ التّوازُنُ: القِيَمُ الإيمانيَّةُ لا تَطلُبُ منَ الفَردِ التّمَحوُرَ حَول جانِبٍ دونَ جانِبٍ آخَرَ، لكنَّها تَعني اِلتزامَ الِاعْتدالِ في تَربيَةِ جَميعِ جَوانِبِ المُتعلِّمِ، وعَدَمَ مُجاوَزَتِها بالزّيادَةِ الّتي تُؤدّي إلى الإفرادِ أوِ النّقصانِ الّذي يَؤولُ إلى الإهمالِ أوِ التّفريطِ (برهوم، 2009).

الإيجابيّةُ: فالقِيَمُ الأخلاقيَّةُ جزءٌ منَ التّصوُّرِ الإسلاميّ الّذي يُثيرُ شُعورَ المُسلِمِ حتَّى يَهَبَ للعَمَلِ ويُفرِغَ طاقتَهُ الإيمانيَّةَ في العَملِ الإيجابيِّ البنّاءِ، وفي إنشاءِ واقعٍ تتمثَّلُ فيهِ العَقيدةُ في حَياةِ النّاسِ (العبيدي، 2015).

ويظهَرُ مِمّا سَبَقَ أنَّ القِيَمَ الأخلاقيَّةَ مُرتَبِطَةٌ بِتنمِيَةِ الإنسانِ، وتُمثِّلُ المَعاييرَ الأخلاقيَّةَ الفَرديَّةَ للاعْتِرافِ بالشّخصيَّةِ الإنسانيّةِ وحِمايتِها، مثلَ الصِّدقِ والوَلاءِ والشَّرفِ والأمانَةِ والوَفاءِ والتَّسامُحِ والعَفوِ.

وقدْ تَوصَّلَتِ الباحِثَةُ إلى أنَّ القِيَمَ الأخلاقيَّةَ هِيَ مَفاهيمُ ثابِتَةٌ في الذّاتِ، ومَبادِئُ راسِخَةٌ في النّفْس، تُعبِّرُ عنْها الأفعالُ، وتُتَرجِمُها السُّلوكيّاتُ، قَدْ تَكونُ مَحمودةً تُوجِّهُ سُلوكَ الفَردِ للخَيرِ والصَّلاحِ، وقَدْ تَكونُ مَذمومةً تَدفَعُ بِهِ للهاويَةِ والهَلاكِ، إضافَةً لِكونِها تَلعَبُ الدَوْرَ المِحوَرِيَّ في بِناءِ المُجتمَعِ والحِفاظِ عليْهِ منْ بَراثِنِ الفَسادِ والدَّمار.

مَجالاتُ القِيَمِ الأخلاقيّة

القِيَمُ الشّخصيَّةُ الذّاتيَّةُ: عرَّفَها الشّواورة (2016: 12) بأنَّها مَجموعةُ الأخلاقِ الّتي يَتربّى عَليها الفَردُ مُتأثِّرًا عَلى الأغلبِ بِوالدِيهِ ومُعلِّميه، ومِن ثُمَّ محيطِهِ الأوسعِ بِحيثُ تُصبِحُ تِلكَ الأخلاقُ جُزءًا لا يَتجزَّأُ منْ شَخصيَّةِ الفردِ، ومنْها: الصّدقُ، والأمانةُ، والإخلاصُ، والشّجاعَةُ، والإيثارُ، والتّسامُحُ، والحياءُ والشّجاعَة.

القِيَمُ الاجتماعيّةُ: عرَّفَها الجلاد (2010: 13) بأنَّها مَجموعَةُ الأخلاقِ والسّلوكيّاتِ الّتي يَكتَسِبُها الفَردُ والمُجتَمَعُ منَ الأهلِ والأقارِبِ والزُّملاءِ، ومنْ تِلكَ القِيَمِ: إتقانُ العَمَل، احترامُ الرّأيِ الآخَر، الإحسانُ، إكرامُ الضّيفِ، التّعاضُدُ والشُّغلُ المُجتمَعيُّ، والتّباري.

القِيَمُ البيئيَّةُ: عرَّفَها السّمارات (2013: 4) بأنَّها تَربيَةُ الأفرادِ تَربيةً بيئيَّةً تُمكِّنُهُم مِنْ صِيانَةِ البيئَةِ مِنَ المُشكلاتِ الّتي تَعتَرضُها، وما يَتَهدَّدُها منْ أخطارٍ، ثمَّ استِثمارُ موارِدِها استِثمارًا يَحفَظُ نَظافَتَها وتَوازُنَها، ومِنها: الاهتمامُ بالنّباتات، والاهتمامُ بِسلامَةِ الغذاء، والاهتمامُ بِسلامَةِ الهَواء، والاهتمامُ بِنظافَةِ المَكان، والرِّفقُ بالحَيوانِ، والمُحافَظَةُ على مَصادِرِ المِياه. وتُؤكِّدُ الباحِثَةُ بأنَّ تَكامُلَ هذِهِ القِيَمِ مُجتَمِعَةً في الإنسانِ تَخلقُ منْهُ عُنصُرًا فعّالًا ومُهمًّا في المُجتَمعِ، وإنَّ مَنشَأَ القِيَمِ الأخلاقيّةِ هوَ مِنْ ذاتِ الإنسانِ، وبالتّالي تَتَأثَّرُ وتُؤثِّرُ في الأسرةِ والمُجتمَعِ سَلبًا وإيجابًا.

تُشيرُ الباحثَةُ إلى أنَّ القِيَمَ الأخلاقيّةَ لَيْسَت واحدَةً بِقدرِ ما هِيَ مُتكامِلَة، إنْ هيَ تَنحو في مَناحٍ عَديدَةٍ، مِنْها المَنحى الاجتماعيُّ، ومنها المَنحى البيئيّ، والمَنحى الشّخصيُّ، وبِتأمُّلِ تَجارِبِ الأُمَمِ الأُخرى يَتَّضِحُ أنَّ الارْتِقاءَ والنُّهوضَ بالأخلاقِ ابتداءً مِنَ الفَردِ، فَهوَ السّبيلُ الوَحيد لِتحصينِ الأُمَّةِ منْ شُرورِ الانْهِيارِ والانْحِلال، وهُوَ الطّريقُ الفَريدُ في إنجازِ الاستِقرارِ والتَّطوُّرِ والازْدِهار، الأمرُ الّذي سَينعَكِسُ على تَحقيقِ الرَّخاءِ والحَياةِ الكَريمَةِ، وبالتّالي تحقيقِ الأمنِ والأمانِ لِكلِّ أفرادِ المُجتمَع.

المبحثُ الثّاني:

وظيفَةُ المُدرِّسِ في رَفْعِ المَبادِئِ الأخلاقيَّةِ

وَظيفَةُ المُدرِّسِ في رَفْعِ المَبادِئِ الخُلُقيَّة

إنَّ تَطويرَ مُجتمَعٍ مّا مَرهونٌ بِتنميَةِ الثّروَةِ البَشريَّةِ فيه، والمُعلِّمُ هُوَ أساسُ هذهِ الثّروَة ، فَهُوَ الّذي يُخرِّجُ أجيالًا مِمَّن سَيكونونَ في المُستقبَلِ عُلَماء، أطبّاء، وقادَة…إلخ. وبِالرّغمِ منْ أنَّ الأُسرَةَ لَها الدَّوْرُ الأساسُ في تَنشئَةِ الطّفلِ، إلّا أنَّ المُدرِّسَ يُعدُّ جُزءًا أساسيًّا لتَحديثِ آليَّةِ التّعليمِ والتّعلُّم، ويَقَعُ على عاتِقِهِ الجُزءَ الأعلى مِنْ آليَّةِ التّحديث، لأنَّهُ المُؤثِّرُ الأوَّلُ على التَّلاميذِ الّذينَ يُمثِّلونَ الغايَةَ مِنَ التّطويرِ، لِذا لا بُدَّ مِنْ تَوافُرِ العَديدِ مِنَ القِيَمِ الّتي تَرمي بِثقلِها على سُلوكِ المُدرِّسِ، وبِقدرِ تحلّي الأستاذِ بالنّواحي الأخلاقيّةِ في سُلوكِهِ والّتي تُعبِّرُ عنْ تَربِيَتِهِ الأخلاقيَّة، زادَ ذلكَ منْ تَوافُقِهِ وكَفاءَتِهِ وتأثيرِهِ على الطَّلَبَة، وقدْ يُؤدّي عَدَمُ تَحلّي المُعلِّمِ بِهذِهِ الأخلاقِ أوْ عَدَمُ توافُرِها أو نُقصانِها إلى تَناقُصٍ بيْنَها وبيْنَ ما يَنتَشِرُ في المُجتمعِ منْ أخلاق، وإلى سوءِ تَوافُقِ سُلوكِ المُعلِّمِ وانخِفاضِ مُستَوى كفاءَتِهِ ( جبر،2000).

ومنْ أهَمِّ الأدوارِ الموكَلَةِ للأُستاذِ في مَدرسَةٍ هوَ دَوْرُهُ في بِناءِ ذَواتِ المُتعلِّمينَ، بوصفِها مثلًا أعلى ونَموذَجًا في التَّصرُّف (ألما ،2007).

والمُعلِّمُ الّذي يَحثُّ الطّلّابَ على أَوْلويَّةِ الِالتِزامِ بالمَواعيدِ وأهمّيَّةِ الوَفاءِ بِها، ثُمَّ يَحضُرُ إلى دُروسِهِ مُتأخِّرًا يَمحو بِتصرُّفٍ واحِدٍ عَشراتِ الأقوالِ الّتي صَبَّها في آذانِهِم، فالأفعالُ والأمْثالُ الحَقيقيَّةُ المُتحرِّكَةُ تُؤثِّرُ على شَخصيّاتِ الطّلّابِ، وتؤثِّرُ في بنائِها بشكلٍ أكبرَ بكثيرٍ مِنْ مُجرَّدِ العباراتِ الرَّنانَةِ أوِ الألفاظِ المُنمَّقَة (2007،Rodny).

إضافَةً إلى ذلِكَ، فإنَّ دَوْرَ المُعلِّمِ يَتَجسَّدُ في قِيامِ ذاتيَّةِ المُتعلِّم، وتَطويرِ عَقلِهِ، وتَهذيبِ سُلوكِهِ، وإعدادِهِ للمُشارَكَةِ البنّاءَةِ في المُجتَمع (درويش،2009).

وتُشيرُ الباحِثَةُ إلى دَوْرِ المُعلِّمِ في المُساهَمَةِ بِتَعزيزِ القِيَمِ، إذْ يَجِبُ أنْ يُدرِكَ المُعلِّمُ مَجموعَةً مِنَ الصّفاتِ، أهمُّها سَلامَةُ اللّغَة، وفَصاحَةُ اللّسانِ أثناءَ الحَديثِ والإتقانِ والجَمال، وأنْ يَبنِيَ دَوْرَهُ على أُسُسٍ وضَوابِطَ ومَعاييرَ يَسيرُ علَيْها حَتّى يَستطيعَ تَوجيهَ التّلاميذ.

وَظيفَةُ الأستاذِ في تَطويرِ المَبادِئِ الأخلاقِيَّةِ عندَ تَلاميذِهِ

الأستاذُ هُوَ قِوامُ الآلِيَّةِ التّعليميَّةِ والّذي يَتولّى مَسؤوليَّةَ تَربيَةِ النّشْءِ، ويُؤثِّرُ في شَخصيَّتِهِم مِنْ جَميعِ نَواحيها، فَهُوَ لَيْسَ مُجرَّدَ مُعلِّمٍ يَنقُلُ المَعلوماتِ للتَّلاميذِ ويَملَأُ عُقولَهُم بِموضوعاتِ البحث فحسبُ، وإنَّما وَظيفَتُهُ أشمَلُ منْ ذلكَ بِكثيرٍ، لأنَّهُ مُربٍّ لِشخصيّاتِ التّلاميذِ جِسمانيًّا وعَقليًّا وخُلُقيًّا، ومِنْ جانِبٍ آخَرَ هُوَ الّذي يَستطيعُ أنْ يُبرِزَ المَضامينَ الخُلُقيَّةِ لِما يُقدِّمُهُ للتّلاميذِ مِن مَعارِفَ وتَوجيهاتٍ، ومِنْ ثُمَّ فإنَّ المُعلِّمَ مُحمَّلٌ دائمًا بِقِيَمٍ مُعيَّنَةٍ، وإنَّهُ يَحمِلُ دَوْرَهُ كَمُوجِّهٍ أخلاقيٍّ مُنذُ بِدايَةِ عَمَلِهِ كمُعلِّمٍ، بحيثُ يبدو دَوْرُ المُعلِّمِ في المَدرسَةِ كَوَجهَيِّ العُملَة، فَهُو مِنْ جانِبٍ لَهُ دَوْرٌ تَربويٌّ مِنْ حَيْثُ الاهتمامُ بالمادَّةِ العِلميَّةِ ونقلِ التُّراثِ، ومِن جانِبٍ آخَرَ لَهُ دَوْرٌ اجتماعيٌّ منْ حيثُ إعدادُ التّلاميذِ وإكسابُهُمُ المَبادِئَ القِيَميَّةَ والقُدرَةَ على التّفاعُلِ المُجتمعيِّ ومُستوياتِ السّلوك.

وتتَعدَّدُ الأدوارُ الّتي يُمكنُ أنْ يُؤدّيَها مُعلِّمُ مَراحِلِ التّعليمِ الأساسيِّ في تَطويرِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ وتَعزيزِها لَدى التّلاميذِ، ويُمكِنُ تَصنيفُها وِفْقَ الآتي:

أوَّلًا: المُعلِّمُ مثقِّفًا

هُناك أدوارٌ أساسيّةٌ للمُعلِّم، وإنْ كانت تَكتَسِبُ طابِعًا مُغايرًا، فَفي عَصرِنا عَمّا كانَتْ عَليْهِ قَبلَ تِلكَ الأدوار، ومِنَ المَفروضِ أنَّ المُعلِّمَ مُثقِّفٌ لأنَّهُ عُضوٌ في المُجتمَعِ مِنْ ناحيَةٍ، ولأنَّهُ واحِدٌ مِنْ شَريحَةٍ اجتماعيَّةٍ تُشارِكُ في صِياغَةِ عُقولِ ووجدانِ الآخرينَ منْ ناحيَةٍ أُخرى، ومِنْ أهمِّ مُكوِّناتِ دَوْرِ المُعلِّم كَمُثقِّف:

1_ التّعاطي مَعَ التّقنيّات: يَتميَّزُ العَصرُ الآنيُّ بالانفجارِ المَعرفيِّ والتّكنولوجيِّ وانتشارِ نُظُمِ الاتِّصالِ والاستعمالِ المُتزايِدِ للحاسوبِ والتّوسُّعِ في استخدامِ شَبكةِ الانترنت وإدماجِهِ في كافَّةِ مَجالاتِ الحَياة.

2: التّعلُّمُ الدّائِمُ:

والمُعلِّمُ منْ أهمِّ عَوامِلِ إنجاحِ الآليَّةِ التّربويَّةِ، إذا تَوافَرَتْ لديه دوافِعُ التّعلُّمِ الذّاتيَ، كَما هُوَ الحالُ عندَ المُتعلِّم، فالمُعلِّمُ هوَ في نَفسِ الوقتِ مُتعلِّمٌ، لِذلِكَ يُشتَرَطُ أن يَتبنّى مَبدَأَ التّعلُّمِ الذّاتيِّ في مَسيرتِهِ العِمليّة، وإلّا يَتأخَّرُ دَوْرُهُ التّعليميُّ المُتَغيِّرُ في سِياقِ التّقدُّمِ الحَضاريّ والتّكنولوجيّ، كَما يُشترِطُ أنْ يُعادَ النّظرُ في منهاجِ تَربيَةِ المُعلِّمينَ وإعدادِهم حتّى يُمكِّنَهُم منَ الهَيمنَةِ على تَفجيرِ المَعرفَةِ وتَعدُّدِ مَرجعيّاتِها، وطُرُقِ الحُصولِ عليْها ووَسائِطِ تعليمِها بِما يَتَّفِقُ معَ الدَوْرِ التّعليميّ الجَديد.

ثانيًا : المُعلِّمُ قائدٌ ومُرشِدٌ ومُوجِّهٌ:

وتُعتَبَرُ هذهِ منَ القُدراتِ الشّخصيَّةِ للمُعلِّم، فهِيَ تُشيرُ إلى ما يَقومُ بهِ المُعلِّمُ لدَفعِ حَماسِ التّلاميذِ وتَشجيعِهِم على العملِ، فالمُعلِّمُ مَسؤولٌ عنْ تَوجيهِ التّلاميذِ ودَفعِهِمْ للعَمَلِ التّلقائيّ الإيجابيِّ المُتمثِّلِ في حُبِّ الآخرينَ والتّعاوُنِ معَ زملائِهِ وتَقديمِ المُساعَدَةِ لِمَنْ يَحتاجُ مِنَ المُجتَمَعِ المَدرسِيّ، وكَذلكَ تَقبُّلِ زُملائِهِ الّذينَ يَختلفونَ عنْهُ في الخَلفيَّةِ المُجتمعيَّةِ، وحثِّ الطّلّابِ على العَمَلِ الجَماعيِّ والتّنافُسِ الشّريفِ بينَ المَجموعاتِ وبثِّ روحِ الأخوَّةِ وبثِّ الكَرامَةِ الإنسانيّةِ في نُفوسِ التّلاميذِ، ويَكونُ ذلكَ عنْ طَريقِ التّوجيهِ والإرشادِ الدّينيِّ والأخلاقيّ.

ثالثًا: المُعلِّمُ ناقلٌ للمَعلوماتِ: تَقديمُ المَعلوماتِ للتّلاميذِ دَوْرٌ أساسيٌّ ورَئيسيٌّ في وَظيفَةِ المُعلِّم، ويَنالُ هذا الدَوْرُ اهتمامًا كَبيرًا منَ التّلاميذِ ووليِّ الأمرِ والمُجتمَعِ والدّولَة، وعَلى المُعلِّمِ أنْ يَقومَ أيضًا بِما يَلي:

_ مُساعَدَةُ الطّلّابِ عَلى انتقاءِ المَعرفَةِ المُناسبَةِ للقَضيَّةِ الّتي يَقومُ بِدراستِها أوِ المُشكلَةِ الّتي تُواجِهُهُ سَواءٌ في المَنهَجِ المَدرسيِّ أوْ في يَوميّاتِهِ الحَياتيَّة.

_ تَزويدُ المُتعلّمينَ بِمهاراتِ والقُدراتِ اللّازمَةِ لنَقدِ المَعرِفَةِ الّتي حَصَّلَها، والتّأكُّدُ منْ سَلامَتِها وصِحَّتِها.

_ تَدريبُ التّلاميذِ على طَريقةِ استعمالِ المَعرفةِ والإفادَةِ من مَضمونِها في حلِّ المُشكلَةِ أوِ المُشكلاتِ الّتي يَقومُ ببحثِها.

رابِعًا: المُعلِّمُ جِسرٌ بينَ الأجيالِ

يجبُ أنْ يُدرِكَ طالبُ المَرحلةِ الابتِدائيّةِ أنَّنا أمَّةٌ ذاتُ تُراثٍ ضَخمٍ، وذاتُ تَجارِبَ حَضاريَّةٍ عَريقَةٍ وثَريَّة، وحَتّى نَستوعِبَ حَضارَةَ العَصرِ على نَحوٍ مَقبولٍ، فإنّنا بِحاجةٍ إلى أنْ نَمتَلِكَ وعيًا جَيّدًا بِذلكَ التّراث، ودَوْرُ المُعلِّمِ أنْ يَقومَ بِعمليَّةِ تَرجمَةٍ واسعَةٍ ومَوثوقٍ بِها للقَضايا الحَضاريَّةِ والتّراثيَّةِ، وعليهِ تَقديمُها للتّلاميذِ بِلغَةٍ مُعاصِرَة، ممّا يُعمِّقُ انتماءَهُم لِهذهِ الأمَّةِ ومُساعَدَتِهِم على فَهمِ هذا العَصرِ، والعيشِ فيه بِكفاءَةٍ وفاعليّه. (محمّد وآخرون،2001).

وتُؤكِّدُ الباحثةُ على أنَّ مُعظَمَ مُشكلاتِ سوءِ العَلاقةِ بينَ المُعلِّمِ والتّلميذِ، وبينَ التّلميذِ والمَدرسَةِ ناتجةٌ منْ عَدَمِ التّكيُّفِ بيْنَ ثقافَةِ أفرادِ المُجتمَعِ اليومَ والثّقافَةِ المُعتمَدَةِ مِنْ قِبَلِ المُعلِّمِ والمَدرسَة، فَما عادَتْ ثقافَةُ اللّفظةِ السّائدَةِ عندَ الأجيالِ الّتي سبَقَتْ تُؤثِّرُ بِهم ذلكَ التّأثيرَ، وحلَّتْ محَلَّها ثقافةُ التّكنولوجيا بِدرجَةٍ كَبيرةٍ، ومِنَ الأرجَحِ والأهمِّ أنّ الأساتِذَةَ يَشتغلونَ للتَّمكُّنِ منْ مُواكَبَةِ التّقدُّمِ والتّغييرِ للتَّقرُّبِ منَ التّلاميذِ ومُحاكاتِهِمْ بثقافَةِ جيلِهِم وتَسهيلِ الأمورِ وتَوصيلِها إلى عُقولِهِم بِما يُناسِبُهُم وإلّا تُصبِحُ ثغرةً كَبيرةً بينَ المُعلِّمينَ والأجيالِ ويُسبِّبُ الضّياعَ والتّدهوُرَ والتّصرُّفاتِ العَشوائيّةَ غيرَ المَدروسةِ منْ قِبَلِ التّلاميذِ لِعَدَمِ وُجودِ مُوجِّهٍ ومُرشِدٍ وصَديقٍ يُغيِّرُ مِنْ أفكارِهِمْ نَحوَ الأفضلِ، ويَحدُّ مِنَ الأفكارِ السّلبيَّةِ وتَعليمِهِمُ مبادئَ وتَعليمِهِمْ مَبادئَ دينِهِم وعاداتِهِم وتَقاليدهم، ومنِ استقبالِ ما يَنفعُهُم منَ الأفكارِ الدّخيلَةِ وحِفاظِهِم على قِيَمِهِمُ الأخلاقيّة، كلُّ ذلكَ يَحتاجُ إلى جُهدٍ وسَعيٍ منْ قِبَلِ المُعلِّمينَ لتَحديثِ أساليبِهِمُ التّدريسيَّةِ ورَفعِ قُدُراتِهِمُ العِلميَّةِ والعَملِ على رَفعِ مُستَوى كلِّ الخُطواتِ الّتي تَصبُّ بِصالِحِ تنشئَةِ جيلٍ مُتعلِّمٍ ومُحترَمٍ يَهدِفُ للتَّطوُّرِ والعَيشِ المُشتَرَك.

دَوْرُ الأستاذِ كوسيطٍ بينَ الأُسرةِ والتّلميذِ في تَرسيخِ التّعليمِ القيمِ الأخلاقيَّة لَدى التّلاميذ

تُعتَبَرُ الأسرَةُ الجماعةَ الإنسانيَّةَ الأولى الّتي تتَعهَّدُ الطّفلَ بالرّعايةِ والتّنشئةِ منذُ الولادَة، فَهوَ يَتعلَّمُ لغتَهُ الأصليَّةَ ويَمتلِكُ قُدرتَهُ على تَوضيحِ حاجاتِهِ ورَغباتِهِ، ويَتفاعَلُ معَ الآخرينَ، ومنْ خِلالِ الأُسرةِ يتَعرَّضُ إلى أولى خِبراتِهِ وفيها تتَشكَّلُ شَخصيَّتُه، وتُساعِدُه على التّكيُّفِ معَ البيئةِ المُحيطَةِ ومَعَ التّغيُّراتِ فيها، والأسرةُ مصدَرُ الأخلاقِ والدّعامَةُ الأولى لضَبطِ السّلوكِ، إذ منْ خِلالِ أُسرتِهِ يَكتَسِبُ المُتعلِّمُ القِيَمَ الّتي يُقرُّها المُجتَمَعُ، فالأُسرَةُ تَقومُ بتنشئَةِ الطّفلِ اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وثَقافيًّا. (رشوان،2003). ولِلأُسرةِ دَوْرٌ أساسيٌّ في مُستقبَلِ الشّخصيَّةِ الأخلاقيّةِ للإنسان، إذ أنَّ أوَّلَ ما يُواجِههُ المتعلِّمُ الحاجةَ إلى القِيَمِ الأخلاقيَّةِ منَ الأسرةِ، حيثُ تَبدَأُ خبراتُهُ الأخلاقيّةُ من خبراتِهِ اللُّغويَّةِ، ويَجِدُ نَفسَهُ بالتّدرُّجِ أمامَ تَعابيرِ القَبولِ أوْ عدَمِ القَبولِ مَقرونَةً بالمَدحِ أوِ الذّمِّ. (ناصر، 2004). ويُعرِّفُ “جون لوك” العائلةَ أنَّها جَماعَةٌ منَ الأفرادِ ارتَبَطُوا بِصِلاتِ الزّواجِ والدّمِّ أوْ أنْ يَتبنّى الفردُ طِفلًا تَخلّى عنهُ أهلُهُ البيولوجيّينَ (الشّناوي، 2001).

ونَستنتجُ من ذلكَ أنَّ التّربيةَ في مُجملِها عَمليّةٌ أخلاقيّة، لأنَّ لِمفهومِ الأخْلاقِ دَوْرٌ في كلِّ وَظيفةٍ من وَظائِفِ التّربيَةِ الأُسريّة، فيَجِبُ أن تَتوافَقَ كلُّ وظيفةٍ منَ الوَظائِفِ الأُخرى معَ أخْلاقِ الأُسرةِ والمُجتمَعِ الّذي يَنتمي إليه الفرد، فالتّربيةُ الأخلاقيّةُ ذاتُ مَفهومٍ واسِعٍ ومُتعدِّدِ الأبعادِ والأوجه، وذاتُ صِلَةٍ بالسّلوكِ الفَرديِّ الشّخصيِّ، كَما أنَّ لَها صِلةً بالعلاقاتِ الاجتماعيّةِ على حدٍّ سَواء (المحادين، 2010).

وقَدْ تَحدَّثَتِ الباحثَةُ عنْ دَوْرِ المُعلِّمِ كَوسيطٍ بينَ الأسرَةِ والطّالِبِ لتَطويرِ التّعليمِ الأخلاقيّ، فلا نَغفلُ دَوْرَ الأسرَةِ وأهمّيَّتَها، ولكنْ بِذاتِ الوقتِ فإنَّ المُعلِّمَ يُؤدّي دَوْرًا مهمًا وكبيرًا في التّنسيقِ ما بَينَ الأُسرَةِ وبينَ تَعامُلِهِ معَ التّلميذِ عندَ خُروجِهِ منْ كَنَفِ الأُسرَةِ ودُخولِهِ إلى عَلاقَةٍ معَ الأُستاذِ عبرَ المَدرسة، فدَوْرُ الأُستاذِ يتجلّى في اكتشافِ وتوضيحِ الأسُسِ والقِيَمِ الأخلاقيّةِ في جَميعِ مَظاهِرِ حياةِ التّلميذِ والتّركيز عليها داخِلَ المِنهاج الدّراسيِّ منْ خِلالِ الألعابِ والأنشطَةِ الجَماعيَّةِ والتّربويَّةِ والتّعليميّةِ المُقدَّمَةِ في المَدرسَة، وهذا يَبدَأُ منْ نموِّ الطّفلِ وانتقالِهِ منْ مَرحلَةٍ إلى أُخرى، فالسّلوكُ الأخلاقيُّ ليسَ مُجرَّدَ تَنفيذٍ لِقانونٍ أو تَطبيقٍ لقاعدةٍ عنْ طَريقِ تَهذيبِ السّلوكِ والتّمرُّسِ على الطّاعةِ وتَكوينِ العاداتِ المَظهريَّةِ دونَما الاهتمامُ بِدوافِعِ المُتعلِّم واهتماماتِهِ وميولِهِ الدّاخليَّةِ والرّوحيَّةِ، وهذا منْ أهمِّ أدوارِ المُعلِّمِ في اكتِشافِها لَدى المُتعلِّمِ وتَنميتِها وتَوجيهِها الاتِّجاهَ الصّحيح، ونتيجةً لِكونِ المُعلِّم هُوَ من أوائِلِ الأشخاصِ الّذين يَلْتقي بِهِمُ الطّفلُ بعدَ خُروجِهِ منْ جَوِّ الأُسرة، فَهُناكَ عَدَدٌ منَ الأمورِ يَجِبُ أن تتَوفَّرَ في المُعلِّمِ، فلا بُدَّ منْ أنْ يَكونَ المُعلِّمُ القُدوةَ والمَثَلَ والنّموذَجَ، حيثُ يُعتبرُ جميعُ منْ يَختَلِطُ بِهِمُ المُتعلِّمُ في رِياضِ الأطفالِ نَماذِجَ سلوكيَّةً أخلاقيَّةً لَهم، فالمُتعلِّمُ يُقلِّدُ المُعلِّمَ في كلِّ ما يَفعَلُ، وهُنا يَبرُزُ دَوْرُ المُعلِّمِ بتأكيدِ ما تلقَّاهُ المُتعلِّمُ منْ أُسرتِهِ في تَقديمِ نَماذِجَ أخلاقيَّةٍ منْ خِلالِ القِصَصِ الّتي يَقرأُها للتّلاميذِ، سواءٌ أَكانَتْ شَخصيّاتُ هذهِ القِصَصِ أفرادًا أو حَيوانات، حقيقيَّةً أو خَياليَّةً.

إضافَةً إلى ذلكَ، فإنَّ مِنْ واجِبِ المُعلِّمِ الإجابةَ على تَساؤلاتِ المتعلِّمِ ومُساعدتِهِ على الفَهمِ والاستيعابِ، ليس لمجرَّدِ الطّاعَةِ العمياءِ، بلْ من أجلِ تَنميةِ سلوكِ المُتعلِّمِ لكونِه سلوكًا مُعزَّزًا بالاختيارِ الحرِّ اقتناعًا وقَناعةً، وهُنا يَجِبُ أنْ يَكونَ الشّرحُ مُتناسِبًا معَ مُستَوى إدراكِ المُتعلِّمِ وبِطرُقٍ مُتنوِّعَةٍ، كي تتوافَقَ معَ أنماطِ تَعليمِ التّلميذِ المُتبايِنَةِ.(Gad wick،2005)

2_ دَوْر المُعلِّم كوَسيطٍ بينَ المَدرسَةِ والتّلميذِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّة

المدرَسَةُ تَعملُ على تَشكيلِ الأساسِ لبناءِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في المُجتمعِ، كَما أنَّ لها دَوْرًا كبيرًا في بِناءِ وتَشكيلِ الحكمِ الأخلاقيِّ لَدى الطّالِبِ، حيثُ تَتغيَّرُ طبيعةُ هذا الحُكمِ الأخلاقيِّ لَدى التّلميذِ، وتتَأثَّرُ المدرسَةُ بِما يَجري في المُجتمَعِ من أحداثٍ، فَهِيَ مِرآتُهُ، لأنَّ الوظيفَةَ الأساسيَّةَ للمَدرسَةِ هي تَنشئَةُ الجيلِ الجَديدِ على أُسُسٍ رسَمَها المُجتَمَع (ناصر ، 2004).

ومَعَ ازديادِ تَعقُّدِ الحَياةِ الاجتماعِيَّةِ وتَراكُمِ التّراث، والتّقدُّمِ المَعرفيّ والتّكنولوجيّ، وظُهورِ التّخصُّصِ الدّقيق، وتَطبيقِ أساليبِ العَمَلِ والإنتاجِ الحَديثَةِ، وإدراكِ الجَميعِ لدَوْرِ التّدريسِ في تَطويرِ المَنظومَةِ المُجتمعيَّةِ زادَتْ قيمَةُ المَدرسَةِ، وأصبَحَتْ أكثَرَ العَوامِلِ تأثيرًا في تَعليمِ الأخلاقِ والمَهاراتِ والاتِّجاهاتِ لَدى التّلاميذ.

وللمَدرَسَةِ أهمّيّةٌ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ لَدى التّلاميذ، عبرَ الوَظائِفِ في المُجتَمَعِ، إضافةً إلى دَوْرِ عَناصِرِ الجَماعَةِ المَدرسيَّةِ في تَطويرِ الجوانِبِ الأخلاقيّة. (حتاحت 2011).

وتُؤكِّدُ الباحثةُ أنَّ استقامَةَ المُتعلِّمِ وحِفاظِهِ على قِيَمِهِ الأخلاقيَّةِ مَسؤوليّةٌ مُشتركَةٌ بينَ الأُسرةِ والمُعلِّمِ والمَدرسَةِ بالدّرجَةِ الأساسيَّةِ لينمُوَ وِفقَ أُسُسٍ قيميَّةٍ يَصعُبُ على الجَوانِبِ السّلبيَّةِ زَعزَعتُها وتغييرُها، فَكلَّما تَضافَرَتِ الجُهودُ أصبحَتِ النّتائِجُ مُبهِرَةً ومُرضيَةً أكثر، وكُلَّما قَلَّتِ الجُهودُ أو تَناقَصَتْ أصبَحَتِ النّتائِجُ مُخيفَةً ولا تُبشِّرُ خَيرًا.

فلا بُدَّ منْ تعاوُنِ الأسرَةِ والمُعلِّمِ والمَدرسةِ لِترسيخِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ لَدى التّلميذِ في التّعليمِ والأنشِطَةِ ومَنهَجِ التّربيَة.

القِيَمُ الأخلاقيَّةُ في التّعلُّمِ ودَوْرُها في التّنميَة

لا بدَّ منِ اكتِشافِ القِيَمِ المُسبّبةِ في نَجاعَةِ آليّةِ التّعلُّمِ والتّعليم، حيثُ تلعَبُ الأخلاقُ دَوْرًا مُهمًا في صَقلِ ذاتِ الشّخصِ وتَصويبِ تَصرّفاتِهِ، ومَعروفٌ بأنَّ تخطّي آليّةِ التّعلُّمِ والتّعليمِ في هذِهِ الفَترةِ ونَجاحِها هُوَ فَوْزٌ لما يلي ذلك.

التّعليمُ من أهمِّ المِهَنِ الّتي تَقتضي رَكائزَ وقواعِدَ يَجبُ إرساؤها والاعتمادُ عليْها في تأليفِ المَناهِجِ وإيصالِ الرّسالة، وهُو سبيلُ التّطويرِ في الدُّنيا، لِما لَه مِنَ المُخرَجاتِ العِلميّةِ الفاعلَةِ في جَوانِبَ شتىً، مما هُوَ ضروريُّ لِدفعِ عَجَلةِ التّنميَةِ، إذْ إنَّ مُعظمَ مُتطلّباتِ التّنميةِ تَعتمدُ على دِراساتٍ علميّةٍ مُوسَّعَةٍ منْ قِبَلِ مُختصينَ منْ ذَوي الخِبرة، إذْ لا يُمكِنُ أنْ تَرسِمَ الخُطَطَ والمَناهِجَ بِطرقٍ عَشوائيّة.

وتُمثِّلُ القِيَمُ أساسًا منْ أُسُسِ تَحديدِ مَساراتِ الآليّةِ التّربويَّة، بِسبَبِ تأثيرِها على حَياةِ المُتعلّم، كَما تَمتلِكُ القِيَمُ دَوْرًا بالغَ الأهمّيّةِ في تَكوينِ شَخصيَّةِ الفردِ منْ خِلالِ تَحليلِ السّلوكِ والمُمارسة.

والقِيَمُ اصطلاحًا تَعني جُملَةً منَ المُؤشّراتِ الّتي تُحدِّدُ مَدى خُضوعِ الفَردِ لمَعاييرِ وضَوابِطَ في فِكرِهِ وسلوكِهِ، فهيَ المَبادئُ وهيَ المُثُلُ العُليا.

ومنَ المَبادِئِ الّتي حازَ عليْها:

احترامُ العلومِ وطالبوها: أيْ عِندَما تُوفّى العُلومُ قَدرَها ويُعطى الاختصاصيّونَ والباحثونَ مَكانتَهم، يَكونُ ذلكَ إشارةً على التّحضُّرِ والارتقاءِ والحَضارَةِ، ويَكونُ منْ عَوامِلِ ودلالاتِ التّطويرِ السّليم.

احترامُ الأستاذِ: تُعتَبَرُ المَحبَّةُ الّتي يكنُّها التّلميذُ إليه والّتي يَنتمي إليها، ومحبَّةُ أساتذتِهِ منْ أهمِّ عناصرِها.

التّباري المَشروعُ: بالتّأكيدِ أنَّ هذا النّوعَ منَ التّباري يُمثّلُ نموذجًا حَيًّا لِنشْرِ قيمةِ التّآزُرِ والتّكاتُفِ بينَ المُتعلّمين، الأمرُ الّذي يُفضي إلى الحُصولِ على النّتيجَةِ الأمثل.

إلحاقُ التّعلُّمِ بالتّطبيقِ: وهيَ غايَةُ العِلمِ ومَبلَغُهُ، حينَ يَقتَرِنُ التّعلُّمُ بالتّطبيقِ، فالتّعلُّمُ دونَ تَطبيقٍ مثلَ الشّجرةِ الخاليَةِ منَ الثّمارِ، فالعُلومُ النّظريَّةُ لا تَفي للتَّقدُّمِ والتّطوُّر، والقِسمُ التّطبيقيُّ هوَ منْ أقسامِ عَمَليّةِ التّعلُّمِ والتّعليم.

والنّاتِجُ بأنواعِهِ الّذي يَنتُجُ عنْها، يَشترِكُ بِطريقةٍ فعّالَةٍ في التّطويرِ، ونَتَجَ عن ذلكَ ما نُشاهِدُهُ في البُلدانِ المُتقدِّمَةِ والمواكِبَةِ للحَضارةِ منْ مَعامِلَ ومُؤسّساتٍ تعليميّةٍ ومَشافٍ ومقرّاتٍ للتّأهيلِ والمُؤسّساتِ التّقنيّةِ والّتي تُعلِّمُ وتُدرِّبُ على اكتسابِ المِهَن، وأيضًا البَرامِجِ التّنمويّةِ والتّطويريَّةِ، وهذا كلُّه يَعودُ للهِ ثمَّ إلى أهمّيّةِ المَبادئِ الخَلقيَّةِ في التَّدريسِ الّتي شَجَّعَ عليها دينُ الإسلامِ وأرادَها الرّسولُ محمّدٌ صلّى اللّهُ عليهِ وسلّم.

ممّا سَبَقَ، تَجِدُ الباحثةُ أنَّ القِيَمَ الأخلاقيّةَ لَها الدَوْرُ الأكبرُ في بِناءِ المُجتمعِ، فحينَما يتمُّ تَعليمُ القِيَمِ الأخلاقيّةِ للأفرادِ، فإنَّ ذلكَ سُيوجِّهُهُم في اتَخاذِ قَراراتِهِمُ الصّحيحةِ وحلِّ مُشكلاتِهِم ومُساعدَةِ الآخرين، واحترامِ القَوانينِ. وكلُّ ذلكَ يُساهِمُ في بِناءِ شَخصيَّتِهِم وتَفعيلِ دَوْرِهِمُ الإيجابيِّ في المُجتمع.

آثارُ العَولَمَةِ على القِيَمِ الأخلاقيّةِ

إنَّ التّقدُّمَ الرّقميَّ، ساهَمَ في جَعلِ العالَمِ أشبهَ بِقريَةٍ، فقدْ أزالتِ العَولمَةُ كلَّ الحُدودِ القائمَةِ والمُفترَضَةِ بينَ الثّقافات، وأضحَتِ المُجتمعاتُ الهَشَّةُ تَخضَعُ لِما يُحاكي الغَزوَ الثّقافيَّ، والعَولمةُ منْ جِهَة الثّقافةِ هِيَ نَفْيُ الآخرِ وإحلالُ الذّاتِ مَحلَّه، أيْ نَفْيُ الخَصائِصِ الثّقافيَّةِ للشُّعوبِ والحَضاراتِ والمُجتمعاتِ ودَفْعِ الأفرادِ لتَبنّي ثقافةٍ مغايرةٍ.

فهذهِ العَولمَةُ الثّقافيّةُ تجتاحُ قِيَمَ وأعرافَ وتقاليدَ العالَمِ الثّالث، تَحتَلُّ العَقليّةَ والذّهنيّةَ والثّقافةَ والسّلوكَ والمُمارسةَ بفضلِ الإعلامِ الأمريكيّ الّذي يتَحكَّمُ بـِ 65% منْ تَدفُّقِ المَعلومات. (العيد، 2005).

ومنْ بَعضِ الآثارِ السّيّئةِ للعَولمَةِ على التّربيَةِ الأخلاقيّةِ، أبرزُها:

_ التّقليلُ منْ سَيطرَةِ الرّقابَةِ الأخلاقيَّةِ على النّاشئة.

_سيطرةُ أخلاقِ الأقوياءِ على الضُّعفاءِ ولَو كانتْ أخلاقًا فاسِدَة.

_ذوبانُ الخُصوصيَّةِ الأخلاقيَّةِ للأُمَمِ والشّعوب.

ويُلاحَظُ أنَّ الاستئثارَ منْ أبرزِ مَلامِحِ العَولمَة، المُؤدّيَةِ إلى تَقليصِ حيِّزِ القِياسِ الأخلاقيِّ، فالاهتمامُ الأكبرُ يذهبُ اليومَ إلى ما يَحصلُ عليْهِ الفَردُ منْ مَكاسِبَ ويَجنيهِ منْ فَوائِدَ، دونَ أيِّ اعتبارٍ لِما يَنعكِسُ على الآخرينَ منْ أضرارٍ مُقابِلَةٍ أو مَدى أَحقّيَّةِ وشَرعيَّةِ ما يَكسِبُهُ، بِمعنى آخَرَ أنَّ التّفكيرَ بالانعكاساتِ الاجتِماعيَّةِ أوِ الآثارِ الأخلاقيَّةِ للتّصرّفاتِ اليَوميّةِ لمْ يَعُدْ شاغِلًا لَدى الكثيرين. (بشير، 2014).

دَوْرُ مُعلِّمِ اللّغةِ العربيّةِ والمَنهجِ وكِتابِ اللّغةِ العَربيّةِ في تَنميةِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ

مهما تَعدَّدَتِ اللّغاتِ، واختلفَتِ الألسُنُ، فإنَّ اللّغاتِ الإنسانيّةَ كلَّها تَشتركُ في ثلاثةِ مُكوِّناتٍ أساسيَّة؛ هيَ: الأصواتُ، والدّلالاتُ، والتّراكيبُ. وفي ضَوءِ هذِهِ المُكوِّناتِ اتَّسَمَت كلُّ لُغةٍ بنِظامِها الخاصّ.

وقدْ تطوَّرَ مَفهومُ التّعليم، فانتقلَ منَ الاقتصارِ على مَفاهيمِ نظريّةٍ بحتةٍ إلى مَفاهيمَ قِيميّةٍ وأخلاقيّةٍ ووجدانيَّة، فقدْ غَدا التّعليمُ عَمليَّةً إنتاجيّةً إبداعيّةً، لا عمليّةَ تَلَقٍّ دونَ فِعلٍ، تهدِفُ إلى تَمكينِ الفردِ منْ إعادَةِ بناءِ الفِكر المتحصِّلة، ومنْ ثمَّ إنتاجِ الجديدِ وغيرِ المألوفِ (أبوعكر،2009، 5).

ولا يُمكِنُ أنْ تَكونَ مُنتجَةً على مُستَوى المُمارَسَةِ المُجتمعيَّة، إذا لم تَقتَرِنْ بالقِيَمِ الأخلاقيّةِ، وذلكَ يتمُّ وفقَ آليّةٍ معيّنةٍ ذاتِ مُستويَين: مُستَوى التّلقّي وذلكَ بتَفاعُلِ المُتعلِّمِ معَ القِيَمِ الأخلاقيّةِ، ومُستَوى إعادَةِ إنتاجِ القِيَمِ منْ خِلالِ المُمارَسَةِ ومنْ خِلالِ الفِعل.

هذهِ المُهمَّةُ، تتطلَّبُ أنْ تَكونَ آليّةَ التّعلُّمِ والتّعليمِ مسألةَ تَحليلٍ وبناءٍ وتفاعُلٍ لا يُقصَدُ بِها مُجرَّدَ مَعرفَةِ المَعلومَةِ؛ بلْ تَتعدّى ذلكَ إلى تَعزيزِ القِيَم، واستحضارِ مُمارَسَتِها، والاستنتاجِ والتّفكيرِ النّقديِّ أيضًا (محمّد،2003، 135).

هناكَ عدَّةُ عوامِلَ مُتشابكةٍ ومُتداخلةٍ بينَ دَوْرِ المُعلِّمِ والمَنهجِ، تُؤدّي إلى تَعميقِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في المُتعلّمِ والمُجتمَع، لذلكَ يَجِبُ أنْ نَهتَمَّ بتَفعيلِ القِيَمِ في التَّعليم؛ بِوصفِهِ مَسارًا وسُلوكًا ومُمارسةً، يُحدِّدُ مُعتقداتِ الفَرد، ويُشكّلُ اتّجاهاتِ المُجتمَع، ويُؤثِّرُ في الدّينِ وفي الأُسرةِ وفي المَنظومَةِ الاجتماعيَّةِ ككلّ.

وبِما أنَّ هذا المُتعلّمَ لنْ يوجَدَ إلّا منْ خِلالِ تَفاعُلِ أجزاءِ الآليّةِ التّعليميَّةِ، تَظهَرُ ضَرورةُ إعطاءِ الأولويَّةِ لتأسيسِ المَنهجِ التّعليميِّ الّذي يُساعِدُ الطّالِبَ على تَفعيلِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ ومواكبَةِ المُتَغيِّراتِ والقُدرةِ على الإتيانِ بجديدٍ، وتحريرِ عُقولِ الطّلّابِ منَ النّمطيَّةِ والجُمود، وحفظِ البياناتِ، وتَطويرِ قُدرتِهِم على الغَوْص، وبلوغِ علاقاتٍ جديدةٍ بأساليبِ تفكيرٍ جديدةٍ تُساعدُهُم على فَهمِ ومُعالَجَةِ ما يَحدُثُ مَعهم، ومِنْ ثمَّ ابتكارِ أفكارٍ وحلولٍ مُتعدِّدَةٍ مُوائِمَةٍ لِما هُوَ كائنٌ، ولِما سَيكون.

وهذا يَقتضي تَغييرَ البَرامِجِ التّدريسيَّةِ وإخضاعَها لعمليَّةِ تقويمٍ مُستمرَّة، فعَمليَّةُ تَقويمِ المَناهِجِ الدّراسيَّةِ وتحديثِها وتَطويرِها صارَتْ حاجةً ملحَّةً في ظلِّ التّحوُّلِ والتَّحسينِ الهائِلِ على المُستويينَ المَعرفيِّ والتَّعليميِّ والقِيَميِّ، فالتّغيُّرُ والتّقدُّمُ يحتِّمُ عَلينا مُراجَعَةُ الآليَّةِ التّدريسيَّةِ بعناصرِها المُختلفَةِ بُغيَةَ السّيرِ مَعَ مَوجَةِ التّطوُّرِ الحاصِلَة.

ومنْ خِلالِ النّتائجِ يرتَسِمُ فضاءُ عمليَّتيِّ التّطويرِ القِيميِّ والتَّحديثِ التّعليميِّ التّربويّ؛ فالتّقويمُ يمنحُ القياداتِ التّربويّةَ معلوماتٍ بالغةَ الدّقَّةِ عنْ جَدوى المُمارسَةِ التّعليميَّة، ممّا يُؤدّي إلى اتّخاذِ قَراراتٍ تَرتبِطُ بتحديثِ النّظامِ التّعليميّ وتجديدِه (طموس، 2002، 3).

المَنهَجُ المُعتَمَدُ في البَحث

اسْتخدمَتِ الباحثَةُ في هذا البَحثِ مَنهجًا وَصفيًّا تَحليليًّا للتّعرُّفِ على أهمّيَّةِ أساتِذَةِ اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَدعيمِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيِّ، نَظَرًا لِمناسَبَتِهِ لأغراضِ البَحثِ إذْ إنَّ المَنهَجَ الوصْفِيَّ التّحليليَّ يُحاوِلُ وصْفَ الظّاهِرَةَ مَوضوعَ البحثِ، ويُفسِّرُ ويُقارِنُ ويُقيمُ آمَلًا في الوُصولِ إلى تَعليماتٍ ذاتِ مَعنىً يَزيدُ بِها رَصيدَ المَعرفَةِ عنْ هِذِهِ الظّاهِرَةِ، دونَ تَدخُّلِ الباحثَةِ في مُجرياتِها. (الخطيب:2002: 25).

عيِّنَةُ البحثِ

تألّفتْ عَيِّنَةُ البَحثِ من (56) مِنْ أساتِذَةِ مادّةِ اللّغةِ العربيّةِ للسَّنةِ الخامسَةِ منَ التّعليمِ الأساسيِّ في المُؤسّساتِ الرّسميَّةِ في مُحافَظَةِ ذي قار قَضاءَ الشّطرة في العِراق، وَوقعَ الاختيارُ عليْهِم بأسلوبٍ غيرِ مُنتَظِمٍ، ويُوضِّحُ جَدوَلُ المَعلوماتِ التّالي طَريقَةَ تَقسيمِ الاستبيانِ عَلى مُعلِّمي اللّغةِ العَربيّة.

أداةُ الدّراسَة

تُعتَبَرُ آليَّةُ الحُصولِ على المَعلوماتِ لأهدافٍ بَحثيَّةٍ خُطوَةً هامَّةً، حَيثُ إنَّ أهمِّيَّةَ الدّراسَةِ وقيمتَها تنبَعثانِ مِنَ الحَصيلَةِ النّاتجَةِ منَ الوسيلةِ الحَسنَة، وتقَعُ على الباحِثَةِ مَسؤوليَّةُ تَصميمِ الأداةِ المُلائِمَةِ وتُعيِّنُ الوسيلةَ الّتي تَستعمِلُها بِطريقَةٍ جَليَّةٍ كَيْ تَتَمكَّنَ منَ الوُصولِ إلى أهدافِها. (ملحم , 2002: 246)

تقويمُ المِعيار

المَقصودُ بتَعديلِ المِعيارِ هُوَ تَحديدُ مُستَوىً لِردِّ فِعلِ المُمتَحَنين على بُنودِ المِعيارِ، وبَعدَها إضافةُ هذهِ النِّقاطِ بهدَفِ بُلوغِ المَرحَلَةِ الأخيرةِ لِكُلِّ واحِدٍ منَ المَجموعَة، وجَرى تَعديلُ استبياناتِ مِعيارِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ على أَساسِ (30) بنْدًا، بعْدَ أن جَرى وَضْعُ واختيارُ مَقاييسَ لبَديلِ رُدودِ الأفعالِ، وهِيَ (3 ، 2، 1)، مَراتِبُ تُواجِهُ بِبَديلِ رُدودِ الفِعلِ، وهِيَ (بِدرجَةٍ مُرتفعة ، بِدرجَةٍ مُتوَسِّطة، بِدرجَةٍ ضَعيفة). والجَدولُ رقم (1) يُوَضّحُ ذلِك:

السُّؤالُ الرّئيسُ: إلى أيِّ مَدى يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيَّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ في مادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيِّ؟

جَدوَل (10) المُتوَسِّطُ الحِسابيُّ، والانحرافُ المِعياريُّ، والوَسَطُ الفَرضيُّ، والنّسبتانِ التّائيّتانِ (المَحسوبَةُ والجَدولِيَّة)، والدّلالةُ الإحصائيّةُ للقِيَمِ الأخلاقيّةِ

مُستَوى الدّلالة

0.05

القِيَمة التّائيّة

الوسط الفَرضيّ

الانحراف المِعياريّ

المُتوَسِّط الحِسابيّ

العيّنة

المُتَغيِّر

الجدوليّة

المحسوبة

دالّة إحصائيًّا

1,67

2,86

60

17,93

66,68

56

القِيَم الأخلاقيّة

جدول (1) يُبيِّنُ آليَّةَ تَقويمِ مِعيارِ القِيَمِ الأخلاقيَّة

أعلى دَرَجةٍ للمِقياس

أقلُّ دَرجةٍ للمِقياس

المُتوَسِّطُ الفَرَضيّ

90

30

60

السّؤالُ الأوّلُ: إلى أيِّ مَدى يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العَربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّة منْ خِلالِ النّصوصِ القرائيّة؟

جَدول (11) المُتوَسِّطُ الحِسابيُّ والانحرافُ المِعياريُّ والوَسَطُ الفَرضيُّ والقِيَمتانِ التّائيّتانِ (المحسوبة والجدوليّة) والدّلالةُ الإحصائيّةُ للقِيَمِ الأخلاقيَّةِ منْ خِلالِ النّصوصِ القِرائيّة.

مُستَوى الدّلالة

0.05

القِيَمة التّائيّة

الوسط الفَرضيّ

الانحراف المِعياريّ

المُتوَسِّط الحِسابيّ

العينة

المُتَغيِّر

الجدوليّة

المحسوبة

دالّة إحصائيًا

1,67

2,52

20

6,36

22,09

56

النّصوص القرائيّة

السّؤالُ الثّاني: إلى أيِّ مَدىً يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ منْ خِلالِ مَهاراتِهِمُ التّواصليَّةِ معَهُم؟

جَدول (12)

المُتوَسِّطُ الحِسابيّ، والانحرافُ المِعياريّ، والوسَطُ الفَرضيّ، والقِيَمتان التّائيّتان (المَحسوبَة والجَدوليّة)، ودرجةُ الحُرّيّة، والدّلالَةُ الإحصائيّةُ للقِيَمِ الأخلاقيَّةِ منْ خِلالِ مَهاراتِهِمُ التّواصُليَّةِ معَهُم

مُستَوى الدّلالة

0.05

القِيَمة التّائيّة

الوسط الفَرضيّ

الانحراف المِعياريّ

المُتوَسِّط الحِسابيّ

العيّنة

المُتَغيِّر

الجدوليّة

المحسوبة

دالّة احصائيًا

1,67

2,38

20

6,22

21,93

56

مهاراتهم التّواصليّة

السّؤالُ الثّالثُ إلى أيِّ مدىً يُساهِمُ مُعلِّمو اللّغَةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَم ِالأخلاقيّةِ عبرَ المُحتوى التّعليميّ؟

جَدوَل (13)

المُتوَسِّطُ الحِسابيُّ، والانحرافُ المِعياريّ، والوَسَطُ الفَرَضيّ، والقِيَمتانِ التّائيَّتانِ (المَحسوبَة والجَدوليَّة)، ودَرجَةُ الحرّيّة، والدّلالةُ الإحصائيَّةُ للقِيَمِ الأخلاقيّةِ منْ خِلالِ المَنهَج ِالدّراسيّ

مُستَوى الدّلالة

0.05

القيمة التّائيّة

الوسط الفَرَضيّ

الانحراف المِعياريّ

المُتوَسِّط الحِسابيّ

العيّنة

المُتَغيِّر

الجدوليّة

المحسوبة

دالّة إحصائيًّا

1,67

2,68

20

6,34

22,21

56

المنهج الدّراسي

الخاتمة

إنَّ دِراسةَ دَوْرِ مُعلِّمي اللّغةِ العربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ بِمادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيِّ بِمثابةِ التّشخيصِ الفعليِّ لِمُساهمةِ مُعلِّمِ اللّغةِ العربيّةِ في تَرسيخِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ وغرسِها في نُفوسِ المُتعلّمينَ وتأثيرِها المباشِرِ على حَياتِهِمْ ومُستواهمُ الدّراسيِّ وبناءِ شخصيّاتِهِم، والامتثالِ بالمُعلِّمِ كقدوةٍ للقِيَمِ الأخلاقيّةِ داخِلَ حُجرةِ الصّفِّ وخارجها. وقدْ ساهَمَ ويُساهِمُ مُعلِّمُ اللّغةِ العَربيّةِ في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ بِمادَّةِ القِراءَةِ لمُتَعَلِّمي الخامِسِ الابْتِدائيّ منْ خِلالِ النّصوصِ القِرائيّةِ والمَهاراتِ التّواصليَّةِ مَعهم والمَنهجِ المَدرسيّ، آمِلًا بتَنشئَةِ جيلٍ مَسؤولٍ عنْ تَصرُّفاتِهِ وسُلوكيّاتِهِ، ومُساهِمًا بِصورةٍ صحيحةٍ في بِناءِ مُجتمعِهِ، برَغمِ الإمكانيّاتِ البَسيطةِ وكثرةِ العَراقيلِ الّتي تعتَرِضُ الأستاذَ في عَملِهِ وفي تأديَةِ واجِبِهِ في غَرسِ القِيَمِ الأخلاقيّة. فالمُعلِّمُ كانَ عِوَضًا عنْ كُلِّ آباءِ المتعلّمينَ الأيتامِ والأُسَرِ المُفكَّكَةِ وغيرِ المَسؤولة، وكانَ لهُ الدَوْرُ الأكبَرُ والمَسؤوليّةُ الأعظَمُ لتنشئةِ الجيلِ. إضافةً إلى انْفتاحِ المُجتمَعِ على كثيرٍ منَ المُستجدّاتِ الّتي وَصلَتْ للمُجتمعِ منْ برامِجِ التّواصُلِ، وكثيرٍ من العاداتِ والتّقاليدِ الدّخيلةِ الّتي تَحتاجُ إلى فَلترةٍ للأخذِ بالجيِّدِ منْها ونبذِ غيرِ الجيِّد، ولمُراقَبَةِ المُتعلِّمِ وحثِّهِ على كلِّ ما يدَوْرُ حولَهُ ويُحاوِلُ سحبَ قِيَمِهِ الأخلاقيّةِ، وبِذلكَ يحاولُ مُعلِّمُ اللّغةِ العَربيّةِ اختيارَ الطّرقِ المُثلى لِتَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيَّةِ والنّجاحِ بِهذا الجانِبِ، وتَحقيقِ أهدافٍ وجدانيَّةٍ مُرضيَةٍ وواضحَةٍ على المُتعلّم.

التَّوصياتُ

_1ضرورةُ التّقييمِ من قبلِ وزارةِ التّربيةِ العراقيّةِ إلى تهيئةِ مادّةِ اللّغةِ العربيّةِ ليتسنّى لمعلّمي اللّغةِ العربيّةِ رفع مُستوى مُساهمتِهِم في تَعزيزِ القِيَمِ الأخلاقيّةِ.

2_ تَسليطُ الضّوءِ من قبلِ المُشرفينَ المُختصّينَ على أهمّيّةِ تَعزيزِ القيمِ الأخلاقيّةِ في مادّةِ القراءةِ لمتعلّمي الخامسِ الابتدائيِّ وإقامةِ دوراتٍ تدريبيّةٍ خاصّة بذلك.

3_ على معلّمي اللّغة العربيّةِ إكمالُ دراستِهم الأَكاديميّةِ واكتسابُهم درجةَ البكالوريوسِ وعدمُ اكتفائِهم بشهادةِ الدّبلوم.

المُقترحاتُ

  1. إجراءُ دراساتٍ في القيمِ الأخلاقيّةِ لدى مراحلِ التّعليمِ المُختلِفةِ في المؤسّساتِ التّربويّةِ الرّسميّةِ في المرحلتين الأساسيّةِ والثّانويةِ في مدينةِ الشّطرةِ في العراقِ.
  2. إجراءُ دراسةٍ مماثلةٍ حولَ القيمِ الأخلاقيّةِ في المؤسّساتِ التّربويّةِ الحكوميّةِ في منطقةِ الشطرةِ في العراقِ.

المصادر

  • آل عواض، يحيى بن إبراهيم. (2006).دراسة تحليليّة لمنظومة القِيَم المتضمّنة في كتب التّربية الإسلاميّة للصّفوف الرّابع والخامس والسّادس الابتِدائيّ في المملكة العربيّة السّعوديّة ، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنيّة ،عمان، المملكة الأردنيّة الهاشميّة .
  • إلما ، هاريس.(2007).تحسين المدارس منْ خِلالِ دَوْر المُعلِّم كقائد ، القاهرة ، مجموعة النّيل العربيّة
  • البخاري ، محمّد إسماعيل .(2014).صحيح البخاري، مكتبة الحديث النّبوي، دار النّوادر ن الطّبعة الثّالثة، قطر.
  • برهوم ،أحمد موسى .(2009).دَوْر المُعلِّم في تعزيز القِيَم الإيمانيّة لدى طلبة المرحلة الثّانويّة بمديرتي خان يونس وغرب غزّة من وجهة نظر الطّلبة، رسالة ماجستير غير منشورة، كليّة التّربية، غزّة فلسطين.
  • بشير ، كروم .(2014). دَوْر ممارسة الأنشطة البدنيّة والرّياضيّة في تنمية بعض القِيَم الأخلاقيّة لدى تلاميذ المرحلة الثّانويّة، رسالة ماجستير، معهد العلوم والتّقنيات، جامعة المسيلة، الجزائر.
  • جبر، يحيى زكريّا. ( 2000).”دَوْر القِيَم التّربويّة لدى مُعلِّمي المرحلة الثّانويّة في شمال فلسطين”، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة النّجاح الوطنيّة، نابلس.
  • الجلاد، ماجد (2007). تعلُّمُ القِيَم وتعليمها ، الطّبعة الثّانية، دار المسيرة، عمان، المملكة الأردنيّة الهاشميّة.
  • الخطيب ، عامر يوسف. (2003). فلسفة التّربية وتطبيقاتها، مكتبة القدس ،غزّة.
  • درويش ، أحمد .(2009). دَوْر مُعلِّمي المرحلة الأساسيّةِ في تنميةِ القِيَم الإسلاميّة لدى الطّلبة في مديريّة تربية قصبة المفرق، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة آل البيت، المملكة الأردنيّة الهاشميّة.
  • زاهر، ضياء .(1984).القِيَم في العمليّة التّربويّة، مُؤسّسة الخليج العربيّ للكتب.
  • الزّبيدي، زين الدّين .(2005). مُختصر صحيح البخاري، مكتبة الصّفا، القاهرة، مصر.
  • الزّمخشري ، أبو القاسم محمود بن عمر .(1998). أساس البلاغة، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان.
  • سالم، أسامة. (2011). فاعليّة برنامج إرشاديّ قائم على فنيّة لعب الدَّوْر في تنميةِ القِيَم الأخلاقيّة.
  • سلامة، محمّد، المؤلِّف بوب سولو.( 2009). تعزيز واقعيّة الطّالب في الكشفِ عنِ الحَماس للتَّعلُّم، ترجم 2010.
  • سلوت، نور.(2005). مفاهيم القِيَم المتضمّنة في الأناشيدِ المُقدَّسة لطلبةِ المرحلة الأساسيّة الدّنيا في مَدارِسِ فلسطين، رسالة ماجستير غير منشورة، كليّة التّربية، الجامعة الإسلاميّة، غزّة، فلسطين.
  • السّيلقي، محمّد صالح. (2012). مدى تَضمين كتب التّربية الإسلاميّة لقيمة التّسامح وتصوُّر مقترح لإثارتها، رسالة ماجستير غير منشورة، كليّة التّربية، الجامعة الإسلاميّة بغزّة، فلسطين.
  • الشّمري، هدى على. ( 2005):طرق تدريس الإسلاميّة، دار الشّرق، عمان، الأردن.
  • الشّنّاوي، محمّد وآخرون. (2001). التّنشئة الاجتماعيّة للطّفل، عمان : دار عمار للنّشر والتّوزيع.
  • الشّواورة، سامية (2016). القِيَم الأخلاقيّة المتوفّرة في كتاب اللّغة العربيّة للصّفّ الثّامن الأساسيّ ودرجة ممارسة الطّلبة لها من وجهة نظر مُعلِّميهم، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشّرق الأوسط، عمان ، الأردن .
  • الصّالح، ابراهيم بن محمّد. ( 2002). تنمية القِيَم الأخلاقيّة لدى طلّاب مرحلة التّعليم الأساسيّ من وجهة نظر مُعلِّمي التّربية الإسلاميّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة. رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنيّة، عمان، الأردن.
  • طباسي ، طلال .(2006). إثراء كتاب المطالعة والنّصوص للصّفّ التّاسع الأساسيّ بالقِيَم الدّينيّة الواردة في سورة يوسف، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلاميّة، غزّة، فلسطين.
  • العبيدي، قصي صالح (2015). دراسة تحليليّة للقِيَم المتضمّنة في كتاب التّربية الإسلاميّة للصّفّ الثّاني مُتوَسِّط في جُمهوريّةِ العراق، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة آل البيت ، المملكة الأردنيّة الهاشميّة.
  • علي، سعيد (2007). التّربية الإسلاميّة المُقوّماتُ والتّطبيقات، ط3، مكتبةُ الرّشد.
  • القصير، وسيم. ( 2012). المنهج الخفي وعلاقته بالقِيَم الأخلاقيّة والجماليّة لدى طلّاب الصّف الرّابع الأساسيّ بالجمهوريّة العربيّة السّوريّة، مجلَّةُ الفتح، العدد الخمسون 2 آب.
  • القطب، سيّد. (2004). في ظلال القرآن، ط 33، دار الشّروق، بيروت.
  • المحادين، ردينة. (2010). الدَّوْر التّربويّ المُستقبليّ للأسرةِ والمَدرسةِ في التّربيةِ الأخلاقيَّة لأطفالِ المَرحلَةِ الأساسيّة في الأردن، رسالة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الأردنيّة، عمان، الأردن.
  • مرسي، محمّد. ( 2015). المُعلِّم ومناهج وطرق التّدريس، ط8، القاهرة :دار الإبداع الثّقافيّ للنّشر والتّوزيع.
  • ناصر، إبراهيم (2006). التّربية الأخلاقيّة، عمان، دار عمار للنّشر والتّوزيع
  • النّسائي، أحمد (2006). سُنَنُ النّسائيّ الكُبرى، تحقيقُ عبد الغفار البنداري، بيروت، لبنان.