تطور وتنوع التشريع الخاص بمركز الاجانب لدعم التنمية

آصال نعمة عيلان1، أ.د. سعيد يوسف البستاني1

1 الجامعة الاسلامية في لبنان – كلية الحقوق - قانون دولي خاص

البريد الالكتروني: asalalatbi12@gmail.com

DOI: https://doi.org/10.53796/hnsj64/22

المعرف العلمي العربي للأبحاث: https://arsri.org/10000/64/22

المجلد (6) العدد (4). الصفحات: 428 - 439

تاريخ الاستقبال: 2025-03-07 | تاريخ القبول: 2025-03-15 | تاريخ النشر: 2025-04-01

Download PDF

المستخلص: هناك صعوبة يثيرها مركز الأجانب في تحقيق التنمية، وذلك من خلال بيان العلاقة بين دخول الاجانب الى الدولة واجراءات دخولهم من حيث جواز السفر وسمة الدخول وتحديد مدة الاقامة وربطها بالتنمية، حيث تكمن الصعوبة في تحديد مركز الأجنبي بالدولة وتقديم الضمان له ولأمواله عن طريق وضع تشريعات وقوانين تعمل على تحسين حقوقه على المستويين الداخلي والدولي حيث تناولنا في المبحث الأول(تسهيل وتبسيط اجراءات الدخول والاقامة)، اذ درسنا فيه اثر التنوع في استيعاب دخول مختلف فئات الاجانب في تحقيق التنمية، و اثر التركيز على فئات معينة من الاجانب في تحقيق التنمية. اما في المبحث الثاني (تنوع وتعدد القواعد الجاذبة لفئات النخب الاجنبية )، حيث درسنا فيه، فئة المستثمرين ورجال الاعمال و فئة السياح.

الكلمات المفتاحية: مركز الأجانب، المستثمرين، التنمية.

المقدمة:-

بسبب اهمية الموضوع الاجرائي وتنظيم كيفية دخول الاجنبي الى داخل البلد والخروج منه، واهمية هذا الموضوع من الناحية الدولية ؛ فان له اهمية خاصة بالنسبة للعراق، فقد كان يرزح تحت الحروب والحصار واصبح منغلق على نفسه “([1])، مما ادى الى وجود تراجع في دراسة المركز القانوني للأجانب، واذا كان لهؤلاء من اثر بالغ في الحياة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية للعراق، فان التعامل مع فئة الاجانب ينسجم مع تلك المرحلة فوضعت القوانين التي لم تفسح المجال ولم تعط لهم الحقوق اللازمة والممنوحة لهم في دول اخرى، وبعد تغير الظروف الاقتصادية والسياسية وتغير النظام السياسي وتطور اقتصاديات الدولة العراقية وانفتاحها على العالم واتجاهها للاستثمار في الصعد كافة( [2]).

فيفترض وهذه الحالة تناغم هذا التطور الاقتصادي والسياسي مع تطور قانوني والحاجة الى ثورة قانونية في ما يتعلق بالمركز القانوني للأجانب من خلال منحهم الحقوق اللازمة لقيامهم بالدور اللازم لهم في المرحلة.

لكننا على العكس من ذلك نجد ان هناك تراجع في بعض القوانين وسكون في البعض الاخر منها بما لا يتلائم مع هذه المرحلة.

ومن هنا تبرز اهمية هذا الموضوع الحيوي ودورها في تحقيق التنمية بحكم الاتصال المباشر مع الدول متمثلة بأفرادها، من خلال ما يتناوله الوضع القانوني للأجنبي في ظل القانون العراقي وغيرها من القوانين عن طريق القواعد القانونية التي تحدد ما له من حقوق وما عليه من التزامات، فالموضوع لم يسلط عليه الاضواء من الفقه العراقي على الرغم من اهميته القصوى في مرحلة البناء والاعمار التي يمر بها العراق ومساهمة هؤلاء الاجانب بها ([3]).

ونظرا لما يحمله دخول الاجانب من منفعة وفائدة للبلد من الناحية التجارية او السياسية او من جانب الاستثمار فأننا سندرس كيفية تسهيل اجراءات الدخول والاقامة، وكذلك تنوع وتعدد القواعد الجاذبة لفئات النخب الاجنبية.

المبحث الاول: تسهيل وتبسيط اجراءات الدخول والاقامة.

ان قبول الاجنبي في اقليم الدولة، يقتضي عادة السماح له بالإقامة فيها، والاقامة هي الترخيص للأجنبي بالبقاء في اقليم الدولة والسماح له بممارسة نشاطه الاقتصادي والاجتماعي، طوال مدة الاقامة المرخص بها، حيث عرفت الفقرة السابعة من المادة الاولى من اقامة الاجانب العراقي النافذ الترخيص بالإقامة بأنه ” الوثيقة التي تتضمن الاذن للأجنبي بالإقامة في العراقّ وصادرة من سلطة عراقية مختصة “.

وبالرغم من ان الترخيص بالإقامة يعد في الاصل امرة شخصية، اذ لا يمتد اثره الا على الشخص الذي حصل عليه، فلا ينصرف الى الزوجة والاولاد القصر؛ غير ان المشرع العراقي نص في المادة 27 من قانون اقامة الاجانب على انه ” يمنح للأجنبي الذي اذن له بالإقامة وثيقة واحدة له ولأولاده القصر الذين يعيشون معه “([4]).

كما منح المشرع العراقي حق الاقامة العارضة للأجنبي لمدة لا تزيد على سبعة ايام، استنادا لسمة مرور صالحة لهذا الغرض من تاريخ الدخول، وذلك عند مروره بأراضي الجمهورية متجها الى دولة اخرى او دول مجاورة.

وتتفق غالبية التشريعات على ان الاقامة ثلاث صور وهي :

اولاً :الاقامة المؤقتة :- وهي تلك الاقامة التي تمنح للأجانب الذين لا تربطهم بأفراد الدولة روابط قوية، كما في حالة الاجانب المستحقين للإقامة الاعتيادية والخاصة، فهذه الاقامة لا تقترن بنية الاستقرار في اقليم الدولة.

ثانياً : الاقامة العادية :- وهي التي تمنح لغالبية الاجانب الذين يفدون الى اقليم الدولة بقصد العمل او الدراسة او السياحة او الزيارة ونظم المشرع العراقي هذه الحالات في قانون الاقامة النافذ.

ثالثاً: الاقامة الخاصة :- وهذه الاقامة تمنح لفئة خاصة خولها المشرع بإقامة متميزة، نظرا لعمق الصلة التي تربطهم بين الجماعة الوطنية ماديا او معنويا([5]) وخول المشرع لوزير الداخلية منح هذه الاقامة الى الفئات الاتية :

  1. الاجانب الذين ولدوا في الجمهورية العراقية واستمروا على اقامتهم فيها.
  2. الاجانب الذين استمروا في اقامتهم في الجمهورية العراقية خمس عشرة سنة فأكثر.
  3. الاجانب الذين قضوا في الجمهورية مدة لا تقل عن ست سنوات استنادا الى عقد استخدام مع الحكومة، ثم رغبوا في الاقامة بعد انتهاء عقودهم ([6]).

وعليه بما ان المشرع قد الزم الاجنبي بالحصول على ترخيص بالإقامة في مصر، واوجب عليه ان يغادر البلاد فور انتهاء اقامته، فقد سهل بذلك انه يمكن ان تجدد الاقامة قبل انتهاء المذكورة في الاقامة، او ترخيص بمد الاقامة او تجديدها.

وتختلف سلطة وزير الداخلية في تجديد الاقامة حسب نوعها، ما اذا كانت اقامة من ناحية خاص او اقامة عادية او مؤقتة، حيث نصت المادة 18 من قانون رقم 89 المصري لسنة 1960 بانها صرحت لذوي الاقامة الخاصة في مصر مدة 10 سنوات قبل التجديد وجوبيا بمجرد الطلب، ما لم يصدق على الشخص وصف من الاوصاف الواردة بالمادة 26 والتي تبرر الابعاد.

وهذه الاقامة الخاصة بمثابة الاقامة الدائمة، لان الترخيص بها وتجديدها يتم بقوة القانون دون ان يكون للإدارة سلطة تقديرية، مالم يوجد للأجنبي حالة من حالات الابعاد ([7]).

اما بالنسبة للإقامة الاعتيادية او المؤقتة، فقد مضت الاشارة الى ان الترخيص بالإقامة المؤقتة هو ترخيص جوازي، وان جميع القوانين التي تنطبق على الاقامة العادية تنطبق على المؤقتة، فقد قضت المحكمة الادارية بان الترخيص او عدم الترخيص للأجنبي بالإقامة، وتمديد او عدم تمديد اقامته يعد ذلك من مسائل ترخيص الادارة في تقديرها بسلطة مطلقة في حدود ما تراه متفقا مع الصالح العام، والاقامة العارضة لا تعدو ان تكون صلة وقتية عابرة لا تقوم الا على مجرد التسامح الودي من جانب الدولة، وامر ذلك متروك لسلطتها التقديرية المطلقة استنادا الى سيادتها على اقليمها، وحقها في اتخاذ ما تراه مناسبا ولازما من الوسائل للمحافظة على كيانها ومصالح رعاياها، وحسبما تراه بانه محقق للمصلحة العامة بأوسع معانيها ([8]).

وتبدو اهمية هذه الاعتبارات بصفة خاصة في المجال الذي نحن بصدده، ذلك ان تمكين الادارة من سلطان مطلق في تجديد اقامة الاجانب، قد يصطدم باعتبارات المجاملة او المعاملة بالمثل بما يضر بوضع الوطنيين في الخارج، مادام بقاء الاجنبي في الدولة لا يمس بالنظام العام او يخل بأمن المجتمع ([9]).

المطلب الاول : اثر التنوع في استيعاب دخول مختلف فئات الاجانب في تحقيق التنمية.

يتبين لنا ان الدولة يمكن ان تستقطب كافة الفئات من الاجانب على اراضيها،لأسباب وشروط تفرضها على المقيمين الاجانب، حيث انه من خلال الواقع العملي وبوجود طوائف متعددة من الاجانب تختلف بصفاتها عن الطائفة الاخرى، وهذا ما يستتبع اختلاف النظام الذي يحكمها من حيث الحقوق والالتزامات التي تفرض عليها، وهذه الطوائف تتمثل اساسا في الاجانب العاديين والاجانب ذوي الحصانة وعديمي الجنسية واللاجئين، حيث ان الدولة تستضيف بعض من هذه الطوائف لجوانب انسانية فرضتها واكدتها المعاهدات والمواثيق الدولية في اعلاناتها وانضمت اليها هذه الدول واصحت واجبة الالزام وفقا لتلك المواثيق والبعض استندت عليه الدولة وفقا لنظام مبدأ المعاملة بالمثل([10]).، ومن هذه الطوائف والفئات :

اولا ً:الاجانب العاديون:-

ان الوضع العادي والغالب للأجانب في القانون الدولي الخاص يتمثل بالأجانب العاديين ؛ ويصدق هذا الوصف على الاشخاص الطبيعيين الذين يدخلون الى الاقليم الوطني لغرض السياحة او الزيارة او الدراسة او المعالجة وغير ذلك من الاغراض المشروعة، وهؤلاء الاجانب هم الذين يخضعون للقانون الداخلي في دولة هذا الاقليم الذي ينظم القواعد المحددة لحقوقهم والتزاماتهم.

وتعد الجنسية هي المعيار الذي يميز بين الوطني والاجنبي، ولما كانت الجنسية هي صفة في الفرد تفيد ارتباطه او انتسابه او انتمائه الى دولة معينة، فالأجنبي عن الدولة هو كل من لا يتصف بتلك الصفة ولا يرتبط برابطة الولاء السياسي بها، وان ارتبط بأمر اخر غير الجنسية كرابطة الاقامة او الموطن وهي ليست رابطة سياسية او روحية او قانونية كرابطة الجنسية، بل هي رابطة تتفرع عن واقعة مادية ([11]).

ثانياً: الاجانب ذوي الحصانة :-

وهؤلاء يطلق عليهم كذلك الاجانب المتميزين، كذلك وهم تلك الطائفة من الاشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية المقررة بمقتضى القواعد المثبتة في القانون الدولي، كرؤساء الدول والموظفين الدوليين واعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي والمعتمدين الرسميين لدى الدول، ويدخل اعضاء هذه الطائفة من الاجانب اراضي الدولة المضيفة لممارسة اعمالهم في اطار بعثات دائمة او مؤقتة او بعثات خاصة ([12]).

ويختلف النشاط الذي يقوم به افراد هذه الطائفة من الاجانب عن طبيعة النشاط الذي يقوم به الاجانب العاديون، فاذا كان افراد الطائفة الاخيرة يهدفون الى تحقيق مصالح تستهدف النفع الشخصي فان الاجانب ذوي الحصانة يهدفون الى تحقيق مصالح عامة تستهدف نفع الدولة التي يمثلونها، وتأسيسا على ذلك لا تدخل معاملة الاجانب في القانون الدولي الخاص بل تخضع للأعراف الدولية والمجاملة الدولية الى جانب الاتفاقيات الدولية وبصفة الزامية خضوعا ورضوخا لقواعد القانون الدولي العام ([13]).

ولا يمكن للدولة المضيفة ان تعمل على ابعاد او اخراج الاجانب ذوي الحصانة الدبلوماسية والقنصلية، انما تكتفي بإبلاغه بالمغادرة اذا اصبح في وضع غير مرغوب فيه، عكس باقي الفئات من الاجانب فيمكن ابعادهم.

ان الدقة في هذه الاجراءات تعكس المستوى الحضاري والتقدمي للدولة فكلما احسنت في ذلك كلما بلغت مبلغا مقبولا دوليا على مستوى الدول والافراد، وبالتالي ستكون مركز جذب واستقطاب وهذا ما سيعزز دخول موارد بشرية متنوعة تحمل في ثناياها موارد مادية ومالية متنوعة ومن خلال ذلك التنوع ستتعاظم موارد الدولة وتقوى فرص تنميتها([14]).

ثالثا: عديمي الجنسية :-

لقد وضحنا سابقا ان المقصود بالأجنبي هو الذي لا يحمل الجنسية الوطنية، فالأجنبي بالنسبة لدولة ما، يعد وطنيا بالنسبة الى دولة اخرى، الا ان هناك طائفة من الافراد لا ينتمون الى اية دولة على الاطلاق، لذا يعد بهذا الوصف اجنبيا على جميع الدول وهو وصف مطلق بالنسبة له.

ومن هنا تبرز اهمية التمييز بين عديم الجنسية والاجنبي العادي بالنسبة للحقوق والامتيازات التي يتمتع بها كلاهما، وان كان لا يتمتع بالحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الوطني، الا انه يتمتع بحقوق وامتيازات معينة داخل الدولة التي يحمل جنسيتها فانه يتمتع بحقوق وامتيازات معينة وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل ([15]).

بينما عديم الجنسية لا يتمتع بأي امتيازات سواءا في الدولة المقيم فيها او أي دولة اخرى لأنه اجنبي بالنسبة لكافة الدول، ولا توجد دولة تعتبره من رعاياها لتوفر له الحماية القانونية اللازمة لذلك فان الدول تعامله معاملة خاصة طبقا لوضعه، وعديم الجنسية يعد اجنبي من نوع خاص ذلك ان عدم انتمائه الى اية دولة يوجب على الدول المتواجد فيها ان تعامله بدرجات متفاوتة عن معاملتها للأجانب العاديين ذوي الجنسيات المعروفة ([16]).

رابعاً: اللاجئون والمهاجرون :-

يختلف المركز القانوني للمهاجر عن المركز القانوني للمهاجر، فالثاني اقوى من الاول من ناحية الحقوق والالتزامات، الا ان الوضع الانساني للفئتين متساوي بالنسبة للفئتين حيث لا يعتبر اللاجئ عديم الجنسية، بل انما على العكس من ذلك هو يحمل جنسية دولة معينة الا انه يريد الهروب من الدولة التي ينتمي اليها خوفا من الاضطهاد او التعذيب، حيث ان موضوع اللاجئين وجد اهتماما دوليا تمثل باتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين، منها اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين وعديمي الجنسية حيث عرفت المادة الاولى منها اللاجئ بنصها ” كل شخص يوجد بنتيجة احداث وقعت قبل الاول من كانون الثاني يناير لعام 1951 وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه او دينه او جنسيته او انتمائه الى فئة اجتماعية معينة او آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته ولا يستطيع او لا يريد بسبب ذلك الخوف ان يستظل بحماية ذلك البلد “([17]).

حيث انه من اسباب اللجوء التي اضطرت اللاجئ الى هجرة دولته الى دولة اخرى هو خشية التعرض للتعذيب او الاضطهاد بالنظر الى افكاره ومعتقداته الدينية او الشخصية او الاقتصادية، وهذا اللاجئ هو اجنبي وتعامله الدولة التي لجأ اليها معاملة خاصة حسب احكامها التشريعية الداخلية او الاتفاقات الدولية المنظمة لحقوق اللاجئين ([18]).

وفي هذا الاطار لفئة اللاجئين، فقد اكد الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 على مبدأ عدم الرد للاجئ في المادة 21/2 منه حيث نصت على ( ينظم حق اللجوء السياسي الى العراق بقانون ولا يجوز تسليم اللاجئ السياسي الى جهة اجنبية او اعادته قسرا الى البلد الذي فر منه…)، وسبق لقانون اللاجئين السياسيين رقم 51 لسنة 1971، اذ اشار في ذلك في الفقرة الاولى من المادة الرابعة حيث نصت :

( يحظر تسليم اللاجئ الى دولته بأي حال من الاحوال )، كذلك اشتمل القانون على مواد تضمنت على مبدأ الحد الادنى من الحقوق التي يتمتع بها اللاجئ السياسي ([19]).

وبحسب رأينا مما تقدم، لا يمكن ان نقلل من شأن أي فئة كونها تعد مورد بشري، مثلما وضع المستثمرين والسياح والعمال تعد قوة اقتصادية للدولة، فان وضع اللاجئين والمهاجرين، تعد قوة انسانية واجتماعية، حيث كل منها تحقق لنا مفهوم الرأس مال البشري ولكن بأنواع مختلفة ومتنوعة ومتعددة بعضها يوصف بأنه صارخ والآخر خافت، ولكن الجميع سيقدم لوحة فنية جميلة عن معالم الدولة التي تبعث الارتياح للمتلقي والناظر والمتابع في التقييم وعامل جذب للمشاهدة والمحافظة على بريق تلك اللوحة.

المطلب الثاني : اثر التركيز على فئات معينة من الاجانب في تحقيق التنمية.

ان من الظروف الداخلية الخاصة في استيعاب الاجانب هي التي تحدد مركز الاجانب فيها، فحرية الدولة هنا يجب ان تراعي الاعتبارات الداخلية قبل ان تمنح أي حق او ميزة للأجنبي، فهذه الحرية في معاملة الاجانب المقيمين على اقليمها، يجب ان تحقق مصالحها الاساسية، ولا شك في ان الاهمية البالغة لهذه المسألة تقتضي من الدولة ان تقوم بدراسات مستفيضة لاختيار سياستها في معاملة الاجانب على نحو يحقق اهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ([20]).

ان كل دولة تختلف عن الاخرى، ذلك نظرا للظروف التي تحيط بها، ومن ذلك فان هناك عدة اعتبارات داخلية يجب ان تراعيها الدول في ان تحافظ على مصالحها في دخول الاجانب على اراضيها ، منها الاعتبارات الاقتصادية والسكانية والاجتماعية والقومية ومن هذه الاعتبارات :

اولاً: الاعتبارات السياسية والامنية.

لا تنظم الدولة مركز الاجانب على اقليمها بطريقة مجردة عن اهدافها ومصالحها العليا، فالظروف السياسية لكل دولة تعد من العوامل الاساسية التي تحدد سياسة الدولة تجاه الاجانب.

ان الاعتبارات السياسية تلزم الدولة وتدفعها احيانا الى التمييز بين الاجانب والوطنيين، فالأجانب الذين ينتمون الى دولة ترتبط بعلاقات متميزة بالدولة، قد يتقرر منحهم امتيازات معينة، كإخضاع دخولهم الى اقليم الدولة لإجراءات مبسطة او معاملتهم معاملة تفضيلية على اراضيها، كاستثنائهم من حظر تملك بعض الاموال او السماح لهم بممارسة بعض المهن او تولي بعض الوظائف العامة الغير مسموح بها لغيرهم من الاجانب ([21]).

ولكن قد تشهد العلاقات السياسية بين دولة واخرى توترا ملموسا وتدهورا على ارض الواقع، وهو ما قد يدفع بالدولة الى عدم قبول دخول رعايا الدولة الاخرى الى اقليمها او تتشدد في قبولهم، واذا كانوا يقيمون على اراضيها قبل تدهور الاوضاع السياسية بينهما، فالدولة قد تتخذ اجراءات استثنائية ضدهم، كتحديد محل اقامتهم في اماكن محددة او مصادرة اموالهم او وضعها تحت المراقبة، او ابعادهم خارج اقليمها.

وقد تؤدي التبعية السياسية للدول الى خضوعها لحكم بعض الدول الاجنبية، فتقرر هذه الدول امتيازات للأجانب الذين ينتمون اليها تفوق الامتيازات التي يتمتع بها مواطنو هذه الدول مثلما حدث بين معظم الدول الاوربية مع بعض دول الشرق.

فالاعتبارات السياسية تدفع الدولة الى اجراءات خاصة بالنسبة للأجانب في تنظيم مركزهم في الدولة، وهي تسعى الى تحقيق مصالحها بالدرجة الاولى في هذا المجال([22]).

والعراق هو احد الدول التي عملت على رسم سياسة تشريعية لحكم استقبال الاجانب وبقائهم وفقا لنظام خاص مسؤول عن ذلك، وتعد مديرية الاقامة الجهة التي لها القدرة والكفاءة في معرفة نوايا الاجانب الذين قد يعمدون الى الاخلال بالأمن والنظام في الدولة.

ان السبب الرئيسي لمثل هذه الاستقطاب الاجنبي في اقليم الدولة، يكون بسبب الظروف السياسية والعسكرية التي يعيشها هذا البلد، وهي تختلف من وقت الى اخر او من دولة الى اخرى، ومثال ذلك موقف العراق وبعض الدول العربية للجزائر تجاه فرنسا، في زمن الاحتلال الفرنسي، بعد نكسة 5 حزيران عام 1967([23]).

ثانياً : الاعتبارات الاقتصادية والسكانية.

يختلف موقف الدولة من حاجاتها الى الايدي العاملة و رؤوس الاموال باختلاف الظروف الفنية والتقنية لتلك الدولة، ويعبر ( نبواييه) عن اهمية هذا الاعتبار الاقتصادي في نظرة تشير الى الاتجاه الوطني المقيد الذي كثيرا ما تبناه الفقه في موضوعات مختلفة من القانون الدولي الخاص بقوله ان ( الدولة ليست مكتبا دوليا للأعمال الخيرية، يعرض الاحسان للعالم، انهالا تستطيع ان تقبل الهجرة اليها الا اذا كانت في حاجة لها )، اذ ان سياسة الدولة تتأثر تجاه الاجانب بالاعتبارات الاقتصادية من اوجه عدة.

فاذا كانت الدولة اخذة بالنمو وفي حاجة الى رؤوس الاموال الاجنبية فعادة ما تقرر منح عديد من المزايا والحوافز والضمانات للمستثمرين الاجانب بقصد ترغيبهم في الاستثمار، اذ لا بد من توفير الطمأنينة والحماية لهم ولأموالهم، وذلك لما للاستثمار الاجنبي من دور مهم في مجال التنمية الاقتصادية وذلك من خلال المساهمة في انشاء المشروعات الانتاجية والاستهلاكية([24]).

وقد تكون الدولة ذات وفرة في الموارد الطبيعية وليست بحاجة الى رؤوس اموال اجنبية، بيد انها تحتاج الى الخبرات الفنية والكفاءات العلمية التي تمكنها من الاستغلال الامثل لمواردها وتنمية مجتمعها في المجالات كافة وتكوين الكوادر الوطنية التي تقوم بذلك مستقبلا ودفع عجلة التقدم، وبذلك فانه من المتصور ان تقدم الدولة للأجانب الذين يمكن ان يضطلعوا بهذا الدور مجموعة من التيسيرات والمزايا التي تشجعهم على القدوم اليها والاستقرار فيها ([25]).

وقد تكون الدولة متقدمة اقتصاديا ويتوافر لديها الكفاءات الفنية والمهارات العلمية اللازمة، غير انه ينقصها الايدي العاملة التي يتطلبها الانتاج ونمو النشاط الاقتصادي، وفي هذه الحالة تشجع الدولة قدوم هؤلاء العمال اليها وتوفر اليهم سبل الراحة والعيش الكريم، وعلى العكس من ذلك فاذا كانت الدولة يتوافر لديها الايدي العاملة فإنها عادة ما تقيد دخول العمال الاجانب اليها خشية مزاحمتهم للوطنيين ومنافستهم لهم.

حيث لا يخفى ان الاستثمار الاجنبي يؤثر على الاعتبارات الاقتصادية فيساعد في التنمية الاقتصادية داخل الدولة المضيفة للاستثمار، حيث اتجه كلا المشرعين المصري والعراقي الى تشجيع الاستثمار الاجنبي من خلال اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي قدمت تسهيلات مختلفة لجذب الاجانب، سواءا اكانت هذه التسهيلات في صورة اعفاءات ضريبية بالنسبة لأرباح الشركات او تيسيرات ادارية تجعل هذا الاستثمار بلا عوائق، فبالنسبة للاعفاءات الضريبية فقد اعطى المشرع العراقي عدة اعفاءات تمثلت بإعفاء المشروع الاستثماري الحاصل على اجازة، من الضرائب والرسوم لمدة (10) سنوات من تاريخ بدء التشغيل التجاري ([26]).

واعطى هذا القانون سلطة لمجلس الوزراء باقتراح مشاريع قوانين لتمديد او منح اعفاءات اضافية، وبالإضافة الى هذه الاعفاءات فقد منح المشرع العراقي اعفاءات على الموجودات المستوردة لأغراض المشروع الاستثماري من الرسوم بشرط ان يتم دخولها الى العراق خلال (3) سنوات من تاريخ منح الاجازة .

اما في مصر فقد اعطى المشرع المصري عدة اعفاءات ضريبية على ايرادات النشاط التجاري او الصناعي او الضريبة على ارباح شركات الاموال وذلك لمدة 5 سنوات تبدأ من اول سنة مالية تالية لبداية الانتاج او مزاولة النشاط، ويكون الاعفاء لمدة 10 سنوات بالنسبة للشركات والمنشآت التي تقام داخل المناطق الصناعية والمجمعات العمرانية الجديدة، كذلك تعفى من الضريبة ارباح شركات الاموال وكذلك ايرادات رؤوس الاموال المنقولة وكذلك التوسعات التي توافق عليها الجهة الادارية لمدة 5 سنوات ([27]).

اما الدول ذات الندرة في الكثافة السكانية المنخفضة والتي لا يتناسب عدد سكانها مع مساحتها الجغرافية، فإنها تتبع سياسات مرنة للغاية في شأن قبول الاجانب على اقليمها بل انها قد تلجأ الى تعمير المساحات الشاغرة من اراضيها على اجتذابهم وذلك بتقرير العديد من المزايا والتسهيلات التشريعية لهم مثل السماح بالهجرة او منح الجنسية بشروط ميسرة وتوفير فرص عمل مناسبة لهم ليقوموا بمشاركة شعبها في استغلال ثرواتها، بينما اتبع العراق مثلما قامت به مصر، من حيث كثافتها السكانية غير المتناسبة مع ثرواتها الطبيعية، وعليه فإنها تعمل على حماية اليد العاملة الوطنية من المنافسة الاجنبية([28]).

المبحث الثاني : تنوع وتعدد القواعد الجاذبة لفئات النخب الاجنبية.

ان جذب رأس المال البشري الاجنبي يتحقق كما قدمنا من خلال الاهتمام تشريعيا وتنفيذيا بفئات الاجانب التي تساهم في تطوير البلد فكريا واقتصاديا، فنذكر هنا بعض الوسائل المتعلقة بهذا الجانب في التشريعات العراقية والمقارنة ودور هذه لتشريعات في الفئات ادناه واثر ذلك في تحقيق التنمية ([29])،وعلى النحو الاتي:

المطلب الأول : فئة المستثمرين ورجال الاعمال.

وفر قانون الاستثمار مزايا وضمانات عديدة للمستثمر الاجنبي حيث يتمتع المستثمر الاجنبي بجميع المزايا والتسهيلات والضمانات مثله في ذلك مثل المستثمر العراقي ويجوز تمليكه الأراضي المخصصة للمشاريع السكنية و العائدة للدولة و القطاع العام، وله شراء الأرض العائدة للقطاع الخاص او المختلط لإقامة مشاريع الإسكان حصرا شريطة عدم تعارضها مع استعمالات التصميم الأساسي([30]) .

وللمستثمر الاجنبي حق استئجار و تأجير العقارات او المساطحة من الدولة او من القطاعين الخاص و المختلط لغرض اقامة مشاريع استثمارية عليها لمدة لا تزيد عن(50) خمسين سنة قابلة للتجديد بموافقة الهيئة مانحة الاجازة و الجهة ذات العلاقة بعد مراعاة طبيعة المشروع و الجدوى الاقتصادية منه باستثناء المشاريع الصناعية المشيدة في المدن الصناعية تملك بموجب بدل و حسب التعليمات ([31]).

وله ان ينقل ملكية المشروع الاستثماري كلا او جزءا خلال مدة الاجازة الى أي مستثمر اخر بعد استحصال موافقة الهيئة مانحة الاجازة بشرط انجازه بنسبة 40% من المشروع و يحل المستثمر الجديد محل المستثمر السابق في الحقوق و الالتزامات المترتبة عليه وفق القانون و الاتفاق المبرم معه.ويمكن للهيأة المانحة للإجازة الاتفاق مع المستثمر ولو كان اجنبيا على بقاء المشروع

الاستثماري ملكا للمستثمر ارضا و بناءا او بناء حسب ما اذا كان المشروع سكنيا او غير سكني على التوالي و التعاقب بعد انتهاء فترة الاجازة دون التمتع بالمزايا و التسهيلات و الضمانات الواردة في هذا القانون ([32]).

وقد استثنى المشرع العقارات التي تخصص لإقامة مشاريع استثمارية عليها من احكام القوانين و القرارات الاتية :

أ – قانون بيع و ايجار اموال الدولة رقم (21) لسنة 2013 و تحدد اسس احتساب بدلات البيع و الايجار وفق نظام يصدر لهذا الغرض.

ب – قانون ايجار اراضي الاصلاح الزراعي للشركات الزراعية و الافراد رقم (35) لسنة 1983 و قانون اعادة تنظيم الملكية الزراعية رقم (42) لسنة 1987 و قانون تأجير الاراضي الزراعية المستصلحة رقم (79) لسنة 1985([33]) .

ج – قانون الاستثمار الصناعي رقم (20) لسنة 1998 في شان احتفاظ المستثمر بقطعة الارض المخصصة له بموجب احكامه.

د – الفقرة(ثانيا) من قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (850) في 5/7/1979 المعدل بالقرار رقم (940) في 21/12/1987 ([34]).

هـ – قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المرقمة (581) في 5/5/1981 و (1187) في 18/9/1982 و (222) في 26/2/1977 و (165) في 1/1/1994. (7)

وهذا الاستثناء لا يخص المستثمر العراقي بل يشمل المستثمر الاجنبي ايضا لورود النص مطلق بشأنها، الا انه بمقابل ذلك لم يمنح المشرع العراقي سمة دخول خاصة بالمستثمر الاجنبي ولم يوفر للأجنبي آلية فعالة للخضوع للتحكيم في المنازعات التي يكون طرفا فيها لعدم امكانية تنفيذ احكام التحكيم الاجنبية في العراق. وهذا ما يشكل فراغ تشريعي ينبغي معالجته من خلال تعديل قانون الاقامة بالإضافة الى اصدار قانون التحكيم والانضمام لبعض الاتفاقيات الدولية المعنية ومنها اتفاقية نيويورك لعام 1958([35]).

المطلب الثاني : فئة السياح.

للوقوف على مفهوم السائح يقتضي ان نتعرف على السياحة لما لها من اهمية في هذا الصدد، وذلك بفعل انتقال الاشخاص واقامتهم في اماكن مختلفة في غير الاماكن التي اعتادوا عليها والعمل فيها، والذهاب الى الاماكن المقصودة لمدة قصيرة ومؤقتة بهدف السياحة، وان هذا التطور ادى الى توسيع العلاقات بين الدول وازدياد حركة الافراد من دولة الى اخرى، ولقد تناولت عدة مؤتمرات دولية موضوع السياحة ومنها مؤتمر الامم المتحدة للسياحة والسفر الدولي المنعقد في روما عام 1963، والذي عرف السياحة بأنها ” ظاهرة اجتماعية وانسانية تقوم على انتقال الفرد من مكان اقامته الدائمة الى مكان اخر لفترة مؤقتة لا تقل عن اربعة وعشرين ساعة ولا تزيد عن اثني عشر شهرا بهدف السياحة الترفيهية او العلاجية او التاريخية “([36])

وان في السياحة الخارجية التي يتمتع فيها الاجنبي برحلته يطلق عليه ” سائح اجنبي “، اذ ان السائح الاجنبي الذي يتصف بالصفة الاجنبية ويخضع لقانون مركز الاجانب في الدولة المضيفة، فان هذه الصفة الاجنبية لها تأثير من حيث الحقوق والالتزامات بالنسبة للسائح الاجنبي عن السائح الوطني او الداخلي.

وبالرجوع الى قانون الاقامة العراقي النافذ رقم 76 لسنة 2017في المادة الاولى منه عرف الاجنبي ” بانه كل من لا يحمل جنسية جمهورية العراق”، وهنا ستكون الجنسية هي الفيصل في تفرقة السائح الاجنبي عن الوطني واسباغ تلك الصفة فيه، حيث ان الحقوق التي تنظمها التشريعات الداخلية بخصوص مركز الاجنبي من حيث حقوقه وحماية السائح تختلف عن حقوق الوطني في تشريعاتها الداخلية ([37])

وبما ان السائح هو الشخص الاجنبي الذي لا يتمتع بجنسية الدولة المضيفة، فقد عرف المؤتمرات الدولية ومنها المؤتمر الدولي للسياحة والسفر والذي عقد في روما في عام 1963 بأنه ” أي شخص يزور بلد غير البلد الذي يقيم فيه على وجه الاعتياد لأي سبب من الاسباب غير قبول وظيفة باجر في الدولة التي يزورها ولمدة لا تقل عن اربعة وعشرون ساعة ولا تزيد عن اثني عشر شهرا”، اضافة لما قامت به لجنة الخبراء بعصبة الامم عام 1937 بتحديد مفهوم السائحين، فقد بينت بانهم الاشخاص الذين يسافرون من اجل المتعة والاسباب الصحية او حضور اجتماعات او يمثلون نواحي مختلفة مثل النواحي الدينية والعلمية والسياسية والرياضية، أي انه كل شخص طبيعي ينتقل الى دولة اخرى لفترة مؤقتة ([38])

وتلعب دورا الاتفاقيات والمعاهدات المصادق عليها من قبل الدولة المضيفة في تنظيم المركز القانوني للسائح، وذلك بعدم تجاوز الحد الادنى من الحقوق المقررة بالعرف الدولي والتزام الدول المتعاقدة ببنود الاتفاقيات الدولية التي تقرر للأجانب، حيث على الدول ان تحترم ( الحد الادنى لتمتع السائح الاجنبي بحقه، او حده الادنى لمعاملته في داخل الدولة المضيفة )، بحيث لا يمكن للدولة انكار هذه الحقوق او انتهاكها وعدم الاعتراف بها، حيث ان السائح الاجنبي يتمتع بالحقوق العامة في الدولة المضيفة ومنها الحق في الحياة، كونه حقا اساسيا، لان التمتع بكافة الحقوق الاخرى على كافة انواعها يتوقف على وجود هذا الحق وحمايته، وقد اخذ الدستور العراقي لعام 2005 بهذا المبدأ في المادة 15 منه ” لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقا للقانون وبناءا على قرار صادر من جهة قضائية مختصة”، كذلك حق السائح في التنقل بعد دخوله لإقليم الدولة بقصد الاقامة، حيث اقر المشرع العراقي حرية التنقل للأجنبي داخل العراق ولكنه حظر عليه الدخول في اماكن معينة لدواعي عسكرية او ادارية او سياسية، اما المشرع المصري فقد عد حرية التنقل للأجانب والوطنيين على حد سواء ولا يجوز منع احد من التنقل الا للضرورة التي يستلزمها التحقيق ([39])

اما المشرع الفرنسي، فقد نص على حرية التنقل في قانون دخول واقامة الاجانب وحق اللجوء لسنة 2004 حيث نصت المادة 1 منه ” الاجانب المقيمين في فرنسا بصفة منتظمة لهم حرية التنقل، واعطى للأجنبي الحق في التنقل والاقامة في جميع انحاء الاقليم بحرية اختيار مكان اقامته “.

كما ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في العاشر من ديسمبر عام 1948 في المادة الثامنة منه اعطى للشخص الاجنبي، حق الالتجاء الى المحاكم الوطنية في حال تم الاعتداء عليه في الدولة المضيفة لاقتضاء حقه كذلك الحق في اختيار السكن الذي يرغب به، والحرية في استخدام المواصلات وانابيب المياه ([40]).

وفي هذا الاطار نجد ان الدستور العراقي لعام 2005 قد كفل التمتع بجميع انواع الحقوق الشخصية او ما يعرف بالحقوق اللصيقة بالشخصية واسبغ عليها الحماية القانونية اللازمة، وذلك بمقتضى المادة 17، وهذه بالتالي ستنسحب على السائح الاجنبي وتظهر مراجعة حقوق السائح من اهمها هو الحق في التمتع بالشخصية القانونية، فان السائح الاجنبي عند حصوله على تأشيرة الدخول الى اقليم الدولة، فالمجتمع الدولي يكفل له الحد الادنى للتمتع بالحقوق خلال مدة تواجده في اقليم الدولة، وهذا ما اكدته المادة 12 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والتي اقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، حيث تضمن اهم الحقوق والحريات الاساسية للإنسان التي يجل احترامها على المستوى الدولي ([41]).

اما بالنسبة للمشرع الفرنسي فقد نصت المادة 11 من القانون المدني الفرنسي على ان يتمتع الاجنبي ومنها السائح في فرنسا بنفس الحقوق المدنية المقررة او التي يمكن ان تقرر في المستقبل للفرنسيين بموجب معاهدات مع الدولة التي ينتمي اليها ذلك الاجنبي، حيث اشترط المشرع الفرنسي على تمتع الاجنبي ومنها السائح الاجنبي بالحقوق الخاصة في فرنسا شرط التبادل الدبلوماسي ([42]).

كما نصت المادة (2) من تعليمات تشكيلات هيئة السياحة العراقي رقم (1) لسنة 2018 على ما يلي ( اولاً: تتولى دائرة المجاميع السياحية المهام الاتية :أ-اقتراح عقد الاتفاقيات السياحية مع الدول الاخرى لاستقدام المجاميع السياحية. ب-الحصول على سمات الدخول للمجاميع السياحية الوافدة ولمختلف انواع السياحة ج-الاشراف على خدمة المجاميع السياحية الوافدة بالتنسيق مع شركات السفر والسياحة. د-فتح المكاتب السياحية في المنافذ الحدودية.ح-تنظيم اجازة تأسيس مكاتب تأجير السيارات للسياح الاجانب…)، وهذا كله يعد من التسهيلات التي يقدمها العراق لجذب السياح الاجانب ([43]).

ومن خلال ما نراه فأننا برأينا لا نجد ان هذا كاف، فالمهمة الرئيسية التي يجب ان تضطلع لها هيئة السياحة هو الحفاظ على امن السياح الاجانب، وذلك لأن العراق يعد من البلدان غير المستقرة امنيا وخصوصا ان هذه التعليمات حديثة الاصدار.

النتائج والتوصيات :-

اولاً: النتائج :-

1- تشكيل منظومة من التشريعات في الدولة المستضيفة، وبوسائل وضمانات متعددة بعضها يتعلق بتحسين مستوى اجراءات دخول الأجانب الى الأراضي الوطنية وخروجهم منها، وكذلك رفع المزايا والضمانات المقدمة الى فئات من الأجانب وهذا ما سيساعد في استقطاب رأس المال البشري الأجنبي عن طريق نقل التكنولوجيا والمهارات التي يحتاجها قطاع الخدمات في الدولة، مثل جذب فئات الأكاديميين والاطباء والصيادلة والمهندسين والعمال، ومن هذه التشريعات هو قيام المشرع العراقي بتنظيم ممارسة المهن والأعمال في عدة قوانين اتاح في البعض منها للاجنبي ممارسة المهن، على سبيل المثال، ممارسة مهنة الطب بموجب قانون نقابة الأطباء رقم 114 لسنة 1966، حيث ( اجاز للعرب والأجانب من مزاولة المهنة بموجب المادة 45 شرط ان لا يكونوا قد حرموا من مزاولة المهنة في بلادهم).

2- وضع قوانين تنظم دخول وخروج الأجانب عن طريق بعض الاجراءات منها ( الدخول عبر جواز السفر – تأشيرة الدخول –تنظيم مدة الاقامة في الدولة- تسهيل اجراءات الخروج)، وهذه القوانين تضمن حقوق والتزامات الأجنبي داخل اراضيها، بالإضافة الى الدخول في الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية المعلنة التي تنص على كيفية معاملة الاجانب والزامهم بتطبيقها من قبل الدول الاعضاء، ومن هذه المواثيق، الاعلان العالمي لحقوق الانسان المنعقد عام 1948، واعلان حقوق الاشخاص في الدول الذين ليسوا من وطنييها لعام 1985، وهذه المواثيق مثلت جهود حثيثة باتجاه تحسين وتطوير وضع الأجنبي في حقوقه وحرياته.

ثانياً:- التوصيات.

  1. ضرورة تهيئة كل الظروف وازالة العقبات التي يمكن ان تواجه دخول الاجانب سواءاً اكانوا عمالا ام مستثمرين، اصحاب الخبرة والمهارة العالية، لتطوير وتنمية حاجة الاقتصاد الوطني اليهم في اغلب المشاريع والاستثمارات العملاقة التي تسهم في بناء البنى التحتية للدولة المضيفة.
  2. نوصي بتفعيل الاتفاقيات ومبدأ المعاملة بالمثل من خلال منح تأشيرة الدخول في المنافذ الحدودية والمطارات، لتسهيل عملية دخول السياح الاجانب بعد اتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على الأمن العام.

المصادر العربية والاجنبية :

اولاً: المصادر العربية.

1-احمد محمد فاضل، الاساس الاقتصادي لمنح الجنسية ( دراسة مقارنة )، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة القادسية، 2020.

2-جمال عبد الرحمن محمد علي، العقد السياحي، دار النهضة العربية، القاهرة،الطبعة الثانية، 2003.

3-جمال محمود الكردي، الجنسية في القانون المقارن، مكتبة المعارف، الاسكندرية، ط1. 2005.

4-حسام الدين فتحي ناصف، مشكلات الجنسية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.

5-حسن الهداوي، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي، مكتبة الارشاد، ط2، 1972.

6-حسين حنفي عمر، دعوى الحماية الدبلوماسية لرعايا الدولة في الخارج، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2005.

7-حفيظة السيد الحداد، الجنسية ومركز الاجانب، دار المطبوعات الجامعية، مصر، 2008.

8-ريا سامي سعيد الصفار، دور الموطن في الجنسية، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الموصل،2005.

9-سامي بديع منصور، وعكاشة محمد عبد العال، القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية، بيروت،1995.

10-سليمة هاشم جار الله، الاثار الاقتصادية للهجرة الدولية للعمل مع التركيز على بلدان عربية مختارة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الادارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، بغداد، 2008.

11-صالح عبد الزهرة الحسون، حقوق الاجانب في القانون العراقي، دار الافاق الجديدة، بغداد، ط1، 1981.

12-عز الدين عبدالله، القانون الدولي الخاص، الجزء الاول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب بالحقوق (مركز الاجانب )، ط11، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986.

13-غسان رباح، التحكيم في عقود الاستثمار بين الدولة والمستثمر الاجنبي، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2008.

14-محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص، الجنسية، الموطن، مركز الاجانب، مادة التنازع، الدار المصرية للطباعة، الاسكندرية، 1955.

15-وسام عبد العظيم عبيد هندي المعموري، المركز القانوني للسائح الاجنبي (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بابل، 2020.

ثانياً: المواقع الالكترونية:-

1-فلاح خلف الربيعي، تحسين مناخ ومتطلبات جذب الاستثمار الاجنبي في العراق، مقال منشور على شبكة الانترنت، http://www4shared.com.

ثالثاً: المصادر الأجنبية:-

1-LAGARDE paul; la condition de reciprecite dans lapplication des traits internationaux،son appreciation par la judge interne،Rev.cit iq، ets.

2-Theodor،meron،”humanrights and humanitrarian norms as customary law” clarendon press،oxford،1989.

الهوامش:

  1. ()ريا سامي سعيد الصفار، دور الموطن في الجنسية، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الموصل،2005، ص207.

  2. ( ) صالح عبد الزهرة الحسون، حقوق الاجانب في القانون العراقي، دار الافاق الجديدة، بغداد، ط1، 1981، ص189.

  3. ( ) احمد محمد فاضل، الاساس الاقتصادي لمنح الجنسية ( دراسة مقارنة )، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون، جامعة القادسية، 2020، ص187.

  4. ()ريا سامي سعيد الصفار، دور الموطن في الجنسية، دراسة مقارنة، ص202.

  5. () حسن الهداوي، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي، مكتبة الارشاد، ط2، 1972، ص301.

  6. () ريا سامي سعيد الصفار، دور الموطن في الجنسية، دراسة مقارنة،ص127.

  7. ()جمال محمود الكردي، الجنسية في القانون المقارن، مكتبة المعارف، الاسكندرية، ط1، 2005، ص201.

  8. ()حفيظة السيد الحداد، الجنسية ومركز الاجانب، دار المطبوعات الجامعية، مصر، 2008، ص287.

  9. ()حسام الدين فتحي ناصف، مشكلات الجنسية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص222.

  10. ()-LAGARDE paul; la condition de reciprecite dans lapplication des traits internationaux،son appreciation par la judge interne،Rev.cit iq 122 ets.

  11. ()حسن الهداوي، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي، ص 134.

  12. ()حسين حنفي عمر، دعوى الحماية الدبلوماسية لرعايا الدولة في الخارج، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2005، ص211.

  13. ()محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص، الجنسية، الموطن، مركز الاجانب، مادة التنازع، الدار المصرية للطباعة، الاسكندرية، 1955، ص245.

  14. () عز الدين عبدالله، القانون الدولي الخاص، الجزء الاول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب بالحقوق (مركز الاجانب )، ط11، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986، ص387.

  15. ()حسين حنفي عمر، دعوى الحماية الدبلوماسية لرعايا الدولة في الخارج، ص217.

  16. ()ريا سامي سعيد الصفار، دور الموطن في الجنسية، دراسة مقارنة، ص209.

  17. () علي عبد الرزاق صالح، اللاجئون في القانون الدولي العام، اطروحة دكتوراه، جامعة النهرين، كلية الحقوق، 2006، ص210.

  18. ()محمد بجاوي، الحماية الدولية لحقوق الانسان، مكتبة لبنان، بيروت، بدون سنة طبع، ص198.

  19. () ينظر المادة 2 من الدستور العراقي الدائم، لسنة 2005.

  20. () احمد محمد فاضل، الاساس الاقتصادي لمنح الجنسية، ص178.

  21. ()-Theodor،meron،”humanrights and humanitrarian norms as customary law” clarendon press،oxford،1989،p135.

  22. ()هشام علي صادق، مركز القانون الاجنبي امام القضاء الوطني، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1968، ص367.

  23. () فلاح خلف الربيعي، تحسين مناخ ومتطلبات جذب الاستثمار الاجنبي في العراق، مقال منشور على شبكة الانترنت، http://www4shared.com.

  24. () طالبي محمد، اثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر، ص46.

  25. ()عز الدين عبدالله، القانون الدولي الخاص، الجزء الاول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب بالحقوق (مركز الاجانب )، ط11، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986، ص124.

  26. ()طالبي محمد، اثر الحوافز الضريبية وسبل تفعيلها في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر، ص250.

  27. ()سامي بديع منصور، وعكاشة محمد عبد العال، القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية، بيروت،1995، ص309.

  28. ()محمد محسن دخيل، اشكاليات التنمية الاقتصادية المتوازنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ط1، 2009، ص168.

  29. ()سليمة هاشم جار الله، الاثار الاقتصادية للهجرة الدولية للعمل مع التركيز على بلدان عربية مختارة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الادارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، بغداد، 2008، ص212.

  30. () غسان رباح، التحكيم في عقود الاستثمار بين الدولة والمستثمر الاجنبي، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2008، ص156.

  31. () علي عبد النبي عبد الحسن، التنظيم القانوني للعمالة الاجنبية، ص127.

  32. () احمد محمد فاضل، الاساس الاقتصادي لمنح الجنسية، ص180.

  33. () صالح عبد الزهرة الحسون، حقوق الاجانب في القانون العراقي، ص145.

  34. () ينظر،الفقرة(ثانيا) من قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (850) في 5/7/1979.

  35. () ينظر، الامم المتحدة، التنمية البشرية ونهج الاقتصاد الكلي، منشورات الامم المتحدة، نيويورك، 1997، ص22.

  36. () جمال عبد الرحمن محمد علي، العقد السياحي، دار النهضة العربية، القاهرة،الطبعة الثانية، 2003، ص144.

  37. () عادل محمد خير، المخاطبة التشريعية للنشاط السياحي والفندقي، ط2، دار النهضة، القاهرة، 2000، ص27.

  38. () وسام عبد العظيم عبيد هندي المعموري، المركز القانوني للسائح الاجنبي (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بابل، 2020، ص65.

  39. () فؤاد عبد المنعم رياض، الوسيط في القانون الدولي الخاص، الجزء الاول في الجنسية ومركز الاجانب، ص207.

  40. () ينظر الى المادة الثامنة، من الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 الخاصة بحماية حقوق السياح الأجانب وحريتهم في التنقل.

  41. ().وسام عبد العظيم عبيد هندي المعموري، المركز القانوني للسائح الاجنبي (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بابل، 2020.، ص218.

  42. () عادل محمد خير، المخاطبة التشريعية للنشاط السياحي والفندقي، ط2، دار النهضة، القاهرة، 2000، ص49.

  43. () صبا خضر كريم، الاساس القانوني لسلطات الادارة السياحية، دراسة مقارنة، مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية،العدد 246، ص9.